Connect with us

ثقافة وفن

الكتب والقارئ.. أيهما يلتهم الآخر؟

لا يُعلم على وجه اليقين ما إذا كان الشعور الذي انتاب الكاتب والروائي البرتغالي «أفونسو كروش» إبان قراءته رواية

لا يُعلم على وجه اليقين ما إذا كان الشعور الذي انتاب الكاتب والروائي البرتغالي «أفونسو كروش» إبان قراءته رواية «جزيرة الدكتور مورو» للإنجليزي البارع «هربرت جورج ويلز» قد دفع به إلى الاعتقاد بأن الرواية قد تلتهمه وتقذف به نحو الشاطئ ليتشارك و«برينديك» دهشة الاكتشاف ومحاولات الهرب من المخلوقات المتحولة، أم أن تساؤلًا عما إذا كان بمقدور الكتاب أن يلتهم قارئه قد لمع فجأة في مخيلته فعمد إلى صياغته من خلال عمله الروائي ذائع الرواج «الكتب التي التهمت والدي» كما يفعل الروائيون عادةً حيال تساؤلاتهم.

لكن ما يبدو أكيدًا أن في إحالته القارئ إلى أربعٍ من أشهر الروايات العالمية وأجملها إشارة إلى يقينه بأن للكتب قدرة تفوق ما نعتقده، وللقراءة أثرًا يتجاوز الإمتاع والإثراء.

تتطلب القراءة انصياعًا تامًا لإرادة الكِتاب وتماهيًا مع أفكاره، وتفترض قدرًا وافرًا من الانتباه والعناية حيال إيماءاته وسكونه، فيما يفترض القارئ إزاء ذلك أن يحظى بالحد الأدنى من المتع الصغيرة والمباهج المخبأة خلف جمله وبين صوره فيجدُّ في التهام صفحاته الواحدة تلو الأخرى، آملًا أن تماثل في أثرها ما حظي به سابقًا، بيد أن ما تجترحه القراءة أعمق وأبعد من مجرد إمتاعه وإبهاجه، فمن خلالها يستطيع أن يكتشف عالمه الداخلي وباستمرارها يتشكل وجدانه وتتأثر مناخاته وأمزجته وعبرها يستطيع أن ينفذ إلى أكثر المناطق تعقيدًا في روعه، وعلى عكس المتعة والبهجة اللتين تنطويان على فنائهما فإن الأثر الذي تتركه رواية حيكت بعناية وحبكت بدراية يبقى راسخًا في وجدانه متأصلًا في طويته مشكلًا لعاطفته؛ وهو التهام مجازي كالذي عناه كروش.

ثمة كتب قصية ومغتربة على غرار جزيرة ويلز، وثمة ما يبدو غريبًا كالمخلوقات التي تسكنها، وهناك ما يبدو كشعاع يضمحل لإصراره جلاء أفكارنا والكثير منها لديه القدرة على التهام جزء يسير منا، ولكن ثمة ما يستطيع التهامنا بشكل كامل.

فبهدف مواجهة المزاج النائي والتوتر الذي يباغته أحيانًا في ليالي الشتاء، قد يلازم قارئ ما أريكته المفضلة ليقرأ رواية كما «وراء الشتاء» للكاتبة والروائية التشيلية «إيزابيل الليندي»، ولكن كتابًا كهذا سيتحول إلى مخلوق محسوس بعنق رفيع وعينين نابهتين وشعر كستنائي، وسيستدعي عاصفة ثلجية ثم يضطجع الأريكة المقابلة ليحدث قارئه عن الحب المتأخر والمهاجرين الوافدين إلى أمريكا، فبإمكان كاتبة، كإيزابيل، أن تخلق في روع قارئها شتاءه الخاص وتدثره بحميمية جملها وتأخذه إلى عوالم متعددة من الرؤى والأفكار ليشعر أنه وكأنما يسكن قبوًا في ليلة عاصفة ويستمع إلى فريديريك شوبان.

قد تنطوي قراءة راوية ما لـ«ايزابيل الليندي» في إحدى ليالي الشتاء على شعور محفوف بالكثير من الوجع وعاطفة يثقلها الفقد فلا شيء يوازي قدرتها على إثارة عاصفة تعبر من خلال الروح لتضرب ما بنته من آمال لصباح الغد، فقد اعتادت أن تطرح الكثير من القضايا الشائكة الدقيقة وتحاجج من خلال الحزن المتجذر في أعماقها وهي حرية بتأليف كتب تلتهم القارئ.

وكذلك هو العبقري الروسي «فيودور دوستويفسكي» في روايته «مذكرات قبو» على سبيل المثال؛ إذ إن انجذابًا ملتبسًا إلى بؤسه سيحيل قارئه إلى قارب صغير في بحر متلاطم الأمواج، ولن يلبث حتى يقفز عن قاربه مستسلمًا للغرق ولرغبة التهامه عن طيب خاطر؛ كما هو باتريك زوسكيند وستيفان زفايغ وكثر غيرهما.

وبخلاف ما يعتقده القارئ حيال ما تذروه رياح النسيان عن ذاكرته، فإن للكتب طريقتها في استعادة شتاتها وتجاوز قتامة الزمن والعودة مرة أخرى على هيئة أفكار ورؤى تسكن لا وعيه وتتمدد في جغرافيا عاطفته وتبسط نفوذها على أفكاره، وهو باعتقادي ما عناه كروش الذي طرح إجابته الخاصة وخلق من خلالها أفقًا رحبًا للتخمين.

Continue Reading

ثقافة وفن

إبراهيم المرحبي.. شاعر الحب والجوع.. ماذا لو كان حياً؟

يصادف أواخر هذا الشهر الهجري مرور خمسة وعشرين عامًا، على رحيل الصديق والزميل الشاعر إبراهيم المرحبي.ربع قرن مضى

يصادف أواخر هذا الشهر الهجري مرور خمسة وعشرين عامًا، على رحيل الصديق والزميل الشاعر إبراهيم المرحبي.

ربع قرن مضى كغمضة ألم، دون أن يغيب وجهه عن الذاكرة، أو تخبو نبرته التي كانت تمزج بين خفة الظل وعمق المعنى، بين الشعر والابتسامة، بين الحلم والاحتمال.

زاملته في غرفة مكتبية منزوية في أقصى مرافق جريدة البلاد، حيث كنا نرتّق الحياة بالكلمة، ونكتب من الهامش، لا لننتمي، بل لنشهد.

كان المرحبي لا يأتي إلى المكتب وحيدًا، بل يصطحب معه مزاجه العميق، تعليقاته الساخرة، نصوصه الطازجة، وقلباً مفتوحاً على كل من حوله.

شخصية ممتلئة بالحب والعفوية… لكنها أيضاً ممتلئة بالشعر.

ينتمي المرحبي -ولو لم يُمهله القدر طويلًا- إلى سلالة نادرة من الشعراء الشعبيين الذين لا يكتفون بالغناء، بل يحفرون في الطبقات المنسية من المجتمع.

شعره، متخم بالأسئلة، بالرفض، بالاحتجاج.

لقد صنع من الجوع موقفاً، ومن الفقر فلسفة، ومن العجز أغنية.

لو لم يتوقف ذلك الطريق، لكان المرحبي اليوم واحداً من أكثر الشعراء تفرّداً في الخليج.

كان سيقود تحوّل القصيدة الشعبية من «مرايا القبيلة» إلى «لغة المواطن»، من الاحتفال بالرمز إلى كشف الهم، من الزخرف إلى العُمق.

كان سيؤسّس لخطاب شعري أكثر صدقاً، أكثر ألماً، أكثر إنسانية، خارج التنميط، بعيداً عن الضجيج، مشحوناً بالأسى والبصيرة.

ولربما أصبح صوتاً إعلاميّاً فاعلاً، فإبراهيم لم يكن مجرد شاعر، بل أحد ألمع المحررين في الأقسام الشعبية الشبابية، وكان يمضي نحو الجمع بين الكلمة والإعلام بذكاء واحتراف.

رحم الله المرحبي، كان شاعرًاً في طور الانفجار، ولو طال به العمر، لكان اسمه اليوم على لائحة الرموز، لكنه، رحل حين كانت القصيدة تشتعل، وآثر أن يترك لنا قصائدَ، لا تشبه سواه، تقول كل شيء دفعة واحدة، وتتركنا نحن بعدها في صمت نكمل المعنى.

أخبار ذات صلة

Continue Reading

ثقافة وفن

فنانة مصرية: شركة هندسية «طفرتني»

في صرخة مؤثرة، عبّرت الفنانة المصرية مروة عبدالمنعم، عن استيائها بعد تعرضها للنصب من قِبل شركة هندسية، حيث كتبت

في صرخة مؤثرة، عبّرت الفنانة المصرية مروة عبدالمنعم، عن استيائها بعد تعرضها للنصب من قِبل شركة هندسية، حيث كتبت عبر حسابها على (فيسبوك): «حسبي الله في كل واحد عمل شركة وعمل نفسه مهندس وهو ولا شاف الكلية من أصله ولا دخلها».

وأوضحت مروة أن الشركة استغلت كونها امرأة تعمل بمفردها، قائلة: «حسبي الله في كل واحد قبل على نفسه فلوس واحدة ست على أساس إنها لوحدها وما لهاش حد ومشتغلش بيها.. وقال يلا اغرف.. فنانة بقا ومعاها فلوس أكيد».

وأضافت: أن الشركة تركت لها أعمالاً غير مكتملة ومشكلات تحتاج إلى إصلاح، مما دفعها لتحمل تكاليف إضافية لإصلاح ما أفسدوه.

وتفاعل العديد من المتابعين مع منشورها، مطالبين إياها بالكشف عن اسم الشركة لتجنب وقوع آخرين في نفس الفخ.

أخبار ذات صلة

Continue Reading

ثقافة وفن

بتهمة السب والتشهير.. إحالة الفنانة راندا البحيري إلى المحاكمة

حددت محكمة القاهرة الاقتصادية جلسة 18 مايو لمحاكمة الفنانة المصرية راندا البحيري بتهمة السب والتشهير بحق طليقها

حددت محكمة القاهرة الاقتصادية جلسة 18 مايو لمحاكمة الفنانة المصرية راندا البحيري بتهمة السب والتشهير بحق طليقها الإعلامي سعيد جميل عبر منصات التواصل الاجتماعي.

وجاء قرار المحكمة الاقتصادية في تطور جديد يُثير الجدل في الوسط الفني المصري، في القضية التي بدأت كخلاف شخصي وتصاعدت إلى ساحة القضاء، مُسلطة الضوء على مخاطر المنشورات الإلكترونية وتداعياتها القانونية.

بدأت القصة عندما تقدم سعيد جميل بشكوى ضد طليقته، مُدعياً أنها وجهت إليه عبارات مسيئة عبر منشورات أو تصريحات على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل «فيسبوك» و«إنستغرام»، دفعت جهات التحقيق المختصة إلى التحرك، وبعد استكمال التحقيقات قررت النيابة إحالة الفنانة إلى المحاكمة الجنائية أمام المحكمة الاقتصادية التي تختص بقضايا الجرائم الإلكترونية.

راندا البحيري المعروفة بأدوارها المميزة في أعمال مثل «أهل كايرو» و«الزوجة الرابعة»، تجد نفسها الآن في مواجهة تهم قد تُلقي بظلالها على مسيرتها الفنية، فيما يصر سعيد جميل على المضي قُدماً في القضية، مُطالباً بحماية سمعته من الإساءات.

أخبار ذات صلة

وتأتي القضية في سياق تزايد النزاعات القانونية بين المشاهير في مصر، إذ أصبحت منصات التواصل الاجتماعي ساحة لتبادل الاتهامات، في ظل قوانين صارمة تُجرم السب والتشهير الإلكتروني في مصر، تُعد هذه القضية بمثابة اختبار لكيفية تعامل القضاء مع الخلافات العامة بين الشخصيات العامة.

وبموجب قانون العقوبات المصري وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات (رقم 175 لسنة 2018) يُعتبر السب والتشهير عبر الإنترنت جريمة يُعاقب عليها بالحبس و/أو الغرامة، وهي قوانين تهدف إلى حماية الأفراد من الإساءات الإلكترونية.

وتختص المحكمة الاقتصادية بالنظر في القضايا المتعلقة بالجرائم الإلكترونية، بما في ذلك السب والتشهير عبر الإنترنت، إلى جانب القضايا الاقتصادية والمالية، في ظل تزايد الجرائم المرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي في مصر.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .