Connect with us

الثقافة و الفن

ازدواجية الروح الإبداعية

على غرار ما تضطلع به الفنون من دورٍ تنويري وما تخلقه من إنهاض خُلقي وإغناء قيمي تتفانى في سبيل تحقيقه، يجِد المبدع

Published

on

على غرار ما تضطلع به الفنون من دورٍ تنويري وما تخلقه من إنهاض خُلقي وإغناء قيمي تتفانى في سبيل تحقيقه، يجِد المبدع في ابتكار حيله وتنويع طرائقه ليسهم في تشكيل الرؤى المنضبطة والمفاهيم الاجتماعية النابهة التي تصب في مصلحة الفضيلة.

وفيما تذيب الفنون بأجناسها المختلفة التكلس الذي يصيبنا إثر هيمنة المادية على مفاصل حيواتنا من خلال حقننا بجرعٍ من رؤى خيرية مفعمة بالأمل وقيم جادة وناصعة تترجم امتيازاتنا البشرية نذهب إلى اعتبارِ انحيازها للفضيلة وللقيم الإنسانية النبيلة أمراً حتمياً يحقق الفطرة الفنية السليمة ويحققه سموها ونبلها، فالرسم والنحت والآداب والمسرح… لا تتطلع إلى أهداف ذاتية ذوات صبغ مادية وصيغ انتهازية بل تتناول الإنسان كمادة متوجة وقيمة نفيسة وتدفع به نحو تحضر متزن، وفيما عدا اليسير الذي ينصف مبدعيها ويعينهم على مزاولته فهي تأنف إقرانها بكيمياء النزق أو اقترانها بنوازع طائشة فإذا ما مزجت بأحداهما فسدت.

بيد أن لإغراء التمرد على تلك القيم وإغواء الممنوع والانقياد للرغبات أجيجاً يظل يهدر في أعماق المبدع فتارة يدفعه إلى اجتراح المحظور وتارة نحو اجتراع المحذور وخوض ما هو مرفوض ومستنكر.

لا تملِ الجينات الأدبية قدراً وافراً من النزاهة والسمو في عملية الخلق الأدبي فحسب بل تتجاوز ذلك إلى تشكيلٍ مثالي لشخصية المبدع، ولذلك فجل الأدباء يقينيي المبادئ يلتحمون بقناعاتهم عبر أعمال إبداعية فاعلة ومن خلال عيشهم لحيوات مثالية لا ينفكون فيها عن قيمهم ولا يدعون متسعاً للهشاشة كي ترديهم أو ترتديهم بل تظل صلابتهم ماكنةً كما هي قوالب البازت.

وفيما تتحد ذواتنا بالآداب لإضفاء معانٍ قيمة لحيواتنا فهي تتخذ من الأدباء قُدُوات تسير على نهجهم، تراهم بعين المجل وتنظر إليهم بوصفهم رعاتها وأدواتها التي تشيع من خلالهم قيمها وتروج عبرهم مبادئها، ولذلك طالما افترض القارئ ولاء الأدباء الحتمي وامتثالهم الطوعي بقدرٍ يفوق ماتفرضه الأداب من انضباطٍ تجاه النظام القيمي ولكنه يدرك أن ثمة من يعتبر ذلك قاموساً ضيقاً وقانوناً مجحفاً لابد من الخروج عنه.

لا ينبثق التجاوز أياً كان نوعه من باطن الفنون الأدبية ولكنه يصدر عن الجانب شديد الحلكة في جوهر الأديب ويحقق ميل الطوية البشرية لاجتراح المحظور والهيمنة على الواقع وإخضاعه لمطالبه المادية ويتجاوز في أحايين عدة إلى السقوط في الهوات الأخلاقية.

أحد أكثر الأمثلة شيوعاً للجنوح القيمي هو الفرنسي «ماركيز دي ساد» صاحب رواية «جوستين» إحدى أكثر الروايات انتهاكاً للفضيلة والذي أمضى عشرة أعوام في سجن الباستيل لقاء جرائمه الأخلاقية التي لم تتبدَ من خلال إدانته بإلحاق الأذى الجسدي بفتيات قصر وحسب بل من خلال أعماله الروائية البرونوغرافية بنعوتها المقذعة وصورها الفاحشة التي لايستمرؤها قارئ سوي كما هي سيرته الماجنة التي كانت سبباً في نسب السادية إليه لاحقاً، وهو أحد الأمثلة ولكنه ليس أوحدها فالشاعر والمؤلف المسرحي الإيرلندي «أوسكار وايلد» والذي عُرف بمثيليته ومجافاته لما هو سوي وفطري قضى عامين في سجن «ريدينغ» بعد أن أدانته محكمة «الأولد بيلي» الشهيرة بممارسات لا أخلاقية ليشكل و«دي ساد» أنموذجين لمزدوجي الروح ومثالين على ازدواجية الروح الإبداعية، فيما تظل السرقات الأدبية التي طالت قرائنها كثير من الأدباء أشهرهم هو الكاتب المسرحي الإنجليزي «وليم شكسبير» الذي أُتهم باستعارة حبكات وأفكار وشخصيات وفلسفات واجتزاء نصوص بعينها من مصادر متنوعة، وكذلك هو حال الروائية البريطانية «جيه كيه رولينغ» مؤلفة سلسلة روايات «هاري بوتر» الشهيرة والشاعر البريطاني «جون مليتون»…

يستخدم القارئ مايقرأ من الكتب لمعرفة طرائق أخرى للوجود تختلف عن تلك التي خبرها من خلال حياته ويكتشفها على نحو يفوق مايراه في الحياة، ولاشك أنه في سياق ذلك وبمقارنة بين الأديب داخل كتابه وخارجه سيكتشف ازدواجية الروح الإبداعية التي تبدت مؤخراً على نحو يثير دهشته واستغرابه.

انطلقت شبكة أخبار السعودية أولًا من منصة تويتر عبر الحساب الرسمي @SaudiNews50، وسرعان ما أصبحت واحدة من أبرز المصادر الإخبارية المستقلة في المملكة، بفضل تغطيتها السريعة والموثوقة لأهم الأحداث المحلية والعالمية. ونتيجة للثقة المتزايدة من المتابعين، توسعت الشبكة بإطلاق موقعها الإلكتروني ليكون منصة إخبارية شاملة، تقدم محتوى متجدد في مجالات السياسة، والاقتصاد، والصحة، والتعليم، والفعاليات الوطنية، بأسلوب احترافي يواكب تطلعات الجمهور. تسعى الشبكة إلى تعزيز الوعي المجتمعي وتقديم المعلومة الدقيقة في وقتها، من خلال تغطيات ميدانية وتحليلات معمقة وفريق تحرير متخصص، ما يجعلها وجهة موثوقة لكل من يبحث عن الخبر السعودي أولاً بأول.

Continue Reading

الثقافة و الفن

كراسي ملتقى الميزانية والبشت السعودي: تصميم يجسد الهوية

تعرف على سر كراسي ملتقى الميزانية المستوحاة من البشت السعودي. تفاصيل التصميم، دلالات الزري الذهبي، وكيف يعكس هذا الابتكار الهوية الوطنية ورؤية 2030.

Published

on

شهدت منصات التواصل الاجتماعي والأوساط الإعلامية تفاعلاً واسعاً مع التصاميم المبتكرة التي ظهرت في التجهيزات الخاصة بملتقى الميزانية، وتحديداً تلك الكراسي التي استوحت تصميمها ببراعة من "البشت السعودي"، الرمز العريق للأناقة والوجاهة في المملكة العربية السعودية. هذا الدمج بين الوظيفة العملية للمقاعد وبين الرمزية الثقافية العميقة للبشت، لم يكن مجرد خيار جمالي عابر، بل هو تعبير بصري دقيق عن توجهات المملكة نحو ترسيخ الهوية الوطنية في كافة التفاصيل الدقيقة للمناسبات الرسمية.

رمزية البشت: أكثر من مجرد رداء

لفهم عمق هذا التصميم، يجب العودة إلى الجذور التاريخية للبشت في الثقافة العربية والسعودية. يُعد البشت (أو المشلح) زيّاً رجالياً تقليدياً يرتبط بالمقام الرفيع والمناسبات الرسمية والأعياد. وتتميز البشوت السعودية، وخاصة "الحساوي" منها، بدقة الحياكة والتطريز بخيوط الزري الذهبية أو الفضية. إن استلهام تصميم الكراسي من هذا الزي، عبر استخدام اللون الأسود الفاخر (اللون الملكي الأكثر شيوعاً في البروتوكولات) مع الحواف الذهبية التي تحاكي "القيطان" و"المكسر" في البشت، يبعث برسالة احترام وتقدير للحضور، ويضفي هيبة على المكان تتناسب مع ثقل الحدث الاقتصادي الذي يتم فيه إعلان ميزانية الدولة.

رؤية 2030 وإحياء التراث في التصميم الحديث

يأتي هذا التوجه الفني متناغماً تماماً مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي تولي اهتماماً بالغاً بالثقافة الوطنية والتراث غير المادي. لم تعد الهوية السعودية تقتصر على المتاحف أو المهرجانات التراثية، بل أصبحت جزءاً لا يتجزأ من النسيج العمراني والتصميم الداخلي للمؤسسات الحكومية والفعاليات الكبرى. يعكس تصميم كراسي ملتقى الميزانية تحولاً في مفهوم "البروتوكول"، حيث يتم استبدال الأثاث المكتبي الغربي التقليدي بتصاميم تحمل بصمة محلية، مما يعزز من الشعور بالانتماء والفخر لدى المواطن، ويبهر الزائر الأجنبي بجماليات الثقافة السعودية.

الأثر الثقافي والانطباع العالمي

إن دمج العناصر التراثية في الفعاليات السياسية والاقتصادية يمثل نوعاً من "القوة الناعمة". فبعد أن لفت البشت السعودي أنظار العالم في نهائي كأس العالم 2022، يأتي استخدامه كمفهوم تصميمي في الأثاث ليؤكد على استدامة هذا الرمز وقابليته للتطوير والحداثة. هذا النهج يشجع المصممين السعوديين على الابتكار واستلهام أفكار من بيئتهم المحلية، مما يفتح آفاقاً جديدة لصناعة الأثاث والديكور القائمة على الهوية. علاوة على ذلك، فإن الاهتمام بهذه التفاصيل الدقيقة يعكس احترافية عالية في تنظيم الفعاليات الوطنية، حيث تتكامل الصورة البصرية مع المضمون الاقتصادي والسياسي لتصدير صورة حضارية عن المملكة.

ختاماً، لا تُعد كراسي ملتقى الميزانية مجرد مقاعد للجلوس، بل هي وثيقة بصرية تروي قصة التمسك بالجذور مع الانطلاق نحو المستقبل، وتؤكد أن التراث السعودي غني وقابل للتكيف مع أحدث خطوط الموضة والتصميم العالمية.

Continue Reading

الثقافة و الفن

مجمع الملك سلمان يحتفي باليوم العالمي للغة العربية بالأمم المتحدة

مجمع الملك سلمان العالمي ينظم احتفالية في مقر الأمم المتحدة بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، تعزيزاً لمكانة لغة الضاد ودعماً لأهداف رؤية المملكة 2030.

Published

on

في خطوة تعكس الدور الريادي للمملكة العربية السعودية في خدمة لغة الضاد وتعزيز حضورها الدولي، نظم مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية احتفالية كبرى بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، وذلك في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك. ويأتي هذا الحدث تأكيداً على التزام المجمع برسالته الاستراتيجية الرامية إلى مد جسور التواصل الحضاري وإبراز جماليات اللغة العربية وقيمتها التاريخية والمعاصرة أمام المجتمع الدولي.

سياق الاحتفال والخلفية التاريخية

يحتفل العالم في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام باليوم العالمي للغة العربية، وهو التاريخ الذي يوافق القرار التاريخي الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3190 في عام 1973، والذي بموجبه تم اعتماد اللغة العربية لغة رسمية ولغة عمل في الأمم المتحدة. ومنذ ذلك الحين، أصبح هذا التاريخ محطة سنوية للاحتفاء بواحدة من أكثر اللغات انتشاراً في العالم، وللتذكير بإسهاماتها الغزيرة في مسيرة الحضارة البشرية، سواء في العلوم، أو الآداب، أو الفنون.

دور مجمع الملك سلمان ورؤية 2030

تأتي مشاركة مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية في هذا المحفل الدولي كجزء لا يتجزأ من مستهدفات رؤية المملكة 2030، وتحديداً برنامج تنمية القدرات البشرية الذي يعنى بتعزيز الهوية الوطنية واللغوية. ويسعى المجمع من خلال هذه الفعاليات إلى تحقيق أهدافه الاستراتيجية المتمثلة في المحافظة على سلامة اللغة العربية، ودعمها نطقاً وكتابة، وتيسير تعلمها وتعليمها داخل المملكة وخارجها. كما يهدف المجمع إلى توحيد المرجعية العلمية للغة العربية عالمياً، وسد الفجوة في المحتوى العربي الرقمي.

الأهمية الثقافية والدولية للحدث

لا تقتصر أهمية هذه الاحتفالية على الجانب البروتوكولي فحسب، بل تمتد لتشمل أبعاداً ثقافية وسياسية عميقة. فاللغة العربية تُعد ركناً من أركان التنوع الثقافي للبشرية، وهي إحدى اللغات الأكثر انتشاراً واستخداماً في العالم، إذ يتحدث بها يومياً ما يزيد على 400 مليون نسمة. ومن خلال تنظيم مثل هذه الفعاليات في قلب المنظمة الأممية، يرسخ المجمع مكانة اللغة العربية كلغة للحوار والسلام والتفاهم المشترك بين الشعوب.

وتتضمن مثل هذه الفعاليات عادةً جلسات حوارية رفيعة المستوى، ومعارض فنية تبرز جماليات الخط العربي، ونقاشات حول التحديات التي تواجه اللغة في عصر الذكاء الاصطناعي والرقمنة، مما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون الدولي لخدمة اللغة العربية وتمكينها في المحافل الدولية.

Continue Reading

الثقافة و الفن

السعودية تستعرض تراثها في معرض أرتيجانو آن فييرا بميلانو

تشارك السعودية في معرض أرتيجانو آن فييرا بميلانو لإبراز التراث الوطني والحرف اليدوية، تعزيزاً للتبادل الثقافي وتحقيقاً لمستهدفات رؤية المملكة 2030.

Published

on

تستعد المنظومة الثقافية في المملكة العربية السعودية لتسجيل حضور لافت ومميز في معرض «أرتيجانو آن فييرا» (Artigiano in Fiera) الدولي، الذي يُقام سنوياً في مدينة ميلانو الإيطالية. وتأتي هذه المشاركة في إطار الجهود الحثيثة التي تبذلها المملكة لتعزيز حضورها الثقافي على الساحة الدولية، وتسليط الضوء على الإرث الحضاري والتراثي الغني الذي تتمتع به مناطق المملكة المختلفة، وذلك من خلال استعراض مجموعة واسعة من الحرف اليدوية والفنون التقليدية التي تعكس الهوية السعودية الأصيلة.

أهمية معرض أرتيجانو آن فييرا عالمياً

يُعد معرض «أرتيجانو آن فييرا» واحداً من أهم وأضخم المعارض الدولية المخصصة للحرف اليدوية والصناعات التقليدية في العالم. يمتد تاريخ هذا الحدث لسنوات طويلة، حيث تحول إلى منصة عالمية تجمع الحرفيين والمبدعين من أكثر من 100 دولة حول العالم. ويوفر المعرض فرصة فريدة للزوار لاستكشاف ثقافات الشعوب من خلال منتجاتهم اليدوية، مما يجعله جسراً للتواصل الإنساني والثقافي. وتكتسب المشاركة السعودية في هذا المحفل أهمية خاصة، حيث تتيح الفرصة للجمهور الأوروبي والعالمي للتعرف عن كثب على جماليات الفنون السعودية ودقة الحرفية التي يتمتع بها الحرفيون السعوديون.

رؤية 2030 ودعم التراث الوطني

تأتي هذه الخطوة انسجاماً مع مستهدفات «رؤية المملكة 2030»، التي تولي اهتماماً بالغاً بقطاع الثقافة والتراث، وتعتبره ركيزة أساسية من ركائز جودة الحياة والتنمية الاقتصادية. وتعمل وزارة الثقافة والهيئات التابعة لها، مثل هيئة التراث، على تمكين الحرفيين السعوديين وتوفير المنصات اللازمة لهم لعرض إبداعاتهم وتسويقها عالمياً. إن الحضور في ميلانو ليس مجرد مشاركة في معرض، بل هو تجسيد لاستراتيجية وطنية تهدف إلى تحويل القطاع الحرفي إلى رافد اقتصادي مستدام، يساهم في الناتج المحلي ويخلق فرص عمل واعدة لأبناء وبنات الوطن.

ماذا ستقدم السعودية في ميلانو؟

من المتوقع أن يضم الجناح السعودي تشكيلة متنوعة من الحرف اليدوية التي تمثل مختلف مناطق المملكة، بدءاً من فنون حياكة السدو المسجلة في قائمة اليونسكو للتراث غير المادي، وصولاً إلى صناعة الفخار، والنقش على الخشب، وصياغة الحلي التقليدية، والأزياء التراثية التي تحكي قصصاً من عمق التاريخ. كما يركز الجناح عادةً على تقديم تجربة ثقافية متكاملة تشمل الضيافة السعودية والقهوة السعودية، ليعيش الزائر تجربة حسية متكاملة تنقله إلى أجواء المملكة.

الأثر الثقافي والاقتصادي المتوقع

إن التواجد في حدث بحجم «أرتيجانو آن فييرا» يحقق مكاسب متعددة؛ فعلى الصعيد الثقافي، يعزز من القوة الناعمة للمملكة ويصحح المفاهيم من خلال تقديم صورة مشرقة عن الإبداع السعودي. أما اقتصادياً، فهو يفتح نوافذ تصديرية جديدة للمنتجات الحرفية السعودية، ويتيح للحرفيين الاحتكاك بالخبرات العالمية وتبادل المعرفة، مما يساهم في تطوير جودة المنتج المحلي والارتقاء به لمنافسة المنتجات العالمية.

Continue Reading

Trending