حررتني القصيدةُ من وجعي الآنَ
حررتُها من رتابةِ أحزانها
واحتفلنا.. انتشينا معاً كالمجانينِ في شُرفةِ الروحِ
بالمطرِ المستفيقِ على صخبِ الذكرياتِ الجريحةِ
يغسِلُ ناصيةَ الكلماتِ الخجولةِ
والنظراتِ الجريئةَ في صمتنا
في ارتعاشِ المسافةِ ما بين أنفاسِنا
في انكشافِ الطفولةِ عن كلِّ أحلامِنا
والقصائدِ
نزواتِنا العابرة.
**
يا مساءَ الوداعِ المدثِّرَ بالبردِ والوردِ والضحكاتِ الغزيرةِ
هب سفري هدفاً واضحاً
لأمارسَ عدْويَ في الزمنِ الحجريِّ المصفَّدِ بالماءِ
هب شفتي لغةً
من عبيرِ الكلامِ المجازِ الذي لا يخونُ ولا يُؤتَمَنْ
وامتحِن قلقي بالتشاغلِ عنِي
لعلَّ يداً من حريرِ التأمُّلِ تنبتُ في واحةِ القلبِ
تلمسُ بالحبِّ ذاكرةَ الأصدقاءِ الرهيفةَ
تمنحني للقصائدِ
شكلاً غريباً
ومعنى يؤنِّقُ في وحشةِ الكلماتِ أغانيَهُ الفاترةْ.
**
أصدقائي.. القصائدُ
ها أنذا أتهجى ملامحها
أستعيرُ حناجرَ أصحابها
لأغني كما ينبغي للطيورِ الجريحةِ أن تتغنَى
أقولُ: القصائدُ فخي القديمُ المكررُ
ظلُ الغيابِ الطويلُ
«مجازفةُ العارفِ» الأبديةُ [1]
أرقُبها في مواويلك الآنَ يا ليلُ
«حين أضأتَ» هنا عتمةَ الكلماتِ [2]
بأنجمكَ الساهراتِ على ما تكاثفَ في الغيمِ
مِن أدمعٍ تتصاعدُ من «وجعٍ للنساءِ» الوحيداتِ في كهفِ أحزانهنَّ [3]
يربين بالصمتِ طفلَ الألمْ.
**
تقول القصائدُ:
حرّر جهاتِ الكتابةِ من كل أغلالِها
واحتفلِ بانعتاقِ القصيدةِ
خذها إلى «أفقٍ ليس يظهرُ بعدُ» [4]
ولا تكترث بهواجسِ وعيكَ
ثمةَ قافيةٌ حرةٌ بانتظاركَ
أغنيةٌ تتجردُ من لحنها
تدخل البحرَ عاريةً من جمانِ الكلامِ
وتخلعُ في شاطئ الشعرِ آخرَ أوهامها
فالقصائدُ سيدةُ النورِ والنارِ
تحرسُ «أحلامَ ابنتها العاشرة». [5]
*إهداء إلى شخوص ونصوص أصدقاء معتزل الكتابة في الباحة.
[1] – إشارة إلى مجموعة «مجازفة العارف» للشاعر محمد إبراهيم يعقوب.
[2] – إشارة إلى مجموعة «حين أضأت» للشاعرة مليكة عبد الحميد.
[3] – إشارة إلى مجموعة «وجع النساء» للشاعرة نوف نبيل.
[4] – إشارة إلى مجموعة «لأفق لم يظهر بعدُ» للشاعر عبد الرحمن العريج.
[5] – إشارة إلى مجموعة «أحلام البنت العاشرة» للشاعرة عائشة السيفي.