Connect with us

ثقافة وفن

نمر سعدي.. نصوصه نمو الليمون ووفرة الشِعر

«لم أكن ذا خيالٍ وقلبٍ جريئينِكي أتخلَّصَ من خجلي المتربِّصِ بيثمَّ أروي لكم ما سأروي لكم عن حقيقةِ ما عشتُ…»القراءة

«لم أكن ذا خيالٍ وقلبٍ جريئينِ

كي أتخلَّصَ من خجلي المتربِّصِ بي

ثمَّ أروي لكم ما سأروي لكم عن حقيقةِ ما عشتُ…»

القراءة تجعل سعادتي ممكنة على الرغم من التهديد المستمر من كلِّ ما حولي، إلا أنَّ ذلك لا يمنع استعدادي للسعادة. والقراءة كانت شعرًا هذه المرة، وعلى الرغم من أنني لستُ من هواة الشعر، وأعتقد كما الكثيرين غيري أنَّ هناك الغث الهائل الذي يطوف حولنا كدوامة إعصار، ربما بسبب الإسفاف بالكلمات التي يُجيزون تسميتها «شعرًا»، وهكذا لم يعد هناك متسع لقارئ لأنَّ جميع المقاعد محجوزة للشعراء والشاعرات…

لكن ثمة من يقدِّم لنا الكلمة بشكلٍ جارح ومجروح يطمح إلى الوضوح والمواربة في كلِّ كلمة، لكنَّه مغموسٌ في زحمة تلك الآلام الكبيرة، وهذا ما شعرتُ به حين قرأتُ للشاعر الفلسطيني نمر سعدي ديوان (وصايا العاشق) وديوان (نساء يرتِّبن فوضى النهار)..

ديوان (وصايا العاشق) جميل ورقيق جداً وغنيٌّ بالصور الشفافة، ولا يمكنني إخفاء افتتناني بمقتطفات كتبتها على الهوامش فورًا:

«يمرُّ بي شخصٌ غريبُ الحزنِ يقضم نجمةً فمُهُ»

«كنتُ ألمع النمشَ الخفيفَ النرجسيَّ»

«اعطني سبباً لأعرفَ

أنَّ ما أنا فيهِ ليسَ من التقمُّصِ

واعطني قلباً لكي أنسى

وأذهبَ في طريقِ البحرِ»

على الرغم من اختيار عنوان قصيدة (وصايا العاشق) عنواناً للديوان، إلا أنني كنتُ أفضِّل لو وقع الاختيار على (مزامير لحبق أيلول) لجمالها وتنوُّعها. ومع قصيدة (صمت) ستجد نفسك تصمت، وتمنح الهدوء بعض الرَّقة. وتسأل في قصيدة (من أنت) عن الفاعل المرهف، من أنت؟

أعتقد أنَّ هناك من تحدث عن ديوان (وصايا العاشق) خيرًا مني، ولن أكمل أو أضيف، لكن سأكتب ما شعرتُ به وفكرتُ فيه، فإضافةً للغة الرقيقة، هناك البعد عن الجموح بالصور الشعريَّة وهذا رائع جداً حتى لو كنَّا من فلسطين فالكلمة تكفي.. والأمر الآخر الجميل هو مزجُ الأساطير بالقصائد حيث لا تجد فيها تبجُّحًا أو إثقالًا للنص، بل بعض التمجيد والتذكير بسحر الأساطير وأبطالها وكل ذلك في سياق منساب منسجم.

كنتُ أسترق في كلِّ يوم بضع هنيهات للقراءة وإعادة القراءة، وكتابة ما يعجبني، قرأتُ أشعارًا ذات شذىً كشذى النباتات البريَّة، تأسرك بنبرات مقاطعها، وتنبئ عن شيء خبيء، وتعدك بالسكون تحت حفيف شجرة مزهرة، كثوب إلهةٍ، وربما كسقف الجليل…

«كُلُّ من كنتُ حدَّثتهُ عن صبايا الجليلِ ولم يكترثْ

لأنوثتهنَّ التي تترقرقُ كالأغنياتْ

كانَ يحيا بعينينِ مشدودتينِ إلى هُوَّةٍ

وبقلبٍ بلا حبقٍ طائشٍ وبلا ذكرياتْ»

هناك في فلسطين ينمو الليمون ويكثرُ الشعر، ولا أعرفُ إن كنتُ قرأتُ بعضه أم أقلَّ بقليل، حتَّى في قصائدهم تشعر وكأنَّ لديهم بيتًا يمكثُ هناك في مكان ما من غير إتمام، ولكنَّهم يواصلون الحديث عن إكمال بنائه، وإشاعة الحياة والحبَّ وزهور اللوز والنبيذ في حناياه.

«شوارعُ حيفايَ موحشةٌ بعدَ منتصفِ الليلِ

صامتةٌ..

وأنا لا أريدْ

أن أسافرَ وحدي إلى البيتِ منها بقلبٍ شريدْ

وحزنِ نبيٍّ

وعينينِ في روحِ عصفورتينِ

تضيئانِ ما لا يُضاءُ من البحرِ والليلِ..

أو بخريفٍ بعيدْ

ليلُ حيفا نهارٌ لهُ قمرٌ سابحٌ في الوريدْ»

كنتُ أتساءل هل يثق الشاعر بالوحي والإلهام؟ أم يترك الوعي يقوده عبر السبل الصغيرة خطوة خطوة؟ هل يتردد والكلمات تدور أمامه تعابثه بشقاوة متمرسة، ولكنَّه يصرُّ أن يخلع عليها ثوب العفويَّة؟ ليعود بعدها ويغرق التفكير بالأفكار العظيمة كي يتردد، ويتعلم التواضع بالكلمات.

«أعدُّ مسوَّدةً تلو أخرى

إلى الرقمِ الألفِ

ثمَّ أقولُ:

لمن كلُّ هذا الكلامِ الغريبِ عن الحبِّ؟

من خطَّ كلَّ الوصايا؟

أنا؟

أم تُراهُ صدى عاشقٍ يتقمَّصني؟

فأنا هامشيٌّ ولا أكتبُ الشِعرَ…

لا أكتبُ الشِعرَ..

لا وقتَ لي كي أحبَّ..

ولا صبرَ عندي

لأسألَ نفسي ولا كيْ أُجيبْ

طلعتُ كزنبقةٍ حيَّةٍ من رمادِ الحروبْ»

كم شعرتُ بجمال الصور، وخاصة صور النساء، في ديوان (نساء يرتِّبن فوضى النهار)! وأعتقد أنهن يرتِّبن فوضى العالم وليس فوضى النهار فقط، لذلك فهن عاديات، لكن ما إن تلمحهن مرة واحدة حتَّى تعلق تلك الصورة في ذاكرتك إلى الأبد.

الصبايا كبرنَ

البناتُ الصغيراتُ من كنَّ مثلَ العصافيرِ في الأمسِ صرنَ نساءً

قبائلَ من فضَّةٍ وينابيعَ، أشجارَ دفلى، حدائقَ ضوءٍ

نوافيرَ من زنبقِ الليلِ، أو أُغنياتٍ عن القمحِ والحُبِّ والاشتهاءِ

الصغيراتُ صرنَ عرائسَ…

وأسأل نفسي: لماذا يميل بعض الشعراء إلى فجاجة الصورة والمفردة؟ لماذا يفضلون الصور الحسيَّة المغرقة في (الإثارة)؟ هل يعتقدون أنّ رغباتنا تزداد اشتعالًا؟ لا أملك أجوبة، بل أجدني أصمت، وأرغب بشيء من النسيان.

لا أُصدِّقُ الشعراءَ المكتهلينَ كأشجارِ الخريفِ

المتجهمِّينَ كالتماثيلِ الكالحةِ

الذين يمضغونَ نفسَ الكلامِ

المؤدِّي إلى المساربِ الخلفيَّةِ لهبوبِ النحلِ

كنوعٍ من اللبانِ الرخيصِ

لا أُصدِّقُ حبرَ الأُنوثةِ السريَّ

ولا الشاعراتِ اللواتي يُجدنَ اجترارَ القصائدِ العذريَّةِ

عن وشمِ حُزمةِ السنابلِ على ربلةِ ساقِ المرأةِ /‏ النخلةِ

وعن فاكهةِ أجسادهنَّ المحرَّمةِ

لا أحد يعرف شيئًا عن المعنى الذي تمنحه قراءة الأثر الأدبي عند كلِّ قارئ، وأغلب القراء يرفضون المضاعفة والإضافة على ما يقرؤون، خاصةً إذا كان المقروء شعرًا، لأنَّ الانتقال من القراءة إلى الإضافة والمضاعفة والاقتراح يدخلهم في دوامة النقد، وهذا معناه فقدان شهيَّة القراءة. لذلك حين تقرأ بعض المقاطع ترى نفسك تعيدها وتستظهرها، تريد غرسها كما هي:

زهرةُ الحُبِّ مثلُ الحياةِ ومثلُ الكتابةِ

تبزغُ في آخرِ الليلِ من فجوةِ العدَمِ

يكفي للقارئ أنَّ يشعر بالجمال يطير من كلِّ الأنحاء كما الفراشة؛ وليس الجمال جمال الصور فقط، بل الدلالات والرموز والمفردات. وهنا يأتي الوضوح، لا ينتقص الوضوح من الكتابة، بل هو الكتابة نفسها، وكم من مرة أدخلنا الغموض في متاهة الهروب والردَّة. وتبقى حدود التلقي مرسومة بيد الشاعر، فالشاعر من يختار وضعها وبالتالي إقامة علاقة سهلة أو صعبة مع القارئ، وإن كانت صعبة سنصفها معشر القراء بأنّها عدوانية وانتقائية، لكنِّي أظنها المخيلة والمخيلة تصدم كما الواقع تمامًا.

آهِ يا وردتي العصبيَّةَ

يا طيرَ روحي المهاجرَ آخرَ هذا النهارْ

اطفئي جمرَ قلبي بناركِ يا لعنةَ الماءِ والجلَّنارْ.

Continue Reading

ثقافة وفن

كريم فهمي يفجر مفاجأة: ياسمين عبدالعزيز تعاني من «اضطراب فرط الحركة»

فجّر الفنان المصري كريم فهمي مفاجأة بشأن الفنانة المصرية ياسمين عبدالعزيز، كاشفاً عن معاناتهما من مرض اضطراب

فجّر الفنان المصري كريم فهمي مفاجأة بشأن الفنانة المصرية ياسمين عبدالعزيز، كاشفاً عن معاناتهما من مرض اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD).

وقال كريم فهمي خلال لقائه مع برنامج «كلمة أخيرة» الذي تقدمه الإعلامية لميس الحديدي، إنه يعاني هو وياسمين عبدالعزيز من مرض فرط الحركة، وإنه اكتشف ذلك خلال مشاركتهما معاً في تصوير مسلسل «وتقابل حبيب»، الذي عُرض في موسم دراما رمضان 2025.

وأضاف: «أنا وياسمين عندنا ADHD، وده بيظهر مثلاً في إننا ممكن نكون بنتكلم في حاجة مهمة جداً وفجأة تلاقيها راحت في موضوع تاني خالص، لازم ترجّعها تاني للموضوع، ياسمين طفلة فعلاً».

وأكد كريم أنه اكتشف إصابته بمرض فرط الحركة عن طريق الصدفة عندما كانت تعاني ابنته من قلة التركيز، قائلاً: «اكتشفت إن عندي ADHD بالصدفة لما بنتي كانت بتعاني من قلة تركيز، رحت أطّمّن عليها عند دكتورة، فقالت لي على فكرة حضرتك كمان عندك ADHD».

أخبار ذات صلة

واسترجع فهمي ذكرياته خلال الدراسة وقال: «لما الدكتورة فاجأتني بالتشخيص رجعت فلاش باك، فاكر وأنا صغير كنت قاعد في الفصل والمدرس بيشرح، بحسّ كأن ستارة نزلت قدامي ما كنتش بركز، زي جملة هو ذكي لو ركز».

وعن تأثير هذا الاضطراب على حياته، ردّ كريم: «التركيز بيكون قوي جداً في اللي بنحبه، بس لو حاجة مش حاببها خلاص تركيزي بيطير، لكن لما أحب حاجة بعملها بأقصى طاقة».

وتعاونت ياسمين عبدالعزيز مع كريم فهمي في موسم دراما رمضان 2025 من خلال مسلسل «وتقابل حبيب»، الذي دارت أحداثه في إطار اجتماعي رومانسي، والعمل من 30 حلقة، وضم مجموعة من الفنانين منهم خالد سليم، نيكول سابا، صلاح عبدالله، أنوشكا، حنان سليمان، محمد ياسين جونيور، إيمان السيد، بدرية طلبة.

Continue Reading

ثقافة وفن

مستوحاة من لف المومياوات.. تفاصيل إطلالة محمد رمضان الثانية في مهرجان «كوتشيلا»

كشفت مصممة الأزياء المصرية فريدة تمراز، تفاصيل تصميم الإطلالة الثانية للفنان المصري محمد رمضان خلال حفله الذي

كشفت مصممة الأزياء المصرية فريدة تمراز، تفاصيل تصميم الإطلالة الثانية للفنان المصري محمد رمضان خلال حفله الذي أقيم في مهرجان «كوتشيلا» العالمي بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث جاءت الإطلالة مكونة من جاكيت وبنطلون بتصميمين غير مألوفين.

وقالت فريدة تمراز، في بيان صحفي، إن الإطلالة الثانية لمحمد رمضان مصممة خصيصاً له واتسمت بالجرأة واكتست اللون الأبيض، مشيرة إلى أنها تجسد جوهر الابتكار العصري الممزوج بالأناقة الراقية.

وأوضحت أن السترة التي ارتداها محمد رمضان مصنوعة بالكامل من سحابات معدنية مصفوفة بدقة، تعكس جودة الخياطة ورؤيتها الفنية، ما يمنح التصميم طابعاً معمارياً فريداً.

وأضافت تمراز: «قمت بتنسيق السترة مع بنطال من الكتان المهيكل المصمم بطبقات منحوتة، وهو تصميم مستوحى من تقنيات لف المومياوات المصرية القديمة، أعدتُ تصوره ليكون رمزاً للحفاظ على التراث ودعم الأزياء المستدامة».

أخبار ذات صلة

ومن جانبه، دخل رمضان كعادته إلى الحفل بطريقة لافتة على أنغام أغنيته الشهيرة «نمبر ون»، وهو يجلس على كرسي ذهبي، ممسكاً بـ«الشيشة»، مرتدياً تاجاً فخماً وعقداً لامعاً من الماس، ليثير الجدل من جديد.

ومن أبرز لقطات الحفل، ألقى أحد المعجبين الحاضرين الجواز المصري لمحمد رمضان على المسرح، ليلتقطه رمضان على الفور ويقبّله ويضعه عند قلبه وعلى رأسه ويعيده مرة أخرى لصاحبه.

Continue Reading

ثقافة وفن

«أدبي الطائف» يُصدر «سيرة من رأى» للدكتور عثمان الصيني

أعلنت جمعية أدبي الطائف صدور كتاب «سيرة من رأى» للدكتور الأديب عثمان محمود الصيني، الذي يقدم فيه شهادته على مرحلة

أعلنت جمعية أدبي الطائف صدور كتاب «سيرة من رأى» للدكتور الأديب عثمان محمود الصيني، الذي يقدم فيه شهادته على مرحلة ثقافية واجتماعية لمدينة الطائف التي وُلد ونشأ وترعرع فيها، من خلال تجربته الإنسانية الثرية خلال سبعة عقود مضت.

أوضح ذلك رئيس مجلس إدارة جمعية أدبي الطائف عطا الله الجعيد، مشيراً إلى أن هذا الإصدار يُعد مدونة حياتية تفخر جمعية أدبي الطائف بطباعتها، وقال الجعيد: «هذه السيرة تعبر بنا إلى فضاءات ثقافية واجتماعية رحبة من خلال أكثر من 300 صفحة».

في مقدمة الكتاب يذكر المؤلف عثمان الصيني أن هذه هي سيرة من رأى وسمع، من عايش وأدرك، من تقاطع مع الأحداث إلى أن صار في حدقة عينها، لم يكن هو بطلها الأوحد أو همامها الذي لا يُبارَى، وإن شارك فيها بأدوار تختلف في حجمها وتأثيرها، ورافقه في هذه المسيرة أشخاص هم محل العقل والقلب والروح، غادر بعضهم مشهد الحدث في فترة معينة وغادرت أنا في فترات أخرى، في نهر جار متدفق ينساب حيناً بهدوء، وتصطفق مياهه أحياناً أخرى، وغادر كثير منهم الحياة إلى جوار رب غفور رحيم.

أخبار ذات صلة

وهي سيرة من رأى، وليست سيرة كل الناس في ذات الزمان والمكان، وإن كانت حيواتهم تتداخل وأحداث حياتهم تتشابك ومسيرتهم تتقاطع، وليست كذلك كتاباً في تاريخ الطائف أو مكة، ولا كتاباً استقصائياً يرصد كل وجوه الحركة الثقافية والاجتماعية، أو دراسة وقائعها وتحليلها، ولا هو كتاب عن تاريخ التعليم فيها، وإن كان يتضمن معلومات فريدة عن هذه الفترة أو تلك، تزداد كثافة أو تقل بحسب تقاطع من رأى ومن سمع منها، وهو كتاب لا يصدر أحكاماً قيمية على أشخاص أو أحداث وردوا في ثنايا السيرة، إنها ببساطة سيرة من رأى.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .