Connect with us

ثقافة وفن

عارف الساعدي: أكلت الخلافات من أعمارنا 60 عاماً

يعد الشاعر عارف الساعدي من أصفى الأصوات الشعرية العربية، وهو مثقف واسع الإطلاع؛ لذا تم اختياره مستشاراً ثقافياً

يعد الشاعر عارف الساعدي من أصفى الأصوات الشعرية العربية، وهو مثقف واسع الإطلاع؛ لذا تم اختياره مستشاراً ثقافياً لرئيس وزراء العراق الشقيق، إضافةً لما يتمتع به الساعدي من دماثة خلق، وحسّ اتصالي راقٍ، فهو يعتني بقصيدته ويتمعّن طويلاً فيما يكتب، ولا يزال مستمسكاً بعُرى جذوره العميقة، معترفاً بأبوة الشعراء الأفذاذ، غير مستنكف ولا متعالٍ على حكاية الجدات، وبراءة الطفولة، ومعطيات البئر الأولى.. وهنا نص الحوار:

• كيف حال الثقافة العراقية؟

•• الثقافة العراقية جزء من الثقافة العربية تتأثر بالمحيط وتؤثر فيه في الوقت نفسه، في العراق دائماً نقول إننا لا نملك شيئاً أصيلاً في هذا البلد قدر ما نملك من الثقافة، فهي دعامتنا الوحيدة لمواجهة الآخر، وهي عنصر أساس في بناء الشخصية العراقية التي تتميز بالثقافة، ولكن كحال العالم تتعرض هذه الخصيصة لهزات، فكلما هزت البلد عاصفة سياسية أو حرب أو حصار فإن الثقافة تتعرض لتلك الهزات، ولكنها على العموم تبقى ركيزة رئيسة من الممكن أن ننطلق منها لأي فضاء آخر، ميزة الثقافة العراقية أن لها جذوراً متينة لا تهتز فبأي لحظة يستعيد البلد عافيته أجد الثقافة في أعلى سلم البلاد من حيث بناء الإنسان وانشغاله بالمعارف.

• هل باستطاعة المثقفين العراقيين الحاليين إحداث نقلة في الثقافة العربية؛ شأن السياب ونازك الملائكة والبياتي؟

•• عُرف عن العراق أنه أبو التحولات الحداثية في الثقافة العربية وتحديداً في الشعر، ذلك أن الشعر هو مادة العرب الأصيلة، إذ إن أغلب الفنون الإبداعية مستوردة إلا الشعر فإنه فننا الأصيل، وهو جزء من حياتنا اليومية، ما أحدثه السياب ونازك والبياتي وجيلهم الذهبي هو نتاج مرحلة المدنية في العراق وصعود الطبقة الوسطى في البلد، حيث بداية التعليم العالي وانفتاح البلد على العالم الغربي والبعثات العالمية وبداية المدن الحقيقية، ونهاية الحرب العالمية الثانية وأسباب أخرى كثيرة أسهمت بتحولات مجتمعية أنتجت التحول الثقافي المهم على أيدي الرواد، أما حالياً فالعراق يمتلك هذا الإرث العظيم والمتعب في الوقت نفسه، ذلك أن الشعراء أبناء جيلي والأجيال التي سبقتنا والتي لحقتنا أبناء هذا الإرث المهم الذي يجب علينا تجاوزه وهو رهان صعب، ولكن بمجرد أنك تشعر بثقل هذا الإرث وعليك إما أن تتجاوزه أو تحافظ عليه على الأقل فإنك في الطريق الصحيح، ولكن مع هذا لا نعدم من تجارب تخرج بين جيل وآخر من فكرة التجديد والتحول والتجاوز وهي محاولات لم تنقطع حتى هذه اللحظة.

• ما الجديد الذي تعملون عليه اليوم غير المربد؟

•• المربد ميراث عظيم ما زلنا نعمل عليه ونحاول تطويره بالشكل الذي يليق باسمه وباسم الشعراء الذين مروا عليه من الجواهري إلى آخر شاعر عربي مؤمن بالشعر وبالحرية، نعمل بالتأكيد على مشاريع كثيرة لا تختص في الشعر فقط ، إنما في الدراما والسينما والمسرح والغناء وكلها قوى ناعمة تبني المجتمعات وتديم روح المعرفة.

• بصفتك مستشار رئيس الوزراء، متى يُستشار المستشار، أم أنه يبادر بطرح المشورة ولو لم تطلب منه؟

•• هناك خطان للمستشار؛ الأول هو أن يكون مبادراً ويطرح مشاريع تقنع الرئيس وفريق عمله فيتبناها الرئيس، وتكون منجزاً على الأرض وهذا ما أعمل عليه، والخط الثاني هو أن تحول له استشارات يعطي رأيه فيها، وأنا أعمل على الفكرتين، ولكن تبنّي المشاريع هو هدفي الأساس؛ لأن الوسط الثقافي وهمومه نحن أقرب إليه ونعرف مفاتيح الحلول لعدد من تلك.

• لماذا تراجعت الثقافة العربية في سلم الأولويات؟

•• جزء من هذا التراجع مرتبط بالتعليم وتحولاته وتراجع التعليم؛ سبب تراجعاً في الاهتمام بالثقافة وشجونها، الجزء الآخر والمهم مرتبط بالأنظمة السياسية وقدرتها على الاهتمام بالثقافة؛ باعتبارها الحل الأمثل لمشاكل البلدان، فإن لم تهتم الأنظمة بالثقافة وتدعمها كما تدعم وزارات الدفاع والأمن فلن نحظى بأجيال متوازنة، فالمبالغ التي ترصد لشراء الدبابات والمدافع لو خصص قيم منها لبناء المسارح والسينمات ودور العرض التشكيلي والموسيقي والاهتمام بالشباب سنحصد شباباً يحبون أوطانهم ويتعايشون بمحبة عالية ويسهمون ببناء بلدانهم بطريقة علمية وسنتجنب الكثير من مشاكل التطرف والإرهاب.

• متى نحضر الأيام الثقافية العراقية في الرياض؟

•• العراق حاضر وجاهز بكل تنوعاته الثقافية للحضور في أسبوع ثقافي عراقي في الرياض، شرط أن يتعهد لنا السعوديون بإقامة أسبوع ثقافي سعودي في بغداد وبكل مفاصل الثقافة السعودية، وهذا ما قطعه لنا سمو الأمير بدر آل فرحان وزير الثقافة في افتتاح معرض الرياض للكتاب عام 2021 عندما كان العراق ضيف شرف في المعرض، ولكن للأسف إلى الآن لم يتحقق هذا الوعد؛ لذلك نحن جاهزون للحضور إلى الرياض ولكن مع هذا الوعد.

• أين يلتقي المثقف العربي مع أخيه العربي وأين يفترق؟

•• السؤال واسع جدّاً؛ لأن هذا الأمر يتعلق بمرجعيات المثقفين العرب وخلفياتهم المعرفية التي يختلف فيها مثقف عن مثقف آخر، فنحن في العراق مررنا بصراعات مريرة أيام الستينات ما بين المثقفين الشيوعيين والمثقفين البعثيين والقوميين وكل ينطلق من أيديولوجيته ومبانيه الفكرية التي تتضاد مع الآخر، حتى وصلت الخلافات إلى القتل والتهجير والنفي، وقد أكلت منا تلك الخلافات ما يقارب الستين عاماً وإلى الآن هناك بعض من جذور تلك الخلافات، أما الآن في هذا الزمن فنحن نعيش غروب الأيديولوجيا وصعود المثقف الليبرالي نوعاً ما، ولكن في الوقت نفسه هناك المثقف المتطرف الذي لا يمكن أن نسميه مثقفاً.

• ما شرط الثقافة الفاعلة والمؤثرة؟

•• حسب ما أرى فإن شرط الثقافة الفاعلة هي مدى قدرتك في إنتاج خطاب متوازن بعيد عن العنف والإرهاب والنظر إلى الآخر المختلف عنك نظرة متوازنة غير مرتابة، فنحن تعلمنا منذ الصغر أن الآخر عدو لك فاجتنبه أو حاربه، وهذه النظرة تجدها مبثوثة في الشعر والقصة وفي الأفلام والمسلسلات، ولكن العالم الحر علمنا غير ذلك أن الآخر يشبهك وربما أفضل منك وعليك استثمار حسناته لتتعلم منها، شرط الثقافة هو وجود مثقف نقدي لكل ما يعكر صفو الحياة ويمنع الحريات وينتج نصّاً يغذي العقل والقلب معا.

• ما المغذيات الشعرية الأولى؟

•• الأم والبيت والقرية والنهر الصغير وبكاء العجائز ونواحهن والجوع وطريق المدرسة الترابي والبرد أيام الشتاء في رفعة العلم في يوم الخميس والنظرة الأولى والموعد الأول والبكاء بين يدي الحبيبة وحكايات جدتي وخرافاتها وصنع القهوة للضيوف والهروب من المدرسة ومواويل جيراننا ونعي الأمهات على فقداناتهن… كل ذلك وغيره مغذيات الشعرية الأولى.

• هل لك آباء شعريون؟

•• كل قصيدة عظيمة قرأتها هي كوب حليب شعري أشربه في طفولتي، وكل شاعر عظيم مررت به هو أب أتعلق بثيابه، وقد قيل إن القصيدة العظيمة هي من تجد صدى العظماء فيها، فالقصيدة الخالية من هؤلاء وأثرهم ستكون قصيدة فقيرة.

• متى تكتب قصيدتك، ومتى تكتبك؟

•• القصيدة عادة هي التي تكتبني، فقد أترك الشعر أشهراً عديدة، وأمارس حياتي دون الشعر، ولكنني في كل يوم أردد أبيات الجواهري:

برمت بلوم اللائمين وقولهم

أأنت إلى تغريدة غير راجع

أأنت تركت الشعر غير محاول

أم الشعر إذ حاولت غير مطاوع

وهل نضبت تلك العواطف ثرة

لطافاً مجاريها غرار المنابع

يظنون أن الشعر قبسة قابس

متى ما أرادوها وسلعة بائع

ثم تأتي القصيدة في لحظة ما فأسلم نفسي لها كاملاً، وأبقى كمن يلملم الحطب للنار حتى يديم اشتعالها، كل شيء أحوله لخدمة القصيدة.

• لماذا يعتني الشاعر العمودي والتفعيلي بالجمهور أكثر من اعتنائه بإنسانه الداخلي؟

•• الشاعر بلا جمهور شيء صعب بصراحة، ولكن في الوقت نفسه لا يصح الشاعر أن يكتب قصيدته للجمهور لأنه سينقاد إلى الشعبويات والبديهيات العادية، ويبقى يبحث عن تصفيق لا قيمة له، الشاعر الحق هو الذي يسحب جمهوره ويقلقه ويحاصره بالأسئلة؛ لأن الشعر الممتلئ إجابات شعر مطمئن ساذج، بينما الشعر المستفز هو الذي يثير في النفوس أكثر من تصفيفة عابرة، ومع هذا فعلى الشاعر ألّا يتعالى على جمهوره ويقرأ عليهم تهويمات لا معنى لها ويملأ قصيدته بطلاسم وخطاطات لا طائل من ورائها، وعندما تسأله عن معناها يتحجج بالحداثة ويقول إن قصيدتي للمستقبل، وكأن الحداثة أن تجلد الناس بالغموض الذي لا معنى له، طيب لماذا تحشر نفسك وتقرأ أمام الجمهور إذا كنت شاعراً مستقبلياً كما يدعي البعض.

• لمن تدين بالفضل لما بلغته من ذيوع وقبول؟

•• أدين للشعر بكل ما وصلت له، فحياتي كلها مرهونة به، صداقاتي بسبب الشعر، دراستي حتى أصبحت دكتوراً ومن ثم أخذت لقب الأستاذية بسبب الشعر، عملي كأستاذ جامعي ومن ثم مديراً عاماً في وزارة الثقافة وبعدها مستشاراً ثقافياً لرئيس الوزراء هي بسبب الشعر، سفراتي وتنقلاتي وعلاقاتي كلها بسبب الشعر، الشعر فتح لي عالماً كاملاً من البهجة والحزن، الدين له دائماً وألعنه أيضاً كما لعنته لميعة عباس عمارة حين قالت:

لعنة اللاعن يا شعر عليك

ما الذي أوقعني بين يديك

كل أسرار الورى مستورة

وخفي الهمس مفضوح لديك

أنت لو كنت ملاكاً صالحاً

ما توسلنا بشيطان لديك

• ألا يدوّخ كثرة التصفيق الشاعر؟

•• يربكه ولكنه يشعره بالفرح أيضاً، الشعراء الحقيقون أطفال كبار يفرحون بالحلوى، وهي الجمهور الذي تترقرق عيونهم على النص.

• كيف يتجاوز الشاعر نفسه؟

•• لا قيمة للشاعر إن لم يتجاوز نفسه، فلا معنى للشاعر إذا كرر قصائده، ولا قيمة فنية له إن لم يختلف ديوان عن ديوان وقصيدة عن أخرى، وهذا رهان صعب جدّاً، يعتمد على الشاعر في ألّا يكرر تجاربه انطلاقاً من وعيه بالتحولات وانطلاقاً من مرجعياته ومغذياته التي يتغذى عليها وهي القراءة والوعي والثقافة بشكل عام، فالشعراء الذين لا يقرؤون الرواية أو الشعر المترجم ولا يشاهدون أفلاماً سينمائية، ولا يسافرون ولا يعشقون ولا يشاكسون ستجد نصوصهم باردة ومكررة ولا قيمة لها.

• ما رأيكم بمن يكتب شعراً لحصد الجوائز والمنافسة في المسابقات؟

•• بصراحة لست مع كتابة نصوص شعرية لغرض الجائزة، رغم أني فعلتها مرة واحدة وفشلت فيه، فعلى الرغم من أهمية الجوائز مادياً وإعلاميا، ولكن حصر بعض الجوائز لأغراض محددة والكتابة عنها بهذه الطريقة ستنتج شعراً أقرب إلى التعليمي، فالحداثة تجاوزت فكرة الغرضية والوظيفية المحددة للقصيدة؛ لأنها أشبه باللجام الذي يوضع على الخيل، أنا مع الجوائز التي تمنح للمنجز الشعري، مع الجائزة التي تمنح للشعر غير المكتوب لجائزة ما سوى الشعر، هنا يشعر الشاعر أنه أنجز شيئاً مهماً وأنهم التفتوا إلى شعره دون أن يكتبه للفوز، وهذا ما شعرت به حين فزت بجائزة الأمير عبدالله الفيصل عام 2021 عن كامل منجزي الشعري.

• ما الذي يمكن أن تعالجه القصيدة اليوم؟ أم هي مُسكّن وجع فقط؟

•• ليس من شأن الشعر الحقيقي معالجة أي شيء، فتلك مرحلة تجاوزناها في أن يكون الشعر خادماً لأغراض اجتماعية أو دينية أو سياسية، الشعر الحق هو أن تعالج القصيدة نفسها وذاتها، أن تتجلى اللغة في أعلى مباهجها ومسراتها، الشعر لا وظيفة له سوى ذاته؛ لأنه لو دخلت الأغراض عليه والمعالجات سيتحول إلى وسيلة لغايات غير شعرية، وهذا ما يأباه الشعر في أن يكون جسراً لأشياء غير شعرية، الشعر هو الغاية وهو الوسيلة في الوقت نفسه، حين نصل إلى هذا الهدف سنكون أمام قصيدة عظيمة تصلح لكل زمان ومكان؛ لأن القصائد الغرضية ذات الوظيفة المحددة ستموت بموت الحدث وتزول بزوال المكان.

• ماذا تقول لمن يظن الشعر رصف كلمات أو تلاعباً باللغة؟

•• الله يسامحك.

• ما مدى رضاك عن النقاد واشتغالهم على شعرك؟

•• على بساطة تجربتي الشعرية أقول إني محظوظ مقارنة بأبناء جيلي وحتى بالأجيال التي سبقتني من الشعراء العراقيين والعرب، فقد حظيت بأكثر من عشرين دراسة ماجستير ودكتوراه مكرسة لدراسة شعري فقط، وهذا منجز كبير، فضلاً عن دخولي لأكثر من خمسين عملاً أكاديمياً ضمن أبناء جيلي أو دراسة الظواهر الشعرية العراقية، إضافة إلى تناول تجربتي من قبل كبار النقاد العراقيين والعرب الذين أدلوا بدلوهم في تلك التجربة، وهو محل اعتزاز وتقدير من قبلي.

• هل يحتاج الشاعر واسطة ليكون شاعراً؟

•• الشاعر الحقيقي يشبه لاعب الكرة في المنتخب الوطني، فلا يمكن للمدرب أو رئيس اتحاد الكرة أن يصعّد لاعباً للمنتخب وهو ضعيف، سيفتضح أمره في أول لعبة، كذلك الشعراء لا يمكن للواسطة أن تنهض بهذا العمل الجليل، ربما بعض أصحاب الأموال لديهم رغبة أن يكونوا شعراء، ولدي أمثلة بذلك، لكنهم ينصدمون أمام شعراء صعاليك ولكنهم شعراء حقيقيون.

• ما الذي تطمح إليه شعرياً وإنسانياً؟

•• أطمح أن تبقى قصيدتي في الذاكرة ولو بعد حين، القصيدة التي تعبر الزمن شاعرها محظوظ.

Continue Reading

ثقافة وفن

سعوديتان.. ومصري وصومالي في معرض الاتجاهات الأربعة

تنطلق غدا (الاثنين) فعاليات معرض الاتجاهات الأربعة الذي ينظمه أتيليه جدة للفنون التشكيلية لأربعة فنانين من السعودية

تنطلق غدا (الاثنين) فعاليات معرض الاتجاهات الأربعة الذي ينظمه أتيليه جدة للفنون التشكيلية لأربعة فنانين من السعودية ومصر والصومال، وهم: حنان الحازمي، وجواهر السيد من السعودية، وعاطف أحمد من مصر، وعبدالعزيز بوبي من الصومال.

ووفقاً لمدير الاتيليه هشام قنديل، سيقدم كل فنان تجربته الخاصة واتجاهه الخاص الذي يميزه عن أقرانه من الفنانين.

وتقدم الفنانة جواهر السيد 10 لوحات تمثل آخر تجاربها، التي يقول عنها الناقد تحسين يقين: «إن ما يميزها هذا التواصل اللافت بين النساء والأطفال، فضلا عن تعبير الألوان عن المشاعر بذكاء واحتراف».

وأضاف: «على شاطئ جدة الجميلة، أطالت الفنانة تأملاتها النفسية والاجتماعية، لتعبر عن ذلك خطوطا وألوانا، تتجاوز بها مكانها، لتعبر عن حال الإنسان اليوم في هذا العالم ذي النزعة الفردية».

وتقدم الفنانة حنان الحازمي 10 لوحات بأحجام مختلفة تجمع بين التعبيرية والتجريدية، وستضع في هذا المعرض أقدامها بقوة في المشهد التشكيلي السعودي. وحول تجربتها، قال الناقد المصري الدكتور حسان صبحي: «اعتمدت الفنانة حنان الحازمي على طرق تحليلية خاصة في إبداع التركيبات الفنية واستخدام أقل عدد ممكن من المفردات والوسائط التعبيرية ذات الكثافة والثقل في تعبيراتها البصرية لطرح نموذج طليعي يضيف إلى الفنون البصرية ويعلي عادات الرؤية لدى المشاهد، وهو أحد الاتجاهات المهمة التي تم التأكيد عليها في الفنون البصرية». ولفت إلى أن تلك الأعمال امتلكت طاقة مسالمة تكتنزها عناصرها وبناؤها التصميمي المشبع بطاقات التعبير والتفكير المفاهيمي.

أما الفنان المصري عاطف أحمد فيقدم 10 لوحات بأسلوبه الخاص المتمرد (ميكس ميديا) تمثل أحدث إبداعاته.

وعن أعماله قال الناقد صلاح بيصار: «أعمال عاطف تنحاز إلى الجموع من الفلاحين الذين يشكلون ملحمة الأمل والعمل، يتتبعهم في خُطاهم بعمق الدلتا من الحقل والحرث والحصاد».

أما الصومالي عبدالعزيز بوبي فهو عضو الجمعية السعودية للفنون التشكيلية (جسفت)، وتتميز تجربته كما يقول الناقد الدكتور عصام عبدالله العسيري بالنضج اللوني التجريدي الثقافي البصري العام.

وبملاحظة مفردات لوحاته سنجد استعارة رسوم وكتابات أرقام وحروف وخطوط ورموز وألوان وإشارات بصرية، يقدمها في تكوينات جميلة وجريئة وبديعة، لها قيم جمالية ثقافية، كالجداريات والمصغرات بألوان جذابة.

Continue Reading

ثقافة وفن

بحضور وزير الثقافة.. «روائع الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو

بحضور وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، اختتمت هيئة الموسيقى حفلة «روائع

بحضور وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، اختتمت هيئة الموسيقى حفلة «روائع الأوركسترا السعودية» في جولتها الخامسة بمسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية طوكيو، وذلك بمشاركة 100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، وبحضور عدد من المسؤولين ورجال الأعمال والإعلام، وحضور جماهيري كبير.

وأشار الرئيس التنفيذي لهيئة الموسيقى باول باسيفيكو، في كلمة خلال الحفلة، إلى النجاحات الكبيرة التي حققتها المشاركات السابقة لروائع الأوركسترا السعودية في العواصم العالمية، عازيًا ما تحقق خلال حفلات روائع الأوركسترا السعودية إلى دعم وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى.

وعدّ «روائع الأوركسترا السعودية» إحدى الخطوات التي تسهم في نقل التراث الغنائي السعودي وما يزخر به من تنوع إلى العالم عبر المشاركات الدولية المتعددة وبكوادر سعودية مؤهلة ومدربة على أعلى مستوى، مشيرًا إلى سعي الهيئة للارتقاء بالموسيقى السعودية نحو آفاق جديدة، ودورها في التبادل الثقافي، مما يسهم في تعزيز التواصل الإنساني، ومد جسور التفاهم بين شعوب العالم عبر الموسيقى.

وقد بدأت «الأوركسترا الإمبراطورية اليابانية – بوغاكو ريو أو» بأداء لموسيقى البلاط الإمبراطوري الياباني، وهي موسيقى عريقة في الثقافة اليابانية، توارثتها الأجيال منذ 1300 عام وحتى اليوم.

وأنهت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي الفقرة الثانية من الحفلة بأداء مُتناغم لميدلي الإنمي باللحن السعودي، كما استفتحت الفقرة التالية بعزف موسيقى افتتاحية العلا من تأليف عمر خيرت.

وبتعاون احتفى بالثقافتين ومزج موسيقى الحضارتين اختتمت الحفلة بأداء مشترك للأوركسترا السعودية مع أكاديمية أوركسترا جامعة طوكيو للموسيقى والفنان الياباني هوتاي وبقيادة المايسترو هاني فرحات، عبر عدد من الأعمال الموسيقية بتوزيع محمد عشي ورامي باصحيح.

وتعد هذه الحفلة المحطة الخامسة لروائع الأوركسترا السعودية في العاصمة اليابانية طوكيو، بعد النجاحات التي حققتها في أربع محطات سابقة، كانت تتألق في كل جولة بدايةً من باريس بقاعة دو شاتليه، وعلى المسرح الوطني بمكسيكو سيتي، وعلى مسرح دار الأوبرا متروبوليتان في مركز لينكون بمدينة نيويورك، وفي لندن بمسرح سنترل هول وستمنستر.

وتعتزم هيئة الموسيقى استمرارية تقديم عروض حفلات “روائع الأوركسترا السعودية” في عدة محطات بهدف تعريف المجتمع العالمي بروائع الموسيقى السعودية، وتعزيزًا للتبادل الثقافي الدولي والتعاون المشترك لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تتقاطع مع مستهدفات هيئة الموسيقى.

Continue Reading

ثقافة وفن

الشاعر علي عكور: مؤسف أن يتصدَّر المشهد الأدبي الأقل قيمة !

الحديث مع الشاعر علي عكور في الكتابة الإبداعية حديث ممتع، وممتدّ، له آراؤه الخاصة التي يتمثلها في كتابته الأدبية،

الحديث مع الشاعر علي عكور في الكتابة الإبداعية حديث ممتع، وممتدّ، له آراؤه الخاصة التي يتمثلها في كتابته الأدبية، يعتد كثيراً بتجربته، ويرى أنّه قادر على الاختلاف؛ لأنّ مفاهيمه للكتابة تتغيّر مع الوقت.

لم يولد -كما قال- وإلى جواره من يمتهن أو يحترف الكتابة، ولم يكن الوسط الذي نشأ فيه يُعنى كثيراً بالأدب أو الثقافة بعمومها، ما يتذكره علي أنّه في أواسط عقده الثاني وقع على نسخةٍ من كتاب (المنجد) للويس معلوف، لا يعلم كيف وصلت إليه هذه النسخة العتيقة من الكتاب، لكنه شُغِف بها وبالعوالم التي تَفَتَّحت أمامه في هذا المعجم.

وجد الشاعر علي عكور نفسه ينجذب كالممسوس إلى الأدب بكل ما فيه من سحر وغموض وجلال، لكنّ الشعر العربي أخذه حتى من ألف ليلة وليلة؛ الذي انجذب إلى الشعر المبثوث في ثنايا الكتاب أكثر من السرد رغم عجائبيته وسحره!

الكثير من رحلة الشاعر علي عكور مع الأدب والكتابة الإبداعية في هذا الحوار:

‏ • حدّثنا عن علاقتك بالشعر والأدب بشكل عام.. كيف بدأت؟

•• بدايةً أودّ القول، أنه لم يكن في محيطي من يمتهن أو يحترف الكتابة، ولم يكن الوسط الذي نشأتُ فيه يُعنى كثيراً بالأدب أو الثقافة بعمومها. أتذكر أنني في أواسط العقد الثاني من عمري وقعتُ على نسخةٍ من كتاب (المنجد) للويس معلوف. لست أعرف كيف وصلت إلينا هذه النسخة العتيقة من الكتاب، لكنني شُغِفتُ بها وبالعوالم التي تَفَتَّحت أمامي بعد الاطلاع على هذا المعجم. وشيئاً فشيئاً، وجدت أنني أنجذب كالممسوس إلى هذا العالم الرحب، بكل ما فيه من سحر وغموض وجلال. وأثناء تجوالي في عوالم الأدب أُخِذْتُ بالشعرِ العربي وبإيقاعيّة الجملة الشعرية فيه. حتى عندما وقع بين يديّ كتاب (ألف ليلة وليلة)، لم أنجذب إلى السرد رغم عجائبيته وسحره، بقدر ما انجذبتُ إلى الشعر المبثوث في ثنايا الكتاب. وأتذكر أنني كنت أتجاوز الصفحات وأقلّبها بحثاً عن بيتٍ أو بيتينِ من الشعر.

• لمن تدين بالفضل في الكتابة؟

•• أودّ أن أدين بالفضل إلى أحدٍ ما، لكنني حين أمَرّر بداياتي على الذاكرة، لا أتذكّر أحداً بذاته، آمن بي أو رأى في ما أقوم به بدايات واعدة لمشروع ما. كل ما هنالك أنني كنتُ أتلقى ثناءً عابراً إذا كتبتُ شيئاً جيداً. على أنني لا أقلّل من هذا الثناء، فقد كان ذا أثرٍ كبير في دافعيتي، وديمومة شغفي بالكتابة. هذا فيما يخص البدايات، أما الآن فأنا أدين بالفضل لأسرتي ولزوجتي خاصة، فهي داعم كبير لي على طول هذا الطريق، وتتحمل عن طيب خاطر الأعباء التي يُخلّفها انشغالي بالكتابة وهمومها.

• شاعر كان تأثيره كبيراً عليك.

•• لا يمكن تتبّع الأثر بسهولة في هذا الشأن؛ لأنه غالباً يكونُ قارّاً في اللاوعي. لكن إذا كان السياب يرى أنه تأثر بأبي تمام والشاعرة الإنجليزية إديث سيتول وأنه مزيج منهما، فأنا أرى أنني تأثرت كثيراً بسعدي يوسف ومحمود درويش، وأشعر أنهما يلتقيان بطريقة ما، في الكثرة الكاثرة مما أكتب.

• كيف للشاعر أن يكتب قصيدته وفق رهان المستقبل وليس للحظة التي يعيش فيها؟

•• في الغالب لا توجد كتابة لا يمكن تجاوزها. وما يُعبّر عنك الآن قد تجد أنه لا يُعبّر عنك غداً. أعتقد أن الرهان الحقيقي هو أن نكتب شيئاً يستطيع أن يصمد أمام عجلة الزمن. ربما إحدى الحيل التي يمكن أن نمارسها هي أن نكتب نصوصاً أكثر تجريداً وانعتاقاً من قيود الزمان والمكان، وأن نتخفّف من الكتابة تحت تأثير اللحظة الراهنة والحدث المُعاش.

• الملاحظ أنّ هناك إصدارات متشابهة في الشعر والقصة لشعراء وكتاب قصّة، وإن تعددت عناوينها، لكنّ التجربة لم تختلف.. ما تأثير هذا على الإبداع والقارئ كذلك؟

•• صحيح، هذا أمر ملاحظ. هناك من يصدر عشرة دواوين، وعند قراءتها لا تجد اختلافاً بينها، لا من حيث الثيمات ولا من حيث طريقة التناول، لتفاجأ أن هذه الدواوين العشرة هي في الحقيقة ديوان واحد طويل. الكاتب أو الشاعر الذي لا يتجدد يخاطر بمقروئيته ويخسر رهانه الشخصي. إما أن تقول شيئاً جديداً أو شيئاً مألوفاً بطريقة جديدة، لكن لا تقل الشيء نفسه بالطريقة نفسها، حتى لا تعطي فكرة أنك لا تأخذ مشروعك بما يستحق من جدية واهتمام.

• تنادي بأهمية تصدّر الأدب الجاد والأصيل المنصات.. أولاً: من يحدد ماهية الأدب الجاد؟ ثانياً: هل المرحلة تساعد في أن يتصدّر الأدب أيّاً كان المنصات التي كثرت وكثر مستخدموها والمؤثرون فيها؟

•• النقّاد والقرّاء النوعيّون، هم من يحددون ماهيّة الأدب الجاد ويُعلون من قيمته. مؤسف أن يتصدر المشهد الأدبي الأقل قيمة، بينما يبقى الأدب الأصيل في الهامش. في الأخير نحن مسؤولون عن تصدير ثقافتنا، وما نتداوله ونجعل له الصدارة في منصاتنا ومشهدنا، هو ما سيُعبّر عنّا وسيكون عنواننا في النهاية. وبالتالي لنا أن نتساءل بصدق: هل ما صُدِّرَ ويُصَدّر الآن، يُعبّر عن حقيقة وواقع الأدب والثقافة في بلادنا؟

• لديك مشكلة مع المألوف والسائد، وتطالب بسيادة الأدب الفريد والمختلف.. هل لدينا اليوم ذائقة خاصة يمكنها إشباع الذائقة العامة؟

•• يمكن الاتفاق في البدء أن تغيير شروط الكتابة هو في المقابل تغيير لشروط التلقي، وأن كل كتابة أصيلة ومختلفة ستصنع قارئاً مختلفاً. كل كتابة جادّة ستصنع قارئها، وهذا هو الرهان الحقيقي. أما المألوف والسائد فإنّ القارئ مصابٌ بتخمة منه. كل كتابة في المألوف والسائد هي ابنٌ بارٌّ للذاكرة لا للمخيّلة؛ الذاكرة بوصفها مستودعاً لكل ما قرَّ واستقرّ فيها وأخذ مكانه المكين. والمخيّلة بوصفها انفتاحاً على المتجدّد واللانهائي.

• ماذا يعني لك فوزك بالمركز الأول في مسابقة التأليف المسرحي في مسار الشعر؟ وماذا تعني لك كتابة الشعر المسرحي؟

•• سعدت كثيراً بالفوز، سيما أن المسرحية تتحدث عن شخصية أحبها كثيراً: شخصية ابن عربي؛ تلك الشخصية التي عشت معها طيلة ثلاثة أشهر (وهي مدة كتابة العمل)، تجربة روحية وروحانية بالغة الرهافة، فقد استدعت الكتابة عن ابن عربي، العودة إلى قراءة سيرته وأجزاء من أعماله التي حملت جوهر فكره وعمق تجربته الصوفية. وبالانتقال إلى الجزء الثاني من السؤال، أقول إن كتابة الشعر المسرحي عمّقت من مفهومي للشعر وإيماني به وبقدرته على التحرك في مناطق جديدة، يمكن استثمارها على نحو جيد ومثرٍ، إذا ما تعاملنا معها بجدية.

• أما زلت تبحث عن دار نشر تطبع لك ديوانك الجديد دون مقابل مادي تدفعه؟

•• استطعت التواصل مع أكثر من دار، وقد رحبوا بالديوان والتعاون من أجله. لا ضير في كون دور النشر تبحث عن الربح، فهذا من حقها، وهذه هي طبيعة عملها. كل ما أنادي به أن تكون هناك جهة حكومية تشرف عليها وزارة الثقافة، تقوم بطبع الأعمال الجادة التي تعبّر عن حقيقة الأدب السعودي وواقعه.

• جاسم الصحيح قال عنك إنك لست شاعراً عابراً، وإنما شاعر ذو موهبة كبرى تتجاوز المألوف والسائد.. ماذا تعني لك هذه الشهادة؟•• جاسم اسم كبير في المشهد الثقافي وتجربة مرجعية في الشعرية العربية الحديثة، وأن تأتي الشهادة من قامة كقامة جاسم الصحيح لا شك أنها شهادة تدعو للابتهاج والنشوة، إضافة إلى ما تلقيه عليّ من عبء ومسؤولية كبيرة.

• كيف يكون المؤلف الجاد والرصين رأس مال لدور النشر؟

•• تمهيداً للإجابة عن السؤال، لا بد من القول إن الرساميل الرمزية أحياناً تكون أهم وأكثر مردوداً من القيمة المادية. بالنسبة لدور النشر، يُعد الكاتب الجاد رأس مال رمزياً مهمّاً؛ لأنه يبني لها سمعة في الوسط الثقافي. إذا أرادت دور النشر أن تستثمر في سمعتها، فإن أسرع طريقة هي استقطاب كتاب أصحاب مشاريع جادة، مقابل أن تطبع لهم بمبالغ رمزية على الأقل.

• كتبتَ الشعر بأشكاله الثلاثة ومع ذلك ما زلت ترى أنّ الوزن ليس شيئاً جوهرياً في القصيدة.. ما البديل من وجهة نظرك؟

•• نعم الوزن ليس شيئاً جوهريّاً في الشعر. ونحن حين نقول الوزن نقصد بطبيعة الحال الأوزان التي أقرها الخليل بن أحمد. الحقيقة أن الأوزان جزء من الإيقاع، أو بمعنى آخر، هي إحدى إمكانات الإيقاع وليس الإمكانية الوحيدة، وما دامت إحدى تجليات الإيقاع وليس التجلي الوحيد، فمعنى ذلك أن الإيقاع أعم وأشمل وأقدم. وعليه فإن الإيقاع هو الجوهري وليس الوزن. والإيقاع يمكن أن يتحقق في قصيدة النثر مثلاً، عبر حركة الأصوات داخل الجملة الشعرية. وهناك حادثة دالة وكاشفة أنهم حتى في القديم كانوا يدركون أن الشعر بما فيه من إيقاع يوجد أيضاً خارج أوزان الخليل، إذ يُروى أن عبدالرحمن بن حسان بن ثابت دخل على أبيه وهو يبكي، وكان حينها طفلاً، فقال له: ما يبكيك؟ فقال: لسعني طائر، فقال: صفه، فقال: كأنه ملتف في بردي حبرة. فصاح حسان: قال ابني الشعر ورب الكعبة. هذه القصة المروية في كتب الأدب تكشف بجلاء أن الشعر أوسع من مجرد الوزن والتفاعيل.

• أنت تقول: لا شيء يسعدني ككتابة الشعر الجيّد.. ما مواصفات الشعر الجيّد؟

•• لا أملك ولا يحق لي ربما الحديث عن الشعر الجيد بإطلاق؛ لأن في هذا ادعاءً كبيراً، لكن يمكن الحديث عما أراه أنا أنه شعر جيد؛ أي في حدود رؤيتي فقط. كل شاعر يكتب الشعر بناءً على ما يعتقد أنه شعر، وعليه فإن الشعر الجيد -كما أراه- خرق لنمطية اللغة وبحث جاد عن اللامرئي في المرئي، ومن مواصفات النص الجيد أن يتقاطع فيه الفكري بالوجداني، وأن يكون نتاج الحالة البرزخية بين الوعي واللاوعي. طبعاً إضافة إلى ضرورة أن يتخلص من المقولات السابقة، وأن يعمل في تضاد مع الذاكرة والثقافة؛ لأنهما يفرضان السائد والمألوف وكل ما هو قارّ في الذهن.

• العودة الملاحظة للشذرات كتابة وطباعة.. إلام تعيدها؟

•• الشذرة في رأيي هي رأس الشعرية. حَشْد كل هذا العالم بمستوياته وتناقضاته ورؤاه في بضع كلمات أمر بالغ الصعوبة على مستوى التكنيك، لكنه مثير وممتع حين تدخله كمساحة للتجريب وتحدي إمكانياتك. أيضاً جزء من اهتمامي بالشذرة يعود إلى افتتاني بالمشهدية وتأمل الفضاءات البصرية واستنطاقها. إضافةً إلى ما في الشذرة من تداخل أجناسي يزيدها ثراءً وغنى. وعلى مستوى آخر أعتقد أن الشذرة بحجمها وبنيتها أكثر تمثيلاً لحياتنا المعاصرة التي أشبه ما تكون بلقطات متتابعة ومنفصلة في فضاء بصري، يجمعها سياق عام. وأخيراً لا أنسى أن منصة (إكس) بما كانت تفرضه من قيود تقنية قد أسست لتجربتي في الكتابة الشذرية وصقلتها.

• الشاعر أحمد السيد عطيف اختلف معك في شكل القصيدة، ورأى أنّ الشكل لا يجعل الكلام جميلاً ومؤثراً.. فيما ترى أنت أنّ الكتابة على نمط القصيدة القديمة تقليد وليس إبداعاً.. هل المشكلة في الشّكل أم في أشياء أخرى؟

•• نعم، كان الحديث في هذه الجزئية عن القصيدة العمودية، وعن كتابتها بصياغة تقليدية مغرقة في القدامة. النقد الحديث على عكس القديم، لا يفصل بين الشكل والمضمون، ولكتابة نص حديث لا بد من تحديث الشكل؛ لأننا لا يمكن أن نتحدث عن مضمون ما بمعزل عن الشكل، إذ إن الشكل يخلق مضمونه أيضاً. طبعاً لا أقصد بتحديث الشكل استبدال القصيدة العمودية بشكل آخر، بل أقصد التحديث من داخل الشكل نفسه. تجديد الصياغة وتحديث الجملة الشعرية ذاتها لتكون قادرة على التعبير عن الرؤى الجديدة.

• لماذا ترى أنّ كتابة قصيدة النثر أصعب من كتابة قصيدة عمودية أو تفعيلة؟

•• السبب في رأيي أن النص العمودي والنص التفعيلي لديهما قوالب إيقاعية جاهزة تجعل من مهمة الخلق الشعري مهمة أقل صعوبة. بينما في قصيدة النثر أنت تعمل في منطقة أقرب ما تكون إلى الشكل الهلامي. قصيدة النثر ملامحها أقل حدة ووضوحاً من الشكلين السابقين، وعليه فإن كتابتها تحمل صعوبة أكبر؛ لأن لكل نصٍّ قالبه الخاص الذي عليك أن تخلقه من العدم.

• كيف يمكن للشاعر أن يكون رائعاً؟

•• يكون كذلك إذا كان أصيلاً؛ أي معبراً عن صوته الخاص، ولحظته الراهنة، ومنغمساً بالكامل في تفاصيل عالمه، طبعاً دون أن يفقد قدرته على الاتصال بالوجود والكون.

• النصوص القصيرة التفعيلية التي كتبتها وترغب في نشرها مرفقة برسوم إبداعية.. ماذا عنها؟

•• هي أربعون نصّاً، تحمل خلاصة تجربتي في كتابة الشذرة الشعرية، وهو تنويعٌ على تجربتي الشعرية عموماً. تعاونت في هذا المشروع مع الرسامة السورية القديرة راما الدقاق. والعمل الآن في مرحلته الأخيرة، وسيُنشر خلال الشهرين القادمين.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .