الثقافة و الفن
طقوس الكتابة
لطالما كان الشغف بالكتابة مثيراً للحماسةِ ومبعثاً للطاقةِ اللتين يحتاج إليهما الكاتب لكي يحول الأفكارَ والرؤى
لطالما كان الشغف بالكتابة مثيراً للحماسةِ ومبعثاً للطاقةِ اللتين يحتاج إليهما الكاتب لكي يحول الأفكارَ والرؤى التي تختمر في رأسه أو تلمع فجأة في مخيلته إلى عمل إبداعي يسترعي اهتمام القارئ وينفذ إلى وجدانهِ ليشبع حواسه، وأبقى اشتعاله على رغبة فتية ودؤوبة في معاودته ارتكاب ذلك الفعل وقد غمره شعور عارم بالسعادة، ودفع بصاحبها إلى الجدةٍ في البحث عما يصور به المعنى الذي يريد دون أن تستبين له منفعة أو تتراءى له فائدة، وبالرغم من يقينه بأن ما عدا البهجة والمتعة اللتين تعتريانه إبان الانغماس في عمله الكتابي وشعور غير مستقر بالتقدير فليس ثمة ما يمكن أن يظفر به إلا أن ذلك الولع الشفيف الذي أُلقي في روعه ثم لم يفتأ يتمدد في أوردته ويتجذر في أعماقه بأناة وإصرار ملفتين، مستحثاً إياه لأن يختلق أفكاراً ملهمةً تستطيع إشباعه، كان يدفع به دائماً لأن يدير ظهره إلى كل ما حوله ويركل كل ما له علاقة بالحياة خارج معمل الكتابة ليدلف إليه ويقضي به الساعات الطوال مسلطاً وقبي عينيه على شاشة حاسوبة أو محدقاً ببصره نحو الصفحات البيضاء، مطلقاً أخيلته في مفازات الكون دون أن يتسلل إليه السأم أو الضجر، بانتظار أن تومض فكرة ما فيهرع نحو دواته ليدونها قبل أن تتشظى وتتلاشى أو يصيغ تلك التي اختمرت في رأسه طويلاً لأنه التقط جملة مدهشة تستطيع أن تصفها بمثالية وهو ذاته الذي يمكث تحت وطأته ينظم الكلمات والصور متوخياً الدقة والصرامة يستبدل واحدة بأخرى لتظهر جُمَلهُ متقنة ومؤثرة ويتخلص من الكلمات الفائضة ليبدو النص شفافاً كالبلور النقي.
ولأن يستسلم لتلك الحالة الشعورية التي تنتابه وهو يعلم أن ترياقها هو ما ينبجس عن قلمه فيتألف وطن ما وتتشكل جغرافيا خاصة تبنى حولها جبال شاهقة تعزله عن حياته العادية يعيش داخلها إزاء الصور أو الشخوص التي يبتكرها فيمضي جل يومه قبل أن تفتح بوابة العودة إلى عالمه الحقيقي فهو يعي أن ذلك سيفضي إلى إشباع شغفه ما سيورثه شعوراً بالارتياح.
يتساءل غابرييل ماركيز: «أي سرٍ هو هذا الذي يجعل مجرد الرغبة في رواية القصص تتحول إلى هوىً يمكن لكائن بشريٍ أن يموت من أجله، أن يموت جوعاً، أو برداً، أو من أي شيء آخر لمجرد عمل هذا الشيء الذي لا يمكن رؤيته أو لمسه».
نتناول تساؤله بشيء من الدهشة لكننا نعلم أن ما يعنيه يدعى الشغف، كما نعلم أنه هو ذاته الذي دفع بصاحب الرواية الذائعة الصيت «مائة عام من العزلة»، لأن يجمع العبوات البلاستيكية من أماكن وضيعة حتى يستأنف كتابة رواياته، وهو ذاته الذي نحى بفيودور دوستويفسكي لأن يبيع الفصل الذي ينهيه من رواياته حتى يكمل الذي يليه.
أدوات عملية ومعارف ومقاييس تمكن الكاتب من اكتشاف شغفه أولاً ومن ثم الإبقاء عليه متأججاً، وإصلاح العطب الذي قد يصيبه وإعادة جذوته مشتعلة وإذكاؤها إبان كل خبو، وهي ترتبط على نحو ما بتهيئة المناخ الذي يمكن من خلاله استحضار الموهبة واستدعاء الملكة وبالتالي ممارسة الفعل الكتابي بمزاج نشط وعقل يقظ فالفكرة المدهشة غالباً ما تكون حروناً ولذلك فهي تحتاج إلى مزاج لين ومغازلة رقيقة تستدرجها إلى ذهن الكاتب وجميع الصور المنسوجة في داخل الأعمال الأدبية كانت أفكارا استدعى استجلابها إلى مناخ معين عمل الكاتب على خلقه.
الشغف بنوعيه المتناغم والاستحواذي يستطيع المضي بصاحبه بعيداً في ابتكار ما يشبع نهمه ويسكت جوعه ويجذب الجموع المتدفقة من الصور إلى مخيلته طائعة ومسلمة.
بيد أن ذلك الشغف عادةً ما يملي على الكاتب طقوساً معينةً يجب أن تتهيأ وهي بمثابة المناخ الذي تنمو فيه أجنحة الخيال وتشتد لتتمكن من التحليق فتتدفق الجمل لحظة الخلق واشتعال الإبداع.
وقد زخرت سير الأدباء بالكثير من الطقوس أو «العادات الكتابية» كما يدعوها الروائي العراقي محسن الرملي أثارت غرابة بعضها دهشة القارئ وحيرته فتساءل عن مدى تأثيرها على نتاج الكاتب وإبداعه.
بيد أن انضباطاً في المواعيد التي يضربها الكاتب لينغمس في دواته يمثل ما يمكن وصفه بالمثابرة والجدة وهما الأمران اللذان يعول عليهما في إنتاجه لعمل متقن.
وقد يرتبط الشغف وهذه الجدة والمثابرة وما يلزم للجمع بينهما بما يمكن وصفه بالطقوس أو العادات الكتابية والمناخ الذي توفره لخلق عمل إبداعي، ولذلك كانت سير الأدباء زاخرة بكثير من العادات التي تثير الدهشة وتسترعي التوقف إزاءها لتأملها.
منها ما روي عن الكاتب الروائي الأمريكي آرنست همنغواي الذي اعتاد أن يبدأ الكتابة في حجرة نومه إلى أن تسترعي شخوص روايته انتباهه فيصعد حينها إلى برج مربع أعده في حديقة منزله مصطحباً الكثير من أقلام الرصاص ومرتدياً حذاءً يكبر مقاس قدمه ويستمر في الكتابة لساعات واقفاً على قدميه فإذا أحس بتدفق أفكاره جلس واستخدم الآلة الكاتبة، وفي روايته «وداعاً للسلاح» أعاد كتابة الصفحة الأخيرة تسعاً وثلاثين مرة حتى شعر بالرضا عنها في مثال على الجدة والمثابرة اللتين يجب أن يتحلى بهما المبدع، ويتفق همنغواي مع مواطنه الروائي دان بروان صاحب الرواية الشهيرة «شفرة دافينشي» في اختيارهما ساعات الفجر الأولى للبدء في الكتابة، فقد ذكر براون في أحد لقاءاته الصحفية «أنه اعتاد بدء الكتابة في الرابعة فجراً فإن تأخر قليلاً شعر بأنه قد فاتته أوقات ثمينة جداً للإنتاج، أوقات لاتعوض» وربما دل ذلك على ارتباط وطيد بين الطقس وتوقيت الكتابة، لكن غرابة بروان تتجلى إبان كتابته فقد كان يضع أمامه ساعة زجاجية ويكتب لساعة كاملة ثم يمضي الساعة التي تليها في ممارسة الرياضة لتنشيط الدورة الدموية يتخللها رياضة غريبة دعاها الوقوف على الرأس والتي يرى أنها تعينه على إدراك حبكة مثيرة ومترابطة وتمكنه من حل الصعوبات التي تواجهها بيد أن ذلك لا يتعارض مع جدته التي تظهر بجلاء في وصفه كتابة الرواية بصناعة حلوى القيقب السكرية التي تستلزم استقطار المئات من أغصان القيقب ومن ثم غلي عصارتها الصرفة وتبخير مائها حتى الحصول على كتلة صغيرة تحتوي خلاصتها، وهو تعبير مثالي على الجدة والمثابرة اللذين يذكيهما الشغف كما هو اعتياده مراجعة أعماله أكثر من مرة بعد الانتهاء منها وهو ما يتوافق مع ما كان يفعله الروائي المصري نجيب محفوظ معللاً إياه بأن «المراجعة تكشف الفرق بين التصور الأولي وما أنتجه وبين الطموح وماتحقق» ولا شك أن قراءة العمل بعد الانتهاء منه تقلل من تحيز الكاتب إلى ما كتبه وتمنحه قدرا كبيرا من الحياد يستطيع من خلاله تقييم عمله بعين الفاحص ما ينعكس على جودته واتقانه، بيد أن ثمة ما لايقل غرابةً عن الرياضة التي كان يمارسها براون وهو ما كان يفعله الكاتب النرويجي هنريك إبسن الذي اعتاد أن يضع عقرباً في قنينة على المنضدة أمامه وهو يكتب، لكنه يفوق بالطبع ما اعتاده الكاتب والشاعر الإيرلندي جيمس جويس الذي كان يستلقي على معدته ويكتب بأقلام زرقاء كبيرة وهو مرتدٍ معطفاً أبيض اللون، وبالرغم من أن ضعف بصره قد يفسر استخدامه أقلاماً كبيرة فيجلو دهشتنا لكنها ستبقى عالقةً بمعطفه وإن أنحسرت قليلاً إزاء طقس آخر اعتاده الروائي الفرنسي أونوريه بلزاك الذي كان يشرب ما يفوق الأربعين كوباً من القهوة ويبدأ الكتابة في الواحدة ليلاً ثم يستمر لإثنتي عشرة ساعة متواصلةً وهو مكب على أوراقه ومع أن تلك الساعات الطوال أنتجت قرابة الواحد وتسعين رواية وما يربو عن المائة وثلاثين قصة قصيرة وهو إنتاج ضخم جداً إلا أن ما ندين به لشغفه وانضباطه وموهبته يعزوه هو إلى أكواب القهوة، لكن دهشتنا ستتسع مرة أخرى حيال الألماني فريدريك شيلر الذي كان يضع التفاح الفاسد في درج مكتبه ويتناوله أثناء الكتابة معتقداً أن ذلك يمنحه الإلهام.
ما يثبت أن طقوس الكتابة رغم غرابة بعضها هي منفى اختياري يرحل إليه الكاتب طواعيةً وكلما ضيقت الحياة عليه خناقها وطوقته رتابتها فر منها إلى حالة عقلية متبدلة يستطيع من خلالها إنتاج عمل مميز وربما كانت لدى هذه الطقوس القدرة على خلق كاتب ناجح ومبدع يستشعر أثرها حين يحدد ويختار مناخاً يرى أنه يعينه على الوصول إلى مستوى مرضٍ ومرة تلو أخرى يتحول إلى طقس يواظب على ممارسته فيرتبط بقدرته على مزاولة الإبداع.
الثقافة و الفن
السعودية تستعرض تراثها في معرض أرتيجانو آن فييرا بميلانو
تشارك السعودية في معرض أرتيجانو آن فييرا بميلانو لإبراز التراث الوطني والحرف اليدوية، تعزيزاً للتبادل الثقافي وتحقيقاً لمستهدفات رؤية المملكة 2030.
تستعد المنظومة الثقافية في المملكة العربية السعودية لتسجيل حضور لافت ومميز في معرض «أرتيجانو آن فييرا» (Artigiano in Fiera) الدولي، الذي يُقام سنوياً في مدينة ميلانو الإيطالية. وتأتي هذه المشاركة في إطار الجهود الحثيثة التي تبذلها المملكة لتعزيز حضورها الثقافي على الساحة الدولية، وتسليط الضوء على الإرث الحضاري والتراثي الغني الذي تتمتع به مناطق المملكة المختلفة، وذلك من خلال استعراض مجموعة واسعة من الحرف اليدوية والفنون التقليدية التي تعكس الهوية السعودية الأصيلة.
أهمية معرض أرتيجانو آن فييرا عالمياً
يُعد معرض «أرتيجانو آن فييرا» واحداً من أهم وأضخم المعارض الدولية المخصصة للحرف اليدوية والصناعات التقليدية في العالم. يمتد تاريخ هذا الحدث لسنوات طويلة، حيث تحول إلى منصة عالمية تجمع الحرفيين والمبدعين من أكثر من 100 دولة حول العالم. ويوفر المعرض فرصة فريدة للزوار لاستكشاف ثقافات الشعوب من خلال منتجاتهم اليدوية، مما يجعله جسراً للتواصل الإنساني والثقافي. وتكتسب المشاركة السعودية في هذا المحفل أهمية خاصة، حيث تتيح الفرصة للجمهور الأوروبي والعالمي للتعرف عن كثب على جماليات الفنون السعودية ودقة الحرفية التي يتمتع بها الحرفيون السعوديون.
رؤية 2030 ودعم التراث الوطني
تأتي هذه الخطوة انسجاماً مع مستهدفات «رؤية المملكة 2030»، التي تولي اهتماماً بالغاً بقطاع الثقافة والتراث، وتعتبره ركيزة أساسية من ركائز جودة الحياة والتنمية الاقتصادية. وتعمل وزارة الثقافة والهيئات التابعة لها، مثل هيئة التراث، على تمكين الحرفيين السعوديين وتوفير المنصات اللازمة لهم لعرض إبداعاتهم وتسويقها عالمياً. إن الحضور في ميلانو ليس مجرد مشاركة في معرض، بل هو تجسيد لاستراتيجية وطنية تهدف إلى تحويل القطاع الحرفي إلى رافد اقتصادي مستدام، يساهم في الناتج المحلي ويخلق فرص عمل واعدة لأبناء وبنات الوطن.
ماذا ستقدم السعودية في ميلانو؟
من المتوقع أن يضم الجناح السعودي تشكيلة متنوعة من الحرف اليدوية التي تمثل مختلف مناطق المملكة، بدءاً من فنون حياكة السدو المسجلة في قائمة اليونسكو للتراث غير المادي، وصولاً إلى صناعة الفخار، والنقش على الخشب، وصياغة الحلي التقليدية، والأزياء التراثية التي تحكي قصصاً من عمق التاريخ. كما يركز الجناح عادةً على تقديم تجربة ثقافية متكاملة تشمل الضيافة السعودية والقهوة السعودية، ليعيش الزائر تجربة حسية متكاملة تنقله إلى أجواء المملكة.
الأثر الثقافي والاقتصادي المتوقع
إن التواجد في حدث بحجم «أرتيجانو آن فييرا» يحقق مكاسب متعددة؛ فعلى الصعيد الثقافي، يعزز من القوة الناعمة للمملكة ويصحح المفاهيم من خلال تقديم صورة مشرقة عن الإبداع السعودي. أما اقتصادياً، فهو يفتح نوافذ تصديرية جديدة للمنتجات الحرفية السعودية، ويتيح للحرفيين الاحتكاك بالخبرات العالمية وتبادل المعرفة، مما يساهم في تطوير جودة المنتج المحلي والارتقاء به لمنافسة المنتجات العالمية.
الثقافة و الفن
السعودية تستعد للمشاركة في معرض أرتيجانو آن فييرا بميلانو
تعرف على استعدادات السعودية للمشاركة في معرض أرتيجانو آن فييرا بميلانو، ودور ذلك في إبراز التراث الوطني والحرف اليدوية ضمن رؤية 2030.
تجري الاستعدادات على قدم وساق لتمثيل المملكة العربية السعودية في معرض «أرتيجانو آن فييرا» (Artigiano in Fiera)، الذي يعد أحد أبرز وأضخم المعارض الدولية المخصصة للحرف اليدوية والفنون التقليدية، والمقرر إقامته في مدينة ميلانو الإيطالية. وتأتي هذه الخطوة في إطار الجهود المستمرة لتعزيز الحضور الثقافي السعودي على الساحة الدولية، وإبراز العمق التاريخي والحضاري للمملكة أمام الجمهور الأوروبي والعالمي.
أهمية المشاركة في المحافل الدولية
تكتسب هذه المشاركة أهمية استراتيجية كبرى، حيث يُعد معرض «أرتيجانو آن فييرا» منصة عالمية فريدة تجمع الحرفيين والمبدعين من أكثر من 100 دولة حول العالم، ويستقطب ملايين الزوار سنوياً في مركز معارض «فييرا ميلانو». وتعد المشاركة السعودية فرصة ذهبية لاستعراض التنوع الثقافي الذي تزخر به مناطق المملكة المختلفة، من فنون السدو والقط العسيري، إلى الصناعات الفخارية والخشبية والمشغولات اليدوية الدقيقة التي تعكس هوية الإنسان السعودي وارتباطه بأرضه.
التوافق مع رؤية المملكة 2030
تأتي هذه التحركات متناغمة تماماً مع مستهدفات «رؤية المملكة 2030»، التي تولي اهتماماً بالغاً بقطاع الثقافة والتراث الوطني. وتسعى الهيئات المعنية، مثل هيئة التراث ووزارة الثقافة، من خلال هذه الفعاليات إلى تمكين الحرفيين السعوديين وفتح منافذ تسويقية عالمية لمنتجاتهم، مما يساهم في تحويل الحرف اليدوية من مجرد موروث شعبي إلى صناعة ثقافية إبداعية تساهم في الاقتصاد الوطني.
تعزيز التبادل الثقافي السعودي الإيطالي
على الصعيد الدبلوماسي والثقافي، تمثل هذه المشاركة جسراً للتواصل بين الشعبين السعودي والإيطالي، اللذين يجمعهما تقدير عميق للفنون والتاريخ. فإيطاليا، بكونها عاصمة عالمية للتصميم والفنون، تعد البيئة المثالية لتقديم الإبداع السعودي بصورة عصرية. ومن المتوقع أن يسهم الجناح السعودي في جذب الانتباه نحو الوجهات السياحية التراثية في المملكة، مثل العلا والدرعية، من خلال بوابة الفنون والحرف، مما يعزز من القوة الناعمة للمملكة ويؤكد مكانتها كمركز إشعاع حضاري في المنطقة.
الثقافة و الفن
الثلث الأول من رمضان في نهاية الشتاء: مميزات الصيام والأجواء
تعرف على خصائص تزامن الثلث الأول من رمضان مع الأيام الأخيرة للشتاء. كيف يؤثر الطقس المعتدل وقصر النهار على الصائمين؟ قراءة في الأجواء الروحانية والفلكية.
يشهد العالم الإسلامي في هذه الفترة ظاهرة فلكية ومناخية مميزة، حيث يتزامن الثلث الأول من شهر رمضان المبارك مع الأيام الأخيرة من فصل الشتاء، مما يضفي على الصيام طابعاً خاصاً يجمع بين الروحانية العالية والأجواء المناخية المعتدلة. هذا التزامن ليس مجرد صدفة عابرة، بل هو نتاج للدورة الفلكية للقمر التي تجعل الشهر الفضيل يطوف عبر فصول السنة المختلفة.
الدورة الفلكية وتغير مواسم الصيام
من المعروف فلكياً أن السنة القمرية (الهجرية) أقصر من السنة الشمسية (الميلادية) بحوالي 11 يوماً. هذا الفارق الزمني يؤدي إلى تراجع موعد شهر رمضان كل عام، مما يجعله يمر بجميع فصول السنة الأربعة في دورة كاملة تستغرق حوالي 33 عاماً. وفي هذه الأعوام، يحل الشهر الكريم ونحن نودع فصل الشتاء ونستقبل بدايات الربيع، وهي فترة انتقالية تعرف بالاعتدال الربيعي، حيث يتساوي الليل والنهار تقريباً في العديد من المناطق، وتبدأ درجات الحرارة في الارتفاع التدريجي مع بقاء نسمات البرودة اللطيفة.
ميزات الصيام في نهاية الشتاء
يعتبر صيام رمضان في الأيام الأخيرة للشتاء وبدايات الربيع من أيسر أوقات الصيام مقارنة بأشهر الصيف القائظة. وتتمثل أبرز الميزات فيما يلي:
- قصر ساعات النهار: في فصل الشتاء وبداية الربيع، يكون النهار أقصر نسبياً من الليل، مما يعني ساعات صيام أقل، وهو ما يخفف من مشقة الجوع والعطش على الصائمين.
- اعتدال الطقس: تساهم الأجواء الباردة أو المعتدلة في تقليل فقدان الجسم للسوائل، مما يجنب الصائمين الشعور بالإعياء أو الجفاف الذي قد يحدث في مواسم الحر الشديد.
- النشاط البدني: يساعد الطقس اللطيف الصائمين على ممارسة حياتهم اليومية والعبادات بنشاط أكبر، حيث لا يستنزف الحر طاقتهم.
الثلث الأول: أيام الرحمة في أجواء لطيفة
دينياً، يُعرف الثلث الأول من رمضان بأنه “أيام الرحمة”، وفقاً للأثر المروي: “أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار”. ومع تزامن هذه الأيام المباركة مع وداع الشتاء، تتجلى الرحمة الإلهية أيضاً في تخفيف المشقة البدنية على العباد. تتيح هذه الأجواء للأسر الخروج ليلاً للتراويح والزيارات العائلية دون عناء الحر أو الرطوبة، مما يعزز من الروابط الاجتماعية والروحانية التي يتميز بها الشهر الفضيل.
الاستعداد الصحي والغذائي
مع برودة الطقس النسبية في ليالي آخر الشتاء، ينصح خبراء التغذية الصائمين بالتركيز على الأطعمة التي تمد الجسم بالطاقة والدفء خلال وجبتي الإفطار والسحور، مثل الحساء الدافئ والأطعمة الغنية بالألياف، مع عدم إغفال شرب كميات كافية من الماء، حيث أن الشعور بالعطش يقل في الشتاء مما قد يؤدي لنسيان شرب الماء.
ختاماً، يمثل تزامن بداية رمضان مع نهاية الشتاء فرصة ذهبية لاغتنام الأجر في ظل ظروف ميسرة، حيث يجتمع صفاء الروح مع اعتدال الجو، ليكون موسماً مثالياً للطاعة والعبادة.
-
الرياضةسنتين ago
من خلال “جيلي توجيلا”.. فريق “الوعلان للتجارة” يحقق نتائج مميزة في رالي جميل
-
الأخبار المحليةسنتين ago
3 ندوات طبية عن صحة الجهاز الهضمي في جدة والرياض والدمام، وتوقيع مذكرة تفاهم لتحسين جودة الحياة.
-
الأزياء3 سنوات ago
جيجي حديد بإطلالة «الدينم» تواجه المطر
-
الأزياء3 سنوات ago
الرموش الملونة ليست للعروس
-
الأزياء3 سنوات ago
«أسيل وإسراء»: عدساتنا تبتسم للمواليد
-
الأخبار المحليةسنتين ago
زد توقع شراكة استراتيجية مع سناب شات لدعم أكثر من 13 ألف تاجر في المملكة العربية السعودية
-
الأزياء3 سنوات ago
صبغات شعر العروس.. اختاري الأقرب للونك
-
الأزياء3 سنوات ago
اختيار هنيدة الصيرفي سفيرة لعلامة «شوبارد» في السعودية