Connect with us

ثقافة وفن

انفصال

كانت أشعة الشمس قد بدأت ترسل خيوطها التي بدت بكثافة الغيوم داكنة سوداء في صباح ذلك اليوم، تغير الطقس وبدأت الثلوج

كانت أشعة الشمس قد بدأت ترسل خيوطها التي بدت بكثافة الغيوم داكنة سوداء في صباح ذلك اليوم، تغير الطقس وبدأت الثلوج تذوب محولة التراب إلى طين تجمعت حوله القاذورات من بقايا المارة. كانت الأشعة باهتة، وهي تتسلل من كوة الشباك باتجاه شرفة لشباك الصغير على فسحة الفناء الخارجي للمنزل. فيما كانت زمامير السيارات تعلو معلنة عن بدء نشاط حياة بشرية جديدة كالعادة، وبدأت كثافة الغيوم تتلبد ما حول الجو إلى ظلام بدأ يحلّ في الخارج مثلما بدأت سحب العتمة تتكاثف في الداخل أيضاً.

كان طارق وحده في غرفة النوم وهو يجهز حقيبة ملابسه وقد بدا على ملامح وجهه التعب نتيجة سهر ليل لم تغمض فيه عيونه لحظة…

دخلت سعاد حانقة تظهر على وجهها علامات الغضب، وقفت عند الباب، وهي تردد صار بإمكانك أن ترحل، فالناس يملؤون الشوارع لم ينبت ببنت شفة وتابع كمن يرد عليها وقد رفع حقيبة ملابسه:

– سيريحني الله أخيراً من عشر سنين من الذل والهوان قضيتها معك…

أكمل جمع ملابسه، فيما أردفت قولها:

– كم كنت نذلاً معي! لم تذقني لحظة سعادة معك كم ضحيت من أجلك! واستدارت وهي تضع كفيها على وجهها، وأجهشت بالبكاء ومن بين فرجات أصابعها، شاهدت صورة ابنهما الوحيد أمامه، وقد هم لأخذها لكنها كانت أسرع منه، فالتقطتها من بين يديه لا حقّ لك في أي شيء يخص حياتي.

– حياتك قالها مستغرباً، هذا ابني أم ابن الجيران؟ وأردف سآخذها وآخذه معها، إنه ابني وحقي.

زر أزرار طقمه، عقد ربطة العنق، حمل حقيبة ملابسه باليد اليسرى، واتجه إلى غرفة نوم الطفل…

وقفت في الممر المؤدي إلى المطبخ الصغير، ممسكة بالطفل، كان ابنهما يغط في نوم عميق…

– لا توقظ الطفل واخرج… صاحت به…

– سأخرج ومعي ابني لن أتركه معك…

علا الصوت استيقظ الطفل على كابوس، ربما لم يخطر على باله أن يرى الكوابيس في الواقع، فهو لم يعتد إلا مشاهدة أفلام الكرتون المضحكة التي أبطالها من ورق، أمّا أن يكون الكابوس في الواقع، فهو ما لم يصل إليه خياله الطفلي بعد، كما لم يبلغ به الأفق أن يرى صورة أبويه في مشهد خصام، وتنازع عليه،

– سآخذه…

– حقي، دع الطفل، إنه لي…

ومدَّ كل منهما يده باتجاهه فيما سيطر الخوف والقلق على وجه الطفل.

– قلت لك دعْهُ، أيُّها المجنون…

– سآخذ الطفل…

– أجابته قائلة: لن تلمسه لو شاهدت حلمتي أذنيك؟

ألقى بالحقيبة من يده، أمسك بها بكلتا يديه، هزَّها: لا تتركيني ارتكب جريمة فيك، لعن الله الساعة التي تزوّجتك فيها.

ردَّتْ عليه بذلْتَ كلَّ ما تستطيع لتتعقب حذائي، وكم حاولت لأقبل بك، لقد قرفتك، كرهت حياتي معك، اخرج من بيتي…

– سأخرج ومعي ابني سأخرج..

– لن تأخذه ردّت عليه…

وفي سورة الغضب تماسك الأبوان….

لاذ الطفل محتمياً بظهر أمه، شدَّ الأب الأم إلى الأمام، سحب الطفل من يده، أمسكت الأم بسكين كانت على الطاولة: لن تأخذ الطفل.

– أبعدي هذه السكين، لا تتحامقي قلت لك: سآخذه…

– لن يخرج معك إلا على جثتي، وعلا الصوت همَّتْ أن تضربه بالسكين، لكنه أمسك بيدها ضرب بكفّها على لوح زجاج أجبرتها على أن تترك السكين، سال الدم غزيراً من كفّها…

خاف الطفل وبحركة مرتبكة صعد إلى الشباك المفتوح، فهوى أرضاً وسط ذهول الأبوين، وقد هرعا إلى سلم الدرج يتسابقان في الوصول إلى الشارع الذي تحوَّل إلى مشهد جنائزي، فيما اجتمع المارة حول الطفل الجثة…

بينما كانت حسرات الأب قد أخرسته عن الكلام أمام هول المشهد، وما يزال كفُّ الأم ينزف من دون أن تشعر فيه بألم.

Continue Reading

ثقافة وفن

خبزُ الرحى

كي نعبرَ المسكونَ فينا حين تشتدُ الجراحُ ونبتغي فرجًا يلطِّفُ ما تدورُ به الرَحى في عمقِنا، نحتاجُ سيدةً من اليمن

كي نعبرَ المسكونَ فينا حين تشتدُ الجراحُ ونبتغي فرجًا يلطِّفُ ما تدورُ به الرَحى في عمقِنا، نحتاجُ سيدةً من اليمن السعيدِ تشدُّ مئزرها وتروي للرياحِ الصُفرِ ما يعنيه إنّا متعبون وفي دواخلِنا غناء.

كي لا تقيمَ بنا المرارةُ أو تُعيدَ مدارَها في أولِ الرغباتِ منا للخلاصِ وفي التفاصيلِ الخفيةِ للحظوظِ، نريدُ بحارًا من الإغريقِ يسمعُ ما كتبناه انتظارًا للشواطئ والسفينةِ والمحار. ما زالَ فينا الخطوُ لكنّا هرِمْنا من نواياهُ المقيمةِ دونما لونٍ ولا سفرِ مباح. كلُ الجهاتِ تودُ منا أن نقومَ ونستعينَ برغبةِ الفلاحِ في الصبحِ المطيرِ وما وراءِ الحقلِ من تعبٍ وسانيةٍ وماء.

يا أرضُ مدّي من مداكِ مساحةّ نلقى بها أنثى ترتبُنا عبورًا نستخفُ به الشقاء، نبكي برغبتِنا، ونشربُ نخبَنا، ويظلُ في تلك الرحى شدوٌ سنسمعُهُ ونخبِزُ منه فاتحتينِ من صبرٍ وثالثةً بها نجدُ الحياةَ ولا حياة.

Continue Reading

ثقافة وفن

خذلان

ها هورويدًارويدًاينسحب من دمي..من عروق يديمن أعصاب جسدي..يتبخر..يصعدأغمض عيني..لأسمح لدموعي بالهطول..يتبددكالرمل

ها هو

رويدًا

رويدًا

ينسحب من دمي..

من عروق يدي

من أعصاب جسدي..

يتبخر..

يصعد

أغمض عيني..

لأسمح لدموعي بالهطول..

يتبدد

كالرمل من يدي

كالأغنية الشجية من صوتي

ينزلق..

كالجنين من رحمي

أقصُ حبله السُري

أغمض عيني..

لأسمح لدموعي بالهطول..

ها هو ينفصل عني

يرتعشُ

يشتعلُ

يطير

يسقط

يرتفعُ

يتمدد

يتسعّ

يشرقُ

يحيي قيامتهُ

مع امرأة أخرى

تأخذ ما أشعلته فيه..

أغمض عيني

لأسمح لدموعي بالهطول..

Continue Reading

ثقافة وفن

أنتِ حُفرتي التي سقَطتُ فيها

أمُدُّ يديْ ولا فراشةٌ تنقُذُني منكِ، حتّى خلعتُ من الصدفةِ قميصَها؛ ومنحتُ الأتاواتِ للفراغِ الذي أرسُمكِ عليهِ،

أمُدُّ يديْ ولا فراشةٌ تنقُذُني منكِ، حتّى خلعتُ من الصدفةِ قميصَها؛ ومنحتُ الأتاواتِ للفراغِ الذي أرسُمكِ عليهِ، وأنا أحدِقُ بالنرجسِ الذي أظنُكِ فيه؛ مَنْ يدري قد أصحو ذاتَ يوم و أَجدُني أنتِ؛ فأنتِ المتاهةُ التي تقودُني اليكِ، وأنتِ حُفرتي التي سقطتُ فيها، ولا سُلّمٌ يقودنُي لأحضانكِ، ولا إشارةٌ تدُلُّ أسايَّ وتأخُذّ حَيرتي إلى مثواها،

كمْ عليَّ أنْ أبتهجَ وكم عليّ أنْ أصرخَ بالفراغِ الذي يحدِثني عنكِ؟

لستِ الإ امرأةً مِن زَبَدٍ يذهبُ جفاءً وأنظرُ إليهِ، يا شِباك تورتي كُلِّها وبدءَ خاتمتي، أشُّم رائحةَ أنوثتكِ في ثيابِ المارةِ وأحجارِ الطريقِ، وأتربصُ باسمكِ كلمّا أستلُّ من خاطري بقايا أنوثتكِ وألصقُها على الزجاج؛ فأنتِ ضياعي الذي قادنَي اليكِ، وأنتِ جائزتي التي ذهَبتْ للآخرين، كيفَ سقطتُ فيكِ وليْ جناحان من أظافرك المطليّة بالحنّاء؟

كنتُ أحلّقُ على حقولِك، وأصرخُ بالمفازاتِ الجبانةِ، أرى الفراغ َ يمتشقّ سيوفَه ويقاتلُ صفناتي التي تقودُني اليكِ، يا حُفرتي التي سقطتُ فيها، يا خواتمي التي بحثتُ عنها في الظلام، يا شريطَ سِنّيّ الذي أضعتُه ذاتَ منفى، وقادني اليكِ ذاتَ وهمْ،

لعلّي أبدأ بكِ؟ يا رائحة تورتي التي تركتُها في خاطري ولجأتُ اليكِ، دحْرجتُ خيبتي في البراري وذهبتُ أنثرُ الأقحوانَ حول اسمكِ، وأصنعُ من الضباب أساورَ لمعصميك،

أستلقي على حروفِ اسمكِ كلّما شعرتُ بالوحشةِ، وكلُّما تأخذني الحيرةُ الى حيرتي بكِ، ها هو مزاجي يرتطمُ بالتفاصيل الصغيرة التي تقودنُي اليكِ، فأراكِ أنثى من عبث، تجتازُ النقاطَ والفواصلَ وتعبثُ برجولتي التي صنعتُها من طرازٍ أنيقْ، ها هو الفراغُ يتّسّعُ بعينيك وأنا أتحدرجُ بهما، كلّما ذكرتُكِ تحوّلتِ الأشياءُ إلى هواجس مصلوبةٍ على الجدارِ الذي يفصلنُي عنكِ، وأنا أرتبُّ الضياعَ الذي يُوصلنُي اليكِ، وألتقطُ الأصدافَ وأرسُمكِ فيها.

أيُّ عبثٍ قادني إليكِ؟ وساقني إلى ممراتكِ الضيّقة، يا حُفرتي التي سقطتُ فيها، وتنوّري الذي أصطلي بجمره، يا عشقي الذي ألوّح له في الملاءات، وقمري الذي غلبَه النعاس،

وحيثما تطرقُ الريحُ بابي ألتحفُ بكِ، وأنظرُ للأبديّةِ وأصطلي بجمرتكِ، طالما أنشدتُكِ شعراً على مسامعِ الفراشاتِ التي تصفقُ لك بأجنحتها، وراقصتُ طائرَ الكناري الذي يقودنُي صفيرُه الى خريفكِ الموحش، كلُّ ما بقي منكِ، تلك الابتسامةُ الساخرة، وعودُ ثقابٍ واحد يوقد النارَ في قلبٍ يتقّدُ بحبٍّ انزلقتْ ساقاه على أعتاب قلبكِ، تركتُه يلتفُّ بأنوثتكِ وصحوتُ من عبثي بكِ، يا آخرَ الأشياءِ التي تركتهُا هناك، قبل أنْ تنطفئَ الأبجورةُ ويبدأُ كلُّ شيء، عينُكِ التي تلتمعُ فيها بركةُ ضوء، وثوبُك الذي يغفو فيه قمرُ ملفّقُ، قمرٌ يخدعُ ذاكرتي التي ألِفتْ خُصلاتِ شعركِ الذي يخبئُّ تحت بُرقعهِ وقاحةً تُسِرُّ إليّ ما يُأنسُ وحشتي ويختصرُ الطريقَ، ذاتُها عينُك التي كانت تُطِلُّ عليّ من نافذةٍ كأنّها طيورٌ نافقة، وما زلتُ أبدأُ بكِ كلمّا تنتهي الحكايا، وأنظرُ لعينيكِ اللتين تلتمعُ فيهما بركةُ ضوءٍ، وأُصدّقُ ما ينقلُه إليّ طائرُ الكناري الذي غادرَ نافذتي التي تهشّم زجاجُها من النقر، كان يشي لي عن أُنوثتكِ التي تكسَّرتْ بين أصابعي، وأنا أقيس الفراغَ الذي يفصلُني عنكِ، قمري الذي تهشّمتْ نوافذُه سيحوّلُ ابتساماتكِ زُجاجاً من معدنٍ أنيق، ويعلّقكِ تعويذةً بقلبي، لا تدعي تجاعيدَ وجهكِ تمنَعكِ من الحب، من افتراش قلبي، فقط انظري بعينيّ لأغيّر الزمنَ وأكسر المرايا التي خَذلتْ جمالَك وأعيدُكِ إليّ، أُطلي وجهكِ بقصائدي، وأعلّقها تميمةً لحبّكِ، سأكتسحُ العالم بالقبلاتِ كلمّا تبتسمين إليّ، فليس أمامكِ من حلّ سواى، ستجدين جمالكِ عالقاً كتميمةٍ على شفتي، وأنتِ تفترشينها كحقولٍ من كرز، وأهيّئ طيوري لاستقبالك، وأطلبُ منها أنْ تلتقط حاشيّة ثوبكِ بمناقيرها خشية الاتساخ، يتطّافر البلّورُ من أردان ثوبكِ وأنتِ تمسكين بي، كأنّكِ مصباحٌ في زجاجة، والزجاجة تكسّرت بنهرٍ ترك مجراه وتقرفصَ أمام بهائكِ، لم يعد يفصِلني عنكِ غيرُ العبث، يا عناقيدي المتدليّة في النهر الذي تقرفصَ أمام بهائكِ، غيرُ أنايَ التي تبعثّرت أمام خطواتكِ، وأنتِ تمرّين بإهابٍ بابلٍ مُمرّد، على شُقوق يدي وهي تُلّوح اليكِ.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .