ثقافة وفن

الدموع تخنق الخيون.. ورجل دين يرى الحل في العلمانية

لم تكن ندوة «عروبة العراق.. الثقافة والهوية»، مجرد فعالية ثقافية عادية، بل كانت نافذة للبوح الأخوي المنبعث من أعماق

لم تكن ندوة «عروبة العراق.. الثقافة والهوية»، مجرد فعالية ثقافية عادية، بل كانت نافذة للبوح الأخوي المنبعث من أعماق الحضارات لتشخيص ألم الواقع العراقي ومعالجته بشكل عقلاني يتجاوز أخطاء الماضي ويعيد العراق إلى أحضان العروبة.

الندوة التي اختنق فيها صوت الدكتور رشيد الخيون وفاضت دموعه حزناً على أوضاع العراق، لم تتوقف عند ذلك الحد من الإثارة، بل إن الشيخ رحيم أبو رغيف المفكر العراقي المتدين الذي يرتدي الزي الديني التقليدي الحوزوي الشيعي، لم يجد حرجاً وهو يعلن بكل جرأة أن الحل لخروج العراق من أزمته يكمن في أن تكون العراق دولة علمانية ديمقراطية، قائمة على أساس المواطنة، تصون حرية الدين والعقيدة، وتعتمد مبدأ الفصل بين الدين والسياسة.

الندوة التي جاءت ضمن الفعاليات الثقافية لمعرض جدة للكتاب، شارك فيها الدكتور رشيد الخيون، والشيخ رحيم أبو رغيف، وكامل الخطي، وأدارها باقتدار الإعلامي والكاتب مشاري الذايدي. وشهدت الندوة حضورا نخبويا ومداخلات عديدة، وأجمع ضيوف الندوة على أن «لا ثقافة عربية دون العراق». واستهل الندوة مشاري الذايدي مرحبا بالضيوف ومعرفا بهم وبتاريخهم الثقافي والمعرفي، ووجه لهم في البداية سؤالا مفتوحا «ماذا نعني بعروبة العراق؟».

الدكتور رحيم أبو غريف أجاب قائلاً «العروبة متحققة في العراق ولكن ما أصاب العراق مؤخراً من استلاب ثقافي جعل العالم يفتقد للثقافة العربية العراقية، وأصبح العالم يوقن أن هناك مشكلة في عروبة العراق، ولأن العراق بلد متعدد الأحزاب والأطياف واللغات، فإن العربية تأثرت بالتعدد الحاصل في العراق، وهذا يعد اغترابا وهو بمثابة تحد كبير يتطلب من الوطنيين العراقيين العرب أن يستعيدوا الهوية العربية، ويأتي دور أبناء العراق بأن يفهموا معنى المواطنة والهوية العربية لأنها ضعفت بين الأطياف واللغات الأخرى، وبالفعل بدأنا بتصحيح الوضع دون المساس بالأطياف أو اللغات الأخرى داخل العراق أو إقصاء الآخر».

وأضاف «علينا أن نحرص على سياسة التعايش وعدم الإقصاء واحترام الآخر»، كاشفاً «لا خيار للعراق إلا بفصل الدين عن السياسة». وقال إن «العراق مقبل على دولة علمانية لضمان البقاء ودون ذلك لا يوجد حل آخر في ظل التداخلات العرقية والدينية في العراق».

فيما قال الدكتور رشيد الخيون «لم نأت هنا أو نتحدث أمامكم عن العراق وعروبته إلا اعترافا بأن هناك مشكلة حقيقية، ولكن يجب ألا نتحدث عن عروبة العراق وكأنها غير موجودة، لأن العروبة مختلفة تماما عن الفكر القومي، ولنذهب للتاريخ ولنعرف أن الاسلام جاء للعراق والعرب موجودون به، ولكن علينا الآن أن نتحدث عن العراق الجديد بمكوناته التي يبلغ فيها عدد الأكراد أكثر من 7 ملايين نسمة، ولعل بعض المشاكل التي نعانيها الآن في العراق ناجمة من العروبة الشرسة التي كانت تمارس قبل عام 2003، التي كانت تنتقص حقوق غير العرب، وهذا خطأ فادح يجب أن يتداركه العراق الجديد، كما أن أبرز المشاكل التي يعاني منها العراق الآن هي العنجهية الإيرانية التي تغلغلت داخل العراق بكافة أطيافها وأحزابها».

وتأثر حضور الندوة وساد الصمت القاعة بسبب اختناق صوت الخيون حزنا وهو يردد «لا يوجد عراقي يتخلى عن عروبته».

فيما شخص كامل الخطي المشكلة وقال «منذ 1979 وعروبة العراق تواجه تحديا إيرانيا خطيرا، إذ إن العزف على الوتر المذهبي جعلهم يتغلغلون داخل العراق، وهذه كرة نار تتدحرج وتكبر داخل العراق، وتريد إيران أن تدحرجها على جيران العراق في الخليج وغيره من الدول العربية».

وأوضح الخطي أن المجتمع العراقي يدرك خطورة المد الإيراني، وأشاد بدور الشباب في «حراك تشرين».

وقال الخطي «العراق رغم كل الظروف يحمل عمقا عربيا لا يتزعزع، بل إن بعض القبائل العربية ما زالت تُعرف بأسمائها في العراق في الوقت الذي اختفت من الجزيرة العربية».

وقال وزير الثقافة والإعلام السابق الدكتور عبدالعزيز خوجه في مداخلة «التعددية في العراق هي سبب الثراء الثقافي في بلاد الرافدين على مر العصور، حيث أخرجت لنا ثقافة ومثقفين وأدباء وسياسيين يشهد لهم التاريخ، ولابد أن نفرق بين العروبة واللسان العربي كون اللغة العربية لغة القرآن ولغة الإنسانية».

وشهدت الندوة عدداً من المداخلات الأخرى لأسماء بارزة أسهمت في إثراء النقاش حول «عروبة العراق».

Trending

Exit mobile version