Connect with us

ثقافة وفن

عبدالله حبيب: الكاتب إنسان معطوب

أعترفُ أن الشخصيات الأكثر فنيّة يصعب القبض عليها في حوار واحد، ويتعذّر الإلمام بجوانب الشخصية في سانحة فريدة،

أعترفُ أن الشخصيات الأكثر فنيّة يصعب القبض عليها في حوار واحد، ويتعذّر الإلمام بجوانب الشخصية في سانحة فريدة، وأُشبّه الشاعر الأديب السينمائي العماني عبدالله حبيب بالبحر، صفاء للماء، وعمقاً، وغموضاً، ورهبة، وكرماً ومتاعب، ومكتنز أسرار عشاقه وضحاياه، يكتب كمن سلّمته القواميس نفسها، فلا يُكرر نفسه، وينفذ برهافة سهم الكلمات لشغاف القلب، فكأنه أنت أو كأنك هو، حاول فتح سماوات واسعة بمفاتيح ضئيلة، وتجاوز الرحيل بالفراغ الأبيض الذي سيَلِي، وأشعل للأحبة قنديلاً، وأبعده عن عين الشمس؛ هنا نص حوار بدأ ويستمر:

• وأنا أقرأ إصداراتك، شعرتُ بأنك تُلقي شيئاً من حِملك على القارئ؟

•• أرجو أن تسمح لي بما أمكن من الهدوء في هذا الموضوع ما دامت الثنائية العويصة: الكاتب/‏ القارئ شغلت الحداثة العربية منذ بواكيرها، بل وربما قبل ذلك. القارئ بحد ذاته، ومن حيث إنه مؤسسة، ليس المقصود الأول ببوصلة الكتابة في ما يخصني، وعلينا تحطيم ما تبقى من الأصنام. الكُتَّاب الذين وضعوا القارئ نصب أعينهم قبل أفئدتهم خسروا ثلاثة على الأقل: أنفسهم، والكتابة، والأسوأ من ذلك أنهم خسروا القارئ نفسه، وذلك أن هناك حالات يكون فيها القارئ قادراً على التطور أكثر من الكاتب.

بالنسبة لي، الكتابة حوار جارح مع الذات، وانتحاب سريٌّ خاص جداً في أقصي العتمات، وتجذيرٌ لمأزق الكينونة. أشبِّه الكتابة بما قاله رامبو في سياق مختلف قليلاً: «أن تزرع دمامل وبثوراً على وجهك وتربِّيها». والحقيقة هي أن الناس «الأسوياء» (بالمعنى الأفقي للكلمة) ليسوا بحاجة إلى الكتابة ولا إلى القراءة، وينبغي احترامهم بشرط أن يكفُّوا عن منافسة المعذَّبين في عذاباتهم؛ لأن هذا للأسف حاصل الآن، فهم يحاولون الاستيلاء حتى على فجائعنا. والقارئ الذي يأتي إلى الكتابة وفقاً لشروطه (فقط) فإنه يقترف جريمة أنه لا يضيف شيئاً إلى نفسه عبر إعادة إنتاج النص من خلال ذاكرته ورؤاه. هذا قارئ لا ترحب به الكتابة كثيراً.

• إلى أي حدّ تتقاطع مع قارئك ويتقاطع معك؟

•• ستكون إجابتي هنا إيضاحاً إضافياً لما قصدته في ردي عن سؤالك السابق، إذ إن ما أخشاه هو الاتهام بالاستخفاف بالقارئ والتعالي عليه؛ فالقارئ الحقُّ شريك كامل إذا كان مستعداً لأن يكون نوعيَّاً. الكاتب إنسان معطوب في الأساس، وإذا كان القارئ ينعم بالخير والصحة فلا داعي لتعكير صفو حياته الهانئة.

قبل أكثر من سنة تسلمت عبر البريد الإليكتروني رسالة مطولة من قارئة لا أعرفها (وهي، في أية حال، لم ترَ أن ذكر اسمها ضروري في ما يخص علاقتها بنصِّي بوصفها قارئة). وحين أردت أن أبعث رسالة شكر رداً على رسالتها لم أتمكن فالرسالة لا يمكن الرد عليها إما لأنها أرسلت من عنوان يبعث ولا يستقبل، أو لأن بريدها كان مليئاً لا يتسع لمزيد من الرسائل الواردة. راق لي الأمر إذ فكرت في أن علينا الاكتفاء بهذا الحد، ولن يكون شكري لها إلا بادرة بروتوكولية لا داعي لها. تتركز رسالة تلك القارئة حول ردة فعلها وتداعياتها في إثر قراءتها لكتابي «صخرة عند المصب: مقاطع من رسائل حب» الذي يوجد عنواني الإليكتروني في نهايته ككل كتبي. وسأقتبس من تلك الرسالة بعض المقاطع للبرهنة على إمكانية وجود علاقة عميقة بين القارئ والنص: «لماذا أَشعرُ أنّه ينبغي عليّ البُكاء أثناء كتابةِ هذهِ الرسالة، تحديدًا بعدَ الانتهاء من قراءة «صخرة عندَ المصب». أشعرُ أنّ فائِضًا من قلبي ينهال، أنّ كثيرًا منّي يُعاد، أنّي انتبهتُ إلى قلبي بعدَ عامينِ ونِصف، أو بعدَ ثلاثةٍ وعشرينَ عامًا لم انتبِه فيها إلى أنّ الحبّ أخذَ شكلي […]. لكنّي حين أدركتُ كتابكَ منذ يومين، أرسلت له مقاطع منه لتُخرسنا الدّهشة إلى أن يقول واحدنا: «شقد يشبهنا! عبدالله حبيب قاعد يكتب عنّا!» تحدّثنا عنكَ مرّات كثيرة قبلًا، كنّا نمضي في قراءة نصوصك أو أخبارك كما نمضي في قراءة أيّ شاعرٍ أو كاتبٍ آخر. هذه المرّة كنّا في صدمة الحبّ، كيف يمكن لعبدالله حبيب أن يعرف عنّا بهذا الشكل بل كيف أمكنه أن يحبّ امرأة بهذا الشّكل ويكتب عن الحب بطريقةٍ تغرقنا! أشعر أن عليّ أن أبكي -رغم أنّي لا أستطيع البكاء إلّا عند الكوارث الإنسانيّة- ينبغي عليّ ذلكَ الآن لأنّ قلبي استيقظ أو ربّما عاد ليرتَجِف. منذ زمنٍ طويل وأنا أردد -بلغتي- إلى الرجل الذي أحبّه: «أرى أنّ عليّ الاعتراف أنّي شخصٌ شقيّ، ومُعذَّب، وبائِس لا يستطيع أن يقيم علاقة طبيعية جدًا مع أيّ أحد»[هذا اقتباس من «صخرة عند المصب»]. استمرّ في قولِ هذا، استمرّ في توكيدِ أنّي لست شخصًا طبيعيًا قادرًا على المحبّة الدائِمة […]. وفي [المقطع رقم] (31) [من الكتاب] أيضًا كنت تقول إنك لا تستطيع أن تفهم لماذا تحبك امرأة مثلها! إنّ هذا الأمر يقتل قلبي أو يقتل قلبه تحديدًا حين أسأله لماذا تحبني؟ لماذا تمكّن رجل مثله أن يحبني أو أن يستمر في فعل ذلك! إنّ ذلك يبدو نوعًا من الشك، أو عدم التصديق، أو تجاوزًا للمعقولِ المحدود داخلي! لا يهمّ. إنّ المسافَة بينكما أو التي كانت… إنّها بين اثنينِ آخرين الآن. بيننا. اثنانِ يعيشانِ في بلدين مختلفين يدورانِ حول النقطة نفسها كلّما التقيا، كلما قطعَ هو ساعتين أو أربع ليصل إليها، وقطعت هي كذبة عائليّة مُنتهبَة، رفضًا قاطِعًا لهذا الحبّ ومضت إليه. لقد تحدّثت عن البحر، كان هذا يذكّرنا بغرقنا الأول، بالأخير حين تفتّتُ وأنا أنتظره أن يتركني وحيدة، وأنا أنظر إلى البحرِ، أقول له: «كل مرة أشوف البحر أتذكر فيرجينا وولف، كل مرّة أشوفها تنتحر قدّامي، وأحسّ برغبة موت، برغبة أن أغرّق نفسي. أحسها الطريقة الآمنة لموتي. إنه يتألّم من هواجسي، من مخاوفي، من رغبتي بالموت، من مشقّة أنّ الحب لم يُنقذني وهو الذي اعتقدَ ذلِك! […]. إنّ المسافة تدمّر القلب، بل ربما هي الرّغبة!» […]. ممتنّة لك وأتمنى أن تصلكَ هذه الرسالة لمجرّد وصولها».

لا يطمح كاتب مثلي إلى وسامٍ أرفع مما أسبغته عليَّ هذه القارئة المجهولة، فهذا هو نوع القرَّاء الذي أطمح إليه.

• بين دراسة الفلسفة، والسينما، وعشق الثقافة، وكتابة الشعر والسرد والنقد، ألا يزال هناك فضاء تتطلع للوصول إليه، كالرسم مثلاً؟

•• الرسم؟! لا والعياذ بالله! في المدرسة الابتدائية كنت الأسوأ في مادة الرسم. كل ما أفلحت في رسمه كان كوخاً صغيراً (لم يدخله أحد لغاية الآن) أمامه شجرة (لا بد أنها يبست بحلول هذا الوقت). لكني أعتقد أن الفشل أمام الرسم كان من خواطري الأولى في محاولة البوح عبر بعض الإجادة في فرع التعبير من مادة اللغة العربية حيث كان انتقامي الباذخ من أترابي المتفوقين عليَّ في الرسم. لكن -في استمرار للإجابة عن سؤالك- تمثِّل الرواية رهبتي الأكبر. أعتقد انني طوَّرت نظرية كاملة متكاملة في أني غير مؤهل لكتابة الرواية أبداً.

• ما الذي ما زلتَ تحاول البوح به؟

•• لو قلته لك لكنت قد بحت به. ثمَّة قصة لا تزال تحضرني من شيء من دروس المرحلة الابتدائية: طلبت أم من ولدها أن يأخذ صحناً مغطى إلى جارتها. وفي الطريق استوقف الصبيَ رجلٌ فسأله: «ماذا في الصحن»؟، فأجاب الصبي: «لو كانت أمي تريد أن يعرف الناس ما في الصحن لما غطَّته»! أفضِّل أن يبقى صحني مغطَّى!

• أي الفنون أعذب وأقلّ عذوبة؟

•• كل الفنون عذب، وليس هناك فن أقل عذوبة من الآخر، والمقارنة بين التفاح والبرتقال جائرة دوماً.

• ما حال الثقافة العربية ولماذا؟

••هذا سؤال يصيبني بالرعب. «الثقافة» مفهوم سوسيولوجي وأنثروبولوجي شامل (النتاج الروحي والمادي لمجموعة بشرية ما في فضاء زمني ومكاني ما) لكننا غالباً ما نختزل مفهوم «الثقافة» في الإبداع الفني والأدبي فحسب. تقريباً كلمة «مثقف» صارت «أديب» أو «مفكِّر» بينما لو راجعت باب «ثَقَفَ» لدى ابن منظور، مثلاً، فستكتشف أن الجذر إنما يعود -ضمن معانٍ أخرى- إلى البراعة في شأن من الشؤون. والحقيقة اني لم أعد معنيّاً كثيراً بـ «الأنسقة الكبرى» في الثقافة العربية لسببين: الأول هو أنه لا اضطلاع عتيداً لي في الأمر، والثاني هو أن حياتي أصبحت صغيرة ومحدودة للغاية، وعمري قصيراً كأعمار باقي البشر، والتفاصيل كثيرة ومعقَّدة بأكثر مما يستطيع شخص مثلي.

• بماذا يمكن أن يتصالح المثقف مع الواقع؟

•• بالنسبة للمثقف العضوي التصالح مع الواقع مستحيل. ونحن في منطقة الخليج نعيش في مجتمعات استثنائية بكل معاني الكلمة (خاصة لجهة الغياب الكامل تقريباً لمؤسسات المجتمع المدني بعد إخفاق مشاريع الستينيات والسبعينيات الراديكاليَّة البديلة). تحضرني دوماً مقولة لماركس: «إن الناس هم من يصنعون التاريخ» (أي أنه ليس التاريخ من يصنع الناس).

• وصفت المُغنّي والممثل والراقص بأرقى الكائنات، ما تفسيرك للوصف؟ ألا يهزّ عرش بقيّة المبدعين؟

•• كلا، لم أكن أقصد أن أهز عرشاً أو أُفاضِلَ أو أُراتِب. فقط قصدت أن المغني والممثل والراقص يعبِّرون بأجسادهم مباشرة من دون الحاجة إلى وسيط كما هو الحال لدينا نحن معشر الكُتَّاب؛ فالوسيط يحول دوماً دون انخراط مباشر وطازج أكثر في تجربة الوجود والعالم.

• كيف تقرأ قسوة وحِدة اليساريين حتى على أنفسهم؟

•• للأسف ارتبطت تجربة اليسار تاريخيَّاً بالعنف. أما اليساريون العرب فهم أكثر سوءاً من المتدينين في غياب التفكير النقدي وإعادة التفكير في الذات والموضوع ومراجعتهما. ماركس نفسه قال: «كل ما أعرفه هو أنني لست ماركسيّاً»، ولكن اليساريين العرب فاجأونا بأنهم يعرفون ماركس والماركسيَّة أكثر من ماركس. وهذه هي النتيجة: لقد أصبحوا أسوأ من ستالين في التعذيب وأحقر من المترفين في القصور. اليسار العربي بحاجة إلى مراجعة ونقد ذاتي صارمين. أفهم اليسار بأنه موقف ونضال ضد القبح، والجور، والظلم، والعسف. بهذا المعنى فإنني أعتبر نفسي يسارياً دائماً وبلا احتمال للتراجع بغض النظر عن ممارسات اليسار.

• كيف تقرأ نصّ المثقف الموظف؟

•• أقرؤه باعتباره نصاً كتبه مثقف موظف، ومن الأفضل له ولنا أن يهتم بوظيفته.

• هل القراءة بأكثر من لُغة تعزز معرفة القارئ أم تؤزمه؟

•• كلاهما معاً. بالنسبة «للتعزيز» فالأمر أوضح من أن يُذكر، وهو ينطبق على الجميع: من البداهة أن إتقان لغة أجنبية يعزز مداركك ويثري معارفك. لكن في الوقت نفسه فإنه قد يدفعك إلى إجراءات مقارنات وبحث تباينات بين لغتك الأم ولغتك الأجنبية المكتسَبة كي تدرك أن اللغة ليست أداة تعبير فقط، بل هي منهجية تفكير.

• عربياً، هل من كاتب استثنائي؟

•• كثير من الكتاب العرب استثنائيون، وأكثر جدارة بالاحترام من بعض من فازوا بجائزة «نوبل» للآداب. لستُ من دعاة «نظرية المؤامرة» في كل شيء، ولكننا نتعرض لاضطهاد فعليٍّ جاوز الاضطهاد العسكري والسياسي والاقتصادي.

• متى تقرأ؟ وما العمل الذي يمكنه تعليقك به لساعات وأيام؟

•• أقرأ في كل يوم (على الرغم من أن هذا لا يعني أحياناً أكثر من المراجعات الثقافية السريعة). لكن عليَّ الاعتراف أني لم أعد قارئاً نهماً. وأظن أن التقدم في العمر يفرض على المرء الانتقائية والتمهل في القراءة بدلاً من القراءة الكثيرة التي كان يقترفها المرء حين كان في مقتبل العمر.

• لماذا يشعر قارئك أن الأنثى حاضرة غائبة في كتاباتك؟

•• ربما لأنها حاضرة غائبة في نفس الوقت في حياتي الشخصيَّة، ولا أعرف كيف أذهب في الإيضاح إلى ما هو أبعد من ذلك.

• أين التقيت طلال مدّاح؟ وما سرّ العلاقة الوجدانية بأبي عبدالله؟

•• لم ألتقِ طلال مداح شخصياً قط. وبالمناسبة، قبل مدة كنت في جدَّة. وقد أمعنت في التمشي في أزقة «البلد» هناك طمعاً في أن أكون أمر بنفس الأنحاء التي تمشّى فيها طلال. منذ صباي أغرمت بطلال في اللوعة، في حنجرته الملأى بالشجن، في «الرَّاء» حين ينطق بها بطريقة حسيَّة وحُزنيَّة. قبل حوالي سنتين أنجزت فيلماً روائياً قصيراً، وفيه أعدت اللقطة التي يخر فيها طلال شهيداً على المسرح أربع مرات. حين اتخذت هذا القرار كنت أرى إلى طلال مداح بوصفه تلاشياً نبيلاً، فعلاً من أفعال الإبداع الاستثنائي في الحياة وفي الموت. تقريباً لا أستطيع أن أصف الأمر كما ينبغي. لم أعد أنظر إلى طلال مداح بوصفه مبدعاً كبيراً (مع إنه كذلك بالطبع). صرت أراه بوصفه نديماً في الليل الطويل والحزن الكثيف، وهذا يكفيني منه. سأقول لك: في السنوات القليلة الفائتة اختطف الموت بعض أعز أصدقائي واحداً تلو الآخر بحيث بالكاد أستوعب الموت كي يصعقني مرة أخرى. حين أعود إلى شقتي كنت أشغِّل بطريقة أوتوماتيكية تقريباً أغنية «زمان الصمت»؛ فأشعر أن طلال (هو الميت بدوره) يفهمني ويتعاطف معي تماماً (ولا أعتقد أن أحداً من الأحياء عزَّاني في فقداناتي كما فعل طلال). سأكتفي بالقول إن علاقتي بطلال مداح علاقة شجنيَّة ووجدانيَّة إلى أقصى الحدود.

• ماذا تعني لك العائلة؟

•• يقول جان جينيه: «العائلة هي الخليَّة/‏ الزنزانة الإجرامية الأولى». وفيما يخصني تعني العائلة أقصى ضروب كل ما هو سيئ، وغير أخلاقي، وغير إنساني. العائلة تعني لي الهواء الفاسد، والماء الحامض، والطعام الغادر، وكافة ضروب الشناعة.

• ما صحة «نحتمي بالكتابة من الجنون»؟

•• قد يكون هذا صحيحاً للبعض (ولأسباب وجيهة للغاية). لكن بالنسبة لي الكتابة هي المجاهرة بالجنون والقبض عليه كما يفعل مفضوح بفضيحة، وليس الاحتماء منه أو التستُّر عليه.

Continue Reading

ثقافة وفن

بحضور وزير الثقافة.. «روائع الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو

بحضور وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، اختتمت هيئة الموسيقى حفلة «روائع

بحضور وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، اختتمت هيئة الموسيقى حفلة «روائع الأوركسترا السعودية» في جولتها الخامسة بمسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية طوكيو، وذلك بمشاركة 100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، وبحضور عدد من المسؤولين ورجال الأعمال والإعلام، وحضور جماهيري كبير.

وأشار الرئيس التنفيذي لهيئة الموسيقى باول باسيفيكو، في كلمة خلال الحفلة، إلى النجاحات الكبيرة التي حققتها المشاركات السابقة لروائع الأوركسترا السعودية في العواصم العالمية، عازيًا ما تحقق خلال حفلات روائع الأوركسترا السعودية إلى دعم وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى.

وعدّ «روائع الأوركسترا السعودية» إحدى الخطوات التي تسهم في نقل التراث الغنائي السعودي وما يزخر به من تنوع إلى العالم عبر المشاركات الدولية المتعددة وبكوادر سعودية مؤهلة ومدربة على أعلى مستوى، مشيرًا إلى سعي الهيئة للارتقاء بالموسيقى السعودية نحو آفاق جديدة، ودورها في التبادل الثقافي، مما يسهم في تعزيز التواصل الإنساني، ومد جسور التفاهم بين شعوب العالم عبر الموسيقى.

وقد بدأت «الأوركسترا الإمبراطورية اليابانية – بوغاكو ريو أو» بأداء لموسيقى البلاط الإمبراطوري الياباني، وهي موسيقى عريقة في الثقافة اليابانية، توارثتها الأجيال منذ 1300 عام وحتى اليوم.

وأنهت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي الفقرة الثانية من الحفلة بأداء مُتناغم لميدلي الإنمي باللحن السعودي، كما استفتحت الفقرة التالية بعزف موسيقى افتتاحية العلا من تأليف عمر خيرت.

وبتعاون احتفى بالثقافتين ومزج موسيقى الحضارتين اختتمت الحفلة بأداء مشترك للأوركسترا السعودية مع أكاديمية أوركسترا جامعة طوكيو للموسيقى والفنان الياباني هوتاي وبقيادة المايسترو هاني فرحات، عبر عدد من الأعمال الموسيقية بتوزيع محمد عشي ورامي باصحيح.

وتعد هذه الحفلة المحطة الخامسة لروائع الأوركسترا السعودية في العاصمة اليابانية طوكيو، بعد النجاحات التي حققتها في أربع محطات سابقة، كانت تتألق في كل جولة بدايةً من باريس بقاعة دو شاتليه، وعلى المسرح الوطني بمكسيكو سيتي، وعلى مسرح دار الأوبرا متروبوليتان في مركز لينكون بمدينة نيويورك، وفي لندن بمسرح سنترل هول وستمنستر.

وتعتزم هيئة الموسيقى استمرارية تقديم عروض حفلات “روائع الأوركسترا السعودية” في عدة محطات بهدف تعريف المجتمع العالمي بروائع الموسيقى السعودية، وتعزيزًا للتبادل الثقافي الدولي والتعاون المشترك لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تتقاطع مع مستهدفات هيئة الموسيقى.

Continue Reading

ثقافة وفن

الشاعر علي عكور: مؤسف أن يتصدَّر المشهد الأدبي الأقل قيمة !

الحديث مع الشاعر علي عكور في الكتابة الإبداعية حديث ممتع، وممتدّ، له آراؤه الخاصة التي يتمثلها في كتابته الأدبية،

الحديث مع الشاعر علي عكور في الكتابة الإبداعية حديث ممتع، وممتدّ، له آراؤه الخاصة التي يتمثلها في كتابته الأدبية، يعتد كثيراً بتجربته، ويرى أنّه قادر على الاختلاف؛ لأنّ مفاهيمه للكتابة تتغيّر مع الوقت.

لم يولد -كما قال- وإلى جواره من يمتهن أو يحترف الكتابة، ولم يكن الوسط الذي نشأ فيه يُعنى كثيراً بالأدب أو الثقافة بعمومها، ما يتذكره علي أنّه في أواسط عقده الثاني وقع على نسخةٍ من كتاب (المنجد) للويس معلوف، لا يعلم كيف وصلت إليه هذه النسخة العتيقة من الكتاب، لكنه شُغِف بها وبالعوالم التي تَفَتَّحت أمامه في هذا المعجم.

وجد الشاعر علي عكور نفسه ينجذب كالممسوس إلى الأدب بكل ما فيه من سحر وغموض وجلال، لكنّ الشعر العربي أخذه حتى من ألف ليلة وليلة؛ الذي انجذب إلى الشعر المبثوث في ثنايا الكتاب أكثر من السرد رغم عجائبيته وسحره!

الكثير من رحلة الشاعر علي عكور مع الأدب والكتابة الإبداعية في هذا الحوار:

‏ • حدّثنا عن علاقتك بالشعر والأدب بشكل عام.. كيف بدأت؟

•• بدايةً أودّ القول، أنه لم يكن في محيطي من يمتهن أو يحترف الكتابة، ولم يكن الوسط الذي نشأتُ فيه يُعنى كثيراً بالأدب أو الثقافة بعمومها. أتذكر أنني في أواسط العقد الثاني من عمري وقعتُ على نسخةٍ من كتاب (المنجد) للويس معلوف. لست أعرف كيف وصلت إلينا هذه النسخة العتيقة من الكتاب، لكنني شُغِفتُ بها وبالعوالم التي تَفَتَّحت أمامي بعد الاطلاع على هذا المعجم. وشيئاً فشيئاً، وجدت أنني أنجذب كالممسوس إلى هذا العالم الرحب، بكل ما فيه من سحر وغموض وجلال. وأثناء تجوالي في عوالم الأدب أُخِذْتُ بالشعرِ العربي وبإيقاعيّة الجملة الشعرية فيه. حتى عندما وقع بين يديّ كتاب (ألف ليلة وليلة)، لم أنجذب إلى السرد رغم عجائبيته وسحره، بقدر ما انجذبتُ إلى الشعر المبثوث في ثنايا الكتاب. وأتذكر أنني كنت أتجاوز الصفحات وأقلّبها بحثاً عن بيتٍ أو بيتينِ من الشعر.

• لمن تدين بالفضل في الكتابة؟

•• أودّ أن أدين بالفضل إلى أحدٍ ما، لكنني حين أمَرّر بداياتي على الذاكرة، لا أتذكّر أحداً بذاته، آمن بي أو رأى في ما أقوم به بدايات واعدة لمشروع ما. كل ما هنالك أنني كنتُ أتلقى ثناءً عابراً إذا كتبتُ شيئاً جيداً. على أنني لا أقلّل من هذا الثناء، فقد كان ذا أثرٍ كبير في دافعيتي، وديمومة شغفي بالكتابة. هذا فيما يخص البدايات، أما الآن فأنا أدين بالفضل لأسرتي ولزوجتي خاصة، فهي داعم كبير لي على طول هذا الطريق، وتتحمل عن طيب خاطر الأعباء التي يُخلّفها انشغالي بالكتابة وهمومها.

• شاعر كان تأثيره كبيراً عليك.

•• لا يمكن تتبّع الأثر بسهولة في هذا الشأن؛ لأنه غالباً يكونُ قارّاً في اللاوعي. لكن إذا كان السياب يرى أنه تأثر بأبي تمام والشاعرة الإنجليزية إديث سيتول وأنه مزيج منهما، فأنا أرى أنني تأثرت كثيراً بسعدي يوسف ومحمود درويش، وأشعر أنهما يلتقيان بطريقة ما، في الكثرة الكاثرة مما أكتب.

• كيف للشاعر أن يكتب قصيدته وفق رهان المستقبل وليس للحظة التي يعيش فيها؟

•• في الغالب لا توجد كتابة لا يمكن تجاوزها. وما يُعبّر عنك الآن قد تجد أنه لا يُعبّر عنك غداً. أعتقد أن الرهان الحقيقي هو أن نكتب شيئاً يستطيع أن يصمد أمام عجلة الزمن. ربما إحدى الحيل التي يمكن أن نمارسها هي أن نكتب نصوصاً أكثر تجريداً وانعتاقاً من قيود الزمان والمكان، وأن نتخفّف من الكتابة تحت تأثير اللحظة الراهنة والحدث المُعاش.

• الملاحظ أنّ هناك إصدارات متشابهة في الشعر والقصة لشعراء وكتاب قصّة، وإن تعددت عناوينها، لكنّ التجربة لم تختلف.. ما تأثير هذا على الإبداع والقارئ كذلك؟

•• صحيح، هذا أمر ملاحظ. هناك من يصدر عشرة دواوين، وعند قراءتها لا تجد اختلافاً بينها، لا من حيث الثيمات ولا من حيث طريقة التناول، لتفاجأ أن هذه الدواوين العشرة هي في الحقيقة ديوان واحد طويل. الكاتب أو الشاعر الذي لا يتجدد يخاطر بمقروئيته ويخسر رهانه الشخصي. إما أن تقول شيئاً جديداً أو شيئاً مألوفاً بطريقة جديدة، لكن لا تقل الشيء نفسه بالطريقة نفسها، حتى لا تعطي فكرة أنك لا تأخذ مشروعك بما يستحق من جدية واهتمام.

• تنادي بأهمية تصدّر الأدب الجاد والأصيل المنصات.. أولاً: من يحدد ماهية الأدب الجاد؟ ثانياً: هل المرحلة تساعد في أن يتصدّر الأدب أيّاً كان المنصات التي كثرت وكثر مستخدموها والمؤثرون فيها؟

•• النقّاد والقرّاء النوعيّون، هم من يحددون ماهيّة الأدب الجاد ويُعلون من قيمته. مؤسف أن يتصدر المشهد الأدبي الأقل قيمة، بينما يبقى الأدب الأصيل في الهامش. في الأخير نحن مسؤولون عن تصدير ثقافتنا، وما نتداوله ونجعل له الصدارة في منصاتنا ومشهدنا، هو ما سيُعبّر عنّا وسيكون عنواننا في النهاية. وبالتالي لنا أن نتساءل بصدق: هل ما صُدِّرَ ويُصَدّر الآن، يُعبّر عن حقيقة وواقع الأدب والثقافة في بلادنا؟

• لديك مشكلة مع المألوف والسائد، وتطالب بسيادة الأدب الفريد والمختلف.. هل لدينا اليوم ذائقة خاصة يمكنها إشباع الذائقة العامة؟

•• يمكن الاتفاق في البدء أن تغيير شروط الكتابة هو في المقابل تغيير لشروط التلقي، وأن كل كتابة أصيلة ومختلفة ستصنع قارئاً مختلفاً. كل كتابة جادّة ستصنع قارئها، وهذا هو الرهان الحقيقي. أما المألوف والسائد فإنّ القارئ مصابٌ بتخمة منه. كل كتابة في المألوف والسائد هي ابنٌ بارٌّ للذاكرة لا للمخيّلة؛ الذاكرة بوصفها مستودعاً لكل ما قرَّ واستقرّ فيها وأخذ مكانه المكين. والمخيّلة بوصفها انفتاحاً على المتجدّد واللانهائي.

• ماذا يعني لك فوزك بالمركز الأول في مسابقة التأليف المسرحي في مسار الشعر؟ وماذا تعني لك كتابة الشعر المسرحي؟

•• سعدت كثيراً بالفوز، سيما أن المسرحية تتحدث عن شخصية أحبها كثيراً: شخصية ابن عربي؛ تلك الشخصية التي عشت معها طيلة ثلاثة أشهر (وهي مدة كتابة العمل)، تجربة روحية وروحانية بالغة الرهافة، فقد استدعت الكتابة عن ابن عربي، العودة إلى قراءة سيرته وأجزاء من أعماله التي حملت جوهر فكره وعمق تجربته الصوفية. وبالانتقال إلى الجزء الثاني من السؤال، أقول إن كتابة الشعر المسرحي عمّقت من مفهومي للشعر وإيماني به وبقدرته على التحرك في مناطق جديدة، يمكن استثمارها على نحو جيد ومثرٍ، إذا ما تعاملنا معها بجدية.

• أما زلت تبحث عن دار نشر تطبع لك ديوانك الجديد دون مقابل مادي تدفعه؟

•• استطعت التواصل مع أكثر من دار، وقد رحبوا بالديوان والتعاون من أجله. لا ضير في كون دور النشر تبحث عن الربح، فهذا من حقها، وهذه هي طبيعة عملها. كل ما أنادي به أن تكون هناك جهة حكومية تشرف عليها وزارة الثقافة، تقوم بطبع الأعمال الجادة التي تعبّر عن حقيقة الأدب السعودي وواقعه.

• جاسم الصحيح قال عنك إنك لست شاعراً عابراً، وإنما شاعر ذو موهبة كبرى تتجاوز المألوف والسائد.. ماذا تعني لك هذه الشهادة؟•• جاسم اسم كبير في المشهد الثقافي وتجربة مرجعية في الشعرية العربية الحديثة، وأن تأتي الشهادة من قامة كقامة جاسم الصحيح لا شك أنها شهادة تدعو للابتهاج والنشوة، إضافة إلى ما تلقيه عليّ من عبء ومسؤولية كبيرة.

• كيف يكون المؤلف الجاد والرصين رأس مال لدور النشر؟

•• تمهيداً للإجابة عن السؤال، لا بد من القول إن الرساميل الرمزية أحياناً تكون أهم وأكثر مردوداً من القيمة المادية. بالنسبة لدور النشر، يُعد الكاتب الجاد رأس مال رمزياً مهمّاً؛ لأنه يبني لها سمعة في الوسط الثقافي. إذا أرادت دور النشر أن تستثمر في سمعتها، فإن أسرع طريقة هي استقطاب كتاب أصحاب مشاريع جادة، مقابل أن تطبع لهم بمبالغ رمزية على الأقل.

• كتبتَ الشعر بأشكاله الثلاثة ومع ذلك ما زلت ترى أنّ الوزن ليس شيئاً جوهرياً في القصيدة.. ما البديل من وجهة نظرك؟

•• نعم الوزن ليس شيئاً جوهريّاً في الشعر. ونحن حين نقول الوزن نقصد بطبيعة الحال الأوزان التي أقرها الخليل بن أحمد. الحقيقة أن الأوزان جزء من الإيقاع، أو بمعنى آخر، هي إحدى إمكانات الإيقاع وليس الإمكانية الوحيدة، وما دامت إحدى تجليات الإيقاع وليس التجلي الوحيد، فمعنى ذلك أن الإيقاع أعم وأشمل وأقدم. وعليه فإن الإيقاع هو الجوهري وليس الوزن. والإيقاع يمكن أن يتحقق في قصيدة النثر مثلاً، عبر حركة الأصوات داخل الجملة الشعرية. وهناك حادثة دالة وكاشفة أنهم حتى في القديم كانوا يدركون أن الشعر بما فيه من إيقاع يوجد أيضاً خارج أوزان الخليل، إذ يُروى أن عبدالرحمن بن حسان بن ثابت دخل على أبيه وهو يبكي، وكان حينها طفلاً، فقال له: ما يبكيك؟ فقال: لسعني طائر، فقال: صفه، فقال: كأنه ملتف في بردي حبرة. فصاح حسان: قال ابني الشعر ورب الكعبة. هذه القصة المروية في كتب الأدب تكشف بجلاء أن الشعر أوسع من مجرد الوزن والتفاعيل.

• أنت تقول: لا شيء يسعدني ككتابة الشعر الجيّد.. ما مواصفات الشعر الجيّد؟

•• لا أملك ولا يحق لي ربما الحديث عن الشعر الجيد بإطلاق؛ لأن في هذا ادعاءً كبيراً، لكن يمكن الحديث عما أراه أنا أنه شعر جيد؛ أي في حدود رؤيتي فقط. كل شاعر يكتب الشعر بناءً على ما يعتقد أنه شعر، وعليه فإن الشعر الجيد -كما أراه- خرق لنمطية اللغة وبحث جاد عن اللامرئي في المرئي، ومن مواصفات النص الجيد أن يتقاطع فيه الفكري بالوجداني، وأن يكون نتاج الحالة البرزخية بين الوعي واللاوعي. طبعاً إضافة إلى ضرورة أن يتخلص من المقولات السابقة، وأن يعمل في تضاد مع الذاكرة والثقافة؛ لأنهما يفرضان السائد والمألوف وكل ما هو قارّ في الذهن.

• العودة الملاحظة للشذرات كتابة وطباعة.. إلام تعيدها؟

•• الشذرة في رأيي هي رأس الشعرية. حَشْد كل هذا العالم بمستوياته وتناقضاته ورؤاه في بضع كلمات أمر بالغ الصعوبة على مستوى التكنيك، لكنه مثير وممتع حين تدخله كمساحة للتجريب وتحدي إمكانياتك. أيضاً جزء من اهتمامي بالشذرة يعود إلى افتتاني بالمشهدية وتأمل الفضاءات البصرية واستنطاقها. إضافةً إلى ما في الشذرة من تداخل أجناسي يزيدها ثراءً وغنى. وعلى مستوى آخر أعتقد أن الشذرة بحجمها وبنيتها أكثر تمثيلاً لحياتنا المعاصرة التي أشبه ما تكون بلقطات متتابعة ومنفصلة في فضاء بصري، يجمعها سياق عام. وأخيراً لا أنسى أن منصة (إكس) بما كانت تفرضه من قيود تقنية قد أسست لتجربتي في الكتابة الشذرية وصقلتها.

• الشاعر أحمد السيد عطيف اختلف معك في شكل القصيدة، ورأى أنّ الشكل لا يجعل الكلام جميلاً ومؤثراً.. فيما ترى أنت أنّ الكتابة على نمط القصيدة القديمة تقليد وليس إبداعاً.. هل المشكلة في الشّكل أم في أشياء أخرى؟

•• نعم، كان الحديث في هذه الجزئية عن القصيدة العمودية، وعن كتابتها بصياغة تقليدية مغرقة في القدامة. النقد الحديث على عكس القديم، لا يفصل بين الشكل والمضمون، ولكتابة نص حديث لا بد من تحديث الشكل؛ لأننا لا يمكن أن نتحدث عن مضمون ما بمعزل عن الشكل، إذ إن الشكل يخلق مضمونه أيضاً. طبعاً لا أقصد بتحديث الشكل استبدال القصيدة العمودية بشكل آخر، بل أقصد التحديث من داخل الشكل نفسه. تجديد الصياغة وتحديث الجملة الشعرية ذاتها لتكون قادرة على التعبير عن الرؤى الجديدة.

• لماذا ترى أنّ كتابة قصيدة النثر أصعب من كتابة قصيدة عمودية أو تفعيلة؟

•• السبب في رأيي أن النص العمودي والنص التفعيلي لديهما قوالب إيقاعية جاهزة تجعل من مهمة الخلق الشعري مهمة أقل صعوبة. بينما في قصيدة النثر أنت تعمل في منطقة أقرب ما تكون إلى الشكل الهلامي. قصيدة النثر ملامحها أقل حدة ووضوحاً من الشكلين السابقين، وعليه فإن كتابتها تحمل صعوبة أكبر؛ لأن لكل نصٍّ قالبه الخاص الذي عليك أن تخلقه من العدم.

• كيف يمكن للشاعر أن يكون رائعاً؟

•• يكون كذلك إذا كان أصيلاً؛ أي معبراً عن صوته الخاص، ولحظته الراهنة، ومنغمساً بالكامل في تفاصيل عالمه، طبعاً دون أن يفقد قدرته على الاتصال بالوجود والكون.

• النصوص القصيرة التفعيلية التي كتبتها وترغب في نشرها مرفقة برسوم إبداعية.. ماذا عنها؟

•• هي أربعون نصّاً، تحمل خلاصة تجربتي في كتابة الشذرة الشعرية، وهو تنويعٌ على تجربتي الشعرية عموماً. تعاونت في هذا المشروع مع الرسامة السورية القديرة راما الدقاق. والعمل الآن في مرحلته الأخيرة، وسيُنشر خلال الشهرين القادمين.

Continue Reading

ثقافة وفن

رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «بـراغ»

أصدر رئيس مركز الجواهري الثقافي، رواء الجصاني، كتاباً توثيقياً عن (شخصيات وشؤون ثقافية عراقية في ذاكرة وتاريخ

أصدر رئيس مركز الجواهري الثقافي، رواء الجصاني، كتاباً توثيقياً عن (شخصيات وشؤون ثقافية عراقية في ذاكرة وتاريخ براغ) طيلة 65 عاماً، وتضمن التوثيق 22 عنواناً فرعياً.

وسلّط المصدر الببلوغرافي الضوء على إقامة خال الجصاني الشاعر العربي محمد مهدي الجواهري، في التشيك قرابة 30 عاماً (1961-1991)؛ منها سبعة متصلة (1961-1968)، و كتب الجواهري خلال إقامته في (براغ) نحو 30 قصيدة ومقطوعة؛ عشر منها، وفيها، عن التشيك وجمال وعطاء بلدهم الذي أطال من عمر الجواهري كما يثبت ذلك في قصيدته:

أطلتِ الشوطَ من عمري، اطالَ الله من عمركْ

ولا بلّغتُ بالشرّ، ولا بالسوءِ من خبـركْ..

ألا يا مزهرَ الخلدِ تغنى الدهرُ في وتركْ.

واحتفظ المثقفون التشيك، باعتزاز بذكرى إقامة الجواهري معهم، وهم يدركون تميّزه الشعري، إضافة لكونه رمزاً عراقياً وعربياً، وإنسانياً، وجسراً وطيداً بين ثقافتي البلدين، وتم وضع نصب (معلم) تذكاري له جوار شقته التي عاش فيها أزيد من ربع قرن بمنطقة براغ السادسة.

كما تناول الكتاب، الفنان والمفكر الرائد محمود صبري، ذو العطاءات التشكيلية وصاحب نظرية (واقعية الكم) الذي أقام في براغ فناناً ومفكراً وطنياً، وباحثاً إنسانياً نصف قرن (1963-2013).. وكذلك الباحث والكاتب والمترجم القدير مصطفى عبود الذي أقام بها من أواخر السبعينيات إلى 1985. والكاتب والصحفي شمران الياسري (أبو كاطع) منذ النصف الثاني من السبعينيات إلى عام 1981.. والكاتب والروائي يحيى بابان – جيان، من منتصف الستينيات إلى عام 2023. والفنان الكردي العراقي البارز قادر ديلان؛ الذي أقام وعمل في براغ لنحو عقدين إلى وفاته عام 1999. والباحث الجدير فالح عبد الجبار من عام 1979 إلى 1981.. وبشرى برتو، وذنون أيوب، وفاروق رضاعة، وفيصل السامر، ونوري عبد الرزاق، ومجيد الونداوي، ومهدي الحافظ..

واستعاد الجصاني مسيرة إذاعة براغ العربية، ومن أسهموا فيها، ومنهم: أحمد كريم، وأناهيد بوغوصيان، وحسين العامل، وزاهد محمد، وصادق الصايغ، وعادل مصري، وفائزة حلمي، ومفيد الجزائري، وموسى أسـد، ونضال وصفي طاهر.

كما تناول الجصاني المجلات الثقافية التي صدرت، وكذلك المتخصصة في شؤون سياسية واقتصادية، والسفراء، والدبلوماسيين، وأمسيات شعرية، وندوات أدبية وفكرية، ومعارض فنيّة، وحفلات موسيقية، ومؤلفات وتراجم، وأفلام ومخرجين، ومترجمين ومحررين، وكتب ومكتبات، ومحطات إعلامية، ومركز الجواهري، الذي أطلقه رواء الجصاني والدكتور محمد حسين الأعرجي، والمستعرب التشيكي (يارومير هايسكي)، وبدأ نشاطاته في منتصف عام 2002: و(بابيلون للإعلام والنشر)، كما تناول الكتاب باحثين وأكاديميين وعلماء.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .