Connect with us

ثقافة وفن

«فرجينيا وولف» الزهرة الثائرة

في الميثولوجيا الإغريقية ثمة أسطورة تدعى «صندوق باندورا» تتحدث عن امرأة منحتها الآلهة بعضاً من صفاتها قبل أن ترسلها

في الميثولوجيا الإغريقية ثمة أسطورة تدعى «صندوق باندورا» تتحدث عن امرأة منحتها الآلهة بعضاً من صفاتها قبل أن ترسلها وبرفقتها صندوق مرصع بالذهب ومزين بزخارف دقيقة ومتداخلة كامرأة أولى إلى العالم الذي كان يستوطنه الرجال.

كانت باندورا حلاً مفترضاً لعالم يزداد سوءاً ومحاولة لمعالجة تشوهاته، وترياقاً للسأم الذي تسبب في شيخوخة الحياة.

ما إن حلت «باندورا» في العالم القديم حتى أحالت استاتيكيته الضيقة إلى فضاء رحب مترع بالتشويق والتعقيد.

وبحسب الأسطورة فإن افتراض مقدرة باندورا على إضفاء ألق ناعم لحياة معتمة وخشنة يكمن في قدرتها على منح الكلمات بريقاً ساحراً تتبدّى من خلاله فتنتها وبهاؤها؛ ولذلك أُخذ الرجال بها وبذلوا ما يستطيعون لنيل استحسانها وحينذاك ولدت الآداب والفنون والإلهام والشرور… كسُبل مبتكرة وإرهاصات متوقعة لقدوم الجنس الجديد.

بيد أن باندورا لم تلبث أن تحولت من مخلوق ذي قدسية إلى متعة نفيسة يسعى الرجال لإضافتها إلى متعهم التي اعتادوها قبل مجيئها.

يَفترض النظر إلى أسطورة باندورا بوصفها شكلاً أدبياً رفيعاً أن تبدو ملهمةً، وبإيلاء صيرورتها وثباتها النسبي أهميتهما سيتأكد ذلك، بيد أن منظوراً يصفها بتأريخ الإنسان وكينونته ووجوده وانعكاس واقعه سيضعنا إزاء عمل لا ينبئ بأن التمايز نما في ظل هيمنة الرجل فحسب، بل يؤكد على قدمه وأصالته في الثقافة البشرية وانصياع المرأة له.

وفيما تخبرنا الميثولويا أن حاجة الإنسان إلى القوة أنتجت نمطية مجتمعية بدت المرأة من خلالها كباندورا مستكينة للقيود التي فُرضت عليها شاغلة لحيز الملهمة الضيق الذي اُختير لها، يخبرنا التاريخ أن ثمة من لم ترق لهن تلك القوانين ورأين فيها إجحافاً وتعسفاً فآثرن أن يخلقن لمحاججتها عوالم مختلفة لا يكن فيها السيدات الأول فحسب، بل يقدنها من خلال الآداب والفنون نحو فضاء عادل ومنصف وإن بسمات مختلفة وعزائم متفاوتة.

على رأس قائمة غنية لمن تدثرن ظلال الأدب الطويلة تأتي الكاتبة والروائية الإنجليزية فرجينيا وولف إلى جانب أسماء لامعة كنيون دي لينكلوس ولو أندرياس سالومي وهان سوين… كأحدى أهم التجارب في التاريخ الأدبي التي اكتشفت مبكراً أن الأدب يمكن أن يكون أداة نضالية وفضاءً تزاول من خلاله انتقاداتها الحاذقة للأحكام التي شرعتها الأنماط الفكرية والثقافية الرجعية.

لم تغن عن فرجينيا جيناتها التي تعود إلى صلب ودم ثقافيين، ولا نشأتها في بيئة مترعة بالأدب، فالإنجليزية التي ولدت لمؤرخ بارز وناقد أدبي يرتبط بصداقات حميمة بأدباء وشعراء كجورج إليوت وهنري جيمس وماثيو أرنولد وينتسب إلى ما كان يوصف بالارستقراطية الثقافية وأم تؤول إلى عائلة رائدة في عالم الطباعة والنشر إذ حُرمت وشقيقتها فينيسيا التي غدت رسامة فيما بعد حق ارتياد التعليم النظامي بينما دفع بشقيقيهما ثوبي وأدريان إلى مقاعده نزولاً لما كان يقتضيه العرف الفيكتوري الذي كان بمثابة دستور عائلي فاضطرت وفينيسا إلى الاستعاضة عن ذلك بالتعلم الذاتي من خلال مكتبة والدهما الضخمة التي منحتا امتياز قراءة كل ما حوته من كتب، وحيث تعبق رائحة الحبر والورق وتضوع رائحة الأسى الحادة خاضت الإنجليزية الحالمة أولى معاركها مع الجهل في سن مبكرة فخرجت منتصرة.

إبان طفولتها لم تكن لدى فرجينيا وولف طموحات كبيرة وجل ما كانت تأمله هو أن تلفظ تلك المرارة التي علقت بروحها جراء ما شعرت به تجاه مقدرتها الفكرية وجدارتها الذهنية مقارنة بأخويها، ولكنها فجأة تنبهت إلى أنها تملك أداة فكرية نابهة لسبر الذات واقتلاع هزائمها ومن ثم بنائها على نسق متماسك وصلب تستطيع من خلاله مواجهة الخسائر التي منيت وستمنى بها على غرار مبضع الجراح الذي ينتقي موضعاً مناسباً ينغرس من خلاله في جسد المريض ليقتطع الجزء الذي يؤذيه.

الزهرة الثائرة التي تقبع جذورها في عالم باندورا الصلد وتطل بتلاتها على عصرنا هذا ظلت تنقب الصخر بقلمها إلى أن بلغت ثقباً يتسع لعنقها تنفذ من خلاله إلى العالم ولكنها ظلت مغروسة في تربتها المحلية.

لم تهدر طاقاتها الثمينة في تمردات سلبية وهامشية لا تمت لنهضتها بصله بل ذهبت من خلال وعيها وإدراكها لقياساتها الفكرية والاجتماعية وخصوصيتها العاطفية إلى السيطرة على مستقبلها وإحالة ما تعلمته من فنون وعلوم وتاريخ لمصلحة نموها وتأكيد هويتها.

كانت صيرورة ثورتها تنبع من تغييرات نفسية عميقة ظلت تمثلاتها تجول وتتسع في داخلها إلى أن بلغت أوجها من خلال العاطفة التي كانت تدفع بها لتخلق منتجاً أدبياً يحتج على الواقع. ويحاججه.

وعبر يقينها بأن الإرادة الخلاقة تؤثر إيجاباً في الحياة الاجتماعية وتتجاوز الطقوس التي تمارسها المرأة كنوع من التعبير عن الحب والحماية لمن حولها قررت أن تمنحنا عالماً متكاملاً وفسيحاً يحتوي مدناً من الوعي.

تارة كانت تسير بتؤدة خلف ذاكرة المشاعر وتتبع ما يمليه عليها حدسها تجاه الأحداث وتارة كانت تتحول إلى راقصة بارعة تتزلج على ثلج اللغة لتجسد صورة مثالية للأديبة التي تملك تقنيات العاطفة المتجددة وتكنيك اللغة الباهر، والمرأة الباحثة عن حل لإشكالاتها مع الحياة وليس مع الرجل فقط، وسواء كانت تلك مهارة فطرية أو وسيلة دفاع محفوفة بالمخاطر فقد نجحت في خلق عالمها المختلف وأدخلتنا إليه طواعية.

لقد حاكت فرجينيا رواياتها بخيط رفيع من الوعي والإحساس وبمهارة متناهية كانت تمسك بمسلتها لتخيط كل جملة على حدة ومن ثم تضعها حيث يجب أن تكون تماماً لتقوم بدورها كقطعة من رابط وطيد بين النص والغاية.

لقد صنعت أدباً يسترعي لب القارئ ويحيل قلبه إلى غمامة مستديرة قبل أن تحدث فيها ما يشبه البرق، وحولت رؤية غلسية إلى امتدادات خيالية، وكثفت فهمنا لذواتنا وتكوينها وتجلياتها، اتبعت موجة الخيال، وركضت نحو الأمل، وحملت هموم المرأة، ومنحت لمن خلفنها أراضي خصبة يستطعن أن يُحلنها إلى بساتين تعج بالأفنان والزهور.

ورغم خسائرها المتوالية التي منيت على إثرها بانهيارين عصبيين ضربها الأول فجر مراهقتها حين رحلت والدتها ومن ثم أختها غير الشقيقة فشقيقها وتوغل الآخر نحو عقلها حين رحل والدها ناهيك عمن فقدت من أصدقاء خلال الحربين العالميتين والحرب الأهلية الإسبانية ما أصابها بانهيار عصبي وعقلي مزمن ظل مرافقاً لها فقد ظلت صامدة إلى أن أطاح بها فأنتقت لخلاصها إحدى أكثر الطرق مأساوية وأبسط السبل اليائسة، ولكنها على طول الطريق الذي سلكته نحو نهر أوز لتغرق فيه جسدها المنهك، لم تكن تضع الحصى كعلامات دلالية كي لا يظل أحدهم طريقه كما تزعم مواطنتها الروائية مارغريت يونغ، بل كانت تضع الحجارة في معطفها وتترك مكانها فارغاً لتنبت فيه زهرة ضئيلة حتى إذا ما بلغت قاع النهر كانت براعم هشة قد أطلت برؤوسها، ليتحقق ما كانت تأمله إبان حياتها.

Continue Reading

ثقافة وفن

وزير الثقافة يهنئ القيادة بنجاح موسم الحج 1446هـ

رفع وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، التهنئة إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل

رفع وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، التهنئة إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وإلى ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، بمناسبة نجاح موسم الحج لهذا العام 1446هـ.

وقال وزير الثقافة: «إن النجاح الذي تحقق جاء ثمرة لتوجيهات كريمة من مولاي خادم الحرمين الشريفين ومن متابعة وإشراف من سمو سيدي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وما سخرته قيادة المملكة العربية السعودية من جهود وإمكانات لخدمة ضيوف الرحمن، ليؤدوا شعيرتهم بكل يسر وطمأنينة»، مقدماً شكره إلى جميع العاملين من جميع القطاعات لما قدموه من خدمة الحجاج.

أخبار ذات صلة

وأشار إلى أن خدمة ضيوف الرحمن، ثقافة راسخة في وجدان السعوديين تتوارثها الأجيال، وتُجسد استشعارهم لشرف المكان والزمان, سائلاً الله -عز وجل- أن يديم الأمن والرخاء والنماء على هذه البلاد في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده.

Continue Reading

ثقافة وفن

بعد غياب عن مهرجان موازين.. شيرين عبد الوهاب تلتقي جمهورها المغربي

أعلنت الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب إحياءها حفلاً غنائياً ضخماً مع جمهورها المغربي والعربي يوم 28 يونيو الجاري

أعلنت الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب إحياءها حفلاً غنائياً ضخماً مع جمهورها المغربي والعربي يوم 28 يونيو الجاري 2025، ضمن فعاليات مهرجان «موازين» الشهير بالمغرب.

وتقدم شيرين الحفل بقيادة المايسترو مدحت خميس، ومن المقرر أن تقدم لجمهورها باقة متنوعة من أغانيها القديمة والحديثة التى يتفاعل معها الجمهور ومنها «اللي يقابل حبيبي»، «مشاعر»، «كدابين»،«متحاسبنيش»، «بص بقى»، «بتمنى أنساك»، «صبري قليل»، «آه يا ليل»، «على بالي» وغيرها من الأغنيات.

ومن جانبها، روجت شيرين عبد الوهاب لبوستر الحفل عبر حسابها الرسمي بموقع «إنستغرام»، وكتبت معلقة:«جمهوري الحبيب الغالي عيد سعيد عليكم.. انتظروني فى حفل موازين المغرب».

وفي وقت سابق، عادت شيرين عبد الوهاب لطرح أغانيها الجديدة عبر المنصات الموسيقية، في أول خطوة فعلية لها بعد انتهاء أزمتها القانونية مع روتانا.

أخبار ذات صلة

وتعد أغنية «أكتر وأكتر» آخر أغاني شيرين عبد الوهاب الدعائية لصالح إحدى شركات الاتصالات، بالتزامن مع بداية شهر رمضان الماضي، وهي من كلمات أيمن بهجت قمر، وألحان عزيز الشافعي.

وظهرت ابنة شيرين عبد الوهاب برفقتها خلال الإعلان، بجانب ظهور الفنان ماجد الكدواني برفقة أسرته، كما ظهرت والدة كابتن مصطفى شوبير حارس مرمى النادي الأهلي رفقته.

Continue Reading

ثقافة وفن

بطل «المهمة المستحيلة» يسجل رقماً قياسياً في «غينيس»

حصل النجم العالمي توم كروز على لقب قياسي جديد في موسوعة غينيس للأرقام القياسية عن أدائه لمشهد خطير غير مسبوق

حصل النجم العالمي توم كروز على لقب قياسي جديد في موسوعة غينيس للأرقام القياسية عن أدائه لمشهد خطير غير مسبوق في فيلمه الأخير «مهمة مستحيلة: الحساب الأخير».

وسجل كروز الرقم القياسي العالمي عن فئة «أكثر قفزات بالمظلة المشتعلة ينفذها فرد». وخلال تصوير المشهد، قام الممثل البالغ من العمر 62 عاما، بـ16 قفزة مختلفة من طائرة هليكوبتر وهو يحمل مظلة مشبعة بالوقود ومشتعلة بالنيران، حيث كان يقطع في كل مرة بقايا المظلة المحترقة قبل أن ينشر بنجاح مظلة احتياطية للهبوط بأمان.

وصرح كريغ غلينداي، رئيس تحرير موسوعة غينيس، بأن كروز ليس مجرد ممثل يؤدي أدوار البطولة، «بل هو بطل حقيقي في الواقع»، مشيرا إلى أن سر نجاحه يكمن في إصراره على المصداقية ودفع حدود الإمكانات البشرية. وأضاف: «إنه لشرف لنا أن نكرم جرأته المطلقة بمنحه هذا اللقب الجديد في موسوعة غينيس».

وتم تصوير المشهد في موقع جبلي بجنوب أفريقيا، يعرف بجبال دراكنزبرغ، حيث تم إسقاط كروز من ارتفاع يزيد على 7500 قدم. واستغرقت كل مظلة مشتعلة ما بين 2.5 إلى 3 ثوان قبل أن تتلف تماما. وخلال بعض القفزات، حمل كروز كاميرا متخصصة تزن 50 رطلا لتصوير لقطات مقربة أثناء السقوط الحر.

وهذه ليست المرة الأولى التي يحقق فيها كروز رقما قياسيا في موسوعة غينيس، حيث يحمل أيضا لقب «الممثل صاحب أكبر عدد من الأفلام المتتالية التي حققت إيرادات تزيد على 100 مليون دولار»، بدءا من فيلم «جاك ريتشر» عام 2012، مرورا بسلسلة أفلام «مهمة مستحيلة» و«المومياء» و«توب غان: مافريك»، وصولا إلى «مهمة مستحيلة: الحساب الأخير».

أخبار ذات صلة

وفي سياق متصل، كشف كروز أخيرا عن التحديات الجسدية الهائلة التي واجهها خلال تصوير المشاهد الخطيرة، بما في ذلك لحظات فقد فيها الوعي بسبب نقص الأكسجين أثناء تصوير مشهد التعلق بطائرة قديمة في الجو.

وتأتي هذه الإنجازات لتؤكد سمعة كروز كأحد أكثر نجوم هوليوود جرأة والتزاما بإبهار الجمهور بمشاهد حركة حقيقية غير معتمدة على المؤثرات البصرية.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .