Connect with us

ثقافة وفن

جماهيرية الشعر تتراجع

مرّت أزمنةٌ تزيدُ على عقود خمسة، كان الشِّعر فيها (نافذةً) على الأرواح، ومتنفساً للمشاعر، وهمزةَ وصلٍ بين شاعرٍ

مرّت أزمنةٌ تزيدُ على عقود خمسة، كان الشِّعر فيها (نافذةً) على الأرواح، ومتنفساً للمشاعر، وهمزةَ وصلٍ بين شاعرٍ فاتنٍ، وجمهور مفتون، تكتظ القاعات، بمجرد الإعلان عن أمسية، ولا يتبرم البعض من الوقوف على قدميه؛ للإنصات لعذب الكلام، كانت الحياة بسيطة، وسخيّة بمنحها للوجدان مساحةً للتعافي عبر تجديد الصلات، بمحفزات الأمل والجمال، ليس الشِّعرُ لغةً، ولا إلقاءً، بل روح إنسان، قادرة على اختراق الحواجز والحُجب، لتصل وتتصل بشغاف القلوب، وبقدر ما تغوّلت الماديات، قدر ما تضاءلت المعنويات، والأدبيات، فتبلّدت الذاكرة، وتراجعت جماهيرية الشعر، وزهد الشعراء، خصوصاً عندما تحول ديوان العرب إلى جهاز يستهلك الأوقات. وهنا حديث مرارة يرد على لسان شعراء يرثون واقع الحال، إذ يؤكد الشاعر التونسي يوسف رزوقة أن زمن الشعر انتهى! لا قرّاء إطلاقاً، ولا عشّاق للأدب، وقال بصدق: كرهت الشعر صناعة لي. وتساءل: ما الشعر؟ ويجيب: ذريعة عاطل عن زرع لغم في مدينة «إن أو أخواتها».. ويضيف كرهت الشعر ليس لأنه شعر. فهنا الشعراء في تيه ولا عشاق، إن وجدوا، لشيء اسمه الشعر. وزاد: كرهت الشعر ديواناً لمن لا يؤمنون به أصلاً.. كرهت الشعر ما عادت له صلة بمن وصلوا إلى عصر كهذا العصر معطوبين إحساساً ومعرفة وأسلوباً حياتياً.. كرهت الشعر أحمله ويحملني فقط ليقولني كم أنت لست بشاعر أصلاً.. كرهت الشعر منظوراً إليه بوصفه شعراً وليس بوصفه شيئاً مصيرياً، كرهت الشعر في وطن بلا جمهور، شعر يعشق الشعر الذي لا روح فيه.. كرهت شعراً لا يليق بعصره شكلاً ومضموناً.. كرهت الشعر في نقاده لم يوجدوا بعد.. ويذهب رزوقة إلى أن زمن الشّعر انتهى، مات الشّعر، ما جدواه في صحرائنا؟

النّخلة ماتت، والهوى مات هو الآخر والإنسان أيضاً. مضيفاً: فليرحل الشّعر إلى حيث أراد، فهو إن مات هنا من حجر يسقط من سقف تداعى للسّقوط فله في غير هذا البيت أهل سيقولون له أهلاً وسهلاً. لا قرّاء إطلاقاً ولا عشّاق للأدب.

انتهى الأدب، انتهى الشّغف، انتهى الإنسان وانتهت الرّؤى حلوى وشوكولاتة مسمومة في كلّ واجهة معلّبة بلا علب

هنا.. الآن

أنا وقصيدتي نلهو

ولا قرّاء إطلاقاً

ولا عشّاق للأدب

فيما يرى الشاعر اليمني زين العابدين الضبيبي أن الشعراء يتكاثرون، والشعر يقل، ومن بقي من الشعراء أغلق على نفسه باب مجازه وترك الناس خلف الباب حتى جاء ما شغلهم وأخذ بيدهم إلى سوق المتعة العابرة، موضحاً أن الشاعر كان ذاكرة الزمان والناس وبهلوان مجالسهم ومصباح مشاعرهم، لافتاً إلى ما آل إليه الوضع، إذ غدا الشعر خلف بابه المغلق جهازاً حديثاً لا يعمل إلا ببصمة فردية وتحوّل إلى ذاكرة لنفسه وبهلوان برجه العاجي المعتم، فبحث كل إنسان عن جهازه الخاص ووضع بصمته الخاصة، وترك الشاعر في عزلته وحيداً.

فيما أوضح الشاعر شفيق العبادي أنه قبل أكثر من أربعين عاماً ذهب لحضور أمسية شعرية تبعد ما يزيد على عشرين كيلومتراً عن مدينته، وكان عمره وقتها ثلاثة عشر عاماً، قطع نصف المسافة مشياً على الأقدام. إذ لم تكن لهذه المغامرة أن تتم لو لم يكن للشعر سطوته في تحشيد جماهيره لتحمل أمواجُه طفلاً داعبته نسماتُه متجاهلاً كل شيء سوى شهوة الحضور لإحدى أماسيه، وقال: كرّت السبحة بعدها شاهداً على طوفان جماهيري متناغماً مع رسله حضورياً على شكل أمسيات، أو ملاحقة ما يقطف من حدائقه على هيئة إصدارات، أو ما ينبت على أرضه من نظريات وكتب نقدية، أو ما يصطخب حوله من صراعات فكرية بين مدارسه المختلفة، وكانت ضيفاً دائماً على أجندة منتدياتنا الثقافية الخاصة. إذ أصبح كل ذلك نقشاً على جذران الذاكرة، رغم كثرة المنصات التي تدفع به لصدارة المشهد كحوامل لم تتهيأ لأي محطة من محطات تاريخه الطويل. ويرى العبادي أن الشعر لم يعد ضرباً من ضروب الغيب باتكائه على الصورة المجازية المفارقة للواقع (أعذب الشعر أكذبه)، فتلك الصورة التي خدشت مراياها مخالبُ المعلوماتية بإعادة تكييف الفكر بما يتوافق ويقينيتها الواثقة والمفرطة، إضافة لمنصات التواصل الحديثة باستجلاب العالم عبر نوافذها الضيقة والتي هيأت لكثير من الأصوات المتطفلة على جوهر الشعر الحقيقي الفرصة لاستعراض عضلاتها اللغوية بعيداً عن أي مرشحات ومُصَادَّات لتنمو كأحراش أو حيطان في وجه الشعر الحقيقي، لافتاً إلى أن كل هذه العوامل أربكت المشهد حوله حتى حين.

ويؤكد المستشار الثقافي الدكتور خالد خضري أنه لا بد أن نفرق بين الشعر كثقافة وموروث حاضر في ذهنية العربي، وبين الشعر كإبداع يتجدد لدى الأجيال.

ويرى الخضري، أن الشعر الفخر والحكمة والهجاء، مما ظل متداولاً بيننا ونعيش به ولم ننفصل عنه، حتى الآن. مضيفاً: لا نزال نردد ونتغنى بأشعار جلها في الحكمة وبعضها الآخر في أغراض شعرية أخرى، على رأسها الغزل وإن تحول للعامي والنبطي الذي بات بيئة خصبة للأغنية وهو من يشكلها ويساهم في نجاحها، لافتاً لدور غناء قصائد شعرية كثيرة نرددها ونغنيها بشكل دائم لعل أهمها القصائد التي غنتها أم كلثوم، كفن خالد.

ولا يُنكر تواري الشعر الكلاسيكي عن الساحة، بدءاً من غياب الإلقاء، وتراجعه في الأماسي ، كونه لا يملك جمهوراً. وحتى التفعيلة والقصيدة الحديثة هما أيضاً غير صالحتين للإلقاء الجماهيري، ما يعني أن الشعر منذ التاريخ العربي ومنذ زمن المتنبي ظل يتشكل ويأخذ أنماطاً مختلفة لا على مستوى شكل الكتابة الشعرية فحسب، وإنما فيما يخص التلقي والاهتمام به وعشق هذا اللون من الإبداع، وأضاف، بكل الأحوال لم يعد ديوان العرب كما كان يعرف في السابق لبروز أنماط وأشكال جديدة للكتابة ليست في الإبداع فقط، وإنما مجالات إعلامية أخرى، مشيراً لما كان يمثله الشعر يوماً باعتباره وسيلة الإعلام الأهم في عصور مضت، ويرجح الخضري كفة التجدد باعتباره أمراً طبيعياً في كل مناحي الحياة.

بضاعة الفنّ النخبوي

من جانبه، يقول السمّاح عبدالله: أخشى أن أقول إننا نقدم بضاعة غير رائجة، والأمر ملحوظ بحيث لا تخطئه العين.

لقد عاصرت آخر تحقق لجماهيرية الشعر، عندما كنت أشارك أو أقدّم أمسيات معرض القاهرة الدولي للكتاب، وقتها كان جمهور الشعر يقف في الممرات بعد امتلاء القاعة تماماً، ليتابع إنشاد «نزار قباني» و«محمود درويش» و«عبد الرحمن الأبنودي»، وبعد انتهاء الأمسية، كان الجمهور يتحلّق حول هؤلاء الشعراء، يسألونهم، ويحصلون منهم على توقيعات في أوتوجرافاتهم، ويتصورون معهم.

أين ذهب هذا الجمهور؟ سأحاول الإجابة.

طوال التاريخ والشعر فن نخبوي، وجمهوره قليل، وهذا الازدحام الذي كان ملحوظاً في نهايات القرن العشرين، كان تمثيلاً حقيقياً لهذه النخبة ذات الذائقة الرفيعة، وقد حدث شيئان على التوازي؛

الشيء الأول، هو غياب الشعراء أصحاب الأسماء الجماهيرية بالموت، وقد كان مجرد حضورهم، يستدعي بالضرورة حضور ما يمثلونه في ذاكرة المتلقي من تاريخ سياسي وفني عريض، فـ«محمود درويش» لم يكن يأتي وحده، كان يحمل معه في حقيبته فلسطين، بكل ما تحمله في الوجدان العربي، وكان «نزار قباني» يحمل معه تاريخه السياسي مع الزعماء العرب الذين كان يمتدحهم ويذمهم، و«عبدالرحمن الأبنودي» كان يأتي معه «عبدالحليم حافظ» و«نجاة الصغيرة» و«محمد رشدي»، بل إن هذا الجمهور كان يطالب الشعراء بإلقاء قصائد بعينها، لها تاريخ في وجدانهم، كان الشاعر نجماً، بكل ما تحمله الكلمة من دلالات، وكان الجمهور يقبل على أشعاره ويقتني دواوينه، ويتتبع أخباره، لكن هؤلاء الشعراء، وأشباههم الذين فقدناهم بالموت، لم نستطع أن نعوضهم في جماهيريتهم، فالشعراء الآنيون، على جودة شعرهم، ليس لهم مثل هذه العوامل المساعدة، ولا ذلك التاريخ السياسي والعاطفي الذي امتلكه الشعراء السابقون، فالعشاق كانوا يذهبون للشاعر «عبدالرحمن الأبنودي» الذي غنوا له في لحظاتهم العاطفية من قبل (عيون القلب سهرانة ما بتنامشي)، وكانوا يذهبون للشاعر «نزار قباني» ويرددون معه (حتى فساتيني التي أهملتها)، وكان الثوار يذهبون للشاعر «محمود درويش» لكي يتذكروا معه (سجل أنا عربي.. ورقم بطاقتي خمسون ألف).

الشيء الثاني، هو غياب هذه النخبة ذات الذائقة الرفيعة التي حلت محلها، بزوال الطبقة الوسطى، جماهيرية أخرى، ذائقتها ليست رفيعة، وتاريخها العاطفي والسياسي مصنوع في ظل الأزمات الكبرى، وفقدان القيم الكبرى التي تربينا عليها، فقد سقطت مقولة القومية العربية بحرب الخليج، سياسياً، وبعد أن كنا نغني (الأرض بتتكلم عربي) أصبحنا نغني (الواحد حيشق هدومه ويطفش ع الأسفلت) وسقطت مقولة الحب البريء بأغاني المهرجات، عاطفياً، والعاشق الذي كان يقول لحبيبته (واحشني وانت قصاد عيني.. وشاغلني وانت بعيد)، أصبح يقول لها (تعالييلي يا حلوة.. لحسن اغزك بالمطوة).

الأمر صار مربكاً جداً، وجمهور الشعر، حتى في أمسيات معرض الكتاب، أصبح يعد على الأصابع، ودور النشر أصبحت لا تطبع الدواوين الشعرية، لأنها لا توزع.

ربما لا تكون إجابتي نهائية، لكنني من واقع عملي في الشأن الثقافي العام، رصدت هذه الارتباكة، ولأنني متفائل بطبعي، فأنا في انتظار انصلاح مثل هذه الأحوال، وأتمنى ألا يطول انتظارنا.

Continue Reading

ثقافة وفن

سعوديتان.. ومصري وصومالي في معرض الاتجاهات الأربعة

تنطلق غدا (الاثنين) فعاليات معرض الاتجاهات الأربعة الذي ينظمه أتيليه جدة للفنون التشكيلية لأربعة فنانين من السعودية

تنطلق غدا (الاثنين) فعاليات معرض الاتجاهات الأربعة الذي ينظمه أتيليه جدة للفنون التشكيلية لأربعة فنانين من السعودية ومصر والصومال، وهم: حنان الحازمي، وجواهر السيد من السعودية، وعاطف أحمد من مصر، وعبدالعزيز بوبي من الصومال.

ووفقاً لمدير الاتيليه هشام قنديل، سيقدم كل فنان تجربته الخاصة واتجاهه الخاص الذي يميزه عن أقرانه من الفنانين.

وتقدم الفنانة جواهر السيد 10 لوحات تمثل آخر تجاربها، التي يقول عنها الناقد تحسين يقين: «إن ما يميزها هذا التواصل اللافت بين النساء والأطفال، فضلا عن تعبير الألوان عن المشاعر بذكاء واحتراف».

وأضاف: «على شاطئ جدة الجميلة، أطالت الفنانة تأملاتها النفسية والاجتماعية، لتعبر عن ذلك خطوطا وألوانا، تتجاوز بها مكانها، لتعبر عن حال الإنسان اليوم في هذا العالم ذي النزعة الفردية».

وتقدم الفنانة حنان الحازمي 10 لوحات بأحجام مختلفة تجمع بين التعبيرية والتجريدية، وستضع في هذا المعرض أقدامها بقوة في المشهد التشكيلي السعودي. وحول تجربتها، قال الناقد المصري الدكتور حسان صبحي: «اعتمدت الفنانة حنان الحازمي على طرق تحليلية خاصة في إبداع التركيبات الفنية واستخدام أقل عدد ممكن من المفردات والوسائط التعبيرية ذات الكثافة والثقل في تعبيراتها البصرية لطرح نموذج طليعي يضيف إلى الفنون البصرية ويعلي عادات الرؤية لدى المشاهد، وهو أحد الاتجاهات المهمة التي تم التأكيد عليها في الفنون البصرية». ولفت إلى أن تلك الأعمال امتلكت طاقة مسالمة تكتنزها عناصرها وبناؤها التصميمي المشبع بطاقات التعبير والتفكير المفاهيمي.

أما الفنان المصري عاطف أحمد فيقدم 10 لوحات بأسلوبه الخاص المتمرد (ميكس ميديا) تمثل أحدث إبداعاته.

وعن أعماله قال الناقد صلاح بيصار: «أعمال عاطف تنحاز إلى الجموع من الفلاحين الذين يشكلون ملحمة الأمل والعمل، يتتبعهم في خُطاهم بعمق الدلتا من الحقل والحرث والحصاد».

أما الصومالي عبدالعزيز بوبي فهو عضو الجمعية السعودية للفنون التشكيلية (جسفت)، وتتميز تجربته كما يقول الناقد الدكتور عصام عبدالله العسيري بالنضج اللوني التجريدي الثقافي البصري العام.

وبملاحظة مفردات لوحاته سنجد استعارة رسوم وكتابات أرقام وحروف وخطوط ورموز وألوان وإشارات بصرية، يقدمها في تكوينات جميلة وجريئة وبديعة، لها قيم جمالية ثقافية، كالجداريات والمصغرات بألوان جذابة.

Continue Reading

ثقافة وفن

بحضور وزير الثقافة.. «روائع الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو

بحضور وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، اختتمت هيئة الموسيقى حفلة «روائع

بحضور وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، اختتمت هيئة الموسيقى حفلة «روائع الأوركسترا السعودية» في جولتها الخامسة بمسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية طوكيو، وذلك بمشاركة 100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، وبحضور عدد من المسؤولين ورجال الأعمال والإعلام، وحضور جماهيري كبير.

وأشار الرئيس التنفيذي لهيئة الموسيقى باول باسيفيكو، في كلمة خلال الحفلة، إلى النجاحات الكبيرة التي حققتها المشاركات السابقة لروائع الأوركسترا السعودية في العواصم العالمية، عازيًا ما تحقق خلال حفلات روائع الأوركسترا السعودية إلى دعم وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى.

وعدّ «روائع الأوركسترا السعودية» إحدى الخطوات التي تسهم في نقل التراث الغنائي السعودي وما يزخر به من تنوع إلى العالم عبر المشاركات الدولية المتعددة وبكوادر سعودية مؤهلة ومدربة على أعلى مستوى، مشيرًا إلى سعي الهيئة للارتقاء بالموسيقى السعودية نحو آفاق جديدة، ودورها في التبادل الثقافي، مما يسهم في تعزيز التواصل الإنساني، ومد جسور التفاهم بين شعوب العالم عبر الموسيقى.

وقد بدأت «الأوركسترا الإمبراطورية اليابانية – بوغاكو ريو أو» بأداء لموسيقى البلاط الإمبراطوري الياباني، وهي موسيقى عريقة في الثقافة اليابانية، توارثتها الأجيال منذ 1300 عام وحتى اليوم.

وأنهت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي الفقرة الثانية من الحفلة بأداء مُتناغم لميدلي الإنمي باللحن السعودي، كما استفتحت الفقرة التالية بعزف موسيقى افتتاحية العلا من تأليف عمر خيرت.

وبتعاون احتفى بالثقافتين ومزج موسيقى الحضارتين اختتمت الحفلة بأداء مشترك للأوركسترا السعودية مع أكاديمية أوركسترا جامعة طوكيو للموسيقى والفنان الياباني هوتاي وبقيادة المايسترو هاني فرحات، عبر عدد من الأعمال الموسيقية بتوزيع محمد عشي ورامي باصحيح.

وتعد هذه الحفلة المحطة الخامسة لروائع الأوركسترا السعودية في العاصمة اليابانية طوكيو، بعد النجاحات التي حققتها في أربع محطات سابقة، كانت تتألق في كل جولة بدايةً من باريس بقاعة دو شاتليه، وعلى المسرح الوطني بمكسيكو سيتي، وعلى مسرح دار الأوبرا متروبوليتان في مركز لينكون بمدينة نيويورك، وفي لندن بمسرح سنترل هول وستمنستر.

وتعتزم هيئة الموسيقى استمرارية تقديم عروض حفلات “روائع الأوركسترا السعودية” في عدة محطات بهدف تعريف المجتمع العالمي بروائع الموسيقى السعودية، وتعزيزًا للتبادل الثقافي الدولي والتعاون المشترك لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تتقاطع مع مستهدفات هيئة الموسيقى.

Continue Reading

ثقافة وفن

الشاعر علي عكور: مؤسف أن يتصدَّر المشهد الأدبي الأقل قيمة !

الحديث مع الشاعر علي عكور في الكتابة الإبداعية حديث ممتع، وممتدّ، له آراؤه الخاصة التي يتمثلها في كتابته الأدبية،

الحديث مع الشاعر علي عكور في الكتابة الإبداعية حديث ممتع، وممتدّ، له آراؤه الخاصة التي يتمثلها في كتابته الأدبية، يعتد كثيراً بتجربته، ويرى أنّه قادر على الاختلاف؛ لأنّ مفاهيمه للكتابة تتغيّر مع الوقت.

لم يولد -كما قال- وإلى جواره من يمتهن أو يحترف الكتابة، ولم يكن الوسط الذي نشأ فيه يُعنى كثيراً بالأدب أو الثقافة بعمومها، ما يتذكره علي أنّه في أواسط عقده الثاني وقع على نسخةٍ من كتاب (المنجد) للويس معلوف، لا يعلم كيف وصلت إليه هذه النسخة العتيقة من الكتاب، لكنه شُغِف بها وبالعوالم التي تَفَتَّحت أمامه في هذا المعجم.

وجد الشاعر علي عكور نفسه ينجذب كالممسوس إلى الأدب بكل ما فيه من سحر وغموض وجلال، لكنّ الشعر العربي أخذه حتى من ألف ليلة وليلة؛ الذي انجذب إلى الشعر المبثوث في ثنايا الكتاب أكثر من السرد رغم عجائبيته وسحره!

الكثير من رحلة الشاعر علي عكور مع الأدب والكتابة الإبداعية في هذا الحوار:

‏ • حدّثنا عن علاقتك بالشعر والأدب بشكل عام.. كيف بدأت؟

•• بدايةً أودّ القول، أنه لم يكن في محيطي من يمتهن أو يحترف الكتابة، ولم يكن الوسط الذي نشأتُ فيه يُعنى كثيراً بالأدب أو الثقافة بعمومها. أتذكر أنني في أواسط العقد الثاني من عمري وقعتُ على نسخةٍ من كتاب (المنجد) للويس معلوف. لست أعرف كيف وصلت إلينا هذه النسخة العتيقة من الكتاب، لكنني شُغِفتُ بها وبالعوالم التي تَفَتَّحت أمامي بعد الاطلاع على هذا المعجم. وشيئاً فشيئاً، وجدت أنني أنجذب كالممسوس إلى هذا العالم الرحب، بكل ما فيه من سحر وغموض وجلال. وأثناء تجوالي في عوالم الأدب أُخِذْتُ بالشعرِ العربي وبإيقاعيّة الجملة الشعرية فيه. حتى عندما وقع بين يديّ كتاب (ألف ليلة وليلة)، لم أنجذب إلى السرد رغم عجائبيته وسحره، بقدر ما انجذبتُ إلى الشعر المبثوث في ثنايا الكتاب. وأتذكر أنني كنت أتجاوز الصفحات وأقلّبها بحثاً عن بيتٍ أو بيتينِ من الشعر.

• لمن تدين بالفضل في الكتابة؟

•• أودّ أن أدين بالفضل إلى أحدٍ ما، لكنني حين أمَرّر بداياتي على الذاكرة، لا أتذكّر أحداً بذاته، آمن بي أو رأى في ما أقوم به بدايات واعدة لمشروع ما. كل ما هنالك أنني كنتُ أتلقى ثناءً عابراً إذا كتبتُ شيئاً جيداً. على أنني لا أقلّل من هذا الثناء، فقد كان ذا أثرٍ كبير في دافعيتي، وديمومة شغفي بالكتابة. هذا فيما يخص البدايات، أما الآن فأنا أدين بالفضل لأسرتي ولزوجتي خاصة، فهي داعم كبير لي على طول هذا الطريق، وتتحمل عن طيب خاطر الأعباء التي يُخلّفها انشغالي بالكتابة وهمومها.

• شاعر كان تأثيره كبيراً عليك.

•• لا يمكن تتبّع الأثر بسهولة في هذا الشأن؛ لأنه غالباً يكونُ قارّاً في اللاوعي. لكن إذا كان السياب يرى أنه تأثر بأبي تمام والشاعرة الإنجليزية إديث سيتول وأنه مزيج منهما، فأنا أرى أنني تأثرت كثيراً بسعدي يوسف ومحمود درويش، وأشعر أنهما يلتقيان بطريقة ما، في الكثرة الكاثرة مما أكتب.

• كيف للشاعر أن يكتب قصيدته وفق رهان المستقبل وليس للحظة التي يعيش فيها؟

•• في الغالب لا توجد كتابة لا يمكن تجاوزها. وما يُعبّر عنك الآن قد تجد أنه لا يُعبّر عنك غداً. أعتقد أن الرهان الحقيقي هو أن نكتب شيئاً يستطيع أن يصمد أمام عجلة الزمن. ربما إحدى الحيل التي يمكن أن نمارسها هي أن نكتب نصوصاً أكثر تجريداً وانعتاقاً من قيود الزمان والمكان، وأن نتخفّف من الكتابة تحت تأثير اللحظة الراهنة والحدث المُعاش.

• الملاحظ أنّ هناك إصدارات متشابهة في الشعر والقصة لشعراء وكتاب قصّة، وإن تعددت عناوينها، لكنّ التجربة لم تختلف.. ما تأثير هذا على الإبداع والقارئ كذلك؟

•• صحيح، هذا أمر ملاحظ. هناك من يصدر عشرة دواوين، وعند قراءتها لا تجد اختلافاً بينها، لا من حيث الثيمات ولا من حيث طريقة التناول، لتفاجأ أن هذه الدواوين العشرة هي في الحقيقة ديوان واحد طويل. الكاتب أو الشاعر الذي لا يتجدد يخاطر بمقروئيته ويخسر رهانه الشخصي. إما أن تقول شيئاً جديداً أو شيئاً مألوفاً بطريقة جديدة، لكن لا تقل الشيء نفسه بالطريقة نفسها، حتى لا تعطي فكرة أنك لا تأخذ مشروعك بما يستحق من جدية واهتمام.

• تنادي بأهمية تصدّر الأدب الجاد والأصيل المنصات.. أولاً: من يحدد ماهية الأدب الجاد؟ ثانياً: هل المرحلة تساعد في أن يتصدّر الأدب أيّاً كان المنصات التي كثرت وكثر مستخدموها والمؤثرون فيها؟

•• النقّاد والقرّاء النوعيّون، هم من يحددون ماهيّة الأدب الجاد ويُعلون من قيمته. مؤسف أن يتصدر المشهد الأدبي الأقل قيمة، بينما يبقى الأدب الأصيل في الهامش. في الأخير نحن مسؤولون عن تصدير ثقافتنا، وما نتداوله ونجعل له الصدارة في منصاتنا ومشهدنا، هو ما سيُعبّر عنّا وسيكون عنواننا في النهاية. وبالتالي لنا أن نتساءل بصدق: هل ما صُدِّرَ ويُصَدّر الآن، يُعبّر عن حقيقة وواقع الأدب والثقافة في بلادنا؟

• لديك مشكلة مع المألوف والسائد، وتطالب بسيادة الأدب الفريد والمختلف.. هل لدينا اليوم ذائقة خاصة يمكنها إشباع الذائقة العامة؟

•• يمكن الاتفاق في البدء أن تغيير شروط الكتابة هو في المقابل تغيير لشروط التلقي، وأن كل كتابة أصيلة ومختلفة ستصنع قارئاً مختلفاً. كل كتابة جادّة ستصنع قارئها، وهذا هو الرهان الحقيقي. أما المألوف والسائد فإنّ القارئ مصابٌ بتخمة منه. كل كتابة في المألوف والسائد هي ابنٌ بارٌّ للذاكرة لا للمخيّلة؛ الذاكرة بوصفها مستودعاً لكل ما قرَّ واستقرّ فيها وأخذ مكانه المكين. والمخيّلة بوصفها انفتاحاً على المتجدّد واللانهائي.

• ماذا يعني لك فوزك بالمركز الأول في مسابقة التأليف المسرحي في مسار الشعر؟ وماذا تعني لك كتابة الشعر المسرحي؟

•• سعدت كثيراً بالفوز، سيما أن المسرحية تتحدث عن شخصية أحبها كثيراً: شخصية ابن عربي؛ تلك الشخصية التي عشت معها طيلة ثلاثة أشهر (وهي مدة كتابة العمل)، تجربة روحية وروحانية بالغة الرهافة، فقد استدعت الكتابة عن ابن عربي، العودة إلى قراءة سيرته وأجزاء من أعماله التي حملت جوهر فكره وعمق تجربته الصوفية. وبالانتقال إلى الجزء الثاني من السؤال، أقول إن كتابة الشعر المسرحي عمّقت من مفهومي للشعر وإيماني به وبقدرته على التحرك في مناطق جديدة، يمكن استثمارها على نحو جيد ومثرٍ، إذا ما تعاملنا معها بجدية.

• أما زلت تبحث عن دار نشر تطبع لك ديوانك الجديد دون مقابل مادي تدفعه؟

•• استطعت التواصل مع أكثر من دار، وقد رحبوا بالديوان والتعاون من أجله. لا ضير في كون دور النشر تبحث عن الربح، فهذا من حقها، وهذه هي طبيعة عملها. كل ما أنادي به أن تكون هناك جهة حكومية تشرف عليها وزارة الثقافة، تقوم بطبع الأعمال الجادة التي تعبّر عن حقيقة الأدب السعودي وواقعه.

• جاسم الصحيح قال عنك إنك لست شاعراً عابراً، وإنما شاعر ذو موهبة كبرى تتجاوز المألوف والسائد.. ماذا تعني لك هذه الشهادة؟•• جاسم اسم كبير في المشهد الثقافي وتجربة مرجعية في الشعرية العربية الحديثة، وأن تأتي الشهادة من قامة كقامة جاسم الصحيح لا شك أنها شهادة تدعو للابتهاج والنشوة، إضافة إلى ما تلقيه عليّ من عبء ومسؤولية كبيرة.

• كيف يكون المؤلف الجاد والرصين رأس مال لدور النشر؟

•• تمهيداً للإجابة عن السؤال، لا بد من القول إن الرساميل الرمزية أحياناً تكون أهم وأكثر مردوداً من القيمة المادية. بالنسبة لدور النشر، يُعد الكاتب الجاد رأس مال رمزياً مهمّاً؛ لأنه يبني لها سمعة في الوسط الثقافي. إذا أرادت دور النشر أن تستثمر في سمعتها، فإن أسرع طريقة هي استقطاب كتاب أصحاب مشاريع جادة، مقابل أن تطبع لهم بمبالغ رمزية على الأقل.

• كتبتَ الشعر بأشكاله الثلاثة ومع ذلك ما زلت ترى أنّ الوزن ليس شيئاً جوهرياً في القصيدة.. ما البديل من وجهة نظرك؟

•• نعم الوزن ليس شيئاً جوهريّاً في الشعر. ونحن حين نقول الوزن نقصد بطبيعة الحال الأوزان التي أقرها الخليل بن أحمد. الحقيقة أن الأوزان جزء من الإيقاع، أو بمعنى آخر، هي إحدى إمكانات الإيقاع وليس الإمكانية الوحيدة، وما دامت إحدى تجليات الإيقاع وليس التجلي الوحيد، فمعنى ذلك أن الإيقاع أعم وأشمل وأقدم. وعليه فإن الإيقاع هو الجوهري وليس الوزن. والإيقاع يمكن أن يتحقق في قصيدة النثر مثلاً، عبر حركة الأصوات داخل الجملة الشعرية. وهناك حادثة دالة وكاشفة أنهم حتى في القديم كانوا يدركون أن الشعر بما فيه من إيقاع يوجد أيضاً خارج أوزان الخليل، إذ يُروى أن عبدالرحمن بن حسان بن ثابت دخل على أبيه وهو يبكي، وكان حينها طفلاً، فقال له: ما يبكيك؟ فقال: لسعني طائر، فقال: صفه، فقال: كأنه ملتف في بردي حبرة. فصاح حسان: قال ابني الشعر ورب الكعبة. هذه القصة المروية في كتب الأدب تكشف بجلاء أن الشعر أوسع من مجرد الوزن والتفاعيل.

• أنت تقول: لا شيء يسعدني ككتابة الشعر الجيّد.. ما مواصفات الشعر الجيّد؟

•• لا أملك ولا يحق لي ربما الحديث عن الشعر الجيد بإطلاق؛ لأن في هذا ادعاءً كبيراً، لكن يمكن الحديث عما أراه أنا أنه شعر جيد؛ أي في حدود رؤيتي فقط. كل شاعر يكتب الشعر بناءً على ما يعتقد أنه شعر، وعليه فإن الشعر الجيد -كما أراه- خرق لنمطية اللغة وبحث جاد عن اللامرئي في المرئي، ومن مواصفات النص الجيد أن يتقاطع فيه الفكري بالوجداني، وأن يكون نتاج الحالة البرزخية بين الوعي واللاوعي. طبعاً إضافة إلى ضرورة أن يتخلص من المقولات السابقة، وأن يعمل في تضاد مع الذاكرة والثقافة؛ لأنهما يفرضان السائد والمألوف وكل ما هو قارّ في الذهن.

• العودة الملاحظة للشذرات كتابة وطباعة.. إلام تعيدها؟

•• الشذرة في رأيي هي رأس الشعرية. حَشْد كل هذا العالم بمستوياته وتناقضاته ورؤاه في بضع كلمات أمر بالغ الصعوبة على مستوى التكنيك، لكنه مثير وممتع حين تدخله كمساحة للتجريب وتحدي إمكانياتك. أيضاً جزء من اهتمامي بالشذرة يعود إلى افتتاني بالمشهدية وتأمل الفضاءات البصرية واستنطاقها. إضافةً إلى ما في الشذرة من تداخل أجناسي يزيدها ثراءً وغنى. وعلى مستوى آخر أعتقد أن الشذرة بحجمها وبنيتها أكثر تمثيلاً لحياتنا المعاصرة التي أشبه ما تكون بلقطات متتابعة ومنفصلة في فضاء بصري، يجمعها سياق عام. وأخيراً لا أنسى أن منصة (إكس) بما كانت تفرضه من قيود تقنية قد أسست لتجربتي في الكتابة الشذرية وصقلتها.

• الشاعر أحمد السيد عطيف اختلف معك في شكل القصيدة، ورأى أنّ الشكل لا يجعل الكلام جميلاً ومؤثراً.. فيما ترى أنت أنّ الكتابة على نمط القصيدة القديمة تقليد وليس إبداعاً.. هل المشكلة في الشّكل أم في أشياء أخرى؟

•• نعم، كان الحديث في هذه الجزئية عن القصيدة العمودية، وعن كتابتها بصياغة تقليدية مغرقة في القدامة. النقد الحديث على عكس القديم، لا يفصل بين الشكل والمضمون، ولكتابة نص حديث لا بد من تحديث الشكل؛ لأننا لا يمكن أن نتحدث عن مضمون ما بمعزل عن الشكل، إذ إن الشكل يخلق مضمونه أيضاً. طبعاً لا أقصد بتحديث الشكل استبدال القصيدة العمودية بشكل آخر، بل أقصد التحديث من داخل الشكل نفسه. تجديد الصياغة وتحديث الجملة الشعرية ذاتها لتكون قادرة على التعبير عن الرؤى الجديدة.

• لماذا ترى أنّ كتابة قصيدة النثر أصعب من كتابة قصيدة عمودية أو تفعيلة؟

•• السبب في رأيي أن النص العمودي والنص التفعيلي لديهما قوالب إيقاعية جاهزة تجعل من مهمة الخلق الشعري مهمة أقل صعوبة. بينما في قصيدة النثر أنت تعمل في منطقة أقرب ما تكون إلى الشكل الهلامي. قصيدة النثر ملامحها أقل حدة ووضوحاً من الشكلين السابقين، وعليه فإن كتابتها تحمل صعوبة أكبر؛ لأن لكل نصٍّ قالبه الخاص الذي عليك أن تخلقه من العدم.

• كيف يمكن للشاعر أن يكون رائعاً؟

•• يكون كذلك إذا كان أصيلاً؛ أي معبراً عن صوته الخاص، ولحظته الراهنة، ومنغمساً بالكامل في تفاصيل عالمه، طبعاً دون أن يفقد قدرته على الاتصال بالوجود والكون.

• النصوص القصيرة التفعيلية التي كتبتها وترغب في نشرها مرفقة برسوم إبداعية.. ماذا عنها؟

•• هي أربعون نصّاً، تحمل خلاصة تجربتي في كتابة الشذرة الشعرية، وهو تنويعٌ على تجربتي الشعرية عموماً. تعاونت في هذا المشروع مع الرسامة السورية القديرة راما الدقاق. والعمل الآن في مرحلته الأخيرة، وسيُنشر خلال الشهرين القادمين.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .