Connect with us

الثقافة و الفن

انفجار الحكاية وعلاقة البشرية بالأسطورة

لا قبر يتسع لدفن (الكلام) ومن الاستحالة فعل ذلك.فلتكن نعوش أحاديثنا نجوماً يتسع لها الكون، هناك فقط هناك سوف تشع

Published

on

لا قبر يتسع لدفن (الكلام) ومن الاستحالة فعل ذلك.

فلتكن نعوش أحاديثنا نجوماً يتسع لها الكون، هناك فقط هناك سوف تشع لتدلنا على الطريق الناجع لفهم الوجود كما فعلت الأسطورة في البدء.

***

علاقة البشرية بالأسطورة علاقة بدأت بالخلق الأول وظل ذلك الخلق ناثراً بذور وجوده عبر الديانات المتوالية إلى أن بلغ العلامات الكبرى لانتهاء البشرية من خلال علامة الدابة وفق المفاهيم الأدبية لأسطورة الواقع في المفهوم الإسلامي.

ولهذا أجد نفسي مردداً أننا بقايا أساطير نسكنها وتسكننا.

وحين آمنت بتلك المقولة أخذت أتلمس وجودها في حياتنا، فإذا بها تغلف كل شيء كمحيط وتتغلغل في ممارساتنا كمرتكز سلوكي أنتجته أساطير موغلة في الزمن نمارسها من غير أن نستبين أنها بقايا فعل أسطوري تحول إلى سلوك.

وأجدني منساقاً لتعريف الثقافة بأنها كل فعل أو قول ترسب داخل المجتمع وتحول إلى سلوك أو إيمان يمارسه الفرد من غير فحص أو مراجعة.

وإذ ولجنا من هذا الباب فسوف نجد أن الأسطورة تسكننا ونسكنها كإيمان وسلوك، كفعل لا نعرف مصدره.

كانت البداية من تلك الطفولة الأولى.

في قرية استرخت على حواف واد ضخم، ومن أسرة مزارعة تعرف تفاصيل الأرض بما يخرجه باطنها من ثمار، كان على أفرادها تعلم أوجاع الحقول ومداواتها قبل أن تنعكس على حياتهم.

ومن الطفولة الأولى وقفت على الأرض الخسئة والمرتوية والجدباء والمشققة والضامئة والمغبرة، فالأرض كائن يحزن ويفرح، وعلى الفلاح التعامل مع كل حالة من حالاتها وفق ظرفها مستجلبا كل الأساطير التي مضت عبر الزمن لكي يعيد إليها شيئاً من بهجتها.

فإذا تمدد القحط تغلغلت الفاقة بين الناس، اُستجلبت الأغاني لإحياء موات الأرض، وهو فعل به استعادة لأسطورة النسر، ففي زمن غابر اختصمت الأرض والسماء، وإمعانا في الخصومة قطعت السماء ماءها عن الأرض، ومضت السنوات، وفي كل سنة يتضاعف ألم الأرض باتساع رقعة الجفاف بها حتى لم يعد بها مكان به ثمر أو شجر، فماتت الحيوانات والطيور وهلك البشر، وإزاء هذا الموات أشفق النسر على الأرض وكائناتها فحلق عاليا صوب السماء وأخذ يغني لها ويستعطفها لأن تنهي خصامها مع الأرض، ولحلاوة وطراوة وعذوبة غنائه تصفح السماء عن الأرض وتسكب أمطارها، فتنبت الأشجار وتثمر بثمارها وتستعيد الأرض بهجتها وتعود كائناتها تدب على سطحها.

في طفولتي الأولى كنت محظوظا إذ عشت داخل الأساطير كحكاية وكفعل، ولأن ذاكرة الطفل ذاكرة محلقة ومستفسرة منذ البدء، وقبل بلوغ الحلم إذ إن بلوغه يعني التكليف بحيث يكون الفرد قد تزود بما يجب ولا يجب، بينما الطفولة السابقة هي اختراق ما يجب ولا يجب.

في تلك الطفولة كان سؤالي لو أني سرت في خط مستقيم إلى أين أصل؟

لم يكن هناك من أحد يجيب عن أسئلتي الحائرة سوى أمي -رحمها الله رحمة واسعة- لا تملك من المعرفة إلا ما يقال أو ما تم تغذيتها به للإجابة عن الأسئلة الوجودية الضخمة سوى أساطير تتناقلها القرية لكي تسكت نهم الأسئلة المتقافز من ألسنة أطفالهن.

أجلستني أمامها وقالت:

– لو أنك سرت على وجهك -وستحتاج إلى سنوات- فسوف تسقط في بحر الظلمات.

واقترن في مخيلتي بحر الظلمات بالليل.

ليل القرى دامس لا ترى فيه ظاهر كفك، وأي ضوء شحيح قادم من مكان ماء سواء من فانوس أو نجم في عمق السماء يخلق تخيلات في ذهنية ذلك الطفل فيظنها جنا جاؤوا لإزهاق روحه أو خطفه إلى الأرض السابعة.

فالأرض السابعة موجودة كأداة تخويف أن من يسكنها هم الجن ومن يتم خطفه ليلا لن يرى نورا أبدا إذ سيعيش داخل ظلمة أبدية.

وخلال ليالي السنة لا نستطيع الابتعاد أو السير في منحنيات القرية حتى إذا قدم رمضان تحولت الليالي المظلمة إلى قطعة من ليل آمن، فالإيمان المطلق بأن الله يصفد الجن والشياطين في رمضان يجعل المرء يسير من غير أن تنتابه الهواجس، فما يحدث في ليالي غير رمضان كان مثيراً للرعب، بينما يحدث نفس الفعل في الليالي الأخرى يتحول إلى رعب حقيقي.

لم تكن الحياة في القرية إلا مجموعة من أساطير يتم بواسطتها تفسير كل ما يحدث على أرض الواقع، ففي ذات صباح (ارتجت الأرض) وتصايح الناس للحظات حتى إذ هدأت انتهى بهم الأمر لاستذكار (أسطورة الثور) وعرفوا أن الثور قد تعب وأراد أن يريح أحد قرنيه من الثقل الذي يحمله.

اسمي عبدالرحيم وقد تشكل هذا الاسم في صور عديدة بسبب الأسطورة.

ويحق لي أن أقول إني عشت الأسطورة وجدانيا وثقافة.

كل منا يجالس أمه أو أباه ويسأل كيف اختارا له اسمه، وإذا بدأ الحكاية تصل بك إلى ما كان يحدث لك قبل أن تعلم شيئا.

روت لي الوالدة -رحمها الله رحمة واسعة- أن من سماني هو أخي الذي يكبرني إذ جاءها وقال لها:

– لو كان في بطنك ولدا فسمِه عبدالرحيم.

وعبدالرحيم ولي من أولياء الله الصالحين له ضريح يزوره أهالي القرى وجعلت الذاكرة الشعبية من حركة قبره موعدا لقيام الساعة إذ تذهب إلى الاعتقاد أن هذا الرجل الصالح يتحرك قبره سنويا بمقدار شبر متجها للقاء الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، ويظل القبر يقطع المسافات حتى إذا وصل قبر عبدالرحيم إلى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم قامت الساعة، ولهذا تجدهم يشجعون هذه الرحلة من خلال أهزوجة يترنمون بها سنويا أو عند زيارتهم لقبره منشدين:

يا عبدالرحيم يا صابر اصبر

إن الله مع الصابرين.

وفي مرحلة تالية تأثر الاسم بطقس العادات إذ إن أهل تهامة يحورون كل الأسماء المنتهية باسم من أسماء الله الحسنى إلى (عبده) بحذف الاسم أو الصفة وإلحاق ضمير الغائب (الهاء) على الاسم لكي يتبارك صاحبه بجميع صفات وأسماء الله الحسنى.

ولأن المنطقة كانت مغمورة في وعاء أسطوري خضع اسمي للتغيير مرة أخرى إذ مرت طفولتي بأمراض عديدة بدءا بشلل الأطفال وتوالي أمراض عرفت في المنطقة كأمراض إما أن يعبرها الطفل وإما أن تنتهي حياته داخل قبر صغير، وكثيرة هي النعوش التي كانت تخرج مع كل شوطة إلى مقبرة القرية .

ولهذا كانت الوالدة -رحمها الله رحمة واسعة- تعدني كمشروع ميت عليه الإسراع بقطع أنفاسه اللاهثة قبل أن يستطيل به الألم، أما هي فقد تدربت على الحزن بفقدان خمسة من أبنائها الذكور أودعتهم المقبرة في سنوات أعمارهم المختلفة، كان يشقيها رؤية هذا الطفل الذي يخوض غمار الأمراض ويخرج منها مواصلا رحلته إلى مرض جديد، كان يشقيها ألمه، وقد تلقت نصيحة من إحدى جاراتها العارفات أن تقوم بتغيير اسم ابنها لكي ينجو من الموت، وتم تغيير اسمي (وهي النبزة التي لازمتني بقية حياتي إذ لا أعرف بسواها بين الأهل والأقارب).

***

عرفت الجن مبكرا من خلال الحكايات ومن خلال الحياة اليومية، فليل القرى شديد الظلمة وقد قيل لنا إن اليوم مقاسمة بيننا نحن البشر والجن الذين يخرجون من مساكنهم في الليل ويعدون إليها مع أول ظهور للشمس..

وثمة تحذيرات أن تذهب إلى الأماكن الخربة ليلا إذ يمكن أن تخطفك الجن ولا تعود إلى أهلك، وتغلظ الوصية للفتيات الجميلات فلربما عشقها جني وجذبها بحيل إلى الفضاء وخطفها وغاص بها إلى سابع أرض، وهناك قصص كثيرة (لرجال ونساء) بأن الجن خطفوهم ولا تقف الحكاية عند هذا الحد بل تواصل سرد قصص هؤلاء المخطوفين مع عودة البعض منهم في شرح ماحدث لهم.

وأهل القرى التهامية يؤكدون أن الجن يقاسمونهم حياتهم في أشياء كثيرة منها الأكل والشرب، فلم نكن نتبول أو نستنجي بعظام أو جلود الحيوانات النافقة أو التبول على روث الحيوانات فهي غذاؤهم ولا ندعس على ظل، وإذا هبت عاصفة وتطايرت الأوراق فإن تطايرها يعني أن جنيا غضب ونادى على أهله بأن ينفخوا معه لذر التراب في عيون البشر وكل ورقة طائرة هي مخبأ لجني يشارك في النفخ فلا يمسك بها إنسي.

والجانب المفرح والذي ينتظره القروي أن يمر به النبي الخضر، فالمحظوظ من عبره وحقق له أحلامه، وحضور النبي الخضر يتمركز في باطن الأودية أو بجوار الآبار وفي ليلة القدر .

وكثير من القرويين يؤمنون بوجود (خاتم الاسم) وإمكانية الحصول عليه. والخاتم في الذاكرة الشعبية هو خاتم النبي سليمان والعثور عليه يحقق لصاحبه كل الأمنيات التي يريدها، كما أن الباحثين عن الثراء لديهم أساطيرهم الأخرى وهي تتبع الثعابين وخاصة (ثعبان أبو جوهرة)، فهذا الثعبان يحمل جوهرة لا تقدر بثمن يحملها معه أينما ذهب وهي بمثابه عينيه اللتين يرى بهما فإذا وصل إلى مكان وضعها وتحرك بحثا عن غذائه ومن رأى تلك الجوهرة عليه أن يضع فوقها (ضفعة) بقرة ويهرب في الحال مغادراً قريته لمدة ثلاثة أيام ولو مكث فإنه ميت ميت لا محالة.

وتواصل الأسطورة حضورها حتى في الموت، فهناك حيوان أسطوري يلقب بـ(النباش) هذا الكائن إذ تم إيذاؤه من أحد فإنه يخرج إليه ليلا متوعدا إياه وصائحا به:

– حلالتي بك

وبعقب عقبك.

فإذا دنا أو مات الموعود بالتهديد فإن على أبنائه أو ذويه حماية قبره لثلاثة أيام بلياليها وإلا قام الحيوان الأسطوري (النباش) بنبش قبر الميت وأكله ميتا.. وتظل اللعنة تلاحق ذريته.

كثيرة هي الأساطير التي عشتها فحين يخسف القمر تقوم النساء بدق وقرقعة الصحون لكي ينبهن القمر بأنه ظل طريقه، وكذلك مع كسوف الشمس تقوم النساء بقلب المطاحن على وجهها إشارة إلى أنهم سيموتون جوعا لو اختفت الشمس كنوع من الاسترضاء وطلب الرحمة.

ولو أردت الاستمرار في ذكر السلوك الحياتي لأبناء القرى فسوف يطول الأمر خاصة اقترانها بأسطورة ما حدثت في مكان ما من هذه المعمورة.

ولن أكون جازما بإعادة كل سلوك إلى زمنيته التي نشأ بها، إذ إن أفعالنا هي إرث حكائي تناقلته الأمم وأدخلته في حياتها كسلوك تعبدي في البدء ومع تطاول العهد تحول إلى سلوك حياتي ومعيشي يمارس من غير مرجعيته الدينية.

فالقروي لا يمكن له أن يطفئ النار من غير أن يذكر اسم الله خشية من أذى قد يلحق به من إطفائه للنار، وهذا مرتبط بالديانة الزردشيتية وإبقاء النار مشتعلة كونها رمزاً للنور الإلهي..

وتسود كلمة (ناهي) على ألسنة بعض أهالي قرى تهامة بمعنى التأمين على ما تقول أو الرضوخ لما تقول، ويرجع الأستاذ حمزة علي لقمان في كتابه أساطير من تاريخ اليمن أن (ناهي) كان إلها يعبد في اليمن، وبسبب الوفرة المهولة للأساطير وانتقالها من حالة تعبدية إلى حالة سلوكية أجدني دائم الترديد من أننا بقايا أساطير وهي جملة لازمتني وقتا طويلا، كملازمة تسجيل وتوثيق هذه الحكايا، وكلما أنغمس في قراءة الأسطورة صادفني فعل ما وعبادة قديمة تحولت إلى سلوك أو عادة في حياتنا الراهنة.

وغدوت مستملحا المقاربة بين السلوك والبحث له عن مرجعية أسطورية إلا أن غزارة الأساطير وتبدل حالها من مكان إلى آخر ينبهك لوجود معظلة فالأسطورة الأولى ولكونها لم تكن مكتوبة فقد غدت معرضة للزيادة والحذف من راوٍ لآخر، وغالبا ما تكون الأسطورة أو الحكاية ذات جوهر واحد إلا أنها تحرف على لسان من يرويها أما استجابة لظرفه الاجتماعي أو الديني أو وفق أهوائه وعدم انسجامه مع الرواية التي سمعها فتجده يضيف شيئا من عنده وهذه الزيادة عندما تنقل لشخص آخر ويقوم الأخير بسرد الحكاية فإن زيادة الراوي الذي سبقه تصبح لبنة جوهرية من لبنات الحكاية وربما يقوم هو أيضا بإضافة لبنة أخرى أو إسقاط حدث آخر وتنتقل الحكاية من مجتمع لآخر وفق هذه الزيادة أو النقص .

وهذه الخصلة لا يسلم منها الوعي أو عدم الوعي فنرى أن جان دي لافونتين (1621- 1695) في مقدمته لحكاياته (حكايات من لافونتين) استقى الكثير منها من حكايات ايسوب وأراد لحكاياته أن تنتعش بلمسات منه تشع فيها الحيوية، والجدة والمرح، فهو لم يكتف بمجرد كتابتها شعرا، بل أضاف جزئيات طريفة من عنده إلى التركيبة القصصية، كما أضاف عشرات الحكايات الأخرى التي تجعل منها وسيلة لقول الكثير مما أراد قوله على طريقته الخاصة، وأيضا نلحظ أن الأسطورة في تشكلها الأول كانت تكتب في قالب شعري وليس سردي، وهذا يعيدنا إلى أن الشعر أداة خانقة كونها تلتزم بشروط الشعر، بينما السرد يمنح السارد فضاء أوسع من الفضاء الشعري، وإذا تحولت الأسطورة من بنيان محكم في الشعر فإنها تتفلت في السرد وخاصة عندما تحولت الأسطورة إلى ملك مشاع ترويها النخبة والعامة، وقد أضر الرواة العامون ببناء الأسطورة ضررا كبيرا من حيث الزيادة والنقصان، وتكييف الأسطورة على واقعهم المعاش.

كما أن وجود الدين جعل الأسطورة تنسلخ من كونها حكاية آلهة إلى كونها حكاية للبشر، ولهذا نلحظ أن الأساطير التي تمت روايتها بعد دخول الإسلام تحريف أساسي فالإله يتحول إلى ملك وآلهة الشر تتحول إلى جن، ونلحظ أيضا أن الإله المغضوب عليه بالمسخ من قبل الإله الأكبر يتم تكييف هذا بأن ساحرا قام بفعل المسخ.

ومن الصعوبة بمكان -بالنسبة لي- أن تجد بناء موحدا لأي أسطورة، إذ تتحول إلى شظايا من الحكايات المتناثرة والتي يتقاسمها البشر كحكايات أو كأفعال غاب بناؤها الحقيقي وتوالدت منه آلاف الحكايات ميزتها الحقيقية أنها باقية وأنها عبرت الزمن ولا زالت باقية.

الجزء الأول من ورقة ألقاها الكاتب في مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة في البحرين

انطلقت شبكة أخبار السعودية أولًا من منصة تويتر عبر الحساب الرسمي @SaudiNews50، وسرعان ما أصبحت واحدة من أبرز المصادر الإخبارية المستقلة في المملكة، بفضل تغطيتها السريعة والموثوقة لأهم الأحداث المحلية والعالمية. ونتيجة للثقة المتزايدة من المتابعين، توسعت الشبكة بإطلاق موقعها الإلكتروني ليكون منصة إخبارية شاملة، تقدم محتوى متجدد في مجالات السياسة، والاقتصاد، والصحة، والتعليم، والفعاليات الوطنية، بأسلوب احترافي يواكب تطلعات الجمهور. تسعى الشبكة إلى تعزيز الوعي المجتمعي وتقديم المعلومة الدقيقة في وقتها، من خلال تغطيات ميدانية وتحليلات معمقة وفريق تحرير متخصص، ما يجعلها وجهة موثوقة لكل من يبحث عن الخبر السعودي أولاً بأول.

Continue Reading

الثقافة و الفن

السعودية تستعرض تراثها في معرض أرتيجانو آن فييرا بميلانو

تشارك السعودية في معرض أرتيجانو آن فييرا بميلانو لإبراز التراث الوطني والحرف اليدوية، تعزيزاً للتبادل الثقافي وتحقيقاً لمستهدفات رؤية المملكة 2030.

Published

on

تستعد المنظومة الثقافية في المملكة العربية السعودية لتسجيل حضور لافت ومميز في معرض «أرتيجانو آن فييرا» (Artigiano in Fiera) الدولي، الذي يُقام سنوياً في مدينة ميلانو الإيطالية. وتأتي هذه المشاركة في إطار الجهود الحثيثة التي تبذلها المملكة لتعزيز حضورها الثقافي على الساحة الدولية، وتسليط الضوء على الإرث الحضاري والتراثي الغني الذي تتمتع به مناطق المملكة المختلفة، وذلك من خلال استعراض مجموعة واسعة من الحرف اليدوية والفنون التقليدية التي تعكس الهوية السعودية الأصيلة.

أهمية معرض أرتيجانو آن فييرا عالمياً

يُعد معرض «أرتيجانو آن فييرا» واحداً من أهم وأضخم المعارض الدولية المخصصة للحرف اليدوية والصناعات التقليدية في العالم. يمتد تاريخ هذا الحدث لسنوات طويلة، حيث تحول إلى منصة عالمية تجمع الحرفيين والمبدعين من أكثر من 100 دولة حول العالم. ويوفر المعرض فرصة فريدة للزوار لاستكشاف ثقافات الشعوب من خلال منتجاتهم اليدوية، مما يجعله جسراً للتواصل الإنساني والثقافي. وتكتسب المشاركة السعودية في هذا المحفل أهمية خاصة، حيث تتيح الفرصة للجمهور الأوروبي والعالمي للتعرف عن كثب على جماليات الفنون السعودية ودقة الحرفية التي يتمتع بها الحرفيون السعوديون.

رؤية 2030 ودعم التراث الوطني

تأتي هذه الخطوة انسجاماً مع مستهدفات «رؤية المملكة 2030»، التي تولي اهتماماً بالغاً بقطاع الثقافة والتراث، وتعتبره ركيزة أساسية من ركائز جودة الحياة والتنمية الاقتصادية. وتعمل وزارة الثقافة والهيئات التابعة لها، مثل هيئة التراث، على تمكين الحرفيين السعوديين وتوفير المنصات اللازمة لهم لعرض إبداعاتهم وتسويقها عالمياً. إن الحضور في ميلانو ليس مجرد مشاركة في معرض، بل هو تجسيد لاستراتيجية وطنية تهدف إلى تحويل القطاع الحرفي إلى رافد اقتصادي مستدام، يساهم في الناتج المحلي ويخلق فرص عمل واعدة لأبناء وبنات الوطن.

ماذا ستقدم السعودية في ميلانو؟

من المتوقع أن يضم الجناح السعودي تشكيلة متنوعة من الحرف اليدوية التي تمثل مختلف مناطق المملكة، بدءاً من فنون حياكة السدو المسجلة في قائمة اليونسكو للتراث غير المادي، وصولاً إلى صناعة الفخار، والنقش على الخشب، وصياغة الحلي التقليدية، والأزياء التراثية التي تحكي قصصاً من عمق التاريخ. كما يركز الجناح عادةً على تقديم تجربة ثقافية متكاملة تشمل الضيافة السعودية والقهوة السعودية، ليعيش الزائر تجربة حسية متكاملة تنقله إلى أجواء المملكة.

الأثر الثقافي والاقتصادي المتوقع

إن التواجد في حدث بحجم «أرتيجانو آن فييرا» يحقق مكاسب متعددة؛ فعلى الصعيد الثقافي، يعزز من القوة الناعمة للمملكة ويصحح المفاهيم من خلال تقديم صورة مشرقة عن الإبداع السعودي. أما اقتصادياً، فهو يفتح نوافذ تصديرية جديدة للمنتجات الحرفية السعودية، ويتيح للحرفيين الاحتكاك بالخبرات العالمية وتبادل المعرفة، مما يساهم في تطوير جودة المنتج المحلي والارتقاء به لمنافسة المنتجات العالمية.

Continue Reading

الثقافة و الفن

السعودية تستعد للمشاركة في معرض أرتيجانو آن فييرا بميلانو

تعرف على استعدادات السعودية للمشاركة في معرض أرتيجانو آن فييرا بميلانو، ودور ذلك في إبراز التراث الوطني والحرف اليدوية ضمن رؤية 2030.

Published

on

تجري الاستعدادات على قدم وساق لتمثيل المملكة العربية السعودية في معرض «أرتيجانو آن فييرا» (Artigiano in Fiera)، الذي يعد أحد أبرز وأضخم المعارض الدولية المخصصة للحرف اليدوية والفنون التقليدية، والمقرر إقامته في مدينة ميلانو الإيطالية. وتأتي هذه الخطوة في إطار الجهود المستمرة لتعزيز الحضور الثقافي السعودي على الساحة الدولية، وإبراز العمق التاريخي والحضاري للمملكة أمام الجمهور الأوروبي والعالمي.

أهمية المشاركة في المحافل الدولية

تكتسب هذه المشاركة أهمية استراتيجية كبرى، حيث يُعد معرض «أرتيجانو آن فييرا» منصة عالمية فريدة تجمع الحرفيين والمبدعين من أكثر من 100 دولة حول العالم، ويستقطب ملايين الزوار سنوياً في مركز معارض «فييرا ميلانو». وتعد المشاركة السعودية فرصة ذهبية لاستعراض التنوع الثقافي الذي تزخر به مناطق المملكة المختلفة، من فنون السدو والقط العسيري، إلى الصناعات الفخارية والخشبية والمشغولات اليدوية الدقيقة التي تعكس هوية الإنسان السعودي وارتباطه بأرضه.

التوافق مع رؤية المملكة 2030

تأتي هذه التحركات متناغمة تماماً مع مستهدفات «رؤية المملكة 2030»، التي تولي اهتماماً بالغاً بقطاع الثقافة والتراث الوطني. وتسعى الهيئات المعنية، مثل هيئة التراث ووزارة الثقافة، من خلال هذه الفعاليات إلى تمكين الحرفيين السعوديين وفتح منافذ تسويقية عالمية لمنتجاتهم، مما يساهم في تحويل الحرف اليدوية من مجرد موروث شعبي إلى صناعة ثقافية إبداعية تساهم في الاقتصاد الوطني.

تعزيز التبادل الثقافي السعودي الإيطالي

على الصعيد الدبلوماسي والثقافي، تمثل هذه المشاركة جسراً للتواصل بين الشعبين السعودي والإيطالي، اللذين يجمعهما تقدير عميق للفنون والتاريخ. فإيطاليا، بكونها عاصمة عالمية للتصميم والفنون، تعد البيئة المثالية لتقديم الإبداع السعودي بصورة عصرية. ومن المتوقع أن يسهم الجناح السعودي في جذب الانتباه نحو الوجهات السياحية التراثية في المملكة، مثل العلا والدرعية، من خلال بوابة الفنون والحرف، مما يعزز من القوة الناعمة للمملكة ويؤكد مكانتها كمركز إشعاع حضاري في المنطقة.

Continue Reading

الثقافة و الفن

الثلث الأول من رمضان في نهاية الشتاء: مميزات الصيام والأجواء

تعرف على خصائص تزامن الثلث الأول من رمضان مع الأيام الأخيرة للشتاء. كيف يؤثر الطقس المعتدل وقصر النهار على الصائمين؟ قراءة في الأجواء الروحانية والفلكية.

Published

on

يشهد العالم الإسلامي في هذه الفترة ظاهرة فلكية ومناخية مميزة، حيث يتزامن الثلث الأول من شهر رمضان المبارك مع الأيام الأخيرة من فصل الشتاء، مما يضفي على الصيام طابعاً خاصاً يجمع بين الروحانية العالية والأجواء المناخية المعتدلة. هذا التزامن ليس مجرد صدفة عابرة، بل هو نتاج للدورة الفلكية للقمر التي تجعل الشهر الفضيل يطوف عبر فصول السنة المختلفة.

الدورة الفلكية وتغير مواسم الصيام

من المعروف فلكياً أن السنة القمرية (الهجرية) أقصر من السنة الشمسية (الميلادية) بحوالي 11 يوماً. هذا الفارق الزمني يؤدي إلى تراجع موعد شهر رمضان كل عام، مما يجعله يمر بجميع فصول السنة الأربعة في دورة كاملة تستغرق حوالي 33 عاماً. وفي هذه الأعوام، يحل الشهر الكريم ونحن نودع فصل الشتاء ونستقبل بدايات الربيع، وهي فترة انتقالية تعرف بالاعتدال الربيعي، حيث يتساوي الليل والنهار تقريباً في العديد من المناطق، وتبدأ درجات الحرارة في الارتفاع التدريجي مع بقاء نسمات البرودة اللطيفة.

ميزات الصيام في نهاية الشتاء

يعتبر صيام رمضان في الأيام الأخيرة للشتاء وبدايات الربيع من أيسر أوقات الصيام مقارنة بأشهر الصيف القائظة. وتتمثل أبرز الميزات فيما يلي:

  • قصر ساعات النهار: في فصل الشتاء وبداية الربيع، يكون النهار أقصر نسبياً من الليل، مما يعني ساعات صيام أقل، وهو ما يخفف من مشقة الجوع والعطش على الصائمين.
  • اعتدال الطقس: تساهم الأجواء الباردة أو المعتدلة في تقليل فقدان الجسم للسوائل، مما يجنب الصائمين الشعور بالإعياء أو الجفاف الذي قد يحدث في مواسم الحر الشديد.
  • النشاط البدني: يساعد الطقس اللطيف الصائمين على ممارسة حياتهم اليومية والعبادات بنشاط أكبر، حيث لا يستنزف الحر طاقتهم.

الثلث الأول: أيام الرحمة في أجواء لطيفة

دينياً، يُعرف الثلث الأول من رمضان بأنه “أيام الرحمة”، وفقاً للأثر المروي: “أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار”. ومع تزامن هذه الأيام المباركة مع وداع الشتاء، تتجلى الرحمة الإلهية أيضاً في تخفيف المشقة البدنية على العباد. تتيح هذه الأجواء للأسر الخروج ليلاً للتراويح والزيارات العائلية دون عناء الحر أو الرطوبة، مما يعزز من الروابط الاجتماعية والروحانية التي يتميز بها الشهر الفضيل.

الاستعداد الصحي والغذائي

مع برودة الطقس النسبية في ليالي آخر الشتاء، ينصح خبراء التغذية الصائمين بالتركيز على الأطعمة التي تمد الجسم بالطاقة والدفء خلال وجبتي الإفطار والسحور، مثل الحساء الدافئ والأطعمة الغنية بالألياف، مع عدم إغفال شرب كميات كافية من الماء، حيث أن الشعور بالعطش يقل في الشتاء مما قد يؤدي لنسيان شرب الماء.

ختاماً، يمثل تزامن بداية رمضان مع نهاية الشتاء فرصة ذهبية لاغتنام الأجر في ظل ظروف ميسرة، حيث يجتمع صفاء الروح مع اعتدال الجو، ليكون موسماً مثالياً للطاعة والعبادة.

Continue Reading

Trending