Connect with us

ثقافة وفن

تشيخوف.. التنهيدة البائسة

يُعزى الشعور الذي ينتابنا حيال أدب الكاتب المسرحي والروائي الروسي أنطون تشيخوف إلى قدرته الفذة على مشاغبة حواسنا

يُعزى الشعور الذي ينتابنا حيال أدب الكاتب المسرحي والروائي الروسي أنطون تشيخوف إلى قدرته الفذة على مشاغبة حواسنا وإبقائه إياها يقظة ومتأهبة كما هو بناؤه فهم القارئ للتناقضات الاجتماعية لا بوصفها تبايناً أزلياً وتفاوتاً أبدياً يرتبطان بصيرورة الحياة بل بصفتها قيماً تصدر عن جوهر الإنسان وتمتزج برؤيته لتشع من خلال أفكاره، بيد أن قدرته على خلق اللا مألوف من خلال حدث مألوف وربما عابر والتقاطه التفاصيل الدقيقة والواسعة في الآن ذاته هو ما يجعلنا نقف إزاء نصوصه منتابين بالدهشة والذهول كما هو حال أقرانه من مبدعي القصة القصيرة.

فعدا عن أن (الأدب التشيخوفي) كان بمثابة حركة تقدمية اجتماعية نابهة تنطوي على مجابهة الجمود السائد والحياة القاتمة آنذاك بسبل مبتكرة تجاوزت الحيز الأدبي نحو الفضاء الإنساني، فإن عبقريته التي ابتكرت مبدأ دراماتيكياً يُدعى (بندقية تشيخوف) جعلت من خلاله كل عنصر في النص القصصي مهماً، هي ذاتها التي نسجت من طريقته في تناول الأفكار وصياغتها معطفاً واسعاً ظل الكتاب يخرجون منه تباعاً وقد تضوعت دواة كل منهم بعبق حبره.

فنصوص الروسي العظيم تمثل حالة إبداعية وإنسانية نابهة ظلت تتجذر في وجدان الأدب كما هي في وجدان القارئ ولم تقتصر على تسليط الضوء نحو الفراغ الروحي للإنسان والمناطق المتداعية والخربة في روعه، بل تجاوزت ذلك نحو الإفصاح عن رغبة البسطاء في غزو الحياة البائسة بنفحات آملة ومتفائلة وأبانت توقهم إلى نهضة روحية ووثبات فكرية رغم الخراب والتداعي الذي يعتري أرواحهم.

هذه الرغبة كانت جلية في نصوص تشيخوف كما هي رغبته في مراكمة الأفكار الإنسانية العميقة، وقد تجلت من خلال تصويره الدقيق لما ينتاب شخوصه تجاه حيواتهم إبان حقبة تاريخية قاتمة ووضع اجتماعي خانق برزت فيه حاجة المجتمع الروسي إلى إصلاحات أخلاقية، وكأنما أراد بذلك التأكيد على أن في نزوع العاطفة إلى الشعور ببؤس الآخرين ومشاركتهم أساهم عزاء رقيق لا يعدم البائس أثره، وصلة يحقق نماؤها كفاءة الشعور الإنساني، وهو أمر بالغ الصعوبة سيما في ظل ما أبانه من إدراك شخوصه ألّا أفق مضيئاً يفرون إليه من عتمة واقعهم كما هو افتقارهم إلى انفعالات بطولية ومهارات خارقة تبدل مآلاتها وفي ذلك ملمح آخر لعبقرية تشيخوف يوازي عبقريته في تصوير عالم تلاشى منذ قرن ونيف وما تزال شخوصه تعيش بيننا وتشاركنا ما خبرته في حيواتها، فإنموذج الفتاة المربية (يوليا فاسيليفنا) الذي يصور البساطة المنقادة والمُستغَلة وهي تذعن قسراً لمَنطَقةِ الجشع كان كقنديلٍ يسلط الضوء على التشوهات النفسية والأخلاقيات المتردية التي تنطوي عليها النفس البشرية ويفسر هشاشة البسطاء في عالم مليء بالقسوة وحب الذات، وما زال يعيش بيننا بصيغ مختلفة تعالج هم ضعفها وتكابد استعلاء مخدوميها، كما يصف (إيونا بوتابوف) في القصة الشهيرة (لمن أشكو كآبتي) حالة مفزعة من التهميش والوحشة الروحية حالت دون مزاولته التخفف من ألمه وبث شكواه لأحدهم أياً كان وهو الأنموذج الذي أظهره ويظهره تغول المادية في المجتمعات البشرية بوفرة، وغير بعيد عن ذلك هي رمزية (ابوجين) في قصة (الأعداء) و(أندريه إفيمفيتش) في (عنبر رقم ٩).

لطالما ألبس تشيخوف نصوصه القصصية ملاءة مائية مكنتنا من ملامسة روحه وقراءة أفكاره ونزعاته وحماسته ورؤية الفضيلة من منظور نابه يُري القارئ ذاته المجردة من أردية الحياة الزائفة فيتلمس نتوء قلبه وتعرجات روحه ويقوّم ما اعوج منها، ولذلك يرجَح تعاطفنا العميق مع شخوصه القصصية والروائية على ما يشوب نصوصه من خيال.

لقد حقن تشيخوف الحياة البائسة والرتيبة بجرع جريئة وكثيفة من الجمال أحالت خدر العاطفة إلى عاصفة وكأن تماهياً بين مهنته كطبيب وعمله ككاتب قصصي وروائي قد منح لكل منهما مهارة الآخر وأدواته، فبموازاة مزاولته للطب وهي المهنة الأسمى والأنبل كان تشيخوف يزاول نبلاً أرحب وهو يمسك بمبضع الكاتب ليشق عن الشعور الإنساني ويزيل طبقة كثيفة من التكلسات التي تكدست أعلاه وأعاقت صلته بعناء الآخرين وبؤسهم وقد نجح من خلال دفق قصصي غزير وعمل دؤوب لم يعر مدة إقامته القصيرة في الحياة بالاً في تحقيق ازدهار عاطفي ارتبط بنصوصه وجعل تركته الأدبية هي الأثقل إنسانياً. وربما كان للحياة القاسية التي عاشها تشيخوف في مقتبل عمره دورها حيال ذلك كما هي حيال فهمه التعقيدات البشرية وتناقضاتها المبهمة بيد أن استحواذ ضجره وتنامي سخطه هما من أبقى على بريق إنسانيته متقداً وفاعلاً وشحذا همته ودفعاه إلى شجب مستمر لنزق عصره من خلال تبنيه معاناة أبطاله وإظهارها كقصص خالدة جعلت القراء يتحسسون إنسانيتهم ودفعت الكثير من الأدباء إلى حمل بندقيته وارتداء معطفه والمضي على أثره.

Continue Reading

ثقافة وفن

وزير الإعلام يرعى ملتقى المسؤولية الاجتماعية الأربعاء القادم

يرعى وزير الإعلام سلمان بن يوسف الدوسري، الأربعاء القادم، ملتقى المسؤولية الاجتماعية الثاني تحت شعار «الإعلام

يرعى وزير الإعلام سلمان بن يوسف الدوسري، الأربعاء القادم، ملتقى المسؤولية الاجتماعية الثاني تحت شعار «الإعلام واقع ومسؤولية» الذي تنظمه جمعية المسؤولية المجتمعية على مدى يومين، في مركز المؤتمرات بوكالة الأنباء السعودية (واس) بمدينة الرياض.

ويأتي شعار الملتقى هذا العام انطلاقاً من دور وسائل الإعلام المختلفة في تعزيز المسؤولية الاجتماعية من خلال التوعية ونشر القيم، وإبراز الأنشطة والمبادرات المجتمعية في مختلف المجالات، فضلاً عن تأثيرها على صناع القرار، في وقتٍ تنامت العلاقة بين الإعلام والمسؤولية الاجتماعية، ما نتج عنه إعلام متخصص مثل الإعلام البيئي، والتنموي، وغيرها.

ويشهد الملتقى تدشين أول «بودكاست» متخصص في المسؤولية الاجتماعية بمبادرة من الجمعية بالتعاون مع مجموعة MBC وكذلك أول مجلة متخصصة في المجال ذاته، لتكون منبراً معرفياً وثقافياً يستكتب المتخصصين، ومساحة لتناول مختلف القضايا والموضوعات ومستجدات القطاع.

وأكّد رئيس مجلس إدارة الجمعية سعود بن حسين السبيعي، أن الجمعية تهتم بتعزيز التعاون مع الجهات ذات العلاقة بالمسؤولية المجتمعية، وفي مقدمتها الإعلام بوسائله المختلفة، لافتاً إلى أن «البودكاست» يعدّ الأول من نوعه في مجال المسؤولية الاجتماعية على مستوى المملكة.

وأوضح أن الملتقى يشارك فيه جمع من الإعلاميين والأكاديميين المتخصصين من الجامعات ومجلس الشورى ووسائل الإعلام المطبوعة والمسموعة والمرئية، لإثراء محاور الملتقى التي ستتناول في مضامينها واقع علاقة الإعلام عبر وسائله التقليدية والحديثة بالمسؤولية الاجتماعية في القطاعات العامة والخاصة وغير الربحية، وتحديد الاستراتيجيات المستخدمة في تلك الوسائل، وإبراز التجارب الفاعلة، إضافة إلى تحديد ما تواجهه من معوقات وتحديات.

من جهتها قدمت الرئيس الفخري لجمعية المسؤولية المجتمعية الأميرة حصة بنت سلمان بن عبدالعزيز شكرها وتقديرها لوزير الإعلام سلمان الدوسري على رعاية الملتقى بحضور عدد من المسؤولين والمهتمين، راجية أن يسهم الملتقى بمخرجات تدفع بالعمل الإعلامي نحو التكامل مع مؤسسات المجتمع في ما يقدم وبمعايير وقيم مسؤولة.

Continue Reading

ثقافة وفن

علوان رئيساً تنفيذيّاً لـ«المسرح والفنون الأدائية».. والواصل رئيساً تنفيذيّاً لـ«الأدب والنشر والترجمة»

صدر قرار مجلس إدارة هيئة المسرح والفنون الأدائية برئاسة وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، بالموافقة

صدر قرار مجلس إدارة هيئة المسرح والفنون الأدائية برئاسة وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، بالموافقة على طلب الرئيس التنفيذي للهيئة سلطان البازعي إحالته للتقاعد، وتعيين الدكتور محمد علوان رئيساً تنفيذيّاً لهيئة المسرح والفنون الأدائية.

كما صدر قرار مجلس إدارة هيئة الأدب والنشر والترجمة برئاسة الأمير بدر، بتعيين الدكتور عبداللطيف الواصل رئيساً تنفيذيّاً لهيئة الأدب والنشر والترجمة، خلفاً للدكتور علوان.

وثمّن مجلس إدارة كل من هيئة المسرح والفنون الأدائية وهيئة الأدب والنشر والترجمة الجهود التي بذلها البازعي وعلوان في تأسيس الهيئتين وتطوير القطاعات الثقافية التي تشرفان عليها.

ويأتي اختيار الدكتور علوان رئيساً تنفيذيّاً لهيئة المسرح والفنون الأدائية؛ نظير ما يمتلكه من خبراتٍ في العمل الإداري، فهو حاصل على درجة الدكتوراه في إدارة الأعمال من جامعة كارلتون في كندا، وماجستير في إدارة الأعمال من جامعة بورتلند بالولايات المتحدة الأمريكية، وبكالوريوس نظم المعلومات من جامعة الملك سعود بالرياض، وقد تولى الرئاسة التنفيذية لهيئة الأدب والنشر والترجمة لأكثر من خمس سنوات، شهدت خلالها الهيئة العديد من الإنجازات ذات الأثر الملموس في القطاعات التي تشرف عليها.

في حين جاء اختيار الدكتور الواصل رئيساً تنفيذيّاً لهيئة الأدب والنشر والترجمة بعد مساهمته الفاعلة في إدارة مجموعة من المبادرات الرئيسية في الهيئة، إذ شغل، أخيراً، منصب مدير عام قطاع النشر فيها، وأشرف على تنظيم مجموعة من معارض الكتاب في المملكة، وهو حاصل على الدكتوراه في هندسة تصميم النظم عام 2017م من جامعة واترلو في كندا، وماجستير في هندسة تصميم النظم عام 2011م من الجامعة ذاتها، وبكالوريوس في التكنولوجيا الطبية الحيوية عام 2007م من جامعة الملك سعود، وعمل أستاذاً مساعداً في جامعة الملك سعود، ومدير برنامج التكنولوجيا الطبية الحيوية في الجامعة ذاتها بين 2018م و2022م، كما تولى عدداً من المناصب في مركز التطوير الإستراتيجي.

Continue Reading

ثقافة وفن

وزارة الثقافة تحتفي بالأوركسترا اليمنية في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض

احتفت وزارة الثقافة اليوم بإبداعات الأوركسترا اليمنية، وذلك في حفل نظّمته بالتعاون مع وزارة الإعلام والثقافة

احتفت وزارة الثقافة اليوم بإبداعات الأوركسترا اليمنية، وذلك في حفل نظّمته بالتعاون مع وزارة الإعلام والثقافة والسياحة اليمنية في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض، بحضور مسؤولين ثقافيين يتقدمهم وزير الإعلام والثقافة والسياحة في اليمن معمر الإرياني، ومساعد وزير الثقافة راكان بن إبراهيم الطوق، إلى جانب جمع من المثقفين والفنانين والإعلاميين من المملكة واليمن.

وتضمن الحفل عرضاً فنياً أبدع فيه فنانون يمنيون بأداء ألوانٍ موسيقيةٍ وغنائيةٍ متنوعة ممزوجةٍ بفنونٍ تقليديةٍ مستوحاة من ألوان التراث اليمني، مثل العدني، والصنعاني، والحضرمي، وشاركهم موسيقيون سعوديون في تقديم مقطوعات تراثية مشتركة بين البلدين الشقيقين.

واشتملت الأمسية على فقرتين تمتد كل واحدةٍ منهما لمدة 45 دقيقة بقيادة المؤلف والموسيقار اليمني محمد القحوم، حيثُ بدأت الأولى بـ«مزمار الهبيش»، وتلتها وصلات موسيقية غنائية حملت عناوين «نبض الماضي»، و«ما علينا»، و«خطر غصن القنا»، و«إيش جابك من بلادك»، و«الينبعاوي»، و«رشوا العطور»، وانتهت بأداء أغنية «صبوحة».

واستُكملت الأمسية بالفقرة الثانية التي انطلقت بأغنية «أمواج اللقاء»، ثم «ربش وبرع»، و«ماء الذهب»، و«متيّم»، و«ميدلي يمني»، و«غدر الليل»، و«يا وليد يا نينو»، وأعقبها أداء الفرقة اليمنية لميدلي سعودي من أبرز الأغاني الوطنية مثل «وطني الحبيب»، و«أنت ملك»، و«يا سلامي عليكم يا السعودية»، و«يا بلادي واصلي»، واختتمت بالأغنية الوطنية اليمنية «وطن».

وصاحبت الحفل فعاليات جانبية، تمثلت في مشاركة هيئة الموسيقى بأركانٍ مخصصةٍ تُتيح للمهتمين التعرّف على الآلات الموسيقية ووصفها، ومن أبرزها: العود، والقانون، والسمسمية، والربابة، وصفريقا، والطار. إضافة إلى عرضٍ لمبادرة «ذاكرة الموسيقى السعودية» التي توثّق من خلالها الهيئة الأعمال الفنية الغنائية والموسيقية السعودية على مر تاريخ المملكة، وحتى أواسط ثمانينات القرن الماضي، وحفظها وأرشفتها، ومبادرة «طروق السعودية» التي أطلقتها الهيئة بالتعاون مع هيئة المسرح والفنون الأدائية، وبدعمٍ وإشرافٍ من مركز ذاكرة الثقافة؛ لحصر وتوثيق شتى الألوان الموسيقية والأدائية من طروقٍ فرديةٍ، وفنونٍ جماعيةٍ، وألوانٍ موسيقيةٍ في مختلف مناطق المملكة، وإنتاج مواد توثيقية لها.

وتضمنت الفعاليات المصاحبة مشاركة مؤسسة التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع (ألِف) بالتعاون مع وزارة الثقافة بمعرضٍ مصورٍ يستعرض أعمال الترميم والمحافظة على التراث، والمواقع التاريخية التي نفذتها (ألِف) في اليمن، وذلك بالتعاون مع المؤسسات اليمنية، والمنظمات الدولية.

كما شارك البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن بجناحٍ يعرضُ فيه مشاريعه ومبادراته التنموية التي بلغت 263 مشروعاً ومبادرةً تنمويةً في 8 قطاعاتٍ أساسيةٍ وحيويةٍ، وهي: التعليم، والطاقة، والنقل، والمياه، والزراعة والثروة السمكية، ودعم وتنمية قدرات الحكومة اليمنية، والبرامج التنموية في 16 محافظة يمنية؛ لإبراز جهود المملكة في دعم وتنمية الجمهورية اليمنية الشقيقة.

هذا ويُمثّل حفل «الأوركسترا اليمنية» في الرياض جانباً من برامج وأنشطة التبادل الثقافي الدولي التي تعمل عليها وزارة الثقافة باعتبارها من أهداف الاستراتيجية الوطنية للثقافة، تحت مظلة رؤية السعودية 2030، حيث أسهم الحفل في خلق منصة لالتقاء الثقافة السعودية بنظيرتها اليمنية في أمسية فنية تألق فيها الفنانون من البلدين، ورسموا من خلالها لوحة إبداعية عكست عمق الروابط التي تجمع بين الشعبين الشقيقين.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .