ثقافة وفن

القصيبي الإنسان.. وزير وسفير وشاعر وروائي يستعصي على النسيان

كلما حلّت ذكرى رحيل الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي، نعود لقراءة سيرة الوزير من خلال كتابه «حياة في الإدارة»

كلما حلّت ذكرى رحيل الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي، نعود لقراءة سيرة الوزير من خلال كتابه «حياة في الإدارة» ونستطلع جوانب من الحياة الدبلوماسية عبر «سعادة السفير» ونغوصُ معه شِعْراً في «جزائر اللؤلؤ» ونتسامر معه في «شقة الحُريّة» ونستلهم من «فدى ناظريك» معاني الوفاء، ونتحصّن بـ«عين العاصفة» من شرّ أعداء الوطن والإنسانية.

وكأنما 15 عاماً على الرحيل، ساعات أو دقائق، فالرجل الذي دوّن معظم ما جال في وجدانه وخياله، لم يُستهلك منه سوى جسده الذي طابعه الفناء، فيما روحه المرحة لم تَغِبْ، وأطروحاته النابعة من أعماق قلبه ما زلنا نرددها، ومنجزاته بدعم القيادة تشهد له بكفاءة ونزاهة، وتجربته الحياتية والعملية والإبداعية مُلهمة، فكم كتب من مقالة تستحق أن تُستعاد، وكم ألقى من قصيدة لامست الفؤاد، وكم حضر في موقف حضور السُّبّق من الجياد، وحظي بالتكريم رسمياً وثقافياً وشعبياً، إذ لا يكاد يُذكر اسم «أبو يارا» إلا مُقترناً بـ«رحمة الله عليه».

وُلد القصيبي في 2 مارس 1940 بمحافظة الأحساء، وقبل قدومه للحياة بليالٍ رحل جدّه لوالدته، وما انقضت تسعة أشهر على ولادة «غازي» إلا وتُوفيت أمه. وعن النشأة يقول «ترعرعت متأرجحاً بين قطبين، أولهما أبي وكان يتسم بالشدّة والصرامة، وثانيهما جدتي لأمي، وكانت تتصف بالحنان المفرط والشفقة المتناهية على الصغير اليتيم».

ولعله استفاد مبكراً من ظروفه، فصاغ مبدأً إدارياً يقول «إن السلطة بلا حزم تؤدي إلى تسيّب خطر، وإن الحزم بلا رحمة يؤدي إلى طغيان أشد خطورة»، وطبّق هذا المبدأ في منزله وعمله، ولعله كان من أسباب نجاحاته المتواصلة.

أخبار ذات صلة

درس في المنامة، ثم التحق بجامعة القاهرة ونال «ليسانس الحقوق»، ورجع إلى المملكة، وتلقى عرض عمل ليكون مديراً عاماً للإدارة القانونية في وزارة البترول والثروة المعدنية، وكان وزيرها عبدالله الطريقي، إلا أنه رفضه، وعرض عليه والده الدخول معه في التجارة، فاعتذر من أبيه، ليتم ابتعاثه إلى «جامعة جنوب كاليفورنيا في لوس أنجليس»، وبحصوله على درجة الماجستير في العلاقات الدولية، عاد إلى وطنه، وفي 1967 غادر إلى لندن ليحضّر الدكتوراه، ثم عاد إلى الرياض في 1971، ودخل مجلس الوزراء عقب أربعة أعوام عبر التشكيل الوزاري الصادر في 1975.

بدأ الدكتور غازي القصيبي مهنياً كاتباً صحفياً، ومعدّاً لبرنامج تلفزيوني أسبوعي، وتقلد عدداً من المناصب بدءاً من أستاذ مشارك في كلية التجارة بجامعة الملك سعود في الرياض 1358هـ/ 1965، ومستشار قانوني في مكاتب استشارية في وزارة الدفاع والطيران ووزارة المالية ومعهد الإدارة العامة، ثم عميداً لكلية التجارة بجامعة الملك سعود 1391هـ/ 1971، ومديراً للمؤسسة العامة للسكك الحديدية 1393هـ/ 1973، ووزيراً للصناعة والكهرباء 1396هـ/ 1976، ووزيراً للصحة 1402هـ/ 1982، وسفيراً للمملكة في مملكة البحرين 1404هـ/ 1984، وسفيراً للمملكة في المملكة المتحدة 1412هـ/ 1992، ووزيراً للمياه والكهرباء 1423هـ/ 2003، ثم وزيراً للعمل 1425هـ/ 2005 إلى وفاته، واعتنى بـ«سعودة الوظائف».

وللقصيبي عدد من المؤلفات مثل (شقة الحرية، أبو شلاخ البرمائي، العصفورية، سبعة، سعادة السفير، الجنية، هما، حكاية حب، رجل جاء وذهب، بيت، أقصوصة ألزهايمر). كما أن له إسهامات صحفية متنوعة أشهرها سلسلة مقالات «في عين العاصفة» التي نُشرَت في جريدة الشرق الأوسط إبان حرب الخليج الثانية، وله مؤلفات أخرى في التنمية والسياسة.

Trending

Exit mobile version