ثقافة وفن

«مقادير» شرارة الوعي الموسيقي في الأغنية السعودية

لم تكن الأغنية السعودية في السبعينيات مجرد تطوّر تلقائي، بل لحظة وعي فني تشكّل على يد قلة من الأسماء التي أدركت

لم تكن الأغنية السعودية في السبعينيات مجرد تطوّر تلقائي، بل لحظة وعي فني تشكّل على يد قلة من الأسماء التي أدركت مبكراً أن الصوت لا يكتمل بلا لحن يصنع روحه؛ في مقدمة هؤلاء، سراج عمر، الملحن الذي لم يقترب من الموسيقى بوصفها صنعة، بل كحسٍّ يُصغي لصوت الناس ويعيد ترجمته نغماً.

أشعل سراج لحظة الانعطاف الأولى، حين قدّم لحن «مقادير» بصوت الأرض طلال مداح؛ الذي لم يكن مجرد مغنٍ، بل كان صوتاً يحمل روح الأغنية السعودية إلى آفاق جديدة؛ بصوته العذب وإحساسه العميق، استطاع أن يمنح الكلمات حياةً، وأن يجعل الألحان تنبض بالمشاعر. كان أداؤه مزيجاً من الدقة والارتجال المدروس، حيث يضيف لمساته الخاصة التي تجعل كل الأغنية تجربة فريدة، وتميّزه بقدرته على إيصال المعاني بصدق لتلامس القلوب. كان طلال يخلق حالة فنية متكاملة؛ حيث يتناغم الصوت مع اللحن والكلمة ليصنع لحظة خالدة في ذاكرة المستمعين.

لم يكن نجاح «مقادير» مجرد صدفة، بل نقطة تحول في تاريخ الأغنية السعودية، حيث فتح سراج عمر الباب أمام ذائقة موسيقية جديدة تجمع بين الأصالة والانفتاح العربي. وشكّل مع طلال مداح ثنائياً متكاملاً، يعكس هوية محلية بصوت عالمي. امتدت بصمته إلى «أغراب»، «زمان الصمت»، و«آنستنا»، لتترسخ رؤيته الفنية في ألحان خالدة تحمل روح الإبداع.

أخبار ذات صلة

Trending

Exit mobile version