Connect with us

ثقافة وفن

في دنيا القراءة.. انطباعات ليست ملزمة لأحد أبدا

في دنيا القراءة، أحيانا يأسرك كتاب واحد لكاتب ما، ومهما قرأت له من كتب فيما بعد، ومهما راق لك ما كتبه فيما بعد،

في دنيا القراءة، أحيانا يأسرك كتاب واحد لكاتب ما، ومهما قرأت له من كتب فيما بعد، ومهما راق لك ما كتبه فيما بعد، تظل أسيرا لذلك الكتاب أكثر مما سواه.. مثلا قرأت لماركيز «مئة عام من العزلة» و«سرد أحداث موت معلن» و«خريف البطريك» و«ليس لدى الكولونيل من يكاتبه» و«الحب في زمن الكوليرا»، أحببتها جميعا وإن بدرجات متفاوتة، لكني وجدت نفسي مغرماً أكثر بـ«ليس لدى الكولونيل من يكاتبه» ربما بسبب تعاطفي مع ذلك الكولونيل العجوز المتقاعد الذي كان شديد التهذيب طيلة أحداث الرواية والذي بدا لي كما لو كان بركانا مغطى بوردة انفجر في خاتمتها حين وجد نفسه يائسا من نيل حقوق تقاعده رغم «مشاويره» المضنية -بغية الحصول على تلك الحقوق- في الريح والبرد والوحل والقيظ والمطر، ليصف -من دون تحفظ- هذه الدنيا غير المنصفة بأنها «محض فضلات».. عبدالرحمن منيف قرأت له «مدن الملح»، «شرق المتوسط»، «الأشجار واغتيال مرزوق»، و«قصة حب مجوسية» وإذ بهذه الأخيرة تسكنني عميقا وتحتل وجداني أكثر من سواها من روايات منيف، هل لأنها تفوح بعطر عشق اندلع فجأة كحريق، تاركة لك وأنت تقرأ بنهم غير عادي لوعة نادرة تكتشف فيما بعد أنها لن تغادرك أبدا حيث لحظة اللقاء العذبة ذاتها تستحيل لحظة وداع مرير؟

هل لأنها «حكاية» إنسانية بسيطة، مكتوبة بحبر القلب في ركن هادئ قصي، بعيدا عن ضجيج الشعارات وصخب الأيديولوجيا وإلحاح وهم قديم يهجس بوضع التاريخ محل الفن، وهنا -إذا استمرأنا ذلك- لن نقبض إلا على الغبار وعلى قليل من سراب دامس.. نعم، وفي السياق نفسه، وبسبب تلك البساطة العميقة ذاتها سكنتني رواية «زهر الليمون» لعلاء الديب.. هنا نرفع القبعة لبساطة السرد الذي يعمل تحت شروط الفن والإبداع وليس تحت أي شرط آخر، هذه الرواية -التي تتناول حياة مثقف عربي محبط ومنكسر بعد أن أضحت أحلامه الكبيرة محض شظايا- ورغم أني قرأتها باكرا ظلت ذات سطوة على ذاكرتي التي أتهمها دائما بأنها مثقوبة، هذه الرواية أيضا جعلتني أثق في اسم علاء الديب -فيما بعد- حين وجدته مضيئا على غلاف كتاب «الحكمة التاوية» بوصفه مترجما لتجليات الحكيم الصيني لاوتسو، وبحبر علاء الديب هذا تحديدا أحببت تلك التجليات القصيرة العميقة الآسرة الصادرة عن دار سعاد الصباح..

الحكيم الصيني لاوتسو نفسه، جاء إلينا محمولا على نسمة البساطة العميقة ذاتها، أليس هو ذلك الرجل البسيط الذي كان يجوب تلك القرى المتاخمة للحدود، فيما يمتطي ظهر حمار هزيل، محدقا في السماء ومطلقا دون تكلف تجلياته الملامسة للروح، تجلياته المنقذة للإنسان من كآبة الطين، وما تقترحه الأقفاص المعتمة والأقواس الضريرة والأفكار الناجزة، فذاعت وشاعت في الفضاء الإنساني كله، مهاجرة كأنها الضوء من لغة إلى أخرى، ومن بقعة جغرافية إلى أخرى، وظلت حية رغم سطوة الزمن وضراوة التاريخ.

أمين معلوف قرأت له في البدء «سمرقند» وبعد ذلك قرأت «ليون الأفريقي» و«صخرة طانيوس» و«البدايات» إلخ.. لقد أحببت جميع هذه الروايات لمعلوف لكن «سمرقند» ظلت هي الأثيرة عندي رغم اتكاء معلوف على وسادة التاريخ في هذه الرواية وفي الكثير من رواياته، لكنه اتكاء فنان ذي حبر رشيق يحسن كيف يضع حدا بين المؤرخ الذي يظل مرتهنا لجفاف المادة التاريخية والمبدع الفنان الذي ينظر إلى الأحداث بقلب يصوغ من الطين وردة، ومن الوحول أقمارا.

أورهان باموق سرقتني روايته «اسمي أحمر» من ذاتي وعالمي وجدراني ومشاغلي وأخذتني بعيدا، فيما رواياته الأخرى لم تستطع أن تفعل بي ما فعلت «اسمي أحمر»، يعود هذا، ربما، إلى كونه اتكأ على الفن، مشتغلاً بفطنة المبدع وليس بصرامة المؤرخ مادته السردية التي تمر عبر فضاء فني مفتوح، ضاربا بعرض الحائط سلطة ذلك العقدي المتزمت الذي ينظر إلى الرسم بعينين تقدحان شررا، وإلى الجمال بوصفه غواية.

الطيب صالح قرأته بمحبة كبيرة، قرأت جميع أعماله بما فيها مجموعته القصصية الوحيدة «دومة ود حامد»، وتلك السيرة المدهشة الوحيدة بعنوان «منسي»، صحيح أنا منحاز لكل ما كتبه الطيب لأنه فنان كبير بمقدوره أن يعيش في الهامش ويكتب في الواجهة، لكني وجدت نفسي أكثر انحيازا لروايته الفاتنة «مريود»، فهو هنا استثمر في مادة غنية هي الأسطورة، لكن استثماره هذا لم يكن بصيغة القص واللصق كما هو حال عدد من الكتاب العرب مع الأسطورة، استعانة الطيب بالأسطورة تمت بذكاء، وبدربة، وبحس عال لسارد كبير عرف كيف يوظف الأسطورة لتشييد منجز سردي مذهل يبقى في الزمن اسمه «مريود». أقول هذا وأضيف: لقد سررت كثيرا حين وجدت محمد شكري يقول بهذا الرأي أيضا وهو رأي موثق، إذ ورد في كتابه الجميل «غواية الشحرور الأبيض».

ناظم حكمت قرأت له الأعمال الشعرية الكاملة، لكني لم ألمس وهجه الشعري كاملا، ولست أدري هل حدث هذا بسبب عطب في الترجمة؟ مع أن المترجم هو سيد الترجمة البارع والشامخ صالح علماني، أم يعود لأسباب أخرى يأتي في مقدمها هواجس النضال التي تتلبس الشاعر فيما هو يكتب قصيدة للجمال، فتفسد علينا هذه الهواجس متعة التلذذ بالشعر صافيا، ألم يعترف محمود درويش بشجاعة نادرة بأن «الشعار انتصر على الشعر»، الأمر الذي جعله يستبعد قصيدته الشهيرة جدا «عابرون في كلام عابر» من أي ديوان، واكتفى بنشرها في كتاب نثري يحوي عددا من المقالات كان قد نشرها في مجلة «اليوم السابع» التي قضت نحبها منذ زمن ولا نعلم الأسباب، مع أنها -وأعني هنا قصيدة درويش- نالت إعجاب قطاع واسع من القراء وأثارت ضجيجا هائلا في عالمنا العربي حينذاك.

بالمختصر المفيد أقول: لقد أحببت سيرة ناظم حكمت «الحياة جميلة يا صاحبي»، كما شغفت بمشاهداته الإنسانية التي جاءت في أربعة أجزاء، وهي أعمال نثرية، أكثر بكثير من أعماله الشعرية، وهو الأمر الذي أكده بحدة الشاعر بدر شاكر السياب في كتابه الصاخب «كنت شيوعيا» فأقام عليه الدنيا ولم يقعدها.. الأمر ذاته حدث لي مع بابلو نيرودا، حين قرأت ديوانه «النشيد الشامل» لم ترق لي كثيرا نصوص هذا الديوان الذي يتغنى فيه بأبطال تاريخيين في تشيلي وفي أمريكا اللاتينية، لكني شغفت حبا بديوان آخر يحوي قصائد حب في حبيبة القلب «ماتيلدا»، نعم شغفت بهذه القصائد الرومانسية لصدقها ورهافتها ولما فيها من لهب الشعر واشتعالاته التي لا تخبو.

وأخيرا، ولتعميق إشارة لي سابقة عن البساطة والتعقيد في الكتابة، وددت أن أقول لا أعني بالبساطة مفهوم السهولة أو الخفة، وإنما السهل الممتنع كما هي الحال في لعبة كرة القدم، وهنا لابد لي أن أقول: في دنيا القراءة، وكما استولت علي «السجينة» لمليكة أوفقير -وهي محض مذكرات- بعد دقائق وجيزة من تأملها إذ التهمتها في جلستين فقط، يحدث أن تقرأ عملا فيملؤك بالضجر بعد قراءة حفنة من السطور، ومهما أقنعت نفسك بأن القادم سيكون أجمل أثناء سير القراءة، تكتشف أنك تغرق في المزيد من الضجر كما لو كنت تجتاز طريقا طويلا معتما مؤثثا بالوحول.. حدث هذا مع رواية «حب عاملة نحل» الصادرة عن سلسلة «ذاكرة الشعوب» التي توقفت بعد الاجتياح الصهيوني لبيروت في العام ١٩٨٢، الرواية لإلكسندرا كولنتاي والترجمة لمؤنس الرزاز، وهي تمجد بشكل فج منجزات الشيوعية في دولة من تلك الدول التي غرقت حتى الأذنين في طنين وشعارات تلك الأيديولوجيا، ولأن الأيديولوجيا تفسد الفن، فما كان مني إلا أن قذفت بها في أقرب سلة مهملات من دون أسف.. الأمر ذاته حدث مع رواية «الصخب والعنف» لفوكنر، قرأت أكثر من أربعين أو خمسين صفحة ولم أفهم شيئا أبدا، حاولت إقناع نفسي بأن الرواية سوف تبوح بأسرارها عما قريب حتى تملكني السأم بكامل سطوته، ولأنني أقرأ للمتعة وليس للعذاب، فقد أعدتها على الرف ولم أعد لقراءتها أبدا حتى بعد أن اتضح لي سر ذلك الغموض الذي اكتنف تلك الصفحات بعد قراءتي لحوار طويل مع الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، وهو معروف بشغفه القرائي الذي أكده مرارا صديقه ماركيز.. كلينتون أرجع ذلك الغموض إلى الهذيان، كون الشخصية المحورية في الرواية كانت تهذي عبر طول تلك الصفحات وعرضها! وهنا أرى أن الغموض الذي دفعني للسأم أثناء قراءة «الصخب والعنف» تم تبريره كتقنية في الكتابة وليس طارئا عليها من خارج النص.. طبعا هناك أيضا غموض آخر، هو الآخر مبرر كونه متأتيا من تعقيد البنية السردية على الصعيد الفني حيث تداخل الأزمنة والأصوات والأجيال والرواة والمتحدثين وتناسل الوقائع، كما في رواية «بيدرو بارامو» للسارد الكبير خوان رولفو التي لم أستطع التصالح معها حتى يومنا هذا.

هذه محض انطباعات سريعة عن دنيا القراءة، كتبتها في مفكرة «جوالي» ذات ليلة ضريرة لأصد بها عن نفسي ذئاب الأرق، وهي على أي حال ليست ملزمة لأحد أبدا.

Continue Reading

ثقافة وفن

تكرار

‏تمرُّ القصيدةُ‏مثل الأميراتِ في الحُللِ الباهرةْ‏تُنادي عليَّ‏- لقد جئتُ‏فانتبذي بي‏مكاناً قصياً‏على

‏تمرُّ القصيدةُ

‏مثل الأميراتِ في الحُللِ الباهرةْ

‏تُنادي عليَّ

‏- لقد جئتُ

‏فانتبذي بي

‏مكاناً قصياً

‏على عجلٍ أنا كالغيمةِ الماطرةْ

‏أقولُ:

‏امهليني قليلاً

‏ سأنشرُ هذا الغسيلَ

‏أُرتِّبُ فوضى المكانِ

‏أردُّ على هاتفي

‏وأعودُ

‏حنانَيكِ أيَّتُها الآسرةْ

‏تذكّرتُ أيضاً

‏فبعضُ الضيوفِ سيأتوننا للغداءِ

‏وأحتاجُ وقتاً

‏كطبَّاخةٍ ماهرةْ

‏قفي

‏سأُذاكرُ درسين لابني

‏عن (الجبرِ واللافلزاتِ)

‏فانتظريني

‏سأحضرُ حالاً

‏رويدكِ سيدتي الساحرةْ

‏قفي لي قليلاً

‏ولا تُعجليني

‏لعلي سأسمعُ

‏عن هذه الأرضِ

‏شيئاً يسرُّ

‏فنشرةُ أخبارِنا العاشرة

‏ويُسلمني كلُّ شيءٍ إلى كلِّ شيءٍ

‏فأغرقُ في الواجباتِ المُلحّةِ والآمرةْ

‏وأركضُ بين المهام العصيّةِ والقاهرةْ

‏وحين أعودُ إليها

‏وقد أنهكتني التفاصيلُ

‏ألمحُ رقعتَها

‏فوق مكتبتي

‏-وداعاً

‏مللتُ فغادرتُ

‏أيتُّها الشاعرةْ !!

أخبار ذات صلة

Continue Reading

ثقافة وفن

الرهانُ على الياسمين

أحدِّق فيك وأنثر الياسمين في الطرقاتأتحدّثُ عنكِ، عن استهتار شعرك المتطاير في الريح، عن بُرقعكِ الجبان وهو يغرقُ

أحدِّق فيك وأنثر الياسمين في الطرقات

أتحدّثُ عنكِ، عن استهتار شعرك المتطاير في الريح، عن بُرقعكِ الجبان وهو يغرقُ بلجّتي، لكن قبل كلِّ شيء، انظري للبجعة كيف تُصفرُ؟ انظري هناك حيث الياسمين يراهن عليكِ، وأنا أقف كما ترين أحملُ معولي وأترك الحقل ورائي تحرسه عيونك الخائنة، لم أر من أنوثتكِ غير انهياري، غير لسانكِ الذي استبدل المتعةَ بالمتعةِ والأنس بالجحود، غير الليالي التي نستلقي فيها على السطوح التي رسمتْها أحلامُنا، حيثُ أقفُ أمامكِ كطائر الرُّخ، أُصفِرُ وتحملنُي جناحاي إلى النار، أيّتها القبلاتُ، يا مداري الضيّق، لم تكوني غير زوبعةٍ قاتمة، غير بلاءٍ أمسكَ ياقتي، كيف أخلعُ قميصاً قدّ من دُبرٍ، وما زلتُ أسمّي الأشياء بأسمائها وأنثر في البحر بقايا أنوثتكِ، ليَ القوامةُ عليكِ في الأحلام فقط، لذا تركتُ الياسمين يتلبسني وخلعتُ بُرقعَكِ ورميتُه في الفضاء، مثل الياسمين ومثلي، يا حظّي العاثر بدرجات السلّم الذي يقودني لأزقة تكثر فيها الكمثرى وحان حصادها، أيّتها الشيء الذي يتكسّر أمامي وأعيد صياغتَه ثم أتركه يتحدرج، كيف تُكثرين من شرابي ولم أتذوقكِ بعد؟ أيّتها الأنوثة القائمةُ بنفسها، أيّتها الأقراطُ التي تزيّن أذني، كيف أسمعُ منكِ ولم يزل صوتُك بعيداً، أنا طائر الرُّخ الذي يقفُ أمامك، يا باقة أزهار الوله، هل تعرفين شيئاً عنها؟ أنا لا أعرف أزهار الوله حتى رأيتكِ فحملتها إليكِ!! ثُّم ألقيتها من النافذة التي تُطِّل على أنوثتكِ!! أيّتها الحرجُ الذي يعترضُ الطريق!! يا شجرة التين التي أزرعها وأستحرمُ ثمرها، خُضتُ عُباب أمواجكِ بسفينتي الورقيّة التي تمزّقت قبل الوصول إلى سواحلك النائية، فتركتُها محمّلة بفاكهتي المحرمة، تلك أنوتثُكِ التي أشتاقُ اليها وتبعدني بعصا زوارق غليظة، أمسكُ بأردانكِ التي خيطتْ من وجعي، حيثُ تقذفني الحسراتُ إلى سواحل جحودكِ، الى بُرقعكِ الذي يبتزّ رجولتي ويأنسُ بها، اذهبي إلى الأنهار البعيدة واتركي شيئا من توريتكِ، أستحمُّ به وأعلّقه على الزجاج المتساقط من إهابك، وأنتِ تمرين بخاطري كقصّة الجدّات القديمة، هكذا أُصغي لبوحكِ الذي يستنفذُّ رجولتي ويعبثُ بها، تركتكِ تهزميني حين تدثّرتُ بأنوثتكِ ونسيت غطائي، وانتصرتِ عليّ، لأنني خِطّتُ رايتي قفازاً لأصابعكِ المضرّجة بدمائي، وها أنا أحفرُ قبري بأسناني التي كانت شفاهُك تستحمّ بها، وأنتِ تعصرين لوعتي وتنشرينها في العراء، أرى شقائي في عيونكِ الماكرة وكلماتكِ التي لا تطاق، أراكِ تفترسين حيرتي ولا أملكُ سواها، شاهدي بُرقعك الجبانُ وثوبُك الذي تظلل نخيلَه توريتي، كنتُ أصنعُ من قصائدي سفناً تُقِّلني إليكِ، وأرتقي حقولَ صدركِ وأقطف فاكهتها، أرى كبريائي يتدحرجُ في ممراتها الضيقة وقطوفها دانية، رأيتكِ في الفيافي نسيماً بارداً يؤنس وحشتي، ويأخذُ بلحيتي، لم أبحثْ عنكِ بداخلي، ولم أهزّ شجرَ الوقتِ كي تتساقطي ساعاتٍ من ملل، بل اتكّأتُ عليكِ ونسيتِ إهابي بأزقّة شعرك وهو يضع لمساتهِ الأخيرة حين يطبقُ عليّ كجرحٍ قديم، دعيني أحدّق فيك كلّما أسقي نخيل ثوبك بقصائدي التي تستفزّ أنوثتَكِ وتعبثُ بها، فأنا لا أعيشُ الزمنَ بل أحملُه فوق كتفي وألقيه بأحضانكِ، ثُمّ أحدِّق فيك وأنثر الياسمين في الطرقات.

أخبار ذات صلة

Continue Reading

ثقافة وفن

ماذا أقولُ لغيمةٍ

زافَ الحمامُ، وكلُّ أنثى فتنةٌ زافَ الحمامُماذا أخبّئُ من كلامٍ في ضفافٍ لا تنامُ؟ماذا أقولُ لضحكةٍ رنّتْ وعينٍ

زافَ الحمامُ، وكلُّ أنثى فتنةٌ زافَ الحمامُ

ماذا أخبّئُ من كلامٍ في ضفافٍ لا تنامُ؟

ماذا أقولُ لضحكةٍ رنّتْ وعينٍ تكتبُ الخطواتِ من نغمٍ لينزلقَ الرخامُ

ماذا أقولُ لغيمةٍ نسجَتْ خرافتَها من الأحلام، حتى أدمنَتْ في الليلِ

وحشتَها ومزّقها الهُيامُ؟

جسَدي هنا، وأنايَ تركضُ في الزمانِ المرّ، أعشقُ أم أمرّرُ وحشتي للمُدنَفين، وكلّهم في الحبّ هاموا.

ماذا أقولُ لعاشقٍ يرثُ الرمادَ -كأنهُ وطنٌ هوَى-

لو أنني منفَى وذاكرَتي انتقامُ؟

أمشي على جسرِ الكلامِ مراوِغاً وطنَينِ من تعبٍ يُبعثرُني الكلامُ.

صقراً أطيرُ مع الحمامِ وليس يُنصفُني الحمامُ.

وأنا فراغُ الأرض يشربُني، فأمضي حالماً، ثملاً، بأن يحتلَّني فجرٌ،

وأن تغتالَني امرأةٌ الندَى في اللامكان، لكي أكونَ حكايةً منسيةً، تصحو ويجرحُها الغرامُ.

ويحفّني قلبٌ يطيرُ بزهرةٍ ظمِئتْ، وقلبٌ مستهامُ.

كونانِ لن يتجاوَرا، وطنٌ يطاردُ نجمةً، ومشردٌ نسيَ المكانَ، سماؤه

فرسٌ كبَتْ في هوَةٍ سوداء، وابتعدَتْ عن الشمسِ الخيامُ.

قلِقاً أُهرّبُ ما عشقتُ من النخيلِ، وأُوهِمُ الكلماتِ في ماكنتُهُ، ولداً

من الصحراءِ يهذي كلّما عرّتْ ملامحَهُ المضاربُ، يحتمي في ما

يُخلّفهُ الركامُ.

معذورةٌ عيناي، إذ رأَتا ازْرقاقَ البحرِ دفئاً، حين أغرتْني السفائنُ

وارتمَى فيّ الظلامُ.

كيفَ التلاقي بين منعطفَينِ مبتعدَينِ، قبّرتَينِ نافرتَينِ، مفردتَينِ جافلتَينِ، أخشَى أن أبارزَ نظرةً جذلَى فتكسرني السهامُ!

مِزَقاً أطيرُ وأنثني، وألومُ فوق الغيمِ من لا ينْثَني.

من ذا يُحبّ فلا يلومُ ولا يُلامُ.

أخبار ذات صلة

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .