Connect with us

ثقافة وفن

المستشرق فيلجانس فرنيل بين المعرفة والارتهان للأهواء (2-2)

إذا كان القرن الخامس عشر -كما يقول تودوروف في سياق غزو أمريكا- ليس قرن اكتشاف الآخر وإنما قرن القضاء على الآخر،

إذا كان القرن الخامس عشر -كما يقول تودوروف في سياق غزو أمريكا- ليس قرن اكتشاف الآخر وإنما قرن القضاء على الآخر، فيمكن القول إن القرن التاسع عشر -(من جهة المشرق)، وبما أتيح لنا من قراءات عبر (استشراق سعيد) وما كتبه فرنيل وغيره- هو، غالباً، قرن الأحكام القيمية على الآخر، قرنُ أشرسِ محاولةٍ لاستلاب الآخر والتعامل معه باعتباره غنيمةً يحق للغرب أن يفعل بها ما يشاء، وهو أيضاً (على المستوى المادي)، كما هو معروف، قرنُ سلبِ كنوز الآخر (الشرق الأدنى) تحت ذريعة (تعبر هي وحدها عن قتامة المشهد الأخلاقي) وهي استكمالُ -كما هو معروف- مجموعةِ التحف الفنية للقصور الملكية في أوروبا!

في اللحظة نفسها التي أستعرض سلوكيات فرنيل الخطابية الإقصائية على مستوى علاقته المأزومة مع معتقدات الآخر، نستيقظ (في نهاية عام 2020) على جدل مشتعل في أماكن متفرقة من العالم حول خطاب (الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة) جوزيب بوريل الذي قال من على منبر الاتحاد الأوربي وبمناسبة افتتاح الأكاديمية الدبلوماسية الأوروبية: «إن أوروبا عبارة عن حديقة، لقد شيّدنا حديقة، شكلت أفضل مزيج من الحرية السياسية والرخاء الاقتصادي والتماسك الاجتماعي استطاعت البشرية أن تشيِّده، لكن… معظم بقية العالم عبارة عن أدغال». لا أعلم حقّاً، مع التباعد الزمني بين الشخصيتين: هل يختلف بوريل كثيراً عن فرنيل من زاوية التمركز الثقافي والأحكام القيمية؟ خطاب بوريل يمكن اعتباره «نداء بوريل لترويض العالم»، ترويض العالم وفق رؤيته هو للعالم. الخطاب الذي تلقاه العالم خطاب يحيل على مجتمع أوروبي طهوري كامل قادر على أن يتحرك في كل مكان لترويض العالم ثقافيّاً وحضاريّاً. استعمال مصطلح (معظم بقية العالم) واحد من أقسى وأخطر مصطلحات التمركز الثقافي. ثنائية الحديقة الغنَّاء والأدغال تحيل على ثنائية الجمال والتوحش. بوريل ليس شخصية عادية، والمنصة التي تحدث منها ليست هامشية، ولذلك لم يكن التلقي عاديّاً ولا هامشيّاً. ثمة تساؤلات عميقة حول حجم التمأزق الأخلاقي الذي يعبر عنه خطاب بوريل. خطاب بوريل هو حتماً امتداد لخطابات بعض المستشرقين الذين أخذوا على عاتقهم تمهيد الطريق نحو استباحة (الآخر) اقتصاديّاً وثقافيّاً وسياسيّاً. النداء للذهاب نحو (الأدغال) امتداد لخطابه هو (بوريل) عندما كان وزيراً لخارجية إسبانيا، حينما ذكر أن الذين قتلهم كولومبوس وكورتيس من السكان الأصليين إبان غزو أمريكا لا يتجاوز عددهم أربعة أشخاص. قد يكون عنف الخطاب هنا محاولةً للتغطية على (سوءات) تاريخية (متوحشة) حفظها الأرشيف وتناقلتها المخطوطات، بقي الغرب غير قادر، بشكل عام، على امتلاك الجرأة على تسميتها بمسمياتها. إشكالية الإنسان الغربي المتحيِّز (نتحدث هنا عن المتحيِّز) أنه رفع نفسه، على إثر ارتقاء حقيقي على المستوى العلمي والتقني، فوق غيمة جعلته يشعر بفوقية أفضت إلى خسائر فادحة على فهم (الآخر) والتعامل معه وفق مفهوم (المصير الكوني المشترك). من ينظر من الأعلى معرَّض لخطر التعالي والانفصال عن واقعه وواقع الآخرين. طالما أن هذه، بشكل عام، البنية الفكرية للغرب، حاضرة وتروج بقوة في المجتمع الغربي، فقد يكون من المتعذر تشييد حوار تصادمي مرن قادر على الضرب على الوتر الحساس فيما يتعلق بالرهانات الإنسانية والسياسية والثقافية والاقتصادية.

لكن ماذا عن فرنيل المعرفي (الذي كما أشرنا سابقاً جمع الشيء ونقيضه)؟ فرنيل المعرفي الثري والمثري للغاية. فرنيل هو، بالتأكيد، أيضا جزء من الاستشراق الذي قدم للقارئ العربي ما سوف نظل مدينين له ما بقيت الإنسانية. الاستشراق المعرفي (الأكاديمي) الذي ترك لنا دراسات ومقاربات وحوارات ونقاشات علمية في معظم مجالات العلوم إن لم يكن في جميعها. الاستشراق الذي قدم لنا نصوصاً ومقاربات فكرية مؤسِّسة في اللغة والأدب والفلسفة. الاستشراق الذي قال ما نرغب بقوله ولم نستطع، نحن، قوله. لم نستطع قوله أو بالأحرى لم نملك الشجاعة لقوله، حتى لو دخل هذا القول في إطار «ما يجب قوله». لقد تحدث الاستشراق المعرفي عنا بالوكالة لأننا ببساطة، غالباً، لم نكن -لا من حيث الأدوات المنهجية والمعرفية، ولا من حيث الحد الأدنى من حرية التعبير- قادرين على أن نصعد إلى ما صعدوا إليه من أطروحات وتساؤلات ذات قيمة عالية، ومفتوحة على التداول والحفر لمن يرغب في سبر محاورتها وسبر أغوارها، أو الاعتراض عليها.

فرنيل في بعض أطروحاته من هؤلاء الذين قالوا ما نرغب ولم نستطع قوله، شخصية مدهشة على مستوى توليد الأفكار العميقة وطرح التساؤلات الكبرى حول القضايا المعرفية والأخلاقية والإنسانية، يتمتع بأسلوب خاص به، يسترسل في السرد والتفكير في مقاربته لأي موضوع، وفجأة يطلق جملة (ملفوظةً) عميقة تجعلك غير قادر على تجاوزها دون أن تستفزَّ بك عدداً هائلاً من الأسئلة والتساؤلات. فرنيل هو، بلا تردد، من أولئك الذين ملكوا القدرة على تحويل مقولات محددة قصيرة مركزة في قضايا محددة إلى تُحف فنية تستنطق حسابات تأويلية معرفية معقدة ومثرية للغاية. مقولات مقاومة للزمن، ومستفزة بقوة للجدل المعرفي حتى هذه اللحظة.

له رأي يُدرَّس، سبق به -على حد علمي- أجيالاً من المنظِّرين حول عملية الترجمة وتعقيداتها. يتحدث عن المسافة التي تستلزم أن يلتزم بها المترجم تجاه النص، وعلاقة هذا الالتزام بطبيعة النص نفسه، وكيف يرى أن طبيعة النص هي التي تُملي علينا اختيار أسلوب الترجمة شريطة أن يعلن المترجم عن اختياراته ويدافع عنها، كما فعل هنا بحق (لامية العرب)، النص الذي أحبه وسكنه وعانى من أجله كثيراً، ولم يجد حرجاً بوصف ما أنجزه من أنه: عمل تقريبي. يقول لنا حول سياق ترجمته للامية العرب: «لا أستطيع أن أنهي هذه الرسالة دون أن أُعبِّر عن شكوى وأمنية. يبدو أنني أتفهَّم الشنفرَى وأتماهَى معه للحظة، وأشعر بالحاجة إلى غرس كل فكرة في روح أبناء عصري. هذه الحاجة تنبع من طبيعة الإلهام: ولكن تأمَّلوا قليلاً هذه المفارقة، الشنفرَى رجل مفترس، رجل دم، رجل لم يعرف قط في حياته القراءة والكتابة. يسكب الشنفرَى مراراته وكبرياءه في 28 مقطعاً خاضعةً لقافية ثرية ومتفرِّدة، ولقواعد نحوية معقَّدة للغاية. التعبير عند الشنفرى لا يعاني، بل يتمتع بقوة تُشبه قوَّة فكره. أما بالنسبة لي: هل أنا رجل مفترس؟ لا. أنا رجل يحب المطالعة والفكر، مترجم إلى اللغة الفرنسية، مترجم محلَّف اعتاد الكتابة على كل النغمات والمسارات التي يصعب على كثير من الناس أن يتخيَّلها، من مجال الكيمياء إلى النصوص الرومانسية، والحق أنني أتصبَّب دماً وعرقاً لكي أُنتج نثراً شاحباً باللغة الفرنسية يعكس هذا التدفق الهائل».

أطلق بعد معاناته من عملية ترجمة «اللامية» وبعض «أيام العرب» ونصوص (تراثية) أخرى هذه المقولة اللافتة: «كل ترجمة لنص تراثي (قديم) هي تدنيسٌ لهذا النص». قالها فرنيل بعد أن توهم أنه بحضوره، على خلاف أستاذه الكبير سيلفستر دو ساسي المستشرق صاحب الإنتاج الغزير والمؤثر الذي لم تطأ قدمُه أرض المشرق، أنه بانغماسه في البيئة المعرفية وبخاصة الأزهرية سوف يتجاوز الصعوبات التي واجهها أستاذه. لقد كان فرنيل دقيقاً للغاية عندما وصف فعل ترجمة النصوص التراثية بأنه واجب لا بد منه، برغم أنه في نفس الوقت فعلُ تدنيسٍ. نترجم ونحن نعلم أننا نُدنِّس هذه النصوص؛ لأنه محكوم علينا أننا لا يمكن أن نصعد إلى قمتها في لغتها الأم. اجتهد فرنيل مستنطقاً كل مَن كان حوله من علماء الأزهر المتخصصين في الأدب، ومع ذلك لم يستنكف من أن يعلن للقارئ الغربي أنه يترجم ويُدنِّس، أن منتجَه ناقص بطبيعته لأنه نص (تراثي) معقَّد وفي الوقت نفسه لأنه يتعرض لفعل الترجمة، لأنه، بتصوري: كل ترجمة هي ناقصة بطبيعتها.

يمكننا أيضا أن نتحدث، بلا تردد، عن منعطف فرنيل فيما يتعلق بدراسة اللغة (الحميرية/‏ الشحرية)، باعتبار أن ما قدمه لنا فرنيل في هذا النص عبارة عن اشتغال جادٍّ يُلبي شروط المعرفة الأساسية: وهما شرطا الفرضيات الوجيهة، والتحقق المعرفي. نتحدث عن فرضيات وجيهة كون فرنيل مسكوناً بفقه اللغات السامية وتلميذاً جادّاً لمن سبقوه في مدرسة الدراسات الشرقية في باريس. ونتحدث عن التحقق المعرفي فيما يخص الاستقصاءات اللغوية المباشرة التي قام بها كملازمته لأهل اللغة (حسن وآخرون) واللقاء الشهير مع أنطوان دابادي في مدينة جدة. إضافةُ فرنيل المتفرِّدة في هذا الموضوع تكمن -بتصوري- في المقال (الهام) الذي نشره حول اللغة الحميرية/‏ الشحرية). اجتهد فرنيل اجتهاداً لافتاً وبديعاً في دراسة الأنظمة الثلاثة لهذه اللغة: الصوتي والصرفي، والدلالي. ويُعتقد أن فرنيل، بمقاله، هو الذي لفت الانتباه إلى أهمية دراسة هذه اللغة، ممهداً الطريق لمن بعده لاستنباتها وكشف أسرارها وكنوزها.

كم تمنيت أن أحصل على شيء أو أبحث عن شيء (إن كان موجوداً) يرشدني إلى كُنه الحوار والنقاش الذي دار في جدة بين فرنيل واللغوي الشهير أنطوان دابادي!

سرديات الإغريق والرومان وعالم

الخرافة

مِن تُحَف فرنيل الفنيَّة هذه المقولة: «الغرائبي عزاء الجهلة». أطلق فرنيل هذه الصرخة على إثر المصادمة المعرفية المرنة التي قام بها بين ما قرأه في كتب التاريخ منذ سرديات الإغريق وبين معاينته الشخصية. يرى أن معظم سرديات الإغريق والرومان حول الأشياء القديمة غالباً ما تدخل في عالم الخرافة، ومليئة بالمبالغة. «الغرائبي عزاء الجهلة» لأن اللقاء بين الغرائبي والجهل لا يقدم -كما يتصور- سوى «علف ثقافي» مليء بالمغالطات والأخطاء؛ مما يذهب بنا إلى واقع يستحوذ فيه الخطأ على الصواب بسبب تراكم هذه الأخطاء. مقولة فرنيل تنطبق على سلوكيات التلاعب بالآخرين عبر استعمال الغرائبي في الخطاب. الله وحده يعلم حجم الخسائر التي تكبدناها في العالم العربي والإسلامي بسبب توظيف الغرائبي (الذي لا يمكن التحقق منه) في خطابات بعض الوعاظ لتوجيههم في الاتجاه الذي يرغب -بطريقة ماكرة- أن يسير فيه كثير من المتلقين الذين منحوهم ثقتهم بسبب تموضعهم الديني (المؤدلج).

في التقاطةٍ لافتةٍ جدّاً يُلامس فرنيل مسألة علاقة اللغة بالهوية. باعتبار أن أقوى صور مقاومة (الغزو) أيّاً كان نوعه تكمن في عدم انزلاق الشعوب بتبني لغة (الغازي). يضرب فرنيل مثالاً على ذلك بما واجهه الوجود العثماني في المنطقة العربية وفي منطقة الحجاز على وجه الخصوص من رفض لتعلم وتبني اللغة التركية، ومحاصرة هذا الوجود في زاوية محدَّدة جعلته -كما يرى- غير قادر على إقناع السكان بوجاهة وشرعية حضوره.

المقاومة عبر رفض التخلي عن اللغة؛ لأنه، غالباً: من يتخلى عن لغته ستكون لديه القابلية بأن يتخلى عن كل شيء.

المفارقة العجيبة هي أنه، في الوقت نفسه الذي يُحيِّي فرنيل السلوكَ العربي في مقاومة الوجود العثماني عبر عدم تبني اللغة التركية كانت (بلده) فرنسا تمارس تهشيم اللغة العربية في الجزائر وتمارس سياساتها ومحاولاتها (البائسة) في تفريغ الثقافة الجزائرية وتعبئتها بالثقافة الفرنسية. عندما يتعلق الأمر بمصلحة الغرب وثقافته، لا مجال، غالباً بخاصة في القرن التاسع عشر وما قبله، للحياد عند فرنيل وكثير من المستشرقين.

هكذا كانت الرحلة مع فرنيل، صعوداً وهبوطاً بين ذات متمركزة نصبت، غالباً، نفسَها، مالكة للحقيقة لا تجد حرجاً من ممارسة آفات الإقصاء والعزل والتذويب عبر الأحكام القيمية الجاهزة، وبين ذات معرفية أنتجت أفكاراً عميقة ومثيرة للجدل، مقاوِمة للزمن، قابلة للتداول والاستعمال والنقاش حتى هذه اللحظة حول مآزقنا الأخلاقية الراهنة.

Continue Reading

ثقافة وفن

سعوديتان.. ومصري وصومالي في معرض الاتجاهات الأربعة

تنطلق غدا (الاثنين) فعاليات معرض الاتجاهات الأربعة الذي ينظمه أتيليه جدة للفنون التشكيلية لأربعة فنانين من السعودية

تنطلق غدا (الاثنين) فعاليات معرض الاتجاهات الأربعة الذي ينظمه أتيليه جدة للفنون التشكيلية لأربعة فنانين من السعودية ومصر والصومال، وهم: حنان الحازمي، وجواهر السيد من السعودية، وعاطف أحمد من مصر، وعبدالعزيز بوبي من الصومال.

ووفقاً لمدير الاتيليه هشام قنديل، سيقدم كل فنان تجربته الخاصة واتجاهه الخاص الذي يميزه عن أقرانه من الفنانين.

وتقدم الفنانة جواهر السيد 10 لوحات تمثل آخر تجاربها، التي يقول عنها الناقد تحسين يقين: «إن ما يميزها هذا التواصل اللافت بين النساء والأطفال، فضلا عن تعبير الألوان عن المشاعر بذكاء واحتراف».

وأضاف: «على شاطئ جدة الجميلة، أطالت الفنانة تأملاتها النفسية والاجتماعية، لتعبر عن ذلك خطوطا وألوانا، تتجاوز بها مكانها، لتعبر عن حال الإنسان اليوم في هذا العالم ذي النزعة الفردية».

وتقدم الفنانة حنان الحازمي 10 لوحات بأحجام مختلفة تجمع بين التعبيرية والتجريدية، وستضع في هذا المعرض أقدامها بقوة في المشهد التشكيلي السعودي. وحول تجربتها، قال الناقد المصري الدكتور حسان صبحي: «اعتمدت الفنانة حنان الحازمي على طرق تحليلية خاصة في إبداع التركيبات الفنية واستخدام أقل عدد ممكن من المفردات والوسائط التعبيرية ذات الكثافة والثقل في تعبيراتها البصرية لطرح نموذج طليعي يضيف إلى الفنون البصرية ويعلي عادات الرؤية لدى المشاهد، وهو أحد الاتجاهات المهمة التي تم التأكيد عليها في الفنون البصرية». ولفت إلى أن تلك الأعمال امتلكت طاقة مسالمة تكتنزها عناصرها وبناؤها التصميمي المشبع بطاقات التعبير والتفكير المفاهيمي.

أما الفنان المصري عاطف أحمد فيقدم 10 لوحات بأسلوبه الخاص المتمرد (ميكس ميديا) تمثل أحدث إبداعاته.

وعن أعماله قال الناقد صلاح بيصار: «أعمال عاطف تنحاز إلى الجموع من الفلاحين الذين يشكلون ملحمة الأمل والعمل، يتتبعهم في خُطاهم بعمق الدلتا من الحقل والحرث والحصاد».

أما الصومالي عبدالعزيز بوبي فهو عضو الجمعية السعودية للفنون التشكيلية (جسفت)، وتتميز تجربته كما يقول الناقد الدكتور عصام عبدالله العسيري بالنضج اللوني التجريدي الثقافي البصري العام.

وبملاحظة مفردات لوحاته سنجد استعارة رسوم وكتابات أرقام وحروف وخطوط ورموز وألوان وإشارات بصرية، يقدمها في تكوينات جميلة وجريئة وبديعة، لها قيم جمالية ثقافية، كالجداريات والمصغرات بألوان جذابة.

Continue Reading

ثقافة وفن

بحضور وزير الثقافة.. «روائع الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو

بحضور وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، اختتمت هيئة الموسيقى حفلة «روائع

بحضور وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، اختتمت هيئة الموسيقى حفلة «روائع الأوركسترا السعودية» في جولتها الخامسة بمسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية طوكيو، وذلك بمشاركة 100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، وبحضور عدد من المسؤولين ورجال الأعمال والإعلام، وحضور جماهيري كبير.

وأشار الرئيس التنفيذي لهيئة الموسيقى باول باسيفيكو، في كلمة خلال الحفلة، إلى النجاحات الكبيرة التي حققتها المشاركات السابقة لروائع الأوركسترا السعودية في العواصم العالمية، عازيًا ما تحقق خلال حفلات روائع الأوركسترا السعودية إلى دعم وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى.

وعدّ «روائع الأوركسترا السعودية» إحدى الخطوات التي تسهم في نقل التراث الغنائي السعودي وما يزخر به من تنوع إلى العالم عبر المشاركات الدولية المتعددة وبكوادر سعودية مؤهلة ومدربة على أعلى مستوى، مشيرًا إلى سعي الهيئة للارتقاء بالموسيقى السعودية نحو آفاق جديدة، ودورها في التبادل الثقافي، مما يسهم في تعزيز التواصل الإنساني، ومد جسور التفاهم بين شعوب العالم عبر الموسيقى.

وقد بدأت «الأوركسترا الإمبراطورية اليابانية – بوغاكو ريو أو» بأداء لموسيقى البلاط الإمبراطوري الياباني، وهي موسيقى عريقة في الثقافة اليابانية، توارثتها الأجيال منذ 1300 عام وحتى اليوم.

وأنهت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي الفقرة الثانية من الحفلة بأداء مُتناغم لميدلي الإنمي باللحن السعودي، كما استفتحت الفقرة التالية بعزف موسيقى افتتاحية العلا من تأليف عمر خيرت.

وبتعاون احتفى بالثقافتين ومزج موسيقى الحضارتين اختتمت الحفلة بأداء مشترك للأوركسترا السعودية مع أكاديمية أوركسترا جامعة طوكيو للموسيقى والفنان الياباني هوتاي وبقيادة المايسترو هاني فرحات، عبر عدد من الأعمال الموسيقية بتوزيع محمد عشي ورامي باصحيح.

وتعد هذه الحفلة المحطة الخامسة لروائع الأوركسترا السعودية في العاصمة اليابانية طوكيو، بعد النجاحات التي حققتها في أربع محطات سابقة، كانت تتألق في كل جولة بدايةً من باريس بقاعة دو شاتليه، وعلى المسرح الوطني بمكسيكو سيتي، وعلى مسرح دار الأوبرا متروبوليتان في مركز لينكون بمدينة نيويورك، وفي لندن بمسرح سنترل هول وستمنستر.

وتعتزم هيئة الموسيقى استمرارية تقديم عروض حفلات “روائع الأوركسترا السعودية” في عدة محطات بهدف تعريف المجتمع العالمي بروائع الموسيقى السعودية، وتعزيزًا للتبادل الثقافي الدولي والتعاون المشترك لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تتقاطع مع مستهدفات هيئة الموسيقى.

Continue Reading

ثقافة وفن

الشاعر علي عكور: مؤسف أن يتصدَّر المشهد الأدبي الأقل قيمة !

الحديث مع الشاعر علي عكور في الكتابة الإبداعية حديث ممتع، وممتدّ، له آراؤه الخاصة التي يتمثلها في كتابته الأدبية،

الحديث مع الشاعر علي عكور في الكتابة الإبداعية حديث ممتع، وممتدّ، له آراؤه الخاصة التي يتمثلها في كتابته الأدبية، يعتد كثيراً بتجربته، ويرى أنّه قادر على الاختلاف؛ لأنّ مفاهيمه للكتابة تتغيّر مع الوقت.

لم يولد -كما قال- وإلى جواره من يمتهن أو يحترف الكتابة، ولم يكن الوسط الذي نشأ فيه يُعنى كثيراً بالأدب أو الثقافة بعمومها، ما يتذكره علي أنّه في أواسط عقده الثاني وقع على نسخةٍ من كتاب (المنجد) للويس معلوف، لا يعلم كيف وصلت إليه هذه النسخة العتيقة من الكتاب، لكنه شُغِف بها وبالعوالم التي تَفَتَّحت أمامه في هذا المعجم.

وجد الشاعر علي عكور نفسه ينجذب كالممسوس إلى الأدب بكل ما فيه من سحر وغموض وجلال، لكنّ الشعر العربي أخذه حتى من ألف ليلة وليلة؛ الذي انجذب إلى الشعر المبثوث في ثنايا الكتاب أكثر من السرد رغم عجائبيته وسحره!

الكثير من رحلة الشاعر علي عكور مع الأدب والكتابة الإبداعية في هذا الحوار:

‏ • حدّثنا عن علاقتك بالشعر والأدب بشكل عام.. كيف بدأت؟

•• بدايةً أودّ القول، أنه لم يكن في محيطي من يمتهن أو يحترف الكتابة، ولم يكن الوسط الذي نشأتُ فيه يُعنى كثيراً بالأدب أو الثقافة بعمومها. أتذكر أنني في أواسط العقد الثاني من عمري وقعتُ على نسخةٍ من كتاب (المنجد) للويس معلوف. لست أعرف كيف وصلت إلينا هذه النسخة العتيقة من الكتاب، لكنني شُغِفتُ بها وبالعوالم التي تَفَتَّحت أمامي بعد الاطلاع على هذا المعجم. وشيئاً فشيئاً، وجدت أنني أنجذب كالممسوس إلى هذا العالم الرحب، بكل ما فيه من سحر وغموض وجلال. وأثناء تجوالي في عوالم الأدب أُخِذْتُ بالشعرِ العربي وبإيقاعيّة الجملة الشعرية فيه. حتى عندما وقع بين يديّ كتاب (ألف ليلة وليلة)، لم أنجذب إلى السرد رغم عجائبيته وسحره، بقدر ما انجذبتُ إلى الشعر المبثوث في ثنايا الكتاب. وأتذكر أنني كنت أتجاوز الصفحات وأقلّبها بحثاً عن بيتٍ أو بيتينِ من الشعر.

• لمن تدين بالفضل في الكتابة؟

•• أودّ أن أدين بالفضل إلى أحدٍ ما، لكنني حين أمَرّر بداياتي على الذاكرة، لا أتذكّر أحداً بذاته، آمن بي أو رأى في ما أقوم به بدايات واعدة لمشروع ما. كل ما هنالك أنني كنتُ أتلقى ثناءً عابراً إذا كتبتُ شيئاً جيداً. على أنني لا أقلّل من هذا الثناء، فقد كان ذا أثرٍ كبير في دافعيتي، وديمومة شغفي بالكتابة. هذا فيما يخص البدايات، أما الآن فأنا أدين بالفضل لأسرتي ولزوجتي خاصة، فهي داعم كبير لي على طول هذا الطريق، وتتحمل عن طيب خاطر الأعباء التي يُخلّفها انشغالي بالكتابة وهمومها.

• شاعر كان تأثيره كبيراً عليك.

•• لا يمكن تتبّع الأثر بسهولة في هذا الشأن؛ لأنه غالباً يكونُ قارّاً في اللاوعي. لكن إذا كان السياب يرى أنه تأثر بأبي تمام والشاعرة الإنجليزية إديث سيتول وأنه مزيج منهما، فأنا أرى أنني تأثرت كثيراً بسعدي يوسف ومحمود درويش، وأشعر أنهما يلتقيان بطريقة ما، في الكثرة الكاثرة مما أكتب.

• كيف للشاعر أن يكتب قصيدته وفق رهان المستقبل وليس للحظة التي يعيش فيها؟

•• في الغالب لا توجد كتابة لا يمكن تجاوزها. وما يُعبّر عنك الآن قد تجد أنه لا يُعبّر عنك غداً. أعتقد أن الرهان الحقيقي هو أن نكتب شيئاً يستطيع أن يصمد أمام عجلة الزمن. ربما إحدى الحيل التي يمكن أن نمارسها هي أن نكتب نصوصاً أكثر تجريداً وانعتاقاً من قيود الزمان والمكان، وأن نتخفّف من الكتابة تحت تأثير اللحظة الراهنة والحدث المُعاش.

• الملاحظ أنّ هناك إصدارات متشابهة في الشعر والقصة لشعراء وكتاب قصّة، وإن تعددت عناوينها، لكنّ التجربة لم تختلف.. ما تأثير هذا على الإبداع والقارئ كذلك؟

•• صحيح، هذا أمر ملاحظ. هناك من يصدر عشرة دواوين، وعند قراءتها لا تجد اختلافاً بينها، لا من حيث الثيمات ولا من حيث طريقة التناول، لتفاجأ أن هذه الدواوين العشرة هي في الحقيقة ديوان واحد طويل. الكاتب أو الشاعر الذي لا يتجدد يخاطر بمقروئيته ويخسر رهانه الشخصي. إما أن تقول شيئاً جديداً أو شيئاً مألوفاً بطريقة جديدة، لكن لا تقل الشيء نفسه بالطريقة نفسها، حتى لا تعطي فكرة أنك لا تأخذ مشروعك بما يستحق من جدية واهتمام.

• تنادي بأهمية تصدّر الأدب الجاد والأصيل المنصات.. أولاً: من يحدد ماهية الأدب الجاد؟ ثانياً: هل المرحلة تساعد في أن يتصدّر الأدب أيّاً كان المنصات التي كثرت وكثر مستخدموها والمؤثرون فيها؟

•• النقّاد والقرّاء النوعيّون، هم من يحددون ماهيّة الأدب الجاد ويُعلون من قيمته. مؤسف أن يتصدر المشهد الأدبي الأقل قيمة، بينما يبقى الأدب الأصيل في الهامش. في الأخير نحن مسؤولون عن تصدير ثقافتنا، وما نتداوله ونجعل له الصدارة في منصاتنا ومشهدنا، هو ما سيُعبّر عنّا وسيكون عنواننا في النهاية. وبالتالي لنا أن نتساءل بصدق: هل ما صُدِّرَ ويُصَدّر الآن، يُعبّر عن حقيقة وواقع الأدب والثقافة في بلادنا؟

• لديك مشكلة مع المألوف والسائد، وتطالب بسيادة الأدب الفريد والمختلف.. هل لدينا اليوم ذائقة خاصة يمكنها إشباع الذائقة العامة؟

•• يمكن الاتفاق في البدء أن تغيير شروط الكتابة هو في المقابل تغيير لشروط التلقي، وأن كل كتابة أصيلة ومختلفة ستصنع قارئاً مختلفاً. كل كتابة جادّة ستصنع قارئها، وهذا هو الرهان الحقيقي. أما المألوف والسائد فإنّ القارئ مصابٌ بتخمة منه. كل كتابة في المألوف والسائد هي ابنٌ بارٌّ للذاكرة لا للمخيّلة؛ الذاكرة بوصفها مستودعاً لكل ما قرَّ واستقرّ فيها وأخذ مكانه المكين. والمخيّلة بوصفها انفتاحاً على المتجدّد واللانهائي.

• ماذا يعني لك فوزك بالمركز الأول في مسابقة التأليف المسرحي في مسار الشعر؟ وماذا تعني لك كتابة الشعر المسرحي؟

•• سعدت كثيراً بالفوز، سيما أن المسرحية تتحدث عن شخصية أحبها كثيراً: شخصية ابن عربي؛ تلك الشخصية التي عشت معها طيلة ثلاثة أشهر (وهي مدة كتابة العمل)، تجربة روحية وروحانية بالغة الرهافة، فقد استدعت الكتابة عن ابن عربي، العودة إلى قراءة سيرته وأجزاء من أعماله التي حملت جوهر فكره وعمق تجربته الصوفية. وبالانتقال إلى الجزء الثاني من السؤال، أقول إن كتابة الشعر المسرحي عمّقت من مفهومي للشعر وإيماني به وبقدرته على التحرك في مناطق جديدة، يمكن استثمارها على نحو جيد ومثرٍ، إذا ما تعاملنا معها بجدية.

• أما زلت تبحث عن دار نشر تطبع لك ديوانك الجديد دون مقابل مادي تدفعه؟

•• استطعت التواصل مع أكثر من دار، وقد رحبوا بالديوان والتعاون من أجله. لا ضير في كون دور النشر تبحث عن الربح، فهذا من حقها، وهذه هي طبيعة عملها. كل ما أنادي به أن تكون هناك جهة حكومية تشرف عليها وزارة الثقافة، تقوم بطبع الأعمال الجادة التي تعبّر عن حقيقة الأدب السعودي وواقعه.

• جاسم الصحيح قال عنك إنك لست شاعراً عابراً، وإنما شاعر ذو موهبة كبرى تتجاوز المألوف والسائد.. ماذا تعني لك هذه الشهادة؟•• جاسم اسم كبير في المشهد الثقافي وتجربة مرجعية في الشعرية العربية الحديثة، وأن تأتي الشهادة من قامة كقامة جاسم الصحيح لا شك أنها شهادة تدعو للابتهاج والنشوة، إضافة إلى ما تلقيه عليّ من عبء ومسؤولية كبيرة.

• كيف يكون المؤلف الجاد والرصين رأس مال لدور النشر؟

•• تمهيداً للإجابة عن السؤال، لا بد من القول إن الرساميل الرمزية أحياناً تكون أهم وأكثر مردوداً من القيمة المادية. بالنسبة لدور النشر، يُعد الكاتب الجاد رأس مال رمزياً مهمّاً؛ لأنه يبني لها سمعة في الوسط الثقافي. إذا أرادت دور النشر أن تستثمر في سمعتها، فإن أسرع طريقة هي استقطاب كتاب أصحاب مشاريع جادة، مقابل أن تطبع لهم بمبالغ رمزية على الأقل.

• كتبتَ الشعر بأشكاله الثلاثة ومع ذلك ما زلت ترى أنّ الوزن ليس شيئاً جوهرياً في القصيدة.. ما البديل من وجهة نظرك؟

•• نعم الوزن ليس شيئاً جوهريّاً في الشعر. ونحن حين نقول الوزن نقصد بطبيعة الحال الأوزان التي أقرها الخليل بن أحمد. الحقيقة أن الأوزان جزء من الإيقاع، أو بمعنى آخر، هي إحدى إمكانات الإيقاع وليس الإمكانية الوحيدة، وما دامت إحدى تجليات الإيقاع وليس التجلي الوحيد، فمعنى ذلك أن الإيقاع أعم وأشمل وأقدم. وعليه فإن الإيقاع هو الجوهري وليس الوزن. والإيقاع يمكن أن يتحقق في قصيدة النثر مثلاً، عبر حركة الأصوات داخل الجملة الشعرية. وهناك حادثة دالة وكاشفة أنهم حتى في القديم كانوا يدركون أن الشعر بما فيه من إيقاع يوجد أيضاً خارج أوزان الخليل، إذ يُروى أن عبدالرحمن بن حسان بن ثابت دخل على أبيه وهو يبكي، وكان حينها طفلاً، فقال له: ما يبكيك؟ فقال: لسعني طائر، فقال: صفه، فقال: كأنه ملتف في بردي حبرة. فصاح حسان: قال ابني الشعر ورب الكعبة. هذه القصة المروية في كتب الأدب تكشف بجلاء أن الشعر أوسع من مجرد الوزن والتفاعيل.

• أنت تقول: لا شيء يسعدني ككتابة الشعر الجيّد.. ما مواصفات الشعر الجيّد؟

•• لا أملك ولا يحق لي ربما الحديث عن الشعر الجيد بإطلاق؛ لأن في هذا ادعاءً كبيراً، لكن يمكن الحديث عما أراه أنا أنه شعر جيد؛ أي في حدود رؤيتي فقط. كل شاعر يكتب الشعر بناءً على ما يعتقد أنه شعر، وعليه فإن الشعر الجيد -كما أراه- خرق لنمطية اللغة وبحث جاد عن اللامرئي في المرئي، ومن مواصفات النص الجيد أن يتقاطع فيه الفكري بالوجداني، وأن يكون نتاج الحالة البرزخية بين الوعي واللاوعي. طبعاً إضافة إلى ضرورة أن يتخلص من المقولات السابقة، وأن يعمل في تضاد مع الذاكرة والثقافة؛ لأنهما يفرضان السائد والمألوف وكل ما هو قارّ في الذهن.

• العودة الملاحظة للشذرات كتابة وطباعة.. إلام تعيدها؟

•• الشذرة في رأيي هي رأس الشعرية. حَشْد كل هذا العالم بمستوياته وتناقضاته ورؤاه في بضع كلمات أمر بالغ الصعوبة على مستوى التكنيك، لكنه مثير وممتع حين تدخله كمساحة للتجريب وتحدي إمكانياتك. أيضاً جزء من اهتمامي بالشذرة يعود إلى افتتاني بالمشهدية وتأمل الفضاءات البصرية واستنطاقها. إضافةً إلى ما في الشذرة من تداخل أجناسي يزيدها ثراءً وغنى. وعلى مستوى آخر أعتقد أن الشذرة بحجمها وبنيتها أكثر تمثيلاً لحياتنا المعاصرة التي أشبه ما تكون بلقطات متتابعة ومنفصلة في فضاء بصري، يجمعها سياق عام. وأخيراً لا أنسى أن منصة (إكس) بما كانت تفرضه من قيود تقنية قد أسست لتجربتي في الكتابة الشذرية وصقلتها.

• الشاعر أحمد السيد عطيف اختلف معك في شكل القصيدة، ورأى أنّ الشكل لا يجعل الكلام جميلاً ومؤثراً.. فيما ترى أنت أنّ الكتابة على نمط القصيدة القديمة تقليد وليس إبداعاً.. هل المشكلة في الشّكل أم في أشياء أخرى؟

•• نعم، كان الحديث في هذه الجزئية عن القصيدة العمودية، وعن كتابتها بصياغة تقليدية مغرقة في القدامة. النقد الحديث على عكس القديم، لا يفصل بين الشكل والمضمون، ولكتابة نص حديث لا بد من تحديث الشكل؛ لأننا لا يمكن أن نتحدث عن مضمون ما بمعزل عن الشكل، إذ إن الشكل يخلق مضمونه أيضاً. طبعاً لا أقصد بتحديث الشكل استبدال القصيدة العمودية بشكل آخر، بل أقصد التحديث من داخل الشكل نفسه. تجديد الصياغة وتحديث الجملة الشعرية ذاتها لتكون قادرة على التعبير عن الرؤى الجديدة.

• لماذا ترى أنّ كتابة قصيدة النثر أصعب من كتابة قصيدة عمودية أو تفعيلة؟

•• السبب في رأيي أن النص العمودي والنص التفعيلي لديهما قوالب إيقاعية جاهزة تجعل من مهمة الخلق الشعري مهمة أقل صعوبة. بينما في قصيدة النثر أنت تعمل في منطقة أقرب ما تكون إلى الشكل الهلامي. قصيدة النثر ملامحها أقل حدة ووضوحاً من الشكلين السابقين، وعليه فإن كتابتها تحمل صعوبة أكبر؛ لأن لكل نصٍّ قالبه الخاص الذي عليك أن تخلقه من العدم.

• كيف يمكن للشاعر أن يكون رائعاً؟

•• يكون كذلك إذا كان أصيلاً؛ أي معبراً عن صوته الخاص، ولحظته الراهنة، ومنغمساً بالكامل في تفاصيل عالمه، طبعاً دون أن يفقد قدرته على الاتصال بالوجود والكون.

• النصوص القصيرة التفعيلية التي كتبتها وترغب في نشرها مرفقة برسوم إبداعية.. ماذا عنها؟

•• هي أربعون نصّاً، تحمل خلاصة تجربتي في كتابة الشذرة الشعرية، وهو تنويعٌ على تجربتي الشعرية عموماً. تعاونت في هذا المشروع مع الرسامة السورية القديرة راما الدقاق. والعمل الآن في مرحلته الأخيرة، وسيُنشر خلال الشهرين القادمين.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .