Connect with us

ثقافة وفن

دوستويفسكي مآلات البؤس

قد تبدو سيرة الكاتب والروائي الروسي فيودور دوستويفسكي في نظر قارئ متشكك كما لو أنها نسجت من خيالٍ أبدي الحزن، وربما

قد تبدو سيرة الكاتب والروائي الروسي فيودور دوستويفسكي في نظر قارئ متشكك كما لو أنها نسجت من خيالٍ أبدي الحزن، وربما علل ما يعتقده قارئ كهذا بأن ليس ثمة بين سير الروائيين الذين تصدرت أعمالهم المشهد الروائي خلال العقود الماضية ما يضاهي أو يفوق البؤس والشقاء اللذين حفلت بهما حياة دوستويفسكي وفي ذلك ما قد يبرر ريبته، فحيوات مؤلمة كالتي عاشها نظراؤه من أمثال آرنست همنغواي وفرجينيا وولف.. لم تحفل باضطرابات مشابهة لتلك التي عاشها فيودور، بيد أن ما لتلك الحياة البائسة بتقلباتها المريعة وانعطافاتها المرعبة من أثرٍ ضاعف إحساسه بالحياة وإثراء زاد من وعيه باضطراباتها وإدراكه لماهية الخير والشر، كما فعلت لحظات البهجة النادرة التي كانت تومض مثل البرق وتغمر عتمته بضياء آني، بديا جليين من خلال أعماله الأدبية، وفي ذلك ما يمنطق قولاً يدحض تلك الشكوك، إذ «لابد من الألم والمعاناة من أجل ذكاء كبير وقلب عميق» كما يذكر دوستويفسكي ذاته في روايته الشهيرة «الجريمة والعقاب» وكما هو حال كل كاتب حين يمسك بأدواته ويقف بروح عارية أمام أوراقه ليدفع إليها بمعاناته، فقد ظهرت الأحداث التراجيدية التي زخرت بها حياة دوستويفسكي بجلاء من خلال رواياته، فشخوص ككيريلوف و«سمردياكوف» و«نيللي» و«الأمير مِشكين» في روايات «الأبلة» و«مذلون ومهانون» و«الشياطين» و«الإخوة كارمازوف» لم تكن لولا ما خبره فيودور عن نوبات الصرع التي كانت تباغته فتسقطه في بركة من الظلام الروحي وهي أحد العوامل التي جعلت عيشه مضطرباً وقلقاً.

إلا أن محاولة استعادته القيمة الاعتبارية لما أراد أن تكون عليه حياته وهو أمر يبدو مشابها على نحو ما لما أسماه «فرويد» «التسامي» تدعم ظنوناً مهمة ترى في براعة دوستويفسكي دليلاً على أننا ندين لقسوة الحياة وتجهمها في استنبات بذرة الإبداع أكثر مما نفعل إزاء حنوها ولينها، وإن بدا قول كهذا من الغلظة بما كان إلا أن شواهده وافرة.

إن أحاسيس متضاربة ورؤىً متقابلة كالتي تعترينا وتتسلل إلينا إبان قراءتنا أحد أعمال دوستويفسكي قد تصل بنا إلى مجاوزةٍ عجائبية تفتح آفاقاً شاسعة وعوالمَ رحبة أمام فضولنا ورغبتنا في اكتشاف المزيد عن ماهية الإنسان وتمنحنا قدراً وافراً من الحكمة التي نحتاجها في حيواتنا، ولذلك فلا غرو أن تبدو قراءته ممتعة وشاقة في الآن ذاته، فلطالما كان مزيج كهذا هو الصنيع الأثمن الذي يسديه إلينا ببراعة فذة.

يجيب دوستويفسكي على الكثير من الأسئلة التي تتربص بنا بطريقة مشوقة وماتعة، ومستنداً إلى غرابة أن يكون الإنسان أكيداً يثير شكوكنا حول معارفنا السابقة ويقيننا تجاه أنفسنا والآخرين، فيدفع بنا إلى التأمل والتفكير على نحو دقيق وعميق لنصل إلى جذور تلك الأفكار التي نكتظ بها والأحاسيس التي تزدحم بها أرواحنا، ولنبني أساساً لما نعتقده صواباً على نحو مستق وصلب، كما أن ما يتسلل إلينا عبر تحليلاته يعيننا على تجاوز الطبقات المتراكمة للنفس البشرية والنفاذ إلى جوهرها، ولاشك بأن أمراً كهذا رغم صعوبته هو ما يخلق حيلنا التي نتجاوز بها مآزقنا كما صنع طريقته في إخماد الشكوك التي كانت تؤرقه ومضى به إلى أخرى أقل ريبة، وهي المفارقة التي جعلت من مؤلفاته «المرجعية الأفضل التي يلزم الاستناد إليها لفهم طبيعة الأمور»، كما يرى الكاتب والروائي الأمريكي «سكوت سبنسر».

إن سحر دوستويفسكي لا يتجلى بكامله في إيقاع جمله أو موسيقاها ولا في انضباط النثر الجيد ولا في بلاغته ولا في انعطافات الحبكة ولا في سرده المشوق بالرغم أنه يجيد كل ذلك، بل في بنائه للشخصيات المركبة والمربكة بطبقاتها المعقدة وتناقضاتها الحادة وفي الوقع الذي تحدثه تحليلاته على أنفسنا وتوصيفه لشعور ما على النحو الذي نستطيع التقاطه بسهولة وفي قدرته على أن يبقي القارئ مقيدا إلى جمله بينما ينطلق فكرة ليهيم شارداً ومتصيداً لحكمة ما أو لحل أحجية ملحة أو تبرير حيرة دؤوبة، وفي قدرته على إقناع القارئ بالتواطؤ معه لتذعن روحه لسلطة أفكاره بينما تسري المتعة في أوصاله، فمن خلال تعدّد الأصوات في الرواية الواحدة هو لا يعبر عن تعددية الآراء فحسب بل يصور تعددية كل منا وتناقضه مع طبيعته الحقيقية فيضعنا في مواجهة ذواتنا، ولذلك فإن مبعث الدهشة التي تعترينا ونحن نقرأه هو قدرته على الغوص بنا في أعماقنا والوصول إلى المناطق النائية فيها وإعانتنا على اكتشاف ما يمكن أن يغري خياراتنا أو يُكرهنا على قراراتنا، كما أنه يسلط الضوء على ميلنا إلى اقتراف الإثم ومن ثم تبريره وتزييف دوافعه، من خلال مهارته في تفسير الضغائن وتبرير الأحقاد والظنون العائمة في أرواحنا والدوافع والاضطرابات التي تعترينا لكنه يباغتنا ودون وضوح يقيني بما يبعث على قلقنا تجاهه، إذ لا يلبث أن يعيدنا إلى الشعور بالذنب وتأنيب الضمير بوصفه دافعاً أخلاقياً أصيلا وليس دخيلا على الطبيعة الإنسانية، الأمر الذي غالباً ما يفضي إلى صراع داخلي مرير، لكنه لا يكتفي بذلك بل يرشدنا إلى أن الموقع المثالي لذلك الشعور الذي يجب أن يسبق وقوع الإثم ليحول دون ارتكابه ويصد محاولات الأفكار المريعة إيهامنا بأن قيمة أي فعل هي فيما يرشح عنه، وأياً كان مقدار اللائمة التي ستلقى عليه فهي غالبا ما تبدو ضئيلة أمام هدف مرضٍ وجذاب. وينبهنا إلى أن مآلات تبدي نبلها لا تستحق أن نغفل إنسانيتنا أو نستبدلها بأخرى مبتكرة لها معتقدات متلونة من أجل بلوغها وفي الوقت الذي يجمع فيه شتات أفكارنا حول أمر ما فإنه يعمل على شتات ما اجتمع حول أمر آخر لكن الفوضى التي يثيرها دوستويفسكي لا تلبث أن تهدأ لتجلي الغموض الذي يحيط بنا وتملأ الفراغ الذي نكتظ به فتعيد تنظيم أرواحنا، وليتخلق منظور جديد نحو الحياة يعيد إلى أعيننا قدرتها على رؤية الجمال.

ولذلك فنحن لا نكاد نقاوم انجذابنا نحو رواياته ولأن لكلماته القدرة على التسلل عبر ثقوب الروح وهي تحدق فينا بعيني دوستويفسكي، لتعيرنا نوراً سحرياً فتعترينا دهشة حانية توقعنا تحت تأثيرها ندلف إلى رواياته ثانية فإذا بنا في منطقة وسطى بين ارتباك الذاكرة وهي تبحث عن العاطفة التي انتابتنا في القراءة الأولى وبين محاولة العقل اكتشاف أين يكمن ذلك الشيء الغامض الذي تنبعث منه الدهشة فإذا به يتكشف بنور جديد يضيء جانباً آخر في عقولنا، فهذا الذي يبدو أبدي العتمة يمنحنا استقلالاً آنياً، وإذا ما واصلنا قراءته فإنه يلقي بظلال لطيفة على أرواحنا ويستمطر الغيمات العابرة سريعاً في مقلنا، هو لا يورثنا كدراً عابراً ينجلي بمجرد أن نفرغ من قراءته أو دهشة محضة تمضي حين نغادره ولكنه يبذرهما في أرواحنا كنبتة ضيئلة تنمو وتتجذر سريعاً، ولذلك فإن قراءة متكررة لرواياته دربة للحواس ومران للعقل تمكناننا من الظفر بقدر وافر من الوعي والإدراك قد نكون مدينين بها لبؤسه وشقائه.

Continue Reading

ثقافة وفن

منع أم تأجيل؟.. حقيقة منع الرقابة على المصنفات الفنية فيلم «استنساخ» لسامح حسين

أثار الفنان المصري سامح حسين جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية، وذلك بعدما أعلن بشكل

أثار الفنان المصري سامح حسين جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية، وذلك بعدما أعلن بشكل مفاجئ قبل دقائق من موعد انطلاقه، إلغاء عرض فيلمه الجديد «استنساخ»، الذي كان مقررا أمس (الإثنين)، في إحدى صالات العرض السينمائية بالقاهرة، ما أثار التساؤلات حول أسباب القرار المفاجئ.

وخرج سامح حسين، بطل الفيلم، يعتذر للجمهور عن إلغاء العرض الخاص لفيلمه استنساخ، مؤكداً أن قرار التأجيل جاء خارج عن إرادته دون الكشف عن الأسباب.

كتب سامح حسين منشوراً عبر حسابه بموقع فيسبوك، وقال: «لكل الناس اللي كانت جاية العرض الخاص لفيلم استنساخ اليوم، بعتذر لكم جدًا، تم تأجيل العرض الخاص لظروف خارجة عن إرادتنا، شكرًا لكم وحقكم عليا».

ولم تمر ساعات ويقوم سامح حسين بحذف منشور اعتذاره للجمهور عن تأجيل العرض الخاص لفيلمه استنساخ، كما تنتشر في نفس الوقت شائعات تفيد بأن سبب الإلغاء يعود إلى الرقابة على المصنفات الفنية بسبب بعض المشاهد ومن الممكن عدم عرضه نهائياً.

وفي السياق، أصدر السيناريست عبد الرحيم كمال رئيس الرقابة على المصنفات الفنية في مصر بياناً رسمياً لوضع حد لتلك حالة الجدل، حيث نفى كل الشائعات التي خرجت بإلغاء العرض لفيلم استنساخ بقرار من الرقابة لعدم حصوله على تصريح بالعرض.

أخبار ذات صلة

وكشف عبدالرحيم كمال السبب الحقيقي وراء التأجيل، موضحاً أن صناع العمل تأخروا في التقدم للحصول على ختم الرقابة وطلب التصريح الخاص بالفيلم بعد انتهاء مواعيد العمل الرسمية للرقابة، مما أدى لتأجيل العرض يوماً واحداً فقط.

وأكد عبد الرحيم في البيان أن صناع الفيلم سيحصولون على التصريح اليوم (الثلاثاء) الموافق 8 أبريل، خلال مواعيد العمل الرسمية، ويمكنهم بعد ذلك إقامة العرض الخاص للعمل بشكل طبيعي، الذي كان من المقرر إقامته أمس (الإثنين).

يشار إلى أن فيلم «استنساخ» من المقرر طرحه في جميع السينمات بالقاهرة غداً (الأربعاء) بتاريخ 9 أبريل الجاري، ويشارك في بطولته إلى جانب سامح حسين كل من هبة مجدي، هاجر الشرنوبي، محمد عز، وآخرين، والعمل من إخراج عبد الرحمن محمد.

Continue Reading

ثقافة وفن

سخرية أم خلاف جديد.. أول تعليق من محمد رمضان على إعلان ياسمين صبري وقف مقاضاته وقبول اعتذاره

دخلت الأزمة بين الفنانة المصرية ياسمين صبري والفنان المصري محمد رمضان منعطفا جديدا بعد تعليق الأخير بشكل ساخر

دخلت الأزمة بين الفنانة المصرية ياسمين صبري والفنان المصري محمد رمضان منعطفا جديدا بعد تعليق الأخير بشكل ساخر على إعلان ياسمين بإيقافها اتخاذ الإجراءات القانونية لمقاضاته بعد إساءته لها في واقعة نشب بينهما في إحدى المناسبات، سرعان ما تحولت الواقعة إلى حديث الجمهور وتم تداولها على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

واستعان محمد رمضان بمشهد من مسلسل «الأسطورة»، للرد على ياسمين صبري، حيث نشر عبر حسابه الشخصي بموقع فيسبوك وإنستجرام مقطعاً صوتياً من مشهد براءة ناصر الدسوقي من المسلسل الذي شاركت فيه ياسمين أيضاً، وعلق قائلاً: «ناصر الدسوقي براءة».

وانقسمت الآراء بين الجمهور حول تصرف محمد رمضان الأخير والبعض يرى أن سيزيد الخلاف بينهما مرة أخرى، والبعض الآخر يرى أن لا يجب السخرية من زميلته وهذا الأمر غير مقبول.

وكان محمد رمضان بادر في وقت سابق بالصلح من خلال رسالة وجهها لياسمين صبري على حسابه الشخصي في نهاية شهر رمضان ومع بداية عيد الفطر، وقال: «رسالتي إلى الزميلة الجميلة رفيقة النجاح ياسمين صبري، لا عتاب بين الأحباب وكل سنة وانتي طيبة وناجحة في حياتك وعملك».

أخبار ذات صلة

وفي السياق آخر، أصدر مكتب المستشار طاهر الخولي بياناً رسمياً أخيرا بصفته الوكيل القانوني للفنانة المصرية ياسمين صبري التي قررت التنازل عن اتخاذ أي إجراءات قانونية بعد أن بادر محمد رمضان بتقديم اعتذار رسمي لها عبر حساباته الإلكترونية.

وأكد البيان أن قبول الاعتذار جاء انطلاقا من حرص ياسمين على الروابط التي بينهما وعلى الزمالة الفنية ورسالة للتسامح في هذه الأيام المباركة.

Continue Reading

ثقافة وفن

استعداداً لطرحه في الصيف.. تركي آل الشيخ يكشف البوستر الرسمي لفيلم «أحمد وأحمد»

كشف رئيس الهيئة العامة للترفيه المستشار تركي آل الشيخ، عن البوستر الرسمي لفيلم «أحمد وأحمد»، بطولة النجمين المصريين

كشف رئيس الهيئة العامة للترفيه المستشار تركي آل الشيخ، عن البوستر الرسمي لفيلم «أحمد وأحمد»، بطولة النجمين المصريين أحمد السقا وأحمد فهمي، استعداداً لطرحه في جميع السينمات بمصر ودول الوطن العربي خلال موسم صيف 2025.

وروّج المستشار تركي آل الشيخ للبوستر عبر حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، وظهر في البوستر الثنائي أحمد السقا وأحمد فهمي في لقطة كوميدية على النافذة الأمامية لسيارة، وسط أجواء توحي بالمغامرة والكوميديا.

ويعتبر فيلم «أحمد وأحمد» أول لقاء بين السقا وفهمي وجهاً لوجه في السينما، إذ تعاون الثنائى في أكثر من عمل كضيفَي شرف، إذ ظهر أحمد فهمي ضيف شرف بمسلسل «جولة أخيرة» من بطولة أحمد السقا الذي عرض على إحدى المنصات العالمية، بينما شارك السقا في فيلم «عصابة الماكس» ضيف شرف.

أخبار ذات صلة

وينتمي فيلم «أحمد وأحمد» إلى نوعية الأعمال التي تجمع بين الكوميديا والأكشن، إذ يظهر أحمد السقا بشخصية خال أحمد فهمي، فيما يلعب الأخير دور مهندس ديكور، ويعيشان سوياً العديد من المغامرات والمواقف الكوميدية والأزمات خلال أحداث العمل.

يشارك في بطولة الفيلم إلى جانب السقا وفهمي، عدد من النجوم أبرزهم غادة عبدالرازق، جيهان الشماشرجي، محمد لطفي، رشدي الشامي، حاتم صلاح، إضافة إلى عدد من ضيوف الشرف، منهم الفنان إبراهيم حجاج. والفيلم من فكرة وسيناريو وحوار أحمد درويش ومحمد عبدالله، ويخرجه أحمد نادر جلال.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .