أكدت وزيرة الثقافة المصرية الدكتورة نيفين الكيلاني أن اقتصاد المعرفة يمثل فرصة للعرب للمساهمة في عجلة الابتكار العالمية، والاستفادة من الفرص الاقتصادية الهائلة التي يتيحها، مشيرة إلى أن شبكات التواصل الاجتماعي حملت المعرفة الإنسانية إلى المجتمعات في بلدانها بسهولة، إلا أنها أحدثت ضرراً بالغاً وتحولت إلى أداة لفرض الهيمنة الثقافية، وإعادة تشكيل هويات الشعوب بطرق ناعمة.
جاء ذلك خلال الفعاليات الافتتاحية لأعمال اليوم الثاني والختامي من «المنتدى الدولي للاتصال الحكومي 2022»، الذي ينظمه المركز الدولي للاتصال الحكومي، التابع للمكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، في مركز إكسبو الشارقة تحت شعار «تحديات وحلول».
مستقبل الاقتصاد الإبداعي
وفي خطاب ملهم ألقته الكيلاني بعنوان «مستقبل الاقتصاد الإبداعي.. هل نحن مستعدون؟» تطرقت الوزيرة إلى الآثار الكبيرة الناجمة عن العولمة والانفتاح الثقافي، بشقيها السلبي والإيجابي، وكيفية استثمار الفرص المتاحة التي يوفرها اقتصاد المعرفة.
وقالت: «شهد العالم في العقود الأخيرة تطورات بالغة التعقيد، فقد حدثت طفرات غيرت مسيرة الحضارة الإنسانية، وأسهمت في بناء عالم تنصهر فيه الثقافة الإنسانية، لتظهر العولمة -في ظاهرها- كمرحلة انفتاح أتاحت للثقافات الإنسانية حرية التواصل، لكنها خلقت معها جوانب سلبية نحاول حتى الآن معالجة آثارها، خصوصاً في وطننا العربي».
وأضافت: «شبكات التواصل الاجتماعي هي إحدى الظواهر الناجمة عن العولمة، أصبحت منصات سهلة وسريعة تملك مقومات جذب للأجيال الجديدة، لكنها أحدثت ضرراً بالغاً بتغييرها لمدارك هذه الأجيال وذائقتها، فهذا التغيير فرض الهيمنة الثقافية وطمس هويات الشعوب، وأعاد تشكيلها من جديد بطرق ناعمة، حتى باتت تلك الشبكات مجتمعات موازية للمجتمعات الحقيقية».
وتساءلت: «هل نملك في عالمنا العربي رؤية قائمة للاستفادة من هذه الوسائل التكنولوجية المعاصرة، وهل نملك الخيار لاستثمارها وتحييد مخاطرها على مجتمعاتنا؟».
وأشارت وزيرة الثقافة المصرية إلى ضرورة التوازن في تقييم «وسائل التواصل الاجتماعي»، بوصفها إحدى منصات الاستثمار في الاقتصاد الإبداعي، فبقدر ما هي تستهدف ثقافتنا، فإنها تمثل قوالب لحمل المعرفة الإنسانية وإيصالها للمجتمعات في مختلف بلدان العالم بسهولة ويسر، لهذا نحن اليوم كعرب مطالبون بالدخول في دائرة الابتكار والإنتاج والتطوير لمواكبة التطور السريع في اقتصاد المعرفة، الذي كان يشكل حتى وقت قريب 7% من الناتج المحلي العالمي، وما زال ينمو بوتيرة كبيرة جداً.
وذكرت الوزيرة أن «المعرفة الإنسانية أصبحت في وقتنا الراهن رأسمال قادرا على توفير فرص العمل وتحقيق الرفاهية وبناء اقتصاد بالغ الأهمية والقوة، وبات الاستثمار في ابتكار التقنيات الجديدة والذكاء الاصطناعي ضرورة ملحة لما تحققه من مردودات اقتصادية وتنموية هائلة».
تحديات ثابتة
بدورها، قالت سعادة علياء السويدي، مدير المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، في كلمة ألقتها: «إن التحديات التي تواجه العالم تكاد تكون ثابتة ويمكن تلخيصها بالتحديات الاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية، في المقابل تظهر الحلول دائماً بصور متغيرة ومتجددة ومبتكرة»، مشيرةً إلى أن الحلول على اختلافها دائماً تكون حاسمةً في تحديد مصير العالم.
وأوضحت أنه لكي تحقق الحلول أثرها الملموس والفاعل، فإنها تحتاج إلى أدوات ومنهجيات متجددة، وآليات اتصال تتناسب مع المتغيرات التي تطرأ على ثقافة وأنماط حياة الجمهور في كل مرحلة، مشددة على أنه لا يمكن للأدوات القديمة أن تكون فعّالة دوماً في التعامل مع الجديد، خاصة عندما يتعلق الأمر بالاتصال الحكومي وأدواته المتغيرة المتأثرة بحركة الحياة.
وقالت السويدي: «إن ما شهده المنتدى الدولي للاتصال الحكومي خلال مسيرته من طرح أفكار وتناول قضايا وإطلاق مبادرات واقتراح حلول، يؤكد قدرة الاتصال الحكومي على التجدد، كما يؤكد أهمية استمرار مسيرته في البحث عن الحدود الفاصلة بين ما هو ثابت وما هو متغير، حتى نجعل من التحديات مجرد محطات للعبور الآمن، لا نخاطر فيها بمجتمعاتنا ومكتسباتنا».
«اللغة ليست خياراً»
وفي جلسة بعنوان «اللغة ليست خياراً» حاور محمد أبوعبيد الإعلامي ومقدم البرامج في قناة العربية مزنة نجيب بطلة تحدي القراءة العربي في دورته الرابعة، التي قدمت نصائح وتوجيهات لتعزيز القراءة لدى الناشئة، وتحدثت فيها عن كيفية تطور حب القراءة لديها بدعم من والدتها.
وقالت نجيب: «كانت والدتي تقرأ الكتب في البداية، ثم بدأت أقرأ بنفسي مع الاستعانة بوسائل التقنية لفهم المعاني التي لا أفهمها، وكنت أحب الاستماع للقصص كثيراً».
وأوضحت أنها بدأت في قراءة قصص الخيال العلمي، ثم انتقلت إلى الروايات عندما كبرت، مشيرة إلى أنها تقرأ الروايات التي تناسب عمرها وتحاول تصويب المفاهيم المغلوطة التي لا تناسب مجتمعها.
وبيّنت نجيب بأنها تقرأ من الكتب الورقية والإلكترونية، إلا أنها تفضل المطالعة من الكتاب الورقي، بسبب التجربة التفاعلية التي يمثلها ملمس الصفحات، ورائحته، التي تشكل بصمة مميزة لكل كتاب، وقالت: «إن الكتاب الورقي يضمن تفاعل القارئ وعدم تهربه من المطالعة كما هو الحال في الكتاب الرقمي، الذي يمكن إغلاقه والانتقال للعب أو مشاهدة الفيديوهات».
ولفتت إلى أنه على الرغم من قوة دور الوالدين في دعم أولادهم وتحفيزهم على القراءة، إلا أن المدرسة أيضاً لها دور كبير في تقدم الطفل ودعمه وتشجيعه على بلوغ أهدافه.
واختتمت نجيب الجلسة بنصائح وجهتها لأولياء الأمور لتشجيع أبناءهم على القراءة وجعلها ممارسة يومية لهم، مؤكدة أهمية عدم إجبار الطفل على القراءة، واختيار الكتب التي تلبي شغفه، والابتعاد عن الكتب التي لا تناسب فئته العمرية، ومحاولة مشاركته القراءة.