لم تمنع برودة الجوّ في ليالي أبها وفضاءاتها، عشاق الأدب من حضور الأمسية الشعرية التي نفذتها موسوعة أدب بدعم وتمكين من هيئة الأدب والنشر والترجمة في قصور «أبو سراح» التاريخية في قرية العزيزة.
الأمسية التي قدم لها الشاعر والأكاديمي أحمد التيهاني وأحياها الشعراء أحمد السيد عطيف وتهاني الصبيح وحيدر العبدالله، بدأها أحمد السيد عطيف في الجولة الأولى الذي قدم له التيهاني بقوله: قصيدته كالماء في انسيابها، رقراقة آسرة، يلقيها بإهمال يليق بالشعر الخالص، لأنها لا تحتاج إلى تنميق صوتي. قرأ عطيف في الجولة الأولى قصائد لو مرة، أنتِ أحلى، مسرى، دعد.
فيما قرأت الشاعرة تهاني الصبيح، التي وصفها مقدم الأمسية أحمد التيهاني بسيدة الصناعتين (الشعر والنثر)، في الجولة الأولى قصيدة قلب أنا، وقصائد أخرى.
أما الشاعر الثالث في الأمسية حيدر العبدالله فقد قال عنه التيهاني إنه شاعر يهمس بالقصيدة واثقاً من كتابيتها لا شفاهيتها، يهمس بها متيقناً أنّ الشعرية أهمّ من الجلجلة فقد قرأ في الجولة الأولى في محل الخياطة، قوارب ورقية.
وفي الجولة الثانية قرأ عطيف استسقاء، رشد، زجاج، فيما قرأت الصبيح قصيدة البنفسج، وهي تحية لأبها كتبتها خصيصاً لهذه المناسبة، وقصائد أخرى. وختم الأمسية الشاعر حيدر العبدالله بقصيدة عن النار (حول مواقد الهومو إركتوس)، وقصيدة أهداها للشاعر إبراهيم حلوش.
الأمسية التي شهدت حضور أبرز الأدباء في منطقة عسير، إضافة إلى العديد من المهتمين بالأدب من الجنسين، وصفها الروائي والأديب إبراهيم شحبي بأنها كانت ناجحة وممتعة، تنوع فيها الشعر بين الكلمة العذبة والفكرة العميقة، وأضاف لـ«عكاظ»: هذه الأمسيّة أعادت لعشاق الشعر بهجة فضاءاته، وزاد في وهج المساء جمع الحضور المتذوق للشعر والمتماهي مع عوالمه، وكذلك عبق المكان (قصور أبو سراح) الذي أضاف جمالاً على جمال تنظيم المشرفين في موسوعة الأدب إلى بهجة الشعر نجاحاً. وأكد شحبي أنّ هذه الأمسية أعادته إلى حضور الفعاليات بعد انقطاع أربع سنوات ولم يندم على هذه العودة.
فيما أشار الشاعر إبراهيم طالع الألمعي إلى أنه حضر هذه الأمسية لشعراء نعرفهم ونعرف مشارب شعرهم من ضفاف وادي (خلَب) حتى نخيل (هَجَر)، وأنه لمْ يحضر لسماع الشعر بقدر ما كان يودّ رؤية ذلك الجمع الذي غيبه عنا الزمن بـ(كوفيده) و(كوافيده) التي نخافها، وأضاف: إنّ فكرة (فضاء) المكان كانت موفقة ببعدها عن شوارع النحاس ومقاهيه وصالاته المغلقة إلى فضاء جوهر الأرض، الجمْعُ لديّ كان ديوانا سمعنا منه أنماطاً من الشعر أدفأ برودة (طَوْر) السراة، وزاد عِزّة (العزيزة).
أما الشاعر حيدر العبدالله أحد فرسان الأمسية فقد أكد لـ«عكاظ» أنّ هذه الأمسيّة لا تنسى في حصون أبي سراح، وفي أبها التي حَصّنت بإنسانها بعد أن حصّن الإنسان فيها نفسه بالحجر وخشب العرعر!