Connect with us

ثقافة وفن

ريح الحشائش والنفط: بين الإثارة القصصية والإثراء الأنثروبولوجي

اِعْتَدْتُ أن أبدأ قراءة الكتب بالنظر في عناوينها. أقف عند العنوان، أتأمله وأدير من خلاله التوقعات حول محتوى الكتاب،

اِعْتَدْتُ أن أبدأ قراءة الكتب بالنظر في عناوينها. أقف عند العنوان، أتأمله وأدير من خلاله التوقعات حول محتوى الكتاب، حتى أُهَيِّئَ ذهني لقراءته؛ فالعنوان المتميز -في نظري- ينبغي أن يختصر المحتوى في كلمات قليلة، تجمع بين الدقة في الوصف والجاذبية. وقد بَـدَا الزميل الجميل الأستاذ فهد الأحمري كَـرَسَّامٍ بارعٍ حين اختارَ «ريح الحشائش والنفط» عنوانًا للسيرة الروائية التي تحكي تجربته السردية لجيلٍ وطني عاش حقبة زمنية في حقول الزراعة، ثم انتقل منها إلى حقول النفط، ولكم أن تتصوروا هذه القفزة الهائلة، التي تمثّلت مسيرتها وسيرتها في شخصية «تاهم» بطل الرواية، تلك الشخصية التي اتخذها كاتبنا المبدع مسرحًا يَعرِضُ من خلالها مراحل حياته الأسرية والمهنية والاجتماعية.

أضْفَى الكاتبُ رمزيةً على العنوان سابِكًا المعنى في ثلاثة أسماء: «ريح الحشائش والنفط»، وهي أسماء جامعة مانعة، لكل منها مدلولها العميق. بل إنه ليُدهشُ القارئَ حين يَصلُ بين الأسماء الثلاثة برباط التعريف بالإضافة، وحرف الواو الذي يعطف الزمان على الزمان والمكان على المكان، وكأنه يخبن المسافات ليجعل الزمان والمكان نسيجًا دقيق التفاصيل ذا صورة مكثفة المعاني ساحرة للبصر. وقفت عند العنوان، وتأملته، ولا أدّعي أنّي نجحت في سبر أغواره، ليس لشك في عمقه، لكن لأن المحتوى فاق توقعاتي.

إنّ القراءة -في حقيقتها- ليست سلامة نطق الكلمات والسرعة في المرور عليها، بل هي استيعاب مضامين الجُمل المكتوبة فرادى ومجموعات، أي الفَهْم المستوعب لمعاني الجُمَل المباشِرة، ولتلك المعاني المتخفيّة بين الجُمل، وأفْضَلُ من ذلك قدرةُ الفَهْم على اقتناص المعاني الكامنةِ وراء الجُمل، وهذا الأخير هو شرط استدامة الأثر، فهو الهدف الذي من أجله ينبغي أن يكتب الكاتب؛ ولكَم نجح فهد الأحمري في هذا وهو ينتقي الكلمات وينسج الجمل في سيرته الروائية «ريح الحشائش والنفط».

حين كان يعيش «تاهم» زمان ومكان الحشائش أخذني معه في رحلة مدهشة إلى الثقافة الجنوبية التهامية، وبرع في وصف تفاصيلها، ليلها ونهارها، شروق الشمس بها وغروبها، جبالها وأوديتها، هدوئها وصخبها، رخائها وشظفها، أطفالها وفتيانها وكبارها، ثم مر بي على الثقافة المتمازجة، العسيرية النجدية، حينما التحق والده بالعمل العسكري وجلب أسرته القروية لتجاور الأسرة البدوية القادمة من عالية نجد، لتعيش الأسرتان معًا بانسجام، بالرغم من الاختلافات الثقافية في اللباس والحديث وإعداد الطعام، قبل أن يبحر بي في ثقافة الرياض، المدينة العاصمة للدولة الفتية، في بدايات التنمية وبوادر الازدهار الاقتصادي، واكتساء النفوس بالتفاؤل وهي تلمس نعمة الوطن الآمن المعطاء، تمسي على خبر مشروع تنموي وتصحو على خبر صباحي أجمل من الخبر الذي باتت وهي سعيدة به.

انطلقت رحلة الحياة المهنية لصاحب السيرة الروائية في ثمانينيات القرن العشرين، متدربًا ثم ممارسًا، في الظهران شرقًا ثم في ينبع على الساحل الغربي للدولة القارة المملكة العربية السعودية، في أرامكو، شركة الزيت التي أضاءت للعالم كله وأمدّته بالطاقة لينعم بالحياة، وأحد أهم مكونات نموذج التنمية السعودي. لقد أجاد فهد الأحمري وصف أرامكو من الداخل: قيمها واحترافيتها، وكيف تصقل شخصيات موظفيها وتنقلهم إلى الاحترافية.

ولأنه اعتاد أن يكون فاعلًا في المشهد الثقافي السعودي، فقد استحضر فهد الأحمري ما وهبه الله من مقدرة تأملية، وحكى بعمق وموضوعية ما احتواه هذا السياق من أحداث وتحولات على مدى العقدين الأخيرين من القرن العشرين، ثم العقدين الأولين من القرن الحادي والعشرين. وعلى الرغم من مرارة بعض تلك الأحداث وحدّة آثارها، فقد ظلت المملكة العربية السعودية صلبة، وما زالت تتسارع خطواتها في مضامير التنمية، وتقود دول العالم في آفاق الازدهار، ونحن في منتصف العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين.

أجد نفسي محباً لكتب السير الروائية؛ حيث أرى فيها دروسًا من الحياة، ومعرفةً أنثروبولوجية بطبائع البشر وعاداتهم، وهي معرفةٌ جذّابةٌ بطبيعتها، خاصة حينما تمسّ الثقافة اللصيقة، التي عشتها في مراحل العمر المتتابعة. وتستهويني في كتب السير القصةُ نفسُها، إذْ تَشُدُنِي نحوَهَا بما تتضمنه من دراما وكوميديا وسردية ممتعة لمراحل الحياة، بل الحيوات المتنوعة داخلَها. إنّني أجد في هذه السيرة الروائية، الموسومة بـ«ريح الحشائش والنفط»، مثالًا وأنموذجًا للكتب الماتعة الشائقة الثرية بمحتواها. وهي إلى ذلك أيضاً مرجع أنثروبولوجي لكل مهتم بالتاريخ الاجتماعي والثقافي للمملكة العربية السعودية.

Continue Reading

ثقافة وفن

انطلاق ملتقى الكُتّاب السعوديين في نسخته الرابعة بالدمام تحت عنوان «نحو رواية تاريخية في المملكة»

ينطلق مساء الأربعاء القادم ١٦ ذي القعدة ١٤٤٦هـ، الموافق ١٤ مايو ٢٠٢٥، ملتقى الكُتّاب السعوديين الرابع الذي يقيمه

ينطلق مساء الأربعاء القادم ١٦ ذي القعدة ١٤٤٦هـ، الموافق ١٤ مايو ٢٠٢٥، ملتقى الكُتّاب السعوديين الرابع الذي يقيمه نادي المنطقة الشرقية الأدبي عند الساعة السادسة والربع مساء، في قاعة الميزانين في مقر نادي المنطقة الشرقية الأدبي في حي المزروعية في مدينة الدمام، بمشاركة ٧٠ كاتباً وكاتبة، كتقليد ثقافي للنادي في نسخته الرابعة، ويقيمه بالتعاون مع شركة أرامكو السعودية بجناحها الثقافي مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء)، ضمن مشروع «تاريخنا قصة» الذي يرعاه ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، وتشرف عليه دارة الملك عبدالعزيز التي عقدت مع الأندية الأدبية عدة اجتماعات من أجل الإسهام في دعم هذا المشروع الثقافي المهم، الذي يعزز حضور تاريخنا ومروياته وذاكرته في رواياتنا التاريخية، بوصفها من أهم الكتابات الإبداعية في مجال الفن الروائي.

وقال رئيس مجلس إدارة النادي رئيس الملتقى الدكتور محمد بن عبدالله بودي إن هذه النسخة الرابعة من الملتقى تحت عنوان (نحو رواية تاريخية في المملكة العربية السعودية) تأتي تفعيلاً لمشروع «تاريخنا قصة»، الذي يؤكد على أهمية وحضور الرواية التاريخية في الأدب السعودي المعاصر، وتستعرض مدى تأثيرها في المشهدين الأدبي والثقافي، من خلال عدد من الجلسات العلمية التي يشارك فيها نخبة من النقاد والروائيين والمؤرخين.

ويعود الملتقى هذا العام بعد فترة من التوقف، ليستأنف مسيرته الثقافية التي بدأها منذ ٢٠١٠، إذ أقيمت ثلاث نسخ سابقة سلطت الضوء على موضوعات متنوعة تمحورت حول دور الكاتب في التنمية، والأحداث الوطنية، والتواصل الثقافي، وناقشت النسخ السابقة العديد من القضايا الثقافية، فتناولت النسخة الأولى التي أقيمت في ١٤٣١هـ – ٢٠١٠ محور (الكاتب والمسؤولية الثقافية)، ومحور (الكاتب والتنمية الثقافية).

وتناولت النسخة الثانية ١٤٣٧ هـ – ٢٠١٦ محور (الكاتب والأحداث الوطنية الكبرى) ومحور (الكاتب والأحداث الثقافية).

أخبار ذات صلة

فيما تناولت النسخة الثالثة ١٤٣٨هـ – ٢٠١٧ محور (الكاتب السعودي ورسالته للآخر) ومحور(لكاتب والوئام الثقافي).

ويهدف ملتقى الكُتّاب السعوديين إلى تعميق النقاش حول قضايا الكتابة والإبداع، وتعزيز الحضور الثقافي السعودي من خلال منصات الحوار والتكريم.

Continue Reading

ثقافة وفن

طفلا شاكيرا يطلقان أول أغنية حب

في خطوة فنية مفاجئة، أطلق ميلان وساشا، نجلا النجمة الكولومبية شاكيرا، أول أغنية لهما بعنوان «The One» خلال حفل «Let

في خطوة فنية مفاجئة، أطلق ميلان وساشا، نجلا النجمة الكولومبية شاكيرا، أول أغنية لهما بعنوان «The One» خلال حفل «Let It Beat» في ميامي، كجزء من ألبوم «Next Generation of Artist». يبلغ ميلان من العمر 12 عاماً، وساشا 10 أعوام، وقد أظهرا موهبة موسيقية لافتة؛ إذ تولى ساشا الغناء الرئيسي، بينما تألق ميلان على آلة الدرامز.

سبق للثنائي أن شاركا في أغنية «Acróstico» ضمن ألبوم والدتهما «Las Mujeres Ya No Lloran»، لكن هذه المرة، قدّما عملاً مستقلاً يعكس نضجهما الفني. شاكيرا، احتفلت بإطلاق الأغنية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واصفة إياها بـ«الهدية الثمينة» بمناسبة عيد الأم.

الأغنية حظيت بترحيب واسع على المنصات الرقمية، إذ أشاد الجمهور بموهبة الطفلين، معتبرين أن ميلان وساشا، يسيران على خطى والدتهما في عالم الموسيقى.

هذا الظهور الفني يعكس دعم شاكيرا لطفليها في التعبير عن نفسيهما فنياً، ويشير إلى بداية مسيرة موسيقية واعدة لهما.

أخبار ذات صلة

Continue Reading

ثقافة وفن

عبدالله السدحان.. بين نجومية لامعة ونهاية الحقبة الذهبية

لم يكن عبدالله السدحان، مجرد ممثل أو فنان بارع في إضحاك الجمهور، بل كان ركناً أصيلاً من أركان الوعي الاجتماعي الذي

لم يكن عبدالله السدحان، مجرد ممثل أو فنان بارع في إضحاك الجمهور، بل كان ركناً أصيلاً من أركان الوعي الاجتماعي الذي تشكّل على الشاشة في مرحلة التحولات الكبرى للمجتمع السعودي. وُلد في 13 مايو 1958، وبدأ خطواته الأولى من المسرح الجامعي في جامعة الملك سعود، قبل أن يرسّخ وجوده في المشهد الفني بثقة الموهبة، واتساع الرؤية.

السدحان، هو الوجه الذي لا تخطئه ذاكرة الشاشة، وهو الاسم الذي ارتبط بالكوميديا كما ارتبطت الكوميديا به. لكن النقطة الفارقة في مسيرته لم تكن ظهوره المنفرد، بل الثنائية الاستثنائية التي كوّنها مع ناصر القصبي، في سلسلة «طاش ما طاش»، التي بدأت 1993، واستمرت زهاء عقدين من الزمان، صنعت فيها هذه الثنائية خريطة جديدة للكوميديا السعودية، وأعادت تعريف وظيفة الفن في حياة الناس، من الترفيه إلى النقد، ومن الإضحاك إلى مساءلة الواقع.

لم يكن «طاش» مجرد عمل فني، بل كان مرآة يومية للمجتمع، وأداة للتفكير النقدي، وساحة لحوار صامت بين المشاهد وشاشة التلفزيون. ومع انفصال السدحان عن القصبي 2011، انتهت تلك الحقبة الذهبية، وانطوت صفحة من أجمل ما كُتب في كتاب الدراما السعودية.

اليوم، في يوم ميلاده، لا نحتفل فقط بعمر فنان، بل نستعيد عبره زمناً تلفزيونياً عميقاً، استطاع فيه السدحان، أن يكون صورة الناس، وصوتهم، وضحكتهم أيضاً. لم تنتهِ الرحلة بعد، لكن ذروة المجد تُحفظ باسمه إلى جوار شريكه، في واحدة من أعظم الثنائيات التي عرفها الخليج العربي.

أخبار ذات صلة

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .