Connect with us

ثقافة وفن

التنوع الإنساني وسبيل العيش الواحد

ثمة حقيقة إنسانية ثابتة وراسخة في الوجود الإنساني.. وهي أنهم متنوعون ومتعددون، ولا يمكن أن يكون الإنسان نسخة كاملة

ثمة حقيقة إنسانية ثابتة وراسخة في الوجود الإنساني.. وهي أنهم متنوعون ومتعددون، ولا يمكن أن يكون الإنسان نسخة كاملة من الإنسان الآخر.. فالبارئ عز وجل خلق الإنسان وأوجد فيه هذه الجبلة الإنسانية..

وأي سعي لتجاوز هذه الجبلة الإنسانية أو مخاصمتها، فإنه (أي السعي) لا ينتج إلا المزيد من الاستبداد وكل متوالياته الكارثية..

ولكن هذا التعدد والتنوع الإنساني في القناعات والميولات والأهواء والأولويات، ليس مدعاة للفوضى أو الانعزال والانكفاء عن الجماعات الإنسانية.. فالناموس الرباني الذي أودع في كل إنسان قابلية الاختلاف وحقائق التنوع على المستوى العقلي والنفسي، هو ذاته الذي دعانا جميعاً إلى بناء حياة إنسانية مشتركة قائمة على هذه الحقائق وصياغة أنظمة اجتماعية وأخلاقية لا تمارس العسف بحق مقتضيات الجبلة الإنسانية..

فنحن جميعاً كبشر مختلفون ومتنوعون، ولكن هذا الاختلاف والتنوع، لا يبرر لنا أن نعيش وحدنا أو ننعزل عن محيطنا الاجتماعي أو نهرب إلى الكهوف رافضين المساهمة في بناء حياة إنسانية واجتماعية على أسس متينة ومنسجمة ونواميس الخالق عز وجل في الوجود الإنساني..

فالمطلوب في هذا السياق هو إدراك أننا كبشر متنوعون، والله سبحانه وتعالى خلقنا على هذه الجبلة.. ولكن في ذات الوقت جاءت التوجيهات الربانية لتدعونا إلى التعارف والانفتاح والتواصل مع الإنسان الآخر.. إذ يقول تبارك وتعالى (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير). (الحجرات 13).

فالآية القرآنية الكريمة، ترسي وتؤصل لمبدأ الكرامة الإنسانية الذاتية، وإن الفضل بين البشر ليس وليد شكل الإنسان أو لونه أو قومه، وإنما هو وليد كسبه الذاتي الذي تشير إليه الآية القرآنية بأن (أكرمكم عند الله أتقاكم)، فالتقوى ليست إرثاً يحصل عليه الإنسان، كما أنها ليست صنواً لقوم معينين أو جماعة بشرية محددة، وإنما هي قيمة أخلاقية وسلوكية يحصل عليها أي إنسان بصرف النظر عن قومه وبيئته هذا إذا هذب نفسه وسيطر على شهواته وأهوائه.. فالبشر يتفاضلون مع بعضهم البعض من جراء كسبهم الذاتي وليس لشيء آخر..

فالتنوع الإنساني حقيقة راسخة في الوجود الإنساني، وجميع البشر تجاه هذه الحقيقة سواء.. بمعنى لا يوجد عرق أفضل من عرق آخر، ولا يوجد شعب أفضل ذاتياً مع شعب آخر.. فالجميع متساوون ووسيلة التفاضل الوحيدة بين البشر هي وسيلة كسبية ومرهونة بقدرة كل فرد أو مجتمع على بناء واقعه على أسس صلبة تمكنه من التقدم وحيازة الصفوف الأولى في السباق البشري..

وحتى لا يتحول التنوع الإنساني إلى سبب للفوضى أو الصراع المدمر بين المجتمعات هناك قيمتان مركزيتان تضبطان حقيقة التنوع وتديرها على أسس صحيحة، وهاتان القيمتان هما:

1- العدل: إن التنوع الإنساني بكل مستوياته، يتحول إلى مصدر للجمال والثراء المعرفي والأخلاقي، حينما يدار وفق قيمة العدل.. فالاختلافات الإنسانية لا تشرع لأي أحد للافتئات على أخيه الإنسان..

وإنما الاختلاف ينبغي أن يدار ويضبط بقيمة العدالة ومقتضياتها الأخلاقية والسلوكية.. لذلك يقول تبارك وتعالى (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط، ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى، واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون). (سورة المائدة 8).

وجاء في تفسير هذه الآية أن العدل شعار الإسلام في الحياة.. وينطلق القرآن في التأكيد عليه في بناء شخصية الإنسان المسلم بمختلف الأساليب، من أجل إلغاء كل النوازع والأفكار والمشاعر المنحرفة من تكوينه الذاتي، لئلا تحول بينه وبين الانسجام مع حركة الخط المستقيم في الحياة..

فتعالوا جميعاً من مختلف مواقعنا الفكرية والاجتماعية أن لا يخرجنا تباين قناعاتنا واختلاف مواقفنا في أي أمر أو موضوع عن العدالة ومقتضياتها.. لأننا جميعاً مأمورون بالالتزام بالعدالة، وأن لا تكون اختلافاتنا المبرر الأخلاقي لعدم الالتزام بالأمر الرباني.. فالله سبحانه وتعالى خلقنا مختلفين وأمرنا بالعدالة في القول والفعل..

وأعتقد أن الكثير من المشكلات القائمة بين المختلفين سواء كانوا أفراداً أو جماعات هي من جراء عدم الالتزام بمقتضيات العدالة.. فالاختلاف مهما كان حجمه لا يشرع للظلم ونحن جميعا مطالبون بالالتزام بالعدالة.

2- التعارف:

لكوننا على المستوى الإنساني، نعيش التنوع والتعدد بكل أشكاله، فإن المطلوب دائما ليس خلق الحواجز بيننا، وإنما فتح آفاق التعارف وإطلاق مشروعات للتواصل لكسر حاجز الجهل المتبادل وتطوير مستوى الفهم والتفاهم بين الأفراد والجماعات.. فالتنوع الديني أو المذهبي أو القومي أو الإثني، لا يشرع لأحد الانغلاق والانزواء وبناء مجتمعات خاصة مغلقة، وإنما هي مدعاة لنا جميعاً للانفتاح والتواصل وتعزيز قيم التعارف..

ولا بد أن ندرك في هذا السياق: أن التعارف ليس هدفه إنهاء الاختلافات والتباينات، وإنما إدارتها على أسس مشتركة تضمن للجميع حقوقهم المادية والمعنوية.. لهذا ومن منطلق قيمة العدالة والتعارف، فإننا نرفض كل أشكال التحريض بين المختلفين وندعو الجميع من موقع المحبة إلى الالتزام بمقتضيات العدالة والتعارف.. والتحريض بكل أشكاله ضد العدالة والتعارف وهو يؤسس لمناخات نفسية واجتماعية تدمر المشتركات وتطلق غرائز التدمير والحروب وتفكك أسس النسيج الاجتماعي..

لهذا كله: فإننا في الوقت الذي نقر فيه بحقيقة التعدد والتنوع الإنساني، وندرك أن هذا التنوع، سيقودنا لقناعات ومواقف مختلفة في شؤون الحياة المختلفة.. ولكن هذا الاختلاف في القناعات والمواقف، ينبغي أن يحكم بقيمتي العدالة والتعارف، حتى نتمكن جميعاً من صيانة استقرار مجتمعاتنا والحفاظ على أسس العيش المشترك أو الواحد.

Continue Reading

ثقافة وفن

«كل الجميلات عملوا كده».. شمس البارودي تتبرأ من أدوارها الجريئة

تبرأت الفنانة المعتزلة شمس البارودي في تصريح عبر حسابها على «فيسبوك» من جميع أعمالها، وقالت إنها ندمت وكانت تتمنى

تبرأت الفنانة المعتزلة شمس البارودي في تصريح عبر حسابها على «فيسبوك» من جميع أعمالها، وقالت إنها ندمت وكانت تتمنى ألا تقدم مثل هذه الأدوار، معربة عن استيائها من فكرة توجيه انتقادات لها بالرغم من تقديم العديد من فنانات جيلها أدواراً مشابهة.

وكتبت شمس البارودي عبر «فيسبوك»: «أنا عملت أفلام كل ممثلات السينما المصرية الجميلات عملوها، وعملتها مع كبار المخرجين مش في الخفاء، وصُرحت من الرقابة، انتو كده بتهاجموا كل الفنانات اللي عملوا أدوار مشابهة، وكان عمري لا يتعدى 37 عاماً».

وعبّرت شمس البارودي عن استيائها من انتقاد أدوارها الجريئة بالرغم من تقديم فنانات أخريات تلك الأدوار: «كثير من الفنانات الجميلات شكلاً -حتى من اعتزلن- بعضهن قدمن أدواراً مشابهة، ما هجمتوش ليه الوسط كله، بلاش نفاق».

وقالت:«أنا شخصياً اعتزلت وتبرأت من أدوار مع كبار المخرجين كنت أتمنى ألا أقدمها».

أخبار ذات صلة

اعتزال شمس البارودي

اعتزلت شمس البارودى في وقت شهرتها وشبابها بعد أداء العمرة 1982، وقررت الابتعاد عن الأضواء والتفرغ للعبادة ولأسرتها، وتزوجت الفنان الراحل حسن يوسف وأنجبت منه أبناءها الأربعة، ورفضت كل عروض العودة للأضواء من جديد.

Continue Reading

ثقافة وفن

إبراهيم الحساوي.. النجم الذي تألق خارج بؤرة الضوء

ليس من السهل أن يظل الفنان وفياً لفنه دون أن تسرقه بهرجة الأضواء أو تغريه الطرق السهلة، لكن إبراهيم الحساوي، الذي

ليس من السهل أن يظل الفنان وفياً لفنه دون أن تسرقه بهرجة الأضواء أو تغريه الطرق السهلة، لكن إبراهيم الحساوي، الذي اختير أخيراً شخصية العام في مهرجان الأفلام السعودية، يثبت أن القيمة الحقيقية للفن لا تقاس بعدد العناوين ولا بمساحة الظهور، بل بعمق الأثر وصدق الأداء.

الحساوي، ابن الأحساء، وُلد 1964، وبدأ مسيرته على خشبة المسرح في ثمانينات القرن الماضي، قبل أن يشق طريقه إلى التلفزيون والسينما دون أن يتخلى عن هويته الأصيلة كممثل حقيقي، يحترم النص ويقدّس الدور. هو من أولئك الذين لا يحتاجون إلى «بطولات» شكلية ليثبتوا موهبتهم، إذ تتكئ أعماله على البساطة الظاهرة والعمق الباطن، ويكفي أن تراقب تعبيرات وجهه أو نبرة صوته لتدرك حجم ما يملكه من أدوات.

في السينما، لمع اسمه في أفلام قصيرة وطويلة شارك بها، فكان حاضراً بقوة في المشهد المستقل، متعاوناً مع أبرز مخرجي الموجة السعودية الجديدة، ومضيفاً للأعمال التي شارك فيها طاقة تمثيلية ترفع من قيمة الفيلم لا تقلل منه. أما في التلفزيون، فكانت أدواره غالباً مركّبة، تنبض بالحياة وتعكس تجارب إنسانية صادقة.

تكريم الحساوي، ليس فقط احتفاءً بفنان متمكّن، بل هو أيضاً إنصاف لمسيرة طويلة من العطاء الهادئ، وتأكيد على أن الفن الحقيقي لا يضيع، ولو تأخر الاعتراف به. إنه رمز لجيل زرع كثيراً من دون أن ينتظر التصفيق، وجاء الوقت ليحصد التقدير المستحق.

الحساوي، فنان من طراز نادر، يلمع بصمت ويُبدع بصدق، وها هو اليوم يتقدم نحو واجهة المشهد، لا كطارئ، بل كأحد أعمدته الراسخة.

أخبار ذات صلة

Continue Reading

ثقافة وفن

محمد رمضان… جدل لا ينتهي.. وغضب شمس البارودي يزيد النار اشتعالاً

تحول اسم محمد رمضان، إلى مرادف دائم للجدل الفني والاجتماعي، ليس فقط بسبب أدواره المستفزة أحياناً أو حضوره الصاخب

تحول اسم محمد رمضان، إلى مرادف دائم للجدل الفني والاجتماعي، ليس فقط بسبب أدواره المستفزة أحياناً أو حضوره الصاخب على المسرح والشاشة، بل أيضاً بسبب ردود الأفعال المتصاعدة التي يثيرها من زملائه في الوسط الفني والجمهور على حد سواء. ورغم النجاحات الجماهيرية التي يحققها إلا أن رمضان، لم يسلم من النقد اللاذع، الذي اتخذ هذه المرة منحى شخصياً حين دخل في صدام غير مباشر مع المخرج عمر عبدالعزيز، ليفتح بذلك باباً جديداً من الاشتباك مع أحد رموز الإخراج المصري المعروفين، ويجعل والدته، الفنانة المعتزلة شمس البارودي، تتدخل على نحو نادر للدفاع عن ابنها.

شمس البارودي، التي اختارت الابتعاد عن الأضواء منذ عقود، خرجت عن صمتها لتهاجم محمد رمضان بعنف، معتبرة أنه تجاوز حدود الأدب واللياقة، عندما قلل من شأن ابنها وأعماله، دون أن يسميه صراحة، في معرض رده على انتقادات عبدالعزيز له. وأكدت البارودي، أن ابنها لم «يُطرد من النقابة»، كما زعم البعض، بل استقال بمحض إرادته، مشيرة إلى أن من يتحدث عن القيم عليه أن يراجع محتوى أعماله أولاً.

هذا التدخل من شمس البارودي، أعاد إلى الواجهة قضية استخدام الشهرة كمنبر للإساءة أو تصفية الحسابات، وطرح تساؤلات حول مسؤولية الفنان تجاه تاريخه وتجاه زملائه، خصوصاً حين يكون في موقع التأثير الواسع.

وبينما لا يزال رمضان، يواصل مشواره متحدياً الانتقادات، يبدو أن موجات الغضب المحيطة به بدأت تتجاوز الأطر الفنية، لتصبح جزءاً من مشهد متوتر يثير تساؤلاً جوهرياً: هل يمكن للنجاح وحده أن يبرر كل شيء؟

أخبار ذات صلة

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .