لم تضع أرامكو، وهي تفكر في تبني ورعاية، مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) التقليدية، والنمطية ضمن أجندتها، فالشركة العريقة، التي أصدرت قافلة الزيت، ودعمت المدارس، وأسست للوعي، كانت في مستوى تطلعات، وطموح القيادة السعودية، وهي تؤسس، مركزاً نوعياً يجمع بين طراز العمران المدهش، وبين أصول وأدبيات المعرفة، وبين الترفيه.
لم تكن زيارتي للمركز هي الأولى في مناسبة عرض فعالية فيلم الهجرة النبوية؛ على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم، إلا أن فعالية السبت الماضي، حاطها الإعجاب واحتوتها الإشادة فهناك فرق عمل ميدانية تستقبل الضيوف، دون تذمر من وهج القيظ، وتداعيات الرطوبة، وفي صالة الاستقبال، كانت الحميمية غير المستغربة، والتقدير المعهود، فالكُل من مسؤولي المركز وموظفيه، طلق المحيا، أنيق الهندام، راقي العبارة، وبخدمة لائقة بهم، وبضيوفهم كانت إثراء تعبّر عن ثراء فعلي في الأقوال والأفعال والأخلاق بشهادة أكثر من ٣٠٠ ضيف.
ويُعد مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي أبرز مبادرات الشركة في مجال المواطنة، ومن المتوقع أن يُحدث المركز أثراً ملموساً وإيجابياً على مستقبل المملكة من خلال إذكاء الشغف بالمعرفة وتحقيق الإبداع والتواصل بين الثقافات. وقد تم افتتاح المركز إضافةً إلى معرض الطاقة بعد تجديده في عام 2018م. ويشتمل المركز على عدة مرافق؛ وهي: المتحف، والمكتبة، والسينما، والمسرح، ومتحف الطفل، ومختبر الإبداع، والمركز التعليمي، واستوديو الإنتاج، إضافةً إلى مطاعم ومساحات داخلية وخارجية للمهرجانات والمعارض والمؤتمرات والعروض.
ويمثّل المركز إحدى أبرز مبادرات أرامكو المجتمعية المستدامة والتطوعية؛ التي تعمل على تثقيف المجتمعات السعودية عبر برامج هادفة حازت على العديد من الجوائز.
وتدعم أرامكو السعودية الإثراء المعرفي ومحو الأمية عبر مسابقة القراءة الوطنية الشهيرة «اقرأ». ويهدف موسم إثراء الإبداعي «تنوين»، الذي يتم تنظيمه على مدار 17 يوماً، إلى الارتقاء بالمستوى العلمي في مجالات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات من خلال حلقات تفاعلية وترفيهية.
من جهة أخرى، يُعزز برنامج «إثراء الحدّ الجنوبي» مهارات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات من خلال إشراك الطلبة والمعلمين في جميع أنحاء المملكة في تجارب تعليمية عملية. وتتيح تحدّيات موسم «تنوين» الفرصة أمام أصحاب المشاريع الناشئة لتصنيع منتجاتهم وتقديمهم بالفعل إلى السوق تحت إشراف اختصاصيين. كما يوفر (إثراء) أيضاً مخيمات تثقيفية وبرامج خاصة بالعودة إلى المدرسة.
ويضم متحف (إثراء) أربع صالات مخصصة توفر للزوّار رحلة فريدة من نوعها تجمع ما بين الفن العالمي والمحلي والحديث والمعاصر والتراث السعوي والفن الإسلامي والتاريخ الطبيعي لشبه الجزيرة العربية. وقد نظم المتحف معارض رئيسة لفنانين ذوي شهرةٍ عالميةٍ، مثل إدوارد مونك وليوناردو دافنشي. ويضم (إثراء) أيضاً متحف الطفل، أول متحف في المملكة للأطفال، إضافةً إلى معرض الطاقة الشهير. ويمثّل مختبر الأفكار في المركز مساحة فعّالة للابتكار وريادة الأعمال، وتعرض صالة عرض السينما والمسرح نماذج من الحضارة العالمية، الأمر الذي يؤكد على التحوّل نحو اقتصاد قائم على الإبداع. وبالإضافة إلى مشاركته في استضافة مهرجان أفلام السعودية، فقد أنتج إثراء حتى اليوم 20 فيلماً حصدت 15 جائزة إقليمية وعالمية.
لقد أثمرت فترة الحجر الصحي عن جهود فعّالة أنتجت بوابة إثراء الرقمية (إثراء التواصل)، التي تُعدّ مبادرة رقمية مميّزة قدمت أكثر من 50 برنامجاً إلى الجمهور، واستضافت السلسلة الحوارية «حوارات إثراء» وجوها معروفة مثل عالم الفيزياء الفلكية نيل دي جراس تايسون، والممثل إدريس إلبا، والمهندس المعماري كيتيل ثورسن من شركة سنوهيتا المعمارية النرويجية التي قامت بتصميم مركز إثراء. وتضمنت مبادرات المركز أيضاً مذكّرات جائحة فايروس كورونا المستجد (كوفيد-19) وبرامج المسابقات ولقاءات مجتمع إثراء على تطبيق (زوم). وتتيح عضوية مكتبة إثراء الرقمية المجانية للجميع قراءة عدد لا محدود من الكتب المتنوعة في حقول معرفية عديدة. وتعرض بوابة إثراء الرقمية (إثراء التواصل) للأطفال فيديوهات تعليمية وحلقات بودكاست قصصية، كما يمكنهم المشاركة بمخيم صيفي افتراضي.
وقد خصّ مركز إثراء محبي الفنون بجولة افتراضية وفيديوهات حول المعروضات ومقابلات للشركات الصغيرة والمتوسطة وحركة النقاش العالمية التي تُعرف بـ«صمود الفن – ResiliArt» التي تم إطلاقها بالاشتراك مع اليونسكو مؤخراً، لتتناول سلسلة نقاشات افتراضية تخوض في تأثّر مجالات الفن والإبداع بجائحة «كوفيد-19».
وشملت برامج (إثراء) المجتمعية مؤخراً «برنامج السوق» الذي يتضمن تجديد سوق الخضار المحلي في مدينة الخُبر من خلال لفتات إبداعية وخلاّقة تضيف رونقاً جمالياً للسوق عبر زيادة مساحات خاصة بالفن والموسيقى والمقاعد العمومية. ومن مشاريع المركز لعام 2021، مبادرة الحلول الإبداعية الغامرة التي تعمل على تطوير المواهب الجديدة في التقنيات الغامرة، وتعكس التركيز على التحوّل الرقمي بشكلٍ واضحٍ.
ودشن أمير المنطقة الشرقية الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز، مؤخراً في مركز (إثراء)، معرض «الهجرة على خطى الرسول ﷺ» ويعد الأول الذي يتناول موضوع الهجرة بأسلوب معاصر.
وثمَّن أمير المنطقة الشرقية جهود مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي «إثراء» لنشر سيرة نبينا الكريم محمد ﷺ من خلال هذا المعرض وإظهار سيرته العطرة بأفضل تقنيات العرض ليجوب دول العالم ويطلع الجميع على سيرة رسولنا الكريم.
وانطلق المعرض في القاعة الكبرى في المركز، تزامناً مع مطلع السنة الهجرية ١٤٤٤هـ، بحضور رفيع المستوى من مسؤولين وباحثين في الفن والتاريخ الإسلامي ومثقفين وإعلاميين، وضيوف من مختلف دول العالم.
ويستمر المعرض لمدة تسعة أشهر ليتنقل بين كل من (الرياض وجدة والمدينة المنورة) وبين عدد من مدن العالم؛ بهدف تسليط الضوء على واحدة من أهم الأحداث المهمة في التاريخ الإسلامي وهي رحلة الرسول ﷺ عام 622م من مكة إلى المدينة المنورة، وبناء مجتمع يمثل النواة لأكثر من مليار و500 مليون مسلم.