Connect with us

ثقافة وفن

النقدُ ما بعدَ الحدَاثي

المحاولاتُ النقديةُ الأولى لم تخرُج عن إطار (المقاربةِ الجزئية)؛ المتمثِّلة في النظر إلى معنى البيتِ المفرد، والمقارنةِ

المحاولاتُ النقديةُ الأولى لم تخرُج عن إطار (المقاربةِ الجزئية)؛ المتمثِّلة في النظر إلى معنى البيتِ المفرد، والمقارنةِ بينه وبينَ معاني الشعراء، التي تتماثلُ معه، فالتاريخُ الشِّعري مليءٌ بالشُّواهد على ذلكَ؛ بدايةً من زوجةِ امرئ القيس، إلى سُكينة بنت الحسين، ومي زوجةِ ذي الرمة، وبثينة محبوبةِ جميل بن معمر، وليلى محبوبةِ قيس بن الملوح، وليسَ انتهاءً بالخُلفاءِ في العصرين الأمُوي والعبَّاسي، الذينَ كَانوا يستقبلُون الشُّعراء، ويُحاورونهم، ويقدِّمون نقداً لقصائدهم.

النقدُ الجزئِي لمفردةٍ، أو معنًى، أو أسلُوب، أو غرَض، أو صُورة، أو تركِيب، أو قافِية؛ يعتبرُ السائِد في ممارساتِهم النقديَّة؛ المعتمدةِ على «مُقاربة البيت كَوحدة مستقلَّة»، لها بدايةٌ ونهايةٌ، واكتفاءٌ بلاغِي ومعنوي، ولا حاجةَ لاتَّصاله بما قبلَه أو بعدَه، بل حين يتَّصل بأحدهما، سُينظر إليه كَعيبٍ من عيوبِ بناءِ البيت الشِّعري.

التركيزُ على البيتِ المفرد، وإعطائِه الأولويَّة، أدَّى إلى تهميشِ القصِيدة، والنَّظر إليها كأجزَاء متفرِّقة، لا جامعَ بينَها؛ إلا الوَزن والقافِية، ما قادَ إلى تكريسِ (الانفصَال المعنوِي، والاستقلالِ البلاغِي)؛ اللذَين سيطَرا على النَّقد، وباتَا مِعيار الموازنةِ والمقاربة، فالشعراءُ يتفاوتونُ بحسب صِياغة البيت.

الانفصالُ المعنوِي، والاستقلالُ البلاغِي؛ سارَ بالنَّقد إلى اعتمادِ (المقاربةِ الأسلُوبية)، التي أخذَت تدرسُ الشِّعر من ناحِية الأساليبِ البلاغيَّة والنحويَّة والتركيبيَّة، إضَافة إلى المفاضَلة بين المعَاني، واستخدَام الألفَاظ، ومدَى دقَّتها في أداءِ المعنَى، وملاءَمتها للسِّياق، ومناسبتِها صوتيًّا معَ ما يُجاورها من مُفردات.

المناهجُ النقديةُ الحدِيثة رأَت في الجزئِيَّة عيباً قاتلاً؛ يقودُ إلى فقدانِ القصِيدة للوحدةِ الموضوعيَّة، ما دفعَ النُّقاد إلى رفعِ لواءِ المركزيَّة الدلاليَّة، التي دعَت إلى توحِيد موضُوع القصِيدة، وألا يخرجَ الشاعرُ عنه، وتمَّ لهم ما أرادُوا، فانتقلَت المقاربةُ من الجزئيَّة إلى الكُليَّة، وأُضيفت إلى (الوحدةِ الموضوعيَّة) (الوحدةُ العضويَّة)؛ التي ترَى الترابُط بين أجزاءِ القصِيدة، سبباً في تماسُكها، وجودةِ بنائِها.

الوحدتانِ الموضوعيَّة والعضويَّة؛ ساهمتَا في صِياغة وعي النَّقد الحدِيث، فباتَ يُقارب القصِيدة باعتبارِها كُلًّا كاملاً لا يجوزُ قطعُ جزءٍ من أجزائِه، أو إفرادِه بالدِّراسة، وعلى هذا الأسَاس جاءَت تِقنيات قرائيَّة كتقنِية الكَلمة المفتَاح، التي تبحثُ عن أهمِّ مفردةٍ وردَت داخلَها؛ لتكشِف ارتباطَها ببقيَّة المفردَات، وكيفَ يتشكَّل المعنَى، حينَ تُوضع الكَلمات بجوارِ بعضِها، فـ«السِّياق هو الذي يحدِّد المعنَى والقَصد».

الكلمةُ داخلَ السِّياق تمتلكُ معنًى يختلفُ عن معنَاها حينَ تقعُ خارجَه، أو ضمنَ سِياق آخر، وهوَ ما قادَ إلى عَودة الأسلُوبية القديمَة، إنَّما بشكلٍ حدِيث، يُناسب التغيُّرات المنهجيَّة التي حصلَت، فلم تعُد البلاغةُ على رأَس أولويَّة النُّقاد، إذ اتَّجهوا إلى استِخراج التراكيبِ التي تَرِدُ فيها الكَلمة، ودراسَتها بشكلٍ شمُولي، من أجلِ الوصُول إلى (هدَف الكَاتب)، وما الذي يُريد أنْ يوصلهُ إلى القَارئ.

هدفُ الكَاتب في النَّقد ما بعدَ الحدَاثي لم يعُد بتلكَ الأهميَّة، إذ ثُلاثية (النَّص، الكَاتب، القارِئ)، تمَّ اختزالُها في ثُنائية (النَّص، القارِئ)، ثمَّ جرَى تعديلُها لاحقاً لتقتصرَ علَى (القارِئ)؛ الذِي باتَ محورَ العمليَّة النقديَّة، وأهمَّ أركانِها، وبهذَا تراجعَت الأسلُوبية إلى الخَلف، وأفسحَت المجَال للتَّأويليَّة.

حلَّت التأويليَّة محلَّ الأسلُوبية، وأخذَت موقعَها ووظيفتَها، وبهذَا أصبحَ الانفتاحُ التأويلِي من أهمِّ سِمات المرحلَة، فـ(المعنَى يصنعهُ القارِئ)، بعيداً عن النَّص والكَاتب، اللذَين باتَا في موقِع هامشِي، لا يخوِّلهما المشاركَة في صِياغة الدلالَة، وإعطاءِ المعنَى، وهوَ ما أنتجَ قراءَات كثيرَة، لا رابطَ بينَها.

حينَ مُنِح القارئُ حقَّ القِراءة النقديَّة، ثم تمَّ اعتمادُها والنَّظر إليها كقراءَة ذاتِ قِيمة؛ حدثَت (فوضَى قرائِيَّة)، فتكَاثرت القراءَات، وتعارضَت، حتَّى بلغَت حالةً من التشظِّي؛ حيثُ فقدَت الانسِجَام والتَّلاقِي على أُسُس مشتركَة، وهوَ ما أوجدَ خللاً في العمليَّة النقديَّة، التي باتَت في حاجَة إلى ضَبط.

ضبطُ القراءاتِ النقديَّة لا يتمُّ إلَّا بإقرارِ قواعدَ جدِيدة؛ تهدفُ إلى (تقنينِ القراءَات)، والتزامِها بالواردِ داخلَ القصِيدة، حينَما لا تستدعِي الحاجةُ الذَّهاب خارجَها، مع الاستعانةِ بمنجزاتِ الأسلُوبية، بعدَ إجراءِ تحسِينات عليها، إذ ليسَت هُنالك حاجةٌ للجدَاول الدلاليَّة، والرُّسوم الهندسيَّة، التي تُثقل كَاهل القِراءة، ولا تُضيف الكَثير إلى الدلالَة، وهكَذا يتجاورُ النقدُ الجزئِي والنقدُ الكُلِي في النَّقد ما بعدَ الحدَاثي.

Continue Reading

ثقافة وفن

وزير الثقافة يرعى حفل تكريم الفائزين بجائزة مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية في دورتها الثالثة

برعاية وزير الثقافة رئيس مجلس أمناء مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، كرّم

برعاية وزير الثقافة رئيس مجلس أمناء مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، كرّم المجمع اليوم الفائزين بجائزته في دورتها الثالثة لعام 2024، ضمن فئتي الأفراد والمؤسسات، في أربعة فروع رئيسية، هي: (تعليم اللغة العربية وتعلُّمها، وحوسبة اللغة العربية وخدمتها بالتقنيات الحديثة، وأبحاث اللغة العربية ودراساتها العلمية، ونشر الوعي اللُّغوي وإبداع المبادرات المجتمعية اللُّغوية)، وبلغت قيمة الجوائز المخصصة للفئتين 1,600,000 ريال، إذ نال كل فائز من كل فرع 200,000 ريال.

وألقى الأمين العام لمجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الدكتور عبدالله بن صالح الوشمي كلمة ثمن فيها الدعم والمؤازرة اللذين يجدهما المجمع من وزير الثقافة في عموم أعمال المجمع وبرامجه ومنها الجائزة؛ إذ تنطلق أعمال المجمع في مسارات أربعة وهي: البرامج التعليمية، والبرامج الثقافية، والحوسبة اللغوية، والتخطيط والسياسة اللغوية، متوافقةً مع استراتيجية المجمع وداعمةً لانتشار اللغة العربية في العالم.

بعد ذلك كُرّم الفائزون بالجائزة في دورتها الثالثة، من الأفراد والمؤسسات، من كل فرع بجوائزهم المستحقة، ففي فرع (تعليم اللغة العربية وتعلُّمها): مُنحَت الجائزة للدكتور خليل لوه لين من جمهورية الصين الشعبية في فئة الأفراد، ولدار جامعة الملك سعود للنشر من المملكة العربية السعودية في فئة المؤسسات.

وفي فرع (حوسبة اللغة العربية وخدمتها بالتقنيات الحديثة): مُنحَت الجائزة للدكتور عبدالمحسن بن عبيد الثبيتي من المملكة العربية السعودية في فئة الأفراد، وللهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) في فئة المؤسسات.

وفي فرع (أبحاث اللغة العربية ودراساتها العلمية): مُنحت الجائزة للدكتور عبدالله بن سليم الرشيد من المملكة العربية السعودية في فئة الأفراد، ولمعهد المخطوطات العربية من جمهورية مصر العربية في فئة المؤسسات.

وفي فرع (نشر الوعي اللُّغوي وإبداع المبادرات المجتمعية اللُّغوية): مُنحت الجائزة للدكتور صالح بلعيد من الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية في فئة الأفراد، ولمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة من الإمارات العربية المتحدة في فئة المؤسسات.

وجاءت النتائج النهائية بعد تقييم لجان التحكيم للمشاركات؛ وفق معايير محددة تضمنت مؤشرات دقيقة؛ لقياس مدى الإبداع والابتكار، والتميز في الأداء، وتحقيق الشمولية وسعة الانتشار، والفاعلية والأثر المتحقق، وقد أُعلنت أسماء الفائزين بعد اكتمال المداولات العلمية، والتقارير التحكيمية للجان.

وتهدف الجائزة إلى تكريم المتميزين في خدمة اللغة العربية، وتقدير جهودهم، ولفت الأنظار إلى عِظَم الدور الذي يضطلعون به في حفظ الهُوية اللُّغوية، وترسيخ الثقافة العربية، وتعميق الولاء والانتماء، وتجويد التواصل بين أفراد المجتمع العربي، كما تهدف إلى تكثيف التنافس في المجالات المستهدَفة، وزيادة الاهتمام والعناية بها، وتقدير التخصصات المتصلة بها؛ لضمان مستقبل زاهر للغة العربية، وتأكيد صدارتها بين اللغات.

وتمثل الجائزة إحدى المبادرات الأساسية التي أطلقها المجمع؛ لخدمة اللغة العربية، وتعزيز حضورها، ضمن سياق العمل التأسيسي المتكامل للمجمع، المنبثق من برنامج تنمية القدرات البشرية، أحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030.

يُذكر في هذا السياق أن جائزة مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية تؤكد دور المجمع في دعم اللغة العربية، وتعزيز رسالته في استثمار فرص خدمة اللغة العربية، والمحافظة على سلامتها، ودعمها نطقاً وكتابة، وتعزيز مكانتها عالمياً، ورفع مستوى الوعي بها، إضافة إلى اكتشاف الجديد من الأبحاث والأعمال والمبادرات في مجالات اللغة العربية؛ خدمةً للمحتوى المعرفي العالمي.

Continue Reading

ثقافة وفن

قيصرية الكتاب تستضيف رائد تحقيق الشِّعر عبد العزيز الفيصل

يحل رائد تحقيق الشعر الإسلامي والقديم في شبه الجزيرة العربية البروفيسور عبدالعزيز بن محمد الفيصل مساء غد (الاثنين)

يحل رائد تحقيق الشعر الإسلامي والقديم في شبه الجزيرة العربية البروفيسور عبدالعزيز بن محمد الفيصل مساء غد (الاثنين) ضيفاً على قيصرية الكتاب؛ بمناسبة صدور كتابه الأحدث «شعر بنى هلال في الجاهلية والإسلام إلى زمن التغريبة جمعاً وتحقيقاً ودراسة». ويتحدث الفيصل في الندوة، التي يديرها الإعلامي عبدالعزيز بن فهد العيد، عن جوانب من سيرته التعليمية والعلمية والعملية، وعلاقته الوطيدة بشعراء جزيرة العرب، إذ يعد من أوائل الأكاديميين السعوديين المتخصصين في الأدب العربي، وله ما ينيف على 20 مؤلفاً في الثقافة والأدب والتاريخ والشعر.

والفيصل من مواليد محافظة سدير عام 1943م، وشغل منصب أوّل عميد للدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وتولى تأسيس العمادة بكافة إداراتها ومرافقها، وأشرف على العديد من الرسائل العلمية، وعمل مستشاراً غير متفرغ في وزارة التخطيط لمدة ستة أعوام، وتم تكريمه من قِبَلِ الجمعية السعودية للدراسات الأثرية بجامعة الملك سعود، والنادي الأدبي بالرياض، ولُقّب من قِبَلِ هاتين الجهتين بـ«رائد تحقيق الشعر الإسلامي والقديم في شبه الجزيرة العربية». كما تمت إقامة ندوة عن المحتفى به، شارك فيها تسعة أكاديميين بسبعة بحوث عنه.

تعقد الندوة مساء غد في تمام الساعة ٧:٣٠ مساءً، بمقر قيصرية الكتاب بساحة العدل بمنطقة قصر الحكم بمدينة الرياض.

Continue Reading

ثقافة وفن

سعوديتان.. ومصري وصومالي في معرض الاتجاهات الأربعة

تنطلق غدا (الاثنين) فعاليات معرض الاتجاهات الأربعة الذي ينظمه أتيليه جدة للفنون التشكيلية لأربعة فنانين من السعودية

تنطلق غدا (الاثنين) فعاليات معرض الاتجاهات الأربعة الذي ينظمه أتيليه جدة للفنون التشكيلية لأربعة فنانين من السعودية ومصر والصومال، وهم: حنان الحازمي، وجواهر السيد من السعودية، وعاطف أحمد من مصر، وعبدالعزيز بوبي من الصومال.

ووفقاً لمدير الاتيليه هشام قنديل، سيقدم كل فنان تجربته الخاصة واتجاهه الخاص الذي يميزه عن أقرانه من الفنانين.

وتقدم الفنانة جواهر السيد 10 لوحات تمثل آخر تجاربها، التي يقول عنها الناقد تحسين يقين: «إن ما يميزها هذا التواصل اللافت بين النساء والأطفال، فضلا عن تعبير الألوان عن المشاعر بذكاء واحتراف».

وأضاف: «على شاطئ جدة الجميلة، أطالت الفنانة تأملاتها النفسية والاجتماعية، لتعبر عن ذلك خطوطا وألوانا، تتجاوز بها مكانها، لتعبر عن حال الإنسان اليوم في هذا العالم ذي النزعة الفردية».

وتقدم الفنانة حنان الحازمي 10 لوحات بأحجام مختلفة تجمع بين التعبيرية والتجريدية، وستضع في هذا المعرض أقدامها بقوة في المشهد التشكيلي السعودي. وحول تجربتها، قال الناقد المصري الدكتور حسان صبحي: «اعتمدت الفنانة حنان الحازمي على طرق تحليلية خاصة في إبداع التركيبات الفنية واستخدام أقل عدد ممكن من المفردات والوسائط التعبيرية ذات الكثافة والثقل في تعبيراتها البصرية لطرح نموذج طليعي يضيف إلى الفنون البصرية ويعلي عادات الرؤية لدى المشاهد، وهو أحد الاتجاهات المهمة التي تم التأكيد عليها في الفنون البصرية». ولفت إلى أن تلك الأعمال امتلكت طاقة مسالمة تكتنزها عناصرها وبناؤها التصميمي المشبع بطاقات التعبير والتفكير المفاهيمي.

أما الفنان المصري عاطف أحمد فيقدم 10 لوحات بأسلوبه الخاص المتمرد (ميكس ميديا) تمثل أحدث إبداعاته.

وعن أعماله قال الناقد صلاح بيصار: «أعمال عاطف تنحاز إلى الجموع من الفلاحين الذين يشكلون ملحمة الأمل والعمل، يتتبعهم في خُطاهم بعمق الدلتا من الحقل والحرث والحصاد».

أما الصومالي عبدالعزيز بوبي فهو عضو الجمعية السعودية للفنون التشكيلية (جسفت)، وتتميز تجربته كما يقول الناقد الدكتور عصام عبدالله العسيري بالنضج اللوني التجريدي الثقافي البصري العام.

وبملاحظة مفردات لوحاته سنجد استعارة رسوم وكتابات أرقام وحروف وخطوط ورموز وألوان وإشارات بصرية، يقدمها في تكوينات جميلة وجريئة وبديعة، لها قيم جمالية ثقافية، كالجداريات والمصغرات بألوان جذابة.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .