Connect with us

ثقافة وفن

عبداللطيف بن يوسف: لستُ شاعراً عظيماً ولا أطمح أن أكون أسطورة !

الحوار في الشعر وعنه مع عبداللطيف بن يوسف ممتع جداً، لأنّه يخرجه من دائرة الفهم الضيق إلى آفاق إبداعيّة أكبر، فالعمر

الحوار في الشعر وعنه مع عبداللطيف بن يوسف ممتع جداً، لأنّه يخرجه من دائرة الفهم الضيق إلى آفاق إبداعيّة أكبر، فالعمر -كما قال- قد يضيع ونحن نبحث عن الشرارة الأولى التي قدحت هذه القصيدة أو تلك.

الكتابة عنده متعة، لكنّ متعته هذه ليست في الوصول إنما في الرحلة، في الأسلوب لا في الموضوع، في التركيب لا في الصورة.

الكثير من الأسئلة والإجابات في هذا الحوار..

• دعنا نبدأ من علاقتك بالشعر.. كيف بدأت؟

•• في الحقيقة لا أعرف، لأن الشعر يندلع في القلب بغتةً، وقد نقضي العمر كله في محاولة فهم ما الذي قدح الشرارة الأولى، وكيف تكونت هذه الجذوة، ولكن ما أعرفه أن نار القصيدة هذه كانت تحتاج كل حطب العمر، وما تبقى من الذكريات والمصادر المعرفية الأولى، لتبقى حية.

لا خمرَ في الكلماتِ

أنا انسكبتُ على استعارتها

فصارت تُسكِرُ

فالشعر ليس من الشعور وإنما

هو لحظة الإدراك أنَّا نَشعُرُ

هو أن يباغتنا الغناء بفكرةٍ

مرَّت ببال الكونِ وهو يُفكرُ

تحيا بنا الكلماتُ إنْ متنا لها

من طعنةِ الأقلامِ

يولدُ دفترُ

• النص الأخير.. ماذا يعني لك؟

•• ما يذهلني حقاً في كل تجربة كتابة، هو تناسل المفردات العربية، والنسب الغريب الذي كنت أصادفه منذ الطفولة بين كلمات تتفق في اللفظ وتختلف في المعنى، كما يتفق المعنى في ألفاظ متعددة، على أني استوعبت متأخراً جداً قول الشافعي بأن اللغة لا يحيط بها إلا نبي. منذ ذلك الحين أوقفت بحثي عن الكمال، وأصبحت أرضى بالقليل لذلك جاءت مجموعاتي الشعرية بكَمٍّ أقل وحيرة أكبر، كمَنْ يدخلُ في متاهةٍ، دخلتُ في القصيدة، ليس سوى الحدس يدلني على طريقة الخروج المثلى، وعادةً ما يضل طريقه بين رموز الخليل وغواية القافية التي تحرك المعنى نحو ما تريد هي لا ما تريد أنت، هناك داخل المتاهة ضربات تتسارع وأدرينالين تشعله الرغبة والخوف مما سيحدث وقد لا يحدث، حين تتضاءل خياراتك وترى كل ما حشدت من مفرداتٍ تقف في حالة عجزٍ كاملٍ عن تلبس ثوب مطلع أو خاتمة، حين تجد إيقاعك الذي أبدعته يتحول إلى قهقهاتٍ تسخر منك، فأيُّ خالقٍ أنت إذ تخلق نسيجاً لا تستطيع الإمساك بأطرافه إلا بما أذنت لك به أوتاد العروض، وأسباب الجرس.

وليس الأمر متعلقاً بالدربة والمراس، فأنت في كل مرة تخرج من المتاهة بالصدفة المحضة، وليست الموهبة التي تزيد وتنقص، تتوهج وتخفت بواسطة إلهام مجهول، لا يبعثه الماء ولا الخضرة ولا الوجه الحسن، إنما توفيق سماوي، يخرجك سالماً، وهو نفسه الذي يعيدك فيها مرة أخرى، وفي كل مرة تكبر المتاهة أكثر، وتصبح الأشياء أكثر غموضاً وضبابية، وأوجع ما في الأمر هو أنك تلغي كل المسارات الموثوقة خوفاً من التكرار والإعادة والملل، لعلك تعثر على الخروج الصعب، والطريق المليء باللا متوقع، لإدراكك أن كل نهاية هي بداية لتيه آخر، والمتعة الوحيدة تجدها في الرحلة وليس في الوصول، في الأسلوب لا في الموضوع، في التركيب لا في الصورة.

• مستقبل الشعر.. كيف تنظر إليه؟

•• من بداية سؤال الشعر وظهور بدايات النقد الأدبي، كان هناك من يصنف أنه من أهل اللفظ أو أهل المعنى، كما جاءت طبقات ابن سلام بتصنيفات الفحولة الشعرية أو عدمها، ومن ثم جاء الآمدي والمرزوقي وتكلما عن عمود الشعر، وطرد الآمدي أبا تمام من عمود الشعر لأنه ممن لم يعمل على أصول الشعر وقواعده وفضّل البحتري عليه، حتى وصلنا إلى زمننا الحالي وسؤال الحداثة والتقليدية وغيرهما من التيارات والموجات، وبالنسبة لي لا أعتبر نفسي معنياً بكل ذلك إلا بكونه تراثاً أفيد منه، وأني مع بقية زملائي بتعدد مشاربهم وخياراتهم، لسنا سوى الشاعر الأخير الذي يسلك طريق الشعر وفوق متنه تلك الحمولة التاريخية، ويحاول أن يصل إلى طريقة تناول جديدة وطريقة نظر للأشياء وابتكار سرد ماكر لصرامة الحالة الكلاسيكية الشعرية، والذهاب إلى قمة الإبداع والابتكار اللغوي والشعري، التي بالمناسبة أراها تتسع للجميع.

• الإبداع والثقافة في السعودية.. كيف تراها اليوم؟

•• سأبدأ بما قاله سمو وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان-حفظه الله-: «إن تعزيز الثقافة ضرورة أساسية، والحفاظ عليها مسؤولية حضارية» إلى أن قال: «بلادنا تستحق أن تزدهر بمختلف ألوان الثقافة، لإثراء نمط حياة الفرد، والإسهام في تعزيز الهوية الوطنية، وتشجيع الحوار الثقافي مع العالم»، هذه الكلمات نلمسها اليوم ونحسها في كل الأنشطة الأدبية والثقافية، ونعيش فترة استثنائية من تاريخنا الثقافي، وقد أمثّل الأمر بأن الثقافة والفنون كانت جزراً متباعدة حتى جاءت الرؤية المباركة لتجمع هذه الجزر في أرض صلبة ومنظومة واحدة تتفاعل مع بعضها البعض، فأصبح للشاعر فرصة للإفادة من أخيه الموسيقي، وصار للسينمائي مكان في بال الروائي، والمسرح عاد أباً للفنون يجمع الكل فوق خشبته، فتعانقت ريشة الفنان بعقل الفيلسوف في لحظة تاريخية فارقة.

• ماذا عن علاقة الشعر بالفلسفة؟

•• ما هو مؤكد لنا أن الشعر اليوم لم يعد بعيداً عن أسئلة الفلاسفة، لكن الشعر إذ يستخدم المجاز لا يعمل بآليات المنطق الفلسفي، وقد يذهب في إمكانات الخيال ليأخذ الفيلسوف إلى آفاق أوسع، كما أن الفلسفة رافد مهم للتجربة الشعرية من حيث تحررها من الأفكار المستعملة، وتعيدها إلى تأمل البدهي والتفكير فيه، وهو ما يعيد إمكانية الدهشة للشاعر مرة أخرى، وإن كنت أتحرج من هذه المقاربات ولكني أقول إن الشعر يحتاج دائماً إلى إعمال التفكير العقلي، كما يحتاج التفكير العقلي إلى الشعرية لكي يستطيع رفع حدود المنطق ليفتح بوابة الحدوس.

• ثلاثة دواوين منشورة، وجوائز وحضور أدبي لافت، ما الذي اكتسبته من كل هذا، وماذا افتقدت؟

•• أنا لست شاعراً عظيماً ولا أطمح أن أكون أسطورة الشعر أو نبي الشعراء أو هامة الشعر وغيرها من الألقاب الكبيرة، بل لست سوى ذلك الولد الذي يخشى المشاركة في الإذاعة المدرسية، حتى اقتنصني مخلب العنقاء وأخذني باحتراقاته إلى آخر الأرض.. وماذا بعد؟!.. قال: تعود.. وعدتُ.. كما أنا.. رجلٌ يقرأ عليكم ما تيسّر من خساراته.. تلك الخسارات التي جعلته يفوز بكل هذه المحبة لا تقدر بثمن.. صديقكم الذي كَبُر أمام أعينكم منذ صفحات المنتديات حتى لقطات التيك توك، وقبل أن يغادر هذه الدنيا لن يطلب منكم أن تعلقوا كلماته نياشين أو تجعلوه جهشة في صدوركم.. فما كان ذا مالٍ كثيرٍ ولا غنىً.. ولكنه معطٍ لما جال في اليدِ.

• في ظل تشابه الأصوات الشعرية اليوم، كيف يمكن التفضيل بين تجربة شعرية وأخرى؟

•• سأستعير كلمة الأمير الراحل بدر بن عبدالمحسن «لم يعد يغريني في الشعر إلا الشعر ذاته»، الشعر الذي لا يمكن أن يعرّف، والذي يعطينا ذلك الهامش من الحرية والتعويض المجازي عن عجزنا الدائم عن تغيير أي شيء في الواقع الذي حولنا، هو الذي يجعلنا نبحر في لغة آفاقها أرحب من القوانين التي تحد من انسجامنا مع وجودنا الإنساني، وهو المحاولة الدائمة لاكتشاف ذواتنا والوقوف الجاد أمام مرآة أنفسنا، وصحيح أن على الشعر أن يتقن أدوات البلاغة، وأن يسمي كل الأشياء، ويجترح المعاني البكر، ويستنطق الغياب، ويكون نشيد الذي لا نشيد لهم، وعليه أن يكون القول المختلف عن القول العادي، ولكن كذلك يجب أن لا ننسى أن الشعر هو الفرح المختلس من دوامة الوقت، وأن الشعر منتجعٌ للمتعة واللعب، وصداقة دائمة مع الشجر والحجر والحيوان والإنسان، وليس صراع ديكة يقفون على مسرح، رغم أهمية وجود المهرجانات والمسابقات؛ بكونها محفزات لتطوير التجربة والاحتكاك بالتجارب الأخرى.

• ما علاقتك -بوصفك شاعراً تكتب بالفصحى- بالشعر العامي أو النبطي؟

•• الشعر العامي أو الشعبي أو النبطي أو المحكي أو شعر العامية، هو كما يقول الدكتور سعد الصويان «ذائقة الشعب وسلطة النص»، وأنا لا أخجل أو أتردد بأن أقول أن محفوظاتي من الشعر الشعبي تفوق ما أحفظه وأردده من الشعر الفصيح، وهو كما يقول الدكتور صلاح فضل رحمه الله: «الأدب الشعبى مظهر عبقرية الشعوب، بل نذهب إلى أبعد من ذلك فنجد بعض النماذج من الأدب العامي غذَّى اللغة الفصحى وفنونها بأساليبه وأنماطه، وبعضها ضخَّ فى العربية دماً حاراً ساخناً منحها قدراً عظيماً من الحيوية»، وهي تلك الحيوية والحرارة التي أفيد منها دائماً، وأعتقد أنها ثروة ثقافية لا يمكن إهدارها بدعوى أنها لا ترتقي للأدب الرفيع، ولعلي أضيف هنا إلى الشعر الحكايات الشعبية والأساطير والمرويات وتهويدات الأمهات، كلها في ظني روافد مهمة لتجربة الشعر العربي لها الأثر على تكويني وذائقتي.

• الكتابة المتأخرة في العمر، هل تأخذ من المبدع أم تمنحه تجربة أكثر فرادةً وتميزاً؟

•• كانت العرب تسمي ذلك قديماً النبوغ وقد شهدت الشعرية العربية أكثر من نابغة؛ وهو أمر نادر أن يأتي الشعر بحيوية عالية في مرحلة متأخرة من العمر، ولكن هذا يؤكد أن الشعر هو مستحيل- ممكن في حياة أيّ واحد منّا، لكنّ بعضنا فقط ينجح في إثارة الاهتمام نحوه. والتقدم بالعمر قد لا يكون هو العامل الأهم في المسألة الإبداعية بل الشعور بذلك التقدم، فإن من يحافظ على الطفولة في داخله سيظل يقف أمام ضفة نهر الخيال دائماً، ومن يتماهى مع شعور الكِبر فسيجد كل شيء حوله يموت حتى الأحلام، والشعر طفولة دائمة حتى ولو جاء في آخر العمر.

• علاقتك بعبد العزيز بن سعود البابطين، كيف بدأت؟

•• هي ليست علاقتي وحدي بل أجيال من الشعراء خرجوا من عباءة الشاعر والرجل النبيل عبدالعزيز بن سعود البابطين، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله.

أتاني بريد المنعمين وخصني

بفضل ذوي النعمى وأنت بهِ أدرى

فلم أنسَ يا ربَّ المساكين أنها

أياديك بي تحنو ولطفكَ بي أجرى

وما شكرت نفسي لفرحةِ زائلٍ

ولكن حق الله أن نكثر الشكرا

ومن شكر رب الناس شكر عبادهِ

هنيئاً لمن بالجود قد أدرك الأجرا

وها قد مُلي قلبي امتناناً وفرحةً

رعى الله من تجري على كفِّهِ البشرى

رحم الله عبدالعزيز بن سعود البابطين الذي احتضننا صغاراً وأعطانا فرصة الظهور وتقديم ما لدينا من خلال المنصات والجوائز التي قدمها في مسيرة طويلة من العمل الأدبي والثقافي والاجتماعي، لا أنسى أول وقوف لي وأول إلقاء شعري في مهرجان ربيع الشعر بمكتبة البابطين، ومن بعدها انفتحت لي أبواب الشرق والغرب فكان نِعم المُمكّن والداعم، وهو دعم لم يتوقف عند لحظته الأولى فقط بل استمر حتى استطعت تحقيق جائزة أفضل ديوان لعام 2017م بتكريم من هذا الراحل الكريم عبدالعزيز بن سعود البابطين -غفر الله له-.

• ما رأيك في التكسّب بالشعر؟

•• في البداية، دعنا نتفق أن الشعر ليس أفضل الطرق إلى الشهرة والمال، وإن كان هناك بعض الاستثناءات، إلا أنه يجب التفريق بين مسائل الإعلام والتفاعل والتداول وبين الشعر والفنون وغيرهما، وذلك لأنه كما يقولون سوق الفن مختلف كلياً عن الفن نفسه، ولكن بما أنك سألتني سأحاول الاختصار وسأبدأ بأن ثقافتنا المحلية والخليجية تعيش مراحل تحول كبرى، سواء على صعيد الثقافة المعاشة أو الثقافة المعرفية والفنية، وهذه الثورة في العمل الثقافي أحدثت نتائج عظيمة، بل وإمكانات لنموٍ مستدام في شتَّى القطاعات الثقافية، ثم إنها أصبحت تعدك بأن تكون مبدعاً متفرغاً للإبداع، وقُوْتُك هو إبداعك وشغفك، فلا تضطر للعمل والوظائف وغيرها، بل قد تكون الثقافة ذات جدوى اقتصادية، وذلك أكبر من أحلام كل المثقفين والمبدعين.

ماذا عن غريبِ الوجهِ واليدِ واللسانِ؟، ماذا عن الشعر إذن؟ وهو الأكثر التصاقاً بهويتنا، وهو الفن الذي استطاع الاستمرارية منذ أكثر من ١٥٠٠ عام دون انقطاع حسب ما نزعم، ولكننا نعلم كذلك أنه ضمن مقاييس السوق الإبداعي، مادة غير قابلة لإحداث دورة اقتصادية ذات جدوى، ولا خلق منتج استهلاكي يحقق مردوداً يستحق الاستثمار، وهذا النوع من التفكير قد تدعمه إحصاءات مثل الدراسة التي نشرتها إحدى الصحف الأمريكية عن الشعر فمنذ ١٩٩٢ إلى ٢٠١٢ انخفض عدد متابعيه من ١٧٪ إلى ٦.٧٪ من الأمريكيين، هذا الانخفاض جعل الشعر (الفن الشعبي) أقل جماهيريةً من الأوبرا (الفن النخبوي جداً)، الصحيفة بكل بساطة تقول الشعر لا يموت، الشعر ينقرض.

وفي قراءة أخرى لمنطقة أخرى من العالم مثل بريطانيا، سيحقق الشعر في العام الذي تصعد فيه مشكلة البركست ٢٠١٨م أعلى مستوى مبيعات للكتب، والذي كان يشهد تصاعداً منذ عام ٢٠١٢م، هل هذا يعني أن الشعر يحيا في الأزمات.. ربما، ولكن بلغ في هذه الذروة بعد بيع مليون و300 ألف كتاب، ما يقارب ١٥ مليون دولار من العائدات وهو ما لا يمكن أن يقارن بلوحة رقمية بيعت بأكثر من ٦٠ مليون دولار، وعليه، فمن حاول أن يستعمل الشعر للوصول إلى شهرة أو مال فأعتقد أنه أخطأ الطريق، إنما الشعر لا يطلب إلا لذاته.

• أنت من جيل المنتديات، ما الذي أضافته تلك المواقع لتجربة جيلك واختلفت عن بقيّة الشعراء؟

•• «وحبّب أوطان الرجال إليهمُ.. ملاعب قضاها الشباب هنالكا» لكن المدهش أن جيلي من الشعراء لم تكن لهم أوطان شعرية واقعية بل افتراضية، وللأسف أغلبها تلاشى أو غاب ولم يعد له وجود في الفضاءات، فنحن شئنا أم أبينا أبناء تلك اللحظة التكنولوجية الفارقة، أبناء مقاهي الانترنت، أبناء الاتصال البطيء وذلك الصوت الغريب الذي يصدر من الكمبيوتر لحظة الاتصال بالشبكة العنكبوتية كما كنا نسميها، نحن أبناء الأسماء المستعارة والحوارات المعمقة مع من لا نعرفهم، أبناء الورود الإلكترونية ورموز الإيموجي، ومجموعات البريد الإلكتروني والمدونات الإلكترونية وغيرها مما لا يتسع الحوار لذكره.

جسدت تلك المرحلة روح اللا مركزية الثقافية من خلال الصفحات اللانهائية، ومفهوم (الهايبرلنك) الذي يجعلك تتنقل في تصفح لا نهائي بين عوالم متعددة وثقافات غريبة تطلع عليها لأول مرة، كان الأمر مدهشاً حقاً، وذلك قبل اللوغارثميات التي أصبحت تحدد لك ما تقرأه من خلال تطبيقات تدار من شركات عالمية ولا يمكنك الخروج من تصوراتها للمحتوى المتداول، تلك اللا مركزية أنتجت جيلاً لديه اهتمامات مختلفة ومتعددة، وما يهمني حقاً هو الأثر الإبداعي، فعلى الرغم من تسيّد الحداثيين للمنصات الإعلامية الورقية، كان الانترنت منتجعاً للجميع من المهتمين ابتداءً من التقليديين المغرقين في التقليدية إلى أقصى الحداثيين احتراقاً، وكان لنا فرصة النحلة التي تتنقل بين الزهور بواسطة (هايبرلنك) وصفحة جديدة.

ماذا أضافت؟ الحقيقة لا أدري لكن ما زلنا نجد نتاجها في تخصصات ثقافية مختلفة، خرجت من تلك الفضاءات ونضوج كبير يشهده المشهد الثقافي السعودي تساهم فيه تلك المواهب ضمن إطار دعم حكومي غير مسبوق من المنظومة الثقافية، مما يجعل المراقبين للمشهد يرون أن مستقبل الأساليب الأدبية والفنية والثقافية لم يعد محدوداً في أشكال معينة بل مفتوح لكل ابتكار وإبداع.

• لماذا تكثر الـ«أنا» في شعرك وشعر جيلك؟•• في زمن تعدد الهوية لا يسعك أن تصبح أنت إلا نادراً، وفي هذا النادر تجد أنك الآخرين. في العمق أنت لا أحد، أنت مفتوحٌ على كل احتمال وكل شخصية قادرة على تلبُّسك، هكذا يقول الحكيم البوذي، لكنه لم يمارس الشعر العربي، ولم يفهم كيف تكون المفرد على صيغة الجمع.

ليس هناك سوى أني في لحظة الشعر أشعر أنني كل الذين لم أكنهم، وأني أشتاق إليهم. في لحظة الشعر لا أحاول فهم الواقع لأني أشعر أن بإمكاني اختراع احتمالات جديدة لواقع موازٍ، وعلى عكس الحياة اليومية المليئة بالكلمات الجاهزة والأسئلة والأجوبة المعلبة، في الشعر كل حرف وكل كلمة تأتي كرغبة غامضة سواءً بقصدية عقلية أو بحدسٍ مطوي، وكلاهما يجعل الناس تخاف من هذه الأنا اللا متوقعة والحرة التي تستمد أصالتها من كونها تدون ما نصمت عنه أو ما لا نقوله.

• قراءتك لمحمود درويش، هل غيّرت من آرائك وقناعاتك؟

•• لا شك أن القراءة؛ سواءً لمحمود درويش أو الشعراء البارزين في القرن العشرين، تركت أثراً كبيراً على مسيرة الشعرية العربية، وهي بتنوعها منذ حركة الإحياء المصرية إلى جماعة شعر أثرت تجربتنا كشعراء الألفية وما بعدها، وبالتأكيد كان لها بصمات على تجربتي الشخصية، ابتداءً من بدر شاكر السياب الذي تعلمت منه لأول مرةٍ طريقة الكتابة التفعيلية، إلى محمود درويش الذي فتح القصيدة على كل العلوم الإنسانية بلغة لم يسبق لها أحد، ولكن يظل الأثر الأهم بالنسبة لي يخرج من المكان ومن الأصوات الأولى والأغاني الأولى، ما زالت القصائد التي ترددها جدتي فاطمة بنت الشيخ عبداللطيف العفالق هي الأكثر إلهاماً لي، ومرويات عمي الشيخ أحمد بن علي المبارك شيخ أدباء الأحساء لها المساهمة الأعلى في ذائقتي، ومراجعات وانتباهات العم الدكتور راشد المبارك شكّلت تصوراتي النقدية وطريقة تناولي للنصوص.

Continue Reading

ثقافة وفن

شقيق عادل إمام: نقل «الزعيم» للعناية المركزة مجرد شائعة

نفى المنتج عصام إمام، الشائعات التي تفيد بتدهور الحالة الصحية للفنان الكبير عادل إمام ونقله للعناية المركزة،

نفى المنتج عصام إمام، الشائعات التي تفيد بتدهور الحالة الصحية للفنان الكبير عادل إمام ونقله للعناية المركزة، وأكد شقيق الفنان عادل إمام، أن «الزعيم» بخير.

وقال عصام إمام: «لا أعلم متى سيتوقف هؤلاء الذين يروجون الشائعات، الزعيم بحالة جيدة، والحمد لله». وأكد أن هذه الأخبار لا تمت للحقيقة بصلة وأن شقيقه يتمتع بصحة جيدة.

وقال عصام الذي يتواجد حالياً في ميلانو إنه يتواصل باستمرار مع عائلته وشقيقه عادل إمام.

وأضاف: «كل من يسعى للشهرة يطلق أخباراً عنه، لكنها غير صحيحة».

أخبار ذات صلة

واستطرد قائلاً: «أؤكد أنه بخير وبصحة ممتازة، والحمد لله. لا أفهم ما الذي يستفيدونه من إثارة القلق بين الناس بشأنه في كل مرة»،

وكان الفنان محمد إمام نجل عادل إمام، أكد خلال الأيام الماضية على هامش حضوره عزاء زوجة الفنان نضال الشافعي أن والده بصحة جيدة ولا صحة للشائعات التي تتردد حول تدهور صحة والده.

يذكر أن آخر ظهور فني للفنان عادل إمام كان في عام 2020 خلال مسلسل «فلانتينو»، الذي لاقى نجاحاً واسعاً.

Continue Reading

ثقافة وفن

«الرياض» ضيف شرف معرض بوينس آيرس الدولي للكتاب 2025 بالأرجنتين

انطلقت أمس فعاليات الدورة الـ49 من معرض بوينس آيرس الدولي للكتاب 2025، الذي تنظمه مؤسسة الكتاب في الأرجنتين، ويستمر

انطلقت أمس فعاليات الدورة الـ49 من معرض بوينس آيرس الدولي للكتاب 2025، الذي تنظمه مؤسسة الكتاب في الأرجنتين، ويستمر حتى 12 مايو القادم، وتحل مدينة الرياض -عاصمة المملكة العربية السعودية- ضيفَ شرف على المعرض، في حضور استثنائي يُجسّد المكانة المتنامية للمملكة في القارة اللاتينية.

ويأتي جناح الرياض ليعزز الحضور الثقافي السعودي في أمريكا اللاتينية، ويعرّف بالعاصمة السعودية بوصفها نموذجاً حضاريًّاً يُجسد تحولات رؤية المملكة 2030، من خلال محتوى أدبي وثقافي متنوع، وإصدارات مترجمة إلى اللغة الإسبانية، تسهم في مدّ جسور التفاهم الثقافي.

وتقود هيئة الأدب والنشر والترجمة مشاركة مدينة الرياض ضيف شرف المعرض، بمشاركة وفد سعودي ثقافي وأدبي، يضم هيئة المسرح والفنون الأدائية، وهيئة التراث، ووزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، ومجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، ودارة الملك عبدالعزيز، ومجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، ومكتبة الملك عبدالعزيز العامة، ومكتبة الملك فهد الوطنية، بهدف فتح نافذة سعودية أمام جمهور المعرض من الأرجنتين ومختلف أنحاء العالم.

وافتُتح جناح مدينة الرياض ضيف شرف معرض بوينس آيرس الدولي للكتاب 2025 بحضور الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز الواصل، والقائم بأعمال سفارة المملكة في الأرجنتين بالإنابة إبراهيم بن عبدالعزيز الدخيّل، ورئيس حكومة بوينس آيرس خورخي ماكري، ووزيرة الثقافة في حكومته غابرييلا ريكارديس، ورئيس مؤسسة الكتاب كريستين راينون.

وقال الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز الواصل خلال كلمة ضيف الشرف في حفل الافتتاح: «بدعمٍ من قيادة المملكة، وانطلاقٍ من حرصها على تعزيز التبادل الثقافي الدولي، أحد أهداف الإستراتيجية الوطنية التي تسعى إلى تحقيقها تحت مظلة رؤية المملكة 2030؛ أولت هيئة الأدب والنشر والترجمة اهتمامها الكبير في مواصلة الحوار الخلاق بين الشعوب، لتؤكد الدور البارز الذي تلعبه مدينة الرياض في المشهد الثقافي العالمي، وتعكس حرصها في تبادل المعرفة والخبرات مع الدول الصديقة».

وتوجّه بالشكر إلى وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، على دعمه المتواصل للقطاعات الثقافية، وتمكينها من أداء دورها الريادي في رسم ملامح المشهد الثقافي السعودي المعاصر، بما ينسجم مع مستهدفات رؤية المملكة 2030.

أخبار ذات صلة

وعبر عن شكره لرئيس حكومة بوينس آيرس خورخي ماكري، ووزيرة الثقافة لدى حكومة بوينس آيرس قابريلا ريكارديس، على كرم الضيافة وحسن والاستقبال، مؤكداً أن هذا الترحاب يُبرز عمق الاحترام المتبادل، ويجسد روح التعاون الثقافي الذي يجمع بين الشعبين.

وسيستعرض جناح مدينة الرياض ملامح التنوع الإبداعي والهوية الثقافية للعاصمة السعودية، من خلال برنامج ثقافي متكامل يشمل ندوات أدبية، وجلسات حوارية، وأمسيات شعرية، وعروضاً أدائية، إلى جانب معرض للمخطوطات والكتب، وركن خاص بالإصدارات السعودية المترجمة إلى اللغة الإسبانية، وذلك في إطار دعم الانتشار العالمي للأدب السعودي.

ويضم المعرض عدداً من الأركان المتخصصة التي تعكس غنى التراث السعودي وتنوعه الثقافي، من بينها ركن الحرف اليدوية الذي يُقدّم عروضاً حية للصناعات التقليدية، وركن المستنسخات التراثية الذي يُبرز ملامح العمارة التاريخية في الرياض، إضافة إلى فقرات فنية ومسرحية تُظهر البعد الثقافي، وركن استقبال مصمم على الطراز السلماني، في توليفة تجمع بين روح الأصالة وحداثة التصميم.

ويتيح المعرض للزوار فرصة التعرف على جوانب من الحياة اليومية في الرياض، من خلال منطقة مخصصة لعروض الأزياء التقليدية، تُقدَّم بصيغة تعريفية باللغة الإسبانية.

يُذكر أن معرض بوينس آيرس الدولي للكتاب يُعد من أكبر الفعاليات الثقافية في أمريكا اللاتينية، وقد رسّخ، منذ انطلاقه عام 1975، مكانته بصفته منصة رائدة للنشر وتبادل المعرفة.

Continue Reading

ثقافة وفن

تشكيليون وصانعو محتوى: الصورة عنصر أساسي في جذب الطفل وتعميق فهمه للنص

أكد رسامون وفنانون متخصصون في رسومات كتب الأطفال أن الصورة عنصر أساسي في جذب الطفل وتعميق فهمه للنص، مشيرين إلى

أكد رسامون وفنانون متخصصون في رسومات كتب الأطفال أن الصورة عنصر أساسي في جذب الطفل وتعميق فهمه للنص، مشيرين إلى أن الرسم لا يترجم القصة فحسب، بل يضيف إليها بُعداً عاطفياً يعزز التجربة القرائية، كما شددوا على أهمية فهم نفسية الطفل وتأثير الألوان والطبيعة في تحفيز خياله وبناء علاقة مستمرة مع الكتاب.

جاء ذلك في جلسة حوارية بعنوان «تأثير الكتب المصورة على السرد القصصي»، ضمن الجلسات التي استضافتها فعاليات الدورة الـ16 من مهرجان الشارقة القرائي للطفل، وشارك فيها كل من الدكتور عبدالله الشرهان، المخرج والفنان الإماراتي والتربوي وصانع المحتوى الموجه للطفل، وبراء العاوور، وهي رسامة ومؤلفة فلسطينية ألفت وشاركت في أكثر من أربعين كتاباً للأطفال، وراحات كادوجي، المؤلفة ورسّامة كتب الأطفال، التي حقّقت مبيعات كبيرة، ومن مؤلفاتها «أنا لستُ مخيفًا»، والذي تُرجم إلى لغات عدّة، وأدارتها الإعلامية تسنيم زياد.

علاقة مع الكتاب

وتحدث الدكتور عبدالله الشرهان عن تأثير الصورة الكبير والكلمة الواضحة في نفسية الأطفال، ذاكراً مجموعة من الأمثلة من محيطه واستلهامه من عالم الأطفال لكتابة وصناعة محتوى مؤثر، ووصفها بالكلمات التي تصل ببريد أسرع إلى قلب الطفل، مشيراً إلى أهمية تجربة الكتب التفاعلية، حتى نصنع علاقة مستمرة بين الطفل و الكتاب، لأن الطفل إما أن يحب الكتاب من الوهلة الأولى أو لا يحبه إطلاقاً.

وأشار الشرهان وهو مؤسس شركة «أجيال» الفنية ومبتكر شخصية «حمدون» في مسلسل كرتوني يحمل نفس الاسم، أن الدمج بين الفن والتربية مسؤولية، منوهاً بأهمية استحضار البيئة المحلية والثقافة الأصلية للطفل لتقديم رسالة وترك أثر.

سيكولوجية اللون

أخبار ذات صلة

أما الرسامة والكاتبة براء العاوور، فأكدت أهمية الاستلهام من الحكايات الشعبية، لكنها قالت: «إن الطفل نفسه هو المصدر الأول، لذلك على الرسام اكتشاف عالمه وبيئته والألوان التي تجذبه والدراية بسيكولوجية الألوان وإدراك خصوصية القصص والإضافة عليها؛ لأن الرسام لا يجب أن يترجم القصة فقط من خلال رسوماته، بل يضيف عليها من خلال الفن والتأثير العاطفي والوجداني في الطفل، فالرسم إضافة للنص وليس ترجمة للنص وكل رسام عليه أن ينتبه لذلك؛ لأن الطفل قارئ ذكي».

وأضافت: «الكتاب المصور يقدم مساحات واسعة للاستكشاف، ومع ازدياد الدور المتزايد للكتب المصورة وأهميتها في عالم أدب الأطفال المعاصر والمنافسة الشديدة على جذب الطفل تتزايد أهمية العناصر البصرية في السرد القصصي، لذلك على الرسام معرفة كيفية عمل النص والصورة لخلق تجربة سردية متكاملة وغنية في قوة نقل المعنى واستكشاف كيف يمكن للرسوم التعبير عن المشاعر والأحداث والشخصيات بطرق قد لا يستطيع النص وحده القيام بها».

تجربة تعليمية

بدورها، تحدثت راحات كادوجي عن تأثير الطبيعة في عالم كتب الأطفال، وتجربتها كشخصية شغوفة بعالم الطبيعة، حيث كانت لرحلاتها في الطفولة مع والدها كبير الأثر، ومازالت تصحب معها قلم الرصاص والأوراق البيضاء لرسم مخطاطات أولية من وحي الطبيعة، موضحة اهتمامها برسومات الكتب المدرسية وتأثيرها في الأطفال وتعليمهم. وقالت: «العناصر الفنية المختلفة في الصور تزيد من تعزيز فهم القصة، كما تجذب انتباه الأطفال، ما يطور من مهارات القراءة البصرية وفهم واستيعاب الأحداث بشكل أعمق وأسرع، كما تحفز الخيال والإبداع، ويمكن أن تقدم مفردات جديدة وسياقات لغوية متنوعة تدعم التجربة التعليمية للطفل».

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .