Connect with us

ثقافة وفن

التورُّط في نجدة حمار

ما إن اكتمل عقدنا حتى قلنا للسائق اتكل على الله. كان بعضنا في القمرة بينما الغالبية في الصندوق، الصندوق فضاؤه رحب،

ما إن اكتمل عقدنا حتى قلنا للسائق اتكل على الله. كان بعضنا في القمرة بينما الغالبية في الصندوق، الصندوق فضاؤه رحب، مفتوح، يتيح للمدخن أن يدخن وللمغني أن يغني.

تحرك بنا (الشاص) وما هي إلا دقائق حتى ابتعدنا عن العمران، ودخلنا بعدها في طريق لم يصمد أمام الطبيعتين؛ التضاريس والمناخ، لذلك كنا نعلو كلما اعتلى، ونهبط كلما هبط، نميل حيث يميل ونهتز كلما اهتز.

بعد ساعة من السير على كف زلزال وصلنا إلى (العَجْمَة). توقف الشاص فترجلنا ومشينا نحو المسقط المائي المهيب، شلال العَجْمَة، كما نسميه وكما نعشقه، نأتي إليه في كل مرة نتأمل الماء وهو يندفع عبر حافة من الصخر الأزرق ثم يهوي إلى قاع الوادي السحيق.

إلى اليسار من هذا المسقط تنبسط خميلة كأنما اقتطعت من جنة، تصطف فيها أشجار العرعر متغاصنة لتصنع ظلاً وارفاً يوازن المسقط المائي من على مصطبة تفرشها أعشاب خضراء طرية باردة تغنيك عن سجّاد تبريز الفاخر.

في جهة أخرى غير بعيدة عن مكاننا أنزلنا أمتعة الطبخ: قنينة الغاز والموقد وبضع قطع من الآنية فيها قدر كبير وقدران صغيران وعدة صحون وسكينة وملعقة وكبشة وملاس ومنزاع لنزع اللحم إذا استوى.

كانت المهام موزعة فيما بيننا وكأنها قانون؛ هناك من يجهز اللحمة، وهناك من يجهز الأرز، وهناك من يجهز السلطات، وهناك من ندخره بشكل دائم لإعداد الشاي. وهناك من يتمدد تحت العرعر أو يقرأ صحيفة أو كتاباً، وعندما جاء دوري وتمددت كنت أحضن جهاز (غراوندينغ)، ذلك الراديو الألماني الذي يأتيك بإذاعات الدنيا من حيث لا تحتسب.

عندما هممت بتشغيل الراديو لفت انتباهي حمار يقف في السفح المقابل. هذا أمر غريب فالحمير في القرى وحول المزارع أما هنا فأمر غير معتاد. بدأت يدي اليمنى تشغل الراديو وتدير منتخب المحطات بحثاً عن محطة، أبحث وبصري صوب الحمار، ثم ما لبثت أن أغلقت الراديو ورفعت ظهري قليلاً ثم قمت منتصباً أدقق النظر في أمرٍ ما.

كان الحمار يقف ساكناً مثل تمثال، يتكئ على ثلاث أرجل فقط، أما الخلفية اليسرى فهي مثنية قليلاً وحافرها بالكاد يلامس الأرض. رأيت بوضوح معالم تورّم يوشك أن يبتلع الجزء السفلي من الساق. اقتربت خطوتين، ثم عدة خُطى. ظهر لي التورم، ظهر أكبر وأبشع وأشد إيلاماً مما توقعت، كان يحيط بالمنطقة الفاصلة بين الساق والحافر عند المفصل.

أوجس الحمار خيفةً عندما سمع وقع خطواتي، تحرك بصعوبة بالغة، فتغير لحركته وضع رجله المصابة لأرى حلقة معدنية عالقة في منتصف الورم، غائرة في طبقات من اللحم المهترئ المتورم، والدم المتجلط، والقيح المتخثّر. طبقات طبقات في أعلى الحلقة، وأسفل منها، وبان على وجه الحمار أنه يئنُّ ويتألم بصورة فظيعة، بل أوشك أن أقسم لكم أن دموعه تلك لم تكن إلا نشيج كائن حي لا يقدر على البكاء.

لم أجد صعوبة في كسب تعاطف أصدقائي مع الحمار، بينما أخفقت تماماً في إقناع الجميع بضرورة إسعافه، وتخليص قدمه من تلك الحلقة المعدنية التي علقت بها رجله.

قمت عليهم خطيباً، فلم يزدهم خطابي إلا إصراراً، بل وتهكماً، حتى أن البعض قد وقف على قدميه ليقول لي: هناك العشرات من الناس بحاجة إلى المساعدة ولم تفكر إلا في مساعدة حمار، وزاد بعضهم في تهكمه عندما قال لي أنت عاطفي أكثر من اللازم لأنك (ولد كهلة).

اتخذنا قراراً، الذين آمنوا معي وأنا، رأينا تجميد حسابنا في هذه الرحلة والتبرع بوقتها للحمار. درسنا الموقف من شتى جوانبه ثم وضعنا خطة تتضمن أدوات العمل وآليته.

رأينا أن موقعة التحرير المنتظرة تتطلب مقصاً يقص المعادن وحبالاً قوية، ولما كانت مثل هذه المتطلبات غير موجودة كان علينا أن ننطلق إلى سوق المدينة لجمعها من هناك ومن ثم العودة بها ثم إجراء مناورات بسيطة ثم ننطلق في موقعة تحرير قدم الحمار.

عند عودتنا وجدنا بقية الأصدقاء في انتظارنا وعلى وجوههم كانت مفاجأة، بل كانت المفاجأة الكبرى حقاً، ففي غيابنا استولت عليهم الدهشة من تصميمنا على نجدة الحمار، ثم تحولت تلك الدهشة إلى إعجاب، ثم تحول الإعجاب إلى انضمام للمجموعة، لذلك رأيت أن من واجبي أن أضع خطة عمل، فأنا أقود الجميع الآن وعليّ أن أنفذ معهم خطة تجريبية نتدرب فيها لنضمن النصر.

في منطقة تواجه منتصف المكان الذي يقف فيه الحمار تمركز أحدنا وفي يده رأس الحبل، وتحرك آخر وفي يده الطرف الثاني، كنا نتدرب على الالتفاف وإحكام الحبل، وفي نفس الوقت كان هناك آخر في يده أنشوطة ينبغي أن تلتف حول رقبة الحمار، وفي لحظة واحدة يجب أن يسقط الحمار على جنبه الأيمن ثم نتكاثب عليه وأقوم أنا بقص الحلقة الحديدية وتخليص الحمار.

نجحنا في طرحه أرضاً وفي الارتماء عليه، لكننا لم ننجح في حماية أنفسنا من الأذى، كنا كمن يقاتل فرقة مدربة من حاملي الهراوات، وتعرض اثنان منا لنهشات مؤلمة. تلطخت ثيابنا بالدماء، دماؤنا ودماء الحمار، لكننا لم نكترث فقد عقدنا العزم على نجدة الحمار طوعاً أو كرهاً.

استلمت الرجل المصابة وجعلتها بين ساقيّ، استصرخت ثلاثة لتثبيت رجل الحمار التي كان يحركها بقوه وجنون، مددت مقص الحديد وأنشبته في الحلقة الحديدية بينما رجل الحمار تنتفض في أيدينا ألماً، وقبل أن أكمل قص الحلقة انبثقت نافورة من دم وصديد، بينما واصلت القصّ وملوحة الدم والقيح فوق لساني.

Continue Reading

ثقافة وفن

خالد عبدالرحمن.. الانقلاب الرومانسي في الأغنية الشعبية السعودية

لم يكن خالد عبدالرحمن، بالنسبة لنا، مجرد مطرب بزغ في حقبة التسعينات؛ بل كان زلزالاً فنياً هادئاً أعاد رسم تضاريس

لم يكن خالد عبدالرحمن، بالنسبة لنا، مجرد مطرب بزغ في حقبة التسعينات؛ بل كان زلزالاً فنياً هادئاً أعاد رسم تضاريس الأغنية السعودية الشعبية حينها، وأعاد ترتيب مفاهيمها من الداخل وتطويرها دون ضجيج.

ظهر لا كامتداد لما قبله، بل كقطعة فنية مكتملة الملامح مع السائد، ونواة لتحول ثقافي داخل الذائقة الجمعية، حين قرر أن يختزل الشعبي والحديث في خلطة واحدة، تفيض شجناً، وتستدعي وجدان الناس قبل آذانهم.

جاء خالد عبدالرحمن، في زمن كانت فيه الأغنية الشعبية ترزح بين الموروث المجدد والتجريب المرتبك، فخلخل المعادلة من الجذور.

لم يكن صوته فقط ما أثار الانتباه حينها، بل إحساسه وطريقته في كتابة الأغنية، اختياراته اللحنية، أسلوبه الغنائي، ووقوفه على المسرح كحالة لا تُقارن.

مزج ما لا يُمزج: الشعبي والرومانسي، الصحراء والمدينة، القصيدة البيضاء والنغمة الملوّنة، الموروث والعاطفة المعاصرة، فصنع شكلاً جديداً من التعبير الغنائي، أطلق شرارته بألبوم «صارحيني»، الذي هزَّ ذائقة السوق وأُعيد تعريف «الشبابي» ليس كمجرد فئة عمرية، بل كتيار فني جارف وشعبي أيضاً.

كان حضور خالد عبدالرحمن كاسحاً، لا بالاستعراض والترويج، بل بالوصول والتماهي مع وجدان المستمعين الشباب آنذاك، وسط صدمة عمالقة الأغنية من هذا الذي يزاحمهم في الأضواء، لكن في جانب تفرد به.

وبينما كانت الأغنية تتكئ على أسماء شعراء وملحنين، انسل خالد، ليكتب ويلحن ويغني، متوارياً خلف اسم «مخاوي الليل»، كأنه يؤسس لتيار لا يبحث عن الأضواء بقدر ما يصنعها.

وهنا بدأ التحول من نجم إلى ظاهرة، ومن صوت إلى خطاب فني له جمهوره، وله منطقه المختلف والخاص.

وإن كان خالد عبدالرحمن قد أحدث نقشاً فنياً جميلاً في جدار الأغنية السعودية، فإنه فعل ذلك من دون أن يخلع عباءة التواضع أو يسقط في فخاخ النجومية الكاذبة. ظل طوال مسيرته كأنه على أطراف الضوء لا في مركزه، لا لأنه لم يكن جديراً به، بل لأنه آمن أن الفن لا يُبرز حين يُستعرض، بل حين يُخلص له.

لم ينزلق إلى صراعات الألقاب، ولم يتكئ على مهاترات الصحافة، بل نأى بنفسه عن ضجيج الساحة، كمن يعرف أن الصوت الأعلى ليس دائماً هو الأصدق.

لقد كان خالد عبدالرحمن، دون ادعاء، أحد أولئك القلائل الذين لم تُفسدهم الشهرة، بل صقلتهم، فصاروا أكثر إنسانية كلما صعدوا.

أخبار ذات صلة

Continue Reading

ثقافة وفن

لماذا قاطع عادل إمام التلفزيون المصري 20 عاماً ؟

كشفت الإعلامية المصرية سهير شلبي أن الفنان عادل إمام قرر مقاطعة التليفزيون المصري لمدة 20 عامًا؛ بسبب حوار أزعجه

كشفت الإعلامية المصرية سهير شلبي أن الفنان عادل إمام قرر مقاطعة التليفزيون المصري لمدة 20 عامًا؛ بسبب حوار أزعجه مع إحدى المذيعات.

وخلال حديثها في برنامج «القاهرة اليوم» مع إدوارد ونانسي مجدي على شاشة «ألفا»، قالت سهير شلبي: «عادل إمام دا حكاية لوحده، الزعيم، حبيبنا كلنا، هو كان مقاطع التليفزيون 20 سنة، مش بسبب (رأفت الهجان) زي ما الناس بتقول، لكن بسبب حوار عملته معاه زميلة مذيعة من جيلي، ضايقته بالكلام».

وتابعت شلبي مؤكدة أن الأسلوب الذي انتهجته تلك الإعلامية لم يكن لائقًا، إذ طرحت عليه أسئلة لم تعجبه، مما جعله ينفر من الإعلام الرسمي لفترة طويلة.

وأضافت: «أنا كنت دايمًا بحب أقدم الفنانين بشكل حلو، أبرّز الجوانب الإيجابية، مش هدفي أضايقهم أو أحرجهم.. دول ثروتنا الفنية وقوتنا الناعمة».

وفي مداخلة خلال الحلقة، أشار إدوارد إلى أن المذيعة المقصودة قد تكون سلمى الشماع، وهو ما لم تنفه سهير شلبي، واكتفت بالقول: «أكيد إنت عارف».

أخبار ذات صلة

وأجرت سلمى الشماع حوارًا مع عادل إمام أثناء تصويره لفيلم «اللعب مع الكبار»، وطرحت عليه انتقادات وردود فعل سلبية حول أفلامه حينها مثل «النمر والأنثى» و«المولد»، ما أغضب الزعيم بشدة.

وتقول شلبي إن عادل إمام عبّر عن غضبه بقوله: «محدش ييجي يسجل معايا، ومش هسجل مع حد، وخلاص مش هعمل لقاءات»، ليغلق بذلك الباب أمام أي ظهور في التليفزيون المصري لفترة طويلة، معتبرًا ما حدث «تجاوزًا إعلاميًا».

Continue Reading

ثقافة وفن

أول شخصية تحصل على المسمى رسمياً.. «أسيل» سفيرة للسياحة السويسرية في السعودية

أعلنت الفنانة السعودية أسيل عمران اختيارها سفيرة للسياحة السويسرية لعام 2025 في السعودية ودول الخليج، إذ تُعد أول

أعلنت الفنانة السعودية أسيل عمران اختيارها سفيرة للسياحة السويسرية لعام 2025 في السعودية ودول الخليج، إذ تُعد أول شخصية تحصل على هذا المسمى بشكلٍ رسمي.

وشاركت متابعيها فيديو لها وهي تستلم هذه المهمة، وقالت بالفيديو: «كل عام وأنتم بخير جميعاً في هذه السنة، الحمد لله في كثير أشياء حلوة صارت وأحب أشاركها معاكم، وواحدة من هذه الأشياء توقيع العقد مع هيئة السياحة السويسرية في السعودية ودول الخليج لعام 2025، فخورة وسعيدة بهذا التعاون خصوصاً أن سويسرا كانت دائماً وما زالت واحدة من وجهاتي السياحية، اللي كان متابعني زمان أكيد شفتوا رحلاتي لسويسرا، بس كثير راح آخذكم رحلات جديدة عشان تتعرفوا على أحلى الأماكن في هذه البلد الجميل».

وعلقت أسيل عمران على الفيديو وكتبت: «فخورة بكوني سفيرة السياحة السويسرية للعام الحالي 2025 في السعودية ودول الخليج، خصوصاً إنني أول شخصية تحصل على هذا المسمى بشكل رسمي، سعيدة جداً بهذا التعاون مع هيئة السياحة السويسرية، وقريب راح آخذكم معي في رحلات نتعرف فيها على أجمل المناطق في هذي البلد الرائع».

واختيرت أسيل العمران في 2023 كأول سفيرةٍ سعوديةٍ للنوايا الحسنة لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وأعلنت «مفوضية اللاجئين» في دول الخليج الخطوة وقتها بتغريدةٍ، جاء فيها: «يسعدنا أن تكون أسيل أول سفيرةٍ سعوديةٍ للنوايا الحسنة للمفوضية. إن التزامها وتفانيها في تسليط الضوء على عمل المفوضية يستحقان كل الثناء والتقدير، ونحن على ثقةٍ أن انضمامها لنا سوف يُحدث أثراً كبيراً في رفع مستوى الوعي حول محنة النازحين قسراً في جميع أنحاء العالم».

أخبار ذات صلة

كما كتبت تغريدةً أخرى وقتها، قالت فيها: «نفخر ونرحب بالفنانة السعودية أسيل كسفيرة للنوايا الحسنة لمفوضية اللاجئين. نحن على ثقة بأنها ستواصل تفعيل منصاتها الاجتماعية لزيادة الوعي حول محنة واحتياجات النازحين قسراً، وتعزيز أهمية التضامن والتعاطف في مواجهة أزمة النزوح العالمية».

وعلى الصعيد الفني شاركت العمران في مسلسل «لام شمسية» الذي عرض رمضان الماضي.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .