Connect with us

ثقافة وفن

الصورة الإيقاعية في ديوان «مشاؤون بأنفاس الغزلان»

يعدّ ديوان (مشاؤون بأنفاس الغزلان) للشاعر محمد الحرز، رحلة شعرية عميقة في عوالم الوجود والذات والبحث عن المعنى.

يعدّ ديوان (مشاؤون بأنفاس الغزلان) للشاعر محمد الحرز، رحلة شعرية عميقة في عوالم الوجود والذات والبحث عن المعنى. يتجلّى في هذا الديوان مزجٌ فريد بين الصورة الشعرية الغنية والعناصر الفلسفية التي تدعو للتأمل، حيث يبحر الشاعر بالقارئ في تفاصيل حسية ومجردة تمثل أبعاداً مختلفة للحياة الإنسانية. من خلال لغة شفافة وكثيفة، وصور متعددة الأبعاد، ينجح الحرز في نقل أحاسيسه العميقة تجاه قضايا الوجود والزمن والفقد والذاكرة، محولاً القصيدة إلى مساحة تأملية مفتوحة على التأويل.

يتناول الديوان موضوعات تمسّ جوهر التجربة الإنسانية؛ مثل الصراع بين الحضور والغياب، والبحث عن معنى للحياة وسط عبثية الوجود، وتداخلات الطبيعة والإنسان. كما يستخدم الشاعر أنماطاً من المزج التصوري التي تجمع بين الواقعي والخيالي، والحسي والمجرد، والإنساني والطبيعي، مما يمنح القصائد عمقاً وروحانية تدعو القارئ للدخول في حوار فكري وشعوري مع النص.

(مشاؤون بأنفاس الغزلان) ليس مجرد ديوان شعري تقليدي، بل هو مساحة للبحث عن الذات والتأمل في ما وراء الظاهر، وتذكير بمكانة الشعر كجسر يربط الإنسان بذاته وبالعالم المحيط به.

تتسم الصورة الشعرية في الديوان بالعمق والتنوع، إذ يلجأ الشاعر إلى الصور المركبة والمعبّرة؛ التي تعكس أفكاراً فلسفية ومعاني وجودية. الصور هنا ليست مجرد تعابير جمالية، بل هي أدوات لاستكشاف الذات والعالم، وتستخدم لتقديم رؤى تتجاوز الوصف السطحي لتصل إلى تعابير حسية ورمزية عميقة.

أمثلة على الصور الشعرية في الديوان:

الصورة الكونية:

في قوله: «كما لو أني أربي أشجاراً في نومي؛ كي أصحو على سقوط ثمارها»، يستخدم الشاعر صورة الأشجار التي تنمو في النوم وتسقط ثمارها كناية عن الأفكار أو المشاعر؛ التي تتشكل في اللاوعي وتظهر إلى السطح عند اليقظة. هذه الصورة تحمل دلالات على الانغماس في التجربة الشعرية والانتظار الدائم لحصادها.

التعبير عن الفقد:

يرسم الشاعر صورة مؤثرة عن الفقد في قوله: «الذكرى… قادرة أن تحدث شرخاً كبيراً في، كل لحظة، في جدار روح محبيه وأهله»، حيث تصبح الذكرى مثل مرآة صقيلة تعكس الحنين والألم، وتستطيع أن تترك آثاراً عميقة في نفوس الأحياء. التصوير هنا يوظف العلاقة بين الذاكرة والجروح، فيجعل الذكرى قوة تؤثر وتغير على نحوٍ دائم. وهو ما نجده في قصيدة (شاعر لا يموت إلا من دهشته إلى الشاعر علي الدميني).

الصور المركبة للأشياء البسيطة:

في مشهد آخر يقول الشاعر: «الانقطاع عن الشعر أمام هذه الصعوبات… يعني احترامه، واحترامه لا يعني سوى شيء واحد هو أن يعلن أنك مصاب بالزهايمر». هنا يدمج الشاعر بين الشعر وفقدان الذاكرة في صورة مركبة، ما يعكس استيعاب الشعر كجوهر للوجود والاستمرار، وأن البعد عنه يعني فقدان جزء أساسي من الهوية.

الصور الحسية في وصف الذكريات العائلية:

يقول: «أصرخ في كتبك أندس بين كلماتها أحذف سطراً هنا وأضيف سطرين هناك»، هذه الصورة تحمل إحساساً حيّاً للشاعر وهو يحاول إعادة تشكيل ذكرياته وماضيه من خلال التلاعب بالكلمات، وكأنه يعيد صياغة علاقته مع الزمن والأشخاص من خلال النصوص.

الصور السريالية:

في نص آخر يكتب: «الحياة قرب سلالم مكسورة لن تحجب عن الأعمى فضيلة الصعود»، حيث يمزج بين المشاهد السريالية والتعبيرات الرمزية ليبرز الجانب الوجودي من الحياة، هذه الصورة تعبّر عن الصراع بين اليأس والأمل، وتُظهر الصعود كقيمة تتجاوز الإعاقة المادية.

تتجاوز الصور الشعرية في هذا الديوان كونها وسيلة لإيصال المعنى، فهي تعمل كأدوات لتحفيز القارئ على التفكير والتأمل، وتضعه في مواجهة مباشرة مع مشاعر الحزن، الفقد، الحب، والبحث عن الذات. من خلال الجمع بين الصور الحسية والتجريدية، يخلق الشاعر أجواء متشابكة تعكس فلسفته الخاصة عن الوجود والذاكرة والعبثية.

وعلى مستوى الإيقاع، حظيت القصائد في ديوان (مشاؤون بأنفاس الغزلان)، باستخدام مجموعة من الأساليب الفنية التي تعطي النصوص طابعاً موسيقياً داخلياً دون الاعتماد على الأوزان التقليدية. إليك بعض الأمثلة من الديوان توضح هذه العناصر:

الإيقاع الداخلي:نجد استخداماً مكثفاً للإيقاع الداخلي الناتج عن تكرار العبارات، مثل قوله:

«يمضون وكأن شيئاً لم يكن. يكتبون وكأن شيئاً لم يكن. ثم يغادرون الحياة وكأن شيئاً لم يكن».

تكرار كلمة (لم يكن) يمنح الجملة نغمة إيقاعية تُعزِّز الشعور باللاجدوى والعبثية، وهذا التكرار يشكِّل موسيقى داخلية تساعد على تأكيد المعنى.

التنقل بين الجمل القصيرة والطويلة:

في نص آخر يقول:

«كلما طرق عليك الباب لاح سنارته وسحب كلمة أو كلمتين من قصيدتك ثم ودعك إلى لقاء قريب».

هنا نجد جملاً قصيرة تتبعها جمل أطول، مما يخلق إيقاعاً متذبذباً يشبه التنفس المتسارع والبطيء، مما يعطي القارئ إحساساً بالاستمرار والتوقف، كأن النص يترك مساحات للتأمل.

التكرار الدلالي:يستخدم الشاعر التكرار الدلالي لتعميق المعنى، مثل في النص التالي:

«الكتابة تدمير للعالم… لا أريد سوى تهشيم جمجمته بفأس الكلمات».

التكرار هنا لكلمة (تدمير) و(تهشيم) يساهم في إيقاع عنيف يعكس شعور الكاتب برغبة قوية في التمرد والهدم، مما يعزز من قوة النص واندفاعه.

اللغة التصويرية الحسية:

يلجأ الحرز إلى الصور الحسية التي تشدّ القارئ وتشركه في التجربة، كما يظهر في قوله

«يمضي الوقت مثل مرض معدّ… والمياه انسحبت من الأنابيب كي تتيح لأيامك المتوارية أن تتنفس».

تخلق هذه الصور إحساساً بأن الكلمات تتحرك وتتنفس، مما يعزز إيقاع القصيدة عبر المشاهد المتحركة في ذهن القارئ، ويمنح النص نوعاً من الحياة والحركة.

التأمل والفراغات:

يترك الشاعر فجوات للتأمل، كما يظهر في أسلوبه عند الحديث عن معنى الحياة والوقت:

«كلمة إثر كلمة تنزل السماء عاريةً بين يديّ، والمصاب بخنجر الزمن وجههُ مغطى بدم اللغة».

هنا، المساحات بين العبارات تعطي فرصة للتوقف والتفكير، مما يجعل القارئ يتأمل الصور ويستشعر ثقل الزمن، مضيفاً بُعداً إيقاعياً نابعاً من صمت النص.

ليعتمد إيقاع القصائد في هذا الديوان على خلق تدفق سلس بين الصور والتراكيب اللغوية، مترافقاً مع عناصر التكرار والتأمل، مما يمنح النصوص بعداً موسيقياً مميزاً ومختلفاً، ويعكس تجربة الشاعر مع الوجود والزمن بشكل يعمق التواصل مع القارئ.

وهناك أنواع من المزج التصوري في الديوان، تعزز من عمق الصور الشعرية وتضفي على النصوص طابعاً فلسفياً ورمزياً. إليك بعض الأمثلة من الديوان التي توضّح أنواع المزج التصوري:

المزج بين الإنساني والطبيعي:يستخدم الشاعر صوراً تجمع بين الإنسان وعناصر الطبيعة لتوضيح حالاته الشعورية والوجودية، مثل قوله: «كما لو أني أربي أشجاراً في نومي؛ كي أصحو على سقوط ثمارها». في هذه الصورة، يعبر الحرز عن تجربته النفسية عبر صورة الشجرة التي تثمر في الخفاء ثم تظهر نتائجها في العلن، مما يعكس عملية النضج والتأمل الداخلي.

المزج بين الواقعي والخيالي:

يمزج الشاعر في إحدى الصور بين الفعل الواقعي والخيالي لتقديم فكرة فلسفية، كما في تعبيره: «الكتابة تدمير للعالم». هنا، يجعل من الكتابة فعلاً تخيلياً يعادل التدمير، وهو ما يضيف بُعداً سريالياً ويرمز إلى رغبة الشاعر في إعادة تشكيل العالم من خلال الكلمات، مما يمنح النصوص بعداً أسطورياً.

المزج بين الحسي والمجرد:

تتجلى قدرة الشاعر على المزج بين الصور الحسية والمعاني المجردة في قوله: «الذكرى… قادرة أن تحدث شرخاً كبيراً في جدار روح محبيه وأهله». يستخدم الحرز هنا صورة حسية تتعلق بالجدار للتعبير عن الألم العميق الذي يمكن أن تتركه الذكرى، مما يخلق إحساساً ملموساً للمشاعر المجردة.

المزج بين الثقافي والكوني:يعتمد الحرز على عناصر ثقافية تشير إلى التاريخ والوجود، كما يظهر في وصفه «يباغتك صوتك صادراً عن أغوارك السحيقة». هنا، يجمع بين المعرفة الثقافية عن النفس البشرية والتأمل الوجودي، ليقدم صورة تنقل إحساساً بالاتصال بالذات والوعي العميق بالعالم.

أخيراً.. يعتمد محمد الحرز على هذه الأنواع من المزج التصوري لتوسيع نطاق معاني القصائد، حيث تتفاعل الصور مع أفكار فلسفية وإنسانية عميقة تجعل القارئ يتأمل في أبعاد جديدة عن النفس والعالم من حوله.

Continue Reading

ثقافة وفن

آخر مشهد سينمائي لـ«سليمان عيد» يتحول إلى واقع أليم بوفاته

سادت حالة من الحزن والصدمة في الشارع المصري؛ بعد وفاة الفنان المصري المعروف بخفة ظله، سليمان عيد، عن عمر ناهز 64

سادت حالة من الحزن والصدمة في الشارع المصري؛ بعد وفاة الفنان المصري المعروف بخفة ظله، سليمان عيد، عن عمر ناهز 64 عاما، إثر تعرضه لسكتة قلبية بشكل مفاجئ ونقله إلى المستشفى حيث لفظ أنفاسه الأخيرة وفارق الحياة.

وفي سابقة فنية لم تتكرر منذ سنوات، لم يتوقع جمهور الفنان الكبير أن يتحول آخر مشهد له من فيلم «فار بـ7 أرواح» الذي يعرض حاليا في السينمات بالقاهرة إلى حقيقة، ليكتب التاريخ بأن آخر أعمال سليمان عيد كان بمشهد وفاته.

وقدم سليمان عيد في الفيلم الكوميدي «فار بـ7 أرواح» دور جثة هامدة، وخلال المشاهد مر بكل تفاصيل الوفاة، من واقعة الموت إلى وضعه في الكفن، وتغطية وجهه، حتى مرحلة الدفن، كأنه يُجري تجربة لأمر عظيم كان يشعر بقرب حدوثه، في مشاهد أبكت الجمهور.

وشارك في بطولة فيلم «فار بـ7 أرواح» كوكبة من النجوم، أبرزهم إدوارد، ويزو، أحمد فتحي، عنبة، محمد لطفي، ليلى عز العرب، ندى موسى، وغيرهم، من تأليف محمد شيبا، وإخراج شادي علي.

أخبار ذات صلة

وشُيِّع جثمان سليمان عيد اليوم (الجمعة)، من أحد المساجد بمنطقة الشيخ زايد بالقاهرة، وشارك عدد من نجوم الفن بالجنازة، منهم صلاح عبدالله، كريم محمود عبدالعزيز، أحمد السقا، هاني رمزي، أشرف زكي، ومحمود عبدالمغني، ومحمد إمام وآخرون.

من جانبه، أعلن عبدالرحمن، نجل سليمان عيد، موعد ومكان عزاء والده، حيث كتب عبر حسابه على فيسبوك: «عزاء والدي المغفور له بإذن الله، غدا السبت، بعد صلاة المغرب بمسجد الشرطة طريق المحور بالشيخ زايد».

Continue Reading

ثقافة وفن

السعودية تدشّن مشاركتها في «كتاب المغرب 2025»

دشّنت المملكة أمس، جناحها المشارك في الدورة الثلاثين من المعرض الدولي للنشر والكتاب 2025 المقام في العاصمة المغربية

دشّنت المملكة أمس، جناحها المشارك في الدورة الثلاثين من المعرض الدولي للنشر والكتاب 2025 المقام في العاصمة المغربية الرباط خلال الفترة من 17 إلى 27 أبريل الجاري، بإشراف هيئة الأدب والنشر والترجمة، وبمشاركة عدد من الكيانات الثقافية والوطنية.

وأكد الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة الدكتور عبداللطيف الواصل أنّ الهيئة تسعى في المعرض الدولي للنشر والكتاب 2025 بالرباط للتعريف بعدد من المبادرات والبرامج التي تُنفذها الهيئة في سبيل تطوير صناعة النشر وتعزيز الحراك الثقافي من خلال دعم حضور الناشرين والوكلاء الأدبيين السعوديين على الساحة العالمية، وتقديم المملكة بصورة تبرز مخزونها المعرفي وتمثل الإرث الثقافي السعودي والتعريف بالإنتاج الفكري المحلي.

وبين أن المعرض يشكّل فرصة داعمة لصناعة الكتاب والنشر بما يتيحه للناشرين السعوديين من تواصل وتلاقح معرفي مع نظرائهم من مختلف أنحاء العالم.

وتعكس هذه المشاركة تنوع وتكامل المشهد الثقافي في المملكة بمشاركة عدد من الجهات الثقافية والتعليمية البارزة، تشرف عليها هيئة الأدب والنشر والترجمة، وبمشاركة مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، ومكتبة الملك عبدالعزيز العامة، ومجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، ووزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، إلى جانب جامعة طيبة.

أخبار ذات صلة

وتأتي هذه المشاركة في إطار جهود المملكة لتعزيز العلاقات الثقافية مع المملكة المغربية، وتوسيع مجالات التعاون المشترك، إلى جانب الترويج للفرص الاستثمارية في القطاع الثقافي، انسجاماً مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 في جعل الثقافة رافداً للتنمية وجسراً للتواصل الحضاري.

يذكر أن المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط الذي تنظمه وزارة الشباب والثقافة والتواصل المغربية، من أبرز الفعاليات الثقافية في الوطن العربي، ويشارك فيه 743 عارضاً من 50 دولة حول العالم، ما يمنح مشاركة المملكة زخماً إضافياً ومنصة إستراتيجية لإبراز مكانتها الثقافية على الساحة الدولية.

Continue Reading

ثقافة وفن

«كانت حرارته 40 ويرتعش».. صلاح الجهيني يروي موقفاً جمعه بـ«سليمان عيد» قبل رحيله

روى المؤلف المصري صلاح الجهيني كواليس آخر عمل مسرحي للفنان المصري الراحل سليمان عيد، الذي رحل عن عالمنا صباح اليوم

روى المؤلف المصري صلاح الجهيني كواليس آخر عمل مسرحي للفنان المصري الراحل سليمان عيد، الذي رحل عن عالمنا صباح اليوم إثر تعرضه لسكتة قلبية بشكل مفاجئ، مشيراً إلى أن الأخير تعرض لوعكة صحية ورغم ذلك رفض الذهاب إلى الإسعاف.

وكتب صلاح الجهيني منشوراً عبر حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وقال: «في آخر يوم عرض مسرحي لينا سوا عم سليمان درجة حرارته كانت 40، وكان نايم على سرير موجود جنب المسرح بيرتعش، وعربية الإسعاف مستنياه برة لحد ما المسرحية تخلص».

وتابع الجهيني: «قلتله أنت دورك خلص خلاص واللي فاضل بسيط المهم نتطمن عليك، قاللي يعني أمشي ويفوتني السوكسيه اللي في الآخر.. إحنا عايشين عشان الشوية دول».

أخبار ذات صلة

واختتم الجهيني منشوره داعياً للراحل: «الله يرحمك يا صديقي ورفيقي في السفر والفطار، زي ما كنا بنقول ويا رب حب الناس والسوكسيه يكون واصلك دلوقتي».

يذكر أن جنازة سليمان عيد شيعت عقب أداء الصلاة على جثمانه ظهر اليوم (الجمعة) في الشيخ زايد، وسط حزن أصدقائه في الوسط الفني الذين صدمهم خبر رحيله. وحرص على الحضور عدد من النجوم، أبرزهم أحمد السقا، محمد إمام، كريم محمود عبدالعزيز، أشرف زكي وآخرون.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .