منذ يفاعتي وأنا أتابع التجربة الشعرية الباهرة للأمير بدر بن عبدالمحسن. تابعته بمحبة واهتمام، إذ ظل رمزاً للوجدان السعودي والخليجي.، كان صوتاً يعبر عني وعن الملايين الذين طربوا لأشعاره، لا سيما الوطنية منها، والتي عكست انتماء شعبنا لأرضه وفخره بقيادته وتاريخه وبطولاته وعزه.
بدر بن عبدالمحسن، أكاديمية شعرية ذو بصمة خاصة، وصياغة شعرية لا يشاركه فيها أحد، وأسلوب في التناول يلامس به ما يستعصي على الآخرين الوصول إليه.
عرفنا فيه الروح الشاعرية الطاغية، والنفس المغروسة في أنهار الجمال، فترك أعمق الآثار في قلوب الناس، ونقل المفردة السعودية إلى الأذن العربية أينما كانت، وتسارع إليه عمالقة الفن الذين وجدوا في طرحه، الجديد و المدهش، فملأوا بكلماته الدنيا غناءً وجمالاً، وأسعدوا القلوب بمحتواها الفني الرفيع.
بدر بن عبدالمحسن كان يخاطب القلوب بريشة الفنان، وأنامل العازف الماهر، فيُحدث تأثيره الفوري في كل من يدخل مجال جاذبيته. له طابع التفرد والعمق، يعكس معدن موهبته النفيس وأصالة تجربته وريادة أسلوبه على طريقة السهل الممتنع.
خاض مجال الشعر الوطني، والشعر العاطفي، وبرز تأثيره في المجتمع من خلال ما تناوله من اهتمامات، وأثرى الجنادرية بعطاء سيحفظه التاريخ، كما قدم من أشعار الغناء ما سيبقى لاصقاً بذائقة الجميع على مر السنوات.
الأمير بدر بن عبدالمحسن، أنيق الحرف جميل العبارة، لم يحاول أن يكون شبيهاً بأحد، بل كان له منذ البدء مساره الخاص، فأصبح الرائد في أسلوبه، وبات الرائد في الخط الذي سار عليه.
الحزن الذي ملأ قلبي لرحيله، هو نفس الحزن الذي ملأ قلوب كل محبيه، فبدر بن عبدالمحسن لم يترك نفساً إلا وترك بعض أحاسيسه فيها، ولم يترك قلباً إلا وشاركه بعض نبضه بما يشعر، لذلك كانت وفاته خبراً حزيناً، تناقله الناس وقلوبهم تقطر ألماً لشخصية نادرة.
يصعب التعبير عن مقدار الحزن لوفاة الأمير بدر بن عبدالمحسن، وتقصر الكلمات عن بلوغ ما أحمله ومعي الكثيرون من تقدير ومحبة لهذا الشاعر العملاق. لقد ملأ حياتنا بضيائه النقي الناصع، وأسعد قلوبنا بما أفاض به علينا من سحر البيان الشعري.
رحم الله الأمير بدر بن عبدالمحسن، وأدخله فسيح جناته. إنا لله وإنا إليه راجعون.