Connect with us

ثقافة وفن

حرب غزة تُربك مواقف المثقفين

ليس من عاقل يمجّد الحرب، ويمدح الدمار، ويبرر القتل دون حيثيات قانونية، ناهيك عن كون المثقف إنساناً شفيفاً مرهف

ليس من عاقل يمجّد الحرب، ويمدح الدمار، ويبرر القتل دون حيثيات قانونية، ناهيك عن كون المثقف إنساناً شفيفاً مرهف الحس، فالمعطيات الحضارية للمثقف ترفع درجة مسؤوليته عن الإنسانية؛ ليقف بالكلمة متصدياً لآلة عدوان، تقصف أبرياء دون هوادة ولا رحمة، وتدفعه للتنديد بما يجري كحد أدنى من واجب أخلاقي، فيما يلتزم مثقفون منطقتهم الرمادية، ويسقط آخرون في بؤرة المداهنة.

ترى المخرجة السينمائية تغريد سعادة أن أثر الحروب على النخب الثقافية، والعطاء الإبداعي، يختلف بحسب مواقف المثقفين من أي حرب دائرة، فربما يتفاعل معها المثقف ويكتب عنها أو يقف على الحياد ولا يسجل أي موقف، مشيرةً إلى أن الجمهور يصطف لجانب من كتبوا عن الحرب، ويعتبرونهم الصوت الذي يمثلهم ويعكس معاناتهم وتطلعاتهم.

وأوضحت أن أدب الحرب أدب عالمي قديم، وبرز مثقفون كتبوا عنها؛ منهم ميخائيل شولوخوف، ليو تولستوي، يوري بونداريف، أرنست همنغواي، إضافة إلى الكاتب الكندي مايكل اونداتجي؛ الذي كتب الرواية المبدعة ذائعة الصيت (المريض الإنجليزي)؛ التي تحولت إلى فيلم سينمائي، بالغ الفنية. وعدّت سعادة، أدب الحرب تعبيراً عن واقع، إما بالتوثيق، البعيد عن الخيال المغذي مساحة الابداع عند الكاتب. وأضافت: أن الحروب لم تحد من الإبداع، والدليل أسماء عربية عاشت الحروب وأبدعت منها: الروائي الفلسطيني غسان كنفاني بروايته «رجال في الشمس» والروائية العراقية إنعام كجه جي بروايتها (الحفيدة الأمريكية)، والروائي السوري خالد خليفة بروايته المعروفة (الموت عمل شاق)، والروائية اللبنانية غادة السمان في (كوابيس بيروت)، والروائي الجزائري واسيني الأعرج في رواية (رماد الشرق). وذهبت إلى أن الإبداع له شروطه الذاتية، منها الموهبة الحقيقية، إضافة إلى مستوى الوعي والفهم والعمق واستخدامات مفردات اللغة، ولفتت إلى أنه ليس كل من يولد زمن الحروب مبدعاً، كما أنه ليس كل أديب أو شاعر يولد وقت السلم يبدع.

وعزت الشاعرة سميا صالح إلى الحروب وضع المثقف في مأزق الاختيار، بحكم أن الحرب بين خصمين متناقضين، أحدهما حقيقي والآخر تلفيقي، مؤكدةً أن اصطفاف الثقافة لا بد أن يكون مع الحقيقة. وأضافت: بما أن هذا العالم لا يأبه بالحقيقة فلا بد للثقافة أن تتجنب الحروب، إلا بالوصف لا التبرير. وأوضحت أن كبار كتاب العالم كتبوا عن الحروب بوصفها منبعاً للألم والموت الذي يتناقض مع روح الإبداع والثقافة، فوصفهم لها لم يورطهم بخوض غمارها، ولا امتداحها.

ويرى الشاعر ماجد أبو غوش: أن هناك نوعين من الحروب؛ عادلة، وظالمة عدوانية. مؤكداً أن الأصل أن تكون المواقف الثقافية ثابتة في الحالتين، مشيراً إلى أن المثقف الحقيقي والعضوي، يقف في الخندق الأول؛ خندق الحروب العادلة؛ التي تعني هنا حروب التحرر الوطني أو حروب الدفاع عن الوطن، وأيضاً في الخندق الأول ضد الحروب الظالمة، الحروب التي يشنها الاستعمار لنهب خيرات الشعوب ويطمح لاستعبادهم. وكشف أبو غوش أن وقت الحرب يتركز العطاء الإبداعي على الهم العام للمثقف الحقيقي، ويكون شغله الشاغل بدرجات جمالية متفاوتة؛ ليغدو الصوت المرتفع المنادي بالحرية.

وعدّ الشاعر زين العابدين الضبيبي، المثقف الحقيقي في حالة حربٍ دائمة، يخوض حروبه الخاصة مع الأفكار والأنماط الجامدة والعادات والتقاليد المتخلفة التي تعوق طريق البشرية للوصول إلى السلام. ويرى أن أشد الحروب ضراوة، ما تحتمه ظروف المواجهة ومجابهة ما يسرق الأمن والسلام ويثير الفزع وينهب الأرواح، ما يضاعف من طاقة المثقف ويساعده للاحتشاد انتصاراً للضحية بل مشاركاً لها في الوجع، ومنغمساً في لهب المأساة. وقال: في الحروب كل النصوص تكتب بالدم وتقرأ بنفس الكيفية التي يصرخ فيها الضحايا، وتكون فيها علامات الترقيم جثث الأطفال والنساء، وصفحاتها مساحات الخراب التي خلفتها الحرب وبشاعة الأسلحة وقبح من يقفون خلف الطغاة ويدفعون بعجلة الموت إلى الأمام.

حيادية المثقف في حرب غزة خيانة

فيما أكد الشاعر بلال المصري، أن الحروب تكشف العالم على حقيقته، وتعري المثقف وتكشف، مستوى علاقته بالقيم الإنسانية والمهمات الحضارية لأداء دوره؛ باعتباره منتجاً للثقافة والفكر والحقيقة!

ولفت إلى خطورة سلبية بعض المثقفين؛ الذين يسقطون في بؤرة المداهنة، وجُبّ الصمت، متذرعين بالحياد، فيما عدّ المصري الحيادية في حرب غزة، خيانة للرسالة الإنسانية التي يحملها المثقف. ويرى أن المثقفين الأشد قبحاً يقفون دائما إلى جانب الأقوى في سبيل صون مصالحهم الشخصية وأوهامهم، ضارباً مثلاً بالكاتب الفرنسي من أصل مغربي الطاهر بن جلون الذي قال، في أول أيام حرب غزة «الحيوانات لم تكن لتفعل ذلك»، وعدّ قوله سقطة لن ينجو من تبعاتها. ويرى أن الحياد والانحياز للطغيان في الحروب «تشويه مريع وقاتل» لروح الإبداع الذي لا يمكن أن يحضر دون الانتماء الحقيقي للقيم الإنسانية، التي تبرزها الحروب من خلال المثقفين المنخرطين في المعركة والمنحازين إلى إنسانيتهم بالكامل دون حساب للربح أو الخسارة، لافتاً إلى أن بعضهم يتجاوز القلم والكلمات إلى المشاركة فعلياً في المعركة تجسيداً ووفاء لمبادئه، فالمثقف أولاً وأخيراً موقف، وهناك من ضحى بحياته، ومن أمثال هؤلاء فيدريكو غارسيا لوركا وخليل حاوي، ما يجعل روح الإبداع حية ملهمة وحقيقية لدرجة أن تبقى خالدة للأبد.

Continue Reading

ثقافة وفن

في الذكرى الـ15 لرحيله.. عبدالعزيز الحماد جسّد المسرح ورسم الكلمة ولوَّن اللوحات

يصادف غداً الذكرى الخامسة عشرة لرحيل الفنان السعودي عبدالعزيز الحماد (1946–2010م)، أحد رواد الفن التشكيلي والمسرحي

يصادف غداً الذكرى الخامسة عشرة لرحيل الفنان السعودي عبدالعزيز الحماد (1946–2010م)، أحد رواد الفن التشكيلي والمسرحي والإذاعي في المملكة، وأحد الأسماء التي حملت روح الريادة بثبات ورقي، في زمن البدايات الأولى للحراك الثقافي.

وُلد الحماد في محافظة الزلفي 1946م، وتخرّج في معهد إعداد المعلمين الابتدائي بالرياض 1962م، قبل أن يُكمل دراسته الفنية بمعهد التربية الفنية ويتخرّج فيه 1967م. لم تكن خطواته مترددة، بل مضيئة، حين ابتُعث إلى الولايات المتحدة لإكمال دراسته في الفن التشكيلي، ليعود منها بتجربة بصرية ناضجة انعكست على معارضه ومشاركاته التشكيلية.

لكن الحماد، لم يكن فناناً تشكيلياً فقط، بل كان ممثلاً ومؤلفاً ومخرجاً إذاعياً. كانت بداياته المسرحية مبكرة، إذ شارك خلال دراسته مع زملائه، من بينهم محمد الطويان، ثم انتقل إلى الشاشة الصغيرة 1968م، بمسلسل «الوجه الآخر»، الذي كتبه ومثله، وأخرجه سعد الفريح. وفي 1969م، شارك في المسلسل التونسي «عمارة العجائب»، ليُكمل العام التالي بعمل إذاعي ترك بصمة خاصة: «سواليف الناس»، الذي كتبه وأخرجه بنفسه، وصار لاحقاً من العلامات الفارقة في تاريخ الإذاعة السعودية.

كما كان الحماد أول من تولى مسؤولية الفنون التشكيلية في جمعية الثقافة والفنون عند تأسيسها، ليجمع بين الرسم والمسرح والكلمة والصوت في سيرة واحدة تُجسّد الفنان الشامل.

توفي عبدالعزيز الحماد في 17 يونيو 2010م، بعد معاناة مع مرض السرطان، وخلّف وراءه تجربة غنية تستحق التذكّر، واسماً لا يغيب عن ذاكرة من عاشوا بدايات الفن السعودي. وفي ذكراه، نستعيد أثره، ونوقن أن الريادة الحقيقية تُخلَّد بالفعل، لا بالقول.

أخبار ذات صلة

Continue Reading

ثقافة وفن

جمعية الأدب تعلن «القائمة القصيرة».. 7 روايات تترشح لسيناريوهات سينمائية

أعلنت جمعية الأدب المهنيّة ترشّح 7 روايات للقائمة القصيرة لمشروع تحويل الرواية السعودية إلى سيناريوهات أفلام

أعلنت جمعية الأدب المهنيّة ترشّح 7 روايات للقائمة القصيرة لمشروع تحويل الرواية السعودية إلى سيناريوهات أفلام سينمائية.

وأوضح الرئيس التنفيذي لجمعية الأدب عبدالله مفتاح أن الروايات المرشحة للقائمة القصيرة ضمّت «أسير نيش لأحمد السبيت، وابنة ليليت لأحمد السماري، والحفائر حفرة الجبل لخالد النمازي، وحوش عباس لجابر مدخلي، وغفوة ذات ظهيرة لعبدالعزيز الصقعبي، والمزهاف لخليفة الغالب، ووجوه الحوش لحسين علي حسين».

وأكد الرئيس التنفيذي أن فرز المرحلة التالية سيرشح ثلاث روايات لتتحول إلى سيناريوهات أفلام ويتم تسويقها لمنتجين متخصصين.

أخبار ذات صلة

Continue Reading

ثقافة وفن

في دراما اجتماعية.. كندة علوش تواجه الخيانة والانتقام بـ«ابن النصابة»

بدأت الفنانة السورية كندة علوش تصوير أولى مشاهد مسلسلها الجديد «ابن النصابة»، في تجربة درامية تحمل مزيجًا من الإثارة

بدأت الفنانة السورية كندة علوش تصوير أولى مشاهد مسلسلها الجديد «ابن النصابة»، في تجربة درامية تحمل مزيجًا من الإثارة والتشويق والطرح الاجتماعي الجريء، تحت إدارة المخرج أحمد عبدالوهاب، تمهيدًا لعرضه قريبًا على إحدى المنصات.

ويشارك في بطولة العمل مجموعة من النجوم، بينهم انتصار، حمزة دياب، معتز هشام، ياسمينا العبد، وحازم إيهاب، إذ يجتمعون في عمل إنساني يسلط الضوء على قضايا حساسة تمس حياة كل أسرة عربية، ويقدَّم برؤية جديدة تواكب تطلعات جمهور الدراما.

وتجسد كندة دور «رانيا»، وهي محامية تنهار حياتها فجأة بعد اختفاء زوجها وتركه لها ولابنهما الوحيد. وبينما تحاول لملمة شتات حياتها، تقرر الانتقام والمضي في معركة لاستعادة كرامتها وتحقيق العدالة، مستعينة بابنها المراهق، بطل سباقات الدراجات، الذي يتحول إلى حليفها الأقرب في هذه المواجهة.

ويطرح «ابن النصابة» تساؤلات جريئة حول مسؤولية الرجال تجاه أسرهم، ويستعرض قضايا العدالة، القوة، الأمومة، والانكسار من منظور نسائي محوري. ويُتوقع أن يثير العمل تفاعلًا واسعًا نظرًا لتناوله واقعًا معاشًا بكثير من الصدق والعمق.

وعلى صعيد آخر، كان آخر ظهور درامي لكندة علوش في مسلسل «إخواتي»، الذي عُرض خلال موسم رمضان 2025، وشارك فيه عدد من النجوم، أبرزهم نيللي كريم، روبي، جيهان الشماشرجي، نبيل عيسى، وإسلام حافظ، من تأليف مهاب طارق وإخراج محمد شاكر خضير، ودار في إطار اجتماعي مشوّق حول جريمة قتل غامضة وأسرار عائلية تهز حياة أربع شقيقات.

أخبار ذات صلة

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .