لفت انتباه متابعي المشهد الثقافي إقامة فعاليتين شعريتين في منطقة جازان؛ ما أثار جدلاً في وسط مُغرم بما يثير الجدل، وعقب استقصاء أسباب تمسك جمعية الأدب بمهرجان الشعر في موعده، ظهر لنا أن للمناخ دوراً كبيراً في ذلك، فالرطوبة، وحرارة الطقس، والتغيرات المناخية، وسرعة الرياح وثنائية المد والجزر، كلها أسهمت في الالتزام بالموعد الذي يسهم في ترشيحه الخبراء ببحر فرسان، فيما ظل نادي جازان الأدبي يعمل على موعده، بحكم ارتباطه ببرنامج شتاء جازان، وكون ملتقى فرسان بعيداً عن فضاء ملتقى جازان، وهنا استطلاع لوجهات نظر أدباء ومشرفين، إذ أكد الشاعر عبدالرحمن موكلي أن الجهات الراعية، مسؤولة عن عملية توزيع الفعاليات الثقافية في أكثر من مكان، وكذلك أكثر من وقت، وعدّ المنافسة مطلباً، وتبقى جميلة لعملية الإثراء الثقافي، إلا أنه يرى أنه عندما تكون فعالية شعرية في وقت واحد فهذا دلالة على خلل في عملية التوقيت والمكان، وطالب بأن تكون الملتقيات مرتبة ومعلنة من قبل مواعيدها في ظل الحوكمة والرقمية، وبأن يختار المنظم لها لجاناً استشارية متخصصة بعيداً عن الشغل الفردي والعمل وكأن هذه الملتقيات مليكات خاصة. وأضاف: أقيم ملتقى فرسان الشعري برعاية جمعية الأدب، وفي مدينة جازان يقام ملتقى شعري برعاية نادي جازان الأدبي، والمكان الحاوي منطقة جازان، والمؤسسات الثقافية تتبع الدولة، وتساءل الموكلي: أضاقت بهم الأوقات أم هذه الملتقيات تخضع لعامل السوق؟ ويجيب: من يعرف أبجديات العمل الثقافي ودور الثقافة في خدمة المجتمع، لا يمكن أن يرضى بهذا الفعل الثقافي، وأبدى عتباً على الجهات المعنية بموسم شتاء جازان، كون جازان أكبر من المبادرات الفردية والمشاريع الثقافية المرتجلة.
من جانبه، عبّر الشاعر علي الأمير عن إحسان الظن بالجميع، ويرى أن جازان تشهد في مثل هذه الأيام من كل عام أجواءً مثالية؛ لذا حرص كل من القائمين على الملتقيين الشعريين في النادي الأدبي وفي فرسان على انتهاز الأجواء، سيّما جازان في معظم فصول السنة بدرجات حرارة مرتفعة ورطوبة وأحياناً غبار.
وعدّ الملتقيات الشعرية رائعة ومهمة وتصنع دون ريب حراكاً ثقافيّاً يرفع من أسهم المنطقة والمنظمين على حدٍّ سواء، فالمنطقة تشهد حضوراً إعلاميّاً وفي مخيّلات الشعراء وأحياناً في قصائدهم، والمنظمون نظل نذكرهم ونشكرهم أيام الملتقى وبعد الملتقى، واسمح لي أن أستغل صحيفتكم الموقرة وأشكرهم من خلالها وأبارك لهم نجاحاتهم.
ويرى رئيس أدبي الباحة حسن بن محمد الزهراني أنه لا قصدية في إقامة الفعاليات الثقافية في وقت واحد في منطقة واحدة؛ لأن كل جهة تقيم مثل هذه الفعاليات تحرص على التفرد لأمور عدة؛ منها الإعلام، والجمهور، وتعاون الجهات الرسمية وغيرها.
لافتاً إلى أن المنافسة تكون عادة في نوعية الفعالية والأسماء المشاركة أما في ذات الوقت فمستبعدة تماماً ولا أظنها تليق بمثقف، موضحاً أن هذه لإشكالية النادرة حلها أسهل مما نتوقع وهو أن يكون في وزارة الثقافة جهة معنية بهذا الأمر، ومع ذلك فكل حراك ثقافي أراه إيجابياً وإن كان هناك تعارض في الوقت.
وهذا ما شهدنا في الأيام الماضية في منطقة جازان ومع ذلك نجحت الفعاليتان نجاحاً باهراً من خلال متابعتي الاسماء المشاركة في كليهما كانت لافتة وحضور الجمهور كان فوق المتوقع ولم تؤثر إحداهما على الأخرى، بل جعلتنا نعيش ونحن نتابع عن كثب نشوة وسعادة واعتزازاً بوجود هذا الحراك الثقافي الجميل والمشرف.
أما توزيع الفعاليات بين المناطق والمحافظات فأعود وأقول هذا شأن الوزارة بالدرجة الأولي وبالدرجة الثانية وعي المسؤولين عن هذه الفعاليات..
حسن الصلهبي: نحن نعمل ضمن مهرجان شتاء جازان
أوضح رئيس أدبي جازان حسن الصلهبي، أن الملتقى الشعري السادس حظي برعاية كريمة من أمير منطقة جازان؛ كونه ضمن برنامج مهرجان شتاء جازان 2025، والنادي نفذ قبله برنامج أمسيات الشتاء التي تجاوزت أكثر من 15 أمسية، تنوعت بين الشعر والسرد والنقد والتراث والفن التشكيلي، وحظيت بمتابعة وحضور كبير وموعد تنفيذه تم بالتنسيق مع الإدارة العامة للمهرجان. وأكد أنهم في أدبي جازان لا يرون ضيراً من إقامة أكثر من ملتقى شعري أو ثقافي في توقيت واحد، فجازان منطقة شعر وثقافة أوسع وأعمق من غيرها من مناطق المملكة والوطن العربي، وهذه هبة وميزة من الله على مر العصور، وهي، ولا شك، من أهم منطلقات الحراك الأدبي في المنطقة، إضافة إلى الجمهور الذي نحظى به أينما اتجهنا من المحافظات، ولو كان في الوقت نفسه ملتقيات أخرى غير ملتقيي جازان وفرسان لنجحت نجاحاً باهراً ولتابعها الجمهور بكل كثافة واهتمام، وهو الأمر الذي بدا جليّاً في أمسيات الملتقى الشعري السادس الذي حقق نجاحاً يفوق كل التوقعات على مستوى التنظيم والحضور الجماهيري، مشيراً إلى أن كل الملتقيات أو المهرجانات تحقق استراتيجيات وزارة الثقافة وتحقق رؤية الوطن 2030 الزاخرة بالإبداع، التي جعلت منظومة العمل الثقافي أحد مقومات الجودة والنهضة، للإيمان العميق بأن الفن والثقافة الحقيقية والمؤثرة قادران على تشكيل الوعي وتحصين المواطن وتقويته، وبالتالي قادران على رسم ملمح من ملامح الوطن وشخصيته الفريدة أمام العالم.
عبدالله مفتاح: خطة جمعية الأدب مُزمنة.. ولا علاقة لنا بالأندية الأدبية
أوضح الرئيس التنفيذي لجمعية الأدب عبدالله مفتاح، أن مشاريع جمعية الأدب المهنية تُنَفَّذ وفق خطة تنفيذية معتمدة من ثلاث جهات: مجلس الإدارة، والجمعية العمومية، ووزارة الثقافة على التوالي.. ولا يتم اعتماد الخطة التنفيذية إلا إذا احتوت على تفاصيل دقيقة لكل مشروع، وأهم هذه التفاصيل ما يُعرف بـ«Time Line» أو (الخط الزمني) المصاحب لكل مشروع، ونصبح مُلزَمين ومُلتَزمين بهذا الخط أثناء تنفيذ المشاريع.. بالنسبة لمشروع «ملتقى فَرَسَان الشعري» يتم حساب (الخط الزمني) له بكل دقة كونه مرتبطاً بالبحر وبجزيرة فرسان، وكما تَعرِف فإن الملتقى يُقام في شهر يناير من كل عام، ويجيء تكريساً لمفهوم السياحة الثقافية، إذ يستند إلى زيارة أهم معلم طبيعي في جزر فرسان وهو «غابات القندل»، هذه الغابات لا يمكن الدخول إليها وهي في حالة عراء؛ لأنها منطقة شبه ضحلة، ويكون المتحكم في الدخول إليها وضع «المدّ والجزر» وتوقيته؛ لذلك نقوم بسؤال أهل الخبرة البحرية من أبناء جزيرة فرسان لتحديد الموعد المناسب للدخول إلى هذه المنطقة وبناء على ذلك يتم تحديد موعد الملتقى بكل دقة، ثم يُكتب الخط الزمني لمشروع ملتقى فرسان الشعري في الخطة التنفيذية قبل الاعتماد، ومن المستحيل التقديم أو التأخير في الموعد لسببين: الأول نظراً لاختلاف مواعيد المد والجزر المعتمدة رأساً على تحركات القمر، وثانياً لاعتماد الخط الزمني للخطة التنفيذية من ثلاث جهات كما ذكرت.
جمعية الأدب المهنية تمدّ جسر الشراكات والتعاون مع الجهات والمنظمات والمؤسسات الرسمية النظامية العامة والخاصة؛ التي تُعنى بالشأن الأدبي والثقافي في المملكة عموماً، وترحب جدّاً بهذه الشراكات، وهي مطلوبة لنهضة القطاع الأدبي وتعتبر من المُستهدفات المهمة التي تحرص عليها الجمعية، بل ونُحرِّض على مدّ جسور الشراكات والتعاون معها بشرط أن تكون هذه المنشآت ذات مرجعية قانونية وتمتلك أوراقاً رسمية تؤكد نظاميتها، ذلك لأن تفعيل الأنشطة وتنفيذ المشاريع تحتاج إلى موافقات وتصاريح من الجهات ذات العلاقة، وهذه الموافقات لا تصدر إلا بموجب هذه الأوراق النظامية التي ذكرتها، والأندية الأدبية لا علاقة لنا بها.
كما أن الأنشطة والفعاليات -تحديداً- لا تمثل سوى 10% من الاستراتيجيات والأدوار المرسومة لجمعية الأدب المهنية، وعددها 10 استراتيجيات؛ 90% من هذه الاستراتيجيات تُعنى بتفعيل الدور المهني الذي يجب أن تمارسه الجمعية المهنية في القطاع الأدبي، وجميعها تصب في خدمة الأديب السعودي والقطاع عموماً، إذ أصبح للأديب السعودي مظلة حقيقية يستطيع الاتكاء عليها واللجوء إليها متى ما أراد.. وسأذكر بعض الأمثلة والأدوار التي مارستها الجمعية، إذ أجرت جمعية الأدب المهنية تفاهمات مع هيئة الأدب والنشر والترجمة لتولي زمام أمور مسار «الأدب السعودي» في «مبادرة ترجم» ورشحت -مرحلة أولى- 100 كتاب إبداعي لـ100 مبدع سعودي (في مجالات: السرد، الشعر، النقد) لترجمتها إلى أكثر من 8 لغات عبر ثلاث لجان محترفة (لجنة السرد، لجنة الشعر، لجنة النقد)، وعملت اللجان الثلاث على ترشيح 200 كتاب أدبي إبداعي سعودي، تم الدفع بـ100 كتاب منها إلى الهيئة لتأخذ طريقها إلى الترجمة للغات المختلفة. أيضاً رفعت جمعية الأدب المهنية توصيات لسنّ تشريع يُعنى بحماية الأديب السعودي أثناء التمثيل الدولي، وكما نعلم فإن بعض الدعوات الأدبية الخارجية تأتي إلى الأديب السعودي -رأساً- من منظمات دولية خارج المملكة، وأحياناً تكون بعض هذه المنظمات أو المؤسسات ليست شرعية أو مشبوهة.. إلخ، والأديب لا يعرف هذا الأمر الذي قد يُعرِّضه للمساءلة، عندها من يحمي الأديب؟! هنا يأتي دور جمعية الأدب المهنية إن لجأ إليها الأديب ورفع طلباً رسميّاً بالدعوة التي جاءته بوقتٍ كافٍ، وعلى الجمعية اتخاذ الإجراءات النظامية في التواصل مع الجهات ذات العلاقة لاستخلاص موافقة رسمية يستند عليها الأديب عند تلبيته الدعوة.. هذا غير الأدوار التي تقوم بها الجمعية من ترشيح الأدباء للجوائز المحلية والعربية والعالمية التي ترفع بها على مدار السنة، إضافة إلى وضع البرامج الثقافية المصاحبة للمناسبات الأدبية الكبرى في المملكة..
الأدوار المهنية التي تمارسها الجمعية كثيرة وكبيرة ولا يمكن حصرها في هذه المساحة.. نقطة أخيرة أريد أن أعرّج عليها: جمعية الأدب المهنية -حاليّاً- تعمل على أكثر من 6 مشاريع متزامنة التوقيت؛ منها ما هو تأسيسي، ومنها ما هو مركزي، ومنها ما هو نوعي.. وفي اللحظة التي أكتب فيها هذه الكلمات تنفِّذ الجمعية «برنامج فضاءات نقدية» الذي بدأ قبل شهر باستكتاب 12 باحثاً أدبيّاً لكتابة أوراق نقديّة رصينة في محاور أدبية مهمة لإثراء المجال النقدي الأدبي، يلي ذلك طباعة كتابٍ نقدي يحمل المسمى نفسه «فضاءات نقدية» العدد الأول، ثم سيُقام ملتقى نقدي كبير في الرياض بمقر الجمعية وعلى مسرحها في شهر فبراير لطرح هذه الأوراق ومناقشتها والتداخل حولها.. أيضاً تعمل الجمعية على اللمسات الأخيرة لإطلاق «مشروع أديب» الذي يُعنى باليافعين، ومشروع «الورش الأدبية المتخصصة» ومشروع «تحويل الرواية السعودية إلى سيناريو سينمائي».. وهنا لا يفوتني أن أشير إلى أن جمعية الأدب المهنية نفّذت 192 فعالية أدبية في 35 مدينة سعودية ومن خلال هذه الفعاليات أتاحت الفرصة لـ 562 أديباً للتحدث فيها.