Connect with us

ثقافة وفن

التشكيلية دنيا الصالح: المفاهيميّة أفسدت الذائقة وهوت بها إلى القاع

تستحق التشكيلية دنيا صالح الصالح الاحترام، والتوقّف الطويل أمام لوحاتها؛ لتأمل الأفكار التي تكاد تتحدث وتعبّر

تستحق التشكيلية دنيا صالح الصالح الاحترام، والتوقّف الطويل أمام لوحاتها؛ لتأمل الأفكار التي تكاد تتحدث وتعبّر عمَّا يختلج داخل التشكيلية، ولا يُستكثر عليها أن تضخ الأفكار الحُرّة والمتطلّعة لآفاق أرحب من إنسانية الكون والبشر، وبما أنّها ابنة بيئة مثقفة ومُلهِمة فمن الطبيعي أن نجد في لوحتها القصيدة، والأغنية، والزخرفة، والحياكة، فوالدها الكاتب الشاعر صالح الصالح، أسس داخلها علاقة وطيدة بكل مظان الجمال، وهذا ما خرجتُ به من حواري معها، فإلى نصه..

• هل للأب الشاعر دور في توجهك نحو الفنون؟

•• لوالدي دور مهم وأساسي في مسيرتي باعتباري إنسانة بالدرجة الأولى، وفنانة تشكيلية، ومتذوقة للفنون الأخرى والأدب، إذ نشأتُ وتربيتُ، في بيت يُحترم فيه الإبداع ويُحتضن إلى أن يحقق مبتغاه، وهذا ما حدث معي منذ طفولتي، فعمل والدي على اكتشاف موهبتي وصقلها، بل وتوجيهها، وتوفير كل ما يلزم للارتقاء بها منذ الصغر، بما في ذلك المصادر والمراجع، وزيارة معارض تشكيلية، والاطلاع على تجارب تشكيليين ومنهم الأديب والتشكيلي عبدالعزيز مشري، والتشكيلي الكبير «عبدالجبار اليحيى»؛ الذي كان والدي ينقل جديد أعمالي إليه بين حين وآخر ليستمع لرأيه النقدي، ما شجعني على الإصغاء لرأي النقاد، والاستفادة من خبراتهم ومنهم الناقد كمال حمدي، وأحمد خوجلي، والدكتور حسن ظاظا، والروائي عبدالرحمن منيف -رحمة الله عليهم جميعاً- ودور والدي لم يقتصر على ذلك فحسب، بل ظهر واضحاً عندما تزامن الرسم مع الشعر والنثر بدايات تجربتي، وخشي أن يؤدي تعدد الاهتمامات إلى تشتيت الموهبة، ما دفعه لتوجيهي لاختيار الأسلوب الأفضل للتعبير، الذي أجد نفسي فيه، وهنا اخترت التعبير بالرسم.

• بماذا تصفين الفنّ التشكيلي، فطرة موهبة، أم مكتسبة؟

•• الفن التشكيلي مصطلح واسع يضم عوالم متعددة منها الرسم والنحت، والتصوير والهندسة وغيرها، والولوج لأحد هذه العوالم يأتي بالفطرة «الموهبة» ومن ثم صقلها واكتساب المزيد من الخبرات بالدراسة لتصبح المدخلات المكتسبة طوراً جديداً لنضوج الموهبة «الفطرية»، وللعلم أن هناك مصطلح «فنّ فطري، وفنان فطري» يمثل الفن الأصيل ولا يخضع للقوانين المتعارف عليها، ووعي الفنان وموروثه الثقافي والنسبة الذهنية النابعة من بوصلة فطرته هو ما يحكم إبداعه، وهذا نجده جليّاً عند الإنسان قديماً في مناطق المملكة، إذ إن الفنانة أو الفنان يجيد ويتقن الزخرفة الشعبية، بل ويبدع فيها متى استفاد من تجارب الآخرين وخبراتهم وعززها بالدراسة، كما في «القط العسيري» وحياكة «السدو»، أو«الروشن» في المنطقة الغربية و«الأبواب» في نجد.

وفي ظل الانفتاح على الآخر ومع تطور الاتصالات أصبح الفن التشكيلي- بتاريخه ومدارسه- متاحاً للجميع، ما أسهم في مساعدة الفنان على تطوير نفسه وقدراته، بل وابتكار مدارس حديثة.

• ما نواة الوعي الأولى؟

•• أعتقد أن الصرخة الأولى للمولود بعد امتلاء رئتيه بالهواء، هي البوابة الحقيقية للحياة وليس الولادة، وارتباط الألم بالولوج إلى الإنسانية؛ التي تعني «الحياة والموت» واكتشاف الذات مبكراً والمحيط الخارجي بكل ما فيها من مؤثرات، ما يشكل نواة الوعي الأولى.

• لمن تدينين بالفضل في تشكيل ذائقتك؟

•• حتى لا أظلم أحداً، كل من عاصرته في حياتي منذ طفولتي وإلى الآن لهم دور في تشكيل ذائقتي الفنية؛ أسرتي، صديقاتي، زميلات العمل، بمن فيهم المارة المجهولون في طريقي، والطير والشجر، وحتى العناصر الأربعة، أما الدور الأكبر بعد والدي فقد كان لجدتي «قمراء» رحمها الله، التي كانت تجيد حياكة «السدو» وتبدع في ألوانها وزخرفتها بأشكال مستوحاة، من موروثنا الشعبي الأصيل، والتشكيلي الراحل عبدالجبار اليحيى بإبداعه في أعماله التي تناولت الإنسان في كل حالاته، والفنان التشكيلي «فان جوخ»، الذي أحب الطبيعة وأحبته، فأبدع في تفاصيلها، كل هؤلاء وغيرهم كُثر، زرعوا في داخلي حب الفن وأسهموا في تشكيل ما ترسمه يداي.

• هل توافقين على مقولة «التشكيلي الناجح مجموعة أفكار وقصائد وألوان وانطباعات»؟

•• التشكيلي قبل كل شيء هو إنسان يشكل جزءاً من كل، يتأثر ويؤثر، ونتاجه الإبداعي يعكس ذاته ومحيطه، وما يجعله ناجحاً هو إحساسه العالي بالمسؤولية تجاه الفن، ومدى انعكاسه على المجتمع، ومضمون الرسالة التي يحملها. أما ما تطرقت إليه من صفات في سؤالك عن التشكيلي الناجح، فهو ينطبق على أي مبدع في أي مجال، ونجاح التشكيلي مرهون بما يقدمه من إبداع مترابط، متقن، يتوازى فيه الشكل مع المضمون، مع الالتزام بقوانين الرسم العلمية كقواعد المنظور مثلاً، ولا أنسى احترام المتلقي أيّاً كان هذا المتلقي أو ثقافته أو انتماؤه، وحقه في فهم ما يقدم وما يعرض، وهنا أخالف بعض من يعترض على شرح اللوحة، أو محاولة تبسيط المعنى للمتلقي، فلا يجب أن تتسع الهوة بين العمل والمشاهد، فالتثقيف الفني دور مهم للفنان ودليل نجاحه، يجب عدم تجاهله، كما أنه يضاف لمهماته من أجل تحسين ذائقة العوام وتطوير ثقافتهم الفنية.

• أي رسمة بشّرت بقدومك إلى عالم التشكيل؟

•• أول تجاربي الحقيقية كانت جداريات بالفحم، ولوحات على «الكانفس» بالألوان الزيتية وأتذكر أن «اللوحة الأولى» زيت على كانفس جسدت فيها حائطاً محطماً من الجهة اليمنى، وهناك عين تدمع ليتحول الدمع لبركة دماء، في تجسيد لفلسطين التي في قلوبنا ولم تغادر وكان عمري آنذاك 11عاماً، وأول لوحة نشرت لي كانت في صحيفة الجزيرة الصفحة الثقافية، وكنت وقتها في الصف الثالث متوسط، وعموماً أعمالي في هذا العمر تعبر عن الإنسان وإنسانيته وصراع الخير والشر، والحرب والسلام.

• ما دور أسرتك، ومدرستك في التحفيز وتوفير ما يلزمك في ذلك الوقت؟

•• دور المدرسة كان محدوداً جداً مقارنة بدور الأسرة التي سعت دائماً لتحفيزي، وتوفير فرص متعددة للنهوض بفني وتحقيق أهدافه، وهنا أخص بالذكر عمي العزيز مرضي الصالح -أطال الله عمره- الذي خصص من راتبه آنذاك ميزانية قدرها 500 ريال لدعمي بالأدوات والخامات، هذا وأنا في مرحلة المتوسطة، أما في باقي المراحل والمحطات فهناك دعم مستمر من جميع أفراد الأسرة وحتى أصغر فرد فيها، والآن وبعد أن تفرغت للفنّ خصوصاً إثر التقاعد، أصبح كل فرد في عائلتي داعماً لي، بل ومشجعاً بالتزام الحضور لنشاطاتي التشكيلية، وهنا أخص والدي، الذي لم يمنعه بعد المسافات عن حضور كل مشاركاتي دولية أو عربية.

• هل تدفع الثقافة التشكيلي إلى التعلق بمدرسة ثم الانتماء إليها؟

•• بإمكان الثقافة أن تقلب المفاهيم وتؤثر على التشكيلي وتقوده إلى حيث تشاء، إن كان غير مثقف، ولا يملك موقفاً واضحاً تجاه المدارس التشكيلية وما يلائمه وفق إمكاناته، فالانفتاح على الثقافة والمعارض التشكيلية المحلية والدولية، والتنافس على الاهتمام بالفنون عند دور العرض، إضافةً إلى الجامعات والمعاهد، التي تدرّس الفنون، وسوق الفن «العرض والطلب»، كلها تسهم في توجيه الفنان إلى الانتماء لمدرسة معينة، هناك ما يشبه الموضة التي تكتسح السوق لزمن، ومن ثم تليها أخرى، غير أن الفنان الأصيل لا ينساق خلف هذا التوجه أو ذاك إلا بقناعة تامة ورضا كامل.

• متى كان أوّل معرض لك؟ وهل كان شخصيّاً أم جماعياً؟ وأين كان؟

•• أول مشاركة لي كانت عام 1994م، في معرض جماعي، بمقر السفارة الهولندية بالرياض، وعقب ذلك تتالت المعارض الجماعية في مناطق المملكة في جدة وأبها والدمام، أما الشخصية فكانت ثلاثة معارض؛ واحد في لبنان واثنان في القاهرة، آخرهما «الحراقة» 2019، والآن أعد لمعرض قادم لم يحدد زمانه ولا مكانه.

• ما العمل الذي رضيت عنه تمام الرضا؟

•• ليس هناك عمل تشكيلي رضيتُ عنه تمام الرضا، ولن يوجد، وهذا ما يجعل اللوحة الفنية جزءاً لا يتجزأ من الفنان، والتوقيع لا يُنهي هذه العلاقة، ولا يعلن اكتمال اللوحة، أو رضا الفنان التام عنها، بل إن هناك أعمالاً أتلفتها بعد إنجازها، آخرها بالمشرط، ومع هذا، هناك أعمال قريبة مني ترتبط بذكريات خاصة، أو رسمتها في أماكن أحببتها، مع إيقاع موسيقي ملهم، أو في حضور أشخاص ملهمين، كما أن هناك أعمالاً قمت بإهدائها، وبقيت في القلب مع أن بعضها متواضع، وهذا يذكرني بلوحة صغيرة الحجم «حفر على خشب» لبيوت من نجد أهديتها للروائي عبدالرحمن منيف، ونقلها آنذاك له الكاتب محمد القشعمي، وأخرى أهديتها للشاعر الكبير محمد العلي، وموجودة في لبنان، وأخرى في سورية قدمتها للروائي والأديب حسن سامي يوسف، وأعمال أخرى عزيزة عليّ في عهدة من يقدر الفنّ ويعتني به.

• كيف ترين مستقبل الفنون البصرية في المملكة؟

•• الفن في المملكة ليس وليد اليوم. فهو في صلب ثقافتنا الشعبية الموروثة، يكمن الجمال في كل شيء بدءاً من الزخارف المتجليّة على أبواب ونوافذ البيوت، وفي الملابس والحلي، إلى الرقص والغناء والموسيقى، والشعر والقصص، وهذا يتضح جلياً فيما توليه وزارة الثقافة، ومسك الفنون، والجمعيات المعنية بالفنون التشكيلية «جسفت» و«الثقافة والفنون» والمنتديات الجديدة، والمعاهد، والجامعات، وقاعات العرض المنتشرة في مناطق المملكة، بما فيها قاعات مركز الموسى في العليا بالرياض، وكل هذه وأكثر في الطريق الصحيح لتحقيق نهضة نوعية في مجال الفنّ التشكيلي عموماً.

وبهذا فالفنون البصرية ماضية نحو الأمام وفق ثقافتنا ورؤيتنا، وغير الناضجة منها، وإن بدت للجميع أنها طبيعية فهي لا تعدو طفرة بإذن الله تجد طريقها إلى النضوج، أو تختفي.

• ما الدافع لتأسيس إتيليه خاص بك في القاهرة؟

•• الإتيليه الخاص بي في القاهرة ما هو إلا مرسم صغير الحجم، واسع الأفق بحجم السماء والأرض، كالنسمة، بل كغمضة عين، دام عاماً، ورسمت فيه الأجمل والأقرب لقلبي، دعمت فيه الموهوبين، ومنهم الأطفال، دشنته بافتتاح عذب قامت به طفلة حملت مقصاً أكبر من يديها لتعلن افتتاحه، وتلى افتتاحه معرض شخصي إنساني عن مأساة المهاجرين غير الشرعيين بعنوان «الحراقة»، وعموماً تجربة إتيليه القاهرة تضيف الكثير لأي فنان وتثري فنه، فالوسط التشكيلي والثقافي في مصر مزدهر ومتنوع ومنفتح على كل العرب، وحالياً بصدد دراسة إقامة إتيليه جديد، بمزايا أفضل في القاهرة، وربما يتبعه إتيليه آخر في الرياض.

• ماذا عن المردود المالي للوحات؟

•• اللوحة الفنية هي أصول يمكن للمقتني أن يبيعها أو يحتفظ بها، ويمكن مع الوقت يرتفع سعرها كأي أصول، هذه المعلومة يجهلها البعض؛ لهذا يعترضون على أسعار الأعمال الأصلية بذريعة غلاء الأسعار، ويتجهون لاقتناء المقلد، أو المستنسخ من الصين أو أيّ كان. أما بالنسبة للمردود المالي فهو بحسب العرض والطلب واهتمام المقتني بالعمل وإعجابه به، وعن تجربتي الخاصة، هناك مقتنون يهتمون بأعمالي يقتنونها بين حين وآخر من سفراء، ورجال وسيدات أعمال متذوقين للفن، وهذا يشعرني بالسعادة والرضا، مع أن المردود النفسي والمتعة لا يضاهيها أي مردود مالي، وبالذات عندما أمسك فرشاتي وأقف في بلاط مرسمي، فكأني ملكت الدنيا.

• هل تطفّل على الفنّ التشكيلي أناس من غير أهله؟

•• الفن التشكيلي عالم واسع يضم أساليب ومدارس متعددة، تختلف عن بعضها في الشكل والجوهر، يحكمها الزمن، الجغرافيا، التحولات الاجتماعية، القيم الإنسانية، والمعتقدات، ومن ضمن هذه الأساليب الفن المفاهيمي «المتسيد الآن»، الذي عندما تم استحداثه افتتح أبوابه بعمل فني للفنان «دوشامب» تحت مسمى «المرحاض أو النافورة» في عام 1917م، وبعدها انفتحت الأبواب أمام أي شخص راغب في الشهرة دون عناء، وحمل راية الفن والحصول على لقب فنان، هذا النوع من الفن كما هو معروف لا يحتاج إلى مراقب أو شهادة تثبت إجادة مسك الفرشاة، أو تزكية لمحتوى يعبّر عن فكرتك، ما عليك إلا أن تجمع ما في طريقك وتكوّمه لتنشر وتعرض إبداعك، أو تسكب دلو ألوانك على سطح ماء، لتُعلّق لوحتك وتوقع اسمك أو بدونه، ويمكن الاستعانة بعدد من العمال الحرفيين؛ للعمل عنك وتحمّل المشقة، ومن أشهر الأعمال التي بيعت أخيراً في مزاد عام 2019م، «الموزة المعلقة» في دار «سوذبيز» في نيويورك، وهذا هو الفن وأهله، إشارة لفناني هذه المدرسة التي تطفّلت على الفن وأفسدت الذائقة وهوت بها إلى القاع.

أخبار ذات صلة

Continue Reading

ثقافة وفن

«ضريبة البعد».. أصالة تكشف اسم الألبوم الجديد بعد تصويت الجمهور

كشفت الفنانة السورية أصالة نصري، عن عنوان ألبومها الغنائي الجديد الذي اختاره الجمهور بعد التصويت وهو «ضريبة البعد»،

كشفت الفنانة السورية أصالة نصري، عن عنوان ألبومها الغنائي الجديد الذي اختاره الجمهور بعد التصويت وهو «ضريبة البعد»، مشوقة جمهورها للألبوم عبر مقطع فيديو نشرته شركة «روتانا» على حسابها الرسمي بمنصة «إنستغرام».

ووجهت أصالة في المقطع رسالة لجمهورها، قالت فيها:«حبايبي مرحبا، بناء على تصويتكم أنتم اخترتم عني، أنا ارتحت وأتمنى أن تكونوا مبسوطين.. اسم الألبوم سيكون ضريبة البعد بناء على طلبكم وشكراً».

ومن جانبه، علّقت “روتانا” على الفيديو بالقول: «أنتم اخترتوا وأصالة قالت تم، ضريبة البعد اسم ألبومها الجديد.. ترقبوا التفاصيل وخلّوا عيونكم علينا، الجاي مختلف مع أيقونة الشرق».

أخبار ذات صلة

يذكر أن نقابة الفنانين السوريين برئاسة مازن الناطور، منحت مؤخراً الفنانة أصالة نصري عضوية النقابة بمرتبة الشرف، تقديرًا لمسيرتها الفنية، وموقفها من قضايا شعبها ووطنها.

وعلقت أصالة نصري، على قرار نقابة الفنانين السوريين، حيث قالت في منشور بصفحتها على موقع انستجرام: «أتشرّف بها الهديّة الغالية من نقابة وطني الغالي الأول اللي مشتاقتله قدّ مو مشتاقة لأبي وبحبه قدّ ما بحبّ أبي وأخلصت له قدّ ما أخلصت لأبي».

Continue Reading

ثقافة وفن

عمّا وراء ديوانية القلم الذهبي نتحدث

في حوار دار بيننا، أجدني على اتفاق تام مع الكاتب والسيناريست الأستاذ ياسر مدخلي عضو لجنة التحكيم لجائزة ديوانية

في حوار دار بيننا، أجدني على اتفاق تام مع الكاتب والسيناريست الأستاذ ياسر مدخلي عضو لجنة التحكيم لجائزة ديوانية القلم الذهبي في وصفه لها بأنها أكثر من جائزة، وإنما مؤسسة تنويرية عالمية.

فجائزة (القلم الذهبي) كما قال يتعدى أثرها الاهتمام بالأدب العربي والأدباء لمجالات وأسماء عديدة.

وبالفعل من يتأمل للحظة في أمر هذه الجائزة، سيكتشف بداهة أن خريطة تأثيراتها تلامس فضاءات إبداعية عديدة ومتنوعة، فعندما نتحدث عن جائزة الرواية، وعن عدد واسع من الروايات على مستوى العالم العربي والروايات المترجمة إلى العربية، وهو احتفاء باللغة العربية والأدب العربي، فإننا ننتقل مباشرة للحديث عن إثراء صناعة السينما، ما يقودنا إلى الحديث عن عدد كبير من المهن داخل هذه الصناعة، وهذا في نهاياته يقودنا إلى الاستنتاج المنطقي بأننا في واقع الأمر نتحدث عن منظومة مترابطة لإعادة تشكيل عملية البناء الثقافي السعودي في مجمله.

ويتعدى أثر الجائزة تكريم الفائزين والتنوية بالأعمال المميزة إلى تنمية قطاعات عديدة مثل النشر الذي بدأ يهتم بالروايات العربية، ومهدت الطريق للأسماء الجديدة ودعمت العديد من القطاعات الثقافية، وتأتي ديوانية القلم الذهبي -برغم استقلالها عن الجائزة- لتكون مساحة لتلاقي الأدباء والمثقفين من مختلف الأجيال والمجالات تعبيراً واضحاً عن تقدير الدولة للمثقف السعودي المبدع، إذ يصفها معالي المستشار تركي آل الشيخ بهدية للأدباء فهو بذلك يقدمها تكريماً مستديما للإبداع الوطني.

جودة الحياة مفهوم محوري

وهنا نستحضر فقرة في رؤية المملكة 2030، جاء فيها نصاً:

تأتي سعادة المواطنين والمقيمين على رأس أولويات المملكة، وسعادتهم لا تتم دون اكتمال صحتهم البدنية والنفسية والاجتماعية. سوف يتمتع المجتمع بنوعية حياة جيدة ونمط حياة صحي ومحيط يتيح العيش في بيئة إيجابية إنها تتحدث عن جودة الحياة.

والحديث عن جودة الحياة أصبح مفهوماً محورياً في البحوث والدراسات، واستُخدم بمعان متعددة في سياقات مختلفة في العلوم الطبيعية والإنسانية، وفي هذا الإطار، دخل مفهوم جودة الحياة -كمؤشر ومعيار قياسي- إلى مجالات عدة. ومن وجهة النظر الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ينصب الاهتمام على هناء المجتمع ورفاهته، وما يتوفر لأفراده من وسائل الترفيه.

هكذا يمكننا أن نستعير كوجيتو ديكارت من فضاء الفلسفة إذا أردت أن تضيف كلمة (سعيد) إلى حالة الإنسان الوجودية!

فالنشاط الترفيهي قديم قدم الاجتماع البشري على الأرض، وهو حاجة تكاد ترقى أهميتها لمستوى حاجاته البيولوجية، وهي بالفعل ترقى بالنسبة للفرد والجماعة. والترفيه في التعريف العام، شكل من أشكال النشاط الذي يثير انتباه واهتمام الأفراد والجمهور، ويثير المتعة والسرور والشعور بالبهجة والإثارة. وهو يتخلل حياة الناس على مدى ساعات اليوم، ولا تكاد تخلو لحظات منه دون فاصل ترفيهي، أيّاً كان شكله، وتكاد أغلب أشكال أنشطة الترفيه وأحدثها مغرقة في القدم وتطورت على مدى آلاف السنين وتم تحديثها بشكل أو آخر، ويمارس الناس في مجتمعنا النشاط الترفيهي بشكل يومي. وإلا ما الذي يفعله الناس حين يتركون منازلهم ويذهبون إلى الحدائق؟ وما الذي يفعله الكبار في قصور الأفراح والاستراحات؟

ماذا نسمى منافسات الدومينو والشطرنج والبلوت، والرقص والغناء في الأفراح والمناسبات الاجتماعية والوطنية والمهرجانات والعروض المسرحية والسينمائية، وسباقات الخيول والهجن، إن لم تكن ترفيهاً؟

في العصر الحديث تم تسريع العملية من خلال صناعة الترفيه التي تسجل وتبيع المنتجات الترفيهية. على وجه التحديد لغرض كسب وجذب الجمهور على أوسع نطاق، وتنوعت منتجات الترفيه لإشباع رغبات الناس المتنوعة، لأن الأفراد لديهم تفضيلات مختلفة.

ويتطور الترفيه ويمكن تكييفه ليلائم أي نطاق، بدءاً من الفرد الذي يختار وسيلة ترفيه خاصة به، من مجموعة هائلة وهذا ما يمنح صناعة الترفيه مرونة وقدرة على التطور لا تتمتع بها القطاعات الأخرى. إذ تتمتع الأشكال المألوفة للترفيه بالقدرة على تجاوز الوسائط المختلفة، كما أظهرت إمكانات غير محدودة على إعادة المزج الإبداعي.

فُتحت النوافذ والأبواب المغلقة في وجه مختلف شرائح المجتمع السعودي صغاراً وكباراً من الجنسين ليعيشوا حياة مبهجة يستشعرون فيها السعادة، لتفعيل طاقات المواطنين وإطلاق قدراتهم على العطاء المثمر على كافة المستويات، حتى على مستوى إنتاجية الفرد وأدائه العملي، أيّاً كان موقعه في منظومة التنمية الشاملة.

لذا كان برنامج (جودة الحياة) في رؤية المملكة 2030 هو المفتاح الذهبي لباب التطور المجتمعي، وتهيئة المناخ الملائم، معرفياً ووجدانياً ونفسياً للفرد السعودي ليلعب دوره الإيجابي في إنفاذ محاور الرؤية التي ستدعم تنافسية دولته عالمياً، لتحتل مقعدها بين الكبار، ما سينعكس على حياته جودةً، ويرتفع بمستواها لآفاق الرفاهية.

ومن هذا المنظور السعودي تلعب برامج وفعاليات الترفيه دوراً مزدوجاً للارتقاء بجودة الحياة.

لا ينكر عاقل أهمية وفعالية الترفيه في تحقيق مشروع رؤية المملكة النهضوية الطموحة ومواكبة خطى الدولة المتسارعة للارتقاء والتقدم.

فإلى جانب ما للترفيه من أثر إيجابي في تحسين شعور الإنسان بالسعادة وبجودة حياته، إذ تُساعد وسائل الترفيه الجيدة الإنسان على التخلص من التوتر والإجهاد، وتمنح العقل مساحة ضافية للتفكير، تُطلق هرمون الإندروفين أو هرمون السعادة والرضا بعيداً عما يُسبب له التوتر.

وتُساعد وسائل الترفيه، على الاسترخاء، من خلال البعد عن توتر الأنشطة اليومية الروتينية، إذ إنّ ذلك يُعزز الصحة النفسية والعقلية ويرفع من الروح المعنوية، ويجدد نشاط العقل والحالة الذهنية للفرد. فأداء الإنسان الذي يغمره الشعور بالرضا عن حياته في العمل، يختلف بلا شك عن سواه.

هندسة المجتمع وانفتاحه على العصر، على نحو لا يسمح لتربته أن تكون مهيأة لنمو بذور الفكر الضال، وذلك بتحديث المجتمع وفتح نوافذه، وإفساح المجال أمام جميع شرائحه للمشاركة والمساهمة في حركة التنمية في إطار مشروع نهضوي متكامل وشامل تطلعاً لمستقبل مزدهر تتحقق فيه قوة الدولة ورفاه مواطنيها يحتاج دون شك إلى إرادة سياسية نافذة قوية وقرارات شجاعة وعزم، لتحصين المجتمع ببرامج ثقافية وترفيهية متنوعة ستكون ترياقاً مضاداً لفيروسات الفكر الضال.

دعم تنافسية الدولة عالمياً

لقد وضع معالي المستشار تركي آل الشيخ بصمته المتميزة الخاصة على البرنامج الذي كُلف بتنفيذه وفي إطار الرؤية الكلية لمملكة المستقبل، فانطلق من قناعة راسخة ترفدها تجاربه الحافلة، وتتمثل هذه القناعة في فهم ووعي متطور معاصر للترفيه ورسالته بأنه استثمار اقتصادي ذو مردود معنوي أيضاً فعمل على عدة مسارات أشبه ما تكون بأنهار متعددة تصب في محيط الوطن.

أهمية مأسسة النشاطات الإبداعية

إذا كنت تبحث عن الاستدامة فعليك بالمأسسة؛ بمعنى آخر، دون مأسسة برامج الثقافة والفنون والترفيه، والاكتفاء بشكل مطلق على ما يوحيه الخيال وملكة الإبداع للمبدع وحده، تصير البرامج كجزر متقطعة منفصلة، كل فعالية منها عبارة عن جزيرة، لا يربطها رابط بالفعاليات الأخرى، فلكل فعالية رؤيتها ومنطلقاتها الخاصة المنفردة.

بينما أهداف رؤية المملكة هي في الواقع عبارة عن كلّ متكامل مترابط البرامج، ينتظمها جميعاً خيط نهضوي يهدف إلى تغيير الواقع الاقتصادي بنفس قدر التغيير الذي يستهدف الواقع الاجتماعي، وكل محور وبرنامج منها، على صلة بالمحاور والبرامج الأخرى. من هنا، فإن كل مبادرة فردية خلاقة لن يكتب لها البقاء والاستدامة إلا إذا هي انتظمت في السياق المؤسسي. ففيه -أي في السياق المؤسسي- يكتب لها البقاء والاستدامة وتتحقق قيمتها.

وديوانية القلم الذهبي تقف شاهداً على تحقيق هذه القيمة.

أخبار ذات صلة

Continue Reading

ثقافة وفن

نسبة الآثار لأزمنة وعصور تحتاج إلى أدلّة علميّة

ينسب عدد من الباحثين والمؤرخين بعض آثار بلادنا لأزمنة تاريخية، وعصور موغلة في القِدم، دون فحص علمي، وإشعاعي للنقوش

ينسب عدد من الباحثين والمؤرخين بعض آثار بلادنا لأزمنة تاريخية، وعصور موغلة في القِدم، دون فحص علمي، وإشعاعي للنقوش والرسوم، وبلا قراءة متخصصة للخطوط، وربما كان لعاطفة الانتماء الجيّاشة دورٌ في ذلك، إضافة للمرويات الشفاهية، وهنا نحرر القضية عبر محاور، يفكك من خلالها متخصصون الإشكال، ويقدم نقاد مقترحات بشأن دراسة الآثار وتفادي المبالغة؛ كي لا يقع الباحث في ما أطلق عليه البعض «هياط تاريخي»..

الباحث الأنثروبولوجي إبراهيم يحيى الزهراني يؤكد أن هناك قرائن تعرف بما قبل الإسلام، بواسطة معرفة اتجاه الدفن في المقابر التي لا تتجه إلى القبلة، فهذه تعود إلى ما قبل 610 ميلادي وهو تاريخ بداية البعثة النبوية، موضحاً أن هذا الترجيح غير دقيق، رغم توفّر قرينة قوية، إلا أن الباحثين يلجأون إلى الحفريات والبحث عن قطع الفخاريات، ومادة الجص إن وجدت، والعظام أو قطع خشبية، مدفونة تحت الأرض لم تتعرض كثيراً للأكسجين؛ لقياسها بكربون-14، مشيراً إلى مقاربة البعض للتاريخ الفعلي عبر الكربون المشع (كربون-14 أو C-14) وعدّها تقنية تُستخدم لتحديد عمر المواد العضوية القديمة؛ مثل العظام، الأخشاب، والأنسجة النباتية، وتعتمد على خاصية الإشعاع الطبيعي لعنصر الكربون-14. ولفت الزهراني إلى أن الكربون-14 متوفر في غلافنا الجوي، وعندما تصطدم الأشعة الكونية بذرات النيتروجين (N-14)، تتحول إلى كربون مشع (C-14)، والكربون المشع يختلط بثاني أكسيد الكربون، وتمتصه الكائنات الحية أثناء التنفس أو التغذية. مضيفاً أنه طالما الكائن حي، فهو يحافظ على توازن نسبي بين كربون-14 والكربون، إلا أن الجسم يتوقف عن امتصاص الكربون عقب الموت، ويبدأ الكربون-14 في التحلل الإشعاعي، ثم يتحلل ببطء إلى نيتروجين-14، بمعدل معروف نصف عمره حوالى 5,730 عاماً، ما يعني أنه إثر 5,730 عاماً، يبقى فقط نصف كمية الكربون-14 الأصلية في العينة، وبقياس كمية الكربون-14 المتبقية في العينة، وبمعرفة معدل التحلل، يمكن للعلماء حساب متى مات الكائن الحي؛ أي عمر العينة، وعدّها إحدى أبرز العمليات الكشفية الدقيقة لتأريخ القرى أو القطع من الأخشاب والعظام والنباتات وحتى المتحجرات، ويرى أن التخمين لتحديد عمر زمني استخفاف بعقول البشر ولا يعتمد عليه.

فيما ذهب الباحث ناصر الشدوي، إلى أنه لاحظ في الآونة الأخيرة جرأة من متخصصين وباحثين لهم حضورهم في الساحة التاريخية، مؤكداً أنه ضد إطلاق الأحكام، على قدم بعض الكتابات والرسوم التاريخية عن طريق التخمين الاجتهادي دون أي دليل علمي أو أسس منهجية أو دلالات وقرائن تشفع لتلك التقديرات. وأرجع اجتهادات بعض الباحثين إلى الحماس الزائد والانبهار البعيدين عن الموضوعية وعن الأسس المنهجية في تحديد العمر الزمني لتلك النقوش أو الرسوم، وأوضح الشدوي أن البعض بالغ في قراءة بعض النقوش أو الرسوم التي تنقش على بعض عتبات الأبواب وفتحاتها، والشبابيك، علماً أنها قد تكون تزييناً من النجار للعتاب والأخشاب المنزلية برسوم وأشكال ليبرز مهارته في الرسم، وليكون نقشه توقيعاً وبصمة تدل عليه، وأحياناً تكون أشكالاً دائرية أو خطوطاً متقاطعة أو أي شكل هندسي يتخيله البناء، دون قصد. وتعجّب ممن ينسب بعض النقوش والرسوم التي وصفها بـ«الشخبطات» غير المؤرخة إلى تواريخ قديمة جدّاً، بينما يتضح من بياض النقش وعدم ميلانه إلى اللون الأسود جراء التأكسد خصوصاً في الصخور الجرانيتية ما يدل على أنه حديث عهد.

معجب الزهراني: الثقافة الشفهيّة «صبّه ردّه»

دعا الناقد الدكتور معجب سعيد الزهراني المشتغلين على الآثار إلى التواضع، كون ما يتحدثون عنه من تواريخ، وعصور، موغلة في القدم، ولا تعتمد على معلومة، ولا تعدو كونها روايات شفهية نطلق عليها «صُبّه رُدّه». لافتاً إلى أهمية الثقافة الريفية جمالياً، إلا أنه لا ينبغي التوسع والجزم بصحة «التهاويل»، مؤكداً أن هناك جينات ثقافية متوارثة، إلا أن بعض الأمم لا تعتمدها، ولا تبني عليها مفاهيم ونظريات.

سليمان الذييب: ما زاد عن حده ينقلب إلى ضده

أوضح أستاذ الكتابات العربية القديمة وعالم الآثار واللغات الدكتور سليمان الذييب، أنّ المبالغة تجعلنا نستحضر المثل القائل «إذا زاد الأمر عن حده انقلب لضده»، ويرى أن المبالغة غير صحيّة ولا صحيحة وضد الواقعية، ما يجعلها مضرة ولا تخدم الهدف المراد. مشيراً إلى أن العاشق أشبه بالأعمى والأسير الذي لا يرى ما حوله ولا يريد أن يرى أو يقتنع بغير قوله. وأضاف: رغم حلاوة العشق وجماله إلا أن المبالغة تسيء إلى موضوعك أو معشوقك، ومنهم العشاق الذين يسيئون إلى معشوقتهم (الآثار)، فيبالغون في استنتاجاتهم، كأن يجد أحدهم نقشاً أو معثورة فيبالغ في تأريخها اعتقاداً منه أنها تزيده رونقاً وجمالاً، مشيراً إلى أنها -عند العقلاء- مبالغة سيئة وضارة، فلن تجد قبولاً وتصديقاً من الآخرين، وينقلب الأمر تحديداً في علم الآثار إلى ما يعرف عند شباب اليوم «طقطقة».

وأوضح الذييب أن أساليب التأريخ العلمية وطرقه، وهي طرق تعطي تاريخاً مُرجّحاً عند المختصين، منها: التأريخ النسبي، والتأريخ المطلق، فالأول يعتمد على المقارنة، والثاني على أساليب ومناهج علمية من أبرزها التأريخ بالكربون 14، ناهيك عن أجهزة وطرق تبين مدة تعرض المعثورة إلى الشمس أو إلى الماء وغيرهما، ولفت إلى أنّ التحليل والترجيح عند المختص أسهل وأيسر منه عند العاشق، فالمتخصص يبحث عن الحقيقة، والعاشق يبالغ في وصفه ويغلو فيه فيصبح غير ممكن لا عقلاً ولا عادة.

وعدّ «الهوى والتعصب» لمذهب أو منطقة أو قبيلة من أسباب المبالغة، وطالب بالتخلي عن المبالغات والتعصب والهوى. مؤكداً ضرورة الإيمان بالآخر، وأن البشر يتبادلون الأدوار والمهام في الجدار الحضاري، فلا فضل لآخر إلا بما قدمه. وأضاف: إن شجرة الحضارة يرويها الإنسان أينما كان، وعدّ المبالغة في الآثار وغيرها ديدن المجتمع المتخلّف والضعيف حضاريّاً وثقافيّاً، فالمجتمع أو الإنسان الذي يتبنّى هذا النهج مجتمع ناقص، وليس لديه ثقة بنفسه ولا منهجه وأسلوبه وانجازاته، فيجنح لما يفسد حاضره ومستقبله، ويسيء إلى ماضيه وتاريخه بالأكاذيب والمبالغات.

أخبار ذات صلة

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .