Connect with us

ثقافة وفن

المعلم محمد الطويان في ذاكرة تلميذه عبده خال..

في أعمال عبده خال، كما في حياته، تمتزج الذاكرة بالحكاية، ويغدو الماضي خيطاً ممتداً لا ينقطع عن الحاضر.

في روايته

في أعمال عبده خال، كما في حياته، تمتزج الذاكرة بالحكاية، ويغدو الماضي خيطاً ممتداً لا ينقطع عن الحاضر.

في روايته «الموت يمر من هنا» مثلاً، كانت الشخصيات تعيش على تخوم الحياة، بين البقاء والفقد، بين الذكرى والنسيان، وكأنها محكومة بأن تظل شاهدةً على أثر الزمن.

وأشبه بذلك هو واقعه الشخصي، لم يكن المشهد بعيداً، حين استعاد شريط الذكريات إلى لحظة الطفولة، إلى ذلك الفصل الدراسي الذي كان فيه طالباً بين طلاب، وأستاذٌ يقف أمامهم، لكن ليس كمعلمٍ عادي، بل كنجمٍ يبهرهم يضيء شاشتهم الصغيرة، فيجمعهم بين دفتي الكتاب والمسرح، بين خشبة المدرسة وخشبة الحياة.

محمد الطويان، ذلك المعلم الذي لم يكن مجرد ناقلٍ للمعرفة، بل صاحب أثرٍ يتجاوز حدود المنهج، كان في نظر طلابه ومنهم «عبده خال» – الذي أصبح فيما بعد نجماً مضيئاً في سماء الثقافة – شخصيةً تستحق الفخر. وهو الذي كانوا يرونه كل مساءٍ على التلفزيون، فيتحدثون بين أقرانهم بزهو: «هذا أستاذنا». لم يكن مجرد معلم، بل كان رمزاً للقدرة على العيش بأكثر من حياة، في حجرة الدرس، وفي شاشة الإبداع، وفي ذاكرة من عرفوه.

مرت الأعوام، وتقلّبت الأيام، ليجمع القدر عبده خال بأستاذه مجدداً، في لقاء لم يكن محض مصافحة، بل كان امتداداً لذاكرة لم تبهت، حين استحضر صورةً قديمة، محفورةً في أرشيف قلبه قبل ألبومات ذكرياته، تأكيداً أن بعض الأثر لا يزول، وأن المعلم حين يكون ملهماً، يبقى جزءاً من وعي طلابه، مهما تعاقبت الفصول وتبدلت الأدوار.

ناشراً عبر منصة «X» منشوراً قال فيه: «رحم الله أستاذي محمد الطويان، درسني في الصف السادس الابتدائي بمدرسة ابن رشد بالرياض.. ومضت الأيام، ومنذ سنوات قليلة، التقيت به وذكّرته أني أحد طلابه الذين كانوا يشاهدونه على شاشة التلفزيون ونفاخر به أقراننا بجملة تحمل فخرها «هذا أستاذنا».

واليوم، ترجل محمد الطويان عن خشبة الحياة، لكن ملامحه لن تغيب عن ذاكرة عبده خال ومن تتلمذوا على يديه، ولا عن شاشاتٍ عرضت فنه، ولا عن وجدانٍ حمل صوته كأحد الدروس التي لا تمحى.

المعلم محمد الطويان، من نماذج المعلمين الخالدين، الذين لم يكتفوا بتدريس المناهج، بل زرعوا في القلوب وعياً لا يتوقف عن النمو، وأثراً لا ينتهي برحيلهم.

Continue Reading

ثقافة وفن

القشعمي: قدمت 55 كتاباً.. والعبودي وخزندار والعلي يحفزوني للاستمرار

عبّر الكاتب التوثيقي المؤرخ محمد بن عبدالرزاق القشعمي، عن امتنانه لنادي جدة الأدبي ومجلس إدارته لاختياره بأن

عبّر الكاتب التوثيقي المؤرخ محمد بن عبدالرزاق القشعمي، عن امتنانه لنادي جدة الأدبي ومجلس إدارته لاختياره بأن يكون الشخصية المكرمة في ملتقى النص الحادي والعشرين لعام 2025 «التاريخ الأدبي والثقافي في المملكة العربية السعودية بين الشفاهية والكتابية».

وقال القشعمي: «شكراً لمن أحسن الظن بي وخصني بهذا التكريم؛ الذي أعده تكريما لكل منجز ثقافي وأدبي يقدمه مواطن لوطنه ومجتمعه، وتحفيزا لإنجاز المزيد من الدراسات والبحوث».

وأضاف: «عندما اتصل بي رئيس نادي جدة الأدبي الدكتور عبدالله بن عويقل السلمي ناقلاً لي ما قرره مجلس إدارة النادي بتكريمي، عقب أن مهد لذلك بعض الأصدقاء حاولت الاعتذار قائلاً: إن هناك من هو أحق مني بهذا التكريم، فقال: إنه اتصل لإبلاغي بما تم الاتفاق عليه وليس لأخذ رأيي. ولهذا قبلت وأمري لله.. راجياً أن أكون عند حسن ظنكم جميعاً».

وعن قصة التأليف والكتابة؛ أوضح «أبو يعرب» أنه لم يبدأ الكتابة والتأليف إلا متأخراً، إثر تجاوزه الخامسة والخمسين من العمر، وبالصدفة إذ طلب منه الدكتور محمد الدبيسي وكان محرراً بالصفحة الثقافية في جريدة الجزيرة بالرياض عام 1419هـ/1999 بالكتابة عن الرائد عبدالكريم الجهيمان -رحمه الله- للعلاقة الوثيقة بينه وبين الجهيمان، بمناسبة ترشيحه للتكريم في المهرجان الوطني للتراث والثقافة، مؤكداً أنه عقب نشر المقال تشجع وبدأ بكتابة ذكريات الطفولة والانتقال من الزلفي إلى الرياض، وعندما أتم نشر 18 حلقة تم إيقافها بدعوى أن أحدهم اتصل بالجريدة مستنكراً ما يرد بها من ألقاب (معايير) لا تليق. وعرف أن هذا المعترض ليس على حق ما شجعه على إكمال الحلقات إلى 32 وطباعتها في كتاب باسم (بدايات) عام 1421هـ/2000.

وبحكم عمله في مكتبة الملك فهد الوطنية وتوفر أغلب أرشيف الصحف والدوريات، قام بمراجعتها واختيار بعض ما ينشر بها ثم بدأ الكتابة عن المختارات والنوادر وما يلفت النظر وبالذات عن فترة صحافة الأفراد 43-1383هـ/24-1964، وجمع ما نشره في كتب، ثم وقع في يده كتاب (توحيد المملكة العربية السعودية) للمترجم بالديوان الملكي سابقاً محمد المانع، ووجدته يشيد بممثلي الملك عبدالعزيز ووكلائه بالخارج قبل تعيين السفراء والقناصل التي لم تبدأ إلا بعد دخول الملك عبدالعزيز الحجاز. وذكر أسماء فوزان السابق، وعبدالله الفوزان، ورشيد بن ليلى، وعبداللطيف المنديل، وعبدالله النفيسي، وعبدالرحمن القصيبي. وقال: «وقد بذل هؤلاء الرجال جهداً عظيماً لصالح بلادهم في الخارج، ومن المؤسف أن كثيراً منهم لا يكادون يذكرون في الوقت الحاضر»، فجمع معلومات عنهم ونشرها، وقدمها للدارة تزامناً مع (جائزة ومنحة الملك سلمان بن عبدالعزيز لدراسات تاريخ الجزيرة العربية)، وفازت الدراسة بجائزة (منحة الدراسات والبحوث) لعام 1427هـ 2006 وتسلم الجائزة المادية والشهادة من يد الملك سلمان؛ ما شجعه على الاستمرار بالكتابة والتأليف إلى أن بلغ عدد المؤلفات (55) كتاباً، منها ما يتعلق بالصحف والمجلات، ومنها ما يتعلق بتراجم أصحابها وبعض الأدباء، وصدر عنهم (15) كتاباً مستقلاً، إضافة لأربعة كتب ضمت أكثر من (210) شخصيات، باسم (أعلام في الظل) نشرها أولاً في المجلة العربية أثناء رئاسة الدكتور عبدالله الحاج، ثم انتقل نشرها لجريدة الجزيرة، وأخيراً استقرت بمجلة اليمامة وما زالت، إضافة لتراجم من تولى رئاسة تحرير صحف الأفراد لنحو (120) منهم.

ومما أنجزه القشعمي برنامج (التاريخ الشفوي) والذي يستضيف فيه كبار السن من أدباء ورجال تعليم وغيرهم ويسجل معهم بالمكتبة، وسجّل مع (407) شخصيات خلال 23 عاماً.

ولفت إلى أن عمله بالرئاسة العامة لرعاية الشباب، حفّزه لتقديم فعاليات في الشؤون الثقافية والاجتماعية، خصوصا في مكتبي رعاية شباب الأحساء وحائل (95-1401هـ)، وكان الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير فيصل بن فهد -رحمه الله- يشجع النشاط، وكان يشكر القشعمي على ما تبناه خصوصاً أنه كان يوثقه ويرفع به في تقارير دورية، وكافأه بالرفع للمقام السامي لترقيته استثنائياً من المرتبة الخامسة إلى المرتبة (التاسعة) والتي تمت عام 1400هـ. إثر العودة للرياض وتبني إصدار سلسلة (هذه بلادنا) والتي صدر منها نحو الخمسين قبل تقاعده، إضافة لعمله عضواً بالأمانة العامة لجائزة الدولة التقديرية للأدب، وسكرتيراً للأسابيع الثقافية.

وثمّن دور كل من شجعه للمضي في هذا الميدان، وأولهم نائب رئيس نادي المدينة الأدبي سابقاً الدكتور محمد الدبيسي، الذي دعاه للكتابة، وللمشاركة لأول مرة في ندوة بنادي المدينة إلى جانب الكاتب أسامة السباعي للتحدث عن والده الرائد أحمد السباعي عام 1425هـ 2004، ثم الدعوة لمؤتمر آخر والتحدث باسم المشاركين عام 1431هـ 2010، وكذلك رئيس النادي الأدبي في الرياض الدكتور محمد بن عبدالرحمن الربيع الذي نشر له عام 2004 كتاب سليمان بن صالح الدخيل صاحب امتياز جريدة الرياض في بغداد عام 1910. وهو من سهل له الفوز بجائزة الملك سلمان بصفته مستشاراً لدارة الملك عبدالعزيز المسؤولة عن المنحة.

وأضاف بأنه شارك في أول محاضرة أو ندوة في مركز الشيخ حمد الجاسر الثقافي للتحدث مع أحمد الدويحي عن عبدالرحمن منيف، إثر وفاته عام 2003، معبّراً عن شكره لادي أبها الأدبي أوّل من نشر له كتاب (الأسماء المستعارة للكُتّاب السعوديون) عام 2004، ثم نشرت له عشرة أندية، منها أندية الرياض والمدينة ومكة وجدة؛ نشرت له أكثر من مرة، إضافة لأندية الطائف وأبها وجازان والأحساء، ومركز حمد الجاسر الثقافي، ومركز الملك فيصل للدراسات والبحوث، ودارة الملك عبد العزيز، ومكتبة الملك فهد الوطنية، ومكتبة الملك عبدالعزيز العامة.

واستعاد قصة تلبية دعوة صالح بو حنيّة من الأحساء في 17/12/2003 في ملتقى الثلاثاء بحضور الأستاذين عبدالكريم الجهيمان وعبدالرحمن المنصور تقديراً لما قام به مكتب الرئاسة من نشاط ثقافي. وقدم الدكتور محمد السيف بحائل في ثلوثيته عقب محاضرة الدكتور حمود البدر عن (علاقة مجلس الشورى بمجالس المناطق) لوحة تمثل رسماً بيانياً بما نفذ من نشاط ثقافي بالمكتب وقت رئاسته له موقعاً من عدد من أدباء ومسؤولي حائل.

كما تم تكريمه في مؤتمر وزراء الثقافة بدول مجلس التعاون الخليجي بمملكة البحرين بتاريخ 26/11/1434هـ الموافق 2/10/2013 عن السيرة الأدبية إلى جانب الأديب محمد العلي، والفنانة التشكيلية صفية بنت زقر، مع من تم تكريمهم من دول المجلس، وتسلّم كل واحد من المكرمين مبلغاً مالياً، ووسام يحمل شعار المجلس، وشهادة تقدير موقعة من الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الدكتور عبداللطيف الزياني، ومن وزيرة الثقافة بمملكة البحرين، الشيخة مي بنت محمد آل خليفة.

إضافة لتكريم وزارة الثقافة والإعلام بمناسبة اليوم العالمي للكتاب عام 1436هـ 2015، وتكريم عبدالمقصود خوجة في إثنينيته بجدة في 9/2/1436هـ 1/12/2014، وتكريم لجنة أهالي الزلفي لمرتين (لجنة التنمية الاجتماعية الأهلية بمحافظة الزلفي لعام 1436هـ، وعام 1440هـ، وتكريم واحتفاء الدكتور محمد المشوح في الثلوثية بتاريخ 6/1/1439هـ 6/10/2017، وتكريمه من قبل الجمعية الخيرية الصالحية بمحافظة عنيزة في مهرجان عنيزة السادس الثقافي 1439هـ 2018 مع مجموعة من الأدباء.. منهم سعد الصويان، وحمد القاضي، وعبدالمقصود خوجة، ومحمد الشامخ، وتكريمه من جامعة جازان في 1438هـ 2017، ومن خميسية عبدالرحمن موكلي بظبية بجازان، وتكريم وزارة الإعلام بمناسبة مرور مائة سنة على صدور جريدة أم القرى في 26/8/1442هـ برعاية وحضور أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، إضافة لتكريم جريدة الجزيرة بإصدار عدد خاص من المجلة الثقافية العدد (550) الصادر بتاريخ 27/11/1438هـ، وتكريم مركز حمد الجاسر الثقافي بإصدار عدد خاص من نشرة (جسور) العدد رقم (29) لعام 1444هـ.وتكريم الأديب عدنان العوامي بإصداره كتاب (القشعمي بأقلامهم) عام 2022. وهذا التكريم الذي أعتز به وأعتبره مسك الختام.

وقال أبو يعرب: «لا أنسى ما بعثه الناقد الراحل عابد خزندار من باريس عام 2012 قبيل وفاته – عندما اطلع على كتابه عنه فقال خزندار: ولقد أسعدني الكتاب كل السعادة، والوطن والأجيال القادمة ستدين لكم بكل ما تؤرخونه عن الرواد، و قرأت كتابكم عن المجتمع المدني، وأعجبت كل الإعجاب به، وهو أيضاً يضاف إلى سجلكم الحافل عن تاريخ الوطن والوطنيين الأحرار».

وقال في رسالة أخرى: «وحسبي أن أقول إن ما تقوم به من عمل لتوثيق تاريخ الكتابة في بلادنا والتنويه بروادها يعتبر من الأعمال الجليلة التي تثري تاريخنا وتؤصله، وهو عمل تعجز عنه مجموعة من الكتاب فما بالك بكاتب واحد، وهو جهد سيقدره الوطن وسيكون ذخراً للأجيال القادمة». وعدّ مثل هذا الكلام من مثل هذا الرجل؛ أكبر تشجيع وتقدير.

وأضاف: «ما زلت أحاول أن أقدم ما أعتقد أنه يفيد وينفع، وببلوغي الثمانين من العمر، فكرتُ في التوقف عن الكتابة والاستراحة، إلا أنه عندما أستعيد جهد ومنجز الشيخ محمد العبودي ومواصلته البحث والكتابة إلى أن قرب من المائة عام من العمر، وكذا عابد خزندار الذي واصل الكتابة إلى وفاته -رحمهم الله، والكاتب الشاعر محمد العلي الذي مازال يكتب رغم كبره ومعاناته، فإنني أنشط مجدداً و أكتب».

وختم كلمته بهذه المناسبة بقوله من الطريف أن يتصل بي الأخ خالد بن هزيل الدبوس الشراري من طبرجل قبل أيام يسألني: من أي جامعة تخرجت؟ وأين درست، وكم شهادة تحمل فأجبته: بما قاله قبلي أستاذنا سعد البواردي: إنه يحمل ثلاث شهادات: شهادة أن لا إله إلا الله، وشهادة الميلاد، والشهادة الابتدائية.

Continue Reading

ثقافة وفن

جمعية الأدب تعزز الفضاء الأدبي برؤى 20 ناقداً

تُطلق جمعية الأدب المهنية في الرياض برنامج «فضاءات نقدية» يومي 4 و5 فبراير 2025 بحضور نخبة كبيرة من رواد الأدب والفكر

تُطلق جمعية الأدب المهنية في الرياض برنامج «فضاءات نقدية» يومي 4 و5 فبراير 2025 بحضور نخبة كبيرة من رواد الأدب والفكر والثقافة في المملكة. ويتحدث على مسرح الجمعية 20 مشاركاً، منهم 12 ناقداً استكتبتهم الجمعية وأسهموا بأوراق نقدية متنوعة لمواضيع مختلفة في عدد من المحاور الأدبية.

يذكر أن برنامج «فضاءات نقدية» برنامج دوري تقيمه الجمعية بنسخته الأولى هذا العام ومحوره الرئيسي «من حرية الإبداع إلى حدود الأجناس».

Continue Reading

ثقافة وفن

محمد الطويان.. فقيد الدراما السعودية

ودَّع المشهد الثقافي السعودي اليوم قامة من قاماته الفنية، أحد أوائل من نقشوا بصماتهم في الدراما السعودية، الفنان

ودَّع المشهد الثقافي السعودي اليوم قامة من قاماته الفنية، أحد أوائل من نقشوا بصماتهم في الدراما السعودية، الفنان الكبير محمد الطويان، الذي أغمض عينيه عن الدنيا عن عمر ناهز الثمانين، لكنه أبى إلا أن يظل حيًا في المشهد الذي لطالما عشق تفاصيله.

رحل الطويان، كما يرحل العظماء، بهدوء يشبه عُمق أدواره، وعمق رحلته الفنية التي لم تكن مجرد عبور عابر على شاشة، بل كانت تجربة متكاملة، ودرسًا ممتدًا في الصدق الفني. كأنما قرر أن يلتحق برفيقه الراحل محمد العلي بعد 23 عاما على موته، وكأن اللقاء المؤجل بينهما قد آن أوانه، ليعودا معًا إلى مشهد لم يُكتب بعد، في بعد آخر، وزمن آخر.

ولد محمد الطويان عام 1945 في مدينة بريدة بمنطقة القصيم، في بيت يعرف معنى الجمال والتجارة، فوالده كان تاجرًا ناجحًا، وأتاح له فرصة أن يطوف خارج حدود الوطن ليكتسب علماً وفكراً وتجربة مختلفة. درس في الولايات المتحدة الأمريكية، وهناك نهل من منابع الفنون والمعرفة، وعاد ليكون من أوائل من حملوا راية الدراما السعودية في بداياتها، حين كانت الكاميرا لا تزال تخطو خطواتها الأولى في البلاد.

لم يكن الطويان ممثلًا فقط، بل كان مؤلفًا، فنانًا تشكيليًا، ومثقفًا يرى في الفن رسالة عميقة أكثر من كونه مجرد أداء. في كل دورٍ أدّاه، كان يحمل في صوته، في ملامحه، وفي حضوره، تجربة عمرٍ من التأمل والتفكر، يسكبها على الشاشة بحرفية نادرة.

منذ بداياته في الأعمال التلفزيونية، كان الطويان حاضرًا بروح المدرسة التمثيلية العتيقة، حيث يتماهى الممثل مع الشخصية حتى يكاد يصبح هو نفسه. عبر مسيرته، قدّم أعمالًا حفرت مكانها في ذاكرة المشاهد السعودي والخليجي، فكان جزءًا من الموجة الأولى للدراما المحلية، التي رسّخت وجودها، وساهمت في تشكيل هوية المشهد التلفزيوني.

تنوعت أدواره بين الأب، والمثقف، والمسؤول، والصديق، لكنه في كل مرة كان يعيد تعريف الشخصية بأسلوبه الخاص، لا يكرر نفسه، بل يمنح كل شخصية روحًا مستقلة. كان ممثلًا لا يؤدي فحسب، بل يعيش الدور حتى يكاد يقنعك أنه حقيقة.

اليوم، ينضم محمد الطويان إلى قائمة الأسماء التي لا تغيب، تمامًا كما لم يغب محمد العلي، وبكر الشدي وعبدالعزيز الحماد ومحمد حمزة، ورفاق دربه الذين جعلوا من الدراما السعودية ذاكرة حية تعبر الأجيال. يرحل الجسد، لكن صوته سيبقى، وستظل أعماله شاهدة على رجل سبق زمنه، ورأى في الفن أكثر من مجرد مهنة، بل حياة أخرى كان يسكنها ويمنحها روحه.

محمد الطويان، ليس مجرد اسمٍ في تترات قديمة، بل هو ذاكرة بصرية وصوتية، ستظل تتكرر في ليالي المشاهدين.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .