دشَّن النادي الأدبي الثقافي بجدة، مساء أمس (الثلاثاء)، فعاليات الدورة الـ(19) لملتقى قراءة النص، الذي يقيمه النادي بالتعاون مع جامعة الأعمال والتكنولوجيا، تحت عنوان «الحراك الأدبي والنقدي للصالونات الثقافية في المملكة»، بقاعة جامعة الأعمال والتكنولوجيا في حي الشاطئ، وسط حضور مميز من كبار المثقفين والأدباء، يتقدمهم الدكتور عبدالعزيز خوجة، والدكتور عبدالله دحلان، وعدد مميز من كبار المثقفين والأدباء.
انطلق حفل الافتتاح، الذي قدمه الإعلامي إسماعيل الشبلي، بعزف السلام الملكي، ثم آيات من الذكر الحكيم، ثم كلمة لرئيس «أدبي جدة» الأستاذ الدكتور عبدالله بن عويقل السلمي، جاء فيها: إنّ النادي وهو يحتفل بهذه الدورة للملتقى يدرك أن جهود النقاد تترى وأن الحركة الإبداعية والخطاب الأدبي لن يتوقف مادامت مساحات النص (بكل أبعاده) مزدانة بالإبداع، وما دامت وشائج التواصل بين المبدع والنقاد قائمة. ولقد اخترنا هذا العام موضوعاً هو الأكثر حضوراً والأجدر دراسة ونقداً وقراءة وبحثاً، وهو (الحراك الأدبي والنقدي للصالونات الثقافية في المملكة العربية السعودية)؛ مدركين أن هذه الصالونات قد أنتجت ما يخدم ثقافتنا ويثبّتُ أطناب هويتنا، ويرفع منزلة مبدعنا، ويبني جسوراً مع آخر كنا نراه ونسمعه ونحرّم ملامسته أو نرتعد منه، فقربته منّا رؤية طموحة ونظرة ثاقبة، وواقعٌ عصري يؤمن بالتواشج الحضاري الكوني.
ويستطرد عويقل في كلمته بقوله: إذا كانت جدة عروساً تعيش أفراحها الدائمة بلا كلل أو ملل، فلا أحسبها تخلع عن جيدها قلائد الجمال وأوشحة الإبداع، بل لها الحق كعروس أن يستخفها نزق الإبداع فهي بأبنائها تستحق.. وبناديها تحلق.. كانت وما زالت وستظل محجاً للأدباء ومقصداً للنقاد والشعراء، وهم على منبر ناديها وإثنينيها بين المصلي والمجلي.. فنادي جدة وإثنينية عبدالمقصود خوجة منارتان يستظلّ بهما من أعنته هجير الأمية بوارف الطرح والاحتفاء والتكريم ويستدفئ فيهما من أرجفه زمهرير الغثاء الثقافي والمعرفي، ويستضيء بهما من أغبشة تشوّف المستجلب، ويمتاح منهما السائر في مهامه المعرفة. فاحتفاؤنا هذه الليلة بالرجل الذي غرس حبه وحضوره في قلوب الجميع قبل رحيله، كان يتردد صهيل طروحات الإثنينية كل أسبوع يؤمها العلماء والأمراء والوزراء والأدباء والمحققون من كل أرجاء المعمورة ذلكم هو عبدالمقصود خوجة صاحب الإثنينية التي ظلت تشكل ثنائية إشعاع مع النادي، بل قادت معه مرحلة إيقاظ الحركة الثقافية التطلعيّة والطليعية في بلادنا من رقادها، ونضحا جفنها الوسنان بأنداء الفعل الثقافي الجريء فانتعشت في غصون الأدب والنقد الذابلة أوراق الإبداع الغضة. فالاحتفاء الليلة وفاءٌ له، وبرٌّ به؛ لأنه لم يغادرنا ذكراً وأثراً، وسيظل ما بذره من الحب العطاء كراسّاً معرفياً لا يقبل محتواه المحو. وقد أصدر النادي هذه الليلة كتاباً عنه يحوي شهادات من جايلوه أو كُرّموا أو نهلوا من معين الإثنينية عن قرب من الأساتيذ والتلاميذ.
وختم السلمي كلمته بتقديم الشكر لعدد من الشخصيات والكيانات، بقوله: أما الشكر فلمن يستحق الشكر لمستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، والشكر لنائب أمير المنطقة الأمير بدر بن سلطان والشكر لمحافظ جدة. ثم لشريكنا ومشاركنا في دعم هذا الملتقى جامعة الأعمال والتكنولوجيا فلرئيس مجلس أمنائها د. عبدالله دحلان بصمة يشهد بها التأريخ منذ أنشئ هذا الكيان في النادي تعود لأربعين عاماً.. وظل داعماً مسانداً.. لم تُنسه التجارة وفاءه للثقافة وأهلها.. فلم يتوقف سؤاله عن النادي ووقوفه معه، فله وللجامعة ومديرها ومنسوبيها كل الشكر، وأحسب أن هذا الملتقى وما يحمله من شراكة حقيقية ودعم يشكل أنموذجاً للشراكة الفاعلة بين رجال الأعمال والمؤسسات الخاصة من جهة والمؤسسات الثقافية التي تفرح -من يتمها- بمن يمسح رأسها من جهة أخرى، والشكر لأصحاب الفضل في اختيار عنوانه ومحاوره، وأعني أعضاء اللجنة العلمية وهم: وبرئاسة رفيق الدرب والعمل والنسب أ.د. عبدالرحمن رجاء الله، كما أشكر المتحدثين في ليلة الوفاء هذه أصحاب المعالي الوزراء الدكتور مدني والدكتور عبدالله، وأشكر د. عبدالمحسن د. هيفاء وأ. عدنان، وأما الباحثون المشاركون في جلسات هذا الملتقى فلهم منا الشكر على جهودهم ومشاركتهم، فلولا تفاعلهم مع عنوان الملتقى ومحاوره لكنّا كمن شام برقاً في سحاب جهام فأراق ماءه طمعاً فيه فمات عطشاً. أما أخي الحفي الوفي مدير جمعية الثقافة بجدة أ. محمد آل صبيح الذي بات يشاركنا الهم الثقافي بجلد لا يعرف الكلل أو الملل له مني كل التقدير والتحية، ولزملائي العاملين في النادي. كما أشكر الشيخ سعيد العنقري على دعمهه المتواصل للنادي، وأثمن للجميع حضورهم وأقدم لهم العذر على ما قد يعتري عملنا كأي بشر من خلل، ونتمنى أن يكون لنا في عين الرضا منكم ما يستر التقصير منا. طاب مساؤكم والسلام عليكم ورحمة الله.
عقب ذلك شاهد الحضور فيلماً عن مسيرة ملتقى قراءة النص، وآخر عن الشخصية المكرمة، الأديب الراحل الشيخ عبدالمقصود خوجة. كما ألقى رئيس مجلس أمناء جامعة الأعمال والتكنولوجيا الدكتور عبدالله بن صادق دحلان، كلمةً رحب فيها بالحضور في هذا الملتقى السنوي في رحاب جامعة الأعمال والتكنولوجيا. وأضاف «أنا فخور بالنادي الأدبي بجدة وما يقدمه بوجود الدكتور عبدالله السلمي وزملائه، واستمرارهم في إقامة هذا الملتقى بدعم من الأدباء والزملاء. ونفتخر بدعم أول نادٍ أدبي بالمملكة؛ وهو نادي جدة الأدبي وقد شاركت فيه قبل 40 عاماً، ونفخر كذلك أن تساهم الجامعات في دعم الأندية الأدبية والنشاطات الثقافية، وسوف نستمر في دعم وإقامة هذا الملتقى بشكل سنوي، وأؤكد أننا في الجامعة نفتخر بدعم كل الأندية الأدبية».
وحول تكريم الخوجة، أضاف دحلان: إن تكريم الأديب الراحل عبدالمقصود خوجة واجب علينا، لما قدمه للثقافة والأدب والفكر، فهو أديب بالوراثة، فقد كان أبوه من كبار الداعمين للأدب، وأكمل هو تلك المسيرة المباركة، حيث كانت الإثنينة ملاذاً وملتقى لكل المثقفين، ولهذا فالحجاز يفتخر بخوجة وبما قدمه، وأرحب بولده البار محمد سعيد، وكافة العائلة وزوجته بيننا اليوم.
في إثر ذلك أقيمت ندوة عن الشخصية المكرمة تحت عنوان «عبدالمقصود خوجة.. عاشق الثقافة ورمز التكريم»، أدارها عدنان صعيدي، وشارك فيها كل من الدكتور مدني علاقي، والدكتور عبدالله المعطاني، والدكتور عبدالمحسن القحطاني، والأستاذة هيفاء جمل الليل، قدموا خلالها شهادات وفاء وتقريظ للدور الكبير الذي لعبه الراحل الخوجة في إذكاء جذوة الثقافة والأدب والفكر، بتكريم عدد من الرموز الأدبية والثقافية والفكرية، ليس على مستوى الوطن، ولكن على المستوى العربي والعالمي.
ليختتم حفل التدشين بتكريم اللجنة العلمية للملتقى، و رئيس مجلس إدارة جامعة الأعمال والتكنولوجيا الدكتور عبدالله دحلان، شريك النادي في الملتقى. والراحل عبدالمقصود خوجة، ولجان الملتقى.