في خطوة أثارت موجة من الجدل في الأوساط الأكاديمية والدينية، قررت جامعة الأزهر برئاسة الدكتور سلامة داود، إحالة أستاذ اللغويات المتفرغ بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالقاهرة الدكتور مبروك عطية، إلى التحقيق الرسمي، على خلفية الضجة التي أحدثها برنامجه الرمضاني «كلام مبروك»، الذي يُبث عبر منصات التواصل الاجتماعي، واستضاف من خلاله شخصيات فنية مثل مطربي المهرجانات حسن شاكوش وسعد الصغير، إلى جانب فنانين آخرين مثل رانيا فريد شوقي وانتصار.
بدأت الأزمة عندما تقدم عدد من أساتذة جامعة الأزهر بشكوى رسمية إلى إدارة الجامعة، معتبرين أن المحتوى الذي يقدمه الدكتور مبروك عطية في برنامجه «لا يتماشى مع سمت العالم الأزهري» بل ويحمل «إهانة لمكانة علماء الأزهر»، حسبما نقلت مصادر داخل الجامعة، وأشار الأساتذة إلى أن استضافة شخصيات غير أكاديمية أو دينية لمناقشة قضايا دينية واجتماعية، وفي بعض الأحيان قراءة القرآن الكريم، أثارت استياء واسعاً بين المنتسبين للمؤسسة الدينية العريقة.
وأكد المتحدث باسم الجامعة الدكتور أحمد زارع أن التحقيق جاء استجابة لتزايد الجدل حول مضمون البرنامج، مشيراً إلى أن عطية لم يحصل على إذن مسبق من الجامعة لتقديم هذا المحتوى، في حين نقلت مصادر أنه سيتم استدعاء عطية لسماع أقواله بعد إجازة عيد الفطر المبارك، وستقيم لجنة التحقيق الخاصة بأعضاء هيئة التدريس محتوى البرنامج وتحدد القرار المناسب بشأنه.
ويعد برنامج «كلام مبروك» أحدث إطلالة إعلامية للداعية المصري، وهو برنامج يبث عبر منصات التواصل الاجتماعي، يتناول قضايا اجتماعية ودينية بشكل غير تقليدي، مستخدماً أسلوبه الحاد والسريع في الردود، إلا أن استضافة مطربي المهرجانات حسن شاكوش وسعد الصغير في البرنامج كانت القشة التي قصمت ظهر البعير. وفي الوقت الذي رأى البعض أن عطية يحاول مواكبة العصر والتفاعل مع الأجيال الجديدة، رأى آخرون أن خطوته تتعارض مع مكانته كأستاذ في الأزهر الشريف، وأن غرضه إثارة الجدل وكسب المشاهدات.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي يثير فيها مبروك عطية الجدل، ففي 2022 أشعل موجة غضب واسعة بعد تعليقه على مقتل الطالبة «نيرة أشرف» على يد زميلها أمام جامعة المنصورة وأصدرت رئيسة المجلس القومي للمرأة، بياناً حاداً انتقدت فيه تصريحاته قائلة: «نريد وقف خطاب الكراهية والعداء، دماء نيرة أشرف في رقبة كل من يحرض على مثل هذه الجرائم».
كما أثار جدلاً آخر في 2018 بتصريحاته حول النقاب، واصفاً من ترتديه بـ«المسترجلة» وقوبل بانتقادات حادة من علماء الأزهر الذين اعتبروا أن رأيه لا يمثل المؤسسة، وفي 2022 أيضاً، أُحيل للتحقيق في نقابة الإعلاميين مع الإعلامي شريف عامر بسبب فتوى اعتُبرت مسيئة للشعب المصري.
أما أحد أكثر تصريحاته التي عرضته للخطر القانوني فكانت خلال رده على رأي للكاتب إبراهيم عيسى، إذ قال: «بلا السيد المسيح بلا السيد المريخ.. كلهم سادة» هذا التصريح أدى إلى غضب واسع بين الأقباط في مصر، إذ وصفوه بأنه ازدراء واضح للأديان. بل إن محامين بارزين، مثل سمير صبري ونجيب جبرائيل، قدموا بلاغات ضده، معتبرين أنه يهدد الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي.
اضطُر مبروك عطية للخروج بفيديو توضيحي على قناته في «يوتيوب»، مؤكداً أنه لم يقصد الإساءة، وأن ما قاله كان مجرد تعبير لغوي عفوي، لكنه لم ينجُ من العاصفة التي أطلقها تصريحه.
ومبروك عطية، من مواليد محافظة المنوفية عام 1958، هو داعية وأكاديمي مصري بارز، التحق بالأزهر مبكراً وحصل على ليسانس الشريعة والقانون من جامعة الأزهر، ثم دكتوراه في اللغويات بمرتبة الشرف من جامعة القاهرة عام 1989، وشغل منصب عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر فرع سوهاج سابقاً، وعمل أستاذاً في جامعات عربية، واشتُهر بتقديم برامج دينية واجتماعية مثل «اعرف دينك» و«الموعظة الحسنة» على قنوات فضائية، وتميز بأسلوب شعبي وغير تقليدي، لكنه كثيراً ما أثار الجدل بسبب آرائه غير المألوفة واستخدامه للغة مباشرة.