Connect with us

ثقافة وفن

المُبدعون حاسدون

يفرح المُبدع المُؤسَّس بتميّز مجايليه، ويفخر بتفوّق المُتجاوز نفسه، ولا تثريب على تشوّفه للفوز بجائزة، أو نيل

يفرح المُبدع المُؤسَّس بتميّز مجايليه، ويفخر بتفوّق المُتجاوز نفسه، ولا تثريب على تشوّفه للفوز بجائزة، أو نيل حظوة، طالما كانت الجهات المانحة موضوعية، لا تغمط استحقاق جدير بالتكريم. وتكتنف النفس البشرية، حساسية يصعب إغفالها، إلا أن تمني الخير للغير سموّ في الذات المبدعة، ليبقى لردود الأفعال الغيورة، أو الحاسدة، مساحة لا مناص من تفهّم دوافعها، والتماس الأعذار للمندفع لحياض المنافسة غير الشريفة أحياناً. وفي تاريخ المشهد العربي قديمه وحديثه، سوابق حادة، منها نقائض جرير والفرزدق، وحمزة شحاتة والعواد محلياً، ويوسف إدريس ونجيب محفوظ عربياً. ولم ينجُ الطامحون لنوبل من الطعن في بعضهم، بما في ذلك سارتر وكامو. وهنا، محاولة لاستقصاء مشاعر المبدعين تجاه بعضهم، لتخفيف حدة رأي المثقف في رصيفه ووصيفه.

يؤكد الشاعر المغربي مراد القادري أن التنافس بين المثقفين العرب، إلى وقت قريب، يزرعُ في تُربة الثقافة العربية بذوراً تغذّي حيويتَها وتنعشُ سجلّها بأطاريح ومشاريع تصل حاضرَ هذه الثقافة بماضيها التليد، حيث التنافس ذو طعم إيجابي ومثمر، تمخّض عن سجالاته ومعاركه ما أفادَ حركةَ الثقافة والفكر في وطننا العربي. كان تنافساً كبيراً، لأن أصحابه كانوا كباراً وحاملِي مشاريع يختلطُ فيها الفكريّ بالمجتمعيّ والتنموي.

ويحمّل القادري، الفضاء الثقافي العربي مسؤولية غياب الرؤى المضيئة، كونه لم يعد قادراً على إنتاج ما يسعفُ على التنافس الحرّ والنزيه، بل صار يُنتجُ العداءَ والاحتراب والاقتتال بين أطراف تنتمي إلى الثقافة بمعناها الضيق، إذ لا مجال للاختلاف والتعدد والتنوع. بل إنّ مجرد إعلان انتمائِك لهذه القيم الإنسانية الكبرى يضعُك في مواجهة فوهة المدافع والرشاشات.

وتساءل: ماذا حصل؟ وكيف تحوّل فضاؤُنا العام السّياسي، والثقافي، والفكري والأدبي إلى ساحة حرب، بدل أنْ يكونَ محراباً للحوار والاختلاف والتسامح؟ ويجيب: لا شكّ أنّ ثمة أسبابًا عدة. غير أنني أريدُ أن أضعَ الأصبعَ على واحدةٍ منها. ويتعلّقُ الأمر، في نظري، بوضعية مؤسستين للتنشئة الاجتماعية، وهما المدرسة والأسرة اللتان قدّمتا استقالتهما من الأدوار التربوية والاجتماعية والثقافية التي كانت تنهضُ بها في السابق، إذ صارت المؤسستان معاً فضاءً للكسل والفردانية، بل إنهما، باتتا تشجّعان على استعمال كافة الوسائل من أجل اعتلاء مواقع والحصول على امتيازات حتى في غياب شروط الكفاءة والاستحقاق.

وعدّ غيابَ التربية على القيم داخل المؤسستين المذكورتين، وانعدامَ تقاليد الحوار المنتج بين جدرانهما، وسطوة الذاتي والشخصي، بدل الموضوعي والعامّ، مُذكياً فسائل غريبة، ليس على ثقافتنا العربية فحسب، بل وعلى الثقافة الإنسانية، ما انعكس على مستوى الحوار العام الذي غلب عليه التسطيح والابتذال والإسفاف، بما في ذلك بين المثقفين أنفسهم، الذين عوض أنْ يشكلوا قاطرة نحو التحديث والتنمية والنهضة، انشغلوا بما يعمق من صراعاتهم الأيديولوجية حينا، والمصلحية أحيانا أخرى، ما أفسح المجال لعدد من «المؤثرين» الذين احتلوا فضاءات التواصل الاجتماعي ليزرعوا التفاهة والضحالة.

ويذهب الشاعر الفلسطيني ماجد أبو غوش إلى أن علينا في البدء توصيف؛ المثقف لنستطيع الاجابة على هذا السؤال بشكل صحيح، كون الفيلسوف الألماني (كارل ماركس) يرى المثقف ثورياً، ومشروعه الثقافي موظّفاً لخدمة التطور والتقدم والمساواة والعدالة، فيما الفيلسوف الإيطالي غرامشي يراه عضوياً، يحمل هم ووجع الناس، مشيراً إلى أن مصطلح المثقف المشتبك، متداول في فلسطين. ويرى أبو غوش أن هناك مثقفين، منشغلون بقضايا عدة، عكس الكاتب الذي يكتب ابتغاء مكسب أو متعة أوشهرة، لذا نرى المكائد والخصومات بين الكتاب وليس بين المثقفين، خصوصاً الذين يلهثون خلف الجوائز وخلف الشهرة، ويتفننون في الإقصاء وفي حبك الدسائس، وأغلبهم يتحولون لكتاب تقارير كيدية، بسبب أنه ليس عندهم نص إبداعي يدافعون عنه.

وأضاف أنه يواجه لوماً، لإشادته بنص لشاعر فلسطيني أو عراقي أو سوري أو سعودي مثلاً، على اعتبار أن الكتابة ساحة منافسة وليست إبداعاً، وكان يرد بثقة: بكل بساطة، هذا النص يستحق الاشادة. وأضاف: المنشغل في العمل الثقافي الحقيقي لن يجد الوقت للمناكفات والعداء والكراهية لأحد.

وترى الشاعرة السعودية خديجة الشهري، أن التنافس غير الشريف يغذي النفوس غير السوية والمريضة بالأنانية وحب الذات، كون المنافسة الشريفة تبث في الروح الحماس والرغبة في التقدم له وللآخرين، وذهبت إلى أن المثقف الحقيقي ينأى بنفسه عن الحقد على زملائه، بل يسعى دوماً لتعزيز دورهم، ليراهم بمستواه في التفوق أو أفضل منه، ما يسهم في الارتقاء بالمشهد.

وأضافت: يظل التنافس قائماً في جميع المجالات وليس في المجال الثقافي فقط، إلا أن صراع الفضاء الثقافي، خلق بعض العداوات بسبب حصد بعض الجوائز أو التكريمات، كون البعض يرى أن التكريم يذهب إلى غير مستحقين، ما يوجب استحضار أخلاق الثقافة، والتعامل بروح الغبطة، ما يكون دافعاً للإنتاج والإبداع، فالفضاء يتسع للجميع، والمبدع يحظى بالمكانة اللائقة بمنجزه.

وعدت الكاتبة فاطمة عقل، الوسط الثقافي نموذج الفكر الواعي للمجتمعات، وترى في النخبة القدوة المؤثرة على شريحة عريضة، برغم بعض السلبيات، ومنها التنافس غير المحمود، والحسد والحقد والعنف، ونقد الذات والتدخل فى الشؤون الخاصة للآخرين والنميمة. وتطلّعت لمنافسة شريفة ترتقي بالشأن الثقافي، مع الأخذ في الحسب ظروف كل عصر. وعزت ثقة القراء إلى الأخلاق الفاضلة، ما يستدعي تصفية الذوات، وقبول وجهات النظر، والقبول بالحوار، وتخفيف نزعة الأنا والنرجسية.

الشيخي: جرير شفع للفرزدق وبكاه ورثاه

أكد الناقد الدكتور إبراهيم الشيخي أن المنافسة بين جرير والفرزدق لم تؤدِ إلى الكراهية والعداء، ذاك أن كليهما أحس بتكامله مع الآخر/‏الخصم، وبدا له ألا وجود له إلا بوجود الآخر. وعزا للمعاصرة، استمرار التهاجي بينهما لفترة نافت على الـ40 عاماً. وقال: لو كان التهاجي بينهما لسبب، لانتهى بانتهاء ذلك السبب. وأضاف: ربما لا يعرف الكثير أن جريراً شفع للفرزدق إبّان سجنه، وبكى عليه إثر موته ورثاه.

Continue Reading

ثقافة وفن

عابد البلادي.. صوت «الكسرة» في الأغنية الشعبية

حين يُذكر التراث الشعبي الحجازي، يقف اسم عابد البلادي شامخاً، كشجرة عتيقة تغذت من تربة المكان، وارتوت من وجدان

حين يُذكر التراث الشعبي الحجازي، يقف اسم عابد البلادي شامخاً، كشجرة عتيقة تغذت من تربة المكان، وارتوت من وجدان الناس، لتنبت أغنيةً مختلفة، تحفظ اللهجة، وتحاكي الوجدان، وتبث نغمة الكسرة في روح الأغنية الشعبية.

ولد البلادي 1955، فكان للفطرة نصيبها من صوته، وللبيئة أثرها في وجدانه. لم يكن عابراً في الساحة الغنائية، بل كان مشروعاً فنياً حقيقياً؛ أعاد تعريف العلاقة بين الشعر الشعبي والغناء، خصوصاً من خلال توظيفه لفن «الكسرة»، الذي كان حتى ذلك الوقت حكراً على المجالس واللقاءات الضيقة.

الكسرة، ذلك النبض اللفظي المكثف، اختزلت أحاسيس البسطاء في أبيات قصيرة، تتسرب إلى القلب دون استئذان. جاء عابد البلادي ليحملها من عزلتها، ويمنحها صوتاً ولحناً وأفقاً واسعاً. لم يغن الكسرة فحسب، بل أعاد تشكيلها؛ فابتكر لها إيقاعاً جديداً، ومزجها بألحان شعبية عذبة، جعلتها تصل إلى الجمهور بألوانه كافة، من جدة إلى الرياض، ومن القرى الصغيرة إلى المدن الكبرى.

أغانٍ مثل «أنا ونومي»، و«يا ناس راح المحبة»، لم تكن مجرد محاولات لتقديم لون جديد، بل كانت ثورة صامتة أعادت الاعتبار للكسرة كفن قائم بذاته، قادر أن يحيا داخل الأغنية الشعبية الحديثة دون أن يفقد خصوصيته أو طعمه الحجازي الأصيل.

في مسيرته، تجاوز عابد البلادي 250 أغنية، كثير منها حوى بصمته الكسراوية الفريدة. لم يكن فقط صوت مرحلة، بل صانع مسار، ترك أثره في الأجيال التي جاءت بعده. ولأن التراث الشعبي في نظره لم يكن مادة استهلاك أو ترفاً عابراً، حمله على كتفيه، وغناه للناس، وسجله للتاريخ.

اليوم، يقف عابد البلادي، كأحد رموز الأغنية الشعبية السعودية، كمن حمل هم «الكسرة» فجعلها تغني، وأعطاها من صوته وفنه عمراً جديداً.

في زمن تذوب فيه الملامح الفنية الأصيلة، تبقى تجربة البلادي، درساً في الوفاء للتراث، والقدرة على تجديده دون تشويهه؛ صوتاً لا يزال يردد بيننا الكسرة كما يجب أن تكون: قصيرة، عميقة، وصادقة.

أخبار ذات صلة

Continue Reading

ثقافة وفن

أصالة تدعم بوسي شلبي في أزمتها مع أبناء محمود عبدالعزيز.. ماذا قالت؟

دعمت المطربة السورية أصالة، الإعلامية المصرية بوسي شلبي في أزمتها الأخيرة مع ورثة الفنان الراحل محمود عبد العزيز،

دعمت المطربة السورية أصالة، الإعلامية المصرية بوسي شلبي في أزمتها الأخيرة مع ورثة الفنان الراحل محمود عبد العزيز، بشأن ما إذا كانت طليقته أم أرملته.

وعبر حسابها الشخصي بمنصة «إنستغرام»، نشرت أصالة صورة تجمعها بالإعلامية بوسي شلبي، وكتبت في التعليق: «من وقت طويل بستنى أحكي عن هالست وأعطيها جزء من حقها ومثل كتير أشياء بتروح أو بتتأجّل لوقت مناسب».

وأكدت أصالة أن بوسي شلبي استقبلتها في منزلها عدة مرات منذ استقرارها في مصر، قائلة: «من يوم ما جيت على مصر العظيمة وكان كلى سعادة وشرف الاستقرار على أرضها وبين ناسها منهم هذه السيدة الطيبة اللي دائما بتبهرني باهتمامها بناس كتير الحياة امتحنتهم بمرض وباحتياج، وبعرفها زوجة ما في أوفى منها».

أخبار ذات صلة

وفي الأيام الأخيرة، خرج ابنا الفنان الراحل محمود عبدالعزيز، كريم ومحمد، ليفجّرا مفاجأة من العيار الثقيل بإبرازهما حكم محكمة يؤكد أن مقدمة البرامج بوسي شلبي لم تكن زوجة لوالدهما وقت وفاته، بل كانت طليقته منذ 1998، وبالتحديد بعد شهر ونصف من زواجهما.

Continue Reading

ثقافة وفن

حلا شيحة تطلق قناة على «إنستغرام» وتقدم لجمهورها محتوى حصرياً

فاجأت الفنانة حلا شيحة، جمهورها بخطوة جديدة من خلال إعلانها إطلاق محتوى خاص وحصري للمشتركين فقط على حسابها الشخصي

فاجأت الفنانة حلا شيحة، جمهورها بخطوة جديدة من خلال إعلانها إطلاق محتوى خاص وحصري للمشتركين فقط على حسابها الشخصي بمنصة «إنستغرام»، بمقابل مادي قدره 249 جنيهاً شهرياً.

ويحصل المشاركون على مجموعة من الميزات من بينها إشارة مخصصة تظهر بجانب أسمائهم، إضافة إلى محتوى حصري لا يتاح لغير المشتركين، وإمكانية الانضمام إلى مجموعات للتواصل الاجتماعي، والرسائل الجماعية المباشرة معها.

كما تشمل المزايا دعوات لحضور مناسبات ولقاءات شخصية معها، بجانب العديد من المفاجآت، دون الكشف عن نوعية المحتوى الذي ستقدمه بالفترة القادمة.

وفي الأشهر الماضية، أعلنت حلا شيحة عن تقديمها «بودكاست» في فكرة جديدة، تروي من خلاله قصتها مع الحجاب والتمثيل والعديد من الأمور التي مرت بها.

أخبار ذات صلة

وشاركت حلا شيحة جمهورها صورتين وهي مرتدية الحجاب، عبر حسابها الشخصي بموقع «إنستغرام»، وأرفقت الصور بتعليق: «إن شاء الله هعمل Podcast أتكلم فيه عن تجربتي، لأن أكيد شبه ناس كتير».

يُعد مسلسل «إمبراطورية ميم»، آخر أعمال حلا شيحة وعرض في موسم رمضان 2024، وجمعها بالنجم خالد النبوي، من تأليف محمد سليمان عبدالمالك، وإخراج محمد سلامة.

وضم العمل مجموعة من الفنانين، منهم نشوى مصطفى، نور النبوي، محمود حافظ، محمد محمود عبدالعزيز، مايان السيد، هاجر السراج، وليلى عز العرب وغيرهم من النجوم.

وفي السينما، كان آخر ظهور لها بفيلم «مش أنا»، الذي عرض بالسينما في 2021، وقدمت حلا دور البطلة أمام الفنان تامر حسني، وضم العمل مجموعة من النجوم أبرزهم ماجد الكدواني، إياد نصار، سوسن بدر، شيرين، محمد عبدالرحمن، وآخرين.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .