Connect with us

الثقافة و الفن

الجلواح: اتهامي بالغزل إيجابي.. وشعراء الشرقية تأثروا بالعراقيين

ما يلفت الانتباه في شخصية الشاعر محمد الجلواح، أنَّه على قدر كبير من الأدب الجمّ، ونهضت ذائقته على موسيقى الشعر،

Published

on

ما يلفت الانتباه في شخصية الشاعر محمد الجلواح، أنَّه على قدر كبير من الأدب الجمّ، ونهضت ذائقته على موسيقى الشعر، منذ طفولته الزاهرة، فشبّ الشعر بين ضلوعه، وبأوزانه ضفّر الغيوم، ورقّص السنابل، وأرجح ظلال النخيل على أنغام أهازيج روحه المُشبعة بالحُبّ والصدق، والوفاء. تأخر الحوار معه قصوراً منا، وبطرقنا نافذة عزلته أشرع في وجوهنا كل أبواب الترحاب لنخرج بهذه الأجوبة النابضة بالعشق المضيء..

• أنت متهم بأنك شاعر غزل، بماذا تعلّق؟

•• هذا اتهام إيجابي، لا أنكره، ولا أتبرأ منه.

أنا.. من سلالة أسلافي الشعراء العرب قديماً وحديثاً، الذين امتطوا صهوة الغزل وسافروا إليه، وعُرِفوا به..

وما أنا إلا من غزية إن غوت

غويت، وإن ترشد غزية أرشد

كما قال عمنا دريد ابن الصمة، لكن لدي -إلى جانب قصائد الغزل- قصائد أخرى جمَّة؛ منها الوطنية والإنسانية والاجتماعية والدينية، وغيرها، وربما فاقت في مجموعها قصائد الغزل، وأتساءل: لماذا تحضُرُ قصائد الغزل في وجدان المتلقي دون سواها؟ لأنني -ببساطة- أكرر قراءتها وحضورها، وألبّي من يطلبها.

• كيف تردّ على من يصفك بـ«قليل الحظ»؟

•• في الحقيقة لست ذلك يا عزيزي، فأنا أرى نفسي أفضل حظاً نسبياً من غيري في كثير من الوجوه -ولله الحمد-، وعلى مدى مشواري الممتد إلى نحو 50 عاماً في خدمة الثقافة والمثقفين والأدب، ولا أعرف القصد من «قلة الحظ»، هل هي في المركز، أم في الإبداع، أم في الإعلام، أم في الحضور، أم في التأليف، أم في غير ذلك؟، لكن أظن أنني أفضل من كثير من آخرين من جيلي في جوانب معينة، وقد أكون قليل الحظ -كما تفضلتم- في جوانب أخرى.

• هل أنت شاعر منبري؟

•• نعم وبضرس قاطع.. وشاعر للقراءة غير المنبرية أيضاً، وقد لا أرى غضاضة أن أكون شاعراً منبرياً؛ باعتبار أن المنبر يجعلك متواصلاً بحميمية وبشكل مباشر مع جمهورك، كما أن القصيدة المنبرية ما زالت حاضرة ببريقها وفاعليتها ووهجها، رغم طغيان وسائل التواصل الاجتماعي، والفضاء الأزرق، ومع الإشارة إلى أن القصيدة المنبرية -في رأيي- لا تموت حينما تُتلى على المنصة، ودونك كل الشعراء العرب -قديماً وحديثاً- الذين تضجّ دواوينهم بالقصائد المنبرية والمثبتة في دواوينهم، وما زالت خالدة.

• لماذا كنت حريصاً على حضور المناسبات الثقافية ثم تراجعت وزهدت؟

•• هذه حكاية قد يطول الحديث فيها، لكن سأختصر بعضها في نقاط:

أولاً: انحسار الدعوات التي كانت تأتيني لحضور المناسبات الثقافية أو المشاركة فيها.

ثانياً: انشغالي في فترة عملي بنادي الأحساء الأدبي مسؤولاً إدارياً وعلاقات عامة، لمدة تزيد على 12 عاماً، وما يتطلب ذلك من متابعة وجهد ووقت.

ثالثاً: اعتذاري عن إجابة بعض الدعوات؛ التي تصلني لحضور فعاليات أو مهرجانات سبق لي أن حضرتها، وأرى ألا جديد فيها بالنسبة لي، ولا جدوى من حضورها، فأُحيل الدعوة لشاعر أو أديب أو قاص أو مثقف لم يسبق له أن حضرها، وقد فعلت ذلك مراراً كثيرة.

رابعاً: حتى لا أساهم في تكريس مشكلة تكرار أسماء المدعوين من المشاركين والضيوف، لتلك المناسبات الثقافية، التي ما زال الوسط الثقافي يعاني منها، (وإن كان المأخذ في ذلك يكون على الجهة الداعية، لا على المدعو)، وغيرها من الأمور الأخرى.

• متى كانت بواكير استشعار الشاعرية؟

•• إن كنت تقصد في هذا السؤال بداياتي الشعرية.. فهي المرحلة المتوسطة في التسعينيات الهجرية، والسبعينيات الميلادية المنصرمة من القرن الماضي، حينما بدأْتُ (الخربشة) على كراسات الدراسة بمقطوعة أو نصف بيت، أو عبارة كنت أظنها شعراً، خصوصاً أنني نشأت في أسرة متعلمة، فقد كان والدي مُعَلِّما للقرآن الكريم، والمبادئ الإسلامية، والقراءة والكتابة، وكذلك والدتي، وعدد من أهلي وأقاربي، ويمكنني الزعم أنني (وُلِدْتُ، وفي فمي قلم!).

• كيف استقبلك الجمهور في أول أمسية؟

•• لا أتذكر تفاصيل أول لقاء مع الجمهور؛ الذي كان في منتصف التسعينيات الهجرية، والسبعينيات الميلادية المنصرمة من القرن الماضي، حين وقفتُ أمام جمهور (نادي الجَبَل الرياضي بالقارَة بالأحساء) بقصيدة شعبية مباشرة وبسيطة عنوانها (مَدْري ليش)، أثبَتُّها في ديواني الأول (ترانيم قروية) الصادر عام 1410هـ، 1990، وكان الجمهور من أبناء القارَة، والقرى المجاورة، يملأ الساحة التي أمام مبنى النادي، وبالمناسبة، كان ذلك في فترة إدارة الأستاذ محمد القشعمي حينما كان مديراً للمكتب الرئيسي لرعاية الشباب بالأحساء؛ الذي كان يحضر شخصياً معظم الأمسيات والأنشطة الثقافية لأندية الأحساء.. أقول: لا أتذكر تفاصيل ذلك، إلَّا أن الجمهور كان يصفق بحرارة، ويطلب استعادة كل مقطع من تلك القصيدة الطريفة، وتستمر هذه الحالة لعدة سنوات تالية ولقصائد عدة.. فصيحة وشعبية.

• هل تنويع نشاطك الثقافي والإبداع أضعف قصيدتك؟

•• وهل تعتقد أن قصيدتي ضعيفة يا صديقي؟

لا.. لم يؤثر ذلك على كتابتي ومشاركاتي الشعرية المتواصلة منبرياً، ونشراً وحضوراً، وإن كانت هناك بعض الفترات المتباعدة نسبياً أثناء متابعة وتنفيذ تلك الأنشطة، لكن بالعموم لم تكن على حساب القصيدة.

• ماذا تقول للنقاد الذين لم يتناولوا نصوصك بالقراءة؟

•• أقول لهم: قد يحزنني ذلك، ولا أدري، أخي الفاضل، لماذا هم مبتعدون عن نصوصي وقصائدي، وبصراحة، (وبيني وبينك).. أحسن!

لأنني من الذين لا يحبون النقاد، وحين ندقق في هذا الأمر.. فلا أدري لماذا هم بعيدون عن نصوصي؟ هل هم يرون أنها لم تَرْقَ الى المستوى المطلوب بالنسبة لهم لتناولها ودراستها؟ أم أن هناك أمراً آخر، والله لا أدري.

نعم هناك قراءات انطباعية لبعض دواويني كقراءة الشاعر والقاص والأديب سعد الغريبي لديواني (نخيل)؛ التي نشرها في مجلة (اليمامة) قبل نحو ثلاث سنوات، ولا أتذكر سواه قام بذلك، وأقول للنقاد: لن أهرول وراءكم، فقصائدي بين يدي القراء.

• هل الفضل لبيئة الأحساء في صُنع الشعراء؟

•• بالطبع، وبكل تأكيد، فالأحساء تتمتع بعناصر كثيرة تُحَرِّض على الشعر والإبداع؛ أبرزها النخيل والتاريخ، وهذان العنصران الملتصقان فيها منذ آلاف السنين صنعا شعراء كثيرين، وما هذه الزمرة منهم وبأجلى صور التميز والقوة والحضور قديماً وحديثاً إلا من نتاج بيئة الأحساء إلى جانب العراقة، والبيئة العلمية، وقديما قيل:

«إلى الأحساء تُضْرَبُ أكباد الإبل».. للدلالة على الرحيل إلى الأحساء لطلب العلم، وغير ذلك من عوامل ذات تأثير مباشر وقوي في ميلاد شاعر أحسائي كل يوم.. كَمّاً، وكيفاً.

• ما أثر التجربة العراقية على شعراء المنطقة الشرقية؟

•• تتأثر المناطق المتجاورة ببعضها في كثير من الوجوه -كما تعلم-، وتؤثر فيها أيضاً.

ولا شك أن التجربة الشعرية العراقية هي إحدى التجارب الرائدة في المشهد الشعري العربي بشكل عام، وهي عامل مؤثر قوي على المناطق البعيدة؛ فضلاً عن القريبة منها، لذلك تجد في شعر كثير من الشعراء (الشعراء الشيعة على وجه الخصوص) تأثيراً عراقياً جلياً يمكنك أن تراه في مفردة، أو صورة، أو استدلال، أو رصد تاريخي، أو تناول ما، أو غير ذلك.

كما أود أن أشير إلى أن هناك في بعض المدن والمناطق العراقية كالبصرة والزبير وبغداد والعمارة وكربلاء والنجف والسماوة وبابل، بعض العوائل التي هاجرت من المنطقة الشرقية، ومن نجد إلى تلك المدن والمناطق قبل أكثر من قرنين، وخرج منها -أي من تلك العوائل- شعراء وكُتّاب التحموا مع المجتمع العراقي كالأديب والإعلامي (سلمان بن صالح الصفواني) من القطيف، والشاعر (حسين بن علي الرمضان) من الأحساء، وغيرهما.

• كيف تقرأ تجربة الأندية الأدبية؛ باعتبارك من المؤسسين؟

•• مَرَّت الأندية الأدبية بالمملكة بمراحل متعددة على مدى نصف قرن من تأسيسها، ويمكن القول إنها كانت مراحل متباينة في الفعل والتجربة والتأثير والنتائج، فبينما نجدها ذات حضور وتأثير فاعل ونوعي وبامتداد واسع ونتاج ملموس في الثلث الأول من سنوات تأسيسها.. نجدها تتراجع بشكل ملحوظ في الثلث الثاني من تلك السنوات، وإن كانت قد ألحقت بأنشطتها بعض الفعاليات النوعية في بعض سنوات تلك الفترة، وبدا التراجع منها من الناحية الإدارية وبقاء معظم رؤساء مجالسها على كرسي الإدارة كل تلك السنين حتى أطلقوا على تلك المقاعد مقولة طريفة هي: «المقاعد الأبدية.. لرؤساء الأندية الأدبية!»، وصحب ذلك ركود في النشاط وتراجع في الإبداع وإسراف في اللامفيد، وغير ذلك.

ثم جاءت الفترة الأخيرة؛ التي حاولت الجهة المرجعية للأندية الخروج بها إلى تجربة الانتخابات ومحاولة تغيير الإدارات والأسماء، وقد نجحت في ذلك إلى حدٍّ ما، وبوقت قصير وسريع، لكن سرعان ما أصاب هذه التجربة الفشل، وعادت الوزارة التي تشرف على الأندية أن ثَبَّتت أعضاء مجالس الإدارة، وقامت بالتمديد لهم في مناصبهم لأكثر من مرة، وانتهى الأمر في الوقت الحالي إلى (التكليف.. حتى إشعار آخر).

وبكلمة.. فإن الأندية الأدبية بالمملكة مرت بعصر ذهبي ثم فضي ثم معدني، وأرى أنها قد أدت دورها بما يكفي، وتجاوزت زمنها.. وأن يتم استبدالها الآن بمؤسسات وهيئات ثقافية تتماشى مع رؤية المملكة 2030، التي تستقطب الشباب وتعيد إليها الحياة من جديد.

• ما تطلعاتك للمستقبل؟

•• أنتظر الآن صدور كتاب ضخم عنوانه (المملكة العربية السعودية.. العُشُّ الآمِن) من تأليفي، تصل صفحاته إلى 550 صفحة بالألوان وبالقطع الكبير؛ وهو كتاب يجمع كل الأعمال الوطنية الخاصة بالمملكة التي كتبتها، وسيصدر قريباً إن شاء الله.

ومشغول في كتابة مذكراتي (السيرة الذاتية)، ولملمة قصائدي التي لم تُنشر في ديوان، إلى جانب بعض المؤلفات المخطوطة ككتاب (الرسائل)، و(الرحلات)، و(المختارات النادرة من الصحافة العربية)، وكتاب (اللقاءات الصحفية) الذي سيُضاف هذا الحوار إلى صفحاته.. وأتطلع أن يتبنى رجل أعمال سعودي محب للثقافة والأدب القيام بطباعة (أعمالي الأدبية الكاملة) على نفقته.

انطلقت شبكة أخبار السعودية أولًا من منصة تويتر عبر الحساب الرسمي @SaudiNews50، وسرعان ما أصبحت واحدة من أبرز المصادر الإخبارية المستقلة في المملكة، بفضل تغطيتها السريعة والموثوقة لأهم الأحداث المحلية والعالمية. ونتيجة للثقة المتزايدة من المتابعين، توسعت الشبكة بإطلاق موقعها الإلكتروني ليكون منصة إخبارية شاملة، تقدم محتوى متجدد في مجالات السياسة، والاقتصاد، والصحة، والتعليم، والفعاليات الوطنية، بأسلوب احترافي يواكب تطلعات الجمهور. تسعى الشبكة إلى تعزيز الوعي المجتمعي وتقديم المعلومة الدقيقة في وقتها، من خلال تغطيات ميدانية وتحليلات معمقة وفريق تحرير متخصص، ما يجعلها وجهة موثوقة لكل من يبحث عن الخبر السعودي أولاً بأول.

Continue Reading

الثقافة و الفن

رئيس تنفيذية الألكسو بالقاهرة: الرؤية السعودية تستثمر بالمستقبل

انطلاق أعمال المجلس التنفيذي للألكسو بالقاهرة. رئيس المجلس يشيد برؤية السعودية 2030 ودورها في تطوير التعليم والثقافة وتعزيز العمل العربي المشترك.

Published

on

انطلقت في العاصمة المصرية القاهرة أعمال اجتماع المجلس التنفيذي للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)، وسط حضور دبلوماسي وثقافي عربي رفيع المستوى. وقد شهدت الجلسة الافتتاحية تصريحات هامة لرئيس المجلس التنفيذي للمنظمة، ركز فيها على الدور المحوري الذي تلعبه المملكة العربية السعودية في دعم العمل العربي المشترك، مشيداً بـ «الرؤية السعودية 2030» واصفاً إياها بأنها رؤية تستثمر في المستقبل وتؤسس لنهضة تعليمية وثقافية شاملة.

أهمية الاجتماع في ظل التحديات الراهنة

يأتي هذا الاجتماع في توقيت بالغ الأهمية، حيث تواجه المنطقة العربية تحديات متنامية تتطلب تعزيز التعاون في مجالات التربية والعلوم والثقافة. ويهدف الاجتماع إلى مناقشة البرامج والموازنات الخاصة بالمنظمة، بالإضافة إلى استعراض تقارير الأداء وخطط التطوير المستقبلية التي تضمن مواكبة المنظومة التعليمية العربية للتطورات التكنولوجية العالمية المتسارعة.

الرؤية السعودية 2030: نموذج ملهم للتطوير

في سياق حديثه، أكد رئيس المجلس التنفيذي أن ما تشهده المملكة العربية السعودية من حراك ثقافي وعلمي غير مسبوق تحت مظلة رؤية 2030، يمثل نموذجاً ملهماً للدول الأعضاء. وأشار إلى أن الاستثمار في رأس المال البشري، وتطوير المناهج، والاهتمام بالذكاء الاصطناعي والرقمنة، هي ركائز أساسية تبنتها المملكة، مما ينعكس إيجاباً على منظومة العمل العربي المشترك ويعزز من مكانة اللغة العربية والثقافة الإسلامية عالمياً.

خلفية تاريخية عن منظمة الألكسو

تعد المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)، التي تأسست عام 1970 وتتخذ من تونس مقراً لها، إحدى منظمات جامعة الدول العربية المتخصصة. وتعنى المنظمة بالنهوض بالثقافة العربية وتطوير مجالات التربية والعلوم على المستوى الإقليمي والقومي. وتعتبر اجتماعات مجلسها التنفيذي المحرك الأساسي لرسم السياسات العامة ومتابعة تنفيذ القرارات التي تصب في مصلحة الشعوب العربية، مما يجعل من انعقاد هذا الاجتماع في القاهرة دلالة على عمق العلاقات المصرية العربية ودور مصر الريادي في احتضان الفعاليات الكبرى.

التأثير المتوقع ومستقبل العمل العربي المشترك

من المتوقع أن يخرج هذا الاجتماع بتوصيات هامة تتعلق بتحديث الاستراتيجيات التربوية العربية، وتعزيز مشاريع التحول الرقمي في المؤسسات التعليمية. كما يعول المراقبون على هذا اللقاء لتعزيز الشراكات بين الدول العربية لتبادل الخبرات، خاصة في ظل الإشادة بالتجربة السعودية، مما قد يفتح الباب أمام مبادرات مشتركة تستفيد من الزخم الذي أحدثته الرؤية السعودية في المنطقة، لاسيما في مجالات حماية التراث وصون الهوية الثقافية في عصر العولمة.

Continue Reading

الثقافة و الفن

كراسي ملتقى الميزانية والبشت السعودي: تصميم يجسد الهوية

تعرف على سر كراسي ملتقى الميزانية المستوحاة من البشت السعودي. تفاصيل التصميم، دلالات الزري الذهبي، وكيف يعكس هذا الابتكار الهوية الوطنية ورؤية 2030.

Published

on

شهدت منصات التواصل الاجتماعي والأوساط الإعلامية تفاعلاً واسعاً مع التصاميم المبتكرة التي ظهرت في التجهيزات الخاصة بملتقى الميزانية، وتحديداً تلك الكراسي التي استوحت تصميمها ببراعة من "البشت السعودي"، الرمز العريق للأناقة والوجاهة في المملكة العربية السعودية. هذا الدمج بين الوظيفة العملية للمقاعد وبين الرمزية الثقافية العميقة للبشت، لم يكن مجرد خيار جمالي عابر، بل هو تعبير بصري دقيق عن توجهات المملكة نحو ترسيخ الهوية الوطنية في كافة التفاصيل الدقيقة للمناسبات الرسمية.

رمزية البشت: أكثر من مجرد رداء

لفهم عمق هذا التصميم، يجب العودة إلى الجذور التاريخية للبشت في الثقافة العربية والسعودية. يُعد البشت (أو المشلح) زيّاً رجالياً تقليدياً يرتبط بالمقام الرفيع والمناسبات الرسمية والأعياد. وتتميز البشوت السعودية، وخاصة "الحساوي" منها، بدقة الحياكة والتطريز بخيوط الزري الذهبية أو الفضية. إن استلهام تصميم الكراسي من هذا الزي، عبر استخدام اللون الأسود الفاخر (اللون الملكي الأكثر شيوعاً في البروتوكولات) مع الحواف الذهبية التي تحاكي "القيطان" و"المكسر" في البشت، يبعث برسالة احترام وتقدير للحضور، ويضفي هيبة على المكان تتناسب مع ثقل الحدث الاقتصادي الذي يتم فيه إعلان ميزانية الدولة.

رؤية 2030 وإحياء التراث في التصميم الحديث

يأتي هذا التوجه الفني متناغماً تماماً مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي تولي اهتماماً بالغاً بالثقافة الوطنية والتراث غير المادي. لم تعد الهوية السعودية تقتصر على المتاحف أو المهرجانات التراثية، بل أصبحت جزءاً لا يتجزأ من النسيج العمراني والتصميم الداخلي للمؤسسات الحكومية والفعاليات الكبرى. يعكس تصميم كراسي ملتقى الميزانية تحولاً في مفهوم "البروتوكول"، حيث يتم استبدال الأثاث المكتبي الغربي التقليدي بتصاميم تحمل بصمة محلية، مما يعزز من الشعور بالانتماء والفخر لدى المواطن، ويبهر الزائر الأجنبي بجماليات الثقافة السعودية.

الأثر الثقافي والانطباع العالمي

إن دمج العناصر التراثية في الفعاليات السياسية والاقتصادية يمثل نوعاً من "القوة الناعمة". فبعد أن لفت البشت السعودي أنظار العالم في نهائي كأس العالم 2022، يأتي استخدامه كمفهوم تصميمي في الأثاث ليؤكد على استدامة هذا الرمز وقابليته للتطوير والحداثة. هذا النهج يشجع المصممين السعوديين على الابتكار واستلهام أفكار من بيئتهم المحلية، مما يفتح آفاقاً جديدة لصناعة الأثاث والديكور القائمة على الهوية. علاوة على ذلك، فإن الاهتمام بهذه التفاصيل الدقيقة يعكس احترافية عالية في تنظيم الفعاليات الوطنية، حيث تتكامل الصورة البصرية مع المضمون الاقتصادي والسياسي لتصدير صورة حضارية عن المملكة.

ختاماً، لا تُعد كراسي ملتقى الميزانية مجرد مقاعد للجلوس، بل هي وثيقة بصرية تروي قصة التمسك بالجذور مع الانطلاق نحو المستقبل، وتؤكد أن التراث السعودي غني وقابل للتكيف مع أحدث خطوط الموضة والتصميم العالمية.

Continue Reading

الثقافة و الفن

مجمع الملك سلمان يحتفي باليوم العالمي للغة العربية بالأمم المتحدة

مجمع الملك سلمان العالمي ينظم احتفالية في مقر الأمم المتحدة بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، تعزيزاً لمكانة لغة الضاد ودعماً لأهداف رؤية المملكة 2030.

Published

on

في خطوة تعكس الدور الريادي للمملكة العربية السعودية في خدمة لغة الضاد وتعزيز حضورها الدولي، نظم مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية احتفالية كبرى بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، وذلك في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك. ويأتي هذا الحدث تأكيداً على التزام المجمع برسالته الاستراتيجية الرامية إلى مد جسور التواصل الحضاري وإبراز جماليات اللغة العربية وقيمتها التاريخية والمعاصرة أمام المجتمع الدولي.

سياق الاحتفال والخلفية التاريخية

يحتفل العالم في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام باليوم العالمي للغة العربية، وهو التاريخ الذي يوافق القرار التاريخي الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3190 في عام 1973، والذي بموجبه تم اعتماد اللغة العربية لغة رسمية ولغة عمل في الأمم المتحدة. ومنذ ذلك الحين، أصبح هذا التاريخ محطة سنوية للاحتفاء بواحدة من أكثر اللغات انتشاراً في العالم، وللتذكير بإسهاماتها الغزيرة في مسيرة الحضارة البشرية، سواء في العلوم، أو الآداب، أو الفنون.

دور مجمع الملك سلمان ورؤية 2030

تأتي مشاركة مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية في هذا المحفل الدولي كجزء لا يتجزأ من مستهدفات رؤية المملكة 2030، وتحديداً برنامج تنمية القدرات البشرية الذي يعنى بتعزيز الهوية الوطنية واللغوية. ويسعى المجمع من خلال هذه الفعاليات إلى تحقيق أهدافه الاستراتيجية المتمثلة في المحافظة على سلامة اللغة العربية، ودعمها نطقاً وكتابة، وتيسير تعلمها وتعليمها داخل المملكة وخارجها. كما يهدف المجمع إلى توحيد المرجعية العلمية للغة العربية عالمياً، وسد الفجوة في المحتوى العربي الرقمي.

الأهمية الثقافية والدولية للحدث

لا تقتصر أهمية هذه الاحتفالية على الجانب البروتوكولي فحسب، بل تمتد لتشمل أبعاداً ثقافية وسياسية عميقة. فاللغة العربية تُعد ركناً من أركان التنوع الثقافي للبشرية، وهي إحدى اللغات الأكثر انتشاراً واستخداماً في العالم، إذ يتحدث بها يومياً ما يزيد على 400 مليون نسمة. ومن خلال تنظيم مثل هذه الفعاليات في قلب المنظمة الأممية، يرسخ المجمع مكانة اللغة العربية كلغة للحوار والسلام والتفاهم المشترك بين الشعوب.

وتتضمن مثل هذه الفعاليات عادةً جلسات حوارية رفيعة المستوى، ومعارض فنية تبرز جماليات الخط العربي، ونقاشات حول التحديات التي تواجه اللغة في عصر الذكاء الاصطناعي والرقمنة، مما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون الدولي لخدمة اللغة العربية وتمكينها في المحافل الدولية.

Continue Reading

Trending