في خطوة قضائية حاسمة، أسدلت المحكمة الاتحادية العليا السويسرية الستار على قضية جيروم فالكه، الأمين العام السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا”، حيث رفضت استئنافه وأيدت بشكل نهائي إدانته بتهم الفساد المتعلقة بحقوق البث التلفزيوني لبطولات كأس العالم. ويُعد هذا الحكم تتويجًا لسنوات من التحقيقات والمحاكمات التي طالت أحد أبرز المسؤولين في عهد الرئيس السابق للفيفا، سيب بلاتر.

وأكدت المحكمة في حكمها الصادر بتاريخ الرابع من ديسمبر والذي نُشر مؤخراً، صحة الأحكام الصادرة سابقاً ضد فالكه في الجرائم التي ارتكبها بين عامي 2013 و2015. وكان الفرنسي، الذي شغل منصب الذراع اليمنى لبلاتر لسنوات طويلة، قد أُدين في عام 2022 من قبل محكمة استئناف سويسرية بتهم متعددة شملت قبول رشاوى وتزوير وثائق. وبموجب هذا الحكم، تم تثبيت عقوبة السجن لمدة 11 شهرًا مع إيقاف التنفيذ، بالإضافة إلى غرامة مالية مع وقف التنفيذ.

خلفية قضية فساد الفيفا

لا يمكن فصل قضية فالكه عن السياق الأوسع لفضيحة الفساد الكبرى التي هزت أركان الفيفا في عام 2015. ففي ذلك العام، كشفت تحقيقات قادتها وزارة العدل الأمريكية والسلطات السويسرية عن شبكة واسعة من الرشاوى والابتزاز وغسيل الأموال تورط فيها مسؤولون كبار في الاتحاد الدولي واتحادات قارية. أدت هذه الفضيحة إلى الإطاحة برموز كبيرة في عالم كرة القدم، على رأسهم سيب بلاتر، وفتحت الباب أمام إصلاحات هيكلية واسعة داخل المنظمة بهدف استعادة مصداقيتها المفقودة. وكان فالكه، بحكم منصبه كأمين عام منذ 2007 وحتى إقالته في يناير 2016، شخصية محورية في تلك الحقبة المظلمة من تاريخ الفيفا.

تفاصيل الاتهامات والتأثير الدولي

تركزت الاتهامات الموجهة إلى فالكه حول تلقيه رشاوى بقيمة 1.25 مليون يورو (ما يعادل 1.46 مليون دولار). ووفقًا للمحكمة العليا، كانت هذه الأموال مقابل تسهيل حصول شركتين إعلاميتين على حقوق البث الحصرية لبطولتي كأس العالم 2026 و2030 في أسواق إيطاليا واليونان. إن تأييد الإدانة لا يمثل فقط نهاية المسار القانوني لفالكه، بل يحمل تأثيرًا رمزيًا كبيرًا على المستوى الدولي. فهو يبعث برسالة واضحة مفادها أن حقبة الإفلات من العقاب للمسؤولين الرياضيين الكبار قد ولّت، ويُعزز من مكانة القضاء السويسري كجهة فاعلة في مكافحة الفساد في المنظمات الدولية التي تتخذ من سويسرا مقراً لها.

يُذكر أن فالكه كان قد أُوقف في البداية من قبل لجنة الأخلاقيات في الفيفا لمدة 12 عامًا في 2016 عن ممارسة أي نشاط يتعلق بكرة القدم، وذلك لانتهاكات متعددة شملت سوء السلوك في مبيعات تذاكر كأس العالم ونفقات السفر، قبل أن يتم تخفيض مدة الإيقاف لاحقًا إلى عشر سنوات. ويؤكد الحكم القضائي الأخير هذه العقوبات الإدارية، ليغلق بشكل كامل صفحة أحد أكثر المسؤولين إثارة للجدل في تاريخ كرة القدم الحديثة.

جانب من المباراة الودية بين الرياض والشباب

تلقى منتخب كوت ديفوار، حامل لقب كأس الأمم الأفريقية، ضربة موجعة قبل انطلاق حملة الدفاع عن لقبه، حيث تم الإعلان رسميًا عن استبعاد مهاجمه البارز وبطله الملهم، سيباستيان هالر، من قائمة الفريق المشاركة في البطولة المقبلة التي ستقام في المغرب بسبب الإصابة.

وجاء هذا القرار الصادم بعد تعرض المهاجم البالغ من العمر 31 عامًا لإصابة في عضلات الفخذ الخلفية خلال مشاركته مع فريقه بوروسيا دورتموند الألماني. ورغم انضمامه لمعسكر المنتخب الإعدادي في ماربيا بإسبانيا وخضوعه لعلاج مكثف على أمل اللحاق بالبطولة، أكد اتحاد الكرة في ساحل العاج أن الإصابة ستحول دون مشاركته، مما استدعى استدعاء مهاجم أستون فيلا، إيفان جيسان (24 عامًا)، لتعويض هذا الغياب الكبير.

قصة بطل وتأثير غيابه

لا يمكن التقليل من حجم الفراغ الذي سيتركه غياب هالر. فهو ليس مجرد مهاجم، بل رمز للصمود والإلهام في كوت ديفوار والعالم. ففي نسخة 2023 التي استضافتها بلاده، صنع هالر قصة أشبه بالخيال؛ فبعد صراعه وانتصاره على مرض السرطان وعودته المذهلة للملاعب، تعرض لإصابة في الكاحل مع بداية البطولة، إلا أنه عاد بقوة في الأدوار الإقصائية ليصبح بطل الأمة الأول، حيث سجل هدف الفوز الحاسم في نصف النهائي، وكرر الإنجاز بهدف الانتصار في المباراة النهائية أمام نيجيريا، ليهدي بلاده اللقب القاري الثالث في تاريخها.

السياق التاريخي وتحديات الدفاع عن اللقب

تُعد بطولة كأس الأمم الأفريقية الحدث الكروي الأهم في القارة، وتتجه كل الأنظار نحو “الأفيال” بصفتهم الأبطال المتوجين. ويزيد غياب هالر من حجم التحديات التي تواجه الفريق في رحلة الدفاع عن اللقب، وهي مهمة غالبًا ما تكون أصعب من الفوز به للمرة الأولى. سيتعين على المدرب إيميرس فاييه إعادة ترتيب أوراقه الهجومية والبحث عن حلول تكتيكية لتعويض القوة التهديفية والخبرة الكبيرة التي يمتلكها هالر، خاصة في المباريات الحاسمة التي تتطلب لاعبين من طينته.

التأثير على خريطة المنافسة

على الصعيد الإقليمي، يغير هذا الخبر من موازين القوى في البطولة. فمنتخب كوت ديفوار، الذي كان يُنظر إليه كأحد أبرز المرشحين، سيبدو الآن أكثر هشاشة في نظر المنافسين. منتخبات قوية مثل المغرب (البلد المضيف)، السنغال، نيجيريا، ومصر قد ترى في غياب هالر فرصة لتعزيز حظوظها في المنافسة على اللقب. ومن المقرر أن تبدأ كوت ديفوار مشوارها الصعب بمواجهة موزمبيق في مراكش يوم الأربعاء المقبل، في اختبار حقيقي لقدرة الفريق على تجاوز هذه العقبة الكبيرة.