Connect with us

ثقافة وفن

«حرب القوم» أو أقاويل البهتان والبطْلان

«حرب القوم» رواية تفضح الخطاب الاستعماري، وتفنّد مزاعم السّردية الاستعمارية، فأن يُقاتل عليٌّ بطلُ الرواية ضدّ

«حرب القوم» رواية تفضح الخطاب الاستعماري، وتفنّد مزاعم السّردية الاستعمارية، فأن يُقاتل عليٌّ بطلُ الرواية ضدّ «ألمانيا النازية» دفاعاً عن «فرنسا الاستعمارية»، هو كمَنْ يدفع عن نفسه وباءً قاتلاً ليقع في وباء أشد قتلاً. فالقتل هو المهمة التي أوكلتها إليه فرنسا التي استعمرت بلاده، واستعبدت أهله، والتي يروي محمد المعزوز، الكاتب والباحث والروائي، كيف قام عليٌّ وأخواه موسى وعيسى ووالدُهم بتنفيذ تلك المهمّة. ولكي نرى كيف جرت عملية التنفيذ تلك، يكفي أن نعرف أنّ عليّاً كان يقول في السرّ والعلن: «ألمانيا النّازية امتداد بشع لفرنسا المُسْتَعْمِرَة، هما معاً يقيمان فخاً للحياة، يخلقان لدى أبناء مُسْتَعَمَرَاتِهم لذّةَ القتل وشهوة العدوان». و«القوم» (أو«الكوم») مصطلح أطلقه الجيش الفرنسي الاستعماري على وحدات الدعم والإسناد المكوّنة من أبناء المستعمرات الفرنسية في شمال أفريقيا، وتحديداً من الشبّان الأشدّاء وهم في أوج عنفوان الشباب. في حين أنه كان الأولى بهؤلاء الشباب أن يصرفوا جهدهم في تحمّل المسؤوليات الملقاة على عاتقهم لكي يعيلوا أهلهم، وأن يحلموا بغدٍ أفضل وبمشاريع يغيّرون بها واقعهم وواقع أسرهم المزري. هؤلاء الشباب، خلافاً لذلك، أرغمهم الجيش الفرنسي على الانخراط في صفوفه، فجنّد منهم عشرات الآلاف، ومن مختلف أنحاء مستعمراته خلال الحرب العالمية الثانية، للوقوف في وجه آلة الحرب النازية. ولذا، لم يكن أمام هؤلاء الشبان إلّا التصدي البطولي دفاعاً عن النفس أولاً وقبل كل اعتبار آخر، فسطّروا ملاحم بطولية في القتال والمجابهة، وقدّموا دروساً في الشجاعة والإقدام والتضحية، دروساً دوّخت الجنرالات والمسؤولين العسكريين الفرنسيين قبل أن تلقي الرعب في قلوب النازيين. فهُم، بعد فترة تدريب قصيرة، لم يجدوا سبيلاً للخلاص سوى الاعتماد على أنفسهم وعلى شجاعتهم وتفانيهم في الذود عن أنفسهم، علماً بأنهم واجهوا أهوال الحرب البشعة بأسلحة متواضعة بالمقارنة مع الأسلحة التي كان رفاقهم الفرنسيون يزوَّدون بها. وعلى الرغم من ذلك كله، أبلوا بلاء حسناً، وفرضوا أنفسهم في الميدان، كما فرضوا احترامهم فرضاً على رفاقهم الجنود وجنرالاتهم الذين باتوا يعتمدون عليهم في المعارك الصعبة، بعدما كانوا يتعاملون معهم بطريقة، أقل ما يقال إنها بالغة الخِسّة والدناءة. ومن المفارقات أن تقارير القادة العسكريين الفرنسيين التي تصف تجربتهم القتالية تُجمع كلّها على قدرة الجنود المغاربيين في الاستطلاع والحرب السريعة والتكيف مع المناطق الجبلية الوعرة، وتُشير إلى أنهم أبدعوا أساليب وطرائق جديدة في المداهمات والارتجال بمعزلٍ عن ضباطهم الفرنسيين، وكانوا يواجهون الدبابات بصدورهم متحدّين قسوة الطبيعة.

تقع رواية «حرب الكوم» في 238 صفحة وتتوزع على ثمانية فصول تتضمّن دروساً من التاريخ تحكي عنفوان التطلّع إلى الحرية، والثورة على خطاب الاستعمار وممارساته، إذ يستحيل تصديق كلام المستعمرين، فنظرتهم إلى الأمور لا يمكن أن تكون إلا من خلال استكبارهم واستعلائهم على الآخرين، ومن خلال هيمنتهم المطلقة على الآخر (المستعمَر، بفتح الميم) واحتقارهم له. من منطلق الوحشية والهمجية هذا، لا يمكن للإنسان السوي أن يصنّف الاستعمار والاستعماريين إلا خارج دائرة الإنسانية، ولا يمكن له أن يعدّهم في عداد البشر، فقسوة قلوبهم وفظاظة سلوكهم ومعاملاتهم المسكونة بانعدام الأخلاق، وانعدام الحسّ الإنساني بالآخر، تدفع إلى القول بأن ما يوصف عادةً بالاستعمار (المشتق من العمار والتعمير) هو في حقيقة الأمر استدمار لأنه قائم على الدمار والتدمير. فالمستعمر لا يرى أنّ الآخر هو إنسان له الحق في العيش في بلده ووطنه، بكرامة وحرّية، فيتعامل معه بغريزة حيوانية تشرع له التصرف به كما يريد، وبنظرة متعالية يحكمها نظام فاقد للقيم، في حين أن عليه أن يُقِرّ بكرامة الآخر وأنفته، لا بل عليه أن يُقِرّ بأكثر من ذلك: أن يعترف بفضل من استعمرهم عليه.

تعرض الرواية وقائع حقيقية حدثت في الحربين العالميتين الأولى والثانية، حين كان شباب المغرب العربي يجنّدون رغماً عنهم، ويُستخدَمون كوقودٍ لتينك الحربين، حيث كانوا يرسلون إلى خطوط القتال الأمامية، كطعم للدبابات، ومع ذلك، كانوا لا يأكلون كما سائر الجنود، ولا يرتدون الملابس العسكرية مثلهم، ولا يعامَلون مثل رفاقهم الغربيين، ولا يحظون بالاحترام الذي يستحقونه كما يُحترَم الآخرون… هذه الفروق الجوهرية جعلها الكاتب مادةً أساسية في روايته، فهذا التمييز العنصري لا نراه في ميدان المعارك فقط، بل في الإهمال واللامبالاة التامة التي كان المسؤولون العسكريون يمارسونها ضدّ المجنّدين المغاربيين. كذلك تُخبرنا الرواية بما حدث لإحدى العائلات حيث الشاب عليّ ووالده كانا قد شاركا في الحرب العالمية الأولى، وعادا سالِمَيْن من الحرب الضروس التي خاضاها. ثم مع اشتداد ضراوة الحرب العالمية الثانية، تم تجنيد شقيقَي علي الشابين عيسى وموسى، اللذين كان رمزاً للقوة البدنية وحُسنِ الأخلاق في آن معاً. في المعارك أثبتا قدرات قتالية فنّية رائعة لم يكن حتى جنرالاتهم قد رأوا مثيلاً لها، أو اطّلعوا عليها أو درسوها في علومهم العسكرية. فما فعله الأخوان المغاربيان كان بدافع التفاني في الدفاع عن النفس بشجاعة نادرة. وفي الرواية، حدَث أن تعرف عيسى على عائلة يهودية كانت تعيش تحت ضغط التهديد النازي والرقابة الصارمة المفروضة على أفرادها. غير أن عيسى وجد طريقة لإدخالهم إلى وهران وإبعادهم عن أعين النازيين، ثم ما لبث هذا الشاب أن وقع في حب آدار الابنة اليهودية، وتواعدا على الزواج. ومن هناك التحقت العائلة اليهودية بمدينة وجدة، حيث تعرّفت على أسرة عيسى التي كان حماد، وهو مرتزق يعمل مع الجيش الفرنسي، قد تزوج عنوة بزليخة أخت عيسى وهي شابة في مقتبل العمر، بعد أن كان يحلم بالزواج من أمها حليمة.

عرفت أم موسى وعيسى العوز والفقر، مما دفعها إلى العمل عند أحد المستعمرين. هذا المرتزق الذي كان يعامل زليخة بكثير من التسلّط والاحتقار، دفعته دناءة نفسه أيضاً إلى الاعتداء جنسياً على الأم حليمة التي تمكّنت من الفرار، ثم ما لبثت زليخة أن انتفضت عليه وفرّت منه والتحقت بأمها. تتلاحق الأحداث، فنعلم أن «الزوج» لاحقها وأمرها بالعودة إلى البيت، إلا أنها قاومت وفضلت الموت بطريقة مأسوية على أن تعود إلى حياة الخوف والتسلّط والاضطهاد. بقيت الوالدة وحيدةً، فاستقبلتها العائلة اليهودية، لكن والد أدار رفض فكرة زواج ابنته من عيسى، وعرض عليها أن تتزوّج رجلاً يهودياً فرفضت وبقيت صامدة على موقفها، واحتمت بوالدة عيسى التي كانت تجد لديها الحنان والمواساة لتهدئتها. ثم نعلَم أن موسى اختفى من دون أن يعرف شقيقه ما وقع له، أو أين ذهب؟

عاش عيسى ويلات الحرب اليومية، وشاهد استشهاد الكثير من رفاقه المجنّدين من قبل المستعمر، وحينما خفَتَ سعير الحرب، منحهم المسؤول مدّة يومين للقيام بمهمة استكشاف في مدينة إيطالية. في هذه الأثناء، قلّد بعض الجنود الفرنسيين رجال الكوم في لباسهم، وقاموا بانتهاك حرمات بعض نساء المدينة، مقدمين أنفسهم على أنهم جنود مغاربة، وتناقلت إلى مسامع عيسى أخبار عن اغتصاب الكوم لنساء إيطاليات من طرَف الكوم في مناطق لا تسبو وتوسكانا، فزع لما سمعه ولم يصدّق حجم الأخبار المتناقلة وصور بشاعتها. كان وقتها في مطعم تقليدي عتيق محاطاً برفاقه وهم يستعرضون مستغربين ما بات يذاع بين سكان فروزنيوني، شعّت نظرات من الإيطاليين إليهم بالحذر والتوجس وسادها خوف رهيب، حتى إن كثيراً منهم غادر المطعم هلعاً قبل أن يتناول شيئاً.

اكتشف عيسى ورفاقه أن العملية مدبّرة من الإدارة الاستعمارية، ووجب عليه أن يدافع عن رفاقه ومواجهة المسؤولين بحقائق تثبت عكس الشائعات المغرضة، فلم يعترف المسؤولون، ولم يصغوا إلى كلامه، اعتبروه مجنوناً، وعاقبوه بسجنه في حفرة دون أكل أو شراب أياماً عدة، بل وقتلوا مجموعة من رفاقه رمياً بالرصاص.

خرج عيسى من الحرب سالماً، وعاد إلى مدينته ليشاهد ما آلت إليه من بؤس وشقاء، تزامن وصوله مع موت والدته التي دبّر حيلة، رغم الحراسة المحاطة به من كل صوب، وألقى عليها نظرة أخيرة، ثم ذهب عند الجبان حمّاد ليقتله بطريقة شنيعة أراح بها زوجته قبل سكان المدينة، الذين لاقوا منه معاملات لا تطاق، وبإيعاز وتزكية من طرف المستعمر.

اختفى عيسى في مكان جبلي ليس بعيداً عن المدينة، وارتبط بعلاقة صداقة مع راعٍ ساعده لزيارة حبيبته بعد أن دبّر وسيلة لتفادي رقابة الجيش والحراس المزروعين في كل مكان، بحثاً عنه وإلقاء القبض عليه حياً أو ميتاً.

في النهاية، دخل عيسى بيت اليهودي، وارتمت حبيبته في أحضانه، خلّصها من طوق والديها وذهب بها بعيداً، توغّل رفقة أدار راجلين يمسك يدها والراعي خلفهما، يسلكان ممراً لا يعرفه أحد ولا يعرفان نهايته، أراد أن يسير العمر كله، يحكي عن قصص «الكّوم» التي لا تروى… وأن لا أحد يستطيع اقتلاع جذور منبتها… أراد أن يسر دون توقف، تظلله سماء الحرية وأدارا وحدها الأفق والطريق.

مَن يتمعن في هذا العمل الروائي التاريخي الاستثنائي، سوف يتساءل لماذا يشوّه التاريخ المعاصر مكانة الكّوم، ولماذا ينتقص من شأن الصبايحية الجزائريين؟ صحيحٌ أن المخرج السينمائي رشيد بوشارب قد عالج موضوع بعض الجنود المغاربيين في السينما في فيلم «الخارجون عن القانون»، الذي لاقى استحساناً كبيراً عربياً ودولياً، بل حتى في فرنسا، لكن ما زال هناك الكثير من الوثائق تنتظر من ينفض التراب عنها، ويعيد لهؤلاء الشجعان الذين أبدعوا في القتال، ووجدوا أنفسهم يدافعون عن قضايا لم يكن لهم بها أية علاقة، وجنّدوا فيها عنوةً. وعلى المؤرخين الفرنسيين قبل غيرهم أن يُعيدوا النظر في تاريخهم وإنصاف الأبطال المغاربيين الذين قدّموا خدمات تاريخية لفرنسا وأسهموا في تحريرها، وتحرير جزء كبير من أوروبا.

أما السؤال الأساسي المطروح في هذه الرواية من قبل المجنّدين، فهو الحرية التي كانت بمثابة سؤال أساسي بالنسبة لهم، لأن ما كانت تريده فرنسا منهم هو تحرير بلدها، وفي وعيهم، أو لا وعيهم أن يبقوا فرنسيين درجة ثالثة، أو رابعة، وهذا ما حفّز عيسى في النهاية أن يختار المواجهة التي هي عبارة عن بداية وعي حقيقي، وهي البديل الوحيد أمامه وأمام جيله لتحرير بلاده من المستعمر الغاشم. هو إعلان الحرب على فرنسا، التي لا مفرّ منها، لأن الاستعمار تجاوز حدوده، وخاصة في خطاباته وممارساته اليومية.

تتميز رواية «حرب الكوم» ببنائها على ثنائيات متواصلة منذ بداية أحداثها، التحلي بالشجاعة والصدق، يقابله الجبن والنصب والمكائد، الصدق والكذب، كما رأينا في حالة اليهودي الذي عمل كل ما في وسعه لكيلا يتزوج عيسى بأدار، وذلك رغم ما قام به عيسى مخاطرة بنفسه لوضعه مع أسرته في بر الأمان، تحارب فرنسا من أجل الحرية وتدفع بالشباب إلى محرقة الموت، وبالمقابل تقمعهم وتلفّق لهم دعايات للقضاء عليهم، أو للحد من آمالهم وأحلامهم. وهذا ما يؤكده الكاتب حينما يقول: «في الوقت الذي ينخرط فيه موسى وعيسى انخراطاً وجودياً في المعارك ضدّ النازية في تونس وفي ألمانيا، مسلّحين بالإيمان بواجب دحر الشّر الذي تمثله هذه الحركة المتطرفة، فإن فرنسا الاستعمارية تقابل هذه التضحية بتعريض الأم وابنتها للتشرد والضياع» أو كما تعترف إحدى الشخصيات الفرنسية في الرواية مؤكدة: «كنا نريد أن نستخدم الكوم في هذه الحرب، لكن العكس هو الذي حصل. إنهم يستعملوننا ليوطّدوا وجودهم الذي نكرهه وليثبتوا دينهم الذي يخيف. كأنهم يعودون إلى التاريخ في أشكال مخلوقات مقدّسة».

Continue Reading

ثقافة وفن

سعوديتان.. ومصري وصومالي في معرض الاتجاهات الأربعة

تنطلق غدا (الاثنين) فعاليات معرض الاتجاهات الأربعة الذي ينظمه أتيليه جدة للفنون التشكيلية لأربعة فنانين من السعودية

تنطلق غدا (الاثنين) فعاليات معرض الاتجاهات الأربعة الذي ينظمه أتيليه جدة للفنون التشكيلية لأربعة فنانين من السعودية ومصر والصومال، وهم: حنان الحازمي، وجواهر السيد من السعودية، وعاطف أحمد من مصر، وعبدالعزيز بوبي من الصومال.

ووفقاً لمدير الاتيليه هشام قنديل، سيقدم كل فنان تجربته الخاصة واتجاهه الخاص الذي يميزه عن أقرانه من الفنانين.

وتقدم الفنانة جواهر السيد 10 لوحات تمثل آخر تجاربها، التي يقول عنها الناقد تحسين يقين: «إن ما يميزها هذا التواصل اللافت بين النساء والأطفال، فضلا عن تعبير الألوان عن المشاعر بذكاء واحتراف».

وأضاف: «على شاطئ جدة الجميلة، أطالت الفنانة تأملاتها النفسية والاجتماعية، لتعبر عن ذلك خطوطا وألوانا، تتجاوز بها مكانها، لتعبر عن حال الإنسان اليوم في هذا العالم ذي النزعة الفردية».

وتقدم الفنانة حنان الحازمي 10 لوحات بأحجام مختلفة تجمع بين التعبيرية والتجريدية، وستضع في هذا المعرض أقدامها بقوة في المشهد التشكيلي السعودي. وحول تجربتها، قال الناقد المصري الدكتور حسان صبحي: «اعتمدت الفنانة حنان الحازمي على طرق تحليلية خاصة في إبداع التركيبات الفنية واستخدام أقل عدد ممكن من المفردات والوسائط التعبيرية ذات الكثافة والثقل في تعبيراتها البصرية لطرح نموذج طليعي يضيف إلى الفنون البصرية ويعلي عادات الرؤية لدى المشاهد، وهو أحد الاتجاهات المهمة التي تم التأكيد عليها في الفنون البصرية». ولفت إلى أن تلك الأعمال امتلكت طاقة مسالمة تكتنزها عناصرها وبناؤها التصميمي المشبع بطاقات التعبير والتفكير المفاهيمي.

أما الفنان المصري عاطف أحمد فيقدم 10 لوحات بأسلوبه الخاص المتمرد (ميكس ميديا) تمثل أحدث إبداعاته.

وعن أعماله قال الناقد صلاح بيصار: «أعمال عاطف تنحاز إلى الجموع من الفلاحين الذين يشكلون ملحمة الأمل والعمل، يتتبعهم في خُطاهم بعمق الدلتا من الحقل والحرث والحصاد».

أما الصومالي عبدالعزيز بوبي فهو عضو الجمعية السعودية للفنون التشكيلية (جسفت)، وتتميز تجربته كما يقول الناقد الدكتور عصام عبدالله العسيري بالنضج اللوني التجريدي الثقافي البصري العام.

وبملاحظة مفردات لوحاته سنجد استعارة رسوم وكتابات أرقام وحروف وخطوط ورموز وألوان وإشارات بصرية، يقدمها في تكوينات جميلة وجريئة وبديعة، لها قيم جمالية ثقافية، كالجداريات والمصغرات بألوان جذابة.

Continue Reading

ثقافة وفن

بحضور وزير الثقافة.. «روائع الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو

بحضور وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، اختتمت هيئة الموسيقى حفلة «روائع

بحضور وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، اختتمت هيئة الموسيقى حفلة «روائع الأوركسترا السعودية» في جولتها الخامسة بمسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية طوكيو، وذلك بمشاركة 100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، وبحضور عدد من المسؤولين ورجال الأعمال والإعلام، وحضور جماهيري كبير.

وأشار الرئيس التنفيذي لهيئة الموسيقى باول باسيفيكو، في كلمة خلال الحفلة، إلى النجاحات الكبيرة التي حققتها المشاركات السابقة لروائع الأوركسترا السعودية في العواصم العالمية، عازيًا ما تحقق خلال حفلات روائع الأوركسترا السعودية إلى دعم وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى.

وعدّ «روائع الأوركسترا السعودية» إحدى الخطوات التي تسهم في نقل التراث الغنائي السعودي وما يزخر به من تنوع إلى العالم عبر المشاركات الدولية المتعددة وبكوادر سعودية مؤهلة ومدربة على أعلى مستوى، مشيرًا إلى سعي الهيئة للارتقاء بالموسيقى السعودية نحو آفاق جديدة، ودورها في التبادل الثقافي، مما يسهم في تعزيز التواصل الإنساني، ومد جسور التفاهم بين شعوب العالم عبر الموسيقى.

وقد بدأت «الأوركسترا الإمبراطورية اليابانية – بوغاكو ريو أو» بأداء لموسيقى البلاط الإمبراطوري الياباني، وهي موسيقى عريقة في الثقافة اليابانية، توارثتها الأجيال منذ 1300 عام وحتى اليوم.

وأنهت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي الفقرة الثانية من الحفلة بأداء مُتناغم لميدلي الإنمي باللحن السعودي، كما استفتحت الفقرة التالية بعزف موسيقى افتتاحية العلا من تأليف عمر خيرت.

وبتعاون احتفى بالثقافتين ومزج موسيقى الحضارتين اختتمت الحفلة بأداء مشترك للأوركسترا السعودية مع أكاديمية أوركسترا جامعة طوكيو للموسيقى والفنان الياباني هوتاي وبقيادة المايسترو هاني فرحات، عبر عدد من الأعمال الموسيقية بتوزيع محمد عشي ورامي باصحيح.

وتعد هذه الحفلة المحطة الخامسة لروائع الأوركسترا السعودية في العاصمة اليابانية طوكيو، بعد النجاحات التي حققتها في أربع محطات سابقة، كانت تتألق في كل جولة بدايةً من باريس بقاعة دو شاتليه، وعلى المسرح الوطني بمكسيكو سيتي، وعلى مسرح دار الأوبرا متروبوليتان في مركز لينكون بمدينة نيويورك، وفي لندن بمسرح سنترل هول وستمنستر.

وتعتزم هيئة الموسيقى استمرارية تقديم عروض حفلات “روائع الأوركسترا السعودية” في عدة محطات بهدف تعريف المجتمع العالمي بروائع الموسيقى السعودية، وتعزيزًا للتبادل الثقافي الدولي والتعاون المشترك لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تتقاطع مع مستهدفات هيئة الموسيقى.

Continue Reading

ثقافة وفن

الشاعر علي عكور: مؤسف أن يتصدَّر المشهد الأدبي الأقل قيمة !

الحديث مع الشاعر علي عكور في الكتابة الإبداعية حديث ممتع، وممتدّ، له آراؤه الخاصة التي يتمثلها في كتابته الأدبية،

الحديث مع الشاعر علي عكور في الكتابة الإبداعية حديث ممتع، وممتدّ، له آراؤه الخاصة التي يتمثلها في كتابته الأدبية، يعتد كثيراً بتجربته، ويرى أنّه قادر على الاختلاف؛ لأنّ مفاهيمه للكتابة تتغيّر مع الوقت.

لم يولد -كما قال- وإلى جواره من يمتهن أو يحترف الكتابة، ولم يكن الوسط الذي نشأ فيه يُعنى كثيراً بالأدب أو الثقافة بعمومها، ما يتذكره علي أنّه في أواسط عقده الثاني وقع على نسخةٍ من كتاب (المنجد) للويس معلوف، لا يعلم كيف وصلت إليه هذه النسخة العتيقة من الكتاب، لكنه شُغِف بها وبالعوالم التي تَفَتَّحت أمامه في هذا المعجم.

وجد الشاعر علي عكور نفسه ينجذب كالممسوس إلى الأدب بكل ما فيه من سحر وغموض وجلال، لكنّ الشعر العربي أخذه حتى من ألف ليلة وليلة؛ الذي انجذب إلى الشعر المبثوث في ثنايا الكتاب أكثر من السرد رغم عجائبيته وسحره!

الكثير من رحلة الشاعر علي عكور مع الأدب والكتابة الإبداعية في هذا الحوار:

‏ • حدّثنا عن علاقتك بالشعر والأدب بشكل عام.. كيف بدأت؟

•• بدايةً أودّ القول، أنه لم يكن في محيطي من يمتهن أو يحترف الكتابة، ولم يكن الوسط الذي نشأتُ فيه يُعنى كثيراً بالأدب أو الثقافة بعمومها. أتذكر أنني في أواسط العقد الثاني من عمري وقعتُ على نسخةٍ من كتاب (المنجد) للويس معلوف. لست أعرف كيف وصلت إلينا هذه النسخة العتيقة من الكتاب، لكنني شُغِفتُ بها وبالعوالم التي تَفَتَّحت أمامي بعد الاطلاع على هذا المعجم. وشيئاً فشيئاً، وجدت أنني أنجذب كالممسوس إلى هذا العالم الرحب، بكل ما فيه من سحر وغموض وجلال. وأثناء تجوالي في عوالم الأدب أُخِذْتُ بالشعرِ العربي وبإيقاعيّة الجملة الشعرية فيه. حتى عندما وقع بين يديّ كتاب (ألف ليلة وليلة)، لم أنجذب إلى السرد رغم عجائبيته وسحره، بقدر ما انجذبتُ إلى الشعر المبثوث في ثنايا الكتاب. وأتذكر أنني كنت أتجاوز الصفحات وأقلّبها بحثاً عن بيتٍ أو بيتينِ من الشعر.

• لمن تدين بالفضل في الكتابة؟

•• أودّ أن أدين بالفضل إلى أحدٍ ما، لكنني حين أمَرّر بداياتي على الذاكرة، لا أتذكّر أحداً بذاته، آمن بي أو رأى في ما أقوم به بدايات واعدة لمشروع ما. كل ما هنالك أنني كنتُ أتلقى ثناءً عابراً إذا كتبتُ شيئاً جيداً. على أنني لا أقلّل من هذا الثناء، فقد كان ذا أثرٍ كبير في دافعيتي، وديمومة شغفي بالكتابة. هذا فيما يخص البدايات، أما الآن فأنا أدين بالفضل لأسرتي ولزوجتي خاصة، فهي داعم كبير لي على طول هذا الطريق، وتتحمل عن طيب خاطر الأعباء التي يُخلّفها انشغالي بالكتابة وهمومها.

• شاعر كان تأثيره كبيراً عليك.

•• لا يمكن تتبّع الأثر بسهولة في هذا الشأن؛ لأنه غالباً يكونُ قارّاً في اللاوعي. لكن إذا كان السياب يرى أنه تأثر بأبي تمام والشاعرة الإنجليزية إديث سيتول وأنه مزيج منهما، فأنا أرى أنني تأثرت كثيراً بسعدي يوسف ومحمود درويش، وأشعر أنهما يلتقيان بطريقة ما، في الكثرة الكاثرة مما أكتب.

• كيف للشاعر أن يكتب قصيدته وفق رهان المستقبل وليس للحظة التي يعيش فيها؟

•• في الغالب لا توجد كتابة لا يمكن تجاوزها. وما يُعبّر عنك الآن قد تجد أنه لا يُعبّر عنك غداً. أعتقد أن الرهان الحقيقي هو أن نكتب شيئاً يستطيع أن يصمد أمام عجلة الزمن. ربما إحدى الحيل التي يمكن أن نمارسها هي أن نكتب نصوصاً أكثر تجريداً وانعتاقاً من قيود الزمان والمكان، وأن نتخفّف من الكتابة تحت تأثير اللحظة الراهنة والحدث المُعاش.

• الملاحظ أنّ هناك إصدارات متشابهة في الشعر والقصة لشعراء وكتاب قصّة، وإن تعددت عناوينها، لكنّ التجربة لم تختلف.. ما تأثير هذا على الإبداع والقارئ كذلك؟

•• صحيح، هذا أمر ملاحظ. هناك من يصدر عشرة دواوين، وعند قراءتها لا تجد اختلافاً بينها، لا من حيث الثيمات ولا من حيث طريقة التناول، لتفاجأ أن هذه الدواوين العشرة هي في الحقيقة ديوان واحد طويل. الكاتب أو الشاعر الذي لا يتجدد يخاطر بمقروئيته ويخسر رهانه الشخصي. إما أن تقول شيئاً جديداً أو شيئاً مألوفاً بطريقة جديدة، لكن لا تقل الشيء نفسه بالطريقة نفسها، حتى لا تعطي فكرة أنك لا تأخذ مشروعك بما يستحق من جدية واهتمام.

• تنادي بأهمية تصدّر الأدب الجاد والأصيل المنصات.. أولاً: من يحدد ماهية الأدب الجاد؟ ثانياً: هل المرحلة تساعد في أن يتصدّر الأدب أيّاً كان المنصات التي كثرت وكثر مستخدموها والمؤثرون فيها؟

•• النقّاد والقرّاء النوعيّون، هم من يحددون ماهيّة الأدب الجاد ويُعلون من قيمته. مؤسف أن يتصدر المشهد الأدبي الأقل قيمة، بينما يبقى الأدب الأصيل في الهامش. في الأخير نحن مسؤولون عن تصدير ثقافتنا، وما نتداوله ونجعل له الصدارة في منصاتنا ومشهدنا، هو ما سيُعبّر عنّا وسيكون عنواننا في النهاية. وبالتالي لنا أن نتساءل بصدق: هل ما صُدِّرَ ويُصَدّر الآن، يُعبّر عن حقيقة وواقع الأدب والثقافة في بلادنا؟

• لديك مشكلة مع المألوف والسائد، وتطالب بسيادة الأدب الفريد والمختلف.. هل لدينا اليوم ذائقة خاصة يمكنها إشباع الذائقة العامة؟

•• يمكن الاتفاق في البدء أن تغيير شروط الكتابة هو في المقابل تغيير لشروط التلقي، وأن كل كتابة أصيلة ومختلفة ستصنع قارئاً مختلفاً. كل كتابة جادّة ستصنع قارئها، وهذا هو الرهان الحقيقي. أما المألوف والسائد فإنّ القارئ مصابٌ بتخمة منه. كل كتابة في المألوف والسائد هي ابنٌ بارٌّ للذاكرة لا للمخيّلة؛ الذاكرة بوصفها مستودعاً لكل ما قرَّ واستقرّ فيها وأخذ مكانه المكين. والمخيّلة بوصفها انفتاحاً على المتجدّد واللانهائي.

• ماذا يعني لك فوزك بالمركز الأول في مسابقة التأليف المسرحي في مسار الشعر؟ وماذا تعني لك كتابة الشعر المسرحي؟

•• سعدت كثيراً بالفوز، سيما أن المسرحية تتحدث عن شخصية أحبها كثيراً: شخصية ابن عربي؛ تلك الشخصية التي عشت معها طيلة ثلاثة أشهر (وهي مدة كتابة العمل)، تجربة روحية وروحانية بالغة الرهافة، فقد استدعت الكتابة عن ابن عربي، العودة إلى قراءة سيرته وأجزاء من أعماله التي حملت جوهر فكره وعمق تجربته الصوفية. وبالانتقال إلى الجزء الثاني من السؤال، أقول إن كتابة الشعر المسرحي عمّقت من مفهومي للشعر وإيماني به وبقدرته على التحرك في مناطق جديدة، يمكن استثمارها على نحو جيد ومثرٍ، إذا ما تعاملنا معها بجدية.

• أما زلت تبحث عن دار نشر تطبع لك ديوانك الجديد دون مقابل مادي تدفعه؟

•• استطعت التواصل مع أكثر من دار، وقد رحبوا بالديوان والتعاون من أجله. لا ضير في كون دور النشر تبحث عن الربح، فهذا من حقها، وهذه هي طبيعة عملها. كل ما أنادي به أن تكون هناك جهة حكومية تشرف عليها وزارة الثقافة، تقوم بطبع الأعمال الجادة التي تعبّر عن حقيقة الأدب السعودي وواقعه.

• جاسم الصحيح قال عنك إنك لست شاعراً عابراً، وإنما شاعر ذو موهبة كبرى تتجاوز المألوف والسائد.. ماذا تعني لك هذه الشهادة؟•• جاسم اسم كبير في المشهد الثقافي وتجربة مرجعية في الشعرية العربية الحديثة، وأن تأتي الشهادة من قامة كقامة جاسم الصحيح لا شك أنها شهادة تدعو للابتهاج والنشوة، إضافة إلى ما تلقيه عليّ من عبء ومسؤولية كبيرة.

• كيف يكون المؤلف الجاد والرصين رأس مال لدور النشر؟

•• تمهيداً للإجابة عن السؤال، لا بد من القول إن الرساميل الرمزية أحياناً تكون أهم وأكثر مردوداً من القيمة المادية. بالنسبة لدور النشر، يُعد الكاتب الجاد رأس مال رمزياً مهمّاً؛ لأنه يبني لها سمعة في الوسط الثقافي. إذا أرادت دور النشر أن تستثمر في سمعتها، فإن أسرع طريقة هي استقطاب كتاب أصحاب مشاريع جادة، مقابل أن تطبع لهم بمبالغ رمزية على الأقل.

• كتبتَ الشعر بأشكاله الثلاثة ومع ذلك ما زلت ترى أنّ الوزن ليس شيئاً جوهرياً في القصيدة.. ما البديل من وجهة نظرك؟

•• نعم الوزن ليس شيئاً جوهريّاً في الشعر. ونحن حين نقول الوزن نقصد بطبيعة الحال الأوزان التي أقرها الخليل بن أحمد. الحقيقة أن الأوزان جزء من الإيقاع، أو بمعنى آخر، هي إحدى إمكانات الإيقاع وليس الإمكانية الوحيدة، وما دامت إحدى تجليات الإيقاع وليس التجلي الوحيد، فمعنى ذلك أن الإيقاع أعم وأشمل وأقدم. وعليه فإن الإيقاع هو الجوهري وليس الوزن. والإيقاع يمكن أن يتحقق في قصيدة النثر مثلاً، عبر حركة الأصوات داخل الجملة الشعرية. وهناك حادثة دالة وكاشفة أنهم حتى في القديم كانوا يدركون أن الشعر بما فيه من إيقاع يوجد أيضاً خارج أوزان الخليل، إذ يُروى أن عبدالرحمن بن حسان بن ثابت دخل على أبيه وهو يبكي، وكان حينها طفلاً، فقال له: ما يبكيك؟ فقال: لسعني طائر، فقال: صفه، فقال: كأنه ملتف في بردي حبرة. فصاح حسان: قال ابني الشعر ورب الكعبة. هذه القصة المروية في كتب الأدب تكشف بجلاء أن الشعر أوسع من مجرد الوزن والتفاعيل.

• أنت تقول: لا شيء يسعدني ككتابة الشعر الجيّد.. ما مواصفات الشعر الجيّد؟

•• لا أملك ولا يحق لي ربما الحديث عن الشعر الجيد بإطلاق؛ لأن في هذا ادعاءً كبيراً، لكن يمكن الحديث عما أراه أنا أنه شعر جيد؛ أي في حدود رؤيتي فقط. كل شاعر يكتب الشعر بناءً على ما يعتقد أنه شعر، وعليه فإن الشعر الجيد -كما أراه- خرق لنمطية اللغة وبحث جاد عن اللامرئي في المرئي، ومن مواصفات النص الجيد أن يتقاطع فيه الفكري بالوجداني، وأن يكون نتاج الحالة البرزخية بين الوعي واللاوعي. طبعاً إضافة إلى ضرورة أن يتخلص من المقولات السابقة، وأن يعمل في تضاد مع الذاكرة والثقافة؛ لأنهما يفرضان السائد والمألوف وكل ما هو قارّ في الذهن.

• العودة الملاحظة للشذرات كتابة وطباعة.. إلام تعيدها؟

•• الشذرة في رأيي هي رأس الشعرية. حَشْد كل هذا العالم بمستوياته وتناقضاته ورؤاه في بضع كلمات أمر بالغ الصعوبة على مستوى التكنيك، لكنه مثير وممتع حين تدخله كمساحة للتجريب وتحدي إمكانياتك. أيضاً جزء من اهتمامي بالشذرة يعود إلى افتتاني بالمشهدية وتأمل الفضاءات البصرية واستنطاقها. إضافةً إلى ما في الشذرة من تداخل أجناسي يزيدها ثراءً وغنى. وعلى مستوى آخر أعتقد أن الشذرة بحجمها وبنيتها أكثر تمثيلاً لحياتنا المعاصرة التي أشبه ما تكون بلقطات متتابعة ومنفصلة في فضاء بصري، يجمعها سياق عام. وأخيراً لا أنسى أن منصة (إكس) بما كانت تفرضه من قيود تقنية قد أسست لتجربتي في الكتابة الشذرية وصقلتها.

• الشاعر أحمد السيد عطيف اختلف معك في شكل القصيدة، ورأى أنّ الشكل لا يجعل الكلام جميلاً ومؤثراً.. فيما ترى أنت أنّ الكتابة على نمط القصيدة القديمة تقليد وليس إبداعاً.. هل المشكلة في الشّكل أم في أشياء أخرى؟

•• نعم، كان الحديث في هذه الجزئية عن القصيدة العمودية، وعن كتابتها بصياغة تقليدية مغرقة في القدامة. النقد الحديث على عكس القديم، لا يفصل بين الشكل والمضمون، ولكتابة نص حديث لا بد من تحديث الشكل؛ لأننا لا يمكن أن نتحدث عن مضمون ما بمعزل عن الشكل، إذ إن الشكل يخلق مضمونه أيضاً. طبعاً لا أقصد بتحديث الشكل استبدال القصيدة العمودية بشكل آخر، بل أقصد التحديث من داخل الشكل نفسه. تجديد الصياغة وتحديث الجملة الشعرية ذاتها لتكون قادرة على التعبير عن الرؤى الجديدة.

• لماذا ترى أنّ كتابة قصيدة النثر أصعب من كتابة قصيدة عمودية أو تفعيلة؟

•• السبب في رأيي أن النص العمودي والنص التفعيلي لديهما قوالب إيقاعية جاهزة تجعل من مهمة الخلق الشعري مهمة أقل صعوبة. بينما في قصيدة النثر أنت تعمل في منطقة أقرب ما تكون إلى الشكل الهلامي. قصيدة النثر ملامحها أقل حدة ووضوحاً من الشكلين السابقين، وعليه فإن كتابتها تحمل صعوبة أكبر؛ لأن لكل نصٍّ قالبه الخاص الذي عليك أن تخلقه من العدم.

• كيف يمكن للشاعر أن يكون رائعاً؟

•• يكون كذلك إذا كان أصيلاً؛ أي معبراً عن صوته الخاص، ولحظته الراهنة، ومنغمساً بالكامل في تفاصيل عالمه، طبعاً دون أن يفقد قدرته على الاتصال بالوجود والكون.

• النصوص القصيرة التفعيلية التي كتبتها وترغب في نشرها مرفقة برسوم إبداعية.. ماذا عنها؟

•• هي أربعون نصّاً، تحمل خلاصة تجربتي في كتابة الشذرة الشعرية، وهو تنويعٌ على تجربتي الشعرية عموماً. تعاونت في هذا المشروع مع الرسامة السورية القديرة راما الدقاق. والعمل الآن في مرحلته الأخيرة، وسيُنشر خلال الشهرين القادمين.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .