Connect with us

ثقافة وفن

أطراس من ذاكرة «بنت الغول»

الجزء المنسي من ذاكرة المرأة الساردة أنها كانت تحلم قبل أن تتعلم القراءة أو التأمل.في ذاكرة السرد الشعبي الأنوثة،

الجزء المنسي من ذاكرة المرأة الساردة أنها كانت تحلم قبل أن تتعلم القراءة أو التأمل.

في ذاكرة السرد الشعبي الأنوثة، الخصوبة، الجمال، الشباب، والسعادة، نسيج من المغريات التي تبحث عنها المرأة؛ لتهرب من قسوة الحياة، قد تكون حلمًا مغلفًا بمتاعب الواقع، أو لعلها نوعا من الغرق في سبات السرد الليلي بعيدًا عن صخب النهار، وشظف العيش، وبرودة الشتاء.

تلك المغريات التي ربما تبحث عنها «امرأة»؛ فتجدها في مفازة الكلام، حين يتجلى الوجود الأنثوي، في محاولة الذات الساردة تجاوز التهميش، والمشاركة في رحلة بوح، يمكن أن نقاربها أدبيًا في ضوء نظرية «العوالم الممكنة»، وما تتضمنه من مفاهيم واقعية في ضوء حقيقة افتراضية.

حكاية (بنت الغول) روتها لي أمي -رحمها الله- وحينما استرجعتها في سلسلة من «ذاكرة الراوية المتواترة»، وجدتها سردية حضور نسوي موازٍ؛ إذ يمكن إضافتها إلى إحداثيات الواقع كي تغنيه من وراء الخيال.

حكاية بنت الغول حينما سمعتها في طفولتي، ألفيتها حلم يقظة جميل، تسلل من نافذة مسيجة باطنها صفّة علوية مظللة في بيتنا القديم، وظاهرها بيوت مهجورة، أزلتها بمخيلتي، فكانت تلك الجهة مسرحًا لأحلام مجافية للواقع؛ إلا أنها تحيل إلى الحلم الهارب، إلى عوالم ممكنة عزاءً، أملا…

خلف تلك النافذة كنت قد تخيلتُ (ابنة الغول)، وهي تحشر جسمها النحيل، ومن وراء القضبان حاورتْ (البنت) نعامة ابن السلطان، فتحقق شيء من انتصاراتها الهامشية، التي انزاحت عن رغبتها المكبوتة، حين تحدت تقريع النعامة؛ فحطمت غرورها.

قائلة: «الغول يكبرني، ويسمّني، ويزوجني لولد السلطان»، كانت هذه المقولة هي «العدالة الناجزة»، التي قضت بانسحاب النعامة، حين بدت عارية عن ريشها المنتوف -تدريجيا- ومع توالي الأيام، استقر في حس (البنت الصغيرة) أن والدها الغول لم يكبرها ويسمنها؛ ليهجم عليها ويأكلها كما توعدت النعامة.

حين شرعت في تفكيك هذه الصورة المتخيلة التي نمتْ في حضن الحكي (الشعبي) لسرايا بنت الغول، لم يكن من السهل (علي) التخلص من هذه الصورة المتجذرة، في ذاكرة طفولة، مولعة بالحكي، بالغرابة التي تغذي العقل بحلم مادي، وليس من سبيل إلى ترجمة هذه الصورة العالقة إلا من خلال مساءلة «العوالم الممكنة»، بتحيين حاسة المباشرة، والقرب، والاتصال، أي بتقريب الصورة بحاسة العين، حاسة المسافة والابتعاد والانفصال.

جميع الفلاسفة اهتموا بأدوار التمثل والتصور والترميز والتخيل اجتماعيًا، بول ريكور -مثلا- منح الخيال أدوارًا مهمة حين اعتبره أداة للتدخل في الواقع وتطويره وإعادة تشكيله. وسط هذا السبق الملهم في شؤون السرد، تحقق للسرد إمكانية التفكير في الممكن والاحتمالي وتوظيفه عبر الخيال الملهم.

ولكننا نجد هنا خصيصة في الخيال الشعبي للحكايات تمكن من ربط العوالم التخييلية بالعوالم الواقعية عن طريق الإحالة المرجعية، لنقابل بين التخييل وعالم الإحالة.

ثمة ارتباط وثيق بين التخييل والعوالم الممكنة (possible worlds)؛ لأن العوالم الافتراضية من الممكن أن تكون متماثلة مع الواقع الحقيقي أو غير متماثلة.

لكن ما نود التركيز عليه هنا هو مدى ملاءمة الخطاب العام للحكاية مع العالم الواقعي لكل من السارد والمسرود لهم؟

ولابد من التركيز على الذوات؛ لأن المسائل التي تعالجها العوالم الممكنة هو وضع الذات، أي البحث في تماثل الذات وتباينها عبر العوالم؟

تعرّف العوالم الممكنة بأنها: «مجموعة القضايا التي تنعت بأفعال القلوب أو القضايا الاعتقادية التي تسمح بالانتقال من العالم الذاتي»، بهذا فالعالم الممكن هو عالم معتقدات وظنون وتوقعات إما أن تعود إلى الشخصيات أو إلى السارد أو إلى القارئ، ونجد هذه الفكرة تتعلق بوعي الذات لنفسها وللآخرين وللعالم المحيط بها، وهي بالطبع تختلف من ذات لأخرى، ومن هنا ثمة ارتباط وثيق بين التخييل والعوالم الممكنة.

يمكننا فحص الاعتقادات الشخصية للسارد وردها إلى عالم تتحقق فيه المنطقية، والهدف التثبت من صحة الملفوظات التخييلية وصدقها في ضوء الإحالة الماصدقية.

وبصفة عامة تنقسم العوالم إلى قسمين:

١- عالم الحس: وهو عالم الواقع الحالي، ويتعلق بذوات حقيقية مطابقة للواقع، فهو مدرك بالحس والعيان. في عُرف الفلاسفة كما في اعتقاد المتصوفة أن عالم الحس هو عالم غير حقيقي؛ لأنه يدرك عن طريق الحواس، ويتصف بالتعدد والصيرورة والتحول وعدم الثبات.

٢- عالم المثل، أي عالم الغيب والوجود الحقيقي، وهو عالم الوحدة والثبات والسكون، ولا يدرك إلا عن طريق العقل.

يجب الانتباه أن العوامل الممكنة تدرس في ضوء المفاهيم والمثل والحقائق الضرورية؛ فالحقيقة الضرورية صادقة في كل العوالم الممكنة، ومن هذا المنطلق يستعير إيكو مفهوم العوالم الممكنة ويدخله في باب الأدب؛ ليعالج المسائل المتعلقة بالقصد مثل المعنى والمفهوم والدلالة والمدلول، وبذلك هي صالحة لمختلف أنواع التأويل.

وبذلك يظهر أن تطبيق نظرية العوالم الممكنة على الحكاية الشعبية قد يكون موضوعيا من جهة، وقد يكون ذاتيًا من جهة أخرى، إذا كان ينطلق من انعكاسات المتلقي وتصوراته.

يتضمن عقد تقابل بين الخيال والعالم الواقعي بغية البحث عن الصلة بين العالمين على مستوى الصدق والحقيقة المنطقيين.

– كيف يمكن لعالم غير موجود إلا على مستوى الخيال أن يكون وأن يتحقق، ويحمل شيئًا من الصدق الواقعي؟

– كيف يضفي السارد ظلال الواقع على العوالم التي يتلقاها المستقبِل افتراضًا واحتمالًا؟

– هل ثمة علاقة بين العوالم التخييلية التي تنتجها العوالم الممكنة وعالمنا الواقعي في الوقت الراهن؟ وما طبيعة هذه العلاقة؟

– ما طبيعة العلاقة بين كلٍّ من زمن القص، زمن السرد، زمن الخطاب؟

في الحكاية عوالم متنوعة بحاجة إلى سبر واستكشاف واستجلاء على مستوى الإدراك والتواصل.

سوف نبحث في القيم (المحددة) للذات المتنقلة عبر العوالم الممكنة داخل القص، مع ربطها بالزمن إذا ربطنا عوالم القص بمراحل حياة الشخصية، وما تحققه من منجزات في كل مرحلة: أي البحث عن المنجز الممكن والمستحيل والمتخيل.

تتحدد عوالم القص في ثلاثة مستويات:

الأول: عالم الواقع: سارت أحداث الجزء الأول من الحكاية في عالم واقعي، أقرب إلى الممارسات اليومية لثلاث أخوات ريفيات يربين الدجاج، يجب التوقف عند القيمة العددية للرقم (3) ومواصفات الأخت الصغرى…

يرتبط هذا العالم بواقع الساردة والمسرود لهن من جهات عدة، الفقر والحاجة، المشقة وشظف العيش، الحسد والتطلع إلى سمات النضج والكمال الأنثوي، ثمة تراسل بين دجاجة الأخت الصغرى وسماتها المميزة، فالدجاجة التي تبيض رمز للخصوبة والأنوثة، وهي سمات كانت محط غيرة وحسد من الأخريات.

تأكيد ارتباط هذه السمات بالذائقة العربية (حداثة السن، والخصوبة، والجمال)، جميعها كانت عاملا أساسيا ومبررا للمكيدة التي أوقعت (الأخت الصغرى) أسيرة في بيت الغول.

الثاني: عالم الإمكان يقع في منطقة بيت الغول، وهو عالم له معطيات موائمة لاحتياجات الشخصية، ومكملة ومحققة للحلم، فهي منطقة عبور إلى قصر السلطان والحياة الزوجية، حيث الراحة والرخاء المتحقق في الخيال (الفانتازيا).

عالم الإمكان هو إخراج من متاهة (الآن) ولحظات الانتظار، بضرورة السعي إلى تغيير الواقع المادي والاجتماعي والاقتصادي.

الفتاة حينما وقعت في بيت الغول؛ لم تستسلم لفكرة أن الغول سوف يأكلها، بل سلكت طريقًا للنجاة، فأخرجت مهارات أخرى لديها، هي من لوازم الأنوثة، ودواعي كمالها، (رتبت بيت الغول ونظفته وطبخت له الطعام)، لكن هذه المرة لا لتكون زوجة للغول، إنما بطريقة متفردة، لا نجدها إلا في هذه الحكاية؛ لأن المؤهلات التي تتمتع بها الفتاة، كانت مؤهلة لبقائها في بيت الغول، ابنة له بالتبني.

الثالث: عوالم المستحيل: يتضمن عالم المثل، هو عالم طوباوي قوامه الأحلام والتطلعات، ويتضمن قيمة نفعية توفر الحماية والاستقرار للشخصية؛ فهو يستفز محرضات ذهنية للفعل الإنساني، وتكمن أهميته في إنه متخيلاً اجتماعيًا، لا يتوقف التطلع إليه عبر التاريخ، هو مستحيل من حيث الهيئة الإدراكية، لكنه غير مستحيل من حيث إمكانية التوقع والحدوث.

كم من فتاة فقيرة حالفها الحظ وخرجت من شظف العيش، وحياة الفقر، إلى رغد العيش في قصر وزير أو سلطان!!

ليظل هذا الحلم كامنا في عالم المثل؛ وحين يعجز عن الظهور على أرض الواقع، تأتي مكونات العالم السحري لتحيينه وتخيله في بيئة افتراضية، هو حلم يقظة، تباركه مسيرة تاريخية لأحداث واقعية أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع.

Continue Reading

ثقافة وفن

تكرار

‏تمرُّ القصيدةُ‏مثل الأميراتِ في الحُللِ الباهرةْ‏تُنادي عليَّ‏- لقد جئتُ‏فانتبذي بي‏مكاناً قصياً‏على

‏تمرُّ القصيدةُ

‏مثل الأميراتِ في الحُللِ الباهرةْ

‏تُنادي عليَّ

‏- لقد جئتُ

‏فانتبذي بي

‏مكاناً قصياً

‏على عجلٍ أنا كالغيمةِ الماطرةْ

‏أقولُ:

‏امهليني قليلاً

‏ سأنشرُ هذا الغسيلَ

‏أُرتِّبُ فوضى المكانِ

‏أردُّ على هاتفي

‏وأعودُ

‏حنانَيكِ أيَّتُها الآسرةْ

‏تذكّرتُ أيضاً

‏فبعضُ الضيوفِ سيأتوننا للغداءِ

‏وأحتاجُ وقتاً

‏كطبَّاخةٍ ماهرةْ

‏قفي

‏سأُذاكرُ درسين لابني

‏عن (الجبرِ واللافلزاتِ)

‏فانتظريني

‏سأحضرُ حالاً

‏رويدكِ سيدتي الساحرةْ

‏قفي لي قليلاً

‏ولا تُعجليني

‏لعلي سأسمعُ

‏عن هذه الأرضِ

‏شيئاً يسرُّ

‏فنشرةُ أخبارِنا العاشرة

‏ويُسلمني كلُّ شيءٍ إلى كلِّ شيءٍ

‏فأغرقُ في الواجباتِ المُلحّةِ والآمرةْ

‏وأركضُ بين المهام العصيّةِ والقاهرةْ

‏وحين أعودُ إليها

‏وقد أنهكتني التفاصيلُ

‏ألمحُ رقعتَها

‏فوق مكتبتي

‏-وداعاً

‏مللتُ فغادرتُ

‏أيتُّها الشاعرةْ !!

أخبار ذات صلة

Continue Reading

ثقافة وفن

الرهانُ على الياسمين

أحدِّق فيك وأنثر الياسمين في الطرقاتأتحدّثُ عنكِ، عن استهتار شعرك المتطاير في الريح، عن بُرقعكِ الجبان وهو يغرقُ

أحدِّق فيك وأنثر الياسمين في الطرقات

أتحدّثُ عنكِ، عن استهتار شعرك المتطاير في الريح، عن بُرقعكِ الجبان وهو يغرقُ بلجّتي، لكن قبل كلِّ شيء، انظري للبجعة كيف تُصفرُ؟ انظري هناك حيث الياسمين يراهن عليكِ، وأنا أقف كما ترين أحملُ معولي وأترك الحقل ورائي تحرسه عيونك الخائنة، لم أر من أنوثتكِ غير انهياري، غير لسانكِ الذي استبدل المتعةَ بالمتعةِ والأنس بالجحود، غير الليالي التي نستلقي فيها على السطوح التي رسمتْها أحلامُنا، حيثُ أقفُ أمامكِ كطائر الرُّخ، أُصفِرُ وتحملنُي جناحاي إلى النار، أيّتها القبلاتُ، يا مداري الضيّق، لم تكوني غير زوبعةٍ قاتمة، غير بلاءٍ أمسكَ ياقتي، كيف أخلعُ قميصاً قدّ من دُبرٍ، وما زلتُ أسمّي الأشياء بأسمائها وأنثر في البحر بقايا أنوثتكِ، ليَ القوامةُ عليكِ في الأحلام فقط، لذا تركتُ الياسمين يتلبسني وخلعتُ بُرقعَكِ ورميتُه في الفضاء، مثل الياسمين ومثلي، يا حظّي العاثر بدرجات السلّم الذي يقودني لأزقة تكثر فيها الكمثرى وحان حصادها، أيّتها الشيء الذي يتكسّر أمامي وأعيد صياغتَه ثم أتركه يتحدرج، كيف تُكثرين من شرابي ولم أتذوقكِ بعد؟ أيّتها الأنوثة القائمةُ بنفسها، أيّتها الأقراطُ التي تزيّن أذني، كيف أسمعُ منكِ ولم يزل صوتُك بعيداً، أنا طائر الرُّخ الذي يقفُ أمامك، يا باقة أزهار الوله، هل تعرفين شيئاً عنها؟ أنا لا أعرف أزهار الوله حتى رأيتكِ فحملتها إليكِ!! ثُّم ألقيتها من النافذة التي تُطِّل على أنوثتكِ!! أيّتها الحرجُ الذي يعترضُ الطريق!! يا شجرة التين التي أزرعها وأستحرمُ ثمرها، خُضتُ عُباب أمواجكِ بسفينتي الورقيّة التي تمزّقت قبل الوصول إلى سواحلك النائية، فتركتُها محمّلة بفاكهتي المحرمة، تلك أنوتثُكِ التي أشتاقُ اليها وتبعدني بعصا زوارق غليظة، أمسكُ بأردانكِ التي خيطتْ من وجعي، حيثُ تقذفني الحسراتُ إلى سواحل جحودكِ، الى بُرقعكِ الذي يبتزّ رجولتي ويأنسُ بها، اذهبي إلى الأنهار البعيدة واتركي شيئا من توريتكِ، أستحمُّ به وأعلّقه على الزجاج المتساقط من إهابك، وأنتِ تمرين بخاطري كقصّة الجدّات القديمة، هكذا أُصغي لبوحكِ الذي يستنفذُّ رجولتي ويعبثُ بها، تركتكِ تهزميني حين تدثّرتُ بأنوثتكِ ونسيت غطائي، وانتصرتِ عليّ، لأنني خِطّتُ رايتي قفازاً لأصابعكِ المضرّجة بدمائي، وها أنا أحفرُ قبري بأسناني التي كانت شفاهُك تستحمّ بها، وأنتِ تعصرين لوعتي وتنشرينها في العراء، أرى شقائي في عيونكِ الماكرة وكلماتكِ التي لا تطاق، أراكِ تفترسين حيرتي ولا أملكُ سواها، شاهدي بُرقعك الجبانُ وثوبُك الذي تظلل نخيلَه توريتي، كنتُ أصنعُ من قصائدي سفناً تُقِّلني إليكِ، وأرتقي حقولَ صدركِ وأقطف فاكهتها، أرى كبريائي يتدحرجُ في ممراتها الضيقة وقطوفها دانية، رأيتكِ في الفيافي نسيماً بارداً يؤنس وحشتي، ويأخذُ بلحيتي، لم أبحثْ عنكِ بداخلي، ولم أهزّ شجرَ الوقتِ كي تتساقطي ساعاتٍ من ملل، بل اتكّأتُ عليكِ ونسيتِ إهابي بأزقّة شعرك وهو يضع لمساتهِ الأخيرة حين يطبقُ عليّ كجرحٍ قديم، دعيني أحدّق فيك كلّما أسقي نخيل ثوبك بقصائدي التي تستفزّ أنوثتَكِ وتعبثُ بها، فأنا لا أعيشُ الزمنَ بل أحملُه فوق كتفي وألقيه بأحضانكِ، ثُمّ أحدِّق فيك وأنثر الياسمين في الطرقات.

أخبار ذات صلة

Continue Reading

ثقافة وفن

ماذا أقولُ لغيمةٍ

زافَ الحمامُ، وكلُّ أنثى فتنةٌ زافَ الحمامُماذا أخبّئُ من كلامٍ في ضفافٍ لا تنامُ؟ماذا أقولُ لضحكةٍ رنّتْ وعينٍ

زافَ الحمامُ، وكلُّ أنثى فتنةٌ زافَ الحمامُ

ماذا أخبّئُ من كلامٍ في ضفافٍ لا تنامُ؟

ماذا أقولُ لضحكةٍ رنّتْ وعينٍ تكتبُ الخطواتِ من نغمٍ لينزلقَ الرخامُ

ماذا أقولُ لغيمةٍ نسجَتْ خرافتَها من الأحلام، حتى أدمنَتْ في الليلِ

وحشتَها ومزّقها الهُيامُ؟

جسَدي هنا، وأنايَ تركضُ في الزمانِ المرّ، أعشقُ أم أمرّرُ وحشتي للمُدنَفين، وكلّهم في الحبّ هاموا.

ماذا أقولُ لعاشقٍ يرثُ الرمادَ -كأنهُ وطنٌ هوَى-

لو أنني منفَى وذاكرَتي انتقامُ؟

أمشي على جسرِ الكلامِ مراوِغاً وطنَينِ من تعبٍ يُبعثرُني الكلامُ.

صقراً أطيرُ مع الحمامِ وليس يُنصفُني الحمامُ.

وأنا فراغُ الأرض يشربُني، فأمضي حالماً، ثملاً، بأن يحتلَّني فجرٌ،

وأن تغتالَني امرأةٌ الندَى في اللامكان، لكي أكونَ حكايةً منسيةً، تصحو ويجرحُها الغرامُ.

ويحفّني قلبٌ يطيرُ بزهرةٍ ظمِئتْ، وقلبٌ مستهامُ.

كونانِ لن يتجاوَرا، وطنٌ يطاردُ نجمةً، ومشردٌ نسيَ المكانَ، سماؤه

فرسٌ كبَتْ في هوَةٍ سوداء، وابتعدَتْ عن الشمسِ الخيامُ.

قلِقاً أُهرّبُ ما عشقتُ من النخيلِ، وأُوهِمُ الكلماتِ في ماكنتُهُ، ولداً

من الصحراءِ يهذي كلّما عرّتْ ملامحَهُ المضاربُ، يحتمي في ما

يُخلّفهُ الركامُ.

معذورةٌ عيناي، إذ رأَتا ازْرقاقَ البحرِ دفئاً، حين أغرتْني السفائنُ

وارتمَى فيّ الظلامُ.

كيفَ التلاقي بين منعطفَينِ مبتعدَينِ، قبّرتَينِ نافرتَينِ، مفردتَينِ جافلتَينِ، أخشَى أن أبارزَ نظرةً جذلَى فتكسرني السهامُ!

مِزَقاً أطيرُ وأنثني، وألومُ فوق الغيمِ من لا ينْثَني.

من ذا يُحبّ فلا يلومُ ولا يُلامُ.

أخبار ذات صلة

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .