كشف الباحث والمؤرخ التاريخي الدكتور تنيضب الفايدي عن طقوس أهل المدينة المنورة الخاصة بهم في أيام العيد ويشعر بها من سكن المدينة وغيرها بأن للعيد فرحة ونشوة السعادة، كما يشعر بأن الحبّ في قلبه أكبر من مجموع الحبّ في القلوب جميعاً، كما يشعر بأن الجميع يشاركه هذه الفرحة وهذا الحبّ؛ لأن طيبة أعطت للعيد بُعداً، وتحرص العوائل في ليلة العيد على الإعداد ليوم العيد ولاسيما الملابس، وأنواع الحلوى والعطور، وما يقدم للزوار ولاسيما أن بيوت المدينة المنورة تكون مفتوحة لكل زائر، بل قد لايوجد من يستقبلهم لأن (الصالون) مفتوح للجميع.
ويؤكد الفايدي أن تجمعات العيد لها نظام، حيث مهرجان العيد كان قبل عدة عقود يقام بباب الكومة، ثم انتقل إلى السيح، حيث توجد المراجيح باختلاف أنواعها وتصلح لمختلف الأعمار بدءاً بالمراجيح الكبيرة وانتهاء «بهزي مركب»، إضافة إلى العربات المزركشة التي تجرها الأحصنة والبغال والحمير وهذه العربات يركبها الأطفال إلى مسافات ليست بعيدة وهي عربات جميلة مزركشة بمختلف الألوان، ويزيد الموقف جمالاً الأناشيد التي يرددها الأطفال، مبينا أن الحمير في العيد كان لها قصص مختلفة، وهذا الاختلاف يأتي في السعر «أي ما يدفع في المشوار الواحد»، وذلك حسب المسافة، وحسب (زركشة) الحمار، وحسب أصل الحمار، ونادراً ما تكون حمارة في مهرجان العيد، وذلك لأنها تشغل صاحبها في الدفاع عنها، من (معاكسات الحمير طبعاً)، وكم أسقط الحمار راكبه في مهرجان العيد بسبب حركات تلك المعاكسات، مع رؤية حاجات تصدر (من بعضها) – الحمير تبعاً- ولا يمكن التصريح بها. وأشار إلى أن هيئة الأمم المتحدة خصصت يوماً للحمير أطلقت عليه مسمى اليوم العالمي للحمير، وأن بعض البلدان أقيمت فيها مسابقات لاختيار ملكة جمال الحمير.
وأوضح أنه على هامش مهرجان العيد هناك ألعاب شعبية يمارس بعضها وإن لم تكن له علاقة بالعيد ومنها المزمار، وهي لعبة رجولية خطرة لها قوانين وقواعد وتتم ممارستها في العيد وبعض المناسبات الأخرى كالزواج، وتستخدم العصا والرقص على قرع الطبول حول النار وقد يتسبب الخطأ في هذه اللعبة في مشاجرات وإسالة الدماء ولا سيما بين «المشاكلة أو الفتوة»، كما أن هناك مجموعة من الألعاب وتكون إما على شكل مجموعات أو شخصين أو (طفلين) أو أكثر عند ممارستها ومنها: (وبعضها لا علاقة له بالعيد وإنما ذكرت للتاريخ فقط)، الكُبوش، الحجاج، طبطب، الدَّحل (البرجوة) المزويقة (المرصاع) الكبت، طيري (الغميمة) عُصفر، اصطففت، الطاقية، (طاق.. طاق.. طاقية) البِربِر، أم الخمسة، التزقير، شيخ الأرض (وله اسم آخر) الطاب، الضاع، عظم وضاح (عظيم ضاح).. وغيرها الكثير، مبينا أن مهرجان العيد وما يقدم فيه وإن كان أساساً للأطفال إلا أنه يجمع الناس على الحب والتآلف والتواصل والتراحم والتزاور والتقاء القلوب.
واختتم الفايدي بقوله: أيها القراء والقارئات: كل عام وأنتم بخير، ومن المؤمل أن تعطفوا على من تجاوز (60) عاماً من العمر، ولاسيّما من فقد شريكة حياته أمثالي، فقد فقدت زوجتي من عدة أعوام (نجاة أحمد الطيب) رحمها الله، وكلّما حاولت النسيان (جدّ في التذكار جُرْحُ)، وختاماً أهديها وأهدي أهل طيبة:
يا أهل طيبة لا أقول أحبّكم
الحبّ أنتم والدليل دموعي
الناس تسكن في البيوت وإنكم
أهل المدينة تسكنون ضلوعي