ثقافة وفن

رئيس اتحاد الناشرين العرب: نسبة النشر العربي 1 % والقرصنة تهدد الكتاب بالانقراض

اكتسب هذا الحوار أهمية، وحظي باهتمام كبير، لتزامنه مع معرض القاهرة الدولي للكتاب، ولكون الضيف ناشراً محترفاً

اكتسب هذا الحوار أهمية، وحظي باهتمام كبير، لتزامنه مع معرض القاهرة الدولي للكتاب، ولكون الضيف ناشراً محترفاً وخبيراً بكل شؤون وشجون صناعة النشر، كما أنه يشغل حالياً منصب رئيس اتحاد الناشرين العرب، وتولى رئاسة اتحاد الناشرين المصريين، وأسس الدار المصرية اللبنانية. ضيفنا الناشر محمد محمد رشاد أحمد حسن، شخصية موسوعية، ولا ريب أن حرفة (الورّاق) أكسبته أدباً ووعياً وحسن خُلق، يتجلى في تفاعله مع محاور اللقاء، وسرعة الردّ، وهو حاصل على ليسانس المحاسبة من كلية التجارة جامعة القاهرة عام 1977، اشتغل بمهنة النشر منذ 1970 انطلاقاً من إحدى دور النشر الكبرى في لبنان، وعاد إلى مصر عام 1975، وعمل مديراً مسؤولاً لدار الكتاب المصري اللبناني حتى عام 1985، وفي عام 1988 أسس مكتبة الدار العربية للكتاب، وأسس مع آخرين في العاصمة اللبنانية بيروت دار (أوراق شرقية) عام 1993م لنشر نوادر الكتب والاضطلاع بنشر الموسوعات، وفي عام 2020 أسس شركة مكتبات المصرية اللبنانية.. وهنا نصّ حوارنا معه:

• لماذا تأخرت انتخابات اتحاد الناشرين العرب؟

•• يفترض أن تجري الانتخابات هذا العام، يوم الـ25 من يناير، كون الدورة في الاتحاد لثلاثة أعوام، والدورة الـ10 بدأت في 2022، وتنتهي بنهاية 2024، ونظراً لكون معرض القاهرة الدولي للكتاب هو أكبر تجمّع للناشرين العرب، بخلاف أي معرض آخر، ففيه تنعقد الجمعية العمومية، وتتم الانتخابات، إلا أن تخوّف بعض الزملاء أعضاء مجلس الإدارة، من الأوضاع التي تحيط بالمنطقة، والإشكالات القائمة في أكثر من بلد عربي، وعدم الاستقرار في دول أعضاء في الاتحاد منها سورية، ولبنان، واليمن، وليبيا، والسودان، والاتحاد أنشئ بقرار من اللجنة الثقافية في الجامعة العربية عام 1962، وهذا الاتحاد أُعيد إحياؤه عام 1994، وأنا كنت ضمن الخمسة الذين أسهموا في إعادة الإحياء، واستمررت فيه إلى عام 2006 أميناً عاماً، ولم أجدد عضويتي إلى 2016، رئيساً للدورة الثامنة، والتاسعة، والحالية، بناءً على طلب الزملاء الناشرين، فتم اقتراح طلب تأجيل موعد انعقاد الجمعية والانتخابات؛ تفادياً لحرمان زملائنا من الدول العربية من الحضور، ورغم أني كنت معترضاً على هذا إلا أنه لوجاهة المقترح وافقت، ونزولي على رأي الأغلبية؛ كون الذين اقترحوا وصوتوا على التأجيل 32 عضواً، ومن الضروري احترام رأي الأغلبية، ووافقت على تأجيل الانتخابات لمدة ستة أشهر كون قانون الاتحاد يجيز ذلك، وتمدد لستة أشهر إذا لم يكتمل حضور الأعضاء، ولأن شهر يونيو سيكون في فترة صيف ولا يقام به معرض كتاب، فغالباً ستكون الانتخابات مؤجلة إلى يناير 2026.

• بماذا يمكننا حفظ حقوق المؤلف والناشر؟

•• مع عودة الاتحاد لنشاطه، قام مجلس إدارة الاتحاد بجولة على كافة الدول الأعضاء في سبيل إصدار قوانين حماية حقوق الملكية الفكرية، وفي تلك الفترة من 1995 إلى 1998 غالبية الدول لم يكن لديها جمعيات ولا قوانين خاصة بحماية حقوق الملكية الفكرية، عدا دولة أو دولتين، منها مصر، والعبرة ليست بسنّ القوانين بل تحديثها وتعديلها لتغليظ عقوبة المخالفين ومنتهكي الحقوق، ما يمكن معها حماية حقوق المؤلف والناشر.

• ما سبب تدني مستوى احترام الملكية الفكرية في وطننا العربي؟

•• انعدام الوعي، بأهمية الملكية الفكرية، ولجنة حماية الملكية الفكرية في اتحاد الناشرين العرب من أقوى اللجان، وهي أشبه بمحكمة، تضم ناشرين وخبراء قانونيين، والمستشار القانوني للاتحاد، وتأخذ توصيات وقرارات تعرض على مجلس الإدارة لإقرارها، من ضمن القرارات، منع المصنف المعتدى عليه من العرض، ويمنع المزوّر من المشاركة في المعارض، وتُفرض عليه غرامة مالية، والمشكلة ليست في توفير القوانين بل في تطبيقها وتنفيذها، لذا لا غنى للاتحاد عن الشراكة مع وزارات العدل والداخلية والنيابة، لتكتسب القوانين هيبة، ويسهل تطبيق العقوبات بحقهم، فالمُنتهك والمزوّر لصَّان يجب الأخذ على يديهما.

• هل من دور توعوي؟

•• دائماً نعقد ورش عمل وندوات للتوعية، وأقمنا مؤتمراً عن حقوق الملكية الفكرية في زمن الذكاء الاصطناعي، ونتمنى أن تنشأ محاكم ونيابات متخصصة في الملكية الفكرية، والمحاولات جادة في تطوير نظام الحقوق الفكرية، ولوسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية دور فاعل في توعية المجتمع العربي بضرورة حفظ وحماية حقوق الملكية الفكرية والتحذير من انتهاكها، وتكامل الأدوار مطلوب.

• ماذا يترتب على تطبيق العقوبات على منتهكي حقوق الملكية الفكرية؟

•• هناك عائدات اقتصادية يستفيد منها اليوم العالم المتقدم، وهناك دول عائداتها بالملايين من حماية الملكية الفكرية، ومما يطلق عليه الصناعات الثقافية. لو تم التطبيق الفعلي لقوانين حماية حقوق الملكية الفكرية، في مصر فقط، فيمكن أن يتجاوز الدخل عائدات قناة السويس.

• ماذا عن حقوق القارئ؟

•• قانون حماية حقوق الملكية الفكرية (للمؤلف والناشر) بالنسبة للقارئ، له حق المحتوى الجيّد، والسعر المناسب لإمكاناته، وهذا حقّ أدبي، كونه لا سلطة لقارئ على مؤلف أو ناشر، وعليه واجبات، منها عدم اقتناء الكتاب المقرصن، ويهتم بحفظ حق المؤلف والناشر.

• ما أبرز مزايا الانضمام لاتحاد الناشرين العرب، والدخول تحت مظلته؟•• أي عضو ينضم لاتحاد الناشرين العرب لابد أن يكون أصلاً عضواً في الاتحاد المحلّي في بلده، ومنها جمعية الناشرين السعوديين، فهذا شرط لدخوله اتحاد الناشرين العرب، ويتم التوقيع على ميثاق شرف للالتزام بقواعد حماية حقوق الملكية الفكرية، وكل الأنظمة المعمول بها في الاتحاد، وحينها له الحق في الحصول على خصومات في معارض الكتب أو إعفاء من الإيجار، وتذليل كافة العقبات التي تعترض مشاركته، وللأعضاء أولوية المشاركة، ونحن نتدخل حين تقع مشكلة، طالما هو ملتزم بنظام الاتحاد وله حق حضور الندوات والورش المهنية التي يقيمها الاتحاد لتنمية مهنيته، ويظل على صلة بمركز البحوث والدراسات في الاتحاد فيمكنه الاستفادة من هذه الدراسات.

• كيف تتعاملون مع ناشر تعرضت كتبه للقرصنة؟

•• نحن نتدخل فوراً بحفظ حقوقه من خلال لجنة حماية الحقوق الفكرية، نمنع المُصَنّف المعتدى عليه، ونفرض عليه غرامة مالية، وننبه على كل المعارض بعدم عرضه، ويحرم المزوّر من المشاركة في أي معرض، وفي معرض القاهرة للكتاب تمثيل للاتحاد في اللجنة العليا المنظّمة، نرفع المطالب وندافع عن الناشرين، ونقدم سعراً خاصاً لعضو الاتحاد، من 130 إلى 140 دولاراً في المتر، بينما ربما يصل المبلغ للضعف لغير الأعضاء.

• لماذا يرفض البعض الانتماء للاتحاد؟

•• هذا أمر راجع للناشر، ليس شرطاً أن يكون الجميع أعضاء في الاتحاد، إلا أنه يحرم نفسه من المزايا التي يوفرها الاتحاد ويتمتع بها كافة الأعضاء، والاشتراك لدينا رمزي 150 دولاراً في العام، وعندما ينضم يدفع رسماً 300 دولار.

• بماذا يمكن الحد من قرصنة الكتب؟

•• هناك قوانين ملكية فكرية، واتحاد الناشرين العرب يحرص على التذكير بضرورة إنفاذ القوانين والأنظمة ليكون هناك ردع، والحماية بالرهبة.

• ما الذي يهدد صناعة النشر في العالم العربي؟

•• أكبر مهدد وأعظم آفة للنشر في عالمنا العربي الاعتداء على الملكية الفكرية، والموضوع كبير جداً، فالناشر والمؤلف أصحاب حق، وعندما تنتهك شركة أو مؤسسة هذا الحق تضعف النشر، ولو بالذكاء الاصطناعي، وربما من مهددات النشر سعر الورق والأحبار، وضعف التسويق، كون الناشر لا يود رفع تكلفة الكتاب، ويفترض على كل جامعة أو كلية أو مؤسسة أن تحذر من اقتناء الكتب المقرصنة، بل من ناشرها الأصلي.

• ما رؤية الاتحاد للمكتبات العامة؟

•• لا نزال دون مستوى المأمول، وتعزيز صناعة النشر يحتاج لمزيد عناية بالمكتبات العامة، وعدد المكتبات العامة في عالمنا العربي لا يتناسب مع عدد السكان؛ ففي الإحصاءات الدولية، المجتمعات الأكثر رفاهية، لكل 10 آلاف نسمة مكتبة عامة، تبدأ بـ10 آلاف نسخة ثم تزاد، ويتم الاشتراك بمبلغ رمزي، إضافة للشراكات، ما يعزز صناعة النشر.

•• ما انطباعك عن صناعة النشر في العالم العربي؟• صناعة النشر في العالم العربي ضعيفة، ليست بالموقع المؤمل وتتأرجح بين صعود وهبوط، وتتراجع، ليس بسبب الكتاب الإلكتروني، وربما تكون مهددة بالانقراض، والتوقف نتيجة ازدياد تفشي ظاهرة تزوير الكتب ورقيّاً وإلكترونيّاً وزيادة أعداد المقرصنين الذين يسرقون حقوق المؤلف والناشر، فالتزوير ورقيّاً تسبب في خسائر فادحة للعشرات من دور النشر، ما أدى لغلق بعضها بسبب ما تتكبده من خسائر، فلا تستطيع الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه الدولة من ضرائب وتأمينات وخلافه، وحتى المصروفات الأساسية والمرتبات اللازمة لاستمرار نشاطها، مما يعود بالخسارة على الاقتصاد القومي.

• لماذا تكون ضعيفة ونحن أمة اقرأ؟

•• لأننا لم نُرسّخ عادة القراءة في الأجيال منذ الطفولة، ولو اعتنينا بكتاب الطفل، وعودنا أطفالنا على القراءة نحن نخلق شعوباً واعية.

• ألا يهدد الكتاب الإلكتروني الكتاب الورقي؟

•• لا يزال حجم نشر الكتاب الإلكتروني في حدود 25%، مقابل 75% لصالح الورقي، والدول المتقدمة تتعامل مع الورقي أكثر، خصوصاً الإنسانية والأدبية، وما يجب علينا ترسيخ عادة القراءة باعتبارها واجباً قومياً.

• ماذا عن معايير النشر المُلزمة للناشر والمؤلف؟

•• يفترض أن قانون حماية الملكية (قانون الكتاب) معمول به في الجزائر فقط، وهو يحفظ حقوق الجميع، ويضبط المعايير.

• ما الفرق بين معارض الكتب العربية والعالمية؟

•• هناك معارض عالمية منها معرض فرانكفورت للكتاب، وهو معرض للمحترفين في صناعة النشر، على مستوى الكتاب والطباعة والتسويق، ومعارض العربية سوق، والقارئ ينتظر الكتاب من عام إلى عام وهذا مهدد لصناعة النشر، فالمفروض أن يتوفر الكتاب طيلة العام.

• ما حجم النشر في العالم العربي؟

•• يمثل نسبة 1% من النسبة العالمية، عدد عناوين إصدارات عالمنا العربي لا يتجاوز 80 ألف عنوان، ويمكن لدولة مثل إسبانيا أن تتساوى مع إصدارات 22 دولة عربية، والدول العربية ما زالت تنظر للنشر على أنه نشاط خدمي لا صناعة.

• من أين تبدأ المعالجة؟

•• من المكتبات العامة، والمكتبات المدرسية، وتخصيص ميزانيات كافية لبيوت وقصور الثقافة، ما يسهم في تعزيز صناعة النشر، فالكميات المنشورة تتراجع والطباعة تتضاءل، وهذا شيء محزن، كون 400 مليون إنسان عربي بحاجة لزيادة في عدد الكتب.

• ماذا عن القوة الناعمة؟

•• يفترض على الدول العربية الحفاظ على قوتها الناعمة، كتّاباً ومؤلفين وناشرين، لأن لهم ثقلاً كبيراً وتأثيراً على مستوى العالم.

• هل كثرة عدد معارض الكتب مؤشر قوة وحضور قارئ؟

•• يمكن أن نعدها إشارة إلى أن شغف القراءة لا يزال حاضراً.

• كيف نرد على إحصاءات تؤكد أن الإنسان العربي لا يقرأ أكثر من نصف صفحة؟

•• هذه إحصاءات غير دقيقة، ومؤسسة محمد بن راشد قدمت إحصاءات تنفي صحة ما يرد في الإحصاءات الأجنبية، لا تزال القراءة ساكنة وجدان العرب، وأنتم في المملكة في ظل رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لديكم مبادرات تعزز القراءة والنشر.

• كم عدد الناشرين السعوديين المنضمين لاتحاد الناشرين العرب؟

•• أكثر من 60 ناشراً سعودياً أعضاء في الاتحاد. وهناك دعم للترجمة، ودعم لوجستي، ونحن متفائلون بالحضور السعودي نشراً وترجمة وثقافة.

• كيف نخفف على القارئ سعر الكتاب؟

•• بزيادة عدد الكتب المطبوعة، ولأننا لسنا دولاً منتجة لأدوات وعناصر طباعة الكتب، نضطر لاستيرادها ونخضع للأسعار العالمية، بينما الناشر الأجنبي يطبع كميات كبيرة.

• متى يمكنكم إلغاء الرقابة على الكتب؟

•• الكتاب العربي يخضع لرقابة 20 رقيباً على مستوى الوطن العربي، فكل دولة لها أجهزة رسمية معنية بالرقابة على الكتب والمصنفات، وهذا حق سيادي للمحافظة على سياسة وأمن الوطن، وعادات وتقاليد المجتمع، ونحن نؤمن بحق كل دولة في وضع سياستها الرقابية، وبعض الدول الأوروبية لديها رقابة بما فيها فرنسا، فالتطرف والإرهاب والنزعات الطائفية مرفوضة، ونحن ضد أي إصدار يتضمن إساءة، ولا ننكر أن الرقابة تضيق وتتسع من مكان لآخر ومن موسم لموسم، ونتطلع لرقابة موضوعية دون مبالغات، ومن الصعب الإلغاء، لكن نحتاج مرونة، وإن كنتُ شخصياً ضد الرقابة، والمفترض أن المؤلف والناشر لديهما رقابة ذاتية بنشر وكتابة ما ينفع الناس، دون تجاوز أخلاقي أو عقدي.

Trending

Exit mobile version