Connect with us

ثقافة وفن

شخصيات ساهمت في صنع الحضارة الإنسانية

‏الحضارة الإنسانية البالغة الثراء التي نعيشها الآن هي نتيجة تراكم مساهمة كل شعوب الأرض مهما كان حجم هذه المساهمة

‏الحضارة الإنسانية البالغة الثراء التي نعيشها الآن هي نتيجة تراكم مساهمة كل شعوب الأرض مهما كان حجم هذه المساهمة في فترات زمنية مختلفة. ومن أبعد ما وصل إلينا في التاريخ المدوّن في هذا الموضوع هو تطور الحضارة العربية الكبير والسريع الذي تم في الفترة الزمنية القصيرة نسبياً؛ التي امتدت من ظهور الإسلام لغاية الدولة العباسية (قرنين)،‏ والتي نشرت الحضارة التي عرفها العالم الآن وذلك من خلال الحكم العربي في جزيرة صقلية وفي الأندلس.

كان الفنانون في أثناء الدولة العباسية: الشعراء والمغنون والمغنيات والعازفون، كانوا يشكلون فئة مدللة ومرفهة لدى الحكام، كذلك المترجمون الذين كانوا يتقاضون مقابل مخطوطاتهم ثقلها ذهباً. ويقول التاريخ إن شغف معظم الخلفاء العباسيين في الموسيقى كان عميقاً. وقد جاء كتاب أبي الفرج الأصفهاني (كتاب الأغاني) شاهداً عظيماً على المستوى العظيم الذي وصلت إليه الموسيقى في تلك الحقبة تحت رعاية الخلفاء، حتى أنه ورد في كتابه وصفاً لحفلات موسيقية كان يشارك فيها فرق موسيقية يصل عدد أفرادها إلى 300 عازف ومنشد، كذلك أسماء المغنين والمغنيات وعددهم بالعشرات.

‏ويذكر التاريخ أن حين وصول زرياب إلى ميناء الجزيرة الخضراء الإسباني سنة 822 ميلادي، كان في استقباله في الميناء حاكم الأندلس الخليفة عبد الرحمن الثاني.

‏وظل زرياب في قرطبة لغاية وفاته سنة 857م. ويقول التاريخ إن زرياب حول الأندلس إلى عاصمه للحضارة العالمية في القرن التاسع الميلادي. وأسس فيها أول معهد للموسيقى في العالم لتعليم العزف والغناء. وكان يتلقى العلم في الأندلس بعثات كثيرة من أبناء وأفراد عائلات ملوك أوروبا آنذاك. وقد تحولت الأندلس إلى مركز صناعة الآلات الموسيقية في العالم القديم التي استفادت منه أوروبا أعظم استفادة في بناء حضارتها الموسيقية، كما ساهم علماء الأندلس في تأسيس كثير من الكليات العلمية في السوربون الفرنسية، أول جامعة في أوروبا وكانت محاضراتهم باللغة العربية.

‏إذا انتقلنا إلى أوروبا ماذا نرى؟ كان ملوك وأمراء ونبلاء أوروبا في القرون الوسطى يتباهون باقتناء الموسيقيين والمغنين والملحنين والأدباء. وعند وجود حاكم محب للفنون كانت الفنون تتقدم وتتطور في فترة حكمه، والعكس كان صحيحاً في حال جاء حاكم غير مهتم بالفنون كانت الموسيقى والفنون تتراجع في عهده.

‏ويذكر التاريخ أحد الأمراء الأوروبيين الهنغاري استر هازي الذي استدعى الموسيقار النمساوي الكبير هايدن وبقى هايدن في خدمة هذا الأمير 30 عاماً وضع في أثنائها أسس وقواعد المدرسة الموسيقية الكلاسيكية التي سار على خطاها موتسارت وبيتهوفن. ولكن لا بد من ذكر واقع سلبي جداً وهو طريقة معاملة أمراء أوروبا لفناني تلك الحقبة؛ فقد كانوا يعاملونهم معاملة الخدم بكل معنى الكلمة. وأول من ثار على هذه المعاملة كان الفنان الكبير الثائر بيتهوفن.

‏ويذكر التاريخ اسماً آخر ساهم مساهمة كبيرة وهذه المرة في روسيا في القرن التاسع عشر، فقد كان المؤلف الموسيقي الكبير تشايكوفسكي مضطراً (لتأمين معيشته) للعمل كأستاذ في المعهد الموسيقى (المعروف الآن باسم كونسرفتوار تشايكوفسكي)، وفي سنة 1877 ميلادي تلقى تشايكوفسكي رسالة من الأرملة الثرية نديجدا فون ميك تكلفه فيها بتأليف قطعة موسيقية دفعت مقابلها بسخاء، وتوالت عمليات التكليف حتى أنها خصصت له منحة سنوية بقيمة 6000 روبل (في الوقت الذي كان الدخل السنوي للموظف الحكومي بين 300 و400 روبل) مقابل أن يترك عمله كأستاذ في المعهد ويتفرغ للتلحين، وهكذا كان.

‏وكان دعمها المالي السخي له وراء غزارة أعماله الفنية العظيمة.

‏بعد عودتي من دراستي في روسيا سنة 1980 قمت بتأسيس أول فرقة موسيقية غنائية في لبنان (فرقة بيروت للموسيقى العربية وفرقة بيروت للأطفال) تحت رعاية النادي الثقافي العربي. تبع ذلك تبني رجل الدولة اللبناني الكبير رفيق الحريري ‏الفرقة فأصبح اسمها الفرقة اللبنانية للموسيقى العربية، واستمر هذا الدعم حتى 1988. بعد ذلك تولت رعاية الفرقة ماديا الأميرة الكويتية الشيخة سعاد الصباح، لغاية انفراط عقدها ‏ لسبب استقراري النهائي في مصر.

‏أما في سوريا فنعرف الزعيم السياسي فخري البارودي الذي قام برعاية المطرب العربي السوري الكبير صباح فخري في بداية مشواره الفني. وقد أخذ المطرب الاسم الأول من راعيه فأصبح اسمه صباح فخري.

‏ولا بد من ذكر الزعيم الحضاري المصري الكبير طلعت حرب ورعايته للفنون وغيرها من النشاطات (تأسيس بنك مصر) وتأسيسه أستوديو مصر وإقناعه لمحمد عبدالوهاب وأم كلثوم بدخول عالم السينما والأفلام الغنائية ورعايته لفريد الطرش وأسمهان. ونذكر رعاية أمير الشعراء أحمد شوقي الكبيرة لمحمد عبدالوهاب.

‏رجل من هذا الزمان

‏نصل الآن إلى ظاهرة على شكل رجل.. إنه صانع ومفجر وباعث النهضة الثقافية الحضارية القومية العربية الحديثة: المستشار تركي آل الشيخ، الذي يصح القول فيه حامل أكثر من بطيخة في يد واحدة. أول ما يلفت النظر في نشاطه هو الاسم الذي أُطلِقَ علي الهيئة وهو (هيئة الترفيه) الذي أصبح رئيسها. هذه التسمية تلفت النظر بسبب الذكاء في اختيار هذا الاسم الذي جذب الشباب. فوراء كلمة (ترفيه) يختبئ أكبر مشروع ثقافي موسيقي سينمائي رياضي حضاري نهضوي عربي عرفته الأمة العربية. ضمن نشاطاته الرياضية نعرف نادي براميدز المصري لكرة القدم الذي أصبح فريقه من أهم فرق كرة القدم في مصر، ونادي الميريا الإسباني وغيرها من نوادي الملاكمة والمصارعة.

‏ومن ضمن نشاطاته القومية المبهرة سلسلة تكريم كبار الفنانين العرب، وأذكر من هذه الحفلات تكريم محمد الموجي وهاني شنودة وبليغ حمدي ورياض السنباطي المصريين، وغيرهم من المملكة العربية السعودية وغيرها، الأحياء منهم والراحلون، وإن دل هذا على شيء فعلى الرؤية القومية الشمولية بعيدة النظر والمدى التي وضعها المستشار تركي آل الشيخ في أساس مشروعه النهضوي هذا. وحدّث ولا حرج عن الأوركسترات التي تشارك في حفلات التكريم هذه وعدد العازفين فيها الذي يتعدى المئتي عازف، ويذّكر بالفرق التي وصفها الأصفهاني في كتابه. هذا العدد لم تصله حتى أعظم الأوركسترات العالمية السمفونية حالياً، ولتقديم هذه الحفلات لا ينسى هذا الرجل بناء العديد من المسارح الضخمة، ولا ينسى أيضاً إطلاق اسم فنانين كبار عليها: كمسرح العملاق محمد عبده ومسرح المطرب اليمني الكبير أبو بكر سالم ومسرح المطرب الكبير عبادي الجوهر، وذلك إمعاناً في تكريم الفنانين الكبار. ويشارك في إحياء حفلات التكريم هذه أهم مطربي ومطربات العالم العربي. هنا لا بد من الكلام عن الإنجاز الأعظم لهذا الرجل (مجمع مرواس للإنتاج الفني)، أضخم مجمع للإنتاج الفني في العالم العربي وأحد أضخم المجمعات المماثلة في العالم، وأسماه أستوديو صوت الأرض وهو لقب المطرب السعودي الكبير طلال المداح، ومن لم يرَ ‏هذا المجمع لا يستطيع أن يتصور مدى ضخامته من حيث مساحته ولا من حيث المستوى لآلاف الآلات الإلكترونية الموجودة فيه والفائقة المستوى التقني.

‏ثانياً، وأعظم ما في هذا المجمع العظيم أنه مفتوح ومتاح لكل فنان عربي ولأي نشاط فني.

‏وكأن الرجل لم يكتفِ بكل هذه الإنجازات، فاتجه إلى الإنتاج السينمائي الذي يشارك فيه ممثلون من جميع البلاد العربية، هذا الإنتاج الذي ينفق عليه بسخاء أسطوري، كذلك مهرجان السينما لتكريم الفنانين العرب والأجانب، ومهرجان جائزة (جوي أوارد) الذي تفوق على كل المهرجانات المعروفة في العالم: مهرجان جائزة (أوسكار) الأمريكية ومهرجان (كان) الفرنسي.

‏بقي أن أذكر أن هذا الرجل يقول: «عندما تصادفني مشكلة صعبة في عملي ‏يأتيني حلها وأنا نائم» مع أنه لا ينام أكثر من أربع ساعات في اليوم، وهذا ما يدل على أن تفكيره لا يتوقف حتى في أثناء نومه. وكمؤرخ وباحث موسيقي أهم مهامه تأريخ ما يراه ويسمعه ويعايشه أستطيع تسجيل أن الفنانين في حقبة هذا الرجل الظاهرة يعيشون عصرهم الذهبي من حيث التقدير المادي والمعنوي بالمقارنة مع فناني أوروبا والمعاملة السيئة والمهينة التي كانوا يتلقونها في حقبة أمراء أوروبا التي ذكرنا.

وأخير أستطيع التأكيد على أن نشاطات هذا الرجل الظاهرة يمكن اختزالها بجملة واحدة: الرؤية القومية العربية الشمولية للنهضة الحضارية الثقافية الفنية النهضوية العربية. والآتي أعظم.

* باحث ومؤرخ وناقد موسيقي

Continue Reading

ثقافة وفن

زاهر الغافري يرحلُ مُتخففاً من «الجملة المُثقلة بالظلام»

استيقظ المشهد الشعري العربي اليوم، على نبأ رحيل الشاعر العماني، زاهر الغافري؛ الذي وافته المنيّة إثر معاناة طويلة

استيقظ المشهد الشعري العربي اليوم، على نبأ رحيل الشاعر العماني، زاهر الغافري؛ الذي وافته المنيّة إثر معاناة طويلة مع المرض؛ ولعلّ الغافري حزم أمره دون استئذان ولا مشورة، وقرر الرحيل متخففاً من (جملةٌ مثقلة بالظلام)، بعدما أمضى وقضى أعواماً عدة، ماشياً على حواف جبال مسننة صخورها، ليقطف من ثمار الظهيرة الوادعة وصايا أسلافه العابرين، ويُلقي بها في البحر، كي لا يتعثّر في ظلالهم.

بدأ الغافري تجربته مطلع الثمانينات، وأصدر مجموعته «أظلاف بيضاء»، ونشر مطلع التسعينات «الصمت يأتي إلى الاعتراف» و«عزلة تفيض عن الليل» و«أزهار في بئر» و«ظلال بلون المياه» و«كلما ظهر ملاك في القلعة» و «حياة واحدة سلالم كثيرة» و «في كل أرض بئر تحلم بالحديقة» و «مختارات» و «حجر النوم» و أخيراً «العابر بلا كلمة»، منتصراً لقصيدة النثر التي أتى إليها من إرث كلاسيكي وتفعيلي بحكم رحلته الدراسية المبكّرة إلى بغداد ثم المغرب لينال ليسانس الفلسفة من جامعة محمد الخامس في الرباط.

ويعد الغافري الذي تُرجمت بعض أعماله إلى لغات عالمية، منها(الإسبانية والإنجليزية والألمانية والسويدية والفارسية والهندية والصينية) علامة فارقة بنصِّهِ وشخصه، و في عام 1968 انتقل إلى العراق وتعرف إلى بدر شاكر السياب وغيره من الشعراء العراقيين ثم توجه إلى المغرب، وفرنسا ولندن ونيويورك واستقر في السويد.

مما ختم به حياته الحافلة بالشعر والفنون والصداقات «علامةُ الحيرة في وجهه، هي الرسالةُ الأخيرةُ التي لن تصل إلى أحد».

Continue Reading

ثقافة وفن

هيئة الأفلام تطلق ملتقيات النقد السينمائي من حائل

أعلنت هيئة الأفلام عن انطلاق سلسلة ملتقيات النقد السينمائي لعام 2024، بدءًا من ملتقى حائل الذي سيُعقد في 27 سبتمبر

أعلنت هيئة الأفلام عن انطلاق سلسلة ملتقيات النقد السينمائي لعام 2024، بدءًا من ملتقى حائل الذي سيُعقد في 27 سبتمبر الجاري، يتبعه ملتقى الأحساء يوم 25 أكتوبر، ويختتم بمؤتمر النقد السينمائي الدولي في الرياض بدروته الثانية خلال الفترة من 6 إلى 10 نوفمبر 2024م.

ستقام فعاليات ملتقى النقد السينمائي بحائل في قصر القشلة التاريخي؛ ليقدم تجربة تجمع بين تراث المنطقة وفنون النقد السينمائي، متناولاً عدة محاور، أبرزها نقد الأفلام الوثائقية وأعمال الرسوم المتحركة، وذلك من خلال ندوات وعروض حية تستضيف نخبة من المختصين في هذا المجال، إلى جانب مجموعة من الفعاليات المصاحبة، حيث يمثل الملتقى منصة للتبادل الثقافي في المنطقة، تستهدف تحفيز الحركة النقدية والبحثية في قطاع السينما، وإثراء المعرفة السينمائية، وتقديم فرصة فريدة لإعادة تجربة مشاهدة الأفلام بأنماط مختلفة.

تُقدَّم في الملتقيات عروض سينمائية مختارة، ندوات، ورش عمل، وحلقات نقاش، يثريها مجموعة من النقاد والمهتمين بمجال صناعة الأفلام، وتهدف إلى تمكين الحضور من تعميق معرفتهم في مجالات النقد وتحليل الأفلام.

تعد هذه الملتقيات منصة للتبادل الثقافي وتعزيز الحركة النقدية في القطاع السينمائي، وتأتي ضمن جهود هيئة الأفلام لدعم وتعزيز الحراك السينمائي في المملكة والمنطقة، ولرفع مستوى الوعي السينمائي في المنطقة.

Continue Reading

ثقافة وفن

محمد القشعمي: أنا لستُ مقاول كتابة.. ويوم الأحد لا أردّ على أحد

للمثقف التنويري محمد بن عبدالرزاق في كل مدينة من مدن بلادنا صديق، وفي كل صحيفة أثر، وفي كل وطن عربي معرفة وأواصر،

للمثقف التنويري محمد بن عبدالرزاق في كل مدينة من مدن بلادنا صديق، وفي كل صحيفة أثر، وفي كل وطن عربي معرفة وأواصر، وعندما شرّفتني الأقدارُ بمعرفته، ظننته من منسوبي شركة أرامكو، فالوقت لديه للإنتاج، وليس للاستهلاك، وعندما تلتقيه ينفتح القلب والوعي على ذاكرة ثقافية وتاريخية لم تنجح العقود المديدة في النيل منها، وأنّى لها ذلك وهي ذاكرة محبة وسلام وصداقات مع العمالقة، هنا حديث ذكريات، وقراءة معاصرة، نتسلل عبرها لوجدان النبيل (أبو يعرب) الذي غلبت كُنيته اسمه.. فإلى نصّ الحوار:

• لمن ما زلت تكتب؟

•• سؤال غريب «ما جاوبش عليه» زي ما قال المطرب محمد عبدالمطلب.

• وماذا تكتب؟

•• أكتب في الأعوام الأخيرة عما يعجبني مما يهدى لي من الأصدقاء.

• لماذا تعتني برموز الظل؟

•• اهتمامي بتراجم بعض الرواد تحت عنوان (أعلام في الظل) ينطلق من كونهم لا يعرفهم الا القلة إذ لم يشتهروا إعلامياً، ولكن لهم دور تطوعي في المجتمع لا يمكن نسيانه ولا تناسيه.

• كم صدر من هذه السلسلة؟

•• صدر ثلاثة أجزاء في أندية الباحة وجازان والمدينة والرابع لدى نادي جدة الأدبي، والخامس ينتظر من يطلبه للنشر.

• ألا تعتقد أن هناك من ينتظر أن يطبع لك؟

•• أشك في ذلك لانحسار الرغبة في النشر والتوزيع لانشغال الجميع بوسائل التواصل الحديثة.

• ما الذي خسرته بسبب الكتابة؟

•• خسرت كثيراً من علاقاتي ببعض المعارف والوجهاء لطلبهم الكتابة عنهم أو عن ذويهم، وأنا أقول لهم مع كامل الاحترام «أنا لست مقاولاً» بل كاتب أعتني بمن عرف بخدمة وطنه ومجتمعه ومن أحبهم.

• وإذا أحرجك أحد؟

•• إذا أُحرجت قلت: «سوف أكتب عنك بعد وفاتك!»، وأذكره بما قاله الراحل محمد علي مغربي في كتابه (أعلام الحجاز) عندما ألح عليه أصدقاؤه بقولهم: «لماذا تكتب عن والد فلان ولا تكتب عن والدي؟»، فرد عليهم: «إنني أكتب عن الأعلام وليس عن الأعيان»، ومع ذلك توقف مغربي عن الكتابة لأعوام وعاد بعد هدوء العاصفة واستكمل الأجزاء الأربعة من موسوعته (أعلام الحجاز).

• ماذا لو لم تجد من يقرأ لك؟

•• أكتب لنفسي كي لا يحرقني الفراغ ولكي لا أنصرف كغيري إلى وسائل التواصل الاجتماعي التي تعمي وتتعب وتتلف وتلهي ولهذا أخذت إجازة يوماً في الأسبوع وهو يوم الأحد الذي لا أستعمل فيه الهاتف.

• كم كتاباً أصدرت إلى اليوم؟

•• آخر كتاب صدر ووصل قبل أيام من جدة تناولت فيه سيرة الوالد (الشيخ عبدالرزاق بن محمد القشعمي) والفنان عبدالجبار اليحيا؛ الذي لا يعرف إلا أنه تشكيلي وهو شاعر ومترجم وأول من أشرف على صفحة للفنون التشكيلية في جريدة المدينة قبل 65 عاماً وبعد أيام قليلة وخلال معرض الكتاب الدولي سيصدر كتابي (مئة عام صحافة) عن دار تراث الوشم بمناسبة مرور 100 عام على صدور جريدة أم القرى وكُتب عليه رقم 52 قبل الكتابين السابقين، ومع الجزء الرابع من أعلام في الظل صدر لي إلى الآن 55 كتاباً كلها في التاريخ الثقافي من الصحافة في بداياتها ومن سير الرواد وغيرها.

• متى شعرت بانتصار التنوير على التقليدية؟

•• أعتقد أن قصر المنابر على فئة دون أخرى يعزز حضورها، وعندما تتاح المنابر للفئة الأخرى سيكون للإنسان الخيار، خصوصاً إذا كان قادراً على التمييز بين الجيد والرديء وأعتقد أن هذا العصر انتصر للأولى على الثانية أو كاد.

• ما نظامك القرائي والكتابي؟

•• جرت العادة أن أنام مبكراً وأصحو مبكراً ومع الفجر أدخل مكتبتي المنزلية من السابعة الى العاشرة ومن بعد صلاة العصر إلى أذان العشاء أقضي ما بين سبع إلى ثماني ساعات يومياً بين القراءة والكتابة وإن كنت أقرأ عشرة أضعاف ما أكتب هذا برنامجي الثابت منذ سبعة أعوام ومن قبل كنت أقضي الفترة الصباحية في العمل قبل التقاعد.

• ما سر علاقتك الوطيدة بمعارض الكتاب؟ •• أول معرض سافرت إليه هو معرض الشارقة قبل 40 عاماً وعند عودتي منه بما نجحت في اقتنائه خصصت غرفة في منزلي للمكتبة، ومن عام 1990 واصلت حضور معرض القاهرة الدولي حتى الآن وبعض المعارض العربية في أوقات متقطعة منها دمشق، بيروت، الدار البيضاء، دبي وبعد انتظام معرض الرياض للكتاب أصبح يغنيني إلى حد ما إنما يظل معرض القاهرة للكتاب الأكثر إغراء.

• هل تحتفظ بكل ما جمعت من كتب طيلة 40 عاماً؟

•• مع الأسف، كثير من كتب مكتبتي ضاع بين السرقة والإعارة دون ضمانات.

• ما العاصمة الثقافية التي ترى أنه طواها النسيان؟

•• تاريخياً، أعتقد أن هناك أكثر من عاصمة حاول البعض أن يقنعنا بتناسيها منها بغداد، وصنعاء، وفاس، أما بيروت فكان لها شأن.

• هل تؤمن بمقولة «من أدركته حرفة الأدب أدركه الفقر»؟

•• أؤمن بمقولة «على قد فراشك مد رجليك» ومهنة الأدب لا تؤمن حياة كريمة، بل تستنزف عاشقها وممتهنها إلا أنه استنزاف شغف ومحبة.

• بماذا ترد على من يقول «إنك تنعم برفاهية»؟ •• من قال إنني مرفّه؟ وما مواصفات المرفّه؟ وأيام وزارة الثقافة والإعلام وبالذات عندما تولى الصديقان الدكتور عبدالعزيزالسبيل والدكتور ناصر الحجيلان، مسؤوليات ومهمات كانا يشجعاني بطلب تأمين بعض الكتب بما يساوي تكاليف إعدادها وطبعاتها، أما الآن فإنني قررت التوقف في ظل اضطلاع الأندية الأدبية بهذا الدور، علماً بأنه طالها انحسار المدد وربما كما أسمع أنها تلفظ أنفاسها الأخيرة.

• من أين اكتسبت كل هذا الجلد ورباطة الجأش؟

•• هذا من حسن ظنك ومحبة الناس، والوقت مبارك إن لم تضيعه باللعب أو بوسائل التواصل، تقاعدت منذ سبعة أعوام ولا أخرج من البيت إلا نادراً عندما تتضاءل حركة السيارات في الشوارع يومي الجمعة والسبت، وأخرج لمشوار واحد، بينما أقضي أغلب وقتي في المكتبة وحضور المناسبات المتباعدة والمهمة لي، أما الصداقات فالحمد لله باقية عدا بعض من لديهم حساسية ومن تزعجه صراحتي أحياناً ومن يكرر السؤال متى تكتب عني؟

• ما أبرز الشخصيات التي طبعت بصمة في وجدانك؟

•• الراحل الوالد عبدالكريم الجهيمان الذي رافقته في الـ20 عاماً الأخيرة من حياته رحمه الله، وأصدرت عنه ثلاثة كتب، ولا أنسى الصديق الدكتور يحيى بن جنيد فهو صديق منذ 50 عاماً، ودعاني للعمل بمكتبة الملك فهد الوطنية، عقب تقاعدي من العمل في الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وكان الدكتور يحيى أميناً عاماً للمكتبة، وألزمني بتسجيل التاريخ الشفوي للمملكة، على مدى 25 عاماً ودعوة الرواد والمثقفين للتسجيل معهم بالصوت والصورة، وتم تسجيل حوارات مع أكثر من 400 شخصية وكتبت عن ذلك كتاب (تجربتي مع التاريخ الشفوي) وأهديته للدكتور يحيى بن جنيد وصدر عن نادي الطائف الأدبي.

• كيف توطدت علاقتك بالحداثيين وأنت كلاسيكي؟ •• صداقتي وأحمد الله مع الجميع، ومع كل الطيبين من الرعيل الأول ومن الحداثيين وأحسبني كالرياضيين مشجعاً لا لاعباً.

• ما انطباعك عن المشهد الثقافي؟ •• المشهد الثقافي يذكرني بالصفحة المخصصة للأستاذين أحمد وعبد الرحمن السعيد في جريدة القصيم نصف الشهرية عام 1960 التي كانت بعنوان (سلطات فكرية) وإلى الآن لم أستسغ أو أهضم استبدال الأندية الأدبية بالمقاهي عقب عمر امتد لنصف قرن والمفروض أن نقيم نشاطها وتحاكم وتستبدل بالأفضل، ومثلها إلغاء المكتبات العامة في المملكة.

• من الذين فاتتك الكتابة عنهم؟ •• لم أكتب عن كثير ممن لم أجد لهم تراجم أو معلومات وافية كما لم أكتب عن (أمي) -رحمها الله- ومهما أكتب فهناك من ينتقد لأتفه الأسباب منها طلب الكتابة عن والده أو عنه، وممكن أن أعطيه أرقام من يكتب (السيرة الغيرية).

• من أطلق عليك كنية «أبو الأمة»؟ •• أطلقها المرحوم الروائي عبدالعزيز مشري عندما زرته وكان منوماً في مستشفى الملك فيصل التخصصي، وطلب مني أن يرى الأستاذ عبدالكريم الجهيمان، ورحب الجهيمان وزرناه (الجهيمان وعبدالله العبدالمحسن، وزوجته الدكتورة نادية الهواشم) والتقطت لنا صورة بالمناسبة فشكرني المشري، وقال: أنت لست أبو يعرب فقط أنت أبو الأمة وذهبت مثلاً وتناقلها الركبان.

• من المثقف الذي لم يأخذ حقه؟•• الذي «لا يترزز» في كل موقع ومناسبة، والذي يعمل دون ضجيج، والذي لا يقدره مجتمعه إلا بعد رحيله، وتظل الشللية والواسطة لهما النصيب الأوفى.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .