Connect with us

ثقافة وفن

التواصل يحيل المعارك الأدبية إلى منازلات شعبوية

عززت غزارة معارف أدباء القرن العشرين ثقتهم بأنفسهم، واعتدادهم بآرائهم، فشاعت المدارس الفنيّة، وتنوعت الانتماءات

عززت غزارة معارف أدباء القرن العشرين ثقتهم بأنفسهم، واعتدادهم بآرائهم، فشاعت المدارس الفنيّة، وتنوعت الانتماءات الإبداعية، وكانت أعين وأسماع النقاد منهم تترصد ما يُطرح عبر الصحف والندوات لمجابهته بالردود، وغدت المعارك الأدبية سمة من سمات ما سُمي بعصر النهضة، وكانت تمتد المعركة أشهراً وربما أعواماً على الصفحات وفي المؤلفات، إلا أن زيادة عدد المثقفين وازدحام دوائرهم قلّص مساحات الصراعات، وفكك بؤر أزمات، وبردت دماء القضايا الساخنة بين أحبار وأوراق الكُتّاب المُنشغلين بتوفير لقمة العيش، ليأتي زمن التواصل متسلّحاً بحساسيات خاصة، ونماذج مودرن، ومواقف عشوائية، فأحال الفضاء الأزرق ما بقي من فتوّة المعارك إلى منازلات شعبوية، يتحلّق حولها مغردون ساعاتٍ أو دقائق، وتتبخر أدخنتها وينطفئ جمرها، وهنا نتساءل عن ظاهرة المعارك الأدبية: لماذا تلاشت؟ ونستقصي مع النخبة جانباً من سيرة ومسيرة تلك المعارك.

يرى المستشار الثقافي الدكتور عبدالله الكعيد أنه حينما يزدهر وينشط الحراك الفكري والأدبي في أي مجتمع، تزدهر تبعاً لذلك المنتجات الأدبية، فتنشط حركة النقد وتنتشر حلقات الحوار الفكري حول أبرز وأكثر تلك المنتجات إثارة للجدل وجذباً لانتباه المهتمين ومنهم النقاد والمفكرون، ما يُرجّح كفة احتمال نشوء معارك أدبية يختلف فيها اثنان أو أكثر حول محتوى مُنتج أو رأي أو حتى الفكرة برمّتها وفي ذلك ثراء وإثراء، لافتاً إلى أنه عندما يغط المشهد الأدبي بكل عناصره في سبات أو كسل أو غياب وتغييب أو خِواء في المنتجات، فلن يجد المتلقي ومنهم الناقد بالطبع ما يستحق الاهتمام ومن الطبيعي تبعاً لذلك أن يتكلّس المشهد برمّته فتنطبق عليه مقولة: «اسمع جعجعة ولا أرى طحناً»، وعن عودة المعارك الأدبية مجدداً قال الكعيد: بكل ثقة أقول إن وقود المعارك الأدبية في الغالب هو جودة المُنتجات الثقافية وتهيئة المناخ الصحي للنقد والحوار وحماية أطراف تلك المعارك مما يحرفها عن مسارها وأهدافها في إثراء الحركة النقدية الأدبية. ويؤكد الناقد الأكاديمي الدكتور فهد الشريف أن الحديث حول المعارك الأدبية هو حديث عن المفاهيم والقضايا المعاصرة؛ لأن المعارك تدور حول الاختلاف في هذه المفاهيم أو القضايا، موضحاً أنه عبر هذا المنظور لها نرى أن المعارك الأدبية لا تزال قائمة في ذهنية المثقفين والأدباء، ولا يخلو الخطاب الثقافي من مثل هذه المعارك أو المناوشات، فنجدها مبثوثة في بنية الخطاب. مشيراً إلى تغيّر وسائل النشر لهذه الخصومات أو السجالات، إذ كانت الصحافة تحتضنها منذ أوائل منتصف القرن الهجري الماضي، واستوعبها الفضاء الإلكتروني، وأخذت تظهر بصورة مغايرة للصورة القديمة. لافتاً إلى ما نقرأ من سجالات حادة بين الأدباء السعوديين عبر حساباتهم في تويتر أو الفيسبوك أو ربما مجموعات الواتساب، ويراها تتفاوت في مستويات طرائق التناول، بين السخرية والتهكم، وما هو شتائمي، مؤكداً توفّر النقد الموضوعي المبني على معايير وأسس فنية. ولفت الشريف إلى أن الفرق بين معارك الرعيل الأوّل وفضاء الإنترنت هو من الناحية الشكلية أكثر، إذ تحوّل من المقالة إلى التغريدة.

ويتساءل الناقد محمد الحرز: إذا كان السؤال يشير إلى مشهدنا الثقافي الأدبي، فمتى بدأت حتى نراها تنتهي؟!

ويجيب: أما على مستوى المشهد العربي كلنا يعرف تاريخ المعارك والمناوشات التي دارت في مصر بين كبار الأدباء؛ كالعقاد وطه حسين وزكي مبارك والمنفلوطي ومحمود شاكر، عدا عن كون المعارك الفكرية التي دارت على الضفة الأخرى من المشهد نفسه جعلت من هذه المعارك ذات طابع تنوعي وثري في الوقت نفسه، تقف خلفه صحافة ناشطة، وصحفيون هم بالأساس كتاب مبدعون. موضحاً أن هذه المعارك أثّرت على الكثير من أدباء الشرق، أبرزهم الناقد مارون عبود الذي دخل في سجال مع أدباء مصر حول قضايا تمس كبار الشعراء في التاريخ العربي؛ كالمتنبي وابن الرومي وآخرين. ويرى الحرز أن هذا الحراك كان تأثيره ممتداً إلى سبعينات القرن الماضي، خصوصاً في مصر. وعن أسباب انبثاق هذه المعارك، قال: «كان من أهمها المكانة التي وجدت القاهرة نفسها فيه في مطالع القرن الماضي باعتبارها مدينة كوزموبولوتية تستقبل مختلف الأجناس ومختلف الثقافات ومختلف الأفكار التنويرية». مضيفاً أن هذا الوضع لم يجد له طريقاً في مشهدنا الثقافي والأدبي، مشيراً إلى أن ما يعرفه عن طبيعة المعارك الأدبية -عادة- أن تكون حول قضايا أدبية بحتة، إما لها ارتباط وثيق بأصالتها في التاريخ والدفاع عن هذه الأصالة، أو لها ارتباط وثيق بمجرى التحولات التي طالت الأدب تحت تأثير الاجتهادات والدراسات والنظريات التي عمت الساحة الأدبية العالمية على عموماً.

وعدّ إطلاق مصطلح «معارك أدبية» على بعض المواجهات التي دارت زمن الصحوة وما بعدها لم يكن الأدب فيها سوى حصان طروادة، والدليل هو أن الأدب في مشهدنا لم يتحرر، لا من التوظيف الاجتماعي ولا السياسي، وبالخصوص الشعر.

ويرى القاص محمد علي قدس أن سؤال انتهاء المعارك الأدبية مهم في ضوء ما نراه يدور من نقاشات وحوارات في حراكنا الثقافي، عبر الإعلام الجديد، وذهب إلى أن الإجابة عن السؤال مؤلمة وصادمة، وتساءل قُدس: كيف تكونُ الخصومةُ بين أديبٍ وأديب؟ بين مثقف وآخر؟ وكيف يكون الحوار راقياً أو متأزماً بين هذا وذاك في حوار نسميه معركة أدبية أو أنها تُحسب كذلك؟ أهي أزمة حوار؟ أم أزمة أخلاق بين المثقفين؟!

ويُجيب: قِيل إن أكثر المثقفين في حواراتهم وجِدالهم في «التويتر» متوترون، وهذا يكاد يكون صِبغة ما عليه الحوار والعِراك الأدبي والثقافي وهو الذي نلاحظهُ ونقرأه على منصات التواصل المختلفة، ما يُؤكد لنا أنها أقرب للمشاحنات والخلافات الشخصية وتصفية الحسابات، الذي يعني لنا أنه ليس صراعاً من أجل فكرة معينة أو مبدأ فكري، بل جدال للنيل من الخصم والثأر منه، نتيجة فجوة أخلاقية بين المثقفين. وعدّ المعارك الأدبية التي اشتهرت في تاريخنا الأدبي وإن كان في ظاهرها أنها صراعات شخصية، إلا أن القارئ والمتابع لها كان يخرج من ورائها بحصيلة فكرية ومعرفية، وتطلّع لأن يكون لأي حوار أو جِدال أخلاقياته ونتائجه الفكرية الأدبية فهي المحصل الإيجابي النهائي لها. وعدّ الجدل الذي لا يؤسس لثقافة أو فائدة فكرية جدالاً بيزنطياً معاركه خاسرة.

السمّاح عبدالله: «المعارك» من سمات الحياة الثقافية

فيما يذهب الناقد السمّاح عبدالله إلى أن المعارك الأدبية سمة أساسية من سمات الحياة الثقافية، إن اختفت، ترتبك أصابعنا في الكتابة، ويتوقف وجداننا عن إمدادنا بينابيع الإبداع، لأن المعارك في أبسط معانيها تعني اختلاف الرؤى، واختلاف الرؤى، مولّد للفكر، وحياتنا بلا فكر، شديدة الفقر، ويؤكد أن الغياب الملحوظ لهذه المعارك، لا يعني أننا أصبحنا فقراء، ولكن يعني أننا لم نعد نهتم بالأدب كما ينبغي، أو كما كان الحال في عقود سابقة، وانسحب اهتمامنا للفن والكرة والسياسة، وبعدما كان نجوم المجتمع هم شوقي وطه حسين والعقاد، أصبح نجومنا هم محمد رمضان وحسن شاكوش وشيكابالا، وإثر قضايانا التي تناقش السياق الفكري للأمة العربية أصبحنا مشغولين بزواج وطلاق شيرين عبدالوهاب. وتساءل السماح: أين تكمن المشكلة إذن؟. ويجيب: في ظني أن المشكلة الأساسية هنا هي المنابر المفجرة للقضايا، فإن استطعنا أن نضع في هذه المنابر من هم مهمومون فعلاً بمستقبل هذه الأمة سنجني نتائج رائعة، وتكون معارك مثمرة، تسم حياتنا بالجدية، وروى من تجاربه الشخصية، أنه منذ ثلاثة أعوام، وكان وقتها يكتب مقالةً أسبوعيةً في جريدة الأهرام عنوانه «أفراح الذاكرة»، فكتب مقالة بعنوان «العقاد الذي لا نعرفه»، قدم فيها صورة مغايرة للعقاد، الذي استقرت صورته النمطية في الأذهان على أنه المحارب الذي لا يهادن ولا يجامل ولا ينافق، واقترح أفقا آخر له، من خلال ما كان ينشره في الأربعينات، ورجّح أنه كان يسعى لكي يحصل على لقب البكوية، وأظهر نفاقه الواضح للملك فاروق عبر شعره الذي يمتدحه به، ولما قامت ثورة يوليو عام 1952، غيّر العقاد موقفه مائة وثمانين درجة، وشتم الملك فاروق، وسبه بأفظع ما يكون السباب، واتهمه بالمرض النفسي، موضحاً أن مقالته، أقامت القيامة، ولم تقعدها، وتعاقبت الردود على صفحات الأهرام، والأخبار، والمصري اليوم، وانتقلت حلقات النقاش للبرامج التليفزيونية، وكان ممن شارك في هذه الردود الدكتور مصطفى الفقي، والشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي الذي كتب سلسلة من المقالات تجاوزت الخمس مقالات كل أربعاء في جريدة الأهرام، والدكتور أحمد درويش، والدكتور أحمد بلبولة، والدكتور أبو اليزيد الشرقاوي، والعشرات غيرهم، وتلاميذ العقاد الذين سنوا سنون أقلامهم للدفاع عن أستاذهم، واستمرت حالة النقاش وردود الأفعال نحو ثلاثة أشهر، وأصبحت الحياة الأدبية كلها تتحدث عن العقاد، وشهدت المكتبات في ذلك الوقت إقبالاً متزايداً على منافذ البيع طالبة كتب العقاد، مضيفاً أنه كتبَ مقالةً في الأهرام بعنوان «هل كان جمال عبدالناصر ديكتاتوراً»، وثانية عن «بخلاء الأهرام» فأحدث سجالاً ما يدل على التعطش لمثل هذه المعارك الأدبية المثمرة، وعزا خفوت المعارك إلى إهمال المنابر وعدم اهتمامها بإثارتها أصلاً، كونها مشغولة بالقضايا الصغيرة التي يثيرها الفضاء الأزرق ومواقع التواصل الاجتماعي، فغدت الحياة كلها ترينداً مفتوحاً ينتظر من يشغله، ونتسابق حوله، نؤيده بعنف ونرفضه بعنف أكبر، وكأنه موضوع حقيقي، وكأننا أصحاب رؤى وأهل تنظير، وهو ليس أكثر من نكتة بايخة لا تثير حتى الضحك.

Continue Reading

ثقافة وفن

سعوديتان.. ومصري وصومالي في معرض الاتجاهات الأربعة

تنطلق غدا (الاثنين) فعاليات معرض الاتجاهات الأربعة الذي ينظمه أتيليه جدة للفنون التشكيلية لأربعة فنانين من السعودية

تنطلق غدا (الاثنين) فعاليات معرض الاتجاهات الأربعة الذي ينظمه أتيليه جدة للفنون التشكيلية لأربعة فنانين من السعودية ومصر والصومال، وهم: حنان الحازمي، وجواهر السيد من السعودية، وعاطف أحمد من مصر، وعبدالعزيز بوبي من الصومال.

ووفقاً لمدير الاتيليه هشام قنديل، سيقدم كل فنان تجربته الخاصة واتجاهه الخاص الذي يميزه عن أقرانه من الفنانين.

وتقدم الفنانة جواهر السيد 10 لوحات تمثل آخر تجاربها، التي يقول عنها الناقد تحسين يقين: «إن ما يميزها هذا التواصل اللافت بين النساء والأطفال، فضلا عن تعبير الألوان عن المشاعر بذكاء واحتراف».

وأضاف: «على شاطئ جدة الجميلة، أطالت الفنانة تأملاتها النفسية والاجتماعية، لتعبر عن ذلك خطوطا وألوانا، تتجاوز بها مكانها، لتعبر عن حال الإنسان اليوم في هذا العالم ذي النزعة الفردية».

وتقدم الفنانة حنان الحازمي 10 لوحات بأحجام مختلفة تجمع بين التعبيرية والتجريدية، وستضع في هذا المعرض أقدامها بقوة في المشهد التشكيلي السعودي. وحول تجربتها، قال الناقد المصري الدكتور حسان صبحي: «اعتمدت الفنانة حنان الحازمي على طرق تحليلية خاصة في إبداع التركيبات الفنية واستخدام أقل عدد ممكن من المفردات والوسائط التعبيرية ذات الكثافة والثقل في تعبيراتها البصرية لطرح نموذج طليعي يضيف إلى الفنون البصرية ويعلي عادات الرؤية لدى المشاهد، وهو أحد الاتجاهات المهمة التي تم التأكيد عليها في الفنون البصرية». ولفت إلى أن تلك الأعمال امتلكت طاقة مسالمة تكتنزها عناصرها وبناؤها التصميمي المشبع بطاقات التعبير والتفكير المفاهيمي.

أما الفنان المصري عاطف أحمد فيقدم 10 لوحات بأسلوبه الخاص المتمرد (ميكس ميديا) تمثل أحدث إبداعاته.

وعن أعماله قال الناقد صلاح بيصار: «أعمال عاطف تنحاز إلى الجموع من الفلاحين الذين يشكلون ملحمة الأمل والعمل، يتتبعهم في خُطاهم بعمق الدلتا من الحقل والحرث والحصاد».

أما الصومالي عبدالعزيز بوبي فهو عضو الجمعية السعودية للفنون التشكيلية (جسفت)، وتتميز تجربته كما يقول الناقد الدكتور عصام عبدالله العسيري بالنضج اللوني التجريدي الثقافي البصري العام.

وبملاحظة مفردات لوحاته سنجد استعارة رسوم وكتابات أرقام وحروف وخطوط ورموز وألوان وإشارات بصرية، يقدمها في تكوينات جميلة وجريئة وبديعة، لها قيم جمالية ثقافية، كالجداريات والمصغرات بألوان جذابة.

Continue Reading

ثقافة وفن

بحضور وزير الثقافة.. «روائع الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو

بحضور وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، اختتمت هيئة الموسيقى حفلة «روائع

بحضور وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، اختتمت هيئة الموسيقى حفلة «روائع الأوركسترا السعودية» في جولتها الخامسة بمسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية طوكيو، وذلك بمشاركة 100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، وبحضور عدد من المسؤولين ورجال الأعمال والإعلام، وحضور جماهيري كبير.

وأشار الرئيس التنفيذي لهيئة الموسيقى باول باسيفيكو، في كلمة خلال الحفلة، إلى النجاحات الكبيرة التي حققتها المشاركات السابقة لروائع الأوركسترا السعودية في العواصم العالمية، عازيًا ما تحقق خلال حفلات روائع الأوركسترا السعودية إلى دعم وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى.

وعدّ «روائع الأوركسترا السعودية» إحدى الخطوات التي تسهم في نقل التراث الغنائي السعودي وما يزخر به من تنوع إلى العالم عبر المشاركات الدولية المتعددة وبكوادر سعودية مؤهلة ومدربة على أعلى مستوى، مشيرًا إلى سعي الهيئة للارتقاء بالموسيقى السعودية نحو آفاق جديدة، ودورها في التبادل الثقافي، مما يسهم في تعزيز التواصل الإنساني، ومد جسور التفاهم بين شعوب العالم عبر الموسيقى.

وقد بدأت «الأوركسترا الإمبراطورية اليابانية – بوغاكو ريو أو» بأداء لموسيقى البلاط الإمبراطوري الياباني، وهي موسيقى عريقة في الثقافة اليابانية، توارثتها الأجيال منذ 1300 عام وحتى اليوم.

وأنهت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي الفقرة الثانية من الحفلة بأداء مُتناغم لميدلي الإنمي باللحن السعودي، كما استفتحت الفقرة التالية بعزف موسيقى افتتاحية العلا من تأليف عمر خيرت.

وبتعاون احتفى بالثقافتين ومزج موسيقى الحضارتين اختتمت الحفلة بأداء مشترك للأوركسترا السعودية مع أكاديمية أوركسترا جامعة طوكيو للموسيقى والفنان الياباني هوتاي وبقيادة المايسترو هاني فرحات، عبر عدد من الأعمال الموسيقية بتوزيع محمد عشي ورامي باصحيح.

وتعد هذه الحفلة المحطة الخامسة لروائع الأوركسترا السعودية في العاصمة اليابانية طوكيو، بعد النجاحات التي حققتها في أربع محطات سابقة، كانت تتألق في كل جولة بدايةً من باريس بقاعة دو شاتليه، وعلى المسرح الوطني بمكسيكو سيتي، وعلى مسرح دار الأوبرا متروبوليتان في مركز لينكون بمدينة نيويورك، وفي لندن بمسرح سنترل هول وستمنستر.

وتعتزم هيئة الموسيقى استمرارية تقديم عروض حفلات “روائع الأوركسترا السعودية” في عدة محطات بهدف تعريف المجتمع العالمي بروائع الموسيقى السعودية، وتعزيزًا للتبادل الثقافي الدولي والتعاون المشترك لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تتقاطع مع مستهدفات هيئة الموسيقى.

Continue Reading

ثقافة وفن

الشاعر علي عكور: مؤسف أن يتصدَّر المشهد الأدبي الأقل قيمة !

الحديث مع الشاعر علي عكور في الكتابة الإبداعية حديث ممتع، وممتدّ، له آراؤه الخاصة التي يتمثلها في كتابته الأدبية،

الحديث مع الشاعر علي عكور في الكتابة الإبداعية حديث ممتع، وممتدّ، له آراؤه الخاصة التي يتمثلها في كتابته الأدبية، يعتد كثيراً بتجربته، ويرى أنّه قادر على الاختلاف؛ لأنّ مفاهيمه للكتابة تتغيّر مع الوقت.

لم يولد -كما قال- وإلى جواره من يمتهن أو يحترف الكتابة، ولم يكن الوسط الذي نشأ فيه يُعنى كثيراً بالأدب أو الثقافة بعمومها، ما يتذكره علي أنّه في أواسط عقده الثاني وقع على نسخةٍ من كتاب (المنجد) للويس معلوف، لا يعلم كيف وصلت إليه هذه النسخة العتيقة من الكتاب، لكنه شُغِف بها وبالعوالم التي تَفَتَّحت أمامه في هذا المعجم.

وجد الشاعر علي عكور نفسه ينجذب كالممسوس إلى الأدب بكل ما فيه من سحر وغموض وجلال، لكنّ الشعر العربي أخذه حتى من ألف ليلة وليلة؛ الذي انجذب إلى الشعر المبثوث في ثنايا الكتاب أكثر من السرد رغم عجائبيته وسحره!

الكثير من رحلة الشاعر علي عكور مع الأدب والكتابة الإبداعية في هذا الحوار:

‏ • حدّثنا عن علاقتك بالشعر والأدب بشكل عام.. كيف بدأت؟

•• بدايةً أودّ القول، أنه لم يكن في محيطي من يمتهن أو يحترف الكتابة، ولم يكن الوسط الذي نشأتُ فيه يُعنى كثيراً بالأدب أو الثقافة بعمومها. أتذكر أنني في أواسط العقد الثاني من عمري وقعتُ على نسخةٍ من كتاب (المنجد) للويس معلوف. لست أعرف كيف وصلت إلينا هذه النسخة العتيقة من الكتاب، لكنني شُغِفتُ بها وبالعوالم التي تَفَتَّحت أمامي بعد الاطلاع على هذا المعجم. وشيئاً فشيئاً، وجدت أنني أنجذب كالممسوس إلى هذا العالم الرحب، بكل ما فيه من سحر وغموض وجلال. وأثناء تجوالي في عوالم الأدب أُخِذْتُ بالشعرِ العربي وبإيقاعيّة الجملة الشعرية فيه. حتى عندما وقع بين يديّ كتاب (ألف ليلة وليلة)، لم أنجذب إلى السرد رغم عجائبيته وسحره، بقدر ما انجذبتُ إلى الشعر المبثوث في ثنايا الكتاب. وأتذكر أنني كنت أتجاوز الصفحات وأقلّبها بحثاً عن بيتٍ أو بيتينِ من الشعر.

• لمن تدين بالفضل في الكتابة؟

•• أودّ أن أدين بالفضل إلى أحدٍ ما، لكنني حين أمَرّر بداياتي على الذاكرة، لا أتذكّر أحداً بذاته، آمن بي أو رأى في ما أقوم به بدايات واعدة لمشروع ما. كل ما هنالك أنني كنتُ أتلقى ثناءً عابراً إذا كتبتُ شيئاً جيداً. على أنني لا أقلّل من هذا الثناء، فقد كان ذا أثرٍ كبير في دافعيتي، وديمومة شغفي بالكتابة. هذا فيما يخص البدايات، أما الآن فأنا أدين بالفضل لأسرتي ولزوجتي خاصة، فهي داعم كبير لي على طول هذا الطريق، وتتحمل عن طيب خاطر الأعباء التي يُخلّفها انشغالي بالكتابة وهمومها.

• شاعر كان تأثيره كبيراً عليك.

•• لا يمكن تتبّع الأثر بسهولة في هذا الشأن؛ لأنه غالباً يكونُ قارّاً في اللاوعي. لكن إذا كان السياب يرى أنه تأثر بأبي تمام والشاعرة الإنجليزية إديث سيتول وأنه مزيج منهما، فأنا أرى أنني تأثرت كثيراً بسعدي يوسف ومحمود درويش، وأشعر أنهما يلتقيان بطريقة ما، في الكثرة الكاثرة مما أكتب.

• كيف للشاعر أن يكتب قصيدته وفق رهان المستقبل وليس للحظة التي يعيش فيها؟

•• في الغالب لا توجد كتابة لا يمكن تجاوزها. وما يُعبّر عنك الآن قد تجد أنه لا يُعبّر عنك غداً. أعتقد أن الرهان الحقيقي هو أن نكتب شيئاً يستطيع أن يصمد أمام عجلة الزمن. ربما إحدى الحيل التي يمكن أن نمارسها هي أن نكتب نصوصاً أكثر تجريداً وانعتاقاً من قيود الزمان والمكان، وأن نتخفّف من الكتابة تحت تأثير اللحظة الراهنة والحدث المُعاش.

• الملاحظ أنّ هناك إصدارات متشابهة في الشعر والقصة لشعراء وكتاب قصّة، وإن تعددت عناوينها، لكنّ التجربة لم تختلف.. ما تأثير هذا على الإبداع والقارئ كذلك؟

•• صحيح، هذا أمر ملاحظ. هناك من يصدر عشرة دواوين، وعند قراءتها لا تجد اختلافاً بينها، لا من حيث الثيمات ولا من حيث طريقة التناول، لتفاجأ أن هذه الدواوين العشرة هي في الحقيقة ديوان واحد طويل. الكاتب أو الشاعر الذي لا يتجدد يخاطر بمقروئيته ويخسر رهانه الشخصي. إما أن تقول شيئاً جديداً أو شيئاً مألوفاً بطريقة جديدة، لكن لا تقل الشيء نفسه بالطريقة نفسها، حتى لا تعطي فكرة أنك لا تأخذ مشروعك بما يستحق من جدية واهتمام.

• تنادي بأهمية تصدّر الأدب الجاد والأصيل المنصات.. أولاً: من يحدد ماهية الأدب الجاد؟ ثانياً: هل المرحلة تساعد في أن يتصدّر الأدب أيّاً كان المنصات التي كثرت وكثر مستخدموها والمؤثرون فيها؟

•• النقّاد والقرّاء النوعيّون، هم من يحددون ماهيّة الأدب الجاد ويُعلون من قيمته. مؤسف أن يتصدر المشهد الأدبي الأقل قيمة، بينما يبقى الأدب الأصيل في الهامش. في الأخير نحن مسؤولون عن تصدير ثقافتنا، وما نتداوله ونجعل له الصدارة في منصاتنا ومشهدنا، هو ما سيُعبّر عنّا وسيكون عنواننا في النهاية. وبالتالي لنا أن نتساءل بصدق: هل ما صُدِّرَ ويُصَدّر الآن، يُعبّر عن حقيقة وواقع الأدب والثقافة في بلادنا؟

• لديك مشكلة مع المألوف والسائد، وتطالب بسيادة الأدب الفريد والمختلف.. هل لدينا اليوم ذائقة خاصة يمكنها إشباع الذائقة العامة؟

•• يمكن الاتفاق في البدء أن تغيير شروط الكتابة هو في المقابل تغيير لشروط التلقي، وأن كل كتابة أصيلة ومختلفة ستصنع قارئاً مختلفاً. كل كتابة جادّة ستصنع قارئها، وهذا هو الرهان الحقيقي. أما المألوف والسائد فإنّ القارئ مصابٌ بتخمة منه. كل كتابة في المألوف والسائد هي ابنٌ بارٌّ للذاكرة لا للمخيّلة؛ الذاكرة بوصفها مستودعاً لكل ما قرَّ واستقرّ فيها وأخذ مكانه المكين. والمخيّلة بوصفها انفتاحاً على المتجدّد واللانهائي.

• ماذا يعني لك فوزك بالمركز الأول في مسابقة التأليف المسرحي في مسار الشعر؟ وماذا تعني لك كتابة الشعر المسرحي؟

•• سعدت كثيراً بالفوز، سيما أن المسرحية تتحدث عن شخصية أحبها كثيراً: شخصية ابن عربي؛ تلك الشخصية التي عشت معها طيلة ثلاثة أشهر (وهي مدة كتابة العمل)، تجربة روحية وروحانية بالغة الرهافة، فقد استدعت الكتابة عن ابن عربي، العودة إلى قراءة سيرته وأجزاء من أعماله التي حملت جوهر فكره وعمق تجربته الصوفية. وبالانتقال إلى الجزء الثاني من السؤال، أقول إن كتابة الشعر المسرحي عمّقت من مفهومي للشعر وإيماني به وبقدرته على التحرك في مناطق جديدة، يمكن استثمارها على نحو جيد ومثرٍ، إذا ما تعاملنا معها بجدية.

• أما زلت تبحث عن دار نشر تطبع لك ديوانك الجديد دون مقابل مادي تدفعه؟

•• استطعت التواصل مع أكثر من دار، وقد رحبوا بالديوان والتعاون من أجله. لا ضير في كون دور النشر تبحث عن الربح، فهذا من حقها، وهذه هي طبيعة عملها. كل ما أنادي به أن تكون هناك جهة حكومية تشرف عليها وزارة الثقافة، تقوم بطبع الأعمال الجادة التي تعبّر عن حقيقة الأدب السعودي وواقعه.

• جاسم الصحيح قال عنك إنك لست شاعراً عابراً، وإنما شاعر ذو موهبة كبرى تتجاوز المألوف والسائد.. ماذا تعني لك هذه الشهادة؟•• جاسم اسم كبير في المشهد الثقافي وتجربة مرجعية في الشعرية العربية الحديثة، وأن تأتي الشهادة من قامة كقامة جاسم الصحيح لا شك أنها شهادة تدعو للابتهاج والنشوة، إضافة إلى ما تلقيه عليّ من عبء ومسؤولية كبيرة.

• كيف يكون المؤلف الجاد والرصين رأس مال لدور النشر؟

•• تمهيداً للإجابة عن السؤال، لا بد من القول إن الرساميل الرمزية أحياناً تكون أهم وأكثر مردوداً من القيمة المادية. بالنسبة لدور النشر، يُعد الكاتب الجاد رأس مال رمزياً مهمّاً؛ لأنه يبني لها سمعة في الوسط الثقافي. إذا أرادت دور النشر أن تستثمر في سمعتها، فإن أسرع طريقة هي استقطاب كتاب أصحاب مشاريع جادة، مقابل أن تطبع لهم بمبالغ رمزية على الأقل.

• كتبتَ الشعر بأشكاله الثلاثة ومع ذلك ما زلت ترى أنّ الوزن ليس شيئاً جوهرياً في القصيدة.. ما البديل من وجهة نظرك؟

•• نعم الوزن ليس شيئاً جوهريّاً في الشعر. ونحن حين نقول الوزن نقصد بطبيعة الحال الأوزان التي أقرها الخليل بن أحمد. الحقيقة أن الأوزان جزء من الإيقاع، أو بمعنى آخر، هي إحدى إمكانات الإيقاع وليس الإمكانية الوحيدة، وما دامت إحدى تجليات الإيقاع وليس التجلي الوحيد، فمعنى ذلك أن الإيقاع أعم وأشمل وأقدم. وعليه فإن الإيقاع هو الجوهري وليس الوزن. والإيقاع يمكن أن يتحقق في قصيدة النثر مثلاً، عبر حركة الأصوات داخل الجملة الشعرية. وهناك حادثة دالة وكاشفة أنهم حتى في القديم كانوا يدركون أن الشعر بما فيه من إيقاع يوجد أيضاً خارج أوزان الخليل، إذ يُروى أن عبدالرحمن بن حسان بن ثابت دخل على أبيه وهو يبكي، وكان حينها طفلاً، فقال له: ما يبكيك؟ فقال: لسعني طائر، فقال: صفه، فقال: كأنه ملتف في بردي حبرة. فصاح حسان: قال ابني الشعر ورب الكعبة. هذه القصة المروية في كتب الأدب تكشف بجلاء أن الشعر أوسع من مجرد الوزن والتفاعيل.

• أنت تقول: لا شيء يسعدني ككتابة الشعر الجيّد.. ما مواصفات الشعر الجيّد؟

•• لا أملك ولا يحق لي ربما الحديث عن الشعر الجيد بإطلاق؛ لأن في هذا ادعاءً كبيراً، لكن يمكن الحديث عما أراه أنا أنه شعر جيد؛ أي في حدود رؤيتي فقط. كل شاعر يكتب الشعر بناءً على ما يعتقد أنه شعر، وعليه فإن الشعر الجيد -كما أراه- خرق لنمطية اللغة وبحث جاد عن اللامرئي في المرئي، ومن مواصفات النص الجيد أن يتقاطع فيه الفكري بالوجداني، وأن يكون نتاج الحالة البرزخية بين الوعي واللاوعي. طبعاً إضافة إلى ضرورة أن يتخلص من المقولات السابقة، وأن يعمل في تضاد مع الذاكرة والثقافة؛ لأنهما يفرضان السائد والمألوف وكل ما هو قارّ في الذهن.

• العودة الملاحظة للشذرات كتابة وطباعة.. إلام تعيدها؟

•• الشذرة في رأيي هي رأس الشعرية. حَشْد كل هذا العالم بمستوياته وتناقضاته ورؤاه في بضع كلمات أمر بالغ الصعوبة على مستوى التكنيك، لكنه مثير وممتع حين تدخله كمساحة للتجريب وتحدي إمكانياتك. أيضاً جزء من اهتمامي بالشذرة يعود إلى افتتاني بالمشهدية وتأمل الفضاءات البصرية واستنطاقها. إضافةً إلى ما في الشذرة من تداخل أجناسي يزيدها ثراءً وغنى. وعلى مستوى آخر أعتقد أن الشذرة بحجمها وبنيتها أكثر تمثيلاً لحياتنا المعاصرة التي أشبه ما تكون بلقطات متتابعة ومنفصلة في فضاء بصري، يجمعها سياق عام. وأخيراً لا أنسى أن منصة (إكس) بما كانت تفرضه من قيود تقنية قد أسست لتجربتي في الكتابة الشذرية وصقلتها.

• الشاعر أحمد السيد عطيف اختلف معك في شكل القصيدة، ورأى أنّ الشكل لا يجعل الكلام جميلاً ومؤثراً.. فيما ترى أنت أنّ الكتابة على نمط القصيدة القديمة تقليد وليس إبداعاً.. هل المشكلة في الشّكل أم في أشياء أخرى؟

•• نعم، كان الحديث في هذه الجزئية عن القصيدة العمودية، وعن كتابتها بصياغة تقليدية مغرقة في القدامة. النقد الحديث على عكس القديم، لا يفصل بين الشكل والمضمون، ولكتابة نص حديث لا بد من تحديث الشكل؛ لأننا لا يمكن أن نتحدث عن مضمون ما بمعزل عن الشكل، إذ إن الشكل يخلق مضمونه أيضاً. طبعاً لا أقصد بتحديث الشكل استبدال القصيدة العمودية بشكل آخر، بل أقصد التحديث من داخل الشكل نفسه. تجديد الصياغة وتحديث الجملة الشعرية ذاتها لتكون قادرة على التعبير عن الرؤى الجديدة.

• لماذا ترى أنّ كتابة قصيدة النثر أصعب من كتابة قصيدة عمودية أو تفعيلة؟

•• السبب في رأيي أن النص العمودي والنص التفعيلي لديهما قوالب إيقاعية جاهزة تجعل من مهمة الخلق الشعري مهمة أقل صعوبة. بينما في قصيدة النثر أنت تعمل في منطقة أقرب ما تكون إلى الشكل الهلامي. قصيدة النثر ملامحها أقل حدة ووضوحاً من الشكلين السابقين، وعليه فإن كتابتها تحمل صعوبة أكبر؛ لأن لكل نصٍّ قالبه الخاص الذي عليك أن تخلقه من العدم.

• كيف يمكن للشاعر أن يكون رائعاً؟

•• يكون كذلك إذا كان أصيلاً؛ أي معبراً عن صوته الخاص، ولحظته الراهنة، ومنغمساً بالكامل في تفاصيل عالمه، طبعاً دون أن يفقد قدرته على الاتصال بالوجود والكون.

• النصوص القصيرة التفعيلية التي كتبتها وترغب في نشرها مرفقة برسوم إبداعية.. ماذا عنها؟

•• هي أربعون نصّاً، تحمل خلاصة تجربتي في كتابة الشذرة الشعرية، وهو تنويعٌ على تجربتي الشعرية عموماً. تعاونت في هذا المشروع مع الرسامة السورية القديرة راما الدقاق. والعمل الآن في مرحلته الأخيرة، وسيُنشر خلال الشهرين القادمين.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .