لم ألمحِ السببَ الخفيَ لِرغبةٍ
حَطَّتْ على كَتفِ الرَحيل،
ولم يَدعنِي الغيبُ أُكْمِلُ
في جِدارِ الريحِ آخرَ جُملةٍ سَطَّرتُها
لِيُسافرَ المعنى يَمَامَاً
خلفَ أَجنِحةِ الغَمام
كالشمسِ في شَالِ الغيابِ
تَساقطتْ أَهدابُ مَن هَرَعوا
إلى فَجرٍ يُطِلُّ على الحَياة،
مَضَوا خِفافاً في بَراري التِيهِ
يَحمِلُهم صَدى الماضي
لأَولِ قِبلةٍ للطفلِ في أَحداقِهم،
مَضَوا إلى غَدِهم هُنالك
خَلفَ آمالٍ تُلوِّحُ
مِن مَجراتِ الهَبَاء،
لا شيءَ يَحرُسُ وَمضَ أَعيُنِهم
بليلِ الحَالمين سِوى
انهمارِ الأَمسِ في أَرواحِهِم
بِبُطءِ سِربِ الغيمِ
فَوقَ رؤوسِ آلافِ السنابلِ غَادروا،
سَاروا بَعيداً في الغِيابِ المعدنِي
يُضيئهم وَهَجٌ شحيحٌ
في السَراب،
نَاديتُ
طَائِرَهم مِن الذكرَى
فأَوجَعنِي التماعٌ خَافِتٌ لِلأَمسِ
في رِيشِ الصدَى،
تَبددَ الصوتُ الجريحُ بآهةٍ
في إِثرِ نَاياتِ الرحيل،
ناديتُ مِن نَومي
بأَعلى ما استطعتُ،
ولم يُجبْ عَينيَّ في قَلقِ المرَايا
سِوى التفاتِ الصمتِ
في شَجرِ الهَزيع،
غَابوا عن النجوَي
ومَالوا لِلإِقَامةِ
في مَجاهلِ حُلمِهم،
لم يُمهِلوا شَغَفَ الفؤادِ بِنَظرةٍ
تَهمي عليهِ بغَيمَةٍ مَنسيَّةٍ
بَين الجُفون
لَعلهمْ
صَعدوا سَلالِمَ لا نَراها
كُلما التبستْ مَآقِيهم
بأَشرِعةِ السؤَال
ولَعلني
يوماً وَصَلتُ إلى الحقِيقةِ دُونَهم
فَأَنا أَسِيرُ هَواجِسي
حُرٌ طَليقٌ في الخَيال