Connect with us

ثقافة وفن

بورخيس.. تأويلات القراءة ومآلات العتمة

أحسَبُ أنه ما إن يرد اسم الكاتب والشاعر الأرجنتيني الشهير خورخي لويس بورخيس، إلا وتتبادر إلى الأذهان صورته محاطاً

أحسَبُ أنه ما إن يرد اسم الكاتب والشاعر الأرجنتيني الشهير خورخي لويس بورخيس، إلا وتتبادر إلى الأذهان صورته محاطاً بأدغال من المطبوعات في أحد دهاليز المكتبة الوطنية في بوينس آيرس، وقد أكب بوجهه على كتاب من الطراز القديم محاولاً استجلاء حروفه.

يدرك الكثيرون أن تشكل مثل هذه الصورة الذهنية لبورخيس يعود إلى جانب إصابته بالعمى؛ لما عُرف عن علاقته الوطيدة بالكتب وافتتانه بها إلى الحد الذي جعله يخال الفردوس شيئاً كمكتبة ضخمة ويرى الكتاب أكثر ما ابتكر الإنسان دهشة.

قد تبدو هذه نظرةً مغالية إلى حد ما، وإذا ما تناولناها في سياق الفضاضة؛ التي تتسم بها الحياة، أو تعاطينا معها من منظور مغاير كاحتياجات الإنسان الفيسولوجية التي افترضها ماسلو ووضعها على قمة هرمه الشهير، فسنميل نحو ما يراه هؤلاء، لكنها لم تكن تبدو كذلك بالنسبة لبورخيس الذي لطالما رأى في الخيال تحرراً أثيراً وسبيلاً مطمئناً وسط متاهة معقدة، واستخدمه كأداة لفهم الظواهر والمشكلات، ولذلك ستبقى رؤية بورخيس متأرجحةً، يخبو بريقها كلما اقتربنا من الواقع، فإذا ما أطلقنا عُقل مخليتنا بدت ألمعية وملهمة، وفي الحالتين هي ما يصف حياته بدقة.

يمكن النظر إلى حياة بورخيس على أنها ترجمة دقيقة لما يعنيه الافتتان بالقراءة والإيمان بالكتب، وهو أمر يمكن تفهمه عطفاً على ما تسديه القراءة إلى المصابين بها من صنائع جليلة تتجاوز المتع الصغيرة نحو تشكيل الوعي واللاوعي، وإذا ما أعرنا رغبة الاستزادة المتمكنة في الطوية الإنسانية شيئاً من انتباهنا، سنرى أن لا غرابة فيما ذهب إليه بورخيس، بيد أن ثمة ما يبعث على الحيرة في تلك العلاقة التي بقي وفياً لها حتى حين فقد قدرته على القراءة، فلم تثنه العتمة التي ألمت بعينيه عن محاولاته الظفر بما يشبع إلهامه أو يخصف عري روحه.

بمقدورنا القول إن بورخيس هو القارئ الأوفر حظوة لدى كتبه، والكاتب الأكثر التصاقاً بمؤلفاته، فمنذ أن انعقدت علاقته بالقراءة ظل قارئاً منضبطاً ومتأملاً حصيفاً حتى أضحيتا سمة أصيلة له، وصيرتاه هائل الاتساع موسوعي المعرفة كمكتبة مترعة بأصناف من الكتب.

ظل كذلك حتى انطفأ الضوء الأخير في عينيه، وحين لم يعد باستطاعته أن يطلق نظره في ساحة مايو أو يرقص التانجو في الحفلات الصاخبة، لم يبدُ قِلقاً إزاء ذلك، بل ظل آملا في أن تضيء له الجُمل على الصفحات المعتمة ومتأملاً أن يتجاوز ما بدا كهضبة ضخمة تقف بينه وبين نهر لا نهائي من الكلمات، وعلى الرغم من رغبته الجادة في استعادة قدرته على القراءة لم يستعن بورخيس بعدسة مكبرة مثلما كان يفعل جويس، ليس لأن كل ما كانت ستريه إياه سيبدو مثل غسق متنطع، بل لأن ما كان يكتبه جويس ويزاوله واقعي في إزاء تصورية بورخيس، فالمتاهة وكتاب الرمل وأمنياته ومقارباته كانت كذلك إلى الحد الذي بدا أن فقده لبصره لا يعدو في أهميته عن أنه عقبة ضئيلة اعترضت طريقة فزادته تبصراً.

لم يكن بورخيس مهتماً بكينونة الكتاب العارية المجردة، بل بما تضمنه من معارف وعلوم وحكايات وأساطير كانت غذاءً مثالياً لمخيلته وطريقاً نحو خلاصه، وفي غسق عمره حين فقد بصره بالكلية وبدا كمن يطفو في الظلام أخذ الصوت المتناهي إلى سمعه منزلة المسافة، واحتلت الرائحة منزلة الألوان فاستعاض عن رؤية الوجوه والأبنية وشمس الأصيل بمخيلة فذة وذاكرة فتية ظلتا ترسمان له الملامح وتقودانه عبر الطرقات، كما تفعل أنامله حين تتلمس أغلفة الكتب الخشنة لتستبين عناوينها، واستمر كذلك، لم يصبه الإنكار ولم يركن إلى ظِل عجزه بل ظَل شغفه بالقراءة متقداً ونافذاً وبقيت قريحته زاخرة وخصبة.

وحيث المبنى المحتشد بالكتب كان يمضي جل يومه فإذا ما دلف عائداً إلى منزله فإن سؤاله عمن يستطيع القراءة له مساءً يقف مترصداً بمن يلتقيه إلى أن يظفر بإجابة تضفي على مسائه المنتظر ألقاً وأهمية.

لا يُعرف على وجه اليقين ما إذا كان السبب وراء إصابة بورخيس بالعمى وراثياً بحتاً، كما يزعم والكثيرون سواه، أم أن الكتب هي من التهم بصره أو ساهم في ذلك على الأدنى، فإزاء إصابة والده الذي كان يملك مكتبة كبيرة في منزله بالعمى أصيب أيضاً سلفاه في إدارة المكتبة العامة بول غروساك وخوسيه ميرمول بالعمى وفقدا بصريهما.

فهل يمكن أن يفقد أحدهم بصره بسبب القراءة؟

يستغرق الأمر الكثير من البحث والتقصي للإجابة عن سؤال كهذا، ففيما عدا غروساك وميرمول ثمة أيضاً الإنجليزي جون ملتون الذي فقد بصره بملء إرادته وأتلفه في كتابة خطاباته المؤيدة للبرلمان في نزاعه مع الملك.

ربما كان افتراض العلاقة بين القراءة وتلف البصر اعتباطياً على نحو ما، ولكن تجاهل وقائعَ التهمت فيها الكتب أبصار قراء نهمين قد يعد مغالاة قارئ ليس إلا.

لقد ألهمت القراءة مخيلة بورخيس ومنحته القدرة على تجاوز المتاهة التي علق بها صغيراً عندما كان عرضة لهزء وتندر أترابه كما فعل الأمير العربي في قصته الشهيرة «المتاهة» حين استطاع أن يجد المنفذ الذي يخرجه من متاهة ملك بابل، وعلى إثر ذلك نمت في داخله لغة الخيال واتسعت خرائط المعرفة تلك التي تتشكل منذ مناعاتنا الأولى ولا تتوقف عن النمو، تبدأ بلغة عشوائية ومن ثم تنتظم وتتسع إلى أن نصاب بداء القراءة فتبدو شاسعة، ولكننا أمام بورخيس الذاكرة التي تحتشد بالكتب نتساءل عن مدى ما يمكن أن تصل إليه المخيلة من اتساع؟

لقد اعتبر بورخيس القراءة طريقة تفكير لتكوين معنى ضمن أحكام وقواعد اللغة ومقاربة لما يختلج في نفسه، كان يستطيع أن يرى عوالم متعددة من خلال خارطة اللغة المصغرة، تلك التي تتسع في مخيلته لتبلغ آفاقاً بعيدة، وكان باستطاعته دائماً عقد مقارنات حية ومستنيرة بين الكتب التي يحتشد بها، لم يرَ القراءة متعة محضة، بل رأى في كل جملة مادة طوبائية تبني في ذهنه فكرة ألمعية لا تلبث حتى تكتمل في مخيلته وتتدحرج نحو ذاكرته قبل أن تُدوَّن، كما رأى في الكتابة أداة خلاص ترتبط بالقراءة عبر حبل سري يمرر غذاءها وليست مجرد موهبة صلبة.

الضرير الذي لم يبرح فكرة أن العالم أحجية غير قابلة للحل وأن الإنسان ليس سوى كائن ضل في متاهة معقدة فظل يتحسس طرقها المتشعبة كان يرى في المكتبة كونا أثيرا ومثاليا وقد تجذرت في روحه حتى بدت من خلال أجمل نصوصه، فما كان يخالجه أثناء عمله أميناً للمكتبة ظهر في قصته الشهيرة «مكتبة بابل» وتجلى في بنائها العبقري.

لقد كان التصاق بورخيس بالكتب مُلهِما إلى الحد الذي جعل الكثيرين يخالونه بطلاً لجل الروايات التي تروج بها رائحة الكتب كما هو حال الشخصية الرئيسية لرائعة الإيطالي «أمبرتو إيكو» «اسم الوردة» التي بدت صورة مستنسخة عنه وإن بإضافات طفيفة لم تخفِ ملامح المثقف الموسوعي الذي يطارد لغزاً مارقاً، بل ذهب آخرون إلى أن إيكو وآخرين كانوا يدورون في فلك بورخيس وجل أفكارهم نبتت قبلاً في مخيلته.

تلك القدرة التي تعد أنموذجاً لكيفية مزج الوقع بالإيقاع والواقعية بالتخيلية من خلال ترتيب الوحدات اللغوية والاستعارات الخاصة التي تصف ما يلامس العاطفة، هي بلاغة فردية جعلت جُمل بورخيس تمر كالأريج الناعم فتتسلل إلى عقل الكاتب وتتشكل في لا وعيه.

ثمة وشيجة خفية بين بورخيس والكتابة، دعتها لتكون عكازاً طيعاً ونابهاً له، لم تقده يوماً إلى سبل ضيقة ومنغلقة بل أفضت به إلى عوالم رحبة يلاحق فيها المفاهيم الملتبسة ليقترف الإجابات، وعندما فقد قدرته على رؤية الألوان لم تفقد أحلامه ألوانها، بل ظلت رفيقةً به حتى ألف عتمته ولم يخفِ امتنانه لها، ما يؤكد أن ذاكرته الفذة ومخيلته الواسعة هما منحة الظلام اللتان جعلتا منه أداةً معرفية تحترف الكتابة.

في خريف 1967م ارتجل بورخيس محاضراته السبع عن الشعر، وفيما كانت القاعة الفارهة في جامعة هارفرد تكتظ بالحضور كان بورخيس يتهيأ ليلقي تأملاته عن الشعر، يستحضر ما يمكن أن يقوله وينتقي من بين ما تختزنه ذاكرته ما يمكن أنه يستدل به، لم يكن قد دون أية ملاحظات ومن الجلي ما كان وراء ذلك، بل اعتمد على ذاكرة صلبة تحتفظ في أدراجها بالكثير، وجد في تجليه وارتجاله طريقة ديناميكية يتشارك من خلالها فلسفته الشعرية مع من يشاركونه افتتانه بالشعر، وبنهاية المحاضرات كان قد تشكل كتاب صنعة الشعر أحد أهم الكتب التي قدمت لنا تصوراً أصيلاً وبديعاً عن الشعر.

كما لو كان يلقي قصيدة يحفظها عن ظهر قلب استطاع بورخيس أن يرتجل كتاباً كاملاً؛ وهي قدرة ملفتة تنبئ عن ذكاء حاذق أخال أن فقده لبصره قد زاد معدله إلى ذلك المستوى القياسي.

يتواءم ذلك مع ما كان يعتقده بشار بن برد الذي ولد ضريراً و«صور ما عجز عنه المبصرون» كما يقول الجاحظ حين ربط الذكاء بالعمى وترجم ذلك في قوله: عَميتُ جنينا والذكاء من العمى /‏ فجِئت عجيب الظن للعلم مَوئِلا.

لقد كان بشار والمعري وطه حسين ومليتون وهوميروس كبورخيس وكل ما كانوا يرونه هو الغبش الرمادي الذي أحاق بأعينهم لكنهم عثروا في مخيلاتهم على صور نابهة ضمنوها أعمالهم، فجاءت مترعة بالجمال وغنية بالدهشة، ومن خلالها استطعنا أن نتذوق المرارات الصغيرة في قوالب من اللغة الساحرة، بيد أن لبورخيس خصوصية التصاقه بالكتب وانغماسه في القراءة وارتباط مخيلته بسياق الزمان والمكان والثنائية المتضادة وتلاقحهما لإنتاج هجين من الأفكار الملهمة التي نقلت الصراع الأزلي المغلق إلى فضاء أرحب، فترجم كل ذلك من خلال ما يكتبه وكأنه أراد أن يثبت لنا أن المخيلة أعادت بناء ما هدمته العتمة وأن كل الأشياء ستندثر لكن ما يُقرأ سيبقى.

Continue Reading

ثقافة وفن

وزير الثقافة يزور الجناح السعودي في «إكسبو 2025 أوساكا»

زار وزير الثقافة رئيس اللجنة التوجيهية لمشاركة المملكة في معارض إكسبو الدولية الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان،

زار وزير الثقافة رئيس اللجنة التوجيهية لمشاركة المملكة في معارض إكسبو الدولية الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، اليوم جناح المملكة في إكسبو 2025 أوساكا في مدينة أوساكا في اليابان، في إطار زيارته الرسمية لليابان.

وكان في استقبال وزير الثقافة لدى وصوله للجناح، نائب وزير الثقافة رئيس اللجنة التنفيذية لمشاركة المملكة في معارض إكسبو الدولية حامد بن محمد فايز، ومساعد وزير الثقافة راكان بن إبراهيم الطوق، وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى اليابان الدكتور غازي فيصل بن زقر، والرئيس التنفيذي لهيئة فنون العمارة والتصميم الدكتورة سمية السليمان، والمشرف العام على وكالة الفعاليات والمهرجانات الثقافية مدير عام إدارة المشاريع المؤسسية بوزارة الثقافة مي الرشيد، ومدير الجناح السعودي المشارك في إكسبو 2025 أوساكا المهندس عادل الفايز.

وتجوّل على أقسام الجناح الوطني، مطلعاً على تصميمه، وآخر ما وصلت له الأعمال الإنشائية في الجناح بمقر المعرض الدولي الذي يفتح أبوابه خلال أبريل 2025.

واستمع إلى شرح لتفاصيل تجربة الزائر، وأقسام الجناح الوطني؛ الذي يقدم محتوى معرفياً للركائز الثلاث المُشتملة على تاريخ المملكة في صورة قصة تأخذ المشاركين في رحلة لاستكشاف ثقافات المملكة، وتقاليدها، وقيمها التي تشكل الركائز الأساسية لهويتها، ويسلط الجناح الضوء على التحول الجذري الكبير الذي يطرأ على المملكة اليوم، ومساهماتها في خلق مستقبل أفضل للعالم.

ويجسد تصميم جناح المملكة المشارك في إكسبو 2025 أوساكا الذي أنجزته شركة «فوستر + بارتنرز» المعمارية الرائدة، البيئة الطبيعية للمملكة، مازجاً التشكيلات الصحراوية مع عناصر معمارية حديثة في إشارة إلى الصلة الوثيقة بين التراث التاريخي والتطور المستقبلي، ويحمل التصميم المستوحى من مفهوم المسؤولية البيئية عناصر ذات انبعاثات كربونية منخفضة، ويحتوي على نظام إضاءة موفر للطاقة، ويوظف تقنيات جمع مياه الأمطار، إلى جانب تزويده بألواح طاقة شمسية لإنتاج طاقة نظيفة.

Continue Reading

ثقافة وفن

وزارة الثقافة تحتفي بإبداعات الثقافة العراقية في النسخة الثانية من مهرجان «بين ثقافتين»

تنظم وزارة الثقافة النسخة الثانية من مهرجان «بين ثقافتَين» في الرياض خلال الفترة من 18 إلى 31 ديسمبر المقبل في ميقا

تنظم وزارة الثقافة النسخة الثانية من مهرجان «بين ثقافتَين» في الرياض خلال الفترة من 18 إلى 31 ديسمبر المقبل في ميقا استوديو بالرياض، وهو مهرجانٌ يجوب في دهاليز ثقافات العالم ويُعرّف بها، ويُسلّط الضوء على أوجه التشابه والاختلاف بين الثقافة السعودية وهذه الثقافات، ويستضيف المهرجان في هذه النسخة ثقافة الجمهورية العراقية ليُعرّف بها، ويُبيّن الارتباط بينها وبين الثقافة السعودية، ويعرض أوجه التشابه بينهما في قالبٍ إبداعي.

ويُقدم المهرجانُ في نسخته الحالية رحلةً ثريّة تمزج بين التجارب الحسيّة، والبصريّة، والسمعية في أجواءٍ تدفع الزائر إلى التفاعل والاستمتاع بثقافتَي المملكة والعراق، وذلك عبر أربعة أقسامٍ رئيسية؛ تبدأ من المعرض الفني الذي يُجسّد أوجه التشابه بين الثقافتين السعودية والعراقية، ويعيش فيه الزائر رحلةً استثنائية عبر الزمن، حيث يسلّط الضوء على محطاتٍ تاريخية بارزة ومستندة إلى أبحاث موثوقة، ويشمل أعمالًا فنيّةً لعمالقة الفن المعاصر والحديث من البلدين، ويمتد إلى مختلف القطاعات الثقافية مما يعكس تنوعًا ثقافيًا أنيقًا وإبداعًا في فضاءٍ مُنسجم.

كما يتضمن المهرجان قسم «المضيف» وهو مبنى عراقي يُشيّد من القصب وتعود أصوله إلى الحضارة السومرية، ويُستخدم عادةً للضيافة، وتُعقدُ فيه الاجتماعات، إلى جانب الشخصيات الثقافية المتضمن روّاد الأدب والثقافة السعوديين والعراقيين، ويعرض مقتطفاتٍ من أعمالهم، وصورًا لمسيرتهم الأدبية، كما يضم المعرض الفني «منطقة درب زبيدة» التي تستعيد المواقع المُدرَجة ضمن قائمة اليونسكو على درب زبيدة مثل بركة بيسان، وبركة الجميمة، ومدينة فيد، ومحطة البدع، وبركة الثملية، ويُعطي المعرض الفني لمحاتٍ ثقافية من الموسيقى، والأزياء، والحِرف اليدوية التي تتميز بها الثقافتان السعودية والعراقية.

ويتضمن المهرجان قسم «شارع المتنبي» الذي يُجسّد القيمة الثقافية التي يُمثّلها الشاعر أبو الطيب المتنبي في العاصمة العراقية بغداد، ويعكس الأجواء الأدبية والثقافية الأصيلة عبر متاجر مليئة بالكتب؛ يعيشُ فيها الزائر تجربةً تفاعلية مباشرة مع الكُتب والبائعين، ويشارك في ورش عمل، وندواتٍ تناقش موضوعاتٍ ثقافيةً وفكرية متعلقة بتاريخ البلدين، وتُستكمل التجربة بعزفٍ موسيقي؛ ليربط كلُّ عنصر فيها الزائرَ بتاريخٍ ثقافي عريق، وفي قسم «مقام النغم والأصالة» يستضيف مسرح المهرجان كلاً من الفن السعودي والعراقي في صورةٍ تعكس الإبداع الفني، ويتضمن حفل الافتتاح والخِتام إلى جانب حفلةٍ مصاحبة، ليستمتع الجمهور بحفلاتٍ موسيقية كلاسيكية راقية تُناسب أجواء الحدث، وسط مشاركةٍ لأبرز الفنانين السعوديين والعراقيين.

وأخيرًا قسم «درب الوصل» الذي يستعرض مجالاتٍ مُنوَّعة من الثقافة السعودية والعراقية تثري تجربة الزائر، وتُعرّفه بمقوّمات الثقافتين من خلال منطقة الطفل المتّسمة بطابعٍ حيوي وإبداعي بألوان تُناسب الفئة المستهدفة، حيث يستمتع فيها الأطفال بألعاب تراثية تعكس الثقافة السعودية والعراقية، وتتنوع الأنشطة بين الفنون، والحِرف اليدوية، ورواية القصص بطريقةٍ تفاعلية مما يُعزز التعلّم والمرح، ومنطقة المطاعم التي تُقدم تجربةً فريدة تجمع بين النكهات السعودية والعراقية؛ لتعكس الموروث الثقافي والمذاق الأصيل للبلدين، ويستمتع فيها الزائر بتذوق أطباقٍ تراثية تُمثّل جزءًا من هوية وثقافة كل دولة، والمقاهي التي توفر تشكيلةً واسعة من المشروبات الساخنة والباردة بما فيها القهوة السعودية المميزة بنكهة الهيل، والشاي العراقي بنكهته التقليدية مما يُجسّد روحَ الضيافة العربية الأصيلة.

ويسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجارب فنيّةٍ مبتكرة تستعرض الحضارة السعودية والعراقية، وتُبرز التراث والفنون المشتركة بين البلدين، كما يهدف إلى تعزيز العلاقات بين الشعبين السعودي والعراقي، وتقوية أواصر العلاقات الثقافية بينهما، والتركيز على ترجمة الأبعاد الثقافية المتنوعة لكل دولة بما يُسهم في تعزيز الفهم المتبادل، وإبراز التراث المشترك بأساليب مبتكرة، ويعكس المهرجان حرص وزارة الثقافة على تعزيز التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهداف الإستراتيجية الوطنية للثقافة، تحت مظلة رؤية المملكة 2030.

Continue Reading

ثقافة وفن

وزير الثقافة يرعى حفل تكريم الفائزين بجائزة مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية في دورتها الثالثة

برعاية وزير الثقافة رئيس مجلس أمناء مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، كرّم

برعاية وزير الثقافة رئيس مجلس أمناء مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، كرّم المجمع اليوم الفائزين بجائزته في دورتها الثالثة لعام 2024، ضمن فئتي الأفراد والمؤسسات، في أربعة فروع رئيسية، هي: (تعليم اللغة العربية وتعلُّمها، وحوسبة اللغة العربية وخدمتها بالتقنيات الحديثة، وأبحاث اللغة العربية ودراساتها العلمية، ونشر الوعي اللُّغوي وإبداع المبادرات المجتمعية اللُّغوية)، وبلغت قيمة الجوائز المخصصة للفئتين 1,600,000 ريال، إذ نال كل فائز من كل فرع 200,000 ريال.

وألقى الأمين العام لمجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الدكتور عبدالله بن صالح الوشمي كلمة ثمن فيها الدعم والمؤازرة اللذين يجدهما المجمع من وزير الثقافة في عموم أعمال المجمع وبرامجه ومنها الجائزة؛ إذ تنطلق أعمال المجمع في مسارات أربعة وهي: البرامج التعليمية، والبرامج الثقافية، والحوسبة اللغوية، والتخطيط والسياسة اللغوية، متوافقةً مع استراتيجية المجمع وداعمةً لانتشار اللغة العربية في العالم.

بعد ذلك كُرّم الفائزون بالجائزة في دورتها الثالثة، من الأفراد والمؤسسات، من كل فرع بجوائزهم المستحقة، ففي فرع (تعليم اللغة العربية وتعلُّمها): مُنحَت الجائزة للدكتور خليل لوه لين من جمهورية الصين الشعبية في فئة الأفراد، ولدار جامعة الملك سعود للنشر من المملكة العربية السعودية في فئة المؤسسات.

وفي فرع (حوسبة اللغة العربية وخدمتها بالتقنيات الحديثة): مُنحَت الجائزة للدكتور عبدالمحسن بن عبيد الثبيتي من المملكة العربية السعودية في فئة الأفراد، وللهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) في فئة المؤسسات.

وفي فرع (أبحاث اللغة العربية ودراساتها العلمية): مُنحت الجائزة للدكتور عبدالله بن سليم الرشيد من المملكة العربية السعودية في فئة الأفراد، ولمعهد المخطوطات العربية من جمهورية مصر العربية في فئة المؤسسات.

وفي فرع (نشر الوعي اللُّغوي وإبداع المبادرات المجتمعية اللُّغوية): مُنحت الجائزة للدكتور صالح بلعيد من الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية في فئة الأفراد، ولمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة من الإمارات العربية المتحدة في فئة المؤسسات.

وجاءت النتائج النهائية بعد تقييم لجان التحكيم للمشاركات؛ وفق معايير محددة تضمنت مؤشرات دقيقة؛ لقياس مدى الإبداع والابتكار، والتميز في الأداء، وتحقيق الشمولية وسعة الانتشار، والفاعلية والأثر المتحقق، وقد أُعلنت أسماء الفائزين بعد اكتمال المداولات العلمية، والتقارير التحكيمية للجان.

وتهدف الجائزة إلى تكريم المتميزين في خدمة اللغة العربية، وتقدير جهودهم، ولفت الأنظار إلى عِظَم الدور الذي يضطلعون به في حفظ الهُوية اللُّغوية، وترسيخ الثقافة العربية، وتعميق الولاء والانتماء، وتجويد التواصل بين أفراد المجتمع العربي، كما تهدف إلى تكثيف التنافس في المجالات المستهدَفة، وزيادة الاهتمام والعناية بها، وتقدير التخصصات المتصلة بها؛ لضمان مستقبل زاهر للغة العربية، وتأكيد صدارتها بين اللغات.

وتمثل الجائزة إحدى المبادرات الأساسية التي أطلقها المجمع؛ لخدمة اللغة العربية، وتعزيز حضورها، ضمن سياق العمل التأسيسي المتكامل للمجمع، المنبثق من برنامج تنمية القدرات البشرية، أحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030.

يُذكر في هذا السياق أن جائزة مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية تؤكد دور المجمع في دعم اللغة العربية، وتعزيز رسالته في استثمار فرص خدمة اللغة العربية، والمحافظة على سلامتها، ودعمها نطقاً وكتابة، وتعزيز مكانتها عالمياً، ورفع مستوى الوعي بها، إضافة إلى اكتشاف الجديد من الأبحاث والأعمال والمبادرات في مجالات اللغة العربية؛ خدمةً للمحتوى المعرفي العالمي.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .