Connect with us

ثقافة وفن

محمد علي باشراحيل.. أيقونة عدن ومؤسس صحفها

يعد محمد علي باشراحيل رمزا من رموز الإصلاح والفكر التنويري والسياسة والتشريع والصحافة في الجنوب العربي بصفة عامة

يعد محمد علي باشراحيل رمزا من رموز الإصلاح والفكر التنويري والسياسة والتشريع والصحافة في الجنوب العربي بصفة عامة وفي عدن بصفة خاصة، بل حفر الرجل اسمه في صفحات تاريخ بلاده بمداد من ذهب بسبب أنشطته المتنوعة وعمله في سبيل حرية واستقلال ووحدة الجنوب العربي منذ خمسينات القرن العشرين، غير آبه بالمعوقات الكثيرة التي اعترضت طريقه أو هددته في حياة ولقمة عيشه. وتميزت حياته بالانشغال بقضايا «العدننة» والعروبة وغيرها من القضايا ذات التأثير على حياة ناسه، كما تميزت بتصديه لقضايا الحداثة وتنوير المجتمع وتحريره والارتقاء به بطرق عقلانية وبوعي تاريخي مدني عبر استخدام الكتابة الصحفية ونشر المؤلفات والمشاركة في الفعاليات والمنتديات. لذا ليس كثيرا عليه لو وصفناه بأيقونة عدن، الميناء الذي انفرد بميزات خاصة بفضل موقعه الجغرافي واحتكاكه المبكر مع العالم الخارجي وما زرعته الإدارة البريطانية فيه من قيم الحداثة والتمدن ومؤسسات المجتمع المدني عبر حكمها طيلة 129 عاما.

كتب عنه الباحث الدكتور قاسم المحبشي بصحيفة «عدن الغد» (29/12/2017) فوصفه بـ«مثقف عاش تجربته الثقافية لحظة بلحظة ونبعت أسئلته من موقف شخصي ملتزم ووعي عميق بالذات وبالآخر. وضدا من أولئك المثقفين الذين فضلوا العيش في أبراجهم العاجية، نجد في نصوصه نزوعا متقدا ورغبة جامحة في اقتحام دروب الفعل والممارسة ومناوشة مشكلات الحياة الواقعية للعدالة والحرية والتعليم وحقوق الإنسان وحرية المرأة في وطنه وفي العالم، إذ كان مسكونا بهاجس البحث عن الأسئلة التي تستوجب الطرح والنقاش وعن المسكوت عنه بما يستجيب لمقتضيات الواقع العربي والعالمي. لذا جاءت تجربته الوطنية السياسية والإعلامية مفعمة بالحياة لأنها نابعة من قلب مثقف قلق، حنكته الصعاب وأنضجته التجارب، وصقلته الممارسة وهذبته الآداب والعلوم».

وقال عنه محمد سالم باسندوه، الذي عرفه منذ عام 1948 وربطته به صداقة عمر، في ذكرى وفاته الـ15 سنة 2008 إن كل شيء فيه كان يدل على الاستقامة وعزة النفس وكرم الخلق وطيب المعشر وخفة الدم، وأناقة اللباس والتصرف. وأضاف: «لم أره يوما هازلا أو مبتذلا، أو اسمع منه لفظا جارحا. كانت الابتسامة لا تفارق شفتيه حتى في أحلك الظروف والمواقف، وكان له ذكاء حاد متوقد وعقل مرتب وقدرة على تحليل القضايا بدقة واستقراء النتائج قبل وقوعها».

ولد محمد علي عبدالله عمر باشراحيل في حي العيدروس بكريتر في عدن في الرابع من إبريل 1919 لأب حضرمي وأم يافعية هي السيدة لوله بنت حسن خالد. وبدأ تلقي جرعاته الأولى من التعليم من خلال الكتاتيب التقليدية في عدن، فأحسن القراءة والكتابة وتعلم مبادئ الحساب، ثم انتقل للدراسة في مدرسة خرجت جهابذة عدن وهي مدرسة البعثة التبشيرية الدانماركية بحي العيدروس والتي ارتبط اسمها بواحدة من أعظم مكتبات عدن ألا وهي مكتبة البعثة الدانماركية في كريتر.

بسبب الظروف المعيشية الصعبة لأسرته، اضطر أن يخرج إلى سوق العمل مبكرا. ففي الرابعة عشرة من عمره، وتحديدا في عام 1935، التحق للعمل بشركة البرق واللاسلكي كمتدرب على جهاز وشفرة مورس لإرسال المعلومات تلغرافيا. وبسبب موقع عمله بحي التواهي، انتقل والداه إلى هناك للإقامة إلى جواره. وفي عام 1941 قرر باشراحيل الزواج فاقترن بسعيدة محمد عمر الشيبة (جرجرة) التي شاركته بقية حياته وكانت خير سند وعون له.

وقتها طلب صاحبنا من رؤسائه في شركة البرق واللاسلكي البريطانية أن يمنحوه إجازة غير مدفوعة، إلا أن طلبه قوبل بالرفض، فما كان منه إلا تقديم استقالته. وكان البديل المتاح وقتذاك هو أن يعمل من داخل منزله في أعمال الترجمة وكتابة الرسائل التجارية بمقابل لمن يريد من رجال الأعمال والشركات. وقامت زوجته الشابة بتحمل جزء من أعباء الأسرة وتكاليف المعيشة من خلال بيع الأقمشة وخياطة الملابس للنساء والأطفال.

في خمسينات القرن العشرين، وباعتباره أحد الطلائع المتعلمة والمستنيرة اختير من قبل زملائه لرئاسة نادي الإصلاح العربي بعد أن كان نائبا لرئيس النادي، علما بأن هذا النادي تأسس سنة 1929 من قبل عدد من مثقفي عدن وشبابها بهدف محاربة الدجل والخرافات والجهل والعادات الدخيلة على المجتمع، ورفع مستوى الأخلاق الفاضلة، ونشر العلوم والمعارف، وتنشيط الحركة الثقافية، والسعي لتوظيف العاطلين في الدوائر الحكومية والخاصة، ورفع مطالب السكان الإصلاحية إلى حاكم عدن البريطاني، والسعي لإرسال الطلبة إلى الخارج، والضغط لإنشاء مدارس للفتيات والفنون والحرف والصناعات، وغيرها. وكان باشراحيل قد شارك قبل ذلك في تأسيس حلقة شوقي الأدبية في عدن سنة 1942، والتي كانت عبارة عن كيان ثقافي يهدف إلى رفع مستوى الثقافة والأدب والوعي الاجتماعي مشابه لكيانات عدنية مماثلة مثل مخيم أبي الطيب وكرمة أبي العلاء المعري.

أما سنة 1951 فقد شهدت مشاركته في تأسيس حزب الرابطة إلى جانب نفر من الصفوة العدنية المثقفة من أمثال محمد علي الجفري وشيخان الحبشي وسالم الصافي وأحمد عبده حمزة ورشيد الحريري وآخرين. وقد شغل باشراحيل في هذا الكيان السياسي عضوية لجنته التنفيذية، ثم راح يرتقي سلالمه حتى وصل إلى منصب نائب الرئيس. والمعروف أن حزب الرابطة يمتد حبله السري إلى ما قبل تأسيسه العلني بسنوات كجبهة وطنية عريضة مرنة تضم قيادات وطنية من ذات اليمين واليسار والوسط، خلافا لما أشيع عنه لاحقا حينما خيمت التوجهات الماركسية على الجنوب العربي.

وفي الفترة من عام 1952 إلى 1958، وانطلاقا من عشقه للعمل العام الهادف إلى خدمة وطنه ومجتمعه وناسه، اقتحم العمل البلدي من خلال حصوله على عضوية المجلس البلدي لعدن، حيث كانت حكومة مستعمرة عدن قد شرعت منذ عام 1949 في إجراء انتخابات بلدية لاختيار ثلاثة من أعضاء المجلس عن طريق الانتخاب وأربعة عن طريق التعيين المباشر للقيام بمهام الإشراف والمراقبة على خدمات الصحة والطرق والبناء والترفيه والأسواق. ومما لا شك فيه أن مشاركته في أعمال المجلس البلدي، بل توليه رئاسته، أكسبته الخبرة معطوفة على جرعات إضافية من محبة الناس فأقدم على ترشيح نفسه في أول انتخابات تشريعية عدنية في عام 1955، ففاز وأصبح أحد أعضائه العرب التسعة من بين 12 عضوا، حيث كان البرلمان مكونا من 12 مقعدا (9 للعرب العدنيين ومقعدان للصوماليين العدنيين ومقعد واحد للهنود العدنيين).

أبلى باشراحيل بلاء حسنا في البرلمان العدني من خلال عضويته في اللجان العاملة مثل اللجنة المالية ولجنة الأراضي، وأنجز عددا من المكاسب الموثقة للصالح العام، أبرزها المطالبة بجعل العربية لغة رسمية للبلاد فرضخت الإدارة البريطانية وجعلتها لغة رسمية إلى جانب الإنجليزية، وهو ما جعله محط الأنظار فدعي ليكون عضوا في مجلس أمناء مدرسة بازرعة الخيرية الإسلامية التي تعد من أقدم مدارس عدن والتي أنشأها سنة 1912 الشيخ محمد عمر بازرعة في كريتر، وخرجت أجيالا من الطلبة.

دخل باشراحيل أيضا مجال الإعلام، وكانت خطوة البداية من خلال مشاركته مع زوجته في برامج إذاعة عدن التي تأسست في 17 أغسطس عام 1954 تحت اسم محطة عدن للإذاعة كأول محطة من نوعها لتقديم خدمات إذاعية في مستعمرة عدن والمحميات البريطانية، وكثاني محطة إذاعية في الوطن العربي من بعد الإذاعة المصرية التي بدأت إرسالها سنة 1934م.

بعد ذلك فطن الرجل إلى أهمية الصحافة ودورها في تنوير العقول وتنشيط الحركة الثقافية والإبداعية ونقل كل ما هو حديث ومثير من أخبار وتطورات لشعبه، فطرق باب العمل الصحفي بتأسيس صحيفة أطلق عليها اسم الرقيب (صدر عددها الأول في 29 أكتوبر 1955)، وكان نصفها الأيمن باللغة العربية ونصفها الأيسر باللغة الإنجليزية. غير أنه شعر بعد ثلاث سنوات بأن عليه إصدار صحيفتين واحدة بالعربية وأخرى بالإنجليزية التي كان يجيدها ويهتم بها ويقرأ آخر إصداراتها، فأطلق صحيفة الأيام وشقيقتها صحيفة ريكوردر (recorder) اليوميتين المستقلتين في السابع من أغسطس 1958 من مبنى كان يضم مسكنه، ولهذا المسكن قصة وجدتها منشورة في صحيفة الأيام العدنية ومفادها أن باشراحيل حينما كان يترأس المجلس البلدي حصل على قطعة أرض ليبني فوقها مسكنه الخاص، لكن أوضاعه المالية حالت دون التنفيذ إلى حد أنه يئس وكاد أن يعيد قطعة الأرض لولا أن الله قيض له صديقه الشيخ عبدالله صالح المحضار الذي اقترح عليه أن يمنح الأرض للشيخ المقتدر محمد عوض باوزير ليبني عليها فيلتين، واحدة لنفسه والأخرى لباشراحيل.

وحول خط الصحيفتين، اللتين أطلقهما الرجل وتعرضتا للمتاعب والتضييق والإغلاق في فترات مختلفة سواء أثناء الحقبة الاستعمارية أو بعدها، قال الدكتور مسعود عمشوش مدير مركز الدراسات الإنجليزية والترجمة بجامعة عدن في ورقة علمية قدمها خلال فعاليات ندوة عن باشراحيل ومسيرته الصحفية والوطنية نظمها مركز عدن للدراسات والبحوث التاريخية والنشر سنة 2017، ما مفاده أن صاحبهما لم يتردد في أن يجعل منهما منبرا لجميع التيارات الوطنية على مستوى عدن والمحميات والوطن العربي بشكل عام.

والحقيقة أن صحيفة الأيام عاشت عصرها الذهبي تحت قيادة مؤسسها، مستفيدة من خبراته المتراكمة ورؤاه العقلانية من جهة ومن ظروف حقبة بروز مؤسسات المجتمع المدني في عدن ما قبل الاستقلال من جهة أخرى، الأمر الذي ساهم في احتلالها موقعا متميزا. ولعل ما حققته الصحيفة من نجاحات هو ما جعل باشراحيل يترك العمل الحزبي ويركز على العمل الصحفي وتوظيفه في تحقيق تطلعاته الثاقبة وترجمة أفكاره السديدة. واستمر كذلك حتى دخول عدن والمحميات في صراعات وحروب داخلية انتهت باستقلال الجنوب العربي عام 1967 وخضوعه لنظام حكم يساري شمولي منع التعددية الصحفية والملكية الخاصة وأصدر الأوامر بإغلاق الصحف المحلية وتأميمها. وقتها أدرك باشراحيل وغيره من النخب الوطنية الليبرالية من ساسة وإعلاميين ورجال أعمال أن الساحة لم تعد تسعهم وأن التعايش مع الأوضاع الجديدة لم يعد ممكنا فشدوا الرحال إلى المنافي الاختيارية. وعليه، تخلص باشراحيل من أصول مؤسسته الصحفية من مطابع وأحبار وأوراق وأثاث وأجهزة، وحمل عصا الترحال إلى شمال اليمن، حيث استقر به المقام هناك حتى قيام دولة الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990.

وعلى الرغم من أنه استبشر خيرا بهذه الوحدة وقت إعلانها، إلا أنه كان حذرا، خصوصا وأنه لئن كان من دعاة الوحدة والاتحاد منذ الستينات حينما تأسس النظام الجمهوري في اليمن، فإنه كان في الوقت نفسه ضد أي وحدة اندماجية مع الشمال تمحي هوية وخصوصية الجنوب. وفي هذا السياق قالت الباحثة أفراح سالم الحميقاني في ورقة قدمتها في ندوة مركز عدن 2017 المشار إليها آنفا ما مفاده أن باشراحيل حذر مبكرا «بأن على الجنوب العربي التنبه للنوايا غير الحسنة التي قد تحدث من قبل جمهورية اليمن»، في إشارة إلى تصريحات أطلقها آنذاك السيد محسن العيني، حينما كان يشغل منصب الممثل الدائم للجمهورية العربية اليمنية في الأمم المتحدة، ووصف فيها شعب عدن والمحميات بشعب جنوب بلاده المحتل.

والحقيقة أن موقف باشراحيل هذا لم يكن موقفه وحده، وإنما أيضا موقف شخصيات أخرى من مجايليه مثل محمد علي لقمان صاحب صحيفة «فتاة الجزيرة» العدنية، ومحمد علي البار صاحب صحيفة «الرائد» الحضرمية وأحمد عوض باوزير صاحب «الطليعة» الحضرمية، وغيرهم ممن انشغلوا بموضوع هوية الجنوب العربي ووحدته وعلاقته باليمن بعد طرد المستعمر.

وقد أثبتت الأيام صحة مخاوف الرجل المبكرة، لكن الأقدار رحمته فلم يعش ما حدث لاحقا من حروب واقتتال في صيف 1994 بين اليمنين. إذ إنه أسلم الروح إلى باريها في صباح يوم 21 فبراير 1993 بمنفاه في صنعاء ووري جثمانه الثرى في عدن لتلحقه رفيقة عمره وشريكة نضاله وكده، التي توفيت بعدن في 11 ديسمبر 2006.

وربما ما أراح الفقيد في قبره، هو أن إرثه الخالد ممثلا في صحيفة «الأيام» عادت إلى الصدور، من بعد غياب قسري، في السابع من نوفمبر 1990 على يدي نجليه هشام باشراحيل (توفي في ألمانيا بعد صراع مع المرض سنة 2012)، وتمام باشراحيل، حيث بدأت أسبوعية ثم تدرجت حتى أصبحت يومية مزدانة بالألوان ومنتشرة على نطاق واسع.

Continue Reading

ثقافة وفن

سعوديتان.. ومصري وصومالي في معرض الاتجاهات الأربعة

تنطلق غدا (الاثنين) فعاليات معرض الاتجاهات الأربعة الذي ينظمه أتيليه جدة للفنون التشكيلية لأربعة فنانين من السعودية

تنطلق غدا (الاثنين) فعاليات معرض الاتجاهات الأربعة الذي ينظمه أتيليه جدة للفنون التشكيلية لأربعة فنانين من السعودية ومصر والصومال، وهم: حنان الحازمي، وجواهر السيد من السعودية، وعاطف أحمد من مصر، وعبدالعزيز بوبي من الصومال.

ووفقاً لمدير الاتيليه هشام قنديل، سيقدم كل فنان تجربته الخاصة واتجاهه الخاص الذي يميزه عن أقرانه من الفنانين.

وتقدم الفنانة جواهر السيد 10 لوحات تمثل آخر تجاربها، التي يقول عنها الناقد تحسين يقين: «إن ما يميزها هذا التواصل اللافت بين النساء والأطفال، فضلا عن تعبير الألوان عن المشاعر بذكاء واحتراف».

وأضاف: «على شاطئ جدة الجميلة، أطالت الفنانة تأملاتها النفسية والاجتماعية، لتعبر عن ذلك خطوطا وألوانا، تتجاوز بها مكانها، لتعبر عن حال الإنسان اليوم في هذا العالم ذي النزعة الفردية».

وتقدم الفنانة حنان الحازمي 10 لوحات بأحجام مختلفة تجمع بين التعبيرية والتجريدية، وستضع في هذا المعرض أقدامها بقوة في المشهد التشكيلي السعودي. وحول تجربتها، قال الناقد المصري الدكتور حسان صبحي: «اعتمدت الفنانة حنان الحازمي على طرق تحليلية خاصة في إبداع التركيبات الفنية واستخدام أقل عدد ممكن من المفردات والوسائط التعبيرية ذات الكثافة والثقل في تعبيراتها البصرية لطرح نموذج طليعي يضيف إلى الفنون البصرية ويعلي عادات الرؤية لدى المشاهد، وهو أحد الاتجاهات المهمة التي تم التأكيد عليها في الفنون البصرية». ولفت إلى أن تلك الأعمال امتلكت طاقة مسالمة تكتنزها عناصرها وبناؤها التصميمي المشبع بطاقات التعبير والتفكير المفاهيمي.

أما الفنان المصري عاطف أحمد فيقدم 10 لوحات بأسلوبه الخاص المتمرد (ميكس ميديا) تمثل أحدث إبداعاته.

وعن أعماله قال الناقد صلاح بيصار: «أعمال عاطف تنحاز إلى الجموع من الفلاحين الذين يشكلون ملحمة الأمل والعمل، يتتبعهم في خُطاهم بعمق الدلتا من الحقل والحرث والحصاد».

أما الصومالي عبدالعزيز بوبي فهو عضو الجمعية السعودية للفنون التشكيلية (جسفت)، وتتميز تجربته كما يقول الناقد الدكتور عصام عبدالله العسيري بالنضج اللوني التجريدي الثقافي البصري العام.

وبملاحظة مفردات لوحاته سنجد استعارة رسوم وكتابات أرقام وحروف وخطوط ورموز وألوان وإشارات بصرية، يقدمها في تكوينات جميلة وجريئة وبديعة، لها قيم جمالية ثقافية، كالجداريات والمصغرات بألوان جذابة.

Continue Reading

ثقافة وفن

بحضور وزير الثقافة.. «روائع الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو

بحضور وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، اختتمت هيئة الموسيقى حفلة «روائع

بحضور وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، اختتمت هيئة الموسيقى حفلة «روائع الأوركسترا السعودية» في جولتها الخامسة بمسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية طوكيو، وذلك بمشاركة 100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، وبحضور عدد من المسؤولين ورجال الأعمال والإعلام، وحضور جماهيري كبير.

وأشار الرئيس التنفيذي لهيئة الموسيقى باول باسيفيكو، في كلمة خلال الحفلة، إلى النجاحات الكبيرة التي حققتها المشاركات السابقة لروائع الأوركسترا السعودية في العواصم العالمية، عازيًا ما تحقق خلال حفلات روائع الأوركسترا السعودية إلى دعم وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى.

وعدّ «روائع الأوركسترا السعودية» إحدى الخطوات التي تسهم في نقل التراث الغنائي السعودي وما يزخر به من تنوع إلى العالم عبر المشاركات الدولية المتعددة وبكوادر سعودية مؤهلة ومدربة على أعلى مستوى، مشيرًا إلى سعي الهيئة للارتقاء بالموسيقى السعودية نحو آفاق جديدة، ودورها في التبادل الثقافي، مما يسهم في تعزيز التواصل الإنساني، ومد جسور التفاهم بين شعوب العالم عبر الموسيقى.

وقد بدأت «الأوركسترا الإمبراطورية اليابانية – بوغاكو ريو أو» بأداء لموسيقى البلاط الإمبراطوري الياباني، وهي موسيقى عريقة في الثقافة اليابانية، توارثتها الأجيال منذ 1300 عام وحتى اليوم.

وأنهت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي الفقرة الثانية من الحفلة بأداء مُتناغم لميدلي الإنمي باللحن السعودي، كما استفتحت الفقرة التالية بعزف موسيقى افتتاحية العلا من تأليف عمر خيرت.

وبتعاون احتفى بالثقافتين ومزج موسيقى الحضارتين اختتمت الحفلة بأداء مشترك للأوركسترا السعودية مع أكاديمية أوركسترا جامعة طوكيو للموسيقى والفنان الياباني هوتاي وبقيادة المايسترو هاني فرحات، عبر عدد من الأعمال الموسيقية بتوزيع محمد عشي ورامي باصحيح.

وتعد هذه الحفلة المحطة الخامسة لروائع الأوركسترا السعودية في العاصمة اليابانية طوكيو، بعد النجاحات التي حققتها في أربع محطات سابقة، كانت تتألق في كل جولة بدايةً من باريس بقاعة دو شاتليه، وعلى المسرح الوطني بمكسيكو سيتي، وعلى مسرح دار الأوبرا متروبوليتان في مركز لينكون بمدينة نيويورك، وفي لندن بمسرح سنترل هول وستمنستر.

وتعتزم هيئة الموسيقى استمرارية تقديم عروض حفلات “روائع الأوركسترا السعودية” في عدة محطات بهدف تعريف المجتمع العالمي بروائع الموسيقى السعودية، وتعزيزًا للتبادل الثقافي الدولي والتعاون المشترك لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تتقاطع مع مستهدفات هيئة الموسيقى.

Continue Reading

ثقافة وفن

الشاعر علي عكور: مؤسف أن يتصدَّر المشهد الأدبي الأقل قيمة !

الحديث مع الشاعر علي عكور في الكتابة الإبداعية حديث ممتع، وممتدّ، له آراؤه الخاصة التي يتمثلها في كتابته الأدبية،

الحديث مع الشاعر علي عكور في الكتابة الإبداعية حديث ممتع، وممتدّ، له آراؤه الخاصة التي يتمثلها في كتابته الأدبية، يعتد كثيراً بتجربته، ويرى أنّه قادر على الاختلاف؛ لأنّ مفاهيمه للكتابة تتغيّر مع الوقت.

لم يولد -كما قال- وإلى جواره من يمتهن أو يحترف الكتابة، ولم يكن الوسط الذي نشأ فيه يُعنى كثيراً بالأدب أو الثقافة بعمومها، ما يتذكره علي أنّه في أواسط عقده الثاني وقع على نسخةٍ من كتاب (المنجد) للويس معلوف، لا يعلم كيف وصلت إليه هذه النسخة العتيقة من الكتاب، لكنه شُغِف بها وبالعوالم التي تَفَتَّحت أمامه في هذا المعجم.

وجد الشاعر علي عكور نفسه ينجذب كالممسوس إلى الأدب بكل ما فيه من سحر وغموض وجلال، لكنّ الشعر العربي أخذه حتى من ألف ليلة وليلة؛ الذي انجذب إلى الشعر المبثوث في ثنايا الكتاب أكثر من السرد رغم عجائبيته وسحره!

الكثير من رحلة الشاعر علي عكور مع الأدب والكتابة الإبداعية في هذا الحوار:

‏ • حدّثنا عن علاقتك بالشعر والأدب بشكل عام.. كيف بدأت؟

•• بدايةً أودّ القول، أنه لم يكن في محيطي من يمتهن أو يحترف الكتابة، ولم يكن الوسط الذي نشأتُ فيه يُعنى كثيراً بالأدب أو الثقافة بعمومها. أتذكر أنني في أواسط العقد الثاني من عمري وقعتُ على نسخةٍ من كتاب (المنجد) للويس معلوف. لست أعرف كيف وصلت إلينا هذه النسخة العتيقة من الكتاب، لكنني شُغِفتُ بها وبالعوالم التي تَفَتَّحت أمامي بعد الاطلاع على هذا المعجم. وشيئاً فشيئاً، وجدت أنني أنجذب كالممسوس إلى هذا العالم الرحب، بكل ما فيه من سحر وغموض وجلال. وأثناء تجوالي في عوالم الأدب أُخِذْتُ بالشعرِ العربي وبإيقاعيّة الجملة الشعرية فيه. حتى عندما وقع بين يديّ كتاب (ألف ليلة وليلة)، لم أنجذب إلى السرد رغم عجائبيته وسحره، بقدر ما انجذبتُ إلى الشعر المبثوث في ثنايا الكتاب. وأتذكر أنني كنت أتجاوز الصفحات وأقلّبها بحثاً عن بيتٍ أو بيتينِ من الشعر.

• لمن تدين بالفضل في الكتابة؟

•• أودّ أن أدين بالفضل إلى أحدٍ ما، لكنني حين أمَرّر بداياتي على الذاكرة، لا أتذكّر أحداً بذاته، آمن بي أو رأى في ما أقوم به بدايات واعدة لمشروع ما. كل ما هنالك أنني كنتُ أتلقى ثناءً عابراً إذا كتبتُ شيئاً جيداً. على أنني لا أقلّل من هذا الثناء، فقد كان ذا أثرٍ كبير في دافعيتي، وديمومة شغفي بالكتابة. هذا فيما يخص البدايات، أما الآن فأنا أدين بالفضل لأسرتي ولزوجتي خاصة، فهي داعم كبير لي على طول هذا الطريق، وتتحمل عن طيب خاطر الأعباء التي يُخلّفها انشغالي بالكتابة وهمومها.

• شاعر كان تأثيره كبيراً عليك.

•• لا يمكن تتبّع الأثر بسهولة في هذا الشأن؛ لأنه غالباً يكونُ قارّاً في اللاوعي. لكن إذا كان السياب يرى أنه تأثر بأبي تمام والشاعرة الإنجليزية إديث سيتول وأنه مزيج منهما، فأنا أرى أنني تأثرت كثيراً بسعدي يوسف ومحمود درويش، وأشعر أنهما يلتقيان بطريقة ما، في الكثرة الكاثرة مما أكتب.

• كيف للشاعر أن يكتب قصيدته وفق رهان المستقبل وليس للحظة التي يعيش فيها؟

•• في الغالب لا توجد كتابة لا يمكن تجاوزها. وما يُعبّر عنك الآن قد تجد أنه لا يُعبّر عنك غداً. أعتقد أن الرهان الحقيقي هو أن نكتب شيئاً يستطيع أن يصمد أمام عجلة الزمن. ربما إحدى الحيل التي يمكن أن نمارسها هي أن نكتب نصوصاً أكثر تجريداً وانعتاقاً من قيود الزمان والمكان، وأن نتخفّف من الكتابة تحت تأثير اللحظة الراهنة والحدث المُعاش.

• الملاحظ أنّ هناك إصدارات متشابهة في الشعر والقصة لشعراء وكتاب قصّة، وإن تعددت عناوينها، لكنّ التجربة لم تختلف.. ما تأثير هذا على الإبداع والقارئ كذلك؟

•• صحيح، هذا أمر ملاحظ. هناك من يصدر عشرة دواوين، وعند قراءتها لا تجد اختلافاً بينها، لا من حيث الثيمات ولا من حيث طريقة التناول، لتفاجأ أن هذه الدواوين العشرة هي في الحقيقة ديوان واحد طويل. الكاتب أو الشاعر الذي لا يتجدد يخاطر بمقروئيته ويخسر رهانه الشخصي. إما أن تقول شيئاً جديداً أو شيئاً مألوفاً بطريقة جديدة، لكن لا تقل الشيء نفسه بالطريقة نفسها، حتى لا تعطي فكرة أنك لا تأخذ مشروعك بما يستحق من جدية واهتمام.

• تنادي بأهمية تصدّر الأدب الجاد والأصيل المنصات.. أولاً: من يحدد ماهية الأدب الجاد؟ ثانياً: هل المرحلة تساعد في أن يتصدّر الأدب أيّاً كان المنصات التي كثرت وكثر مستخدموها والمؤثرون فيها؟

•• النقّاد والقرّاء النوعيّون، هم من يحددون ماهيّة الأدب الجاد ويُعلون من قيمته. مؤسف أن يتصدر المشهد الأدبي الأقل قيمة، بينما يبقى الأدب الأصيل في الهامش. في الأخير نحن مسؤولون عن تصدير ثقافتنا، وما نتداوله ونجعل له الصدارة في منصاتنا ومشهدنا، هو ما سيُعبّر عنّا وسيكون عنواننا في النهاية. وبالتالي لنا أن نتساءل بصدق: هل ما صُدِّرَ ويُصَدّر الآن، يُعبّر عن حقيقة وواقع الأدب والثقافة في بلادنا؟

• لديك مشكلة مع المألوف والسائد، وتطالب بسيادة الأدب الفريد والمختلف.. هل لدينا اليوم ذائقة خاصة يمكنها إشباع الذائقة العامة؟

•• يمكن الاتفاق في البدء أن تغيير شروط الكتابة هو في المقابل تغيير لشروط التلقي، وأن كل كتابة أصيلة ومختلفة ستصنع قارئاً مختلفاً. كل كتابة جادّة ستصنع قارئها، وهذا هو الرهان الحقيقي. أما المألوف والسائد فإنّ القارئ مصابٌ بتخمة منه. كل كتابة في المألوف والسائد هي ابنٌ بارٌّ للذاكرة لا للمخيّلة؛ الذاكرة بوصفها مستودعاً لكل ما قرَّ واستقرّ فيها وأخذ مكانه المكين. والمخيّلة بوصفها انفتاحاً على المتجدّد واللانهائي.

• ماذا يعني لك فوزك بالمركز الأول في مسابقة التأليف المسرحي في مسار الشعر؟ وماذا تعني لك كتابة الشعر المسرحي؟

•• سعدت كثيراً بالفوز، سيما أن المسرحية تتحدث عن شخصية أحبها كثيراً: شخصية ابن عربي؛ تلك الشخصية التي عشت معها طيلة ثلاثة أشهر (وهي مدة كتابة العمل)، تجربة روحية وروحانية بالغة الرهافة، فقد استدعت الكتابة عن ابن عربي، العودة إلى قراءة سيرته وأجزاء من أعماله التي حملت جوهر فكره وعمق تجربته الصوفية. وبالانتقال إلى الجزء الثاني من السؤال، أقول إن كتابة الشعر المسرحي عمّقت من مفهومي للشعر وإيماني به وبقدرته على التحرك في مناطق جديدة، يمكن استثمارها على نحو جيد ومثرٍ، إذا ما تعاملنا معها بجدية.

• أما زلت تبحث عن دار نشر تطبع لك ديوانك الجديد دون مقابل مادي تدفعه؟

•• استطعت التواصل مع أكثر من دار، وقد رحبوا بالديوان والتعاون من أجله. لا ضير في كون دور النشر تبحث عن الربح، فهذا من حقها، وهذه هي طبيعة عملها. كل ما أنادي به أن تكون هناك جهة حكومية تشرف عليها وزارة الثقافة، تقوم بطبع الأعمال الجادة التي تعبّر عن حقيقة الأدب السعودي وواقعه.

• جاسم الصحيح قال عنك إنك لست شاعراً عابراً، وإنما شاعر ذو موهبة كبرى تتجاوز المألوف والسائد.. ماذا تعني لك هذه الشهادة؟•• جاسم اسم كبير في المشهد الثقافي وتجربة مرجعية في الشعرية العربية الحديثة، وأن تأتي الشهادة من قامة كقامة جاسم الصحيح لا شك أنها شهادة تدعو للابتهاج والنشوة، إضافة إلى ما تلقيه عليّ من عبء ومسؤولية كبيرة.

• كيف يكون المؤلف الجاد والرصين رأس مال لدور النشر؟

•• تمهيداً للإجابة عن السؤال، لا بد من القول إن الرساميل الرمزية أحياناً تكون أهم وأكثر مردوداً من القيمة المادية. بالنسبة لدور النشر، يُعد الكاتب الجاد رأس مال رمزياً مهمّاً؛ لأنه يبني لها سمعة في الوسط الثقافي. إذا أرادت دور النشر أن تستثمر في سمعتها، فإن أسرع طريقة هي استقطاب كتاب أصحاب مشاريع جادة، مقابل أن تطبع لهم بمبالغ رمزية على الأقل.

• كتبتَ الشعر بأشكاله الثلاثة ومع ذلك ما زلت ترى أنّ الوزن ليس شيئاً جوهرياً في القصيدة.. ما البديل من وجهة نظرك؟

•• نعم الوزن ليس شيئاً جوهريّاً في الشعر. ونحن حين نقول الوزن نقصد بطبيعة الحال الأوزان التي أقرها الخليل بن أحمد. الحقيقة أن الأوزان جزء من الإيقاع، أو بمعنى آخر، هي إحدى إمكانات الإيقاع وليس الإمكانية الوحيدة، وما دامت إحدى تجليات الإيقاع وليس التجلي الوحيد، فمعنى ذلك أن الإيقاع أعم وأشمل وأقدم. وعليه فإن الإيقاع هو الجوهري وليس الوزن. والإيقاع يمكن أن يتحقق في قصيدة النثر مثلاً، عبر حركة الأصوات داخل الجملة الشعرية. وهناك حادثة دالة وكاشفة أنهم حتى في القديم كانوا يدركون أن الشعر بما فيه من إيقاع يوجد أيضاً خارج أوزان الخليل، إذ يُروى أن عبدالرحمن بن حسان بن ثابت دخل على أبيه وهو يبكي، وكان حينها طفلاً، فقال له: ما يبكيك؟ فقال: لسعني طائر، فقال: صفه، فقال: كأنه ملتف في بردي حبرة. فصاح حسان: قال ابني الشعر ورب الكعبة. هذه القصة المروية في كتب الأدب تكشف بجلاء أن الشعر أوسع من مجرد الوزن والتفاعيل.

• أنت تقول: لا شيء يسعدني ككتابة الشعر الجيّد.. ما مواصفات الشعر الجيّد؟

•• لا أملك ولا يحق لي ربما الحديث عن الشعر الجيد بإطلاق؛ لأن في هذا ادعاءً كبيراً، لكن يمكن الحديث عما أراه أنا أنه شعر جيد؛ أي في حدود رؤيتي فقط. كل شاعر يكتب الشعر بناءً على ما يعتقد أنه شعر، وعليه فإن الشعر الجيد -كما أراه- خرق لنمطية اللغة وبحث جاد عن اللامرئي في المرئي، ومن مواصفات النص الجيد أن يتقاطع فيه الفكري بالوجداني، وأن يكون نتاج الحالة البرزخية بين الوعي واللاوعي. طبعاً إضافة إلى ضرورة أن يتخلص من المقولات السابقة، وأن يعمل في تضاد مع الذاكرة والثقافة؛ لأنهما يفرضان السائد والمألوف وكل ما هو قارّ في الذهن.

• العودة الملاحظة للشذرات كتابة وطباعة.. إلام تعيدها؟

•• الشذرة في رأيي هي رأس الشعرية. حَشْد كل هذا العالم بمستوياته وتناقضاته ورؤاه في بضع كلمات أمر بالغ الصعوبة على مستوى التكنيك، لكنه مثير وممتع حين تدخله كمساحة للتجريب وتحدي إمكانياتك. أيضاً جزء من اهتمامي بالشذرة يعود إلى افتتاني بالمشهدية وتأمل الفضاءات البصرية واستنطاقها. إضافةً إلى ما في الشذرة من تداخل أجناسي يزيدها ثراءً وغنى. وعلى مستوى آخر أعتقد أن الشذرة بحجمها وبنيتها أكثر تمثيلاً لحياتنا المعاصرة التي أشبه ما تكون بلقطات متتابعة ومنفصلة في فضاء بصري، يجمعها سياق عام. وأخيراً لا أنسى أن منصة (إكس) بما كانت تفرضه من قيود تقنية قد أسست لتجربتي في الكتابة الشذرية وصقلتها.

• الشاعر أحمد السيد عطيف اختلف معك في شكل القصيدة، ورأى أنّ الشكل لا يجعل الكلام جميلاً ومؤثراً.. فيما ترى أنت أنّ الكتابة على نمط القصيدة القديمة تقليد وليس إبداعاً.. هل المشكلة في الشّكل أم في أشياء أخرى؟

•• نعم، كان الحديث في هذه الجزئية عن القصيدة العمودية، وعن كتابتها بصياغة تقليدية مغرقة في القدامة. النقد الحديث على عكس القديم، لا يفصل بين الشكل والمضمون، ولكتابة نص حديث لا بد من تحديث الشكل؛ لأننا لا يمكن أن نتحدث عن مضمون ما بمعزل عن الشكل، إذ إن الشكل يخلق مضمونه أيضاً. طبعاً لا أقصد بتحديث الشكل استبدال القصيدة العمودية بشكل آخر، بل أقصد التحديث من داخل الشكل نفسه. تجديد الصياغة وتحديث الجملة الشعرية ذاتها لتكون قادرة على التعبير عن الرؤى الجديدة.

• لماذا ترى أنّ كتابة قصيدة النثر أصعب من كتابة قصيدة عمودية أو تفعيلة؟

•• السبب في رأيي أن النص العمودي والنص التفعيلي لديهما قوالب إيقاعية جاهزة تجعل من مهمة الخلق الشعري مهمة أقل صعوبة. بينما في قصيدة النثر أنت تعمل في منطقة أقرب ما تكون إلى الشكل الهلامي. قصيدة النثر ملامحها أقل حدة ووضوحاً من الشكلين السابقين، وعليه فإن كتابتها تحمل صعوبة أكبر؛ لأن لكل نصٍّ قالبه الخاص الذي عليك أن تخلقه من العدم.

• كيف يمكن للشاعر أن يكون رائعاً؟

•• يكون كذلك إذا كان أصيلاً؛ أي معبراً عن صوته الخاص، ولحظته الراهنة، ومنغمساً بالكامل في تفاصيل عالمه، طبعاً دون أن يفقد قدرته على الاتصال بالوجود والكون.

• النصوص القصيرة التفعيلية التي كتبتها وترغب في نشرها مرفقة برسوم إبداعية.. ماذا عنها؟

•• هي أربعون نصّاً، تحمل خلاصة تجربتي في كتابة الشذرة الشعرية، وهو تنويعٌ على تجربتي الشعرية عموماً. تعاونت في هذا المشروع مع الرسامة السورية القديرة راما الدقاق. والعمل الآن في مرحلته الأخيرة، وسيُنشر خلال الشهرين القادمين.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .