Connect with us

ثقافة وفن

عبداللطيف بن يوسف: لستُ شاعراً عظيماً ولا أطمح أن أكون أسطورة !

الحوار في الشعر وعنه مع عبداللطيف بن يوسف ممتع جداً، لأنّه يخرجه من دائرة الفهم الضيق إلى آفاق إبداعيّة أكبر، فالعمر

الحوار في الشعر وعنه مع عبداللطيف بن يوسف ممتع جداً، لأنّه يخرجه من دائرة الفهم الضيق إلى آفاق إبداعيّة أكبر، فالعمر -كما قال- قد يضيع ونحن نبحث عن الشرارة الأولى التي قدحت هذه القصيدة أو تلك.

الكتابة عنده متعة، لكنّ متعته هذه ليست في الوصول إنما في الرحلة، في الأسلوب لا في الموضوع، في التركيب لا في الصورة.

الكثير من الأسئلة والإجابات في هذا الحوار..

• دعنا نبدأ من علاقتك بالشعر.. كيف بدأت؟

•• في الحقيقة لا أعرف، لأن الشعر يندلع في القلب بغتةً، وقد نقضي العمر كله في محاولة فهم ما الذي قدح الشرارة الأولى، وكيف تكونت هذه الجذوة، ولكن ما أعرفه أن نار القصيدة هذه كانت تحتاج كل حطب العمر، وما تبقى من الذكريات والمصادر المعرفية الأولى، لتبقى حية.

لا خمرَ في الكلماتِ

أنا انسكبتُ على استعارتها

فصارت تُسكِرُ

فالشعر ليس من الشعور وإنما

هو لحظة الإدراك أنَّا نَشعُرُ

هو أن يباغتنا الغناء بفكرةٍ

مرَّت ببال الكونِ وهو يُفكرُ

تحيا بنا الكلماتُ إنْ متنا لها

من طعنةِ الأقلامِ

يولدُ دفترُ

• النص الأخير.. ماذا يعني لك؟

•• ما يذهلني حقاً في كل تجربة كتابة، هو تناسل المفردات العربية، والنسب الغريب الذي كنت أصادفه منذ الطفولة بين كلمات تتفق في اللفظ وتختلف في المعنى، كما يتفق المعنى في ألفاظ متعددة، على أني استوعبت متأخراً جداً قول الشافعي بأن اللغة لا يحيط بها إلا نبي. منذ ذلك الحين أوقفت بحثي عن الكمال، وأصبحت أرضى بالقليل لذلك جاءت مجموعاتي الشعرية بكَمٍّ أقل وحيرة أكبر، كمَنْ يدخلُ في متاهةٍ، دخلتُ في القصيدة، ليس سوى الحدس يدلني على طريقة الخروج المثلى، وعادةً ما يضل طريقه بين رموز الخليل وغواية القافية التي تحرك المعنى نحو ما تريد هي لا ما تريد أنت، هناك داخل المتاهة ضربات تتسارع وأدرينالين تشعله الرغبة والخوف مما سيحدث وقد لا يحدث، حين تتضاءل خياراتك وترى كل ما حشدت من مفرداتٍ تقف في حالة عجزٍ كاملٍ عن تلبس ثوب مطلع أو خاتمة، حين تجد إيقاعك الذي أبدعته يتحول إلى قهقهاتٍ تسخر منك، فأيُّ خالقٍ أنت إذ تخلق نسيجاً لا تستطيع الإمساك بأطرافه إلا بما أذنت لك به أوتاد العروض، وأسباب الجرس.

وليس الأمر متعلقاً بالدربة والمراس، فأنت في كل مرة تخرج من المتاهة بالصدفة المحضة، وليست الموهبة التي تزيد وتنقص، تتوهج وتخفت بواسطة إلهام مجهول، لا يبعثه الماء ولا الخضرة ولا الوجه الحسن، إنما توفيق سماوي، يخرجك سالماً، وهو نفسه الذي يعيدك فيها مرة أخرى، وفي كل مرة تكبر المتاهة أكثر، وتصبح الأشياء أكثر غموضاً وضبابية، وأوجع ما في الأمر هو أنك تلغي كل المسارات الموثوقة خوفاً من التكرار والإعادة والملل، لعلك تعثر على الخروج الصعب، والطريق المليء باللا متوقع، لإدراكك أن كل نهاية هي بداية لتيه آخر، والمتعة الوحيدة تجدها في الرحلة وليس في الوصول، في الأسلوب لا في الموضوع، في التركيب لا في الصورة.

• مستقبل الشعر.. كيف تنظر إليه؟

•• من بداية سؤال الشعر وظهور بدايات النقد الأدبي، كان هناك من يصنف أنه من أهل اللفظ أو أهل المعنى، كما جاءت طبقات ابن سلام بتصنيفات الفحولة الشعرية أو عدمها، ومن ثم جاء الآمدي والمرزوقي وتكلما عن عمود الشعر، وطرد الآمدي أبا تمام من عمود الشعر لأنه ممن لم يعمل على أصول الشعر وقواعده وفضّل البحتري عليه، حتى وصلنا إلى زمننا الحالي وسؤال الحداثة والتقليدية وغيرهما من التيارات والموجات، وبالنسبة لي لا أعتبر نفسي معنياً بكل ذلك إلا بكونه تراثاً أفيد منه، وأني مع بقية زملائي بتعدد مشاربهم وخياراتهم، لسنا سوى الشاعر الأخير الذي يسلك طريق الشعر وفوق متنه تلك الحمولة التاريخية، ويحاول أن يصل إلى طريقة تناول جديدة وطريقة نظر للأشياء وابتكار سرد ماكر لصرامة الحالة الكلاسيكية الشعرية، والذهاب إلى قمة الإبداع والابتكار اللغوي والشعري، التي بالمناسبة أراها تتسع للجميع.

• الإبداع والثقافة في السعودية.. كيف تراها اليوم؟

•• سأبدأ بما قاله سمو وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان-حفظه الله-: «إن تعزيز الثقافة ضرورة أساسية، والحفاظ عليها مسؤولية حضارية» إلى أن قال: «بلادنا تستحق أن تزدهر بمختلف ألوان الثقافة، لإثراء نمط حياة الفرد، والإسهام في تعزيز الهوية الوطنية، وتشجيع الحوار الثقافي مع العالم»، هذه الكلمات نلمسها اليوم ونحسها في كل الأنشطة الأدبية والثقافية، ونعيش فترة استثنائية من تاريخنا الثقافي، وقد أمثّل الأمر بأن الثقافة والفنون كانت جزراً متباعدة حتى جاءت الرؤية المباركة لتجمع هذه الجزر في أرض صلبة ومنظومة واحدة تتفاعل مع بعضها البعض، فأصبح للشاعر فرصة للإفادة من أخيه الموسيقي، وصار للسينمائي مكان في بال الروائي، والمسرح عاد أباً للفنون يجمع الكل فوق خشبته، فتعانقت ريشة الفنان بعقل الفيلسوف في لحظة تاريخية فارقة.

• ماذا عن علاقة الشعر بالفلسفة؟

•• ما هو مؤكد لنا أن الشعر اليوم لم يعد بعيداً عن أسئلة الفلاسفة، لكن الشعر إذ يستخدم المجاز لا يعمل بآليات المنطق الفلسفي، وقد يذهب في إمكانات الخيال ليأخذ الفيلسوف إلى آفاق أوسع، كما أن الفلسفة رافد مهم للتجربة الشعرية من حيث تحررها من الأفكار المستعملة، وتعيدها إلى تأمل البدهي والتفكير فيه، وهو ما يعيد إمكانية الدهشة للشاعر مرة أخرى، وإن كنت أتحرج من هذه المقاربات ولكني أقول إن الشعر يحتاج دائماً إلى إعمال التفكير العقلي، كما يحتاج التفكير العقلي إلى الشعرية لكي يستطيع رفع حدود المنطق ليفتح بوابة الحدوس.

• ثلاثة دواوين منشورة، وجوائز وحضور أدبي لافت، ما الذي اكتسبته من كل هذا، وماذا افتقدت؟

•• أنا لست شاعراً عظيماً ولا أطمح أن أكون أسطورة الشعر أو نبي الشعراء أو هامة الشعر وغيرها من الألقاب الكبيرة، بل لست سوى ذلك الولد الذي يخشى المشاركة في الإذاعة المدرسية، حتى اقتنصني مخلب العنقاء وأخذني باحتراقاته إلى آخر الأرض.. وماذا بعد؟!.. قال: تعود.. وعدتُ.. كما أنا.. رجلٌ يقرأ عليكم ما تيسّر من خساراته.. تلك الخسارات التي جعلته يفوز بكل هذه المحبة لا تقدر بثمن.. صديقكم الذي كَبُر أمام أعينكم منذ صفحات المنتديات حتى لقطات التيك توك، وقبل أن يغادر هذه الدنيا لن يطلب منكم أن تعلقوا كلماته نياشين أو تجعلوه جهشة في صدوركم.. فما كان ذا مالٍ كثيرٍ ولا غنىً.. ولكنه معطٍ لما جال في اليدِ.

• في ظل تشابه الأصوات الشعرية اليوم، كيف يمكن التفضيل بين تجربة شعرية وأخرى؟

•• سأستعير كلمة الأمير الراحل بدر بن عبدالمحسن «لم يعد يغريني في الشعر إلا الشعر ذاته»، الشعر الذي لا يمكن أن يعرّف، والذي يعطينا ذلك الهامش من الحرية والتعويض المجازي عن عجزنا الدائم عن تغيير أي شيء في الواقع الذي حولنا، هو الذي يجعلنا نبحر في لغة آفاقها أرحب من القوانين التي تحد من انسجامنا مع وجودنا الإنساني، وهو المحاولة الدائمة لاكتشاف ذواتنا والوقوف الجاد أمام مرآة أنفسنا، وصحيح أن على الشعر أن يتقن أدوات البلاغة، وأن يسمي كل الأشياء، ويجترح المعاني البكر، ويستنطق الغياب، ويكون نشيد الذي لا نشيد لهم، وعليه أن يكون القول المختلف عن القول العادي، ولكن كذلك يجب أن لا ننسى أن الشعر هو الفرح المختلس من دوامة الوقت، وأن الشعر منتجعٌ للمتعة واللعب، وصداقة دائمة مع الشجر والحجر والحيوان والإنسان، وليس صراع ديكة يقفون على مسرح، رغم أهمية وجود المهرجانات والمسابقات؛ بكونها محفزات لتطوير التجربة والاحتكاك بالتجارب الأخرى.

• ما علاقتك -بوصفك شاعراً تكتب بالفصحى- بالشعر العامي أو النبطي؟

•• الشعر العامي أو الشعبي أو النبطي أو المحكي أو شعر العامية، هو كما يقول الدكتور سعد الصويان «ذائقة الشعب وسلطة النص»، وأنا لا أخجل أو أتردد بأن أقول أن محفوظاتي من الشعر الشعبي تفوق ما أحفظه وأردده من الشعر الفصيح، وهو كما يقول الدكتور صلاح فضل رحمه الله: «الأدب الشعبى مظهر عبقرية الشعوب، بل نذهب إلى أبعد من ذلك فنجد بعض النماذج من الأدب العامي غذَّى اللغة الفصحى وفنونها بأساليبه وأنماطه، وبعضها ضخَّ فى العربية دماً حاراً ساخناً منحها قدراً عظيماً من الحيوية»، وهي تلك الحيوية والحرارة التي أفيد منها دائماً، وأعتقد أنها ثروة ثقافية لا يمكن إهدارها بدعوى أنها لا ترتقي للأدب الرفيع، ولعلي أضيف هنا إلى الشعر الحكايات الشعبية والأساطير والمرويات وتهويدات الأمهات، كلها في ظني روافد مهمة لتجربة الشعر العربي لها الأثر على تكويني وذائقتي.

• الكتابة المتأخرة في العمر، هل تأخذ من المبدع أم تمنحه تجربة أكثر فرادةً وتميزاً؟

•• كانت العرب تسمي ذلك قديماً النبوغ وقد شهدت الشعرية العربية أكثر من نابغة؛ وهو أمر نادر أن يأتي الشعر بحيوية عالية في مرحلة متأخرة من العمر، ولكن هذا يؤكد أن الشعر هو مستحيل- ممكن في حياة أيّ واحد منّا، لكنّ بعضنا فقط ينجح في إثارة الاهتمام نحوه. والتقدم بالعمر قد لا يكون هو العامل الأهم في المسألة الإبداعية بل الشعور بذلك التقدم، فإن من يحافظ على الطفولة في داخله سيظل يقف أمام ضفة نهر الخيال دائماً، ومن يتماهى مع شعور الكِبر فسيجد كل شيء حوله يموت حتى الأحلام، والشعر طفولة دائمة حتى ولو جاء في آخر العمر.

• علاقتك بعبد العزيز بن سعود البابطين، كيف بدأت؟

•• هي ليست علاقتي وحدي بل أجيال من الشعراء خرجوا من عباءة الشاعر والرجل النبيل عبدالعزيز بن سعود البابطين، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله.

أتاني بريد المنعمين وخصني

بفضل ذوي النعمى وأنت بهِ أدرى

فلم أنسَ يا ربَّ المساكين أنها

أياديك بي تحنو ولطفكَ بي أجرى

وما شكرت نفسي لفرحةِ زائلٍ

ولكن حق الله أن نكثر الشكرا

ومن شكر رب الناس شكر عبادهِ

هنيئاً لمن بالجود قد أدرك الأجرا

وها قد مُلي قلبي امتناناً وفرحةً

رعى الله من تجري على كفِّهِ البشرى

رحم الله عبدالعزيز بن سعود البابطين الذي احتضننا صغاراً وأعطانا فرصة الظهور وتقديم ما لدينا من خلال المنصات والجوائز التي قدمها في مسيرة طويلة من العمل الأدبي والثقافي والاجتماعي، لا أنسى أول وقوف لي وأول إلقاء شعري في مهرجان ربيع الشعر بمكتبة البابطين، ومن بعدها انفتحت لي أبواب الشرق والغرب فكان نِعم المُمكّن والداعم، وهو دعم لم يتوقف عند لحظته الأولى فقط بل استمر حتى استطعت تحقيق جائزة أفضل ديوان لعام 2017م بتكريم من هذا الراحل الكريم عبدالعزيز بن سعود البابطين -غفر الله له-.

• ما رأيك في التكسّب بالشعر؟

•• في البداية، دعنا نتفق أن الشعر ليس أفضل الطرق إلى الشهرة والمال، وإن كان هناك بعض الاستثناءات، إلا أنه يجب التفريق بين مسائل الإعلام والتفاعل والتداول وبين الشعر والفنون وغيرهما، وذلك لأنه كما يقولون سوق الفن مختلف كلياً عن الفن نفسه، ولكن بما أنك سألتني سأحاول الاختصار وسأبدأ بأن ثقافتنا المحلية والخليجية تعيش مراحل تحول كبرى، سواء على صعيد الثقافة المعاشة أو الثقافة المعرفية والفنية، وهذه الثورة في العمل الثقافي أحدثت نتائج عظيمة، بل وإمكانات لنموٍ مستدام في شتَّى القطاعات الثقافية، ثم إنها أصبحت تعدك بأن تكون مبدعاً متفرغاً للإبداع، وقُوْتُك هو إبداعك وشغفك، فلا تضطر للعمل والوظائف وغيرها، بل قد تكون الثقافة ذات جدوى اقتصادية، وذلك أكبر من أحلام كل المثقفين والمبدعين.

ماذا عن غريبِ الوجهِ واليدِ واللسانِ؟، ماذا عن الشعر إذن؟ وهو الأكثر التصاقاً بهويتنا، وهو الفن الذي استطاع الاستمرارية منذ أكثر من ١٥٠٠ عام دون انقطاع حسب ما نزعم، ولكننا نعلم كذلك أنه ضمن مقاييس السوق الإبداعي، مادة غير قابلة لإحداث دورة اقتصادية ذات جدوى، ولا خلق منتج استهلاكي يحقق مردوداً يستحق الاستثمار، وهذا النوع من التفكير قد تدعمه إحصاءات مثل الدراسة التي نشرتها إحدى الصحف الأمريكية عن الشعر فمنذ ١٩٩٢ إلى ٢٠١٢ انخفض عدد متابعيه من ١٧٪ إلى ٦.٧٪ من الأمريكيين، هذا الانخفاض جعل الشعر (الفن الشعبي) أقل جماهيريةً من الأوبرا (الفن النخبوي جداً)، الصحيفة بكل بساطة تقول الشعر لا يموت، الشعر ينقرض.

وفي قراءة أخرى لمنطقة أخرى من العالم مثل بريطانيا، سيحقق الشعر في العام الذي تصعد فيه مشكلة البركست ٢٠١٨م أعلى مستوى مبيعات للكتب، والذي كان يشهد تصاعداً منذ عام ٢٠١٢م، هل هذا يعني أن الشعر يحيا في الأزمات.. ربما، ولكن بلغ في هذه الذروة بعد بيع مليون و300 ألف كتاب، ما يقارب ١٥ مليون دولار من العائدات وهو ما لا يمكن أن يقارن بلوحة رقمية بيعت بأكثر من ٦٠ مليون دولار، وعليه، فمن حاول أن يستعمل الشعر للوصول إلى شهرة أو مال فأعتقد أنه أخطأ الطريق، إنما الشعر لا يطلب إلا لذاته.

• أنت من جيل المنتديات، ما الذي أضافته تلك المواقع لتجربة جيلك واختلفت عن بقيّة الشعراء؟

•• «وحبّب أوطان الرجال إليهمُ.. ملاعب قضاها الشباب هنالكا» لكن المدهش أن جيلي من الشعراء لم تكن لهم أوطان شعرية واقعية بل افتراضية، وللأسف أغلبها تلاشى أو غاب ولم يعد له وجود في الفضاءات، فنحن شئنا أم أبينا أبناء تلك اللحظة التكنولوجية الفارقة، أبناء مقاهي الانترنت، أبناء الاتصال البطيء وذلك الصوت الغريب الذي يصدر من الكمبيوتر لحظة الاتصال بالشبكة العنكبوتية كما كنا نسميها، نحن أبناء الأسماء المستعارة والحوارات المعمقة مع من لا نعرفهم، أبناء الورود الإلكترونية ورموز الإيموجي، ومجموعات البريد الإلكتروني والمدونات الإلكترونية وغيرها مما لا يتسع الحوار لذكره.

جسدت تلك المرحلة روح اللا مركزية الثقافية من خلال الصفحات اللانهائية، ومفهوم (الهايبرلنك) الذي يجعلك تتنقل في تصفح لا نهائي بين عوالم متعددة وثقافات غريبة تطلع عليها لأول مرة، كان الأمر مدهشاً حقاً، وذلك قبل اللوغارثميات التي أصبحت تحدد لك ما تقرأه من خلال تطبيقات تدار من شركات عالمية ولا يمكنك الخروج من تصوراتها للمحتوى المتداول، تلك اللا مركزية أنتجت جيلاً لديه اهتمامات مختلفة ومتعددة، وما يهمني حقاً هو الأثر الإبداعي، فعلى الرغم من تسيّد الحداثيين للمنصات الإعلامية الورقية، كان الانترنت منتجعاً للجميع من المهتمين ابتداءً من التقليديين المغرقين في التقليدية إلى أقصى الحداثيين احتراقاً، وكان لنا فرصة النحلة التي تتنقل بين الزهور بواسطة (هايبرلنك) وصفحة جديدة.

ماذا أضافت؟ الحقيقة لا أدري لكن ما زلنا نجد نتاجها في تخصصات ثقافية مختلفة، خرجت من تلك الفضاءات ونضوج كبير يشهده المشهد الثقافي السعودي تساهم فيه تلك المواهب ضمن إطار دعم حكومي غير مسبوق من المنظومة الثقافية، مما يجعل المراقبين للمشهد يرون أن مستقبل الأساليب الأدبية والفنية والثقافية لم يعد محدوداً في أشكال معينة بل مفتوح لكل ابتكار وإبداع.

• لماذا تكثر الـ«أنا» في شعرك وشعر جيلك؟•• في زمن تعدد الهوية لا يسعك أن تصبح أنت إلا نادراً، وفي هذا النادر تجد أنك الآخرين. في العمق أنت لا أحد، أنت مفتوحٌ على كل احتمال وكل شخصية قادرة على تلبُّسك، هكذا يقول الحكيم البوذي، لكنه لم يمارس الشعر العربي، ولم يفهم كيف تكون المفرد على صيغة الجمع.

ليس هناك سوى أني في لحظة الشعر أشعر أنني كل الذين لم أكنهم، وأني أشتاق إليهم. في لحظة الشعر لا أحاول فهم الواقع لأني أشعر أن بإمكاني اختراع احتمالات جديدة لواقع موازٍ، وعلى عكس الحياة اليومية المليئة بالكلمات الجاهزة والأسئلة والأجوبة المعلبة، في الشعر كل حرف وكل كلمة تأتي كرغبة غامضة سواءً بقصدية عقلية أو بحدسٍ مطوي، وكلاهما يجعل الناس تخاف من هذه الأنا اللا متوقعة والحرة التي تستمد أصالتها من كونها تدون ما نصمت عنه أو ما لا نقوله.

• قراءتك لمحمود درويش، هل غيّرت من آرائك وقناعاتك؟

•• لا شك أن القراءة؛ سواءً لمحمود درويش أو الشعراء البارزين في القرن العشرين، تركت أثراً كبيراً على مسيرة الشعرية العربية، وهي بتنوعها منذ حركة الإحياء المصرية إلى جماعة شعر أثرت تجربتنا كشعراء الألفية وما بعدها، وبالتأكيد كان لها بصمات على تجربتي الشخصية، ابتداءً من بدر شاكر السياب الذي تعلمت منه لأول مرةٍ طريقة الكتابة التفعيلية، إلى محمود درويش الذي فتح القصيدة على كل العلوم الإنسانية بلغة لم يسبق لها أحد، ولكن يظل الأثر الأهم بالنسبة لي يخرج من المكان ومن الأصوات الأولى والأغاني الأولى، ما زالت القصائد التي ترددها جدتي فاطمة بنت الشيخ عبداللطيف العفالق هي الأكثر إلهاماً لي، ومرويات عمي الشيخ أحمد بن علي المبارك شيخ أدباء الأحساء لها المساهمة الأعلى في ذائقتي، ومراجعات وانتباهات العم الدكتور راشد المبارك شكّلت تصوراتي النقدية وطريقة تناولي للنصوص.

Continue Reading

ثقافة وفن

وزير الثقافة يزور الجناح السعودي في «إكسبو 2025 أوساكا»

زار وزير الثقافة رئيس اللجنة التوجيهية لمشاركة المملكة في معارض إكسبو الدولية الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان،

زار وزير الثقافة رئيس اللجنة التوجيهية لمشاركة المملكة في معارض إكسبو الدولية الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، اليوم جناح المملكة في إكسبو 2025 أوساكا في مدينة أوساكا في اليابان، في إطار زيارته الرسمية لليابان.

وكان في استقبال وزير الثقافة لدى وصوله للجناح، نائب وزير الثقافة رئيس اللجنة التنفيذية لمشاركة المملكة في معارض إكسبو الدولية حامد بن محمد فايز، ومساعد وزير الثقافة راكان بن إبراهيم الطوق، وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى اليابان الدكتور غازي فيصل بن زقر، والرئيس التنفيذي لهيئة فنون العمارة والتصميم الدكتورة سمية السليمان، والمشرف العام على وكالة الفعاليات والمهرجانات الثقافية مدير عام إدارة المشاريع المؤسسية بوزارة الثقافة مي الرشيد، ومدير الجناح السعودي المشارك في إكسبو 2025 أوساكا المهندس عادل الفايز.

وتجوّل على أقسام الجناح الوطني، مطلعاً على تصميمه، وآخر ما وصلت له الأعمال الإنشائية في الجناح بمقر المعرض الدولي الذي يفتح أبوابه خلال أبريل 2025.

واستمع إلى شرح لتفاصيل تجربة الزائر، وأقسام الجناح الوطني؛ الذي يقدم محتوى معرفياً للركائز الثلاث المُشتملة على تاريخ المملكة في صورة قصة تأخذ المشاركين في رحلة لاستكشاف ثقافات المملكة، وتقاليدها، وقيمها التي تشكل الركائز الأساسية لهويتها، ويسلط الجناح الضوء على التحول الجذري الكبير الذي يطرأ على المملكة اليوم، ومساهماتها في خلق مستقبل أفضل للعالم.

ويجسد تصميم جناح المملكة المشارك في إكسبو 2025 أوساكا الذي أنجزته شركة «فوستر + بارتنرز» المعمارية الرائدة، البيئة الطبيعية للمملكة، مازجاً التشكيلات الصحراوية مع عناصر معمارية حديثة في إشارة إلى الصلة الوثيقة بين التراث التاريخي والتطور المستقبلي، ويحمل التصميم المستوحى من مفهوم المسؤولية البيئية عناصر ذات انبعاثات كربونية منخفضة، ويحتوي على نظام إضاءة موفر للطاقة، ويوظف تقنيات جمع مياه الأمطار، إلى جانب تزويده بألواح طاقة شمسية لإنتاج طاقة نظيفة.

Continue Reading

ثقافة وفن

وزارة الثقافة تحتفي بإبداعات الثقافة العراقية في النسخة الثانية من مهرجان «بين ثقافتين»

تنظم وزارة الثقافة النسخة الثانية من مهرجان «بين ثقافتَين» في الرياض خلال الفترة من 18 إلى 31 ديسمبر المقبل في ميقا

تنظم وزارة الثقافة النسخة الثانية من مهرجان «بين ثقافتَين» في الرياض خلال الفترة من 18 إلى 31 ديسمبر المقبل في ميقا استوديو بالرياض، وهو مهرجانٌ يجوب في دهاليز ثقافات العالم ويُعرّف بها، ويُسلّط الضوء على أوجه التشابه والاختلاف بين الثقافة السعودية وهذه الثقافات، ويستضيف المهرجان في هذه النسخة ثقافة الجمهورية العراقية ليُعرّف بها، ويُبيّن الارتباط بينها وبين الثقافة السعودية، ويعرض أوجه التشابه بينهما في قالبٍ إبداعي.

ويُقدم المهرجانُ في نسخته الحالية رحلةً ثريّة تمزج بين التجارب الحسيّة، والبصريّة، والسمعية في أجواءٍ تدفع الزائر إلى التفاعل والاستمتاع بثقافتَي المملكة والعراق، وذلك عبر أربعة أقسامٍ رئيسية؛ تبدأ من المعرض الفني الذي يُجسّد أوجه التشابه بين الثقافتين السعودية والعراقية، ويعيش فيه الزائر رحلةً استثنائية عبر الزمن، حيث يسلّط الضوء على محطاتٍ تاريخية بارزة ومستندة إلى أبحاث موثوقة، ويشمل أعمالًا فنيّةً لعمالقة الفن المعاصر والحديث من البلدين، ويمتد إلى مختلف القطاعات الثقافية مما يعكس تنوعًا ثقافيًا أنيقًا وإبداعًا في فضاءٍ مُنسجم.

كما يتضمن المهرجان قسم «المضيف» وهو مبنى عراقي يُشيّد من القصب وتعود أصوله إلى الحضارة السومرية، ويُستخدم عادةً للضيافة، وتُعقدُ فيه الاجتماعات، إلى جانب الشخصيات الثقافية المتضمن روّاد الأدب والثقافة السعوديين والعراقيين، ويعرض مقتطفاتٍ من أعمالهم، وصورًا لمسيرتهم الأدبية، كما يضم المعرض الفني «منطقة درب زبيدة» التي تستعيد المواقع المُدرَجة ضمن قائمة اليونسكو على درب زبيدة مثل بركة بيسان، وبركة الجميمة، ومدينة فيد، ومحطة البدع، وبركة الثملية، ويُعطي المعرض الفني لمحاتٍ ثقافية من الموسيقى، والأزياء، والحِرف اليدوية التي تتميز بها الثقافتان السعودية والعراقية.

ويتضمن المهرجان قسم «شارع المتنبي» الذي يُجسّد القيمة الثقافية التي يُمثّلها الشاعر أبو الطيب المتنبي في العاصمة العراقية بغداد، ويعكس الأجواء الأدبية والثقافية الأصيلة عبر متاجر مليئة بالكتب؛ يعيشُ فيها الزائر تجربةً تفاعلية مباشرة مع الكُتب والبائعين، ويشارك في ورش عمل، وندواتٍ تناقش موضوعاتٍ ثقافيةً وفكرية متعلقة بتاريخ البلدين، وتُستكمل التجربة بعزفٍ موسيقي؛ ليربط كلُّ عنصر فيها الزائرَ بتاريخٍ ثقافي عريق، وفي قسم «مقام النغم والأصالة» يستضيف مسرح المهرجان كلاً من الفن السعودي والعراقي في صورةٍ تعكس الإبداع الفني، ويتضمن حفل الافتتاح والخِتام إلى جانب حفلةٍ مصاحبة، ليستمتع الجمهور بحفلاتٍ موسيقية كلاسيكية راقية تُناسب أجواء الحدث، وسط مشاركةٍ لأبرز الفنانين السعوديين والعراقيين.

وأخيرًا قسم «درب الوصل» الذي يستعرض مجالاتٍ مُنوَّعة من الثقافة السعودية والعراقية تثري تجربة الزائر، وتُعرّفه بمقوّمات الثقافتين من خلال منطقة الطفل المتّسمة بطابعٍ حيوي وإبداعي بألوان تُناسب الفئة المستهدفة، حيث يستمتع فيها الأطفال بألعاب تراثية تعكس الثقافة السعودية والعراقية، وتتنوع الأنشطة بين الفنون، والحِرف اليدوية، ورواية القصص بطريقةٍ تفاعلية مما يُعزز التعلّم والمرح، ومنطقة المطاعم التي تُقدم تجربةً فريدة تجمع بين النكهات السعودية والعراقية؛ لتعكس الموروث الثقافي والمذاق الأصيل للبلدين، ويستمتع فيها الزائر بتذوق أطباقٍ تراثية تُمثّل جزءًا من هوية وثقافة كل دولة، والمقاهي التي توفر تشكيلةً واسعة من المشروبات الساخنة والباردة بما فيها القهوة السعودية المميزة بنكهة الهيل، والشاي العراقي بنكهته التقليدية مما يُجسّد روحَ الضيافة العربية الأصيلة.

ويسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجارب فنيّةٍ مبتكرة تستعرض الحضارة السعودية والعراقية، وتُبرز التراث والفنون المشتركة بين البلدين، كما يهدف إلى تعزيز العلاقات بين الشعبين السعودي والعراقي، وتقوية أواصر العلاقات الثقافية بينهما، والتركيز على ترجمة الأبعاد الثقافية المتنوعة لكل دولة بما يُسهم في تعزيز الفهم المتبادل، وإبراز التراث المشترك بأساليب مبتكرة، ويعكس المهرجان حرص وزارة الثقافة على تعزيز التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهداف الإستراتيجية الوطنية للثقافة، تحت مظلة رؤية المملكة 2030.

Continue Reading

ثقافة وفن

وزير الثقافة يرعى حفل تكريم الفائزين بجائزة مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية في دورتها الثالثة

برعاية وزير الثقافة رئيس مجلس أمناء مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، كرّم

برعاية وزير الثقافة رئيس مجلس أمناء مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، كرّم المجمع اليوم الفائزين بجائزته في دورتها الثالثة لعام 2024، ضمن فئتي الأفراد والمؤسسات، في أربعة فروع رئيسية، هي: (تعليم اللغة العربية وتعلُّمها، وحوسبة اللغة العربية وخدمتها بالتقنيات الحديثة، وأبحاث اللغة العربية ودراساتها العلمية، ونشر الوعي اللُّغوي وإبداع المبادرات المجتمعية اللُّغوية)، وبلغت قيمة الجوائز المخصصة للفئتين 1,600,000 ريال، إذ نال كل فائز من كل فرع 200,000 ريال.

وألقى الأمين العام لمجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الدكتور عبدالله بن صالح الوشمي كلمة ثمن فيها الدعم والمؤازرة اللذين يجدهما المجمع من وزير الثقافة في عموم أعمال المجمع وبرامجه ومنها الجائزة؛ إذ تنطلق أعمال المجمع في مسارات أربعة وهي: البرامج التعليمية، والبرامج الثقافية، والحوسبة اللغوية، والتخطيط والسياسة اللغوية، متوافقةً مع استراتيجية المجمع وداعمةً لانتشار اللغة العربية في العالم.

بعد ذلك كُرّم الفائزون بالجائزة في دورتها الثالثة، من الأفراد والمؤسسات، من كل فرع بجوائزهم المستحقة، ففي فرع (تعليم اللغة العربية وتعلُّمها): مُنحَت الجائزة للدكتور خليل لوه لين من جمهورية الصين الشعبية في فئة الأفراد، ولدار جامعة الملك سعود للنشر من المملكة العربية السعودية في فئة المؤسسات.

وفي فرع (حوسبة اللغة العربية وخدمتها بالتقنيات الحديثة): مُنحَت الجائزة للدكتور عبدالمحسن بن عبيد الثبيتي من المملكة العربية السعودية في فئة الأفراد، وللهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) في فئة المؤسسات.

وفي فرع (أبحاث اللغة العربية ودراساتها العلمية): مُنحت الجائزة للدكتور عبدالله بن سليم الرشيد من المملكة العربية السعودية في فئة الأفراد، ولمعهد المخطوطات العربية من جمهورية مصر العربية في فئة المؤسسات.

وفي فرع (نشر الوعي اللُّغوي وإبداع المبادرات المجتمعية اللُّغوية): مُنحت الجائزة للدكتور صالح بلعيد من الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية في فئة الأفراد، ولمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة من الإمارات العربية المتحدة في فئة المؤسسات.

وجاءت النتائج النهائية بعد تقييم لجان التحكيم للمشاركات؛ وفق معايير محددة تضمنت مؤشرات دقيقة؛ لقياس مدى الإبداع والابتكار، والتميز في الأداء، وتحقيق الشمولية وسعة الانتشار، والفاعلية والأثر المتحقق، وقد أُعلنت أسماء الفائزين بعد اكتمال المداولات العلمية، والتقارير التحكيمية للجان.

وتهدف الجائزة إلى تكريم المتميزين في خدمة اللغة العربية، وتقدير جهودهم، ولفت الأنظار إلى عِظَم الدور الذي يضطلعون به في حفظ الهُوية اللُّغوية، وترسيخ الثقافة العربية، وتعميق الولاء والانتماء، وتجويد التواصل بين أفراد المجتمع العربي، كما تهدف إلى تكثيف التنافس في المجالات المستهدَفة، وزيادة الاهتمام والعناية بها، وتقدير التخصصات المتصلة بها؛ لضمان مستقبل زاهر للغة العربية، وتأكيد صدارتها بين اللغات.

وتمثل الجائزة إحدى المبادرات الأساسية التي أطلقها المجمع؛ لخدمة اللغة العربية، وتعزيز حضورها، ضمن سياق العمل التأسيسي المتكامل للمجمع، المنبثق من برنامج تنمية القدرات البشرية، أحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030.

يُذكر في هذا السياق أن جائزة مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية تؤكد دور المجمع في دعم اللغة العربية، وتعزيز رسالته في استثمار فرص خدمة اللغة العربية، والمحافظة على سلامتها، ودعمها نطقاً وكتابة، وتعزيز مكانتها عالمياً، ورفع مستوى الوعي بها، إضافة إلى اكتشاف الجديد من الأبحاث والأعمال والمبادرات في مجالات اللغة العربية؛ خدمةً للمحتوى المعرفي العالمي.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .