الكاتبة شيماء الشريف، لفتت انتباه وذائقة القُرّاء والنقاد إلى تجربتها، منذ أول محاولة للكتابة بدأتها عام 2009 وهي في التاسعة عشرة من عمرها، وكانت الكتابة بالنسبة لها هواية؛ إلا أن التجربة تراكمت ونضجت مع الوقت، ولا شك أنها بحرصها على عدم حرق المراحل، جاءت ولادة التجربة طبيعية؛ بدءاً من تدوينات بسيطة ثم مُدوّنة محترفة، ثم إلى كاتبة مقالات، ثم ساردة أصدرت روايتها الأولى عام 2014. وبفوزها بجائزة (ابن عربي) الدولية أكدت أنها جديرة بالاهتمام ومتابعة تجربتها، وهنا مساحة للحوار معها حول ما أنجزته وما ستُنجز.
• ماذ يعني لك الفوز بجائزة «ابن عربي الدولية»؟
•• باعتباري أول سعودية تفوز بالجائزة الدولية للأدب العربي المترجم للإسبانية (ابن عربي) عن رواية (أنصاف المجانين) التي تقوم على أدب الخيال العلمي والفانتازيا بحيث تم تحويلها إلى مسلسلٍ مؤلفٍ من جزءين، عُرض على منصة Viu العالمية. هو تشريف ومسؤولية في ذات الوقت. وسعيدة بأن أكون فتحت باب هذا النوع من الجوائز للشباب والشابات السعوديات، ومسؤولة بأن أنقل لهم تجربتي وأساعدهم في الحصول عليها.
• هل لك علاقة باللغات الأجنبية منذ الطفولة؟
•• أنا وُلدت في المملكة وعشت في طفولتي فترة في ألمانيا بسبب دراسة الوالد، وبعدها رجعت لوطني ودرست (طب بشري) في جامعة الملك عبدالعزيز وتخصصت طب أسرة.
• ماذا عن العلاقة بإسبانيا؟
•• علاقتي بإسبانيا كانت غالباً من خلال كتّابها وموسيقاها
أحببتُ الشاعرية في اللغات اللاتينية عموماً، والإسبانية تحديداً، ولذا آثرتُ أن تُترجم روايتي للإسبانية أولاً.
• ما أثر الإشادة بـ«أنصاف مجانين» على تجربتك؟
•• «أنصاف مجانين» هو العمل الثاني عقب صدور رواية (بعد الحلم ) في ٢٠١٤. طبعاً بعد كل تجربة تكون المراجعة آلية ضرورية للانتقال إلى العمل التالي للتعلم من التجربة السابقة وتطويرها.
• ماذا نقلت للآخر من بيئتنا المحلية؟
•• الصراحة أنا حرصت أن أنقل ثقافتنا كما هي فحرصت على المحافظة على أسماء الأماكن والشخصيات والمدن السعودية، وطبعاً الطريقة التي تتبعها هيئة الأدب والنشر والترجمة في ترجمة الكتب طريقة يشاد بها؛ فالخطوة الأولى هي الاستعانة بمترجم وهو الأستاذ حسين نهابة يتحدث اللغتين ثم محرر يتحدث اللغة المترجم لها في هذه الحالة الإسبانية لينتج منتج سعودي وعربي يفهم من قبل الثقافة الإسبانية.
• كيف تضمنين القارئ الحريص على اقتناء أعمالك؟
•• أنا أؤمن أن النص الجيد يجد القارئ إلا أنّي في ذات الوقت أستخدم لغة مفهومة عميقة في المعنى لا في استخدام المصطلحات.
• ما سرّ تعلّقك باللغات؟
•• بدأت علاقتي باللغات الأخرى منذ كنت قارئة، فقرأت لدان براون وأغاثا كريستي وغابرييل ماركيز وغيرهم.
• هل أصابتك غلقة الكاتب؟
•• بعد (أنصاف مجانين) وكل النجاح الذي حققته محلياً وعالمياً فعلاً أصبت بغلقة الكاتب لوقت طويل خوفاً من عدم نجاح العمل القادم، ولكن تذكرت أن مسؤولية الكاتب هي كتابة نص جيد يؤمن به. ما يحدث بعد ذلك ليست مسؤوليتي، والآن بفضل الله وبعد سنين أصبح عملي القادم (عابرات) في مرحلة التدقيق.
• ما سبب اختيار العنوان «أنصاف مجانين»؟
•• العنون (أنصاف مجانين) يلعب على أبعاد عدة، فأي مبدع غالباً ما يُنعت بالجنون، وأيضا كون أحد الأبطال مصاباً بالاكتئاب وهنا مواجهة معتقدات بعض الناس عن الاكتئاب والأمراض النفسية بصورة عامة.
• كيف تكسبين اللغة؟
•• أحاول دائماً أن أصادق اللغة وأرقص معها، فتتيح لي فرصة مزج الحقيقة بالخيال، وتمنحني مساحة واسعة جداً، وهذه ميزة الكتابة في الخيال العلمي والفنتازيا.
• ماذا عن مبيع الرواية؟
•• (أنصاف مجانين) حضرت في معارض الكتاب المحلية والعالمية قبلي بكثير، فمنذ ٢٠١٥ وهي تحقق أعلى المبيعات ووصلت إلى كونها ثالث أكثر كتاب عربي تحميلاً على موقع أمازون في وقت ما. أيضاً أحب أن أكون قريبة من قرائي وأستمع إلى آرائهم.
• بماذا تواجهين ردود فعل النقاد؟
•• القراءة النقدية جزء من الرحلة. بعض التعليقات البناءة أتعلم منها، لكن في النهاية ككل فن الأذواق تختلف وأنا متقبلة جدا لهذه الفكرة.
• أين يكمن السرّ في نجاح السرد؟
•• السرد هو مزيج من العلم والفن فهناك قواعد معينة يجب اتباعها وربما تتاح عقب ذلك، فهناك مساحة أوسع للإبداع.
• أي جائزة تتطلعين للظفر بها؟
•• الاعتراف من الجمهور السعودي الجائزة الأولى، فشعبية الرواية محلياً وعربياً هما ما دفعا الرواية إلى تحويلها لعمل درامي ومن ثم ترجمتها وحصولها على جائزة أجنبية.
• بمن تأثرت من الكُتّاب؟
•• الكثير من الكتاب سعوديا وعربياً وعالمياً، ولكل فترة لها كتابها فجميعنا تأثرنا بكتابات الدكتور غازي القصيبي ونجيب محفوظ والعقاد وإليزييث غيلبرت وغيرهم لكني في النهاية أعبّر عن نفسي أنا.
• ألا تعد كتابة روايات الخيال العلمي مغامرة؟
•• بالنظر إلى التاريخ، لا يوجد أي اختراع بلا خيال، فالخيال أحد المواهب التي تميزنا نحن البشر، في حين أن القصة تعد الطريقة الأولى والأقوى في إيصال الأفكار… أما عن سبب تداخل العلم فيرجع إلى كوني إنسانة تعتمد العلم في حياتها، فأنا طبيبة، وهذا يجعل طريقة تفكيري تنتهج العلم، والخيال العلمي، بحسب التاريخ، ربما يكون تنبؤات، فالكثير من الاختراعات الحالية كانت ضمن مشاريع خيال علمي في الماضي، وهذا جزء من سحر الخيال.
• ما المُغذي الرئيس للكتابة؟
•• المغذي الأساسي هو الإلهام الذي يأتي من التجارب والكتب والأشخاص، ومن ثم التبحر في الفكرة واختبار مدى قابليتها للتمدد في عالم الخيال ثم الإيمان بأن هذا الخيال قابل لأن يتحول إلى واقع.
• كيف ترين مستقبل الكتابة الشابة؟
•• المستقبل الروائي مشرق جداً، فالكثير من الشباب والشابات يشعرون بالثقة في خوض تجربة السرد والدخول في عالم الفانتازيا والخيال العلمي والرعب والروايات المصورة، وكذلك الدعم المقدم حالياً يتجاوز أي وقت مضى.
•• أؤمن أن دور الكاتب الأعظم هو كتابة نص عميق المعنى يؤمن به هو شخصياً ويستمتع بكتابته وهذه هي الجائزة الأولى والجائزة الأكبر هي استمتاع القراء بالكتاب ومن ثم الجوائز.
• ماذا تمثل رواية «أنصاف مجانين» لك؟
•• تمثل رواية (أنصاف مجانين) للدكتورة شيماء الشريف عملاً روائياً متميزاً، يغيب فيه البطل الفرد، وتتعزز البطولة الجماعية التي يجمعها فضاء مشترك، تقدم فيه الشخصيات وجهات نظرها في الحياة، نقرأ عبرها كتابة إبداعية، تشكل اختراقاً لا تقليداً، واستشكالاً لا مطابقة، وإثارة للسؤال أكثر منها تقديماً للأجوبة، والغوص إلى الداخل لا التعلق بالظاهر، لقد حولت شيماء الشريف الرواية العربية هذه المرّة إلى سؤال مفتوح، وجعلت من أبطالها أنصاف مجانين!!
• هل أشركتِ القارئ معك في العمل؟
•• الرواية تُقحم القارئ معها للبحث عن سرّ الرواية، فهي تدعوه مثلما الشخصيات في الرواية للبحث عن حلقة مفقودة، والحلقة المفقودة هنا (الكتاب) الذي تركه والد البطلة الذي سوف يرى فيه تلخيصاً لحياة إنسان عاش من أجل رحلة، «رحلة استقرت أخيراً في كتاب»، هذا الكتاب العجيب الذي سيتم نشره، ولو من دون اسم الكاتب، هو كتاب الحياة نفسها التي سيقرأ كل واحد منا حياته من خلاله.