Connect with us

ثقافة وفن

أي فلسفة نحتاج؟

كيف لعقلنا العربي وبالخصوص لعقلنا نحن في الجزيرة العربية الذي طال به أمد ارتباطه بالنص؛ التصالح مع أفق التأويل

كيف لعقلنا العربي وبالخصوص لعقلنا نحن في الجزيرة العربية الذي طال به أمد ارتباطه بالنص؛ التصالح مع أفق التأويل الرحب الذي يلبس النص أثواباً جديدة، تجعل منه حيا، معاصرا، مهما تغير الزمان واستجد الجديد. إنه النص الذي طالما كان الملاذ حين تعصف عاصفة التساؤلات وتهب ريح الشك، لطالما كان قلعتنا الحصينة نحتمي بها حيث الأمان، اليقين، كيف لهذا العقل أن يواجه قوة التساؤلات التي ربما هزته بعنف من الداخل، هزت بنية عقله اللصيق بالنص الذي أنتج مساحة واسعة من المسلمات. فما هو إذن المطلوب من جمعية العقل أن تصنع لمجتمعنا المستباح أمام طوفان الأسئلة الصعبة؟ هل تملك خطة إنقاذ؟

هل تكون مهمتنا معاودة النظر في التراث علنا نجد في تراث الكندي والفارابي وابن سينا وابن رشد وفلاسفة الإسلام حلاً لمعضلات العصر ولأسئلته الشائكة، أو ربما نجد في تراثهم تأويلاً نافعاً يسكن الآلام ولو كان لبعض الوقت من أوجاع الحاضر، هذا الحاضر الذي هو بالتحقيب المعرفي ماضٍ ما زلنا نعيش فيه، ربما هرباً من تحديات العصر وأسئلته المختلفة جذرياً ونوعياً عن أسئلة التراث.

هل نسعى لإصلاح التراث الذي يجمع شتى تناقضاتنا الراهنة، فهو لا لم يبرحنا ولم نبرحه، حي هو لا يزال فينا. ففي تراثنا يسكن الغزالي وابن رشد وفيه ابن عطاء وأبو الحسن الأشعري، وفيه ابن تيمية وابن مطهر الحلي وفيه شتى المذاهب والمدارس. أين نقف من كل هذا؟ هل علينا الاصطفاف؟ أم فحص هذا التراث لاكتشاف علله وآفاته، لنعاود طرح سؤال شكيب أرسلان: لماذا تقدم الغرب وتأخرنا؟ هل نأخذ على عاتقنا قراءة مشروع أركون وهاشم صالح اللذين يريان أن العقل الإسلامي سبب عجزنا والأغلال التي تكبح انطلاقتنا، أم قراءة المشروع الجابري الذي يرى مكمن دائنا في عقلنا العربي الذي لم يتغير، إذ ما زال يعيش مع أمرئ القيس وعنترة بن شداد و طرفة ابن العبد، فلم تحدث القطيعة مع رموز الجاهلية بعد مجيء الإسلام. وإذا أرهقها التراث بمشاكله وأزماته.

وإذا أرهقنا التراث وما يعج به من أزمات ذات تعقيدات مركبة، وغبار كثيف يحجب عنا الرؤية، هل نتخلى عنه ونعلن القطيعة معه أو نعلن موته إذ لا مصلحة لنا في إحيائه، بل إن حداثتنا مرهونة بالقطيعة معه.. كم يطيب للعروي أو داريوش شايغان أن يصرحا بهذه الحقيقة وإن كانت ثقيلة، مرة المذاق، علقم يصعب بلعه.

وإذا لم نبق للتراث بقية، فهل تؤمم الفسلفة وجهتها وتتعلم درسها من لحظة الحداثة الغربية، تلك الحقبة من التاريخ الذي استيقظ فيها العقل الغربي، تلك اليقظة التي سمحت لنور العقل أن يكون إمام نهضتها وسيد مشروعها الحضاري. لم تكن، بالطبع، يقظة سهلة، ولم يكن الطريق سالكاً، بل اعتور نهضتها منذ البداية تراثها الجامد، أشبه بالصخر لا روح فيه ولا عقل. كانت البدايات ومضات وإشراقات هنا وهناك، قادت مع تضافرها إلى الغرب الذي نشهده اليوم. بدأت حكايتها من فلورنسا ثم سرعان ما انتشرت ليعم الغرب بأكمله.

ألهم فنانوها الخيال، وحركوا العقول، وانطلق العقل الغربي متخففاً من أعباء التراث حتى قطع معه قطيعة لا يشبهها قطيعة، كانت قطيعة تشبه قطع الحبل السري لوليد مع رحم أمه، وليد لا يشبه أمه، عاق لها أشد ما يكون العقوق.

ومضة أعقبتها ومضات، وهكذا مضت حكاية الغرب الحديث، ليس لنا أن نرويها، إنها قصة طويلة، لكن نسوق بعض بطولاتها أمثلةً علّنا نجد طريقنا من خلالها. ومضة في أقصى الغرب الأوروبي؛ إنجلترا، في القرن السادس عشر حيث فرانسيس بيكون يدشن عصر التجربة، عصر الحس، وينقل العقل من طوره الاستدلالي القياسي إلى طوره الاستقرائي الذي لا يعترف بأية مقدمات عقلية لا تخضع للتجربة. وها هو أيضا يحدد الاصنام التي شاب عليها العقل البشري منذ فجر التاريخ يمنهج تحطيمها. ومضة أخرى تنطلق من فرنسا الجار المحاذي لإنجلترا، حيث كان ديكارت يعبر من الشك إلى اليقين بالعقل ويجعله دليل وجوده، ويؤسس منهجية الشك، فنحن بالشك نقضي على مصادر الشك. ومع «كانت» كانت ومضة أخرى قطعت صلة العقل بالميتافيزيقا، هل نسمي هذه ومضة أم تدشين عهد جديد في أوروبا يقبع فيه العقل في مركز دائرة الحياة ومشروع نهضتها، فلم يعد للميتافيزيقا دور في حركتها الحضارية. وهكذا تصاعد المد الغربي باتجاه حضارة تقترب مع قطع الصلة بالسماء. لم يعد بالإمكان أن نتعقل الإيمان، ولم يعد بعد أن حققت أوروبا نهضة علمية وتكنولوجية، لا أقل ما يقال في حقها إنها عظيمة حقّاً، أن تنفتح على ما كان سبب تأخرها، تراثها المسيحي، لترضى له بالعيش في وسطها بل لتسجنه وسط صوامع كنائسها بعيداً عن حياتها.

ثم ماذا حصل مع هذه الحكاية التي تبدو رائعة وجليلة، لقد حدث ما لم يكن بالحسبان، لقد انتفض العقل على العقل، وطرد منها منبوذاً. فما كان سبب نهضتها وقيامها وثروتها التي تمكنت بفضل جبروته أن تسرقها من شعوب أفلت عقولها وانطفأ أنواره، أن انقلبت عليه، لم تعترف له بفضل، فكم كانوا جاحدين. أين الخلل ؟ ولِمَ كان ذلك؟

تلك رواية أخرى، قد تطول، لكن قد نوجزها لمناسبة المقام، فبعد أن ازدهرت أوروبا وتقدمت، غرقت في مصيدة التشيؤ، تشيأ عقلها، ما كانت لتفكر إلا في المزيد من الثراء والرخاء، تبلد حسها الإنساني، قطعت مع السماء وارتبطت بالأرض أشد ما يكون الارتباط، تطينت أصبحت لصيقة بالأرض، ماتت روحها، أصبحت جسداً بلا قلب، ماتت فيها الرحمة، تخبطت في متاهات المادية، أصبحت الأخلاق تحمل معنىً واحداً مزيداً من القوة، مزيداً من الهيمنة مزيداً من الثروات، فأصبح العقل متشيئاً، خطراً على الإنسان يهدد حياته، قد استباح تشيؤه الأرض ينهب الأرض ويستعبد البشر، ثم ما لبث أن انقلب على ذاته. هل كانت الحداثة الغربية؛ التي مؤملاً لها أن ترتقي في منحنى تصاعدي، أن ينشب بينها حربان عالميتان كبيرتان. هل هكذا أوصلها عقلها؟

وإن كانت حكاية الانقلاب على العقل قد بدأت قبل ذلك مع أحد أكابر مفكريها الغريب جدا؛ نيتشه الذي افتتح عهد ما بعد الحداثة بتوجيه سهامه للحداثة، وكشف عن سوأتها، واستهل مشروعه الضخم بضرب مركزية العقل في أوروبا، وأكمل مشروعه بموت الإله، هل كان شاذاً من بين مفكري الغرب أم أنه كان البداية لمتوالية حسابية تتطور في نبذها للعقل والمعنى. وهذا ما حدث إذ استمرت الحكاية الحداثية بالانقلاب على العقل، فأعقب نيتشه فلسفات لم تتخذ البرهان طريقاً لها في الاستدلال، وأنّى لها ذلك بعد أن تخلت عن العقل. فجاءت فلسفات الحياة، تفكر في العيش، تبتعد عن معضلات الفلسفة الصعبة، لتفكر في قضايا أقل شائكية، نحو من التأملات في معنى الحياة والموت والقلق والعيش المشترك وأشباه هذه القضايا؛ فكانت وجودية سارتر وهيدغر، وجودية ملحدة نافية للإله أو ليس له من وجود في معترك الحياة، إذ الحياة حياة الإنسان يشكل ماهيته بحريته، إذ الحرية شرط الوجود وبه قوامها. ثم ما لبث الغرب أن تخلى عنها ليدخل في موجة أخرى تلك هي البنيوية، ويا لها من بنيوية أماتت الإنسان وأماتت المعنى، فبعد أن أمات نيتشه الإله أكملت البنيوية مشروعه بموت الإنسان في التاريخ. لم يعد الإنسان إلا جسر عبور للعلاقة المهيمنة في حركة المجتمع والاقتصاد. الإنسان تاريخه حديث جداً ومآله الاختفاء من التاريخ، أمات الإنسان مفكرو الغرب الذين يحظون بالتمجيد وهم فوكو ولاكان وبياجيه وفرويد. والأخطر القادم هو تحنيط الإنسان ونقله إلى مرحلة الربوت، ذاك مشروع الإنسانوية الثالثة.

فهل نجعل مفكريه قدوة؟ هل نكون صدى لأفكارهم؟ هل تكون مهمتنا في تمجيد العقل الغربي بوصفه عقل التفلسف الأول وعقل الحضارة الحديثة؟ هل نقطع تماماً التراث ونزجّ به في أتون النسيان ونتحرك على خطى الحداثة الغربية كما يرى بعض مفكرينا من المغرب العربي؟

هل ترانا نقبل موت الإله ونقبل موت الإنسان ونقبل بنصف إنسان ونصفه الآخر حاسوباً مبرمجاً ؟ وأن ليس لنا إلا التسليم للسيد الغربي، وأن نكون صدى لأفكاره، أم نعتبر هذا محض هذيان الغرب، صنيعة غربتها، إلحادها، فجورها.

لا للانبهار

من السهل على المبادرات الفلسفية أن تحصر مشروعها في النخبة، نخبة يتحدثون لبعضهم البعض وينغلقون على أنفسهم ليجتروا فلسفات هيدغر وسارتر وفوكو ودريدا وهي مشاريع قد تخلى عنها الغرب منذ زمن. لقد استيقظنا متأخرين لنجد أنفسنا عطاشى لأفكار قد عفا عليها الدهر وشرب. فهذا يتحدث عن عبقرية هيدغر وذاك يشيد بميشيل فوكو، ثم لينالوا بعد ذلك التصفيق ولينالوا أوسمة المفكرين. لا أود أن أنتقص من أحد أبداً، كل تلك القراءات جيدة ولكن حذارِ من أن تكون انبهاراً واجتراراً ولا تكون قراءة نقدية، تستثر العقل، وتحرك مكامن القوة فيه، تستحثه ليبدع ويكتشف حلولاً للمشكلات، تحليلاً و تركيباً.

أجد من الواجب الوطني والقومي حفاظاً على قيمنا، حفاظاً على العقل والمسجد معاً، أن يمتد مشروع نداء العقل هذا ليطال المجتمع بأسره. يمتد ليستهدف بناء الإنسان وإعداده لمشروع نهضوي. وهل يكون ذلك إلا بنشر الوعي فيه، باستنهاضه للتفكير في مشكلاته، بتسليحه بسلاح النقد. يجب أن يكون هدف الجمعية في المجتمع هو رعاية الحس النقدي وتنميته حتى تستطيع مجتمعاتنا المفتوحة أن تواجه الأفكار بروح النقد وليس الاستسلام.

كان من دواعي استحكام قبضة التراث أن أمتنا العقل النقدي، فكان سمين الأفكار وغثّها نتقبلها دون مراجعة دون فحص وتمحيص. هذا كان ممكن الخطأ، أفول العقل المفكر، وأفول العقل الناقد النافذ في عمق الأفكار لفصل طيبها من خبيثها.

Continue Reading

ثقافة وفن

بحضور وزير الثقافة.. «روائع الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو

بحضور وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، اختتمت هيئة الموسيقى حفلة «روائع

بحضور وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، اختتمت هيئة الموسيقى حفلة «روائع الأوركسترا السعودية» في جولتها الخامسة بمسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية طوكيو، وذلك بمشاركة 100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، وبحضور عدد من المسؤولين ورجال الأعمال والإعلام، وحضور جماهيري كبير.

وأشار الرئيس التنفيذي لهيئة الموسيقى باول باسيفيكو، في كلمة خلال الحفلة، إلى النجاحات الكبيرة التي حققتها المشاركات السابقة لروائع الأوركسترا السعودية في العواصم العالمية، عازيًا ما تحقق خلال حفلات روائع الأوركسترا السعودية إلى دعم وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى.

وعدّ «روائع الأوركسترا السعودية» إحدى الخطوات التي تسهم في نقل التراث الغنائي السعودي وما يزخر به من تنوع إلى العالم عبر المشاركات الدولية المتعددة وبكوادر سعودية مؤهلة ومدربة على أعلى مستوى، مشيرًا إلى سعي الهيئة للارتقاء بالموسيقى السعودية نحو آفاق جديدة، ودورها في التبادل الثقافي، مما يسهم في تعزيز التواصل الإنساني، ومد جسور التفاهم بين شعوب العالم عبر الموسيقى.

وقد بدأت «الأوركسترا الإمبراطورية اليابانية – بوغاكو ريو أو» بأداء لموسيقى البلاط الإمبراطوري الياباني، وهي موسيقى عريقة في الثقافة اليابانية، توارثتها الأجيال منذ 1300 عام وحتى اليوم.

وأنهت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي الفقرة الثانية من الحفلة بأداء مُتناغم لميدلي الإنمي باللحن السعودي، كما استفتحت الفقرة التالية بعزف موسيقى افتتاحية العلا من تأليف عمر خيرت.

وبتعاون احتفى بالثقافتين ومزج موسيقى الحضارتين اختتمت الحفلة بأداء مشترك للأوركسترا السعودية مع أكاديمية أوركسترا جامعة طوكيو للموسيقى والفنان الياباني هوتاي وبقيادة المايسترو هاني فرحات، عبر عدد من الأعمال الموسيقية بتوزيع محمد عشي ورامي باصحيح.

وتعد هذه الحفلة المحطة الخامسة لروائع الأوركسترا السعودية في العاصمة اليابانية طوكيو، بعد النجاحات التي حققتها في أربع محطات سابقة، كانت تتألق في كل جولة بدايةً من باريس بقاعة دو شاتليه، وعلى المسرح الوطني بمكسيكو سيتي، وعلى مسرح دار الأوبرا متروبوليتان في مركز لينكون بمدينة نيويورك، وفي لندن بمسرح سنترل هول وستمنستر.

وتعتزم هيئة الموسيقى استمرارية تقديم عروض حفلات “روائع الأوركسترا السعودية” في عدة محطات بهدف تعريف المجتمع العالمي بروائع الموسيقى السعودية، وتعزيزًا للتبادل الثقافي الدولي والتعاون المشترك لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تتقاطع مع مستهدفات هيئة الموسيقى.

Continue Reading

ثقافة وفن

الشاعر علي عكور: مؤسف أن يتصدَّر المشهد الأدبي الأقل قيمة !

الحديث مع الشاعر علي عكور في الكتابة الإبداعية حديث ممتع، وممتدّ، له آراؤه الخاصة التي يتمثلها في كتابته الأدبية،

الحديث مع الشاعر علي عكور في الكتابة الإبداعية حديث ممتع، وممتدّ، له آراؤه الخاصة التي يتمثلها في كتابته الأدبية، يعتد كثيراً بتجربته، ويرى أنّه قادر على الاختلاف؛ لأنّ مفاهيمه للكتابة تتغيّر مع الوقت.

لم يولد -كما قال- وإلى جواره من يمتهن أو يحترف الكتابة، ولم يكن الوسط الذي نشأ فيه يُعنى كثيراً بالأدب أو الثقافة بعمومها، ما يتذكره علي أنّه في أواسط عقده الثاني وقع على نسخةٍ من كتاب (المنجد) للويس معلوف، لا يعلم كيف وصلت إليه هذه النسخة العتيقة من الكتاب، لكنه شُغِف بها وبالعوالم التي تَفَتَّحت أمامه في هذا المعجم.

وجد الشاعر علي عكور نفسه ينجذب كالممسوس إلى الأدب بكل ما فيه من سحر وغموض وجلال، لكنّ الشعر العربي أخذه حتى من ألف ليلة وليلة؛ الذي انجذب إلى الشعر المبثوث في ثنايا الكتاب أكثر من السرد رغم عجائبيته وسحره!

الكثير من رحلة الشاعر علي عكور مع الأدب والكتابة الإبداعية في هذا الحوار:

‏ • حدّثنا عن علاقتك بالشعر والأدب بشكل عام.. كيف بدأت؟

•• بدايةً أودّ القول، أنه لم يكن في محيطي من يمتهن أو يحترف الكتابة، ولم يكن الوسط الذي نشأتُ فيه يُعنى كثيراً بالأدب أو الثقافة بعمومها. أتذكر أنني في أواسط العقد الثاني من عمري وقعتُ على نسخةٍ من كتاب (المنجد) للويس معلوف. لست أعرف كيف وصلت إلينا هذه النسخة العتيقة من الكتاب، لكنني شُغِفتُ بها وبالعوالم التي تَفَتَّحت أمامي بعد الاطلاع على هذا المعجم. وشيئاً فشيئاً، وجدت أنني أنجذب كالممسوس إلى هذا العالم الرحب، بكل ما فيه من سحر وغموض وجلال. وأثناء تجوالي في عوالم الأدب أُخِذْتُ بالشعرِ العربي وبإيقاعيّة الجملة الشعرية فيه. حتى عندما وقع بين يديّ كتاب (ألف ليلة وليلة)، لم أنجذب إلى السرد رغم عجائبيته وسحره، بقدر ما انجذبتُ إلى الشعر المبثوث في ثنايا الكتاب. وأتذكر أنني كنت أتجاوز الصفحات وأقلّبها بحثاً عن بيتٍ أو بيتينِ من الشعر.

• لمن تدين بالفضل في الكتابة؟

•• أودّ أن أدين بالفضل إلى أحدٍ ما، لكنني حين أمَرّر بداياتي على الذاكرة، لا أتذكّر أحداً بذاته، آمن بي أو رأى في ما أقوم به بدايات واعدة لمشروع ما. كل ما هنالك أنني كنتُ أتلقى ثناءً عابراً إذا كتبتُ شيئاً جيداً. على أنني لا أقلّل من هذا الثناء، فقد كان ذا أثرٍ كبير في دافعيتي، وديمومة شغفي بالكتابة. هذا فيما يخص البدايات، أما الآن فأنا أدين بالفضل لأسرتي ولزوجتي خاصة، فهي داعم كبير لي على طول هذا الطريق، وتتحمل عن طيب خاطر الأعباء التي يُخلّفها انشغالي بالكتابة وهمومها.

• شاعر كان تأثيره كبيراً عليك.

•• لا يمكن تتبّع الأثر بسهولة في هذا الشأن؛ لأنه غالباً يكونُ قارّاً في اللاوعي. لكن إذا كان السياب يرى أنه تأثر بأبي تمام والشاعرة الإنجليزية إديث سيتول وأنه مزيج منهما، فأنا أرى أنني تأثرت كثيراً بسعدي يوسف ومحمود درويش، وأشعر أنهما يلتقيان بطريقة ما، في الكثرة الكاثرة مما أكتب.

• كيف للشاعر أن يكتب قصيدته وفق رهان المستقبل وليس للحظة التي يعيش فيها؟

•• في الغالب لا توجد كتابة لا يمكن تجاوزها. وما يُعبّر عنك الآن قد تجد أنه لا يُعبّر عنك غداً. أعتقد أن الرهان الحقيقي هو أن نكتب شيئاً يستطيع أن يصمد أمام عجلة الزمن. ربما إحدى الحيل التي يمكن أن نمارسها هي أن نكتب نصوصاً أكثر تجريداً وانعتاقاً من قيود الزمان والمكان، وأن نتخفّف من الكتابة تحت تأثير اللحظة الراهنة والحدث المُعاش.

• الملاحظ أنّ هناك إصدارات متشابهة في الشعر والقصة لشعراء وكتاب قصّة، وإن تعددت عناوينها، لكنّ التجربة لم تختلف.. ما تأثير هذا على الإبداع والقارئ كذلك؟

•• صحيح، هذا أمر ملاحظ. هناك من يصدر عشرة دواوين، وعند قراءتها لا تجد اختلافاً بينها، لا من حيث الثيمات ولا من حيث طريقة التناول، لتفاجأ أن هذه الدواوين العشرة هي في الحقيقة ديوان واحد طويل. الكاتب أو الشاعر الذي لا يتجدد يخاطر بمقروئيته ويخسر رهانه الشخصي. إما أن تقول شيئاً جديداً أو شيئاً مألوفاً بطريقة جديدة، لكن لا تقل الشيء نفسه بالطريقة نفسها، حتى لا تعطي فكرة أنك لا تأخذ مشروعك بما يستحق من جدية واهتمام.

• تنادي بأهمية تصدّر الأدب الجاد والأصيل المنصات.. أولاً: من يحدد ماهية الأدب الجاد؟ ثانياً: هل المرحلة تساعد في أن يتصدّر الأدب أيّاً كان المنصات التي كثرت وكثر مستخدموها والمؤثرون فيها؟

•• النقّاد والقرّاء النوعيّون، هم من يحددون ماهيّة الأدب الجاد ويُعلون من قيمته. مؤسف أن يتصدر المشهد الأدبي الأقل قيمة، بينما يبقى الأدب الأصيل في الهامش. في الأخير نحن مسؤولون عن تصدير ثقافتنا، وما نتداوله ونجعل له الصدارة في منصاتنا ومشهدنا، هو ما سيُعبّر عنّا وسيكون عنواننا في النهاية. وبالتالي لنا أن نتساءل بصدق: هل ما صُدِّرَ ويُصَدّر الآن، يُعبّر عن حقيقة وواقع الأدب والثقافة في بلادنا؟

• لديك مشكلة مع المألوف والسائد، وتطالب بسيادة الأدب الفريد والمختلف.. هل لدينا اليوم ذائقة خاصة يمكنها إشباع الذائقة العامة؟

•• يمكن الاتفاق في البدء أن تغيير شروط الكتابة هو في المقابل تغيير لشروط التلقي، وأن كل كتابة أصيلة ومختلفة ستصنع قارئاً مختلفاً. كل كتابة جادّة ستصنع قارئها، وهذا هو الرهان الحقيقي. أما المألوف والسائد فإنّ القارئ مصابٌ بتخمة منه. كل كتابة في المألوف والسائد هي ابنٌ بارٌّ للذاكرة لا للمخيّلة؛ الذاكرة بوصفها مستودعاً لكل ما قرَّ واستقرّ فيها وأخذ مكانه المكين. والمخيّلة بوصفها انفتاحاً على المتجدّد واللانهائي.

• ماذا يعني لك فوزك بالمركز الأول في مسابقة التأليف المسرحي في مسار الشعر؟ وماذا تعني لك كتابة الشعر المسرحي؟

•• سعدت كثيراً بالفوز، سيما أن المسرحية تتحدث عن شخصية أحبها كثيراً: شخصية ابن عربي؛ تلك الشخصية التي عشت معها طيلة ثلاثة أشهر (وهي مدة كتابة العمل)، تجربة روحية وروحانية بالغة الرهافة، فقد استدعت الكتابة عن ابن عربي، العودة إلى قراءة سيرته وأجزاء من أعماله التي حملت جوهر فكره وعمق تجربته الصوفية. وبالانتقال إلى الجزء الثاني من السؤال، أقول إن كتابة الشعر المسرحي عمّقت من مفهومي للشعر وإيماني به وبقدرته على التحرك في مناطق جديدة، يمكن استثمارها على نحو جيد ومثرٍ، إذا ما تعاملنا معها بجدية.

• أما زلت تبحث عن دار نشر تطبع لك ديوانك الجديد دون مقابل مادي تدفعه؟

•• استطعت التواصل مع أكثر من دار، وقد رحبوا بالديوان والتعاون من أجله. لا ضير في كون دور النشر تبحث عن الربح، فهذا من حقها، وهذه هي طبيعة عملها. كل ما أنادي به أن تكون هناك جهة حكومية تشرف عليها وزارة الثقافة، تقوم بطبع الأعمال الجادة التي تعبّر عن حقيقة الأدب السعودي وواقعه.

• جاسم الصحيح قال عنك إنك لست شاعراً عابراً، وإنما شاعر ذو موهبة كبرى تتجاوز المألوف والسائد.. ماذا تعني لك هذه الشهادة؟•• جاسم اسم كبير في المشهد الثقافي وتجربة مرجعية في الشعرية العربية الحديثة، وأن تأتي الشهادة من قامة كقامة جاسم الصحيح لا شك أنها شهادة تدعو للابتهاج والنشوة، إضافة إلى ما تلقيه عليّ من عبء ومسؤولية كبيرة.

• كيف يكون المؤلف الجاد والرصين رأس مال لدور النشر؟

•• تمهيداً للإجابة عن السؤال، لا بد من القول إن الرساميل الرمزية أحياناً تكون أهم وأكثر مردوداً من القيمة المادية. بالنسبة لدور النشر، يُعد الكاتب الجاد رأس مال رمزياً مهمّاً؛ لأنه يبني لها سمعة في الوسط الثقافي. إذا أرادت دور النشر أن تستثمر في سمعتها، فإن أسرع طريقة هي استقطاب كتاب أصحاب مشاريع جادة، مقابل أن تطبع لهم بمبالغ رمزية على الأقل.

• كتبتَ الشعر بأشكاله الثلاثة ومع ذلك ما زلت ترى أنّ الوزن ليس شيئاً جوهرياً في القصيدة.. ما البديل من وجهة نظرك؟

•• نعم الوزن ليس شيئاً جوهريّاً في الشعر. ونحن حين نقول الوزن نقصد بطبيعة الحال الأوزان التي أقرها الخليل بن أحمد. الحقيقة أن الأوزان جزء من الإيقاع، أو بمعنى آخر، هي إحدى إمكانات الإيقاع وليس الإمكانية الوحيدة، وما دامت إحدى تجليات الإيقاع وليس التجلي الوحيد، فمعنى ذلك أن الإيقاع أعم وأشمل وأقدم. وعليه فإن الإيقاع هو الجوهري وليس الوزن. والإيقاع يمكن أن يتحقق في قصيدة النثر مثلاً، عبر حركة الأصوات داخل الجملة الشعرية. وهناك حادثة دالة وكاشفة أنهم حتى في القديم كانوا يدركون أن الشعر بما فيه من إيقاع يوجد أيضاً خارج أوزان الخليل، إذ يُروى أن عبدالرحمن بن حسان بن ثابت دخل على أبيه وهو يبكي، وكان حينها طفلاً، فقال له: ما يبكيك؟ فقال: لسعني طائر، فقال: صفه، فقال: كأنه ملتف في بردي حبرة. فصاح حسان: قال ابني الشعر ورب الكعبة. هذه القصة المروية في كتب الأدب تكشف بجلاء أن الشعر أوسع من مجرد الوزن والتفاعيل.

• أنت تقول: لا شيء يسعدني ككتابة الشعر الجيّد.. ما مواصفات الشعر الجيّد؟

•• لا أملك ولا يحق لي ربما الحديث عن الشعر الجيد بإطلاق؛ لأن في هذا ادعاءً كبيراً، لكن يمكن الحديث عما أراه أنا أنه شعر جيد؛ أي في حدود رؤيتي فقط. كل شاعر يكتب الشعر بناءً على ما يعتقد أنه شعر، وعليه فإن الشعر الجيد -كما أراه- خرق لنمطية اللغة وبحث جاد عن اللامرئي في المرئي، ومن مواصفات النص الجيد أن يتقاطع فيه الفكري بالوجداني، وأن يكون نتاج الحالة البرزخية بين الوعي واللاوعي. طبعاً إضافة إلى ضرورة أن يتخلص من المقولات السابقة، وأن يعمل في تضاد مع الذاكرة والثقافة؛ لأنهما يفرضان السائد والمألوف وكل ما هو قارّ في الذهن.

• العودة الملاحظة للشذرات كتابة وطباعة.. إلام تعيدها؟

•• الشذرة في رأيي هي رأس الشعرية. حَشْد كل هذا العالم بمستوياته وتناقضاته ورؤاه في بضع كلمات أمر بالغ الصعوبة على مستوى التكنيك، لكنه مثير وممتع حين تدخله كمساحة للتجريب وتحدي إمكانياتك. أيضاً جزء من اهتمامي بالشذرة يعود إلى افتتاني بالمشهدية وتأمل الفضاءات البصرية واستنطاقها. إضافةً إلى ما في الشذرة من تداخل أجناسي يزيدها ثراءً وغنى. وعلى مستوى آخر أعتقد أن الشذرة بحجمها وبنيتها أكثر تمثيلاً لحياتنا المعاصرة التي أشبه ما تكون بلقطات متتابعة ومنفصلة في فضاء بصري، يجمعها سياق عام. وأخيراً لا أنسى أن منصة (إكس) بما كانت تفرضه من قيود تقنية قد أسست لتجربتي في الكتابة الشذرية وصقلتها.

• الشاعر أحمد السيد عطيف اختلف معك في شكل القصيدة، ورأى أنّ الشكل لا يجعل الكلام جميلاً ومؤثراً.. فيما ترى أنت أنّ الكتابة على نمط القصيدة القديمة تقليد وليس إبداعاً.. هل المشكلة في الشّكل أم في أشياء أخرى؟

•• نعم، كان الحديث في هذه الجزئية عن القصيدة العمودية، وعن كتابتها بصياغة تقليدية مغرقة في القدامة. النقد الحديث على عكس القديم، لا يفصل بين الشكل والمضمون، ولكتابة نص حديث لا بد من تحديث الشكل؛ لأننا لا يمكن أن نتحدث عن مضمون ما بمعزل عن الشكل، إذ إن الشكل يخلق مضمونه أيضاً. طبعاً لا أقصد بتحديث الشكل استبدال القصيدة العمودية بشكل آخر، بل أقصد التحديث من داخل الشكل نفسه. تجديد الصياغة وتحديث الجملة الشعرية ذاتها لتكون قادرة على التعبير عن الرؤى الجديدة.

• لماذا ترى أنّ كتابة قصيدة النثر أصعب من كتابة قصيدة عمودية أو تفعيلة؟

•• السبب في رأيي أن النص العمودي والنص التفعيلي لديهما قوالب إيقاعية جاهزة تجعل من مهمة الخلق الشعري مهمة أقل صعوبة. بينما في قصيدة النثر أنت تعمل في منطقة أقرب ما تكون إلى الشكل الهلامي. قصيدة النثر ملامحها أقل حدة ووضوحاً من الشكلين السابقين، وعليه فإن كتابتها تحمل صعوبة أكبر؛ لأن لكل نصٍّ قالبه الخاص الذي عليك أن تخلقه من العدم.

• كيف يمكن للشاعر أن يكون رائعاً؟

•• يكون كذلك إذا كان أصيلاً؛ أي معبراً عن صوته الخاص، ولحظته الراهنة، ومنغمساً بالكامل في تفاصيل عالمه، طبعاً دون أن يفقد قدرته على الاتصال بالوجود والكون.

• النصوص القصيرة التفعيلية التي كتبتها وترغب في نشرها مرفقة برسوم إبداعية.. ماذا عنها؟

•• هي أربعون نصّاً، تحمل خلاصة تجربتي في كتابة الشذرة الشعرية، وهو تنويعٌ على تجربتي الشعرية عموماً. تعاونت في هذا المشروع مع الرسامة السورية القديرة راما الدقاق. والعمل الآن في مرحلته الأخيرة، وسيُنشر خلال الشهرين القادمين.

Continue Reading

ثقافة وفن

رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «بـراغ»

أصدر رئيس مركز الجواهري الثقافي، رواء الجصاني، كتاباً توثيقياً عن (شخصيات وشؤون ثقافية عراقية في ذاكرة وتاريخ

أصدر رئيس مركز الجواهري الثقافي، رواء الجصاني، كتاباً توثيقياً عن (شخصيات وشؤون ثقافية عراقية في ذاكرة وتاريخ براغ) طيلة 65 عاماً، وتضمن التوثيق 22 عنواناً فرعياً.

وسلّط المصدر الببلوغرافي الضوء على إقامة خال الجصاني الشاعر العربي محمد مهدي الجواهري، في التشيك قرابة 30 عاماً (1961-1991)؛ منها سبعة متصلة (1961-1968)، و كتب الجواهري خلال إقامته في (براغ) نحو 30 قصيدة ومقطوعة؛ عشر منها، وفيها، عن التشيك وجمال وعطاء بلدهم الذي أطال من عمر الجواهري كما يثبت ذلك في قصيدته:

أطلتِ الشوطَ من عمري، اطالَ الله من عمركْ

ولا بلّغتُ بالشرّ، ولا بالسوءِ من خبـركْ..

ألا يا مزهرَ الخلدِ تغنى الدهرُ في وتركْ.

واحتفظ المثقفون التشيك، باعتزاز بذكرى إقامة الجواهري معهم، وهم يدركون تميّزه الشعري، إضافة لكونه رمزاً عراقياً وعربياً، وإنسانياً، وجسراً وطيداً بين ثقافتي البلدين، وتم وضع نصب (معلم) تذكاري له جوار شقته التي عاش فيها أزيد من ربع قرن بمنطقة براغ السادسة.

كما تناول الكتاب، الفنان والمفكر الرائد محمود صبري، ذو العطاءات التشكيلية وصاحب نظرية (واقعية الكم) الذي أقام في براغ فناناً ومفكراً وطنياً، وباحثاً إنسانياً نصف قرن (1963-2013).. وكذلك الباحث والكاتب والمترجم القدير مصطفى عبود الذي أقام بها من أواخر السبعينيات إلى 1985. والكاتب والصحفي شمران الياسري (أبو كاطع) منذ النصف الثاني من السبعينيات إلى عام 1981.. والكاتب والروائي يحيى بابان – جيان، من منتصف الستينيات إلى عام 2023. والفنان الكردي العراقي البارز قادر ديلان؛ الذي أقام وعمل في براغ لنحو عقدين إلى وفاته عام 1999. والباحث الجدير فالح عبد الجبار من عام 1979 إلى 1981.. وبشرى برتو، وذنون أيوب، وفاروق رضاعة، وفيصل السامر، ونوري عبد الرزاق، ومجيد الونداوي، ومهدي الحافظ..

واستعاد الجصاني مسيرة إذاعة براغ العربية، ومن أسهموا فيها، ومنهم: أحمد كريم، وأناهيد بوغوصيان، وحسين العامل، وزاهد محمد، وصادق الصايغ، وعادل مصري، وفائزة حلمي، ومفيد الجزائري، وموسى أسـد، ونضال وصفي طاهر.

كما تناول الجصاني المجلات الثقافية التي صدرت، وكذلك المتخصصة في شؤون سياسية واقتصادية، والسفراء، والدبلوماسيين، وأمسيات شعرية، وندوات أدبية وفكرية، ومعارض فنيّة، وحفلات موسيقية، ومؤلفات وتراجم، وأفلام ومخرجين، ومترجمين ومحررين، وكتب ومكتبات، ومحطات إعلامية، ومركز الجواهري، الذي أطلقه رواء الجصاني والدكتور محمد حسين الأعرجي، والمستعرب التشيكي (يارومير هايسكي)، وبدأ نشاطاته في منتصف عام 2002: و(بابيلون للإعلام والنشر)، كما تناول الكتاب باحثين وأكاديميين وعلماء.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .