Connect with us

ثقافة وفن

تمظهرات «التّثنية» في اللُّغة الشِّعرية

التَّثنية -كما يقول المؤلف- مظهرٌ من مظاهرِ جمالِ اللغة العربية، فهي ترتبطُ بجرْسِها الإيقاعي، وبدلالاتِها المتعدّدة.

التَّثنية -كما يقول المؤلف- مظهرٌ من مظاهرِ جمالِ اللغة العربية، فهي ترتبطُ بجرْسِها الإيقاعي، وبدلالاتِها المتعدّدة. وقلّما احتفتْ لغةٌ من اللغات بالمثنّى، كما احتفتْ به العربية.

ومعظمُ اللغاتِ الحيّة لا تملكُ صيغاً خاصّةً بالمثنى، إنما تنتقلُ مباشرةً من صيغة المفرد إلى صيغةِ الجمع؛ لذا سعى المؤلف إلى أن يدرسَ فَاعِليّة «التَّثْنِيةِ» في اللُّغةِ الشِّعريّةِ العربيّةِ؛ التي تعنى بدلالاتها الوفيرة، وتفسيراتها الكثيرة، فالتثنية -بحسبِ رؤيته- تحملُ دلالاتٍ نفسيّةٍ واجتماعية ولغويّة وجماليّة وفلسفيّة، وكشف اللثام عن تلكم الشعريّة والدلالات، وعن كيفيةِ توظيف التّثنية في النصوص الإبداعية؛ لما تختزنه من جمالياتِ التشكيلِ الصوتي والجرْس الإيقاعي.

فجاءت دراسته هذهِ من مقدمةٍ، وتمهيد، وخمسةِ فصول هي: الفصل الأول: «التَّثْنِية» ومظاهرُها الأسلوبيّة. والفصل الثاني هو: «التَّثْنِية» والأنساق الوزنية، وكان الفصل الثالث بعنوان: «التَّثْنِية» والمُعادل الموضُوعيّ، وتلاه الفصل الرابع بعنوان: «التَّثنية» من التفسير النفسيّ إلى التفسير الوجوديّ، وأما الفصل الخامس فكان عن: هندسة «التَّثْنِية» وجَماليّة المشْهد.

وقد قدّم له «د. إيّاد الحمداني» تقريظا بديعاً ماتعاً يُضفي على الكتاب رونقاً، ولمسةً فنيةً جميلةً، ومنه قوله:

رصدَ كتابُ «فاعليةُ التَّثنية في اللّغة الشّعريّة العربيّة» مظهرَ التّثنيةِ بوصفِهِ مُولِّداً للشّعريّة يُعطي اللّغةَ أصالةً وجمالاً وإيقاعاً، فالتّوظيفُ الفنّيّ لآليةِ عملِ المُثنّى في العربيّةِ يُسهِمُ في إضفاءِ أجواءٍ إغرابيةٍ فاعلةٍ تحقّقُ نمطاً فريداً من التَّصويريّة، ولاسيّما عندَ توظيفِ التَّثنية المجازيّة، وأنّ هذا الكتابَ أصلٌ مهمٌّ من أصولِ الكشفِ عن خصوصيّة اللّغةِ الشّعريّةِ العربيّةِ ومتعلقاتِها الأسلوبيّة: فالشّعريّة والأسلوبيّة عُنصرانِ متلازمانِ، يرتبطُ الأولُ بالإبداع، ويرتبطُ الثاني بالإجراءِ النّقديّ، وقدْ سلكَ الدكتور أيّوب الجَدَدَ فأمِنَ العَثار. (ص5-8)

ويوضّح الناقد «د. كريم ناجي-العراق/‏الكوت» أن المؤلف انطلق في دراسته هذه من مصطلح لغوي نحو آفاق أدبية ونقدية وجوانب أخرى، ويمكن أن تعد هذه الملاحظة من محاسن هذه الدراسة. وعندما نتقدم في القراءة نلمس جهداً بحثياً ونقدياً يستحق التقدير، يتضح ذلك في جوانب عدة: منها تنوّع المداخل وتعددها، ومنها المنهجية والخطة التي سار عليها، يشهد على ذلك العناوين وتنوعها وترابطها وحسن صياغتها.

لقد تضمن الكتاب مضامين ثقافية ونفسية واجتماعية فضلاً عن المضامين النقدية والأدبية واللغوية، وتضمن شواهد واختيارات موفقة، ووقفات جميلة لتحليلها والكشف عن جمالياتها، نذكر منها: سورة الرحمن، ونونية عروة بن حزام وقصيدة السياب وغيرها. وقد جاء كل ذلك منسجماً عبر صياغة محكمة وعبارة رشيقة.

فمن النصوص التي تتميز بهيمنة أسلوب التَّثْنِية في مشهد الانهيار النفسي: مقطع من: «نونية عروة بن حِزام»، فيقول:

خليليَّ منْ عليا هلالِ بنِ عامرٍ..

بِصَنْعَاءِ عوجا اليومَ وانتظراني

أَلم تَحْلِفا بِالله أَنِّي أَخُوكُمَا..

فلمْ تفعلا ما يفعلُ الأخوانِ

ولم تَحْلِفا بِالله قدْ عَرَفْتُمَا..

بذي الشِّيحِ رَبْعاً ثُمَّ لا تَقِفَانِ

وفي نص عروة تظهر التثنية ظهوراً مائزاً تتكثف في بؤرة المعنى الذي يحيل على الانهيار النفسي لذات الشاعر المتشكلة في بنية المشهد. (فاعلية التثنية ص18)

ومثله: حين يخاطب الجواهري «الضفادع» وهي تستحوذ على جماح قلبه، بهتافاتها أو برسائلها البريدية المغلفة بالغزل:

سلامٌ على جاعلاتِ النَّقيقِ..

على الشَّاطئينِ، بَريدَ الهوى

لُعنتنَّ مِن صِبيْةٍ لا تشيخُ..

ومن شِيْخَةٍ دَهْرَها تُصطبى

فهذا مشهد مثير وفريد من نوعه في رسم صورة للضفادع التي يسمع نقيقها، وهو قريب منها، وهي صورة قد لا تجد لها مثيلاً في الشعر العربي صياغةً وديباجةً وحسّاً شعرياً رائعاً.

فهي صورة غريبة تتمركز حول «الشاطئين» مرتبطة بهواجس بصرية غريبة، تحولت إلى صورة سمعية متمثلة بنقيق الضفادع الذي استحال إلى جو غزلي غريب، وقد هيمنت التَّثْنِية، فجعلت الصورة إلى طرفين ناطقين، وتراسلت عند الحواس مولدةً خيالاتٍ متعددةً لها أثر في المحاكاة وتكامل الصورة. فضلا عن أنها خففت من بشاعة صوت الضفادع، فالصورة جمّلت قبيحاً وأصبح رقيقاً مستساغاً. (فاعلية التثنية ص 26-27)

وفي فصل «التَّثنية من التّفسيرِ النفسيّ إلى التّفسيرِ الوجوديّ» يتحدث عن «التَّثْنِية» والانفتاح النفسي:

فقال: إن استعمال التثنية وإن كان يرجع إلى الموروث الشعري العربي الذي سار عليه الشعراء منذ العصر الجاهلي، فاستفتحوا قصائدهم بالنداء «خليليّ، صاحبيّ»، والأمر والنهي: «قفا، عوجا، لا تعذلا..» وغيرها من ألفاظ التثنية تأتي لأغراض شتىً، تتواشج مع تفسيراتٍ عدّة: نفسيّة، واجتماعيّة، ووجوديّة.

نرى من خلال رصدنا لأسلوب التثنية أنَّ الشاعر يتكئ عليها؛ لتحقيق غاياتٍ تنفتحُ على اتجاهاتٍ عدّة، منها:

1- البوح بؤرة المشاعر: يبوح المتكلم بمشاعره وآلامه وأحزانه، وغربته ووحشته، نحو قول عمرو بن الأهتمّ:

قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَأَطلالِ​​ ..  

بِذي الرَضمِ فَالرُّمّانَتَينِ فأَوعـالِ

 وُقـوفاً بِـها صَــحـبي عَــلَيَّ مَـطــِيَّهُــم   ..   

يَقولـونَ لا تجـهَل وَلَســتَ بِجَهّــالِ

وقول كُثيّر:

خَليلَيَّ هَذا رُبعُ عَزَّةَ فَاِعقِلا..

قلوصَيكُما ثُمَّ اِبكِيا حَيثُ حَلَّتِ

وَمُسّا تُرابًا كَانَ قَد مَسَّ جِلدَها..

وَبيتا وَظِلاَ حَيثُ باتَت وَظَلَّتِ

وَلا تَيأَسا أَن يَمحُوَ اللهُ عَنكُما..

ذُنوبًا إِذا صَلَّيتُما حَيثُ صَلَّتِ

فالتثنية لها دلالة نفسية؛ لارتباط الشاعر بماضيه، فهو يعيش حالة نفسية متأزمة، ولا يريد أن يفارق إحساسه بهذا الارتباط، وهو إحساس وجداني بديمومة النسغ العاطفي الشعوري.

إنّ نزعة الحزن قديمة قدم الإنسان، تصطبغ بإحساس الشاعر غالباً، فاحتوت أشعارهم عبارات الشكوى والفراق والشوق ثم صروف الدهر، وتشير دلالات الحزن إلى الذات القلقة وهو يعالج ظروف الحياة، قد يجابه، وقد يستسلم، وقد يصاب بمصاب أعظم فيضاعف الألم في نفسه، وقد يضعف وينهار فلا يملك قدرة على فعل أيِّ شيء إلا البكاء، وهي حالة اضطرارية يلجأ إليها للتنفيس عما يشعر به، يقول امرؤ القيس:

قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَمَنزِلِ..

بِسِقطِ اللِوى بَينَ الدَخولِ فَحَومَلِ

وُقوفاً بِها صَحبي عَلَيَّ مَطِيِّهُم..

يَقولونَ لا تَهلِك أَسىً وَتَجَمَّلِ

وقد نلحظ أنّ معلقة امرئ القيس مثلاً تغوص في شجن الذات، في آمالها وآلامها، فالموقف الشعوري الذي تنبعث منه القصيدة هو الإحساس بالضعف والانكسار: في زوال «مملكته»، ومطاردة «المنذر» له حتى وصل القسطنطينيّة، فامتلأت نفسه بالتوتر والضيق وبلغ به الإحساس بالعجز حداً عطل قدرته على تجاوز وضعه المتأزم، ولم يجد سبيلاً إلا الحُلم الذي تتمثل فيه القوة والانتصار؛ ليعوض ما افتقده من قوة تمكنه من تحقيق ما يصبو إليه.

ويتعلق بالماضي الذي يرى فيه القوة والصلابة، أو يسرح مع الحُلم فيتحقق له بالخيال ما لا يقدر عليه في حاضره المشهود، وذلك ما يفسره علم النفس، ويسميه بظاهرة «التعويض»، فيلجأ إلى مخاطبة صاحبيه، فتارة يشعر بالضعف والانكسار، وتارة يتقوى بعض الآليات؛ ليشعر بالقوة والانتصار، ولم يستطع كبت عواطفه، لكنه حاول إشراك صاحبيه للتخفيف مما هو فيه ولمواساته أيضا كما قال السيرافي: «أمر صاحبيه بأن يقفا عليه، وينتظراه لمّا مرَّ بالدار التي كان من يهواه فيها، حتى يبكيَ على فقده، فيخف ما به من الحزن لفرقته».

وقال امرؤ القيس:

وَإِنَّ شِفائي عَبرَةٌ مَهَراقَةٌ..

فَهَل عِندَ رَسمٍ دارِسٍ مِن مُعَوَّلِ

وظاهرة الحنين إلى الماضي «الديار، والأحبة» متجذّرة في أعماق العربي، وهذا ما نلحظه عند امرئ القيس مثلاً حينما يقول: قفا نبكِ.. ويظهر أنّ أسلوب التثنية في النصوص التي مرّت مرتبط بمعاني الأسى والتوجع، والحزن والتفجع، الذي تشكل في البكاء أو عدم العذل أو طلب المشاركة في أمر ما.

التَّثنية والحوار والأحزان: قد يلجأ الشاعر إلى أسلوب الحوار بينه وبين الآخَريْنِ إنسانين كانا أم كائنا آخر معتمداً على التثنية غالباً؛ ليشاركاه همومه وأحزانه، فيقيم الشاعر حواراً داخليّاً، فمن ذلك قول امرئ القيس:

خَلِيلَيّ مُـرّا بــِي عَـلىَ أمّ جُـنْـدَب

لِـتُقْضَي لُبَانَاتُ الفُؤادِ المُعَذّبِ

فَإنّكُمَا إنْ تَنْظُرَانـِي سَاعَةً

مِنَ الدّهْرِ تَنْفَعْنِي لَدَىَ أمّ جُنْدَبِ

ألَمْ تَـرَيـَانـِي كُـلّـمَا جـِئـْـتُ طَـارقَــاً

وجَدْتُ بــِهَا طِـيـبـَاً وإنْ لـَمْ تـَطَـيّـبِ

عَقِيلَةُ أتْرَابٍ لَهـَا لا دَمِيمَةٌ

ولا ذَاتُ خَلْق إذا تَأمّلْتَ جَانـِبِ

وقول عبد يغوث بن وقاص الحارثي:

أَلاَ لا تَلُومَانِي كَفى اللَّوْمَ ما بِيَا

وما لَكُما في اللَّوْم خَيْرٌ ولا لِيَا

أَلَمْ تَعْلَمَا أَنَّ المَلاَمَةَ نَفْعُها قليلٌ

وما لَوْمِي أَخِي مِن شِمَالِيَا

فهنا يتوجَّه الشاعر بحواره إلى رجلين كانا معه، إذ جرَّد الشاعر من نفسه صاحباً أو أكثر لا وجود لهم في الحقيقة إلا في مخيلته، موجِّهاً حواره إليهما، ملتمساً منهما المشاركة الوجدانيَّة لما نزل به من الهموم والآلام التي حلَّت به من خلال هجرة الحبيبة وخراب الديار.

وفيه يُحاور الشاعر صاحبه الذي لا وجود له إلا في خياله، وهو من باب التجريد؛ ليتخيَّل الشاعر من نفسه شخصاً آخر، فيُحاوره فيما يشبه الانشطار الذاتي، وهذا الأسلوب يتمركز في أعماق النفس الإنسانية، إذ تنشطر نفس الشاعر إلى شطرين، شطر مخاطِب وشطر مخاطَب.

فيكشف الحوار المتوشح بالتثنية عن طبيعة الصراع القائم بين طرفي الحوار الثلاثة في نسق درامي، فيعمل الحوار بين الشخصيات على إثارة الصراع وديمومته، ويؤلف الوقائع الصغيرة ويدخلها في سياق الحدث، لتنمية الحدث وتطويره، لتكون جزءاً منه.

وقد يكون الحوار مع كائن آخر: «غراباً، ناقة، ثوراً، غزالاً»، فمن ذلك قول مجنون ليلى وهو ينادي حمامتين:

أَلا يا حَمامَي بَطنِ نَعمانَ هِجتُما

عَلَيَّ الهَوى لَمّا تَغَنَّيتُما لِيا

وَأَبكَيتُماني وَسطَ صَحبي وَلَم أَكُن

أُبالي دُموعَ العَينِ لَو كُنتُ خالِيا

مجنون ليلى ينادي حمامتين ويقول: لقد أهجتما وحركتما الحب في نفسي بغنائكما لي وتغريدكما، لكن جعلتماني أبكي وأنا بين أصحابي -وليس من عادات الرجال البكاء أمام الآخرين- ولو كنت بكيت وحدي من حب ليلى لم أبالِ، ولم أتحرج من بكائي عليها، ولا من تساقط أدمعي بسبب شوقي إليها.

2- وقد يستنجد الشاعر بخليله؛ ليبين ما به من تباريح الحب، وعذاب الأهل والعشيرة، كما فعل قيس ليلى، فاستنجد بخليليه من لوعة الهوى، وعذاب الأهل، وذلك في قصيدته الشهيرة التي قالها بعد أن أخذه أهله إلى الحكماء، الذين كووه كيّاً، كي يخرج حبّ ليلى من روعه، يقول:

خليليّ هيا ساعداني على البكا..

فقد جهدت نفسي وربِّ «المثانيا»

خليليّ إنّي قد أُرِّقت ونمتما..

لبرق يمانٍ، فاجلسا علّلانيا

خليليّ لو كنتُ الصحيحَ وكنتما..

سقيمين، لم أفعل كفعلكما بيا

Continue Reading

ثقافة وفن

بحضور وزير الثقافة.. «روائع الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو

بحضور وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، اختتمت هيئة الموسيقى حفلة «روائع

بحضور وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، اختتمت هيئة الموسيقى حفلة «روائع الأوركسترا السعودية» في جولتها الخامسة بمسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية طوكيو، وذلك بمشاركة 100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، وبحضور عدد من المسؤولين ورجال الأعمال والإعلام، وحضور جماهيري كبير.

وأشار الرئيس التنفيذي لهيئة الموسيقى باول باسيفيكو، في كلمة خلال الحفلة، إلى النجاحات الكبيرة التي حققتها المشاركات السابقة لروائع الأوركسترا السعودية في العواصم العالمية، عازيًا ما تحقق خلال حفلات روائع الأوركسترا السعودية إلى دعم وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى.

وعدّ «روائع الأوركسترا السعودية» إحدى الخطوات التي تسهم في نقل التراث الغنائي السعودي وما يزخر به من تنوع إلى العالم عبر المشاركات الدولية المتعددة وبكوادر سعودية مؤهلة ومدربة على أعلى مستوى، مشيرًا إلى سعي الهيئة للارتقاء بالموسيقى السعودية نحو آفاق جديدة، ودورها في التبادل الثقافي، مما يسهم في تعزيز التواصل الإنساني، ومد جسور التفاهم بين شعوب العالم عبر الموسيقى.

وقد بدأت «الأوركسترا الإمبراطورية اليابانية – بوغاكو ريو أو» بأداء لموسيقى البلاط الإمبراطوري الياباني، وهي موسيقى عريقة في الثقافة اليابانية، توارثتها الأجيال منذ 1300 عام وحتى اليوم.

وأنهت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي الفقرة الثانية من الحفلة بأداء مُتناغم لميدلي الإنمي باللحن السعودي، كما استفتحت الفقرة التالية بعزف موسيقى افتتاحية العلا من تأليف عمر خيرت.

وبتعاون احتفى بالثقافتين ومزج موسيقى الحضارتين اختتمت الحفلة بأداء مشترك للأوركسترا السعودية مع أكاديمية أوركسترا جامعة طوكيو للموسيقى والفنان الياباني هوتاي وبقيادة المايسترو هاني فرحات، عبر عدد من الأعمال الموسيقية بتوزيع محمد عشي ورامي باصحيح.

وتعد هذه الحفلة المحطة الخامسة لروائع الأوركسترا السعودية في العاصمة اليابانية طوكيو، بعد النجاحات التي حققتها في أربع محطات سابقة، كانت تتألق في كل جولة بدايةً من باريس بقاعة دو شاتليه، وعلى المسرح الوطني بمكسيكو سيتي، وعلى مسرح دار الأوبرا متروبوليتان في مركز لينكون بمدينة نيويورك، وفي لندن بمسرح سنترل هول وستمنستر.

وتعتزم هيئة الموسيقى استمرارية تقديم عروض حفلات “روائع الأوركسترا السعودية” في عدة محطات بهدف تعريف المجتمع العالمي بروائع الموسيقى السعودية، وتعزيزًا للتبادل الثقافي الدولي والتعاون المشترك لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تتقاطع مع مستهدفات هيئة الموسيقى.

Continue Reading

ثقافة وفن

الشاعر علي عكور: مؤسف أن يتصدَّر المشهد الأدبي الأقل قيمة !

الحديث مع الشاعر علي عكور في الكتابة الإبداعية حديث ممتع، وممتدّ، له آراؤه الخاصة التي يتمثلها في كتابته الأدبية،

الحديث مع الشاعر علي عكور في الكتابة الإبداعية حديث ممتع، وممتدّ، له آراؤه الخاصة التي يتمثلها في كتابته الأدبية، يعتد كثيراً بتجربته، ويرى أنّه قادر على الاختلاف؛ لأنّ مفاهيمه للكتابة تتغيّر مع الوقت.

لم يولد -كما قال- وإلى جواره من يمتهن أو يحترف الكتابة، ولم يكن الوسط الذي نشأ فيه يُعنى كثيراً بالأدب أو الثقافة بعمومها، ما يتذكره علي أنّه في أواسط عقده الثاني وقع على نسخةٍ من كتاب (المنجد) للويس معلوف، لا يعلم كيف وصلت إليه هذه النسخة العتيقة من الكتاب، لكنه شُغِف بها وبالعوالم التي تَفَتَّحت أمامه في هذا المعجم.

وجد الشاعر علي عكور نفسه ينجذب كالممسوس إلى الأدب بكل ما فيه من سحر وغموض وجلال، لكنّ الشعر العربي أخذه حتى من ألف ليلة وليلة؛ الذي انجذب إلى الشعر المبثوث في ثنايا الكتاب أكثر من السرد رغم عجائبيته وسحره!

الكثير من رحلة الشاعر علي عكور مع الأدب والكتابة الإبداعية في هذا الحوار:

‏ • حدّثنا عن علاقتك بالشعر والأدب بشكل عام.. كيف بدأت؟

•• بدايةً أودّ القول، أنه لم يكن في محيطي من يمتهن أو يحترف الكتابة، ولم يكن الوسط الذي نشأتُ فيه يُعنى كثيراً بالأدب أو الثقافة بعمومها. أتذكر أنني في أواسط العقد الثاني من عمري وقعتُ على نسخةٍ من كتاب (المنجد) للويس معلوف. لست أعرف كيف وصلت إلينا هذه النسخة العتيقة من الكتاب، لكنني شُغِفتُ بها وبالعوالم التي تَفَتَّحت أمامي بعد الاطلاع على هذا المعجم. وشيئاً فشيئاً، وجدت أنني أنجذب كالممسوس إلى هذا العالم الرحب، بكل ما فيه من سحر وغموض وجلال. وأثناء تجوالي في عوالم الأدب أُخِذْتُ بالشعرِ العربي وبإيقاعيّة الجملة الشعرية فيه. حتى عندما وقع بين يديّ كتاب (ألف ليلة وليلة)، لم أنجذب إلى السرد رغم عجائبيته وسحره، بقدر ما انجذبتُ إلى الشعر المبثوث في ثنايا الكتاب. وأتذكر أنني كنت أتجاوز الصفحات وأقلّبها بحثاً عن بيتٍ أو بيتينِ من الشعر.

• لمن تدين بالفضل في الكتابة؟

•• أودّ أن أدين بالفضل إلى أحدٍ ما، لكنني حين أمَرّر بداياتي على الذاكرة، لا أتذكّر أحداً بذاته، آمن بي أو رأى في ما أقوم به بدايات واعدة لمشروع ما. كل ما هنالك أنني كنتُ أتلقى ثناءً عابراً إذا كتبتُ شيئاً جيداً. على أنني لا أقلّل من هذا الثناء، فقد كان ذا أثرٍ كبير في دافعيتي، وديمومة شغفي بالكتابة. هذا فيما يخص البدايات، أما الآن فأنا أدين بالفضل لأسرتي ولزوجتي خاصة، فهي داعم كبير لي على طول هذا الطريق، وتتحمل عن طيب خاطر الأعباء التي يُخلّفها انشغالي بالكتابة وهمومها.

• شاعر كان تأثيره كبيراً عليك.

•• لا يمكن تتبّع الأثر بسهولة في هذا الشأن؛ لأنه غالباً يكونُ قارّاً في اللاوعي. لكن إذا كان السياب يرى أنه تأثر بأبي تمام والشاعرة الإنجليزية إديث سيتول وأنه مزيج منهما، فأنا أرى أنني تأثرت كثيراً بسعدي يوسف ومحمود درويش، وأشعر أنهما يلتقيان بطريقة ما، في الكثرة الكاثرة مما أكتب.

• كيف للشاعر أن يكتب قصيدته وفق رهان المستقبل وليس للحظة التي يعيش فيها؟

•• في الغالب لا توجد كتابة لا يمكن تجاوزها. وما يُعبّر عنك الآن قد تجد أنه لا يُعبّر عنك غداً. أعتقد أن الرهان الحقيقي هو أن نكتب شيئاً يستطيع أن يصمد أمام عجلة الزمن. ربما إحدى الحيل التي يمكن أن نمارسها هي أن نكتب نصوصاً أكثر تجريداً وانعتاقاً من قيود الزمان والمكان، وأن نتخفّف من الكتابة تحت تأثير اللحظة الراهنة والحدث المُعاش.

• الملاحظ أنّ هناك إصدارات متشابهة في الشعر والقصة لشعراء وكتاب قصّة، وإن تعددت عناوينها، لكنّ التجربة لم تختلف.. ما تأثير هذا على الإبداع والقارئ كذلك؟

•• صحيح، هذا أمر ملاحظ. هناك من يصدر عشرة دواوين، وعند قراءتها لا تجد اختلافاً بينها، لا من حيث الثيمات ولا من حيث طريقة التناول، لتفاجأ أن هذه الدواوين العشرة هي في الحقيقة ديوان واحد طويل. الكاتب أو الشاعر الذي لا يتجدد يخاطر بمقروئيته ويخسر رهانه الشخصي. إما أن تقول شيئاً جديداً أو شيئاً مألوفاً بطريقة جديدة، لكن لا تقل الشيء نفسه بالطريقة نفسها، حتى لا تعطي فكرة أنك لا تأخذ مشروعك بما يستحق من جدية واهتمام.

• تنادي بأهمية تصدّر الأدب الجاد والأصيل المنصات.. أولاً: من يحدد ماهية الأدب الجاد؟ ثانياً: هل المرحلة تساعد في أن يتصدّر الأدب أيّاً كان المنصات التي كثرت وكثر مستخدموها والمؤثرون فيها؟

•• النقّاد والقرّاء النوعيّون، هم من يحددون ماهيّة الأدب الجاد ويُعلون من قيمته. مؤسف أن يتصدر المشهد الأدبي الأقل قيمة، بينما يبقى الأدب الأصيل في الهامش. في الأخير نحن مسؤولون عن تصدير ثقافتنا، وما نتداوله ونجعل له الصدارة في منصاتنا ومشهدنا، هو ما سيُعبّر عنّا وسيكون عنواننا في النهاية. وبالتالي لنا أن نتساءل بصدق: هل ما صُدِّرَ ويُصَدّر الآن، يُعبّر عن حقيقة وواقع الأدب والثقافة في بلادنا؟

• لديك مشكلة مع المألوف والسائد، وتطالب بسيادة الأدب الفريد والمختلف.. هل لدينا اليوم ذائقة خاصة يمكنها إشباع الذائقة العامة؟

•• يمكن الاتفاق في البدء أن تغيير شروط الكتابة هو في المقابل تغيير لشروط التلقي، وأن كل كتابة أصيلة ومختلفة ستصنع قارئاً مختلفاً. كل كتابة جادّة ستصنع قارئها، وهذا هو الرهان الحقيقي. أما المألوف والسائد فإنّ القارئ مصابٌ بتخمة منه. كل كتابة في المألوف والسائد هي ابنٌ بارٌّ للذاكرة لا للمخيّلة؛ الذاكرة بوصفها مستودعاً لكل ما قرَّ واستقرّ فيها وأخذ مكانه المكين. والمخيّلة بوصفها انفتاحاً على المتجدّد واللانهائي.

• ماذا يعني لك فوزك بالمركز الأول في مسابقة التأليف المسرحي في مسار الشعر؟ وماذا تعني لك كتابة الشعر المسرحي؟

•• سعدت كثيراً بالفوز، سيما أن المسرحية تتحدث عن شخصية أحبها كثيراً: شخصية ابن عربي؛ تلك الشخصية التي عشت معها طيلة ثلاثة أشهر (وهي مدة كتابة العمل)، تجربة روحية وروحانية بالغة الرهافة، فقد استدعت الكتابة عن ابن عربي، العودة إلى قراءة سيرته وأجزاء من أعماله التي حملت جوهر فكره وعمق تجربته الصوفية. وبالانتقال إلى الجزء الثاني من السؤال، أقول إن كتابة الشعر المسرحي عمّقت من مفهومي للشعر وإيماني به وبقدرته على التحرك في مناطق جديدة، يمكن استثمارها على نحو جيد ومثرٍ، إذا ما تعاملنا معها بجدية.

• أما زلت تبحث عن دار نشر تطبع لك ديوانك الجديد دون مقابل مادي تدفعه؟

•• استطعت التواصل مع أكثر من دار، وقد رحبوا بالديوان والتعاون من أجله. لا ضير في كون دور النشر تبحث عن الربح، فهذا من حقها، وهذه هي طبيعة عملها. كل ما أنادي به أن تكون هناك جهة حكومية تشرف عليها وزارة الثقافة، تقوم بطبع الأعمال الجادة التي تعبّر عن حقيقة الأدب السعودي وواقعه.

• جاسم الصحيح قال عنك إنك لست شاعراً عابراً، وإنما شاعر ذو موهبة كبرى تتجاوز المألوف والسائد.. ماذا تعني لك هذه الشهادة؟•• جاسم اسم كبير في المشهد الثقافي وتجربة مرجعية في الشعرية العربية الحديثة، وأن تأتي الشهادة من قامة كقامة جاسم الصحيح لا شك أنها شهادة تدعو للابتهاج والنشوة، إضافة إلى ما تلقيه عليّ من عبء ومسؤولية كبيرة.

• كيف يكون المؤلف الجاد والرصين رأس مال لدور النشر؟

•• تمهيداً للإجابة عن السؤال، لا بد من القول إن الرساميل الرمزية أحياناً تكون أهم وأكثر مردوداً من القيمة المادية. بالنسبة لدور النشر، يُعد الكاتب الجاد رأس مال رمزياً مهمّاً؛ لأنه يبني لها سمعة في الوسط الثقافي. إذا أرادت دور النشر أن تستثمر في سمعتها، فإن أسرع طريقة هي استقطاب كتاب أصحاب مشاريع جادة، مقابل أن تطبع لهم بمبالغ رمزية على الأقل.

• كتبتَ الشعر بأشكاله الثلاثة ومع ذلك ما زلت ترى أنّ الوزن ليس شيئاً جوهرياً في القصيدة.. ما البديل من وجهة نظرك؟

•• نعم الوزن ليس شيئاً جوهريّاً في الشعر. ونحن حين نقول الوزن نقصد بطبيعة الحال الأوزان التي أقرها الخليل بن أحمد. الحقيقة أن الأوزان جزء من الإيقاع، أو بمعنى آخر، هي إحدى إمكانات الإيقاع وليس الإمكانية الوحيدة، وما دامت إحدى تجليات الإيقاع وليس التجلي الوحيد، فمعنى ذلك أن الإيقاع أعم وأشمل وأقدم. وعليه فإن الإيقاع هو الجوهري وليس الوزن. والإيقاع يمكن أن يتحقق في قصيدة النثر مثلاً، عبر حركة الأصوات داخل الجملة الشعرية. وهناك حادثة دالة وكاشفة أنهم حتى في القديم كانوا يدركون أن الشعر بما فيه من إيقاع يوجد أيضاً خارج أوزان الخليل، إذ يُروى أن عبدالرحمن بن حسان بن ثابت دخل على أبيه وهو يبكي، وكان حينها طفلاً، فقال له: ما يبكيك؟ فقال: لسعني طائر، فقال: صفه، فقال: كأنه ملتف في بردي حبرة. فصاح حسان: قال ابني الشعر ورب الكعبة. هذه القصة المروية في كتب الأدب تكشف بجلاء أن الشعر أوسع من مجرد الوزن والتفاعيل.

• أنت تقول: لا شيء يسعدني ككتابة الشعر الجيّد.. ما مواصفات الشعر الجيّد؟

•• لا أملك ولا يحق لي ربما الحديث عن الشعر الجيد بإطلاق؛ لأن في هذا ادعاءً كبيراً، لكن يمكن الحديث عما أراه أنا أنه شعر جيد؛ أي في حدود رؤيتي فقط. كل شاعر يكتب الشعر بناءً على ما يعتقد أنه شعر، وعليه فإن الشعر الجيد -كما أراه- خرق لنمطية اللغة وبحث جاد عن اللامرئي في المرئي، ومن مواصفات النص الجيد أن يتقاطع فيه الفكري بالوجداني، وأن يكون نتاج الحالة البرزخية بين الوعي واللاوعي. طبعاً إضافة إلى ضرورة أن يتخلص من المقولات السابقة، وأن يعمل في تضاد مع الذاكرة والثقافة؛ لأنهما يفرضان السائد والمألوف وكل ما هو قارّ في الذهن.

• العودة الملاحظة للشذرات كتابة وطباعة.. إلام تعيدها؟

•• الشذرة في رأيي هي رأس الشعرية. حَشْد كل هذا العالم بمستوياته وتناقضاته ورؤاه في بضع كلمات أمر بالغ الصعوبة على مستوى التكنيك، لكنه مثير وممتع حين تدخله كمساحة للتجريب وتحدي إمكانياتك. أيضاً جزء من اهتمامي بالشذرة يعود إلى افتتاني بالمشهدية وتأمل الفضاءات البصرية واستنطاقها. إضافةً إلى ما في الشذرة من تداخل أجناسي يزيدها ثراءً وغنى. وعلى مستوى آخر أعتقد أن الشذرة بحجمها وبنيتها أكثر تمثيلاً لحياتنا المعاصرة التي أشبه ما تكون بلقطات متتابعة ومنفصلة في فضاء بصري، يجمعها سياق عام. وأخيراً لا أنسى أن منصة (إكس) بما كانت تفرضه من قيود تقنية قد أسست لتجربتي في الكتابة الشذرية وصقلتها.

• الشاعر أحمد السيد عطيف اختلف معك في شكل القصيدة، ورأى أنّ الشكل لا يجعل الكلام جميلاً ومؤثراً.. فيما ترى أنت أنّ الكتابة على نمط القصيدة القديمة تقليد وليس إبداعاً.. هل المشكلة في الشّكل أم في أشياء أخرى؟

•• نعم، كان الحديث في هذه الجزئية عن القصيدة العمودية، وعن كتابتها بصياغة تقليدية مغرقة في القدامة. النقد الحديث على عكس القديم، لا يفصل بين الشكل والمضمون، ولكتابة نص حديث لا بد من تحديث الشكل؛ لأننا لا يمكن أن نتحدث عن مضمون ما بمعزل عن الشكل، إذ إن الشكل يخلق مضمونه أيضاً. طبعاً لا أقصد بتحديث الشكل استبدال القصيدة العمودية بشكل آخر، بل أقصد التحديث من داخل الشكل نفسه. تجديد الصياغة وتحديث الجملة الشعرية ذاتها لتكون قادرة على التعبير عن الرؤى الجديدة.

• لماذا ترى أنّ كتابة قصيدة النثر أصعب من كتابة قصيدة عمودية أو تفعيلة؟

•• السبب في رأيي أن النص العمودي والنص التفعيلي لديهما قوالب إيقاعية جاهزة تجعل من مهمة الخلق الشعري مهمة أقل صعوبة. بينما في قصيدة النثر أنت تعمل في منطقة أقرب ما تكون إلى الشكل الهلامي. قصيدة النثر ملامحها أقل حدة ووضوحاً من الشكلين السابقين، وعليه فإن كتابتها تحمل صعوبة أكبر؛ لأن لكل نصٍّ قالبه الخاص الذي عليك أن تخلقه من العدم.

• كيف يمكن للشاعر أن يكون رائعاً؟

•• يكون كذلك إذا كان أصيلاً؛ أي معبراً عن صوته الخاص، ولحظته الراهنة، ومنغمساً بالكامل في تفاصيل عالمه، طبعاً دون أن يفقد قدرته على الاتصال بالوجود والكون.

• النصوص القصيرة التفعيلية التي كتبتها وترغب في نشرها مرفقة برسوم إبداعية.. ماذا عنها؟

•• هي أربعون نصّاً، تحمل خلاصة تجربتي في كتابة الشذرة الشعرية، وهو تنويعٌ على تجربتي الشعرية عموماً. تعاونت في هذا المشروع مع الرسامة السورية القديرة راما الدقاق. والعمل الآن في مرحلته الأخيرة، وسيُنشر خلال الشهرين القادمين.

Continue Reading

ثقافة وفن

رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «بـراغ»

أصدر رئيس مركز الجواهري الثقافي، رواء الجصاني، كتاباً توثيقياً عن (شخصيات وشؤون ثقافية عراقية في ذاكرة وتاريخ

أصدر رئيس مركز الجواهري الثقافي، رواء الجصاني، كتاباً توثيقياً عن (شخصيات وشؤون ثقافية عراقية في ذاكرة وتاريخ براغ) طيلة 65 عاماً، وتضمن التوثيق 22 عنواناً فرعياً.

وسلّط المصدر الببلوغرافي الضوء على إقامة خال الجصاني الشاعر العربي محمد مهدي الجواهري، في التشيك قرابة 30 عاماً (1961-1991)؛ منها سبعة متصلة (1961-1968)، و كتب الجواهري خلال إقامته في (براغ) نحو 30 قصيدة ومقطوعة؛ عشر منها، وفيها، عن التشيك وجمال وعطاء بلدهم الذي أطال من عمر الجواهري كما يثبت ذلك في قصيدته:

أطلتِ الشوطَ من عمري، اطالَ الله من عمركْ

ولا بلّغتُ بالشرّ، ولا بالسوءِ من خبـركْ..

ألا يا مزهرَ الخلدِ تغنى الدهرُ في وتركْ.

واحتفظ المثقفون التشيك، باعتزاز بذكرى إقامة الجواهري معهم، وهم يدركون تميّزه الشعري، إضافة لكونه رمزاً عراقياً وعربياً، وإنسانياً، وجسراً وطيداً بين ثقافتي البلدين، وتم وضع نصب (معلم) تذكاري له جوار شقته التي عاش فيها أزيد من ربع قرن بمنطقة براغ السادسة.

كما تناول الكتاب، الفنان والمفكر الرائد محمود صبري، ذو العطاءات التشكيلية وصاحب نظرية (واقعية الكم) الذي أقام في براغ فناناً ومفكراً وطنياً، وباحثاً إنسانياً نصف قرن (1963-2013).. وكذلك الباحث والكاتب والمترجم القدير مصطفى عبود الذي أقام بها من أواخر السبعينيات إلى 1985. والكاتب والصحفي شمران الياسري (أبو كاطع) منذ النصف الثاني من السبعينيات إلى عام 1981.. والكاتب والروائي يحيى بابان – جيان، من منتصف الستينيات إلى عام 2023. والفنان الكردي العراقي البارز قادر ديلان؛ الذي أقام وعمل في براغ لنحو عقدين إلى وفاته عام 1999. والباحث الجدير فالح عبد الجبار من عام 1979 إلى 1981.. وبشرى برتو، وذنون أيوب، وفاروق رضاعة، وفيصل السامر، ونوري عبد الرزاق، ومجيد الونداوي، ومهدي الحافظ..

واستعاد الجصاني مسيرة إذاعة براغ العربية، ومن أسهموا فيها، ومنهم: أحمد كريم، وأناهيد بوغوصيان، وحسين العامل، وزاهد محمد، وصادق الصايغ، وعادل مصري، وفائزة حلمي، ومفيد الجزائري، وموسى أسـد، ونضال وصفي طاهر.

كما تناول الجصاني المجلات الثقافية التي صدرت، وكذلك المتخصصة في شؤون سياسية واقتصادية، والسفراء، والدبلوماسيين، وأمسيات شعرية، وندوات أدبية وفكرية، ومعارض فنيّة، وحفلات موسيقية، ومؤلفات وتراجم، وأفلام ومخرجين، ومترجمين ومحررين، وكتب ومكتبات، ومحطات إعلامية، ومركز الجواهري، الذي أطلقه رواء الجصاني والدكتور محمد حسين الأعرجي، والمستعرب التشيكي (يارومير هايسكي)، وبدأ نشاطاته في منتصف عام 2002: و(بابيلون للإعلام والنشر)، كما تناول الكتاب باحثين وأكاديميين وعلماء.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .