رغم الأصوات الرافضة دخول كاتبها بين صفوف الكتاب والمثقفين، صدرت عن دار نشر بالقاهرة رواية «اليوتيوبر» اليمني جلال الصلاحي التي تحمل عنوان «محاولة»، وأثارت جدلاً في الأوساط الثقافية وذهب البعض لاستهجان خوضه في الكتابات الأدبية نظراً لأسلوبه الحاد تجاه معارضيه وانتقادهم، ما لا يمنحه صفة كتابة الروايات.
وذهب الكثير من منتقدي الصلاحي إلى أنه غير قادر على إنتاج عمل ذي قيمة أدبية، غير أن آخرين دافعوا عنه بشراسة، من بينهم الأديب والروائي علي المقري الذي كتب مقالاً كاملاً في مجلة المجلة عن الرواية، وأنه اطلع عليها قبل إصدارها وقيمها.
وقال المقري إن البعض يستند في تحديد من يحق له كتابة الرواية إلى معايير تقليدية تعتبر الأديب صاحب رسالة ذا لغة رفيعة تحظى باحترام المجتمع، غير أن هذا المنظور قد يبدو متقادماً، إذ يُظهر تاريخ الأدب أن الكتابة لم تكن حكراً على المثقفين التقليديين، فقد برز شعراء وكتاب متمردون مثل الشعراء الصعاليك قبل الإسلام وفي العصر العباسي وحتى عصرنا الحالي.
وأضاف: لم يعد القول إن الرواية مجال يختص به المحترفون من الكتاب مجدياً، ففي السابق كان ألكسندر دوما يستمع الى تجارب الرحالة ليكتب رواياته، كما عمل ماركيز حين أنصت إلى حكايات الناجين من الغرق في البحر، وعبدالرحمن منيف في توثيقه بعض تجارب من عرفهم في السجون العربية، أما الآن فمعظم من لهم تجارب خاصة -بغض النظر عن أهميتها- يعملون على تدوينها ونشرها، سواء بجهدهم الخاص أو بتعاون محرّرين ومصحّحين، مشدداً بالقول: على كل حال، لم يعد في إمكان أحد منع الآخر من الكتابة والنشر، ما دامت هناك مطابع ووسائط نشر متاحة للجميع.
وأشار إلى أن الصلاحي سبق ونشر الرواية على «تويتر» و«فيسبوك» تحت عنوان «القاشقجي»، وهو لقب مهرّب اللاجئين في مدينة كاليه الفرنسية، إلا أن الجميع لم ينتبهوا إلى أن الرواية هي نفسها المعلن عنها بعد تغيير عنوانها إلى «محاولة»، وأتذكر أنني حين قرأت الحلقة الـ36 من الرواية، طلبت من الكاتب أن يرسل إليّ النص كاملاً، فاستجاب لطلبي وأرسل إليّ معه مسودتين لروايتين أخريين، وفي الحقيقة لم تستهوني الروايتان بسبب تبنيهما خطاباً سياسياً مباشراً، إذ لم اقرأ منهما سوى بضع صفحات، واقترحت عليه وقتها أن يسلّم الرواية التي شدتني وقرأتها في جلسة واحدة الى محرر أدبي لإعادة صياغتها وتحريرها، كونها كُتبت بلغة بسيطة فيها الكثير من الأخطاء الإملائية والنحوية، وهذا ما استجاب له الصلاحي، ولا يبدو لي وجود مشكلة أو عيب في الاستعانة بمحرر أدبي، وقد كتبتُ قبل أسابيع عن رواية متميزة، ذُكر في صفحتها الرابعة اسمان قاما بتحريرها. ويمكن القول إن الصلاحي قد أوقع أصحاب الآراء المتسرعين في إصدار الأحكام، لأن هذه الرواية لا يمكن لأحد كتابتها سوى جلال الصلاحي نفسه، لسبب وحيد هو أنها تتناول محاولته الهجرة من اليمن إلى أوروبا، أي أنها رواية سيرية، أو رواية سيرة ذاتية عن مرحلة من عمر الصلاحي نفسه.
بدوره قال الصلاحي إن أحداث الرواية تحكي قصة معاناته في اليمن إضافة إلى لقائه بامرأة ألمانية في عدن وتعرفه عليها وحصوله على دعوة منها لزيارة ألمانيا ومنها إلى فرنسا، ومحاولاته الدخول إلى بريطانيا تهريباً.